كل شيء، إلاّ التغيير..
08-11-2015, 11:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
كل شيءٍ إلاّ الاقتراب من الكرسي أو الدنو من العرش.
لأجل ذلك يُرى أن " ولاّة أمور " العرب، أو لأقولَ القادة العرب، غير مرتاحين لأي مبادرة تمس كيانهم.
وخصوصًا الإصلاحات السياسية، أو ليقول المرء أنهم يرفضون التغيير. وحجتهم أن هذا الأخير جاء مفروضًا من الخارج.
زد عن ذلك، أنّ التغييرَ ينطوي على إخطارٍ قد تزعزع الاستقرار الحالي.
بل أنّ البعض من هؤلاء الحكّام ذهبوا إلى حد تخويف الغرب بالتجارب " الديمقراطية " التي وقعت في بعض الدول العربية ــــ ولو رمزيًّا ـــــ حتى يظهروا للغرب مبررات إضافية للبقاء في السلطة إلى حين.
و في جميع الحالات يؤكد قادة الدول العربية انه لا يجب فهمهم خطأ بأنهم لا يريدون التغيير، بل هم مع التغيير لكن الذي لا يناقش مسألة بقائهم في السلطة و من ورائهم أولادهم أو إخوانهم ، أو حتى من ذوي قرابتهم أبديا!
و يُفهم من هذا أن قادة الأنظمة غير الشرعية في العالم العربي لم يهضموا الدرس العراقي ولا التونسيى أو الليبي جيدًا،و أنهم مصممون على التشبث بالسلطة، وبقاء الأنظمة السياسية التي صنعوها، و التي هي غير قادرة على تأمين الاستقرار الوطني، ناهيك عن التقدم، الى غاية قدوم الديمقراطية على ظهور الدبابات و صوارخ الطائرات الحربية، أو إلى ان ينصب على رأس كل بلد عربي " بريمر" جديد مشابه للذي فرض على العراقيين في يومٍ ما،
ولو لفترة قصيرة.
صحيح أن التغيير الحقيقي لابد أن يأتيَ من الداخل، والذين يتبنونه نخبة شعبية ومؤسسات سياسية ومدنية.
ثم أن المواطنين هم الذين يضمنون نجاح ذلك التغيير.
ولكن ماذا يفعل هذا الداخل في ظل استماتة الأنظمة العربية الحالية في احتكار السلطة و حبس مجتمعاتها في جمود مبرمج، و كلما جرى الحديث عن التغيير، يزايدون على بعضهم بالقول.
ثم يتصايحون وألسنتهم، بل أبواقهم تقول:
حذار! " فسلطان ظلوم خير من فتنة تدوم ".
ثم هناك من يصير بين عشيّة وضحاها " مفتيًا " فيقدّم " النصح " قائلا:
"بلداننا متعبة، ومجتمعاتنا متخلفة و غير قادرة على فهم التغيير و تحمله"، ثم يظهر أن هناك خطر " الإرهاب والمتطرفين" .
و كلها عوامل يستعملها الحكّام وأبواقهم ليخلدوا في السلطة. مثلما كانوا ــــ ولا يزالون ـــــ يفعلون مع قضية فلسطين، فسخروا "مثقفين" و لاسيما بعض المأجورين لشتم الكيان الصهيوني و خدمة " القضية الأم"... لكن لا هم خدموا القضية، و لا هيم طوّرا الديمقراطية في بلدانهم ! بل أن تلك الأطروحات والخطب الجوفاء أبقت على مجتمعات مهلهلة و ممزقة من دون مقاومة، وغير قادرة على التطور ديمقراطيا، ولم يأخذوا الدرس مما حصل في أمريكا اللاتينية أو أوروبا الشرقية.
والحال أن القادة الحاليين يقولون:
أن التغيير لم يحن وقته بعد،أي ليس في عهدهم. لأن التغيير يعني رحيلهم.
فهم لا يؤمنون بالتداول على السلطة، و يفضّلون أحزابًا و جمعيات تحسن فقط مساندة القادة الحاليين للبقاء في السلطة. وهم بذلك يحبسون شعوبهم في سجون سميت ـــــ مجازًا ــــ الدول العربية و ذلك حتى يفوتون على تلك الشعوب فرص التغيير.
بل يفضّلون تنازلات خطيرة لصالح قوى أجنبية مقابل قيامهم "بإصلاحات" مفبركة، وللشعوب والأوطان رب يحميها..