وفاءُ كلبْ في واد الموتْ
26-08-2015, 11:35 AM
اقتباس:
التاريخ مليء بالأحداث التي أثبتت فيها الكلاب وفائها على خلاف بعض البشر "ألكسندر بوب" .
...هي قصّة واقعية حدثت منذ أكثر من ثلاثين عاما في صحراء النمامشة ، هذه المنطقة التي أشتهر أهلها برحلة الشتاء و الصيف ، بين تلّ مدينة : "أولاد رشاش" صيفا ، و صحراء النمامشة شتاء ، و كباقي عائلات المنطقة و مع نزول أولى قطرات الغيث ، أخذت عائلة سالم تحزم أمتعتها مع الصباح الباكر و ما أن أرسلت الشمس أهدابها الرقيقة إلّا و عائلة سالم تمسح دموعها مودّعة من خلّفت من أهل و أصحاب في المنطقة التي اعتادت على الذهاب و الإياب...بعضٌ منك تخلفه في أماكن تسكنها و تسكنك تحفظ الأرض رسمك و تغطّي الرياح سرّك...

يقول سالم كانت دموعنا تغلبنا دائما و نحن ننتقل من منطقة إلى أخرى خاصّة أنّه في زمننا عرف بين الناس التسامح و الإخاء و المودّة و التعاون ، فلم نكن نحتاج إلى الكثير لنعيش فقد كانت الحياة تتشبّث بنا رغم كلّ شيء ، و كنّا نعلم " نحن العائلات الفقيرة" أنّ عمرنا طويل و إنْ قلّت أيامنا في هذه الدنيا....(بعض حجرشة في صوته) كنت أنا و أخواي محمد و علي و أختي سميّة كالجسد الواحد (يصمت قليلا و يواصل) نعم قد تعودنا على فراق من أحببنا و عايشنا لكن هذه المرّة كنّا نودّع و نبكي بحرقة كأنّ الأهل يشيّعون فقيدهم ، انطلقنا في رحلة الموت هذه دون أن ندري أنّ خطبا جللا بانتظارنا ، على غير العادة كانت هالة من الصمت و الترقب تخيّم على رحلتنا فلم نسمع مزاح محمد و لا قهقهات علي و لا حكايات سميّة الخيالية ، كنّا لا نتحدث إلى بجمل اخبارية مختصرة و كانت هناك علامات نجلس عندها لنرتاح إلى أن خيّم الظلام و أسدل الليل سدوله ، و بعد لحظات من التشاور بخصوص المكان الذي سننام فيه وقع اختيارنا على واد ننام في جوفه حتى نتجنب لسعات البرد القارصة ليلا كما هو معروف عن هذه المناطق... و لم يكن أحدٌ يدري بأنّنا كنا نتشاور و نتحاور و نختار الطريقة التي سيموت بها أفراد عائلتي... قمنا بتهيئة المكان المخصص للنوم و ما هي إلّا لحظات قليلة حتى غلبنا النوم و بعد منتصف الليل ببعض دقائق تعالى نباح كلبنا جاك كان ينبح بطريقة غريبة ثمّ يعضني عضا خفيفا على يدي و يحاول جرّي من ثيابي ، و أنا أحاول أن أستيقظ لأرى ماذا يحدث لكنّ الطريق الشاقّة أتعبتي ، فكنت أمسح على رأس جاك و أطلب منه أن يصمت لكن نباحه كان يزداد كلّ مرّة و الغريب أنّه كان يعضني من قدمي ثم يجري إلى مكان بعيدا عن الوادي ثمّ يعود مسرعا ليعيد الكرّة و كنت أخاله يلعب فضربته بقدمي ليكف عن ذلك فما زاده ذلك إلا عنادا و لمّا أحسّ أنّ النعاس بدأ ينجلي قليلا انطلق بعيدا عن الواد فتبعته لعلّ حيوانا ما يقلقه و عندما رأني خرجت من الواد أخذ يجري بسرعة غريبة و أخذت أتبعه ليفاجئني بحركة ما كنت أنتظرها منه " فقد توقّف فجأة و أخذ ينظر إلى الواد و ينبح نباحا داخليا كأنّه يبكي" و لمّا وصلت إليه قلت له ألم تجد غير هذا الوقت للّعب ، و مسحت على رأسه و طلبت منه أن يتبعني لنعود إلى الواد "هيا جاك" لكنّه تسمّر في مكانه و هو يصدر ذلك النباح الغريب و أنا أنظر إليه جاعلا الواد وراء ظهري ، و إذ بي أسمعُ صوتا هائلا جعلني ألتفت بسرعة إنّه فيضان جارف...( تغلبه دموعه) ، أسأله : هل من خبر عن الإخوة..؟؟ ، لا إلى اليوم لا أثر...

بقلم "امر طبيعي"

اقتباس:
لا تراهن على وفاء أحد عدا الكلاب. أُحبّ ذلك الوفاء الصامت، والإخلاص الذي لا مقابل له. أنت لا تتبادل مع الكلب كلامًا، لذا لا كذب بينكما، لا نفاق، لا سوء فهم، لا وعود، لا خذلان.
المرء بالنسبة إلى كلبه «سيّد » حتّى وإن كان مشرّدًا دون مأوى. يظلّ
الكلب رفيق تشرّده في الشوارع. سيخلص له مدى حياته، سواء أكان
سيّده جميلاً أم قبيحًا، شابًّا أم عجوزًا، ذا جاهٍ أم مفلسًا، هل تضمن
هذه الخصال في أقرب الناس إليك؟

(الأسود يليق بك ) بتصرفْ
لا شيء
كل شيء كما كان
كأن غبار الأرصفة ألف مدينتنا بعدك ، حين تمطر يصبح و حلا ، و عند القحط رذاذٌ يعمي العيون ، و في كل الحالات ، نحن نتسخ كلما طال بنا الزمن...
التعديل الأخير تم بواسطة امر طبيعي ; 27-08-2015 الساعة 10:54 AM