تسجيل الدخول

بكاء الأطفال


بعد الانتهاء من عملي كل يوم أذهب إلي البيت وهمي الوحيد أن أشاهد التلفاز وأتابع الأحداث التي تجري في التحرير أنني لم أري في الواقع أو اذهب إلي ميدان التحرير وإنما أري بعيني ماذا يجري؟ وجاءتني الفكرة أن أذهب إلي الميدان لمتابعة الأحداث علي أرض الواقع وفكرت أن أذهب إلي الميدان من الخلف من ناحية كوبري قصر النيل اتجاه مسجد "عمر مكرم" ونظرت إلي المظاهرات القائمة واندمجت اندمجا كليا وسمعت صوت أطفال يبكون فذهبت إليهم وسألتهم عن سبب البكاء؟ وكانوا جميعا في عمر عشر سنوات وأثني عشر سنه وكان عددهم حوالي عشر أطفال فسألت الطفل الأول لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل ضابط شرطه وكان متواجد في الميدان أثناء الثورة وقد قتل وسألت الطفل الثاني لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل مدرس وقد قتل في الميدان وسألت الثالث لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان عامل في أحد المصانع وقد قتل في المظاهرات وسألت الرابع لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل سائق أتوبيس وقد قتل في الميدان وسألت الخامس لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل أمين شرطه وقتل في المظاهرات وسألت السادس لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل بائع متجول وقد قتل في الميدان وسألت السابع لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل طبيبا وقد قتل في الميدان وسألت الثامن لماذا تبكي؟ فقال لي إن والدي كان يعمل محامي وقد قتل في الميدان وسألت التاسع لماذا تبكي؟ فقال لي والدي كان يعمل مدرس بالجامعة وقد قتل في المظاهرات وسألت العاشر لماذا تبكي؟ فقال لي إن أخي الأكبر كان طالب في الجامعة وقد قتل في الميدان ونظرت لهم جميعا أنهم واقفون يبكون لأنهم فقدوا أعز وأغلي الناس لديهم فسألتهم هل تظنون أن البكاء سوف يعيد لكم من رحلوا عنكم؟ فقالوا لي هل فكرت ما هو مستقبلنا؟ هل أحسست بما نشعر به الآن؟ هل تعرف ما هو أحساس اليتيم؟ نحن اليوم نقف بلا حماية نحن نتكلم ولا أحد يسمعنا المنظر التي تراه أمامك هو صراع بين القوي والضعيف وتصارع بين الحق والباطل وتصارع بين الأديان لمن يؤمن ومن لا يؤمن صراع بين اليمين واليسار فنظرت لهم نظرة عجيبة بالرغم من صغر سنهم إلا أنهم يقولون الحق وأنهم متابعون للأحداث الجارية داخل الميدان أنظر معي كيف هؤلاء الأطفال يفكرون هذا التفكير؟ نحن نبكي علي أمنا العزيزة علي الأم الحنون ونحن نخاف عليها ونظرت إلي ثلاثة أطفال يمسكون بالتراب ويقولوا لي هل تعرف ما هذا؟ فقلت لهم أنها الأرض فنظروا لي نظرة استعجاب وقالوا لي انك لا تفهم شيء إن هذه الأرض هي الأم هي الحنان هي العطاءو مستقبلنا بعد وفاة أقرب الناس لنا وهي مصر إذا فقدنا مصر فقدنا حياتنا ماذا حدث في عقولنا؟ فقلت لهم فعلا نحن جميعا مصرين وكلنا نحب مصر ولكن أنا مثلكم لم أفهم ماذا يجري في بلدنا الحبيبة ولماذا كل هذا الصراع؟ نحن لنا رب واحد وأرض واحدة وجميع الأديان السماوية تدعو إلي الحب والخير وقلت لهم إن هذه المشاعر الفياضة التي تشعرون بها لن تفقد إن الله معنا وسوف ينصرنا علي جميع المشاكل التي نعيش فيها إن مشاكلنا ليست مشاكل سياسية بل مشاكل عقائدية وهي من أصعب المشاكل وان مصر هي مصر ونحن مصريين نحب مصر ونموت من أجل مصر إن أقرب الناس لكم أحياء عند ربهم لأنهم شهداء ضحوا بأنفسهم من أجل تراب هذا الوطن إن الأيام لن تموت والزمن لن يتوقف عند هذا الحد أسأل الله أن يساعدنا جميعا في محنتنا ويؤلف قلوبنا وننسي مشاكلنا الشخصية أسمع ندائنا يا رب وانصرنا أمام العالم يا رب يا حي يا قيوم يا حليم يا كريم يا قوي يا كبير

مع تحياتي دكتور / سمير المليجي

صدقني يا أخي نحن جميعا نتابع الوضع في مصر بكثير من القلق والتخوف.. المصريون أشقاؤنا واخواننا في الله ووجعكم وجعنا ودموع أولائك الأطفال تفتح جراحنا فالأطفال عندنا كذلك بكوا وعانوا معاناة تشبه ما قلته غير أن جراحنا كانت غائرة لدرجة أن وجعها وآثارها لاتزال تعتصر القلوب ليوم هذا، نسأل الله أن يحمي مصر ويحفظها ويلم ويجمع شتات أهلها وأن ينير لهم الدرب ليضعوا مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ويترفعوا على نعراتهم واختلافاتهم وأن يفوتوا الفرصة على من يحاول جر مصر لمستنقعات حرب أهلية لو حدثت - لا قدر الله- ستأتي على الأخضر واليابس- سمعت مؤخرا تصريحات للمستشار هشام البسطويسي وإني أجده رجلا متعقلا ورزينا وصاحب رؤية واضحة ومتزنة.. كلامه يثبت أن الأمور بدأت تخرج على المسار المسطر لها من خلال ثورة يناير,,, أسأل الله أن يلهم الدكتور مرسي ما يجمع ويوحد شمل أبناء مصر وأن ينير الدرب له ليرى الأمور بوضوح وأن يرزقه البطانة الصالحة وأن يعينه على ماهو فيه ليغلب مصلحة الوطن ووحدته على كل ما سوى ذلك، وأسال الله أن يلهم شباب مصر سبيل الرشاد.