الأنتظار
22-09-2016, 09:44 AM
قبل أن تغرب الشمس بحوالي ساعة..جلست في شرفتها في الدور الثالث مما سمح لها برؤية واضحة للشارع العريض الممتد أمام عينيها المتعبتين وهو يموج بالطوفان البشري على الجانبين فوق الارصفة بينما ازدحم وسطه بصخب السيارات الهادرة بلا توقف.وراحت تتفحص بقلق الوجوه والسيارات كأنما تبحث عن شيء ضائع.فأستعانت بنظاراتها ذات الاطار السميك والعدسات المقعرة فظهرت عيناها الزرقاوتان الحانيتان اصغر قليلا مما يجب.ورددت نظرات خاطفة وتساءلت.......
.لم تأخرت ياعمار حتى هذه ألساعة ؟..أين ذهبت؟قريبا سيحل المساء فلم هذا التاخير يابني سامحك الله...ثم واصلت التفتيش وهي تترقب مقدمه فلعلها تلمحه من بعيد وهو قادم بقميصه الابيض وبنطاله ألرمادي واضعا يديه في جيوبه .....
.عندها ستفكر في كلمات عتاب واستنكار..نعم لا بد من التأنيب والمحاسبه على كل هذا التأخير غير المبرر..عندها سينظر للارض ويختلق أعذار ستبدو مألوفه لها ومضحكة..سيقول كنت في المقهى مع الاصدقاء ولم أنتبه للوقت..أو سيقول ذهبت لزيارة جدتي التي لم أراها منذ أشهر..أو كنت عند خطيبتي سعاد نتحدث عن ترتيبات العرس...لكن كل ذلك لا يشفع له أو يبرر كل هذا ألتأخير..
.واصلت ألشمس دورتها الفلكيه وانحدرت خلف العمارات والبيوت واللون الرمادي يتبدى في شتى الاماكن..فزاد قلقها وأجالت النظر من جديد تبحث عنه في الوجوه والاجساد القادمه من بعيد....أيكون فعلا عند جدته؟ولكن لم لم يتصل؟
والتفتت نحو الهاتف وهي تفكر..سأتصل به وأكلمه ورفعت السماعة وأدارت قرص الارقام لكنها توقفت في وجوم وتذكرت أمها المريضة فقد يزيد ذلك من مرضها اذا سالتها عنه ولم يكن عندها في البيت.وسوف تحملها هما لاتطيقه في سنها ومرضها.....
.تركته وعادت الى الشرفه وأرخت ظهرها على كرسيها الخشبي وهي حائرة لا تدري ما تفعل..من تسأل؟وأين تبحث عنه ؟هل تكلم الجيران؟لكن ماذا لو عاد في هذه الاثناء؟ستكون قد أزعجتهم بلا سبب.وعادت تمد بصرها التائه بين الزحام وهي تتحسس بيدها نبضات قلبها ألمتسارعه مثلما الدقائق والثواني المتلاحقه والسيارات تواصل ضجيجها وهديرها والشارع مكتض بالناس في الاسفل غير مبالين بخوفها وقلقها..كلهم يمضي عائدا الى بيته حتى الطيور المهاجرة بل حتى الشمس مضت بعيدا.. وتزداد ظلمة المكان وتزداد هي حيرة ووحشه طاغية ...أين ذهبت ياعمارفي هذه الساعة ؟ألا تراعي وحدتى؟وليس لي غيرك..فلم تخنقني بهذا الغياب..ثم أحنت رأسها المرهق فأنحسر منديله المربوط عن خصلة بيضاء وتلاطمت الافكار السوداء في عقلها وازدحمت كازدحام الشارع وتعوذت بالله من هذه الافكار وراحت تدعو باللطف.. لم تأخر هكذا؟ وقلبها المسكين يكاد ينفجر خوفا عليه..ولما هبط الليل وراحت تلمع أعمدة ألنور وأضواء السيارات لم تعد تقوى على الصبر وراحت تجيء وتذهب في الشرفه وهي تنظر يمينا وشمالا عسى أن تراه او تلمحه. لكن اذا عاد الان ستؤجل المعاتبه الى وقت أخر .نعم ستؤجلها.المهم أن يعود سالما وتراه حتى تنطفىء نيران القلب المتوقده .
.وتمضي الدقائق والسماء تلمع بالنجوم وقلبها المرتجف متعلق بخيط أمل..رنة هاتف..طرقة باب..أو صوت يدهمها قائلا لقد عدت يا أمي أسف لاني تأخرت..ليكن العذر مهما يكن المهم أن يعود..لما طال بها الوقوف احست بالبرد فتركت الشرفه يلفها الظلام وتتناهى الى اذنها ابواق السيارات المزعجة وهمهمات وضحكات الجيران.وشمت رائحه طبخ تثير المغص وتهاوت على الكنبه..وتذكرت موعد الدواء فتناولت شريط ودست في فمها حبتان واحدة للسكر والثانية لتهدئة ألاعصاب كما أمر ألطبيب...بعد قليل أحست ببعض التحسن وغابت الافكار عن ذهنها وشعرت بأسترخاء مفاجىء وقد بدأ يسرى مفعول الدواء واستغربت خوفها وقلقها الذي سيطر عليها طيلة الساعات الماضية لكنها تذكرت وليتها لم تتذكر ألم يكن بوسع الدواء أن يفقدها الذاكرة ولكن كيف..؟وجاش صدرها وامتلئت عيناها بالدموع وانهمرت مثل سيل لايعرف التوقف حارة محرقه كانما تنحدر من شمعه متوهجة.
.ووقعت عيناها على صورة عمار وهي تزين الحائط ..نظرت اليها في عتاب ..ثم شعرت برغبة في النوم فمالت على جنبها وهي تقول للصورة
يابني اذا عدت فاحرص على ان توقضني لاني أنتضرتك طويلا..طويلا جدا......كانت الصورة لشا ب في منتصف العشرينات امتلاء وجهه وسامه وعيناه حانيتان كعينا أمه ..وضعت الصورة في اطار فضي لماع وزجاجة مربعة نظيفة من الواضح أنها تواضب على مسحها كل يوم..ولم يكن في الاطار أي نقوش أوزخارف...غير أن في زاويتها العليا ثمة شريط أسود ملتصق هناك.....
.لم تأخرت ياعمار حتى هذه ألساعة ؟..أين ذهبت؟قريبا سيحل المساء فلم هذا التاخير يابني سامحك الله...ثم واصلت التفتيش وهي تترقب مقدمه فلعلها تلمحه من بعيد وهو قادم بقميصه الابيض وبنطاله ألرمادي واضعا يديه في جيوبه .....
.عندها ستفكر في كلمات عتاب واستنكار..نعم لا بد من التأنيب والمحاسبه على كل هذا التأخير غير المبرر..عندها سينظر للارض ويختلق أعذار ستبدو مألوفه لها ومضحكة..سيقول كنت في المقهى مع الاصدقاء ولم أنتبه للوقت..أو سيقول ذهبت لزيارة جدتي التي لم أراها منذ أشهر..أو كنت عند خطيبتي سعاد نتحدث عن ترتيبات العرس...لكن كل ذلك لا يشفع له أو يبرر كل هذا ألتأخير..
.واصلت ألشمس دورتها الفلكيه وانحدرت خلف العمارات والبيوت واللون الرمادي يتبدى في شتى الاماكن..فزاد قلقها وأجالت النظر من جديد تبحث عنه في الوجوه والاجساد القادمه من بعيد....أيكون فعلا عند جدته؟ولكن لم لم يتصل؟
والتفتت نحو الهاتف وهي تفكر..سأتصل به وأكلمه ورفعت السماعة وأدارت قرص الارقام لكنها توقفت في وجوم وتذكرت أمها المريضة فقد يزيد ذلك من مرضها اذا سالتها عنه ولم يكن عندها في البيت.وسوف تحملها هما لاتطيقه في سنها ومرضها.....
.تركته وعادت الى الشرفه وأرخت ظهرها على كرسيها الخشبي وهي حائرة لا تدري ما تفعل..من تسأل؟وأين تبحث عنه ؟هل تكلم الجيران؟لكن ماذا لو عاد في هذه الاثناء؟ستكون قد أزعجتهم بلا سبب.وعادت تمد بصرها التائه بين الزحام وهي تتحسس بيدها نبضات قلبها ألمتسارعه مثلما الدقائق والثواني المتلاحقه والسيارات تواصل ضجيجها وهديرها والشارع مكتض بالناس في الاسفل غير مبالين بخوفها وقلقها..كلهم يمضي عائدا الى بيته حتى الطيور المهاجرة بل حتى الشمس مضت بعيدا.. وتزداد ظلمة المكان وتزداد هي حيرة ووحشه طاغية ...أين ذهبت ياعمارفي هذه الساعة ؟ألا تراعي وحدتى؟وليس لي غيرك..فلم تخنقني بهذا الغياب..ثم أحنت رأسها المرهق فأنحسر منديله المربوط عن خصلة بيضاء وتلاطمت الافكار السوداء في عقلها وازدحمت كازدحام الشارع وتعوذت بالله من هذه الافكار وراحت تدعو باللطف.. لم تأخر هكذا؟ وقلبها المسكين يكاد ينفجر خوفا عليه..ولما هبط الليل وراحت تلمع أعمدة ألنور وأضواء السيارات لم تعد تقوى على الصبر وراحت تجيء وتذهب في الشرفه وهي تنظر يمينا وشمالا عسى أن تراه او تلمحه. لكن اذا عاد الان ستؤجل المعاتبه الى وقت أخر .نعم ستؤجلها.المهم أن يعود سالما وتراه حتى تنطفىء نيران القلب المتوقده .
.وتمضي الدقائق والسماء تلمع بالنجوم وقلبها المرتجف متعلق بخيط أمل..رنة هاتف..طرقة باب..أو صوت يدهمها قائلا لقد عدت يا أمي أسف لاني تأخرت..ليكن العذر مهما يكن المهم أن يعود..لما طال بها الوقوف احست بالبرد فتركت الشرفه يلفها الظلام وتتناهى الى اذنها ابواق السيارات المزعجة وهمهمات وضحكات الجيران.وشمت رائحه طبخ تثير المغص وتهاوت على الكنبه..وتذكرت موعد الدواء فتناولت شريط ودست في فمها حبتان واحدة للسكر والثانية لتهدئة ألاعصاب كما أمر ألطبيب...بعد قليل أحست ببعض التحسن وغابت الافكار عن ذهنها وشعرت بأسترخاء مفاجىء وقد بدأ يسرى مفعول الدواء واستغربت خوفها وقلقها الذي سيطر عليها طيلة الساعات الماضية لكنها تذكرت وليتها لم تتذكر ألم يكن بوسع الدواء أن يفقدها الذاكرة ولكن كيف..؟وجاش صدرها وامتلئت عيناها بالدموع وانهمرت مثل سيل لايعرف التوقف حارة محرقه كانما تنحدر من شمعه متوهجة.
.ووقعت عيناها على صورة عمار وهي تزين الحائط ..نظرت اليها في عتاب ..ثم شعرت برغبة في النوم فمالت على جنبها وهي تقول للصورة
يابني اذا عدت فاحرص على ان توقضني لاني أنتضرتك طويلا..طويلا جدا......كانت الصورة لشا ب في منتصف العشرينات امتلاء وجهه وسامه وعيناه حانيتان كعينا أمه ..وضعت الصورة في اطار فضي لماع وزجاجة مربعة نظيفة من الواضح أنها تواضب على مسحها كل يوم..ولم يكن في الاطار أي نقوش أوزخارف...غير أن في زاويتها العليا ثمة شريط أسود ملتصق هناك.....