من تجاربي في مجال الرقية الشرعية :
23-05-2007, 10:25 PM
بسم الله
من تجاربي المتواضعة في مجال الرقية الشرعية
إنشاء : عبد الحميد رميتة , ميلة , الجزائر
أكتب هذه الرسالة كتابة ارتجالية عفوية لأن فائدة العفوية أحيانا أعظم من نفع الممنهجة.أسأل الله أن يعينني وجميع المسلمين وأن يوفقنا لما فيه الخير في الدنيا وفي الآخرة.
أسجل في هذه الرسالة البعض من تجاربي البسيطة في مجال الرقية الشرعية التي مارستها (وما زلتُ) لما يزيد عن 21 سنة.في هذه الرسالة أسجل- للاختصار- القليل جدا (على سبيل المثال لا الحصر) من النماذج المختلفة للمرضى الذين يزورونني أو أزورهم وكذا من الحوارات التي تتم أحيانا بيني وبين المريض أو أهله. وأحكي كذلك البعض من قصص وحكايات المرضى التي فيها جهل فضيع أو علم غزير,وفيها غباء زائد أو ذكاء خارق,وفيها سذاجة مفرطة أو تحايل كبير كتحايل الثعلب الماكر, وفيها الإيمان القوي جدا بالله واليوم الآخر أو التعلق الزائد بالدنيا,وفيها الثقة الهائلة بالرقية كوسيلة وحيدة للتخلص من السحر أو العين أو الجن أو الإنكار لأي شيء غيبي والاستهزاء بالرقية والرقاة , وفيها التواضع الجم أو التكبر الممقوت , وفيها تعظيم العقل والمنطق أو تجاهلهما والتعامل مع الحياة كالمجانين, وفيها ... وفيها....
أحكي عن كل ذلك وغيره من خلال تجربتي الخاصة مع الحياة والناس,وأسأل الله أن يجعل كتابتي صوابا وخالصة لوجهه الكريم.إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله على ذلك.
1-إذا تعود الراقي على احترام نفسه واحترام الرقية التي يمارسها ولم يتطفل على الطب والأطباء يُقنع الأطباء ويفرض عليهم بإذن الله – بسلوكه ولو مع طول الوقت- احترامه وتقديره.جاءني منذ أكثر من 10 سنوات طبيب من ولاية مجاورة مع أخت زوجته من أجل أن أرقيها.عندما دخل الطبيب بيتي أراد أن يترك زوجته وأختها عندي ثم يرجع بعد ساعة (أي عند الانتهاء من الرقية ) ليأخذهما , لكن زوجته ألحت عليه بطريقة ذكية أن يبقى أثناء الرقية معهما لغرض في نفسها,وتم لها ذلك.وكعادتي أشرت في البداية إلى الرقية الشرعية والفرق بينها وبين الشعوذة كما أشرت إلى الفرق بين الطب الكيميائي الاصطناعي والطب الشعبي الطبيعي وإلى الفرق بين الطب العضوي من جهة والطب النفسي من جهة أخرى و.. ثم سمعت من المرأة ما يساعدني على تشخيص مرضها ولو على سبيل الظن ثم قدمت لها النصائح المناسبة ورقيتها.وعندما انتهيت وأراد الطبيب والمرأتان الخروج من بيتي قالت لي زوجة الطبيب مبتسمة "لقد كان زوجي قبل الدخول عندك كافرا بالرقية والرقاة, أما الآن فلقد أخبرني قبل قليل بأنه أصبح مقتنعا كل الاقتناع بالرقية وأهميتها وضرورتها وأنه لن يسخر من اليوم فصاعدا من الرقية أو من راق معين إلا إذا لم يحترم الراقي نفسه".والحمد لله أولا وأخيرا.
2-من يقول بأن كل الأمراض عضوية أو نفسية أو عصبية وأنه ليس هناك سحر أو عين أو جن يحتاج إلى رقية شرعية,من يقول هذا ويزعمه واهم بكل تأكيد إذا فرضنا بأن نيته حسنة وأنه ليس كاذب أو حاقد أو مخادع.أتاني رجل منذ سنوات من فرنسا يريد الرقية هنا في الجزائر ثم يرجع إلى فرنسا.وكان الرجل قد زار من قبل أطباء كثيرين واشتكى لهم من معاناة وآلام فضيعة في أجزاء معينة من بدنه وأكد له جميعهم بأنه سليم عضويا , بل إن البعض منهم كان يقول له : "لو لم أكن أعرفك لكذبتك فيما تدعي!".رقيت الرجل فبدا لي بأنه مسحور, وبعد أيام شفي والحمد لله من معاناته ومن آلامه التي استمرت معه سنوات ذاق خلالها الأمرين.ورجع بعدها الرجل إلى فرنسا سليما ومعافى.
3-أذكر أن شابة عمرها 18 سنة,مصابة بجن رقيتها منذ سنوات وتعطل الشفاء قليلا,وعوض أن أرقيها مرة أخرى أو يرقيها شخص آخر,تعجَّل أهلها في الأمر وأتوا لها بمشعوذ وبدا لهم بعدها بأنها شُفيت تماما وإن كان قد بقي في نفسي شيء جعلني أشك في شفائها الفعلي.لقد لمت عندئذ أهلها لأنهم طلبوا العلاج بالطريقة غير الشرعية. ومرت حوالي 3 سنوات على ذلك ثم جاءني أهلها واشتكوا بأن ابنتهم التي كانت شديدة المحافظة على الصلاة في وقتها لم تُصلِّ ولو صلاة واحدة منذ أن أتوا لها بذلك المشعوذ!.قلت لهم في الحين:"الآن زال العجب ,لأنني الآن فقط عرفت السبب".إن الشياطين التي تتعامل مع المشعوذ يمكن أن تكون قد طلبت ممن يؤذي الشابة بدنيا ونفسيا أن يبتعدوا عنها في مقابل أن يمنعوها من الصلاة التي هي عماد الدين ,فاعتبروا يا أولي الألباب.
4- القيء بعد الرقية –وحده– ليس دليلا كافيا على أن المصاب مسحور,بل يمكن أن يكون سببُ ذلك عضويا. والمُضحك أن أهلَ مريض (مصاب من مدة طويلة) قالوا لي مرة بأن راقيا رقى أخاهم بالقرآن (وكان ذلك بعد الانتهاء من الغذاء مباشرة حيث أكل المريض فوق ما يلزمُه) وأثناء الرقية قال الراقي للمريض:"أليست لك رغبة في القيء؟"قال:"لا",فضغط الراقي على بطنه ضغطا قويا من الأسفل متجها نحو الأعلى فتقيأ المريض,فقال الراقي بسرعة لأهل المريض:"أخوكم مسحور,وهذا الذي تقيأه الآن هو ما سُحِر به من زمان",فابتسموا ولم يقولوا له شيئا.والحقيقة أنه ما تقيأ إلا تحت الضغط,وما تقيأ إلا ما أكله في غذائه قبل قليل كما أخبرني إخوته.ورقاةٌ من هذا النوع وممارساتٌ مثل هذه تسيء إلى الرقية وإلى الدين وإلى المتدينين أكثر مما تحسن,وهي سببٌ من أسباب نُفور بعض المثقفين من الرقية ومن الرقاة ومن المتدينين,وحتى من الدين.
5-جاءتني امرأة في الشهور الماضية وطلبت مني رقية ,فسألتها:"من أجل ماذا ؟ " قالت:"ما عنديش الزهر ( الحظ) !" فقلت لها مازحا ومستنكرا:"إذا وجدتِ من يرقي الناس حتى يصبح حظهم طيبا مباركا فأنا أريد عندئذ أن أرقي نفسي قبلكِ أنتِ"!.إن الرقية الشرعية لا تُشرع من أجل التخلص مما يُسمى ب"الحظ السيئ" , وإن قضاء الله لا يسمى حظا سيئا,ولا يقابلُ إلا بالإيمان بالقضاء والقدر وكذا بالرضا والصبر مع احتساب الأجر عند الله تعالى,ثم بالسعي نحو الأفضل في الحياة, ولا يصلح أبدا أن يُعالج بالرقية الشرعية,ولو قال بعض الناس الجاهلين خلافَ هذا.
6- جاءني منذ شهور رجل وامرأة (كانا قد تزوجا منذ حوالي عامين) من أجل رقية لهما أو لأحدهما على اعتبار أن الرجل مازال لم يقض حاجته بعد من زوجته,والخبر الذي انتشر في أوساط أقارب الزوجين هو كذلك,بل حتى الأطباء لم ينتبهوا إلى ما هو واقع بالفعل بين الزوجين.والغريب جدا أنني لما طرحت أسئلة مفصلة على الزوجين وسمعت منهما لما يزيد عن الساعة تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك أو الريب بأنه لا توجد في الحقيقة أية مشكلة جنسية بينهما, والواقع هو أن الاتصال الجنسي يتم بينهما وباستمرار بشكل عادي, ولكن لأن الدم لم ينزل من المرأة في الليلة الأولى فإن الرجل ( ومعه زوجته) بقيا يعتقدان لمدة عامين بأن الجماع لم يتم بعدُ.
وأنا أحمد الله على أن الزوجين دخلا عندي وهما محطمان فخرجا بعد ساعتين تقريبا وهما في كامل الراحة والسعادة , ثم استقام أمرهما بعد ذلك وكأنهما لم يتزوجا إلا في ذلك اليوم فقط ولم يتزوجا منذ عامين.
7- في عالم الرقية يتعرف الواحد منا على عجائب وغرائب,منها ما حدث لي منذ سنوات ثلاث تقريبا,حيث جاءني شاب مثقف ومتدين تزوج منذ أيام,جاءني – يريد الرقية- وهو قلق جدا لأمر لا يعرفه إلا هو وزوجته فقط.سألته في بيتي أمام زوجته:"ما المشكلة التي جئتني من أجلها ؟" فأجاب بأن زوجته لم ينزل منها دم عندما دخل بها منذ أيام !.قضيت معه بعد ذلك حوالي ساعة وأنا أحاول إقناعه بأنه لا فائدة ترجى من نزول الدم من زوجته مادام مطمئنا إلى أدبها وأمانتها وأخلاقها,وبأن الرقية لا تُشرع أبدا من أجل إنزال الدم من شخص ما رجلا أو امرأة".وجدت صعوبة في البداية في إقناعه ثم خرج الزوجان من بيتي وهما مطمئنان فرحان والحمد لله رب العالمين.
8- أتاني طبيب عام في يوم من الأيام من أجل أن أرقيه.قلت له:"ما بك ؟"قال:"أريد رقية لأنني أعاني من آلام شديدة جدا في جهة الكليتين منذ مدة معينة.والأطباء أخبروني بأن السبب هو أحجار في إحدى الكليتين وأكدوا لي وجوب القيام بعملية جراحية ولقد حددوا لي موعدا من أجل ذلك".قلت له:"وما دوري أنا إذن ؟!" فقال لي:" لقد قال لي أهلي بأنه يمكن أن تكون عين قد أصابتني ,ومنه فأنا أريد رقية للتخلص من العين" "ثم أضاف :"وقد أستغني بالرقية عن العملية الجراحية !".وناقشت الطبيب طويلا وقدمت له الأدلة والبراهين القوية على أن الأمر لا يحتاج إلى رقية ,ومع ذلك فإنه أصر على أن أرقيه فاستجبت له تلبية لرغبته فقط.وفيما بعد ,أي في الأيام التي جاءت بعد ذلك اتضح أن العملية لا بد منها.وتمت العملية بنجاح وشفي الشخص (بالعملية الجراحية ) بعد الله لا بالرقية الشرعية,والحمد لله رب العالمين أولا وأخيرا.
9- أنا أعتبر بأن الأصل في المرض الذي يستطيع الطبيب أن يشخصه أنه من اختصاص الطبيب ,أي إذا شخص الطبيبُ المرضَ فإنه هو الذي يعطي الدواء المناسب للشفاء منه بإذن الله, وأما إن كان المرض آت من سحر أو عين أو جن فإن الرقية هي وحدها الحل الأساسي بعد الله عز وجل.ومع ذلك فإنني أعتبر بأن لكل قاعدة استثناء أو لكل قاعدة ما يشُذُّ عنها,وأظن أن القصة التالية هي من هذا النوع.أتاني شاب في العام الماضي من ولاية من الولايات الشرقية من أجل رقية لزوجته (كانت متزوجة منذ عامين ولها ولد عمره شهور ) سقطت على حافة خزانة فوقع لها نزيف داخلي في المخ (هكذا شخصه الأطباء الاختصاصيون في مدينتي قسنطينة وعنابة ).ونصح الأطباء المرأة بأن تبقى (لمدة شهر) في الفراش لا تغادره بأي حال من الأحوال ,وفي بيت مغلق النوافذ حتى لا يصل إليها الضوء لأنه يزيد من الآلام في رأسها.وأعطى الأطباء المرأة أدوية تتناولها لا من أجل الشفاء بل من أجل التخفيف من حدة المرض فقط,وطلبوا من زوجها أن يرجعها بعد شهر لمراقبة حالتها من جديد.وفهم الزوج وزوجته وأهل كل منهما من لهجة الأطباء بأن حالة المريضة شبه ميئوس منها.قلت للزوج :"إن مشكلة زوجتك طبية بحثة ولا علاقة لها بالرقية ".قال :"أنا مقتنع بذلك لكن أمي تلح على أن زوجتي يمكن أن تكون معيونة وأنها تحتاح إلى رقية قد تساعدها على الشفاء بإذن الله. استجبت لطلبه إرضاء فقط لأمه,ورقيت الزوجة ولم أركز على الرقية بل ركزت على طول الحديث معها من أجل تقوية إيمانها بالله وإعطائها شحنة أكبر من الصبر,وطلبت منها في النهاية أن تلتزم بوصفة الطبيب وبوصاياه وتوجيهاته حتى يحين وقت مراجعته بعد شهر.رقيتها والأمل عندي في شفائها ضعيف جدا ,ومع ذلك-وعلى خلاف كل توقعاتي-فإن زوجها اتصل بي بعد أيام وأخبرني بأن زوجته قامت من فراشها وكادت تتخلص من آلامها وهي تقوم بأغلب شؤون البيت بشكل يكاد يكون عاديا,وعقب بأنها تطلب أن تراني مرة أخرى من أجل رقية ثانية.فرحت كثيرا وتعجبت أكثر ولم أكد أصدق أذني من شدة التعجب والفرحة.أخذني الزوج إلى بيته ورأيت-على الأقل في الظاهر- أن زوجته تخلصت من الجزء الأكبر من مرضها,ومع ذلك رقيتها ونصحتها بأن تلتزم ولو بنصف الوقت ببقائها في الفراش كما أمرها الطبيب حتى ترجع إليه بعد تمام الشهر من الزيارة الأولى.وبقيت لا أكاد أصدق بأنها شفيت بالفعل حتى أتاني زوجها بعد أسابيع وأخبرني بأن الطبيب في مدينة عنابة أكد لها –على خلاف ما كان يتوقع هو نفسه- بأنها شفيت من مرضها ولله الحمد والمنة على كل ما أنعم به وتكرم وتفضل.
10- اتصل بي منذ حوالي عامين أهل رجل (متزوج وله أولاد) يقولون بأن حالته النفسية سيئة جدا وأنه يعاني من سنوات من القلق والخلعة والوسواس وقلة النوم والصداع والأحلام المزعجة و...وقالوا بأن فلانا رقاه مرات ومرات خلال سنوات وفي كل مرة يؤكد له بأنه مازال لم يتخلص من كل " السحر" الذي عُمِل له من طرف بعض الأقارب بدافع الغيرة والحسد.قلت له :"من أجل ماذا عُمل لك السحر؟!" قال:"من أجل أن لا أجد شغلا وأبقى عاطلا ا!".سمعت منه أمام بيتي بالتفصيل خلال حوالي 15 دقيقة, وتبين لي أنه ليس به شيء الآن وأنه لم يكن به شيء من السحر في يوم من الأيام.وملخص الحكاية هو أنه كان عاطلا عن العمل منذ سنوات فأسر له البعض من أهله بأنه يمكن أن يكون مسحورا لذلك لم يجد عملا فصدق ذلك وذهب عند راق جاهل فثبت في رأسه الفكرة بدون دليل ولا برهان (مع ملاحظة أن الرجل وجد منذ أكثر من عام شغلا طيبا يضمن به الرزق الطيب له ولأهله,ومع ذلك مازال الراقي يخبره بأنه مازال مسحورا !).وبسبب ما أدخله الراقي في رأسه خاف الرجل ونتج عن خوفه ما يعاني منه من سنوات من قلق وخلعة ووسواس وقلة نوم وصداع وأحلام مزعجة و...قلت له : "أنت لا تحتاج إلى أية رقية لأنه ليس بك شيء .وأنت لن تُشفى إلا بعد أن تقتنع بأنك لست مسحورا,فإذا اقتنعت بذلك شُفيت حتما بإذن الله".حاول الإلحاح فأصررت على الرفض وقلت له:"أنا أقنعك الآن بأنه ليس بك شيء وأنصحك بالعمل ببعض النصائح والتوجيهات وأعطيك مهلة 3 أيام,فإذا لم تشف مما تعاني منه أعدك بأنني سأرقيك عندئذ".مضت ال 3 أيام ورجع الشخص إلى وهو فرح جدا , ومخبرا إياي بأنه شفي تماما مما كان يعاني منه والحمد لله رب العالمين.
يتبع :
من تجاربي المتواضعة في مجال الرقية الشرعية
إنشاء : عبد الحميد رميتة , ميلة , الجزائر
أكتب هذه الرسالة كتابة ارتجالية عفوية لأن فائدة العفوية أحيانا أعظم من نفع الممنهجة.أسأل الله أن يعينني وجميع المسلمين وأن يوفقنا لما فيه الخير في الدنيا وفي الآخرة.
أسجل في هذه الرسالة البعض من تجاربي البسيطة في مجال الرقية الشرعية التي مارستها (وما زلتُ) لما يزيد عن 21 سنة.في هذه الرسالة أسجل- للاختصار- القليل جدا (على سبيل المثال لا الحصر) من النماذج المختلفة للمرضى الذين يزورونني أو أزورهم وكذا من الحوارات التي تتم أحيانا بيني وبين المريض أو أهله. وأحكي كذلك البعض من قصص وحكايات المرضى التي فيها جهل فضيع أو علم غزير,وفيها غباء زائد أو ذكاء خارق,وفيها سذاجة مفرطة أو تحايل كبير كتحايل الثعلب الماكر, وفيها الإيمان القوي جدا بالله واليوم الآخر أو التعلق الزائد بالدنيا,وفيها الثقة الهائلة بالرقية كوسيلة وحيدة للتخلص من السحر أو العين أو الجن أو الإنكار لأي شيء غيبي والاستهزاء بالرقية والرقاة , وفيها التواضع الجم أو التكبر الممقوت , وفيها تعظيم العقل والمنطق أو تجاهلهما والتعامل مع الحياة كالمجانين, وفيها ... وفيها....
أحكي عن كل ذلك وغيره من خلال تجربتي الخاصة مع الحياة والناس,وأسأل الله أن يجعل كتابتي صوابا وخالصة لوجهه الكريم.إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان فأستغفر الله على ذلك.
1-إذا تعود الراقي على احترام نفسه واحترام الرقية التي يمارسها ولم يتطفل على الطب والأطباء يُقنع الأطباء ويفرض عليهم بإذن الله – بسلوكه ولو مع طول الوقت- احترامه وتقديره.جاءني منذ أكثر من 10 سنوات طبيب من ولاية مجاورة مع أخت زوجته من أجل أن أرقيها.عندما دخل الطبيب بيتي أراد أن يترك زوجته وأختها عندي ثم يرجع بعد ساعة (أي عند الانتهاء من الرقية ) ليأخذهما , لكن زوجته ألحت عليه بطريقة ذكية أن يبقى أثناء الرقية معهما لغرض في نفسها,وتم لها ذلك.وكعادتي أشرت في البداية إلى الرقية الشرعية والفرق بينها وبين الشعوذة كما أشرت إلى الفرق بين الطب الكيميائي الاصطناعي والطب الشعبي الطبيعي وإلى الفرق بين الطب العضوي من جهة والطب النفسي من جهة أخرى و.. ثم سمعت من المرأة ما يساعدني على تشخيص مرضها ولو على سبيل الظن ثم قدمت لها النصائح المناسبة ورقيتها.وعندما انتهيت وأراد الطبيب والمرأتان الخروج من بيتي قالت لي زوجة الطبيب مبتسمة "لقد كان زوجي قبل الدخول عندك كافرا بالرقية والرقاة, أما الآن فلقد أخبرني قبل قليل بأنه أصبح مقتنعا كل الاقتناع بالرقية وأهميتها وضرورتها وأنه لن يسخر من اليوم فصاعدا من الرقية أو من راق معين إلا إذا لم يحترم الراقي نفسه".والحمد لله أولا وأخيرا.
2-من يقول بأن كل الأمراض عضوية أو نفسية أو عصبية وأنه ليس هناك سحر أو عين أو جن يحتاج إلى رقية شرعية,من يقول هذا ويزعمه واهم بكل تأكيد إذا فرضنا بأن نيته حسنة وأنه ليس كاذب أو حاقد أو مخادع.أتاني رجل منذ سنوات من فرنسا يريد الرقية هنا في الجزائر ثم يرجع إلى فرنسا.وكان الرجل قد زار من قبل أطباء كثيرين واشتكى لهم من معاناة وآلام فضيعة في أجزاء معينة من بدنه وأكد له جميعهم بأنه سليم عضويا , بل إن البعض منهم كان يقول له : "لو لم أكن أعرفك لكذبتك فيما تدعي!".رقيت الرجل فبدا لي بأنه مسحور, وبعد أيام شفي والحمد لله من معاناته ومن آلامه التي استمرت معه سنوات ذاق خلالها الأمرين.ورجع بعدها الرجل إلى فرنسا سليما ومعافى.
3-أذكر أن شابة عمرها 18 سنة,مصابة بجن رقيتها منذ سنوات وتعطل الشفاء قليلا,وعوض أن أرقيها مرة أخرى أو يرقيها شخص آخر,تعجَّل أهلها في الأمر وأتوا لها بمشعوذ وبدا لهم بعدها بأنها شُفيت تماما وإن كان قد بقي في نفسي شيء جعلني أشك في شفائها الفعلي.لقد لمت عندئذ أهلها لأنهم طلبوا العلاج بالطريقة غير الشرعية. ومرت حوالي 3 سنوات على ذلك ثم جاءني أهلها واشتكوا بأن ابنتهم التي كانت شديدة المحافظة على الصلاة في وقتها لم تُصلِّ ولو صلاة واحدة منذ أن أتوا لها بذلك المشعوذ!.قلت لهم في الحين:"الآن زال العجب ,لأنني الآن فقط عرفت السبب".إن الشياطين التي تتعامل مع المشعوذ يمكن أن تكون قد طلبت ممن يؤذي الشابة بدنيا ونفسيا أن يبتعدوا عنها في مقابل أن يمنعوها من الصلاة التي هي عماد الدين ,فاعتبروا يا أولي الألباب.
4- القيء بعد الرقية –وحده– ليس دليلا كافيا على أن المصاب مسحور,بل يمكن أن يكون سببُ ذلك عضويا. والمُضحك أن أهلَ مريض (مصاب من مدة طويلة) قالوا لي مرة بأن راقيا رقى أخاهم بالقرآن (وكان ذلك بعد الانتهاء من الغذاء مباشرة حيث أكل المريض فوق ما يلزمُه) وأثناء الرقية قال الراقي للمريض:"أليست لك رغبة في القيء؟"قال:"لا",فضغط الراقي على بطنه ضغطا قويا من الأسفل متجها نحو الأعلى فتقيأ المريض,فقال الراقي بسرعة لأهل المريض:"أخوكم مسحور,وهذا الذي تقيأه الآن هو ما سُحِر به من زمان",فابتسموا ولم يقولوا له شيئا.والحقيقة أنه ما تقيأ إلا تحت الضغط,وما تقيأ إلا ما أكله في غذائه قبل قليل كما أخبرني إخوته.ورقاةٌ من هذا النوع وممارساتٌ مثل هذه تسيء إلى الرقية وإلى الدين وإلى المتدينين أكثر مما تحسن,وهي سببٌ من أسباب نُفور بعض المثقفين من الرقية ومن الرقاة ومن المتدينين,وحتى من الدين.
5-جاءتني امرأة في الشهور الماضية وطلبت مني رقية ,فسألتها:"من أجل ماذا ؟ " قالت:"ما عنديش الزهر ( الحظ) !" فقلت لها مازحا ومستنكرا:"إذا وجدتِ من يرقي الناس حتى يصبح حظهم طيبا مباركا فأنا أريد عندئذ أن أرقي نفسي قبلكِ أنتِ"!.إن الرقية الشرعية لا تُشرع من أجل التخلص مما يُسمى ب"الحظ السيئ" , وإن قضاء الله لا يسمى حظا سيئا,ولا يقابلُ إلا بالإيمان بالقضاء والقدر وكذا بالرضا والصبر مع احتساب الأجر عند الله تعالى,ثم بالسعي نحو الأفضل في الحياة, ولا يصلح أبدا أن يُعالج بالرقية الشرعية,ولو قال بعض الناس الجاهلين خلافَ هذا.
6- جاءني منذ شهور رجل وامرأة (كانا قد تزوجا منذ حوالي عامين) من أجل رقية لهما أو لأحدهما على اعتبار أن الرجل مازال لم يقض حاجته بعد من زوجته,والخبر الذي انتشر في أوساط أقارب الزوجين هو كذلك,بل حتى الأطباء لم ينتبهوا إلى ما هو واقع بالفعل بين الزوجين.والغريب جدا أنني لما طرحت أسئلة مفصلة على الزوجين وسمعت منهما لما يزيد عن الساعة تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك أو الريب بأنه لا توجد في الحقيقة أية مشكلة جنسية بينهما, والواقع هو أن الاتصال الجنسي يتم بينهما وباستمرار بشكل عادي, ولكن لأن الدم لم ينزل من المرأة في الليلة الأولى فإن الرجل ( ومعه زوجته) بقيا يعتقدان لمدة عامين بأن الجماع لم يتم بعدُ.
وأنا أحمد الله على أن الزوجين دخلا عندي وهما محطمان فخرجا بعد ساعتين تقريبا وهما في كامل الراحة والسعادة , ثم استقام أمرهما بعد ذلك وكأنهما لم يتزوجا إلا في ذلك اليوم فقط ولم يتزوجا منذ عامين.
7- في عالم الرقية يتعرف الواحد منا على عجائب وغرائب,منها ما حدث لي منذ سنوات ثلاث تقريبا,حيث جاءني شاب مثقف ومتدين تزوج منذ أيام,جاءني – يريد الرقية- وهو قلق جدا لأمر لا يعرفه إلا هو وزوجته فقط.سألته في بيتي أمام زوجته:"ما المشكلة التي جئتني من أجلها ؟" فأجاب بأن زوجته لم ينزل منها دم عندما دخل بها منذ أيام !.قضيت معه بعد ذلك حوالي ساعة وأنا أحاول إقناعه بأنه لا فائدة ترجى من نزول الدم من زوجته مادام مطمئنا إلى أدبها وأمانتها وأخلاقها,وبأن الرقية لا تُشرع أبدا من أجل إنزال الدم من شخص ما رجلا أو امرأة".وجدت صعوبة في البداية في إقناعه ثم خرج الزوجان من بيتي وهما مطمئنان فرحان والحمد لله رب العالمين.
8- أتاني طبيب عام في يوم من الأيام من أجل أن أرقيه.قلت له:"ما بك ؟"قال:"أريد رقية لأنني أعاني من آلام شديدة جدا في جهة الكليتين منذ مدة معينة.والأطباء أخبروني بأن السبب هو أحجار في إحدى الكليتين وأكدوا لي وجوب القيام بعملية جراحية ولقد حددوا لي موعدا من أجل ذلك".قلت له:"وما دوري أنا إذن ؟!" فقال لي:" لقد قال لي أهلي بأنه يمكن أن تكون عين قد أصابتني ,ومنه فأنا أريد رقية للتخلص من العين" "ثم أضاف :"وقد أستغني بالرقية عن العملية الجراحية !".وناقشت الطبيب طويلا وقدمت له الأدلة والبراهين القوية على أن الأمر لا يحتاج إلى رقية ,ومع ذلك فإنه أصر على أن أرقيه فاستجبت له تلبية لرغبته فقط.وفيما بعد ,أي في الأيام التي جاءت بعد ذلك اتضح أن العملية لا بد منها.وتمت العملية بنجاح وشفي الشخص (بالعملية الجراحية ) بعد الله لا بالرقية الشرعية,والحمد لله رب العالمين أولا وأخيرا.
9- أنا أعتبر بأن الأصل في المرض الذي يستطيع الطبيب أن يشخصه أنه من اختصاص الطبيب ,أي إذا شخص الطبيبُ المرضَ فإنه هو الذي يعطي الدواء المناسب للشفاء منه بإذن الله, وأما إن كان المرض آت من سحر أو عين أو جن فإن الرقية هي وحدها الحل الأساسي بعد الله عز وجل.ومع ذلك فإنني أعتبر بأن لكل قاعدة استثناء أو لكل قاعدة ما يشُذُّ عنها,وأظن أن القصة التالية هي من هذا النوع.أتاني شاب في العام الماضي من ولاية من الولايات الشرقية من أجل رقية لزوجته (كانت متزوجة منذ عامين ولها ولد عمره شهور ) سقطت على حافة خزانة فوقع لها نزيف داخلي في المخ (هكذا شخصه الأطباء الاختصاصيون في مدينتي قسنطينة وعنابة ).ونصح الأطباء المرأة بأن تبقى (لمدة شهر) في الفراش لا تغادره بأي حال من الأحوال ,وفي بيت مغلق النوافذ حتى لا يصل إليها الضوء لأنه يزيد من الآلام في رأسها.وأعطى الأطباء المرأة أدوية تتناولها لا من أجل الشفاء بل من أجل التخفيف من حدة المرض فقط,وطلبوا من زوجها أن يرجعها بعد شهر لمراقبة حالتها من جديد.وفهم الزوج وزوجته وأهل كل منهما من لهجة الأطباء بأن حالة المريضة شبه ميئوس منها.قلت للزوج :"إن مشكلة زوجتك طبية بحثة ولا علاقة لها بالرقية ".قال :"أنا مقتنع بذلك لكن أمي تلح على أن زوجتي يمكن أن تكون معيونة وأنها تحتاح إلى رقية قد تساعدها على الشفاء بإذن الله. استجبت لطلبه إرضاء فقط لأمه,ورقيت الزوجة ولم أركز على الرقية بل ركزت على طول الحديث معها من أجل تقوية إيمانها بالله وإعطائها شحنة أكبر من الصبر,وطلبت منها في النهاية أن تلتزم بوصفة الطبيب وبوصاياه وتوجيهاته حتى يحين وقت مراجعته بعد شهر.رقيتها والأمل عندي في شفائها ضعيف جدا ,ومع ذلك-وعلى خلاف كل توقعاتي-فإن زوجها اتصل بي بعد أيام وأخبرني بأن زوجته قامت من فراشها وكادت تتخلص من آلامها وهي تقوم بأغلب شؤون البيت بشكل يكاد يكون عاديا,وعقب بأنها تطلب أن تراني مرة أخرى من أجل رقية ثانية.فرحت كثيرا وتعجبت أكثر ولم أكد أصدق أذني من شدة التعجب والفرحة.أخذني الزوج إلى بيته ورأيت-على الأقل في الظاهر- أن زوجته تخلصت من الجزء الأكبر من مرضها,ومع ذلك رقيتها ونصحتها بأن تلتزم ولو بنصف الوقت ببقائها في الفراش كما أمرها الطبيب حتى ترجع إليه بعد تمام الشهر من الزيارة الأولى.وبقيت لا أكاد أصدق بأنها شفيت بالفعل حتى أتاني زوجها بعد أسابيع وأخبرني بأن الطبيب في مدينة عنابة أكد لها –على خلاف ما كان يتوقع هو نفسه- بأنها شفيت من مرضها ولله الحمد والمنة على كل ما أنعم به وتكرم وتفضل.
10- اتصل بي منذ حوالي عامين أهل رجل (متزوج وله أولاد) يقولون بأن حالته النفسية سيئة جدا وأنه يعاني من سنوات من القلق والخلعة والوسواس وقلة النوم والصداع والأحلام المزعجة و...وقالوا بأن فلانا رقاه مرات ومرات خلال سنوات وفي كل مرة يؤكد له بأنه مازال لم يتخلص من كل " السحر" الذي عُمِل له من طرف بعض الأقارب بدافع الغيرة والحسد.قلت له :"من أجل ماذا عُمل لك السحر؟!" قال:"من أجل أن لا أجد شغلا وأبقى عاطلا ا!".سمعت منه أمام بيتي بالتفصيل خلال حوالي 15 دقيقة, وتبين لي أنه ليس به شيء الآن وأنه لم يكن به شيء من السحر في يوم من الأيام.وملخص الحكاية هو أنه كان عاطلا عن العمل منذ سنوات فأسر له البعض من أهله بأنه يمكن أن يكون مسحورا لذلك لم يجد عملا فصدق ذلك وذهب عند راق جاهل فثبت في رأسه الفكرة بدون دليل ولا برهان (مع ملاحظة أن الرجل وجد منذ أكثر من عام شغلا طيبا يضمن به الرزق الطيب له ولأهله,ومع ذلك مازال الراقي يخبره بأنه مازال مسحورا !).وبسبب ما أدخله الراقي في رأسه خاف الرجل ونتج عن خوفه ما يعاني منه من سنوات من قلق وخلعة ووسواس وقلة نوم وصداع وأحلام مزعجة و...قلت له : "أنت لا تحتاج إلى أية رقية لأنه ليس بك شيء .وأنت لن تُشفى إلا بعد أن تقتنع بأنك لست مسحورا,فإذا اقتنعت بذلك شُفيت حتما بإذن الله".حاول الإلحاح فأصررت على الرفض وقلت له:"أنا أقنعك الآن بأنه ليس بك شيء وأنصحك بالعمل ببعض النصائح والتوجيهات وأعطيك مهلة 3 أيام,فإذا لم تشف مما تعاني منه أعدك بأنني سأرقيك عندئذ".مضت ال 3 أيام ورجع الشخص إلى وهو فرح جدا , ومخبرا إياي بأنه شفي تماما مما كان يعاني منه والحمد لله رب العالمين.
يتبع :