إماطة الأذى عن الأمة... صدقة
25-09-2016, 10:58 PM
جُبِل المؤمن على حب الخير وفعله والسعي فيه،محبة منه لخالقه وطاعة له طمعا في رضاه والجنة،وقد جاءت مواضع كثيرة في القرآن الكريم تدعو إلى المسارعة في الخير وفعله،فنجد المؤمن يساعد أخاه ويقدم له يد العون،إن طلب ذلك وإن لم يطلب،يتحسس موطن حاجته من ضعف وعيلة وفاقة وقلة زاد أو حيلة،ويتحين في ذلك مواسم الطاعات ليزداد عطاء وقربة،فينقلب مسرورا مطمئنا ويجد أثر ذلك حلاوة في قلبه،لأنه أنفق مما رزقه الله في سبيل الله ــ ولم يتبعه بالمن والأذى ــ كما يسجي الفرح والسرور على أخيه وقد فرج عنه كربة من كرب الدنيا،وقد يتجاوز هذا العطاء الفردي إلى العطاء الجمعي،فتتحرك جمعيات خيرية لمد يد العون للمحتاجين كل حسب حاجته،فقد تكون كسوة عيد،أو أضحية،أومحفظة وكتبا،أودواء أو بيتا أو عملا...،وذلك ما يجعل حركية الخير مستمرة لا تتوقف ،وقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم " الخير في أمتي إلى يوم الدين" هذا ما جبل عليه الناس منذ أمد بعيد،وذلك دليل صحة للأمة... لكن ،هل تتوقف دعوة الله لعباده إلى فعل الخيرات على هذه الصور الجميلة والنماذج اليانعة وعلى المستوى الفردي؟،أم أنها تتعداها إلى خير يمس الأمة ككل، إلى نصرة الحق وإقامة العدل على هذه الأرض،إلى رد مظلمة المظلوم والأخذ على يد الظالم،تتعداها إلى إيقاف زحف الفساد على الحياة،" ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " نراه في كل مكان ينَّغِص علينا رَغَد العيش،يقُضُّ مضجعنا ونحن نرتعد خوفا من مجهول غدٍ قد يختطف فلذات أكبادنا ونصحو على وجودهم مرميين في مكان ما تنهشهم الكلاب وقد أغتيلت براءتهم ظلما من طرف وحوش إنسانية لم نوقف وحشيتها حين كانت شبلا في الشر،أو أن نصحو على هجرة جماعية لشبابنا على زوارق الموت قد تسعفهم لتوصلهم إلى الشط الآمن أو تنقلب بهم في عرض اليَّم فيكونوا لقمة سائغة لحيتان جائعة،فتحترق أفئدة أمهاتهم اللواتي يربين الصبر لعلهن يحظين برؤية أبنائهم وشم ريحهم ولو بعد زمن،ألا نتحرك دفاعا عن قيم وهوية تداس على مرمى أعيننا وقد تحامل عليها البعيد والقريب،العدو والصديق،من بني جلدتنا الذين أصبحوا معاول هدم لكل ما هو ثابت في شرعنا ولكل ما هو جميل في حياتنا، أحالوا واقعنا إلى جحيم كلما حاولنا تجنبه جرونا إليه جرا، هلاَّ استيقظنا من سباتنا،هلا فهمنا خطاب الله لنا،هلا فقهنا كُنْهَ وجودنا،نحن خليفة الله على هذه الأرض،لنزرعها خيرا وبِشرا،لنحيا ونعبد رب هذا البيت الذي أطعمنا من جوع وآمنا من خوف،فالنوقف زحف هؤلاء المغتالين، الذين أعادونا إلى مربع الجوع والخوف، نومونا بحبوب منع الوعي،وأحكموا الوثاق،فما عدنا نرى النور،ما عدنا نتحسس الحقيقة،لقد أسقط في أيدينا وتهنا عن جادة النهج،مآسي نحياها تؤزنا أزَّا، ولا نملك لأنفسنا نفعا،فقد ضيعنا البوصلة،فأصبح باطن الأرض أولى لنا من ظهرها،ليستر سؤاتنا،لأننا خالفنا سنن الكون " إن تنصروا الله ينصركم " ،فمتى سنميط عنا الأذى، إنه من أجَلِّ الصَدَقات، وأذى الأمة ألعن من أذى الطريق، فالأمة تئن ونحن ألْجَمَنا الوَجَل،بل ألجَمَتنا الدَعَة، وندعي أننا أتباع محمد، كلا، لسنا كذلك،فالحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ــ بريء منا،لأننا ما صُنّا الأمانة،وعشنا على هامش الحياة،فلا نحن حيينا كما أحب الله،ولا متنا كما يريد لنا الله، فلك الله أمتي.
بقلم: أ. رشيدة قادري(أم الهيثم)