ردا على مقال عابد شارف...التقاليد والعادات ! (الشروق اليومي ليوم الخميس- صفحة اق
17-10-2009, 09:12 PM
ردا على مقال عابد شارف...التقاليد والعادات ! (الشروق اليومي ليوم الخميس- صفحة اقلام الخميس)
وقبل تكملته للمقالة في الأسبوع القادم...!!!


حري بالتناقض أن يكون بين سالب وموجب أو نظرية وأخرى، أو حتى بين سلوك وسلوك مضاد والأكيد أن بين الموجب والسالب تنافر أحيانا وأحيانا أخرى تكامل لتحقيق هدف أو نتيجة ما ...
وطبيعة البشر - التي أودعها الله سبحانه عز وجل فيهم – تعدد وتختلف لأنهم ببساطة بشر ويختلفون في كل شيء، فمن أراد الخير اتبعه ومن أراد الشر اتبعه وأحبه، والغريب في التكوين البشري أن الإنسان الواحد قد يتبدل مزاجه أكثر من مرة في وقت قصير جدا ، ولهذا نجد الناس تختلف ميولهم ورغباتهم وأهواؤهم ، انتقالا من شخصية لأخرى ، من بيئة لأخرى ثانية ، ومن مجتمع لآخر ...
وهذا بحد ذاته يعتبر ملجأ جيدا أحيانا فنجد الفرد إن لم تناسبه سلوكيات الآخرين ولم يحقق اهدافه في بيئة أو مجتمع ما ، فسيجد ضالته في مكان آخر ومع أناس آخرين...
ولكن الغريب هو حينما نتكلم وكأننا لسنا ندرك أن العادات والتقاليد لا تعني بالضرورة الانكماش والانطواء والتخلف كما يقوله البعض بل و يؤمن به ، كلا ذلك إطلاقا ليس هو معناه الجهل كبح الحريات ولا حتى منع التقدم والتعارض مع الحصول على العلم...
ولكن الإشارة إلى أن سكان البوادي - كما يحلو للبعض تسميتهم – هم سبب تخلف المتمدنين وعدم تمكنهم من الحضارة وأن هؤلاء يفرضون عقليتهم -إن صح القول- أو عاداتهم وتقاليدهم على المتحضرين الآخرين الذي قد سكنوا المدن لسبب أو لآخر لهو عين الخطأ !! وهل العادات والتقاليد فقط تعني الغناء وما يحيط بالفنان كما جاء في مقدمة المقال الذي نشر بصفحات الشروق (صفحة أقلام الخميس) ليوم الخميس؟ وهل يعني أن الفقير القروي بالضرورة ليس متحضرا ؟ وهل ذلك أيضا سبب في تخلف من يجاورهم أو يسكن قربهم حديثا- وكأن ذلك ينتقل كأنفلونزا...- لينشر بينهم عدوى التخلف ويحصرهم في دائرة التقاليد ؟ ربما المقال الفصل هو أن سكان المدن أصلا لم يكونو متمدنين من بطون أمهاتهم وإلا فذلك ينطبق على أجدادهم ذوي الأصل القروي البدوي الأصيل، وربما قد يكون أنه من الخطأ والتعصب اللامبرر تحميل البادية كل هذا القدر من المسؤولية التي يتحملها أولا رجال الفكر والساسة الذين ينادون بأمور لا تسمن ولا تغني من جوع وكذا بعض الناس الذين يأخذون من الحضارة فقط قشورها وما لا ينفع منها !!
أليس حريا بنا أن نعود على الأقل إلى التاريخ قبل توجيه اتهام كهذا لأهل البادية ونرى إن كانت ثقافة التحرر وحب الدين والعلم .....الخ بدأت من البادية واحتضنها البدويون الذي حملوا الثقل الأكبر من كل ذلك ؟
ثم أليس من اللامعقول القول بأن العادات والتقاليد هي سبب التخلف والبقاء في ذيل الحضارة وعدم الانفتاح ؟
فهناك حقا من يرى- للأسف- أن العادات والتقاليد السليمة المستوحاة من الدين الإسلامي وتعاليمه خاصة ما تعلق بها بالمحافظة على التميز الإسلامي في طلب العلم الملبس والمأكل والتقاليد وفي كل مجالات الحياة من رياضة وسياسة وغيرها، هي سبب التخلف ، ثم يأتي ليقول أن العادات والتقاليد هي التي تمنع البنت من الدراسة لمدة طويلة، وأنها لا تعتبر المرأة إنسانا كاملا !!!!!!!!!
هذا حتما قول غير صائب وإلا كيف يفسر بأن كثيرا من النابغات هن من بنات البوادي ومثال نسائنا كثيرات فمنهن رئيسة الحزب ، والأديبة، والطبيبة والوزيرة ...و...و.....الخ .
وبما أن الحرب التي شنتها بعض التيارات الفكرية السياسية –كما جاء في المقال- في بداية القرن الماضي وُجِّهت نحو العادات والتقاليد فما بقي لكي تحارب أنت وأنا يا سيدي ؟ ألا ترى بأن بعض هذه الحركات تخضع لمبدأ التحرر من التقاليد والعادات التي تربطها بالدين ليس إلا، فخذ لك مثالا عن الحجاب والحياء الذي تحاربه بعض هاته الحركات وليست كلها طبعا، ثم إن البدويين الذين يمنعون بناتهم من التمدرس هم من يخافون على بناتهم من الميوع والانحلال الخلقي الذي فرضته بعض هذه الحركات ذات الفكر الغربي المتجذر في من أنشأها أصلا ، رغم أن هذا السبب غير منطقي حاليا نظرا لتوسع الطبقة المثقفة موازاة منع استرجاع الحركات التي تدعوا للحفاظ على كل تقاليد الدين الإسلامي وتقوية العزائم ضد الانحلال والتميع والتجرد من الأخلاق الإسلامية الصحيحة، إلا أنه وفي وقتما اعتبر كل ما سبق سببا لمنع بعض الأهل لبناتهم من إكمال الدراسة بأطوارها ولكن هذا لم يعد موجودا أصلا حسب علمي ولأنني ابن البادية وأفخر بكوني كذلك .
أما عن اعتبار المرأة ليس إنسانا كاملا فذلك شأن عظيم وقد يجر أقلاما كثيرة للكتابة فالمرأة منذ انبلاج فجر الإسلام والحمد لله عرفت مكانتها واحترمت حقوقها من خلال هذا الدين طبعا ، ولكن المؤسف حقا هو أن هذه الحضارة التي اخترقت صفوفنا دون سابق إنذار وكذلك هذا الانسلاخ الصارخ ، والتعري الفادح الذي صارت من خلاله المرأة لوحة اشهارية لمنتجات اكبر الشركات إن لم تكن لأكبر المنتجعات وغيرها ، وأصبحت المرأة شيئا يتداول فيباع ويشترى كسلعة بثمن محدد ويخضع لمتطلبات سوق الانحطاط ويستباح عرضها لأجل المناصب والمكاسب الدنيئة... أهذه هي الحضارة ؟؟ أهذا ما نتج عن محاربة بعض تلك الحركات للعادات والتقاليد؟
إن الطبع الإنساني هو حب الحرية وإطلاق العنان للنفس وإرضاء نزواتها وشهواتها ولكن الله عز وجل لم يجعل حدودا هباءا هكذا أو رغبة منه في ظلم العباد وسجنهم والحد من حرياتهم، كلا بل لأنه يعلم قيمة الإنسان وأخبرنا بها ويعلم متى تنحط إن لم نتبع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وبعض هذه التعاليم - وللأسف طبعا- أصبحت اليوم تقاليدا بالية توشك أن تكون السبب في تخلفنا وعدم تحضرنا وتكون حجر عثرة للتحرر والمضي قدما لكي نلحق بركب الأمم.




طرافي- ب أكتوبر 2009


علمتني الحياة..ان أجعل قلبي مدينة..بيوتها المحبة..وطريقها التسامح والعفو
وأن اصدق مع نفسي قبل أن اطلب من أحد أن يفهمني

..وعلمتني أن لاأندم على شيء