اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohali55
اي مستقبل ينتظر الحريات العامة في ضوء الانتهاكات التي تلحق بها لا سيم من القائمين عليها انظمة حكم على المستوى المحلي الداخلي و على المستوى الدولي..................
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك على هذا السؤال الأكثر من مهم و الذي يصلح موضوع بأكمله لرسالة دكتورا
و قبل محاولة الإجابة أو الأصح إعطاء رأي بسيط يجدر الإتفاق على المفاهيم و المصطلحات
أولا: الحريات العامة
إن إصطلاح الحريات العامة لم يعد له وجود على الساحة الدولية لأنه مصطلح فرنسي محظ أي مرتبط إرتباط مباشر بالنظام الفرنسي و حاليا تم التخلي عن هذا المصطلح في فرنسا نظر لما قدم له من إنتقادات و عدم دقته و التعبير الأصح هو الحريات الأساسية و تم استعمال أول مرة هذا الإصطلاح في الفقه الألماني و هو المصطلح المتفق عليه حاليا من طرف الباحثين و القانونيين في هذا المجال ...
ثانيا : حماية الحريات العامة أو الأصح الأساسية على المستوى الخارجي
إن الفرق الجوهري بين حقوق الإنسان و الحريات الأساسية أن هذه الأخيرة مكفولة "دستوريا" و ليس في الإتفاقيات كأصل عام و الفرق الثاني أن الحريات العامة يتم ضمانها من طرف قاضي وطني على عكس حقوق الإنسان المكفولة من طرف أجهزة قضائية أو شبه قضائية دولية
و عليه إذا أردنا الحديث عن مستقبل الحريات و حقوق الإنسان يكون ذلك في إطار القانون الدولي و ما يمنحه من ضمانات أي على مستوى القانون الدولي لحقوق الإنسان و الإجابة لا تتم و لا تكون شاملة إلا بدراسة كل نظام على حدى أي مثلا
مستقبل حقوق الإنسان في ظل أجهزة الأمم المتحدة في إطار اللجنة الدولية -للحقوق المدنية و السياسية أو اللجنة الدولية لحماية المرأة ضد أشكال التمييز
العنصري و تقييم النظام الدولي و مدى نجاعته في حماية الحقوق
- حماية حقوق الإنسان في إطار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو محكمة الإتحاد الأوروبي
la cour de justice des communautés européennes
- تقييم النظام الإفريقي لحماية حقوق الإنسان و مستقبل المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان
و بالتالي لإيجاد جواب لسؤالك يجب تقييم كل نظام على حدى أو بعبارة أخرى تحديد مجال الدراسة لأن الجواب يختلف بإختلاف كل نظام دولي لحماية حقوق الإنسان
أما عن الحماية الداخلية فهنا لا يمكن الحديث عن حقوق الإنسان بل عن الحريات الأساسية و الجواب حتما يختلف بإختلاف الدول
لأن الأمر يتعلق بما يقدمه كل نظام وطني من حماية و دعم للحقوق و الحريات الأساسية
و إذا أخذنا الجزائر كمثال :
يجب تحليل العديد من النقاط
أولا : أزمة الرقابة على دستورية القوانين
لأن الحريات الأساسية مضمونة في الدستور و النظام الجزائري لا يمنح عمليا للمحاكم الرقابة على دستورية القوانين ثم أن المجلس الدستوري ليس له أي دور فعال في حماية الحقوق و الحريات و يقتصر مجاله في رقابة الإنتخابات و القوانين العضوية
ثم أنها أزمة في رجال القانون لأن الدستور يكفل كل الضمانات النظرية لحماية الحقوق و الحريات أحسن من الدستور الأمريكي أو الفرنسي
فالمادة 139 من الدستور تعطي للقاضي الجزائري الإختصاص الأصيل لحماية الحريات بالنص الصريح للمادة أي بعبارة أخرى يمكن الدفع أمام القاضي بذلك
و بالتالي فهي أزمة ثقافة في الحقوق و الحريات بالدرجة الأولى
رجال القانون في الجزائر لا يزالو يعتبرون أن الحقوق و الحريات الأساسية لا يمكن تطبيقها و لا لمسها آثارها في الواقع أي نظرتهم لهذه الحقوق لا تزال نظرية سطحية و شكلية
لكن الأمور يجب أن تتغير خاصة فيما ينتظر رجال القانون في الجزائر مع ما أعتبره كنزا ثمينا و هو نص المادة 358-7 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و هي الفقرة التي ستضع القضاء الجزائري في أكبر إمتحان لأنها المفتاح نحو الحماية الفعلية و الفعالة لحقوق الإنسان و النص الذي يسمح بتأكيد أن الحقوق و الحريات ليست حبر على ورق و لا مجرد شعارات بل قواعد قانونية واجبة التطبيق
رغم أن الأمر متعلق أساسا بالإيمان بفكرة الحقوق و الحريات لأنه إذا إطلعنا على الإجتهاد القضائي للمحكمة الدستورية لجنوب إفريقيا أو بعض الإجتهادات للمحكمة العليا الهندية نجدها خطت خطوات كبيرة نحو حماية واسعة لم تقرها حتى الانظمة الاوروبية و الأمريكية
بل أن دولة زيمبابوي سبقت الجزائر في هذا المجال و استطاعت أن تنتج إجتهادات قضائية غاية في الجمال و الرقي
الخلاصة : دراسة حقوق الإنسان و الحريات الأساسية أصبح أمر حتمي و واجب و لا يقل أهمية عن دراسة قانون الإجراءات المدنية أو قانون العقوبات لأن المستقبل سيعرف منحى آخر إذا استطعنا إستغلال قواعد الدستور، و الإتفاقيات المبرمة منطرف الجزائر، و المادة 358-7 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد
مع ســـــــــــــــــــــــائر التحفظات