لا تكن "باعوها"!
01-04-2013, 02:14 PM
لا تكن "باعوها"!
يذكرون أن "باعوها" لَقَب وُضع لمجنون "شهير" بأحد الأحياء الشعبية في العاصمة، سبب تلقيبه بذلك أنه يكثر أن يقول في حله وترحاله: "البلاد باعوها!" ثم يُتبع هذه العبارة بسرد أنواع الفساد، وذكر أسماء الذين طغوا في البلاد، والشكوى من غلاء البطاطا أوندرة الحليب أو تراكم النفايات..أو غيرها من مشاكل الساعة.
لكن المتأمل في حياتنا اليومية -نحن الجزائريين- يجزم أنه لا يوجد "باعوها" واحد، بل ملايين "الباعوهات"! وإليك هذا المشهد الذي يندر أن تجد أحدا لم يتعرض له مرات في حياته.. بل في يومه:
قد تصعد إلى الحافلة أو القطار، أو تجلس منتظرا في إدارة من الإدارات كالبلدية والبريد، فيجلس أمامك شخص لم تره في حياتك قط، فيبتدرك بالكلام (من غير سلام): "فسدت البلاد، وهلك العباد، هل هذا بلد؟ يا ليت فرنسا بقيت..." ويمضي هذا المجهول في النياحة والشكوى والتباكي موجعا رأسك لدقائق طويلة ،ولعله ينطق -في ثنايا "المندبة" الفجائية- بالكلمة السحرية التي نال بها مجنوننا اسمه "الفني": "باعوها البلاد!"
حدث معي هذا الموقف مرات ومرات، وأحيانا يتطور الأمر إلى حوار مفتوح، ونقاش كل سب وشتم فيه مباح ومسموح! وقد شهدتُ في الحافلة قبل أيام شيئا من هذا القبيل، حين انطلقت عقيرة أحد "الباعوهات"-وكان شيخا- بالشكوى والنياحة من حال البلاد، وصب جام غضبه على الشباب الجزائري "الفنيان"، فحمي أحد الشباب وانتدب للرد عليه، والذود عن أبناء جيله، ملصقا كل تهمة ومعرة بجيل الشيوخ، وطال الحوار وتشعب، وكثر اللغط.. ثم ختمه أحد شبابنا وبناة مستقبلنا بمجموعة من شعارات الجيل الجديد على شاكلة: "روما ولا نتوما" "ياكلني الحوت وما ياكلنيش الدود" ...
لقد ذكرني هذا الحوار السامج بآية من كتاب الله تعالى يصف لنا فيها حال أهل النار –عياذا بالله-: "كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا"، وهكذا نحن مع الأسف، كل جيل يلعن من قبله ومن بعده، أما المتقون الأبرار فيقولون: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ"!
قد يرى البعض أن هذه الظاهرة دليل على حرية الرأي، والتواصل الاجتماعي، ونوع من التنفيس عن الغم والتفريج عن الهم، لكن..
أليست شكوى لغير الله تعالى، ودليلا على الجزع وقلة الصبر وعدم الرضا بقضاء الله وقدره، وقد قال سلفنا: "الصبر ترك الشكوى"؟
أليست تهربا من المسئولية و"مسحا للموس" في الظروف والأوضاع.. والمسئولين.. والشيوخ والشباب.. والإنسان والحيوان والجماد... كأن تعفن الأوضاع ليس بما كسبته أيدينا بل دائما بسبب "الغير"؟
أليست تشاؤما وفَتََّا في عضد المسلمين، وحثا لهم على الانهزامية والخمول، ونَأيًا عن التفاؤل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويحث عليه؟
أليست هلاكا وإهلاكا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم"؟
كثيرا ما أغدو إلى أشغالي صباحا، وأنا أجتهد في التفكير الإيجابي، منقبا عن الأخبار والمشاهد الجميلة التي تبعث على التفاؤل وعلو الهمة، فأُبتلى بـ"باعوها" من "الباعوهات" جليسا في الحافلة أو القطار ينغص علي يومي بـ"نياحته"، فما أجد ملاذا إلا إلى سماعات الأذن أهرع إليها، فأحشو بها أذني مستمعا –عبر الهاتف-إلى أطيب الكلام وأنفعه: كلام الله أو ما والاه من درس نافع أو موعظة مؤثرة.
فيا قارئا لمقالتي.. رجاء.. لا تكن "باعوها"!
يذكرون أن "باعوها" لَقَب وُضع لمجنون "شهير" بأحد الأحياء الشعبية في العاصمة، سبب تلقيبه بذلك أنه يكثر أن يقول في حله وترحاله: "البلاد باعوها!" ثم يُتبع هذه العبارة بسرد أنواع الفساد، وذكر أسماء الذين طغوا في البلاد، والشكوى من غلاء البطاطا أوندرة الحليب أو تراكم النفايات..أو غيرها من مشاكل الساعة.
لكن المتأمل في حياتنا اليومية -نحن الجزائريين- يجزم أنه لا يوجد "باعوها" واحد، بل ملايين "الباعوهات"! وإليك هذا المشهد الذي يندر أن تجد أحدا لم يتعرض له مرات في حياته.. بل في يومه:
قد تصعد إلى الحافلة أو القطار، أو تجلس منتظرا في إدارة من الإدارات كالبلدية والبريد، فيجلس أمامك شخص لم تره في حياتك قط، فيبتدرك بالكلام (من غير سلام): "فسدت البلاد، وهلك العباد، هل هذا بلد؟ يا ليت فرنسا بقيت..." ويمضي هذا المجهول في النياحة والشكوى والتباكي موجعا رأسك لدقائق طويلة ،ولعله ينطق -في ثنايا "المندبة" الفجائية- بالكلمة السحرية التي نال بها مجنوننا اسمه "الفني": "باعوها البلاد!"
حدث معي هذا الموقف مرات ومرات، وأحيانا يتطور الأمر إلى حوار مفتوح، ونقاش كل سب وشتم فيه مباح ومسموح! وقد شهدتُ في الحافلة قبل أيام شيئا من هذا القبيل، حين انطلقت عقيرة أحد "الباعوهات"-وكان شيخا- بالشكوى والنياحة من حال البلاد، وصب جام غضبه على الشباب الجزائري "الفنيان"، فحمي أحد الشباب وانتدب للرد عليه، والذود عن أبناء جيله، ملصقا كل تهمة ومعرة بجيل الشيوخ، وطال الحوار وتشعب، وكثر اللغط.. ثم ختمه أحد شبابنا وبناة مستقبلنا بمجموعة من شعارات الجيل الجديد على شاكلة: "روما ولا نتوما" "ياكلني الحوت وما ياكلنيش الدود" ...
لقد ذكرني هذا الحوار السامج بآية من كتاب الله تعالى يصف لنا فيها حال أهل النار –عياذا بالله-: "كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا"، وهكذا نحن مع الأسف، كل جيل يلعن من قبله ومن بعده، أما المتقون الأبرار فيقولون: "رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ"!
قد يرى البعض أن هذه الظاهرة دليل على حرية الرأي، والتواصل الاجتماعي، ونوع من التنفيس عن الغم والتفريج عن الهم، لكن..
أليست شكوى لغير الله تعالى، ودليلا على الجزع وقلة الصبر وعدم الرضا بقضاء الله وقدره، وقد قال سلفنا: "الصبر ترك الشكوى"؟
أليست تهربا من المسئولية و"مسحا للموس" في الظروف والأوضاع.. والمسئولين.. والشيوخ والشباب.. والإنسان والحيوان والجماد... كأن تعفن الأوضاع ليس بما كسبته أيدينا بل دائما بسبب "الغير"؟
أليست تشاؤما وفَتََّا في عضد المسلمين، وحثا لهم على الانهزامية والخمول، ونَأيًا عن التفاؤل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويحث عليه؟
أليست هلاكا وإهلاكا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم"؟
كثيرا ما أغدو إلى أشغالي صباحا، وأنا أجتهد في التفكير الإيجابي، منقبا عن الأخبار والمشاهد الجميلة التي تبعث على التفاؤل وعلو الهمة، فأُبتلى بـ"باعوها" من "الباعوهات" جليسا في الحافلة أو القطار ينغص علي يومي بـ"نياحته"، فما أجد ملاذا إلا إلى سماعات الأذن أهرع إليها، فأحشو بها أذني مستمعا –عبر الهاتف-إلى أطيب الكلام وأنفعه: كلام الله أو ما والاه من درس نافع أو موعظة مؤثرة.
فيا قارئا لمقالتي.. رجاء.. لا تكن "باعوها"!
من مواضيعي
0 جُنُونِيَّاتٌ جَزَائِرِيّةٌ (2): الأَشِـــعَّــــةُ فَـــــــوْقَ الــــــنّـــــَهْـــــدِيَّــــــ
0 جُنُونِيَّاتٌ جَزَائِرِيّةٌ (1): دَوْلَــــةُ "الــــحَــــفْــــصِــــيّـــِيــــنَ"..
0 "حَافِظُ الأَحْلامِ"..
0 "دَاعِــشْ".. مَـا أَكْـثَـرَ "عِـيَـالَـكَ"!
0 "أَنــَــا مُـــــجْــــــرِمٌ!.."
0 قَـنَـوَاتُ الخـَيَـالِ.. "الـبَـطْـنِـيِّ"!
0 جُنُونِيَّاتٌ جَزَائِرِيّةٌ (1): دَوْلَــــةُ "الــــحَــــفْــــصِــــيّـــِيــــنَ"..
0 "حَافِظُ الأَحْلامِ"..
0 "دَاعِــشْ".. مَـا أَكْـثَـرَ "عِـيَـالَـكَ"!
0 "أَنــَــا مُـــــجْــــــرِمٌ!.."
0 قَـنَـوَاتُ الخـَيَـالِ.. "الـبَـطْـنِـيِّ"!
التعديل الأخير تم بواسطة سميع الحق ; 01-04-2013 الساعة 02:22 PM