بيروت الكتاب
09-06-2009, 12:45 AM
بيروت الكتاب
كتب الدكتور الزاوي في جريدة الشروق الجزائرية, تحت عنوان
بيروت مدينة تكتب وتطبع وتقرأ
الشروق الخميس 04 جوان 2009م- الموافق لـ10 جمادى الثانية 1430هـ- ص22
وللتذكير فإن الدكتور يكتب في أقلام الخميس لهذه الجريدة منذ إقالته من إدارة المكتبة الوطنية الجزائرية, على إثر زيارة الشاعر أدونيس, وربما بسببها كما يشاع, وقد شرع في هذه السلسلة من المقالات في بادئ الأمر تحت عنوان "كتاب أبيض عن الثقافة في الجزائر" كرد فعل على إقالته, ثم عدل عن ذلك فيما يبدو, وراح يكتب تحت زاوية "أقواس" كل يوم خميس, ولم يعلمنا إن كان قد عدل عن مشروعه النقدي, أم أنه لا زال بصدده؟ ويظهر أن العدول هو الراجح لأنه ابتعد عنه نوعا ما, وصار يكتب - في الغالب - عن الثقافة العربية عوض الجزائرية. وها هو يحط الرحال ببيروت؟كتب الدكتور الزاوي في جريدة الشروق الجزائرية, تحت عنوان
بيروت مدينة تكتب وتطبع وتقرأ
الشروق الخميس 04 جوان 2009م- الموافق لـ10 جمادى الثانية 1430هـ- ص22
خلاصة المقال: تراجع المقروئية عند العرب, لماذا؟ لا يجيب الكاتب على السؤال الكبير, وينتقل إلى الحديث عن بيروت الكتاب مدينة ومواطنين, وبيروت الثقافة والإعلام, ثم يؤكد الكاتب أن "نعم وحدها بيروت سيدة الاحترافية في صناعة الكتاب العربي", والباقي مجرد هواة, فدور النشر في المغرب العربي وفي الخليج, لا تملك خطا سياسيا ولا ثقافيا واضحا, وإنما تسعى فقط إلى كسب المال, ويذكر الكاتب أن أول أبجدية ظهرت في التاريخ, كانت في منطقة بيروت, ومنها رحلت إلى اليونان وأوروبا وإلى العرب. ثم يثني على الطائفة المارونية ذات الريادة في إدخال الطباعة إلى بلاد العرب وتعريبها من اللاتينية. بعدها يعرج الدكتور على أسباب ثلاثة لنجاح بيروت في صناعة الكتاب, هي: كون بيروت مدينة للتنوع الثقافي والحرية, ثم إن الذين تولوا النشر هم كتاب ومثقفون كبار, والسبب الثالث هو الإعلام الثقافي الذي يتولاه أيضا كبار المثقفين والمفكرين والكتاب, ولهذا يقول الدكتور إن العزوف عن القراءة لما تنتجه مطابع الهواة, لا ينسحب على ما تطبعه بيروت, فهو لا زال يُقرأ, وخاصة ذلك الذي تنتجه "دور النشر العريقة والجادة لا يزال يقرأ ويقرا بنهم شديد." فلا كتاب في العالم العربي بلا بيروت, إنها عاصمة عالمية من بين العواصم العالمية الشهيرة للكتاب, وأكثر من هذا ليست بيروت وحدها تقرأ, وليست بيروت وحدها تحتفي بالكتاب, بل لبنان كله بمدنه وقراه يقرأ ويحتضن الكتاب, ويختتم الدكتور مقاله بشكر بيروت "شكرا لبيروت لأن من يقرأ تاريخ بيروت يقرأ تاريخ الثقافة العربية وتاريخ من صنعوها على اختلاف أطيافهم السياسية والجمالية".انتهى الملخص
تراجعت المقروئية عند العرب بشكل مهول إلا في بيروت ولبنان, وباستثناء ما يطبع في بيروت ولبنان؟ هل يمكن الاقتناع بمثل هذا الكلام غير المبرر؟ نعم إن للمطبعة ولدار النشر ولكبار الكتاب والمفكرين أدوار لا تنكر في المقروئية, غير أنها ليست سببا كافيا ولو كان ضروريا إلى حد بعيد, فمن ترسخت لديه عادة القراءة لا يمكن أن يصبر عليها أي كان موطنه, وحيثما كانت إقامته, والواقع أننا بعد تتبع سلسلة من مقالات الدكتور يمكننا استنتاج هذه الخاصية السطحية واللامنطقية في أطروحاته, ربما يكون هنا بصدد تقديم تفسير لتراجع المقروئية عند العرب حاليا, كون بيروت لم تفقد الإقبال على القراءة, وكذا دور نشرها ومطابعها التي بقيت تصادف الإقبال على إنتاجها من بلدان العرب ومن خارج لبنان عامة, بمعنى أن التراجع في المقروئية يتناسب عكسا مع بيروت ودور نشرها, وقد يكون ذلك صحيحا نسبيا, لكنه في مجمله غير مقنع, فإذا كانت المقروئية في الجزائر مثلا قد تراجعت كثيرا, فذلك يعود إلى أسباب كثيرة معقدة ومتشابكة, منها تدني القدرة الشرائية للمواطن, ولا داعي للاستطراد هنا, لأن هناك دراسات منشورة في هذا الشأن, حددت النسبة وفسرتها بمجموعة كبيرة من الأسباب, ولا أذكر أن من بينها استثناء ما تنتجه بيروت من كتب, ولو أن ذلك قد يكون أحد الأسباب ربما الثانوية, عندما يتعلق الأمر خاصة بمستوى الكاتب بالعربية, أو المترجم له إلى العربية, خاصة إذا كان كتابه لم يطبع في غير بيروت, غير أن هذه الحالة تنطبق على القراء, وليس العازفين عن القراءة أصلا. كنا ولا زلنا نود أن تكون كتابات الدكتور من مستوى علمي وأدبي رفيع, كما هو مفترض فيه ككاتب نشرت له دور نشر باريسية, وترجمت له رواية إلى الإيطالية, وربما هناك أكثر من ذلك مما لا أعلم, كنا نود أن يكون منارة نهتدي بها في الطرح العلمي والفني والنقدي, وقد استبشرنا خيرا عندما أعلن عزمه على نقد الثقافة في الجزائر, لكنه خيب الآمال فيما ينشر في أقلام الخميس على صفحات أكبر جريدة جزائرية, وأوسعها انتشارا "الشروق"؟ لكننا - للأسف - لا زلنا ننتظر ما كنا نأمله من الكاتب الذي يصنف -نفسه- عالميا, فيما يبدو ما بين السطور. فماذا نجد حقا في مثل هذا المقال الذي هو بين أيدينا من شيء غير عادي, يمكن لأي صحافي مبتدئ أن يقدمه عن بيروت الكتاب والثقافة والإعلام؟ لا شيء على الإطلاق, بل إن الصحافي العادي قد يقدم لنا ما هو أكثر فائدة من إحصائيات مثلا, والمفروض أن حديث الدكتور يأتي بعد الإحصاء ليفسر ويؤول ويستخلص العبر. لماذا تنجح بيروت حيث فشلت باقي المدن العربية؟ ما هو السر؟ لقد قدََّم الدكتور أسبابا هامة, لكنها ظاهرية لا تخفى حتى على عامة الناس, وقد كان من المناسب أن يذهب الكاتب إلى تحليل علمي موضوعي, يوقفنا على تفسير الظاهرة الثقافية البيروتية, لا مجرد التغني بإنجازات بيروت الأسطورية. أما وأن هذه هي سمة كتابات الدكتور في سلسلة مقالات الخميس, قصورا أو تقصيرا, فإنه قد ظهر أمام الجمهور الواسع بمظهر سلبي كان غنيا عنه, لقد كانت صورته في الأذهان أكبر مما يقدمها في هذه المقالات بكثير, فلماذا أساء إلى هذه الصورة بهذه المقالات الانطباعية المرتجلة, لقد كان عليه أن يبذل مجهودا ما ليسوق نفسه في أجمل صورة لمئات الآلاف من قراء الشروق, أو على الأقل أن يُقدم نفسه على حقيقته, حيث إننا ما زلنا نعتقد أن صورة الروائي المثقف الدكتور هي أجمل وأكبر من هذا بكثير.ومن باب الموضوعية, نقول إن هذا الموضوع الممجد لبيروت, وربما لهذا السبب هو أحسن ما كتب الدكتور الزاوي في أقلام خميس الشروق لحد الآن, على الأقل في الإشادة بالمدينة والبلد الرمز, وفي تقديم بعض المعلومات المفيدة للقارئ العادي
