مناظرة مع من يدعي جواز الاحتفال بالمولد النبوي
22-03-2008, 12:55 PM

الشيخ الألباني :
الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هل هو خير أم شر ؟
محاور الشيخ :
خير .
الشيخالألباني :حسناً ، هذا الخير هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابهيجهلونه ؟
محاور الشيخ :
لا .
الشيخ الألباني :
أنا لا أقنع منك الآن أن تقول لا بليجب أن تبادر وتقول : هذا مستحيل أن يخفى هذا الخير إن كان خيراً أو غيره على رسولالله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونحن لم نعرف الإسلام والإيمان إلا عن طريق محمدصلى الله عليه وسلم ؛ فكيف نعرف خيراً هو لم يعرفه ! هذا مستحيل .
محاور الشيخ :
إقامة المولد النبوي هو إحياء لذكره صلىالله عليه وسلم وفي ذلك تكريم له .
الشيخ الألباني :
هذه فلسفة نحن نعرفها ، نسمعها من كثير من الناس وقرأناها في كتبهم ؛لكن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما دعا الناس هل دعاهم إلى الإسلام كله أم دعاهمإلى التوحيد ؟
محاور الشيخ:
التوحيد .
الشيخ الألباني :
أول ما دعاهم للتوحيد ، بعدذلك فُرضت الصلوات ، بعد ذلك فُرض الصيام ، بعد ذل فُرض الحج ، وهكذا ؛ ولذلك امشِأنت على هذه السنة الشرعية خطوة خطوة .
نحن الآن اتفقنا أنه من المستحيل أنيكون عندنا خيرٌ ولا يعرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فالخير كله عرفناهمن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيهاكبشان ، وأنا أعتقد أن من شك في هذا فليس مسلماً .
ومن أحاديث رسول الله صلىالله عليه وسلم التي تؤيد هذا الكلام : 1. قوله صلى الله عليه وسلم : (( ما تركتُشيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به )) .
فإذا كان المولد خيراً وكان ممايقربنا إلى الله زُلفى فينبغي أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دلنا عليه .
صحيح أم لا ؟ أنا لا أريد منك أن توافق دون أن تقتنع بكل حرف مما أقوله ، ولككامل الحرية في أن تقول : أرجوك ، هذه النقطة ما اقتنعت بها .
فهل توقفت في شيءمما قلتهُ حتى الآن أم أنت ماشٍ معي تماماً ؟
محاور الشيخ :
معك تماماً .
الشيخ الألباني :
جزاك الله خيراً .
إذاً (( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ))
نحن نقول لجميع من يقولبجواز إقامة هذا المولد :
هذا المولد خيرٌ – في زعمكم - ؛ فإما أن يكون رسولالله صلى الله عليه وسلم قد دلنا عليه وإما أن يكون لم يدلنا عليه .
فإن قالوا : قد دلنا عليه .
قلنا لهم : ( هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْصَادِقِينَ) . ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً أبداً .
ونحن قرأنا كتابات العلوي [1] وغير العلوي في هذا الصدد وهم لايستدلون بدليل سوى أن هذه بدعة حسنة !! بدعةحسنة !!
فالجميع سواء المحتفلون بالمولد أو الذين ينكرون هذا الاحتفال متفقونعلى أن هذا المولد لم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابةالكرام ولا في عهد الأئمة الأعلام .
لكن المجيزون لهذا الاحتفال بالمولد يقولون : وماذا في المولد ؟ إنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلاة عليه ونحو ذلك .
ونحن نقول : لو كان خيراً لسبقونا إليه .
أنت تعرف حديث الرسول صلى اللهعليه وسلم (( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) وهو في الصحيحين . وقرنه صلى الله عليه وسلم هو الذي عاش فيه وأصحابه ،ثم الذين يلونهم التابعون ، ثمالذين يلونهم أتباع التابعين . وهذه أيضاً لا خلاف فيها .
فهل تتصور أن يكونهناك خير نحن نسبقهم إليه علماً وعملاً ؟ هل يمكن هذا ؟
محاور الشيخ :
منناحية العلم لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمن كان معه في زمانه إن الأرضتدور
الشيخ الألباني :
عفواً ، أرجوا عدمالحيدة ، فأنا سألتك عن شيئين علم وعمل ، والواقع أن حيدتك هذه أفادتني ، فأنا أعنيبطبيعة الحال بالعلم العلم الشرعي لا الطب مثلاً ؛ فأنا أقول إن الدكتور هنا أعلممن ابن سينا زمانه لأنه جاء بعد قرون طويلة وتجارب عديدة وعديدة جداً لكن هذا لايزكيه عند الله ولا يقدمه على القرون المشهود لها ؛ لكن يزكيه في العلم الذي يعلمه، ونحن نتكلم في العلم الشرعي بارك الله فيك . فيجب أن تنتبه لهذا ؛ فعندما أقول لك : هل تعتقد أننا يمكن أن نكون أعلم ؛ فإنما نعني بها العلم الشرعي لا العلم التجربيكالجغرافيا والفلك والكيمياء والفيزياء . وافترض مثلاُ في هذا الزمان إنسان كافربالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لكن هو أعلم الناس بعلم من هذه العلوم هل يقربهذلك إلى الله زُلفى ؟
محاور الشيخ :
لا .
الشيخ الألباني :
إذاً نحن لانتكلم الآن فيمجال ذلك العلم بل نتكلم في العلم الذي نريد أن نتقرب به إلى الله تبارك وتعالى ،وكنا قبل قليل نتكلم في الاحتفال بالمولد ؛ فيعود السؤال الآن وأرجو أن أحضىبالجواب بوضوح بدون حيدة ثانية .
فأقول هل تعتقد بما أوتيت من عقل وفهم أنهيمكننا ونحن في آخر الزمان أن نكون أعلم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين فيالعلم الشرعي وأن نكون أسرع إلى العمل بالخير والتقرب إلى الله من هؤلاء السلفالصالح ؟
محاور الشيخ :
هل تقصد بالعلم الشرعيتفسير القرآن ؟
الشيخ الألباني :
هم أعلم منابتفسير القرآن ، وهم أعلم منا بتفسير حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، هم فيالنهاية أعلم منا بشريعة الإسلام .
محاور الشيخ :
بالنسبة لتفسير القرآن ربما الآن أكثر من زمان الرسول صلى الله عليهوسلم ؛ فمثلاً الآية القرآنية ((وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَتَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُخَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)) (النمل:88) فلو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاللأحد في زمانه إن الأرض تدور هل كان سيصدقه أحد ؟! ما كان صدقه أحد .
الشيخ الألباني :
إذاً أنت تريدنا – ولا مؤاخذة – أن نسجلعليك حيدةً ثانية . يا أخي أنا أسأل عن الكل لا عن الجزء ، نحن نسأل سؤالاً عاماً :
الإسلام ككل من هو أعلم به ؟
محاور الشيخ :
طبعاُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته .
الشيخ الألباني :
هذا الذي نريده منك بارك الله فيك .
ثم التفسير الذي أنت تدندن حوله ليس له علاقة بالعمل ، له علاقة بالفكر والفهم . ثم قد تكلمنا معك حول الآية السابقة وأثبتنا لك أن الذين ينقلون الآية للاستدلالبها على أن الأرض تدور مخطؤون لأن الآية تتعلق بيوم القيامة (( يَوْمَ تُبَدَّلُالْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِالْقَهَّارِ) .
لسنا على كل حال في هذا الصدد .
وأنا أسلِّم معك جدلاً أنهقد يكون رجلاً من المتأخرين يعلم حقيقة علمية أو كونية أكثر من صحابي أو تابعي الخ؛ لكن هذا لا علاقة له بالعمل الصالح ؛ فاليوم مثلاً العلوم الفلكية ونحوها الكفارأعلم منا فيها لكن مالذي يستفيدونه من ذلك ؟ لاشيء . فنحن الآن لا نريد أن نخوض فيهذا اللاشيء ، نريد أن نتكلم في كل شيء يقربنا إلى الله زلفى ؛ فنحن الآن نريد أننتكلم في المولد النبوي الشريف .
وقد اتفقنا أنه لو كان خيراً لكان سلفناالصالح وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم به منا وأسرع إلى العمل بهمنا ؛ فهل في هذا شك ؟
محاور الشيخ :
لا ، لاشك فيه .
الشيخ الألباني :
فلا تحد عن هذا إلىأمور من العلم التجريبي لا علاقة لها بالتقرب إلى الله تعالى بعمل صالح .
الآن، هذا المولد ما كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم - باتفاق الكل – إذاً هذاالخير ماكان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمةالمجتهدين ،
كيف خفي هذا الخير عليهم ؟!
لابد أن نقول أحد شيئين :
علموا هذا الخير كما علمناه – وهم أعلم منا – ، أو لم يعلموه ؛ فكيف علمناه نحن؟!
؛ فإن قلنا : علموه ؛ - وهذا هو القول الأقرب والأفضل بالنسبة للقائلينبمشروعية الاحتفال بالمولد - فلماذا لم يعملوا به ؟! هل نحن أقرب إلى الله زلفى ؟! –
لماذا لم يُخطيء واحدٌ منهم مرة صحابي أو تابعي أو عالم منهم أو عابد منهمفيعمل بهذا الخير ؟!
هل يدخل في عقلك أن هذا الخير لا يعمل به أحدٌ أبداً ؟! وهم بالملايين ، وهم أعلم منا وأصلح منا وأقرب إلى الله زُلفى ؟!
أنت تعرف قولالرسول صلى الله عليه وسلم _ فيما أظن _ :
((
لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفسمحمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَهُ )) .
أرأيت مدى الفرق بيننا وبينهم ؟!
لأنهم جاهدوا في سبيل الله تعالى ، ومعرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتلقوا العلم منه غضاً طرياً بدون هذه الوسائطالكثيرة التي بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم ، كما أشار صلى الله عليه وسلم إلىمثل هذا المعنى في الحديث الصحيح :
((
من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياًفليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد )) يعني عبد الله بن مسعود .
"
غضاً طرياً " يعنى طازج ، جديد .
هؤلاء السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة رضي الله عنهملايمكننا أن نتصور أنهم جهلوا خيراً يُقربهم إلى الله زلفى وعرفناه نحن وإذا قلناإنهم عرفوا كما عرفنا ؛ فإننا لا نستطيع أن نتصور أبداً أنهم أهملوا هذا الخير .
لعلها وضحت لك هذه النقطة التي أُدندنُ حولها إن شاء الله ؟
محاور الشيخ :
الحمد لله .
الشيخالألباني :
جزاك الله خيراً .
هناك شيء آخر ، هناك آيات وأحاديثكثيرة تبين أن الإسلام قد كَمُلَ _ وأظن هذه حقيقة أنت متنبه لها ومؤمن بها ولا فرقبين عالم وطالب علم وعامِّي في معرفة هذه الحقيقة وهي : أن الإسلام كَمُلَ ، وأنهليس كدين اليهود والنصارى في كل يوم في تغيير وتبديل .
وأذكرك بمثل قول اللهتعالى : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْنِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً))
الآن يأتي سؤال : وهي طريقةأخرى لبيان أن الاحتفال بالمولد ليس خيراً غير الطريقة السابقة وهي أنه لو كانخيراً لسبقونا إليه وهم – أي السلف الصالح – أعلم منا وأعبد .
هذا المولدالنبوي إن كان خيراً فهو من الإسلام ؛ فنقول : هل نحن جميعاً من منكرين لإقامةالمولد ومقرِّين له هل نحن متفقون - كالاتفاق السابق أن هذا المولد ماكان في زمانالرسول صلى الله عليه وسلم – هل نحن متفقون الآن على أن هذا المولد إن كان خيراًفهو من الإسلام وإن لم يكن خيراً فليس من الإسلام ؟
ويوم أُنزلت هذه الآية : ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)) لم يكن هناك احتفال بالمولد النبوي ؛فهل يكون ديناً فيما ترى ؟
أرجو أن تكون معي صريحاً ، ولا تظن أني من المشائخالذين يُسكِّتون الطلاب ، بل عامة الناس : اسكت أنت ما تعلم أنت ما تعرف ، لا خذحريتك تماماً كأنما تتكلم مع إنسان مثلك ودونك سناً وعلماً . إذا لم تقتنع قل : لمأقتنع .
فالآن إذا كان المولد من الخير فهو من الإسلام وإذا لم يكن من الخيرفليس من الإسلام وإذا اتفقنا أن هذا الاحتفال بالمولد لم يكن حين أُنزلت الآيةالسابقة ؛ فبديهي جداً أنه ليس من الإسلام .
وأوكد هذا الذي أقوله بأحرف عنإمام دار الهجرة مالك بن أنس : قال :
"
من ابتدع في الإسلام بدعة – لاحظ يقولبدعة واحدة وليس بدعاً كثيرة – يراها حسنة فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلمخان الرسالة " .
وهذا شيء خطير جدا ً ، ما الدليل يا إمام ؟
قال الإماممالك : اقرؤا إن شئتم قول الله تعالى :
((
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْدِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَدِيناً))
فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً . انتهى كلامه .
متىقال الإمام مالك هذا الكلام ؟ في القرن الثاني من الهجرة ، أحد القرون المشهود لهابالخيرية !
فما بالك بالقرن الرابع عشر ؟!
هذا كلامٌ يُكتب بماء الذهب ؛لكننا غافلون عن كتاب الله تعالى ، وعن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنأقوال الأئمة الذين نزعم نحن أننا نقتدي بهم وهيهات هيهات ، بيننا وبينهم في القدوةبُعد المشرقين .
هذا إمام دار الهجرة يقول بلسانٍ عربيٍ مبين : "فمالم يكنيومئذٍ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً".
اليوم الاحتفال بالمولد النبوي دين ،ولولا ذلك ما قامت هذه الخصومة بين علماء يتمسكون بالسنة وعلماء يدافعون عن البدعة .
كيف يكون هذا من الدين ولم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهدالصحابة ولا في عهد التابعين ولا في عهد أتباع التابعين ؟!
الإمام مالك منأتباع التابعين ، وهو من الذين يشملهم حديث :
((
خير القرون قرني ثم الذينيلونهم ثم الذين يلونهم )) .
يقول الإمام مالك : " ما لم يكن حينئذٍ ديناً لايكون اليوم ديناً ، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها " .
بماذاصلح أولها ؟ بإحداث أمور في الدين والُتقرب إلى الله تعالى بأشياء ما تقرب بها رسولالله صلى الله عليه وسلم ؟!
والرسول صلى الله عليه وسلم هو القائل :
((
ماتركتُ شيئاً يُقربكم إلى الى الله إلى وأمرتكم به )) .
لماذا لم يأمرنا رسولالله صلى الله عليه وسلم أن نحتفل بمولده ؟! هذا سؤال وله جواب :
هناك احتفالبالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع , هذا الاحتفال المشروع كانموجوداً في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكس غير المشروع ،مع بَون شاسع بينالاحتفالين :
أول ذلك : أن الاحتفال المشروع عبادة متفق عليها بين المسلمينجميعاً .
ثانياً : أن الاحتفال المشروع يتكرر في كل أسبوع مرة واحتفالهم غيرالمشروع في السنة مرة .
هاتان فارقتان بين الاحتفالين : أن الأول عبادة ويتكررفي كل أسبوع بعكس الثاني غير المشروع فلا هو عبادة ولا يتكرر في كل أسبوع .
وأنا لا أقول كلاماً هكذا ما أنزل الله به من سلطان ، وإنما أنقل لكم حديثاً منصحيح مسلم رحمه الله تعالى عن أبي قتادة الأنصاري قال :
جاء رجل إلى النبي صلىالله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله : ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟
قال (( ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه ، وأُنزل القرآن عليَّ فيه .))
ما معنى هذا الكلام ؟
كأنه يقول : كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه ، وأنزل عليَّالوحي فيه ؟!
أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله تعالى على خلقه لي فيهوإنزاله الوحي عليَّ فيهِ .
وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء ، ولعلكمتعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين .
وجاء في بعض الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وجداليهود يصومون يوم عاشوراء ؛ فسألهم عن ذلك ؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسىوقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله ؛ فقال صلى الله عليه وسلم : (( نحن أحقبموسى منكم )) فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله تعالى :
((
شَهْرُرَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَالْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه)) .
فصار صوم عاشوراء سنة ونسخ الوجوب فيه .
الشاهد من هذا أن الرسول صلى اللهعليه وسلم شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله تعالى أن نجى موسى من فرعون ؛ فنحنأيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول اللهصلى الله عليه وسلم واليوم الذي أُوحي إليه فيه .
الآن أنا أسألك : هولاء الذينيحتفلون بالمولد الذي عرفنا أنه ليس إلى الخير بسبيل أعرف ان كثيراًمنهم يصومونيوم الاثنين كما يصومون يوم الخميس ؛ لكن تُرى أكثر المسلمين يصومون يوم الاثنين ؟
لا ، لا يصومون يوم الاثنين ، لكن أكثر المسلمين يحتفلون بالمولد النيوي في كلعام مرة ! أليس هذا قلباً للحقائق ؟!
هؤلاء يصدق عليهم قول الله تعالى لليهود :
((
أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
هذا هوالخير : صيام متفق عليه بين المسلمين جميعاً وهو صيام الاثنين ومع ذلك فجمهورالمسلمين لا يصومونه !!
نأتي لمن يصومه وهم قلة قليلة : هل يعلمون السر فيصيامه ؟ لا لا يعلمون .
فأين العلماء الذين يدافعون عن المولد لماذا لا يبينونللناس أن صيام الاثنين هو احتفال مشروع بالمولد ويحثونهم عليه بدلاً من الدفاع عنالاحتفال الذي لم يُشرع ؟!!
وصدق الله تعالى ((أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَأَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ))
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال :
((
للتتبعنَّ سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبلدخلتموه ))
وفي رواية أخرى خطيرة (( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعةالطريق لكان فيكم من يفعل ذلك )) .
فنحن اتبعنا سنن اليهود ؛ فاستبدلنا الذي هوأدنى بالذي هو خير ، كاستبدالنا المولد النبوي الذي هو كل سنة وهو لا أصل له بالذيهو خير وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السر فيذلك وهو أنك تصومه شكراً لله تعالى على أن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ،وأنزل الوحي فيه .
وأختم كلامي بذكر قوله صلى الله عليه وسلم :
((
أبى اللهأن يقبل توبة مبتدع )) .
والله تعالى يقول : ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَرِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ))
وقد جاء في صحيح مسلم أن أحدالتابعين جاء إلى السيدة عائشة
محاور الشيخ :
قراءة سيرة النبي صلى اللهعليه وسلم أليس تكريماً له ؟
الشيخ الألباني :
نعم
محاور الشيخ :
فيه ثواب هذاالخير من الله ؟
الشيخ الألباني :
كل الخير . ما تستفيد شيئاً من هذاالسؤال ؛ ولذلك أقاطعك بسؤال : هل أحد يمنعك من قراءة سيرته ؟
أنا أسألك الآنسؤالاً : إذا كان هناك عبادة مشروعة ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما وضع لهازمناً معيناً ، ولا جعل لها كيفية معينة ؛ فهل يجوز لنا أن نحدد لها من عندنا زمناًمعيناً ، أو كيفية معينة ؟ هل عندك جواب ؟
محاور الشيخ :
لا، لا جواب عندي .
الشيخ الألباني :
قال الله تعالى : ((أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَالدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ))
وكذلك يقول الله تعالى :
((
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِوَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداًلا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) التوبة:31
((
لما سمععدي بن حاتم رضي الله عنه هذه الآية – وقد كان قبل إسلامه نصرانياً – أشكلت عليهفقال: إنا لسنا نعبدهم قال: ( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرمالله، فتحلونه؟) ، فقال: بلى. قال : ( فتلك عبادتهم))).
وهذا يبيِّن خطورةالابتداع في دين الله تعالى .

مفرغ مع بعض الاختصار من أحد اشرطة سلسلةالهدى والنور للشيخ الألباني رحمه الله تعالى . رقم الشريط 94/1