تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
brakdoon
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 31-12-2006
  • المشاركات : 69
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • brakdoon is on a distinguished road
brakdoon
عضو نشيط
مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
11-12-2007, 01:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

((إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)) الأنبياء: 92

لقد انبرى بعضهم في هذا المنتدى ليبث سموم التفرقة بين أصحاب الدين الواحد و الوطن الواحد ، حيث رأيت شخصا (ظاهرة) فريدة من نوعها يدعي العلم و المعرفة بأمور الشرع ، يشارك عن طريق عملية (قص و لصق)يسمي نفسه بالأثري ، المؤكد في هذا العضو هو أنه يعرف الأهداف المرسومة جيدا ، و إني هنا في هذا الموقف أدافع عن بلدي ووحدة أبناء بلدي و أخوتهم التي باتت في خطر جراء هذا الفكر الدخيل الأمريكوسعودي.

أسألك يا من سميت نفسك الأثري ماهي علاقة الوهابيين بالحركة الصهيونية العالمية لأنني لحد الآن لم أجد تفسيرا لثلاثة مواقف اتخذوها كلها تعمل على حماية إسرائيل و كيانها الغاصب لثالث الحرمين و مسرى النبي عليه الصلاة و السلام .
الموقف الأول : إفتاؤهم بوجوب الهجرة من فلسطين .
إذ النمو الديمغرافي و تزايد عدد الفلسطينيين يرعب الصهاينة، و هم يذكرون هذا صراحة ، يتجلى ذلك في العمل في المحافل الدولية و في المفاوضات على رفض عودة اللاجئين إلى أراضيهم ، و هذه النقطة كما يعلم الجميع هي ما فجر الخلاف بين فتح و حماس.
الموقف الثاني : إفتاؤهم بعدم جواز العمليات الإستشهادية في فلسطين .
العالم كله يعلم مدى الضرر الذي لحق بالصهاينة جراء هذا الأسلوب في الكفاح و كيف قلب كفة الرعب لصالح الفلسطينيين، وكيف هاجر قطعان المستوطنين إلى خارج فلسطين و كيف توقفت هجرة اليهود إلى فلسطين.
الموقف الثالث : فتوى بعدم جواز نصرة المقاومة في لبنان .
يعلم اليهود و أنت معهم و الناس كلهم أن هذا الكيان الغاصب لم يذق هزيمة مثلما تجرعها في لبنان على يد المقاومة ، وكيف باتت الصهيونية و أمريكا في مأزق لم تر مثله ، هذا باعتراف كل العالم .
فليجبني الوهابيون و يعطوني تفسيرا واحدا علي أجده مقنعا فأستغفر الله عن سوء ظني بعلمائهم.
هذه ثلاث مواقف و إن أردت المزيد زدتك أخرى ، كلها تدل على فتاوى الخزي و العمالة للصهيونية العالمية ، و ما المواضيع التي تشارك بها أنت في هذه المنتديات لتكفير المسلمين المالكية إلا دليل على المهمة التي كلفت بها لضرب الوحدة الوطنية الجزائرية التي كانت وحدة المذهب أساس ترابطها على مر العصور ، لم يعد خافيا الدور الذي تلعبه السعودية و إسلامها في طبعته الأمريكية و الدور الذي يلعبه بيادقها المتفيهقون الذين يقبضون أجورهم عند سفريات العمرة و الحج هناك .
كفاكم لعبا بوحدتنا الوطنية يا بائعي المسك شديد الرائحة حد الغثيان ، كفاكم فتنة يا (مدرحي)عسل النحل و أنصار إرضاع الكبير ، كفاكم لعبا بالإسلام يا كهنوت يا من تشوهون صورة هذا الدين صباح مساء .
أنهي هذه الكلمات و أنا على يقين بأن صاحب الفتنة الذي يؤدي دوره بإتقان لم يعر أي اهتمام للوحدة الوطنية الجزائرية ، بل على العكس راح يخرج سواكه الطويل (الطويل جدا)و أخذ يحك نواجذه مفكرا في موضوع آخر يشغل به الناس غدا ليزيد في اتساع الهوة بين الجزائريين أصحاب الدين الواحد و الوطن الواحد .
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
11-12-2007, 01:12 PM
دفع الصائل المجادل بالباطل

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ - وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ - وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صلي الله عليه وسلم .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } [آل عمران:102].
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1].
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } [الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
أَمَّا بَعْدُ:

مقدمة مهمة

يقول الشيخ الامام سعيد رسلان

فقد قال الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري في شرح السُّنة : ( ولا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين برِّهم وفاجرهم في أمر الدين، فمن كتم فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين فقد خان الله ورسوله والمؤمنين ) هذا كلامه ، وقد أسسه على نصوص من الكتاب والسنة ، (لا يحل أن تكتم النصيحة للمسلمين برِّهم وفاجرهم في أمر الدين، فمن كتم فقد غش المسلمين، ومن غش المسلمين فقد غش الدين، ومن غش الدين فقد خان اللهَ ورسولَه والمؤمنين).

من الناس من يدعي التوسُّط بين أهل البدعة وأهل السُّنة ، فتراه يجالس الجميع ، فإذا سئل هو ومن على شاكلته قالوا: نحن نجمع ولا نفرق، وقولهم هذا هو أصل التفريق، وعين البعد عن هدي السلف الصالحين وجادتهم، ولذلك يقول شيخ الإسلام - رحمه الله - بعد أن ذكر المغالين في التكفير، قال: "وبإزاء هؤلاء المكفرين بالباطل أقوام لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب , أو يعرفون بعضه ويجهلون بعضه ، وما عرفوه منه قد لا يبينونه للناس بل يكتمونه ، ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسُّنة ، ولا يذمُّون أهل البدع ويعاقبونهم ، بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين ذماً مطلقاً ، وشعارهم في هذا الزمان: ( إن الدعوة إلى التوحيد تفرق الأمة ولا تجمعها )، قال الشيخ: "لا يفرقون بين ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وما يقوله أهل البدع والفُرقة، أو يُقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة".

هؤلاء الضلال الذين ذكرهم شيخ الإسلام - عليه الرحمة - ماذا يصنعون؟ يقِرُّون الجميع، أهل السنة وأهل البدعة على مذاهبهم المختلفة، "كما يقر العلماء في مواطن الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع ، وهذه الطريقة تغلب على كثير من المرجئة وبعض المتفقهة والمتصوفة والمتفلسفة ، كما تغلب الأولى - يعني طريقة الغلو في التكفير- على كثير من أهل الأهواء والكلام، وكلا هاتين الطريقتين منحرفة عن الكتاب والسنة".

النصيحة كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هي الدين ( الدين النصيحة )، وهذه النصيحة تكون على منهج أهل السنة وعلى طريقتهم، وعلى أثر رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، لا على حسب الهوى، ولا باجتهاد زائف، ولا بخبط العشواء لا تدري أين السبيل، وقال الشيخ - رحمه الله - أيضاً: إن أهل البدع شر من أهل المعاصي الشهوانية وذلك بالسنة والإجماع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتال الخوارج، ونهى عن قتال أئمة الجور والظلم ، وقال في الذي يشرب الخمر: ( لا تلعنوه ، فواللهِ ما علمته إلا أنه يحب الله ورسوله ) صلى الله عليه وسلم ، وهذا أخرجه البخاري في صحيحه بإسناده عن عمر -رضوان الله عليه- ، وقال صلى الله عليه وسلم في ذي الخويصرة : ( إن من ضئضئ هذا أقواماً يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية -يعني من المرمية- ) وهذا أخرجه البخاري ومسلم ، وذلك لأن أهل المعاصي ذنوبهم بعض ما نهوا عنه ، ذنوب أهل المعاصي بعض ما نهوا عنه ، من سرقة أو زنًا ، أو شرب خمر ، أو أكل مال بالباطل ، وأهل البدع ذنوبهم ترك ما أمروا به كاتباع السُّنة وجماعة المسلمين ، وشتان ما بين الأمرين .

عودٌ إلى الإمام البربهاري ـ رحمة الله عليه ـ في كتابه شرح السنة، قال رحمه الله: "فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر ، هل تكلم به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من العلماء؟ فإن وجدت فيه أثرًا عنهم فتمسك به، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيئاً فتسقط في النار" وهذا نص مما ينبغي أن يُتَحَفَّظ وأن يصير قانوناً ومنهاجاً وديدناً،" فانظر رحمك الله كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر، هل تكلم به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أحد من العلماء؟ فإن وجدت فيه أثرًا عنهم فتمسك به ، ولا تجاوزه لشيء، ولا تختر عليه شيئاً فتسقط في النار", وكلامه - رحمه الله تبارك وتعالى- داخل تحت أصل عظيم من الأصول التي يقوم عليها منهج أهل السنة السائرين على طريق السلف الصالح, والذي لا ينبغي لطالب علم سلفي أن يجهله، ألا وهو أن العدو الداخلي في الأمة أخطرُ عليها من العدو الخارجي، ودليل ذلك ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( إن الله زوى لي الأرض -أي جمع لي الأرض- فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ) ، وهو من علامات نُبُوَّته في أنه تحقق بدءاً ، وأنه أخبر به على هذه الصفة شرقاً وغرباً ، لا شمالاً وجنوباً ، والأمر كما قال -صلى الله عليه وسلم- ( فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ـ يعني الذهب والفضة أو ملك كسرى وقيصر ـ وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكهم بسَنَةٍ عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ـ أي جماعتهم أو عزهم ، وإن ربي قال لي : يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد ، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ـ أي بقحط شامل يأخذهم من أقطارهم ويُطبِقُ عليهم حتى لا يبقي منهم أحداً ، لا يكون ـ وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ) فهذه آتاها الله رب العالمين محمداً -صلى الله عليه وسلم- وأمته ، أن لا يسلط عليهم عدواً من خارجهم ، العدو الخارجي مهما بلغت قوته مدحور منكسر أمام صخرة هذه الأمة بتوحيد أبناءها لدى الطائفة المنصورة ، فإن الطائفة المنصورة لا تنطوي على شرك ، ولا تحتوي على شكٍّ ، ولا تُلِمُّ برياء ولا نفاقٍ ، وإنما محقِّقة للتوحيد على الوجه ، فعلى صخرتها تنكسر جميع القُوى ، وتتحطم موجاتها بدداً ، كما وعد الله رب العالمين محمداً - صلى الله عليه وسلم- ، وآتاه ذلك لأمته ، ( وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضكم يُهلِكُ بعضاً ، ويسبي بعضهم بعضاً ) هذا نص مسلم ـ رحمه الله ـ .
وعند أبي داود - رحمه الله - بإسناد صحيح في الحديث نفسه زيادة ، ( وإنما أخاف على أمتي الأئمةَ المضلين ) أي: الداعين إلى البدع والفسق والفجور ، فدل هذا الحديث على أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يتخوف على أمته من العدو الخارجي الظاهر في كفره كاليهود والصليبيين؛ لأن الله قد قضى قضاءً لا يُرَدَُ، أنه لا يسلطهم علينا إلا إذا نحن فتحنا لهم الباب ومهدنا لهم السبيل، وإنما الشر والبلاء يأتي من العدو الداخلي، وهم الأئمة المضلون، ودُعاةُ البدع والشبهات، وحينئذ تنحرف الأمة، حتى تصير فرقاً وجماعات، ومِزَقاً تتبدد بدداً، فيتقاتلون يسبي بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم بعضاً ومن عجب أن القاتل لا يدري فيما قتل، ولا المقتول – أيضاً - يدري فيما قُتِلَ.
قال ابن القيم -عليه الرحمة- : قال تعالى : { وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } [ النساء : 141] ، قيل : بالحجة والبرهان ، فإن حجتهم - أي: حجة الكافرين - داحضة عند ربهم، وقيل: هذا في الآخرة، أما الدنيا فقد يتسلطون عليهم بالضرر لهم والأذى، وقيل: لا يجعل لهم عليهم سبيلاً مستقرًا، بل وإن نُصروا عليهم في وقت فإن الدائرة تكون عليهم ويستقرُّ النصر لأتباع الرُّسل ، وقيل: بل الآية على ظاهرها وعمومها ولا إشكال فيها بحمد الله { وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } [ النساء : 141]، فإن الله سبحانه ضمن أن لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً, فحيث كانت سبيل ما عليهم، أي على المؤمنين من الكافرين، فهم - يعني المؤمنين - الذين جعلوها بتسبُّبِهم - ترك بعض ما أمروا به أو ارتكاب بعض ما نهوا عنه -, فهم جعلوا لهم السبيل عليهم بخروجهم عن طاعة الله وطاعة رسول الله ، وذلك فيما أوجب الله تبارك وتعالى به تسلُّط عدوهم عليهم من هذه الثُّغرة التي أخلَوها ، ومعلوم أن كل مسلم على ثُغرة من ثُغور المسلمين فليحذر أن يؤتى المسلمون من قِبَلِه، كلكم على ثُغرٍ من ثغور المسلمين فحذارِ أن يؤتى المسلمون من قبلكم.

يقول -رحمه الله -: النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما أخلى أصحابه يوم أحد الثغرة التي أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بلزومها وحفظها، وجد العدو حينئذ طريقاً عليهم منها فدخل، فلا يكون ذلك إلا بما فرَّطَ المسلمون فيه من طاعة الله وطاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، فإذا كانت البدع باتفاق المسلمين وإجماع أهل العلم أخطرَ من المعاصي فلابد لأهل العقيدة السليمة الصافية من كل شائبة من كشف زيوف المبتدعة والحركيين والفكريين والعلمانيين , وحِراسة الصف من الداخل كحراسته من العدو الخارجي سواءً بسواء.
وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- : "المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى ، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة، لكنَّ ذلك يُوجبُ من النظافة والنعومة، ويوجب منهما ما نحمد الله - تبارك وتعالى - معه على ذلك التخشين" ، يعني في غسل اليدين إحداهما للأخرى، فواجبٌ على أهل العلم القيام بالذبِّ والدفاع عن حق الله وحق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والتيقُّظ لتلك الأقلام والأبواق, كلٌ بحسب علمه وطاقته، فالمسئولية عامة ومشتركة،
- وهذه أمثلة من أقوال أهل العلم في بيان خطورة العدو الداخلي خصوصاً من كان من أهل البدع:
- قال ابن الجوزي - رحمه الله - فيما يرويه عن أبي الوفاء علي بن عقيل الفقيه -رحمه الله- قال : قال شيخنا أبو الفضل الهمداني : "مبتدعة الإسلام أشد من الملحدين" ، مبتدعة الإسلام وأصحاب البدع والانحراف عن النهج السوي الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- ، هؤلاء أشد من الملحدين ، "لأن الملحدين قصدوا إفساد الدين من خارج ، وهؤلاء قصدوا إفساد الدين من الداخل ، فهم كأهل بلد سعوا في إفساد أحواله ، والملحدون كالحاضرين من خارج عدواً ظاهراً ، فالدُّخَلاءُ -يعني أهل البدع- كأولئك الذين يكونون بداخل الحصن يفتحون الحصن فهو شر على الإسلام من غير المُلابس له ، وشر هؤلاء ظاهر ، وأما شر المنتسبين إلى دين الله رب العالمين والداعين بزعمهم إلى صراط الله المستقيم شرهم أعظم وأكبر على جماعة المسلمين من أولئك الذين يحاولون صدع الدين وإزالة شوكة المسلمين ، فالعدو الظاهر أقل خطراً من العدو الداخلي الباطن".
- وقال شيخ الإسلام - عليه الرحمة - في سياق كلامه عن الخوارج : "وأنَّ الصحابة لم يكفروهم، ومازالت سيرة المسلمين على هذا، وما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق - رضي الله عنه - هذا مع أمر سول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة، وما ورد أنهم شر قتلى تحت أديم السماء، وخير قتيل من قتلوه، كما في الحديث الذي رواه أبو أمامة -رضوان الله عليه- عند الترمذي وغيره.
أي أنهم شر على المسلمين من غيرهم، فإنهم لم يكن أحد شراً على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى"، هؤلاء الخوارج كما يقول شيخ الإسلام وقد حارب جميع من ذكر ، حاربهم بسيفه ، وحاربهم ببنانه ، وحاربهم بلسانه ، يقول : "فإنهم -يعني الخوارج- لم يكن أحد شر على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى ، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم وقتل أولادهم , مكفرين لهم ، وكانوا متدينين يتقربون إلى الله رب العالمين بذلك ، وذلك لعظم جهلهم ولبدعتهم المضلة ، فهؤلاء كانوا أخطر وأشد شراً على المسلمين من العدو الخارجي الظاهر، وقد حذرت الشريعة من قراءة كتب المغضوب عليهم وأهل البدع، لأنها بمثابة السَّم في الدسم، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه ـ أي: أخذه ـ من بعض أهل الكتاب ، فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : "أمُتَهَوِّكُون فيها يا ابن الخطاب ؟ ـ يعني أمتحيرون أنتم فيما أتيتكم به ؟ ـ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها نقية ، لا تسألوهم ـ يعني: أهل الكتاب ـ عن شيء فيخبروكم بحق فتكذِّبوا به ، أو بباطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو كان موسى ـ عليه السلام ـ حياً ما وسعه إلا أن يتبعني" ، صلى الله عليه وسلم ، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده ، فإذا كان الناظر للاستفادة في كتب أهل الكتاب السماوية المنسوخة محرماً ، فتحريم النظر في كتب أهل البدعة والضلال والكفر وغيرهم أشد حرمة
- قال الذهبي في ((الميزان)) في ترجمة محمد بن عمر الزمخشري ، ومعلوم أنه كان معتزلياً كبيراً جلداً في الاعتزال حتى إنه كان إذا استأذن فقيل: من؟ قال: جار الله المعتزلي ، قال عنه الذهبي -رحمه الله- في ميزان الاعتدال : صالح لكنه داعية إلى الاعتزال أجارنا الله فكن حَذِراً من كشَّافه -يعني من تفسيره-،
قال الحافظ ابن حجر بعدما نقل كلام الذهبي : قال الإمام أبو محمد بن أبي جمرة في شرح البخاري له لما ذكر قوماً من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال :"ومنهم من يرى مطالعة كتاب الزمخشري ويؤثره على غيره من كتب السادة كابن عطية ويسمي كتابه الكشاف تعظيماً له" ، قال : "والناظر في الكشاف إن كان عارفاً بدسائسه فلا يحل له أن ينظر فيه لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه حينئذ تلك الدسائس وهو لا يشعر ، أو يحمل الجهَُّال بنظره فيه على تعظيمه عندما يرونه ذاكراً له مطالعاً فيه فيحمل هذا النظر وتلك المطالعة أهلَ الجهل الذين يرونه ويعلمون خبره على النظر في ذلك الكتاب ، وأيضاً هو يقدم مرجوحاً على راجح في مقالته وحاله ، وهذا بضد عمل أهل العقل السوي ، وإن كان غير عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائس تسبق إليه وهو لا يشعر فيصير معتزلياً مرجئياً ، والله تبارك وتعالى الموفق" ، ذكر ذلك أبن حجر في لسان الميزان ، وكان الزمخشري قد أدخل مسائل الاعتزال في ثنايا كلامه حتى إن أهل السنة يقول مُقَدَّمٌ من مقدَّميهم : ما استخرجت الاعتزال من كتاب الكشاف إلا بالمناقيش ، والمناقيش جمع منقاش وهو الملقاط المعروف الذي تُستخرج به تلك الأشياء التي تصيب الجلد من شوك وغيره فيكون ذلك بنوع تعب ومزاولة معاناة .

النصيحة واجبة، أوجبها الله رب العالمين وأوجبها رسوله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -، ومما يَصُدُّ عن قبولها ذلك التعصب الأعمى، ونحن لا ننفي التعصب مطلقاً، فلابد من تعصب لدين الله رب العالمين، ولكن كن متعصباً لدين الله تعصباً مبصراً، ولا تكن متعصباً تعصباً أعمى، وكن متعصباً للحق تعصباً مبصراً، ولا تتعصب للباطل تعصباً أعمى، فإن أكثر الخلق إنما يتعصبون التعصب الأعمى، وهو تعصُّب لا بصر معه ولا فكر فيه فتنغلق العقول، وحينئذ لا ينفذ إليها شيء من شعاع الحق الذي يذيب الثلوج التي تترهل هنالك بين التلافيف، على المرء أن يكون متعصباً تعصباً مبصراً، وأن لا يحرَن, فإن تلك الحرونة إنما هي من فعل البغال لا من فعل الراشدين ، فعلى المرء أن يتأمل فيما يلقى إليه ، وبخاصة إذا أتاه من أهل زمانه، وعليه أن يُرجِعَ ما يأتي به أهل زمانه إلى ما كن عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان من أهل العلم ، فإن وجد فذلك وإلا فليضرب عنه صفحاً وليطوي عنه كشحاً، وليجعله دبر الآذان وتحت مواطئ الأقدام ولا يبالي فلا خير فيه ، ومعلوم أن التعصب أفسد الكثير على هذه الأمة، لا في الأصول وحدها وإنما في الفروع أيضاً.

يقول العلامة بكر بن عبد الله ابو زيد

إن القيم , والأقدار , وآثارها الحسان , الممتدة على مسارب الزمن لا تقوم بالجاه , والمنصب , والمال , والشهرة , وكيل المدائح , والألقاب , وإنما قوامها وتقويمها بالفضل , والجهاد , وربط العلم بالعمل , مع نبل نفس , وأدب جم , وحسن سمت , فهذه , وأمثالها هي التي توزن بها الرجال والأعمال .
وإلى هذا الطراز المبارك تشخص أبصار العالم , ولكل نبأ مستقر .

ويقول ايضا

لهذا كله , صار من الواجب على إخوانهم , الذب عن حرماتهم وأعراضهم بكلمات تجلو صدأ ما ألصقه (المنشقون) بهم من الثرثرة , وتكتم صدى صياحهم في وجه الحق .
وإيضاح السبيل الآمن الرشد , العدل الوسط .
فالآن علينا البيان بألفاظ مقدودة على قدودها بلا طول , ولا قصر , وعلينا وعليك الإنصاف بلا وكس ولا شطط .
فها أنا أقول عن هذه الظاهرة (( تصنيف الناس )) في واقعها, وطرقها, ودوافعها, وآثارها, وسبل علاجها, والقضاء عليها بما لاح لي :

إن كشف الأهواء , والبدع المضلة , ونقد المقالات المخالفة للكتاب , والسنة , وتعرية الدعاة إليها , وهجرهم وتحذير الناس منهم , وإقصائهم , والبراءة من فعلاتهم , سنة ماضية في تاريخ المسلمين في إطار أهل السنة , معتمدين شرطي النقد : العلم , وسلامة القصد .

العلم بثبوت البينة الشرعية , والأدلة اليقينية على المدعى به في مواجهة أهل الهوى والبدعة , ودعاة الضلالة والفتنة , وإلا كان الناقد ممن يقفو ما ليس له به علم . وهذا عين البهت والإثم .
* - ولأئمة المسلمين ,ويرون بالاتفاق أن هذا الواجب من تمام النصح لله ولرسوله - وعامتهم . وهذا شرط القصد لوجه الله تعالى , وغلا كان الناقد بمنزلة من يقاتل حمية ورياء . وهو من مدرك الشرك في القصد .
وهذا من الوضوح بمكان مكين لمن نظر في نصوص الوحيين الشريفين , وسبر الأئمة الهداة في العلم والدين .

ويقول ايضا

قال الدورقي – رحمه الله تعالى -:

" من سمعته يذكر أحمد بن حنبل بسوء فاتهمه على الإسلام " .
وقالها أحمد – رحمه الله تعالى – في حق يحيى بن معين ، وقيلت في حق أبي زرعة ، وعكرمة – رحم الله الجميع - .
" قال سفيان بن وكيع : أحمد عندنا محنة ، من عاب أحمد فهو عندنا فاسق " .
وقال غيره : " احمد محنة به يعرف المسلم من الزنديق " .
وقيل فيه :
أضحى ابن حنبل محنة مأمونة
وبحب أحمد يعرف المتنسك
وإذا رأيت لأحمد متنقصا
فاعلم بأن ستوره ستهتك

فأهل السنة يمتحن بمحبتهم فيتميز أهل السنة بحبهم ؛ وأهل البدعة ببغضهم :

وقال الحافظ ابن عساكر – رحمه الله تعالى - :

" واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته ، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته ، أن لحوم العلماء – رحمة الله عليهم – مسمومة ، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة ؛ لأن الوقعية فيهم مرتع وخيم ، والاختلاف على من اختاره الله منهم لنعش العلم خلق ذميم …." .

ومازالت ثائرة أهل الأهواء ، توظف هذه المكيدة في ثلب علماء الأمة . فقد لجوا في الحط على شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – لأنه عمدة في القرون المتأخرة لإحياء منهج السلف .
ونشروا في العالم التشنيع على دعوة علماء السلف في قلب الجزيرة العربية بالرجوع إلى الوحيين الشريفين ، ونبزهم بشتى الألقاب للتنفير .


.................................................. ............ يتبع ان شاء الله
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 11-12-2007 الساعة 08:31 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
11-12-2007, 01:18 PM
دفع الصائل المجادل بالباطل.

الشيخ رشيد رضا - عفا الله عنه - يقول في كتابه عن الوحدة الإسلامية والأخوة الدينية: " وقد وقع من الفتن بين المختلفين في الأصول والفروع ما سَوَّدَ صحف التاريخ على أن الخلاف في الفروع أهون وأقل شراً وقد ضعف في هذا الزمان بضعف أسبابه في أكثر البلاد - يعني التعصب للفروع المذهبية العملية الفقهية بين أهل المذاهب المختلفة-.
قال: ولكننا ما نزال نسمع بمنكرات قبيحة منه في أخرى، من ذلك أن بعض الحنفية من الأفغانيين سمع رجلاً يقرأ الفاتحة وهو بجانبه في الصف فضربه بمجموع يده في صدره ضربة وقع بها على ظهره فكاد يموت.
قال : وبلغني أن بعضهم كسر سبابة مصلٍ لرفعه إياها في التشهد وهو يصلي ، فلما رأى من بجواره يرفع السبابة مشيراً بها حنى عليه فنهشها فكسرها كسراً وربما قضمها بأسنانه قضماً.

قال : وقد بلغ من إيذاء بعض المتعصبين لبعضٍ في طرابلس الشام في آخر القرن التاسع عشر أن ذهب بعض شيوخ الشافعية إلى المفتي وهو رئيس الفقهاء وقال له : اقسم المساجد بيننا وبين الحنفية ، فإن فلاناً من فقهائهم يعدُّونا من أهل الذمة بما أذاع في هذه الأيام من خلافهم في تزوج الحنفية بالشافعي ، وقول بعضهم لا يصح لأنها تشك في إيمانها ، لأن الشافعية يقولون بجواز الاستثناء في الإيمان ، يعني أن تقول ( أنا مؤمن إن شاء الله ) ، وأما الحنفية فيقولون : من استثنى في الإيمان فقد شك في إيمانه ، حتى لربما أخرجوه من الإطار ، وحينئذ ، فالشافعية التي تجوِّز الاستثناء في الإيمان لا يجوز للحنفي أن يتزوجها قولاً واحداً ، حتى ظهر فيهم فقيه لقب نفسه بمفتي الثقلين ، يعني هو مفتي الإنس والجن معاً ، فقال : أنزلوهن منزلة أهل الكتاب ، يعني أنزلوا الشافعيات اللواتي يرين الاستثناء في الإيمان ، تقول الواحدة منهن : ( أنا مؤمنة إن شاء الله ) نزِّلوهن منزلة أهل الكتاب ، عاملوهن كما تعاملون أهل الذمة ، فلما أشاعوا تلك المقالة في طرابلس الشام أوذي الشافعية بسببها إيذاءً عظيماً حتى ذهب فقهائهم إلى رئيس العلماء والفقهاء فقالوا اقسم المساجد بيننا وبين الحنفية قسمين , لأنهم قد أذاعوا تلك المقالة ووقع إيذاء شديد ، فأين هذا التعصب والإيذاء والتفريق بين المسلمين بالآراء الاجتهادية من تسامح السلف الصالح وأخذهم بما أراده الرحمن من اليسر في الشرع وانتفاء الحرج فيه , واتقائهم التفريق بين المسلمين بظنون اجتهادية رجَّح بها كل ناظر ما رآه أقرب إلى النصوص أو إلى حكمة الشارع الحكيم . انتهى كلام الشيخ رشيد -عفا الله عنه-.
وهي دمعة ما تزال حارة ساخنة ثخينة ، لأن التعصب ما زال يستشري في الأمة كالنار في الهشيم ويمشي فيها كالسكين في قطعة الزبد بلا فارق يذكر أو يكون , فهذا مثال على ذلك التعصب الذي ذكره الشيخ رشيد -عفا الله عنه-، وخذ إليك مثالاً:



يقول المسكين
لقد انبرى بعضهم في هذا المنتدى ليبث سموم التفرقة بين أصحاب الدين الواحد و الوطن الواحد ،
ولسان حاله يقول
فاني وان كنت الاخير زمانه *******لات بما لم تستطعه الاوائل

وهنا يحق لنا التساؤل ونحن من اصحاب هذا الدين الواحد والوطن الواحد ماهي السموم التي انبرى كما يقول المسكين بعضهم لبثها بيننا

اهي ادعاء هذا الشخص الموسوم بالظاهرة للعلم كما في قول صاحب المقال
حيث رأيت شخصا (ظاهرة) فريدة من نوعها يدعي العلم و المعرفة بأمور الشرع

ام لمشاركته في العملية الخطيرة القص واللصق كما في قوله
،
يشارك عن طريق عملية (قص و لصق)يسمي نفسه بالأثري


ليخلص في الختام الى اكتشاف السر الخطير المؤكد في هذا العضو هو أنه يعرف الأهداف المرسومة جيدا

ثم وفي مشهد درامي رائع يركب المسكين حماره ويحمل سيفه الخشبي ويهاجم عدوه الموهوم فيصطدم بالجدار ويقع من على سريره سرير الاوهام الى ادنى مصح على قارعة الطريق

و إني هنا في هذا الموقف أدافع عن بلدي ووحدة أبناء بلدي و أخوتهم التي باتت في خطر جراء هذا الفكر الدخيل الأمريكوسعودي.

اما عن غمزه لعلماء الدعوة السلفية الاثريين اهل السنة والجماعة فاقول


إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، والله ما كنت أظن أن ينحدر إلى هذا الدرك.
فأين أنتِ يا حُمرة الخجل؟!


زعم الفرزدق ان سيقتل مربعا **** ابشر بطول سلامة ًيا مربعُ

وسنقف مع صاحبنا (الفرزدق) وقفات في ثلاث حلقات بعدد وقفاته

......................................... يتبع ان شاء الله
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
11-12-2007, 01:27 PM
دفع الصائل المجادل بالباطل
(تتمة الكلام)

الحلقة الاولى والموقف الاول

الموقف الأول : إفتاؤهم بوجوب الهجرة من فلسطين .

والرد سيكون من وجهين احدهما مجمل والاخر مفصل فنقول

1- الرد المجمل

ان اي منصف مطلع على حقائق الامور يعلم ان السلفيين من اشد الناس دفاعا عن قضية فلسطين وما جهاد العلامة القسام شيخ السلفيين بالشام عنا ببعيد وان ابى (الفرزدق) الا ان ناتيه باسماء لسلفيين جزائريين فاني اهديه هذا الخطاب للعلامة الابراهيمي وخشية الاطالة سنكتفي بهذا الخطاب لدحظ ما تعلق به من وهن كوهن بيت العنكبوت
* قال محمد البشير الإبراهيمي -رحمه اللّه-:
« إن فلسطين وديعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم عندنا، وأمانة عمر في ذمتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا، فلئن أخذها اليهود منا ونحن عصبة إنّا إذاً لخاسرون»( ).
* وقال -أيضاً-:
« أيها العرب! إن قضية فلسطين محنة، امتحن اللّه بها ضمائركم وهممكم وأموالكم ووحدتكم، وليست فلسطين لعرب فلسطين وحدهم، وإنما هي للعرب كلهم، وليست حقوق العرب فيها تنال بأنها حق في نفسها، وليست تنال بالهوينا والضعف، وليست تنال بالشعريات والخطابيّات، وإنما تنال بالتصميم والحزم والاتحاد والقوة.
إن الصهيونية وأنصارَها مصممون، فقابلوا التصميم بتصميم أقوى منه، وقابلوا الاتحاد باتحاد أمتن به.
وكونوا حائطاً لا صدع فيه
وصفّاً لا يُرقَّعُ بالكسالى»( )
* وقال -أيضاً-:
« يا بخس فلسطين!... أيبيعها من لا يملكها، ويشتريها مَن لا يستحقها...؟ يا هوان فلسطين!... يقولون: إن فلسطين منسك للأديان السماوية الثلاثة، وإنها قبلة لأهل تلك الأديان جميعاً، فإن كان ما يقولون حقاً -وهو حق في ذاته- فإن أحق الناس بالائتمان عليها العرب؛ لأنهم مسلمون، والإسلام يوجب احترام الكتب والكتابيين، ويوجب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، ويضمن إقامة الشعائر لليهود والمسيحيين، لا اليهود الذين كذّبوا الأنبياء وقتلوهم، وصلبوا -بزعمهم- المسيح الصادق، وشرّدوا حواريِّيه من فلسطين، وكفروا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد ما جاءهم بالبينات»( ).
* وقال -أيضاً-
« وواللّه -يميناً برَّة- لو أن القوى -روحيَّها وماديَّها- انطلقتْ من عُقُلها وتظافرت، وتوافتْ على فلسطين وتوافرت، لدفنت صهيون ومطامعه وأحلامَه إلى الأبد، ولأزعجتْ أنصارَه المصوتين إزعاجاً يطيّر صوابَهم، ويُحبط ثوابهم، ويطيل حماتهم، ويكبت أصواتهم، ولأحدثت في(العالم الغربي) تفسيراً جديداً لكلمة (عربي)»( ).
* وقال -أيضاً-:
« هل من الصحيح أن التفجيع والتوجّعَ والتظلّم والتألّم والأقوال تتعالى، والاحتجاجات تتوالى، هي كل ما لفلسطين علينا من حقّ؟ وهل من المعقول أن التفجّع وما عطف عليه -مجتمعات في زَمن، مقترِنات في قرن- تنفع حيفاً، أو تفلّ لظلم سيفاً، أو ترُدّ عادية عاد، أو تسفّه حلم صهيون في أرض الميعاد؟! لا... والذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى»( ).
* وقال -أيضاً-:
« إن الواجب على العرب لفلسطين يتألّف من جزأين: المال والرجال، وإن حظوظهم من هذا الواجب متفاوتة بتفاوتهم في القرب والبعد، ودرجات الإمكان وحدود الاستطاعة ووجود المقتضيات وانتفاء الموانع، وإن الذي يستطيعه الشرق العربي هو الواجب كاملاً بجزأيْه؛ لقرب الصريخ، وتيسُّر الإمداد، فبين فلسطين ومصر غلوة رام، وبينها وبين أجزاء الجزيرة خطوط وهمية خطَّتها يدُ الاستعمار، وإذا لم تمحُها الجامعة فليس للجامعة معنى؟ وإذا لم تهتبلْ لمحوها هنا اليوم فيوشك أن لا يجود الزمان عليها بيوم مثله»( ).
الواجب الشرعي مع يهود الجهاد في سبيل اللّه( ) -تعالى-، وما عداه من حلول (احتجاجات، مظاهرات،...) طرق غير شرعية، لا تنكأ عدواً، ولا تسرُّ صديقاً.
وان استزادنا (الفرزدق) زدناه

2 -الرد المفصل

اما الرد المفصل فسنسوق كلام العلامة أبي عبيدة مشهُور بن حسن آل سلمان حفظه الله تعالى في كتابه الماتع -السلفيون وقضـية فلسطين- بتمامه

يقول حفظه اله تعالى وتحت عنوان

استطراد له صلة بإخراج أهل فلسطين، وفتوى الشيخ الألباني في ذلك

أذكر هنا إفاضة وإضافة لها صلة بـ(السلفيين وقضية فلسطين)، وهي فتوى دندن حولها كثير من الشانئين، وأوقعت بعض المحبين في حيرة، وهي فتوى لشيخنا محدث العصر الألباني -رحمه اللّه تعالى- حول قضية خروج أهل فلسطين منها!
فقد ضمّ الشيخ -رحمه اللّه وآخر مثله في السِّنّ -لا في العلم- مجلس، وسأل المسنُّ القادمُ من فلسطين الشيخَ -رحمه اللّه- عن مسائل، وقع ضمنها توجّع وشكاية وتألم من حال المسلمين الساكنين في فلسطين، فأفتى الشيخ
- كعادته وبصراحته وجرأته فيما يعتقد- أن مكة خير من فلسطين، وأن النبي r لما لم يستطع إقامة الدين فيها هاجر منها، فعلى كل مسلم لا يستطيع أن يقيم دينه في أي بقعة أن يتركها وينتقل إلى بلدة يستطيع فيها ذلك، فكان ماذا؟ وقعت هذه الفتوى لبعض (الأشاعرة) (الصوفيين) في بلادنا، وأخذ يدندن فيها، متهماً الشيخ بأنه (يهودي)! مستدلاً بكلامه هذا! وأثارت (الصحف) و(الجرائد) هذه القضية، وكتب فيها العالم والجاهل، والسفيه والحقير والوضيع، وصرح بعضهم أنه لا يبغض (الألباني) ولا يعاديه! وإنما يعمل على محاربة (منهجه) فحسب! اللهم يا مقلب (العقول) ثبت (عقلي) على دينك وسنة نبيك r.
ويا ليت هؤلاء تكلموا بأدلة، أو بلُغَة أهل العلم، وإنما بلغة (الجرائد)( [1]): السباب، وعرض (العضلات)، وعدم التعرض للمسألة: بتأصيل أو تكييف أو تدليل أو تأريخ، وإنما لامست شيئاً في نفوسهم من نفور أو (حسد) أو (حقد)، ففرَّغوا ما فيها، فارتاحوا وانتعشوا، وظنوا أنهم نهوا وأمروا! وفازوا وظفروا! حقاً؛ إنها -أي: المقالات- مكتوبة بلغة، لا يربأ صاحب القلم الحر العلمي إلا السكوت عنها، أو القول: لا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم.
ومع ذلك؛ فقد تصدّى أخونا الشيخ حسين العوايشة لما شاع وذاع، وأخذ في التنقيب والبحث، وجمع ما ورد في مسألة (الهجرة) من آثار، وكلام للعلماء الربانيين، فخرجت معه دراسته المنشورة المعنونة بـ«الفصل المبين في مسألة الهجرة ومفارقة المشركين»، وإنما هو في الحقيقة في سلسلة للعلماء -على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأعصارهم وأمصارهم- قد نصوا على ذلك، فها هو شيخنا حماد بن محمد الأنصاري، له كتاب مطبوع بعنوان «إعلام الزمرة بأحكام الهجرة»، في فتاوى كثيرة، تطلب من مظانها( [2])، وأكتفي بنقل( [3]) فتوى توافق مشرب المشغّب الذي عامله اللّه بما استحق، من إطفاء نجمه، وأُفول ظله، وطمس صوته، وهي (فتوى ابن عربي( [4]) الصوفي الحاتمي الطائي)، قال ما نصه:
«وعليك بالهجرة ولا تقم بين أظهر الكفار، فإن في ذلك إهانة دين الإسلام، وإعلاء كلمة الكفر على كلمة اللّه، فإن اللّه ما أمر بالقتال إلا لتكون كلمة اللّه هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وإياك والإقامة أو الدخول تحت ذمة كافر ما استطعت، واعلم أن المقيم بين أظهُرِ الكفار -مع تمنكه من الخروج من بين ظهرانيهم- لا حظ له في الإسلام(!!)، فإن النبي s قد تبرأ منه، ولا يتبرأ رسول اللّه r من مسلم، وقد ثبت عنه أنه s قال: «أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين»، فما اعتبر له كلمة الإسلام، وقال اللّه -تعالى- فيمن مات وهو بين أظهر المشركين: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً}( [5]) [النساء: 97]، فلهذا حجرنا في هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والإقامة فيه؛ لكونه بيد الكفار، فالولاية لهم والتحكم في المسلمين، والمسلمون معهم على أسوأ حال -نعوذ باللّه من تحكم الأهواء-، فالزائرون اليوم البيت المُقدَّس، والمقيمون فيه من المسلمين، هم الذين قال اللّه فيهم: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104]، وكذلك فلتهاجر عن كل خلق مذموم شرعاً قد ذمه الحقُّ في كتابه، أو على لسان رسول اللّه r ».
وأخيراً؛ نحيل على دراسات مفردة لمن رام الاستزادة في هذا الموضوع، وهي مهمة:
الأولى: لمصطفى بن رمضان البولاقي (ت 1263هـ - 1847م): «رسالة فيما إذا كان يحل للمسلمين العيش تحت حكم غير المسلمين والتعايش معهم».
الثانية: لعلي الرسولي رسالة في الموضوع نفسه، وبالعنوان السابق، وهي والتي قبلها ضمن مجموع منسوخ في القرن (13هـ/19م) في جامعة ييل بأمريكا، تحت رقم [405 - L (970)]. انظر «المخطوطات العربية في مكتبة جامعة ييل» (106).
الثالثة: لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي (ت 914هـ - 1508م): «أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر، وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر»، نشرت بتمامها في «المعيار المعرب» (2/119-141)، ونشرها -قديماً- حسين مؤنس في صحيفة «معهد الدراسات الإسلامية في مدريد» (المجلد 5)، سنة 1975م، (ص129-182)، وأعاد نشرها المحقق نفسه في مجلة «معهد المخطوطات العربية» (مجلد 5/الجزء 1/ ذو القعدة/1959) (ص 147-184)، ثم ظهرت عن دار البيارق في طبعة رديئة! غير مقابلة على نسخ خطية، ومنها نسخة في شنقيط [370 أ ش] في (17 ورقة)، كما في «فهرس مكتبة شنقيط وودان» (160)، وأخرى في مكتبة قاريونس، تحت رقم (845)، كما في «فهارس مكتبة جامعتها» (2/31).
الرابعة: «بيان وجوب الهجرة وتحريم موالاة الكفرة ووجوب موالاة مؤمني الأمة» لعثمان بن محمد بن فودي، منه ثلاث نسخ في نيجيريا في جامعة أحمد وبلو، بأرقام [1/127P . و6/8P . و43/7 K .]، ورابعة في قاريونس/ ليبيا في (77 ورقة)، تحت رقم (1917)، كما في «فهرس مكتبة جامعة قاريونس» (2/27).
الخامسة: «سفر المسلمين إلى بلاد النصارى»، منه نسخة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، ضمن مجموع [163] في (7) ورقات.
السادسة: «الشمس المنيرة الزهرا في تحقيق الكلام فيما أدخله الكفار دارهم قهرا» للحسين بن ناصر المهلاّ، منه نسخة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، تحت رقم (1471) في (21) ورقة.
في رسائل لآخرين، وقد نوهنا -قريباً- أن غير واحد من المعاصرين ألَّف في هذا الباب.
r تحرير فتوى الشيخ الألباني -رحمه اللّه تعالى-
نرتب فتوى الشيخ -رحمه اللّه- بأجزائها المتفرقة المؤتلفة في نقاط واحدة محددة( [6]):
- الهجرة والجهاد ماضيان إلى يوم القيامة.
- ليست الفُتيا مُوَجَّهةً إلى بلدٍ بعينِه، أو شَعْبٍ بذاتِه.
- وقد هاجر أشرف إنسان وأعظمه محمدٌ -عليه الصلاة والسلام-، من أشرف بُقعة وأعظمها؛ مكَّةَ المكرمة، وكلُّ إنسان -منذ خلق الناس وإلى الساعة- دون محمد -عليه الصلاة والسلام- منزلةً، وكل بقاع الأرض دونها شرفاً وقُدسيّةً.
- وتجب الهجرة حين لا يجد المسلمُ مُستَقَرّاً لدينه في أرض هو فيها امتُحن في دينه، فلم يعد في وُسعه إظهارُ ما كلَّفه اللّهُ به من أحكام شرعيّةٍ، خَشْيَةَ أن يُفتَنَ في نفسه من بلاء يقع عليه، أو مسِّ أذى يُصيبُه في بدنه فينقلب على عَقِبَيه.
وهذه النقطة هي مناطُ الحُكم في فتوى الشيخ، والمُرتَكزُ الأساسُ فيها
- لو كانوا يعقلون!- وبها يرتبطُ الحُكمُ وجوداً ونفياً.
ولكن -وللأسف الشديد- قد غيَّبَ ذلك وأخفاهُ وكَتَمَهُ الناقِدون الحاقِدون الحاطِبون في مُحاضراتهم و(ملاحِمِهم) المنبريَّة الانتخابية!!
قال الإمامُ النَّووي في « روضة الطالبين» (10/282):
«المسلم إذا كان ضعيفاً في دار الكُفر، لا يقدرُ على إظهار الدين حَرُمَ عليه الإقامةُ هناك، وتجبُ عليه الهجرةُ إلى دار الإسلام...».
- وحين يجدُ المسلمُ موضعاً -داخل القطر الذي يعيش فيه- يأمنُ فيه على نفسه ودينِه وأهلِه، ويَنْأَى فيه عن الفِتنة التي حلَّت به في مدينته أو في قريته، فعليه -إن استطاع- أن يُهاجرَ إلى ذلك المكان داخلَ قُطره نفسِه، وهذا أَوْلى -ولا شك- مِن أن يُهاجِرَ إلى خارج قُطرِه، إذ يكون أقربَ إلى بلده لِيُسرعَ بالرجوع إليه بعد زوال السببِ الذي من أجله هاجر.
وهذه نقطة أخرى -أيضاً- قد غيَّبها أولئك (القوم) الذين لم يَرْقبُوا في الشَّيخ، والعلمِ، والنّاسِ، إلاًّ ولا ذِمَّةً
- إذن؛ فالهجرةُ كما أنَّها مشروعةٌ من قُطر إلى قُطر، فهي مشروعةٌ مِن قرية أو مِن مدينة إلى قرية أو مدينةٍ داخل القُطر نفسه، والمهاجرُ يعرفُ مِن نفسِه ما لا يعرفُه منه غيرُه.
وهذا -ثالثاً- قد غيَّبه أولئك المُهَرِّجون على المنابر، والراقصون على الصحائف! زاعمين أنَّ الشَّيخَ يأمُرُ أهلَ فلسطين بالخروج منها!! نعم؛ هكذا -واللّهِ- من غير تفصيلٍ أو بيان!! ولكن:
فما يَبْلُغُ الأعداءُ مِن جاهِلٍ
مَا يَبْلُغُ الجاهِلُ مِن نَفْسِه!

- والهجرةُ من قُطرٍ إلى قُطر لا تُشرَعُ إلاّ بدواعيها وأسبابها مِن مثل ما كرنا في فقرة مَضَتْ؛ ومن أعظم هذه الأسباب: أن تكون الهجرةُ للإعداد واتِّخاذ الأُهبة التي أمر اللّه بها {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ...}؛ لإجلاء الأعداء عن أرضٍ مِن أرضِ المسلمين، وتَخليصِها من أيديهم؛ ليعودَ إليها حُكمُ الإسلام كما كان مِنْ قَبلُ.
فالهجرةُ -إذن- من الإعداد الذي أمر اللّهُ به وحَضَّ عليه، ومَنْ أبطأ فيها -وقد تَهَيَّأت أسبابُها ودواعيها- فقد عصى اللّهَ، ونأَى بجانبِه عن أمره.
فإِنْ عَلِمَ المسلمُ أو المسلمون أنَّهم ببقائهم في ديارهم يزدادون وَهْناً إلى وَهْن وضَعفاً إلى ضعف، وأنَّهم إنْ هاجروا ذهبَ الوَهْنُ عنهم، وزال الضَّعفُ منهم، وبَقُوا -بعد علمهم هذا- ولم يُهاجروا -إن استطاعوا-؛ فهم آثمون عاصون أَمرَ اللّه، ورُبَّما عُوقبوا بمعصيتهم هذه عقوبةً أعظمَ وأشدَّ نُكراً، تتلاشى فيها شخصيتُهم، وتغيبُ معها صورتُهم، وتَضِلُّ بها عقيدتُهم، ثم لا يجدون لهم من دون اللّه وليّاً ولا نصيراً.
وما صار إليه المسلمون في الأندلس، وفي غيرها من البلاد، شاهدٌ منظورٌ يقُص علينا من نبئه ما يبعث مَنسِيَّ الشَّجَن، ويُنسي لذَّة الوَسَن، يُذَكِّر محظورَ السُّنن! فهل مِن مُدَّكِر؟
- ومِمّا لا شك فيه -مما كتمه -أيضاً- ناقلو الفُتيا المُشِيعون لها- أنَّ هذا كلَّه مَنُوطٌ بالقدرة والاستطاعة؛ لقوله -تعالى-: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا}، ولقوله -سبحانه-: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم}، فإن لم يَجِد المسلمُ أرضاً يأوي إليها غير الأرض التي هو فيها؛ يَأمَنُ فيها على دينه، وينجو من الفتنة الواقع فيها، أو حيلَ بينه وبين الهجرة بأسباب مانعةٍ قاهرةٍ لا يستطيعُ تذليلَها، أو استوت الأرضُ كلُّها في الأسباب والدَّواعي الموجبة للهجرة، أو عَلِمَ في نفسه أنَّ بقاءَه في أرضه آمَنُ لدينه ونفسِه وأهلِه، أو لم يكن من مُهاجَر إلاّ إلى أرض يُحكَم فيها بالكُفر الصُّراح علانيةً، أو كان بقاؤه في أرضه المأذونِ له بالهجرة منها مُحَقِّقاً مصلحةً شرعيّةً، سواءٌ أكانت هذه المصلحةُ للأمَّة، أم بإخراج أهل الكفر من كفرهم، وهو لا يخشى الفتنةَ على نفسه في دينه، فهو في هذه الأحوال كلِّها، وفي الأحوال التي تُحاكيها، ليس في وُسعه إلا أن يبقى مُقيماً في أرضه، ويُرجَى له ثوابُ المهاجرين، فراراً بدينهم، وابتغاءَ مرضاةِ ربِّهم.
قال الإمامُ النَّوويُّ في «الرَّوضة» (10/282) -مُتَمِّماً كلامه الذي نقلتُه عنه-قَبْلُ-:
«... فإن لم يَقْدِر على الهجرة فهو مَعذورٌ إلى أن يَقدِرَ».
- ويُقالُ في أهل فلسطينَ -خصوصاً- ما يُقال في مثل هؤلاء جميعاً، فلقد سُئل الشيخُ -حفظه اللّه- عن بعض أهل المدن التي احتلّها اليهود عام 1948م، وضَرَبوا عليها صبغةَ الحُكم اليهودي بالكليّة، حتى صار أهلُها فيها إلى حالٍ من الغُربة المُرْمِلَةِ في دينهم، وأضْحَوا فيها عَبَدَةً أذلاّءَ؟ فقال: هل في قُرى فلسطين أو في مُدُنِها قريةٌ أو مدينةٌ يستطيع هؤلاء أن يَجِدُوا فيها دينَهم، ويتخذوها داراً يدرءون فيها الفتنةَ عنهم؟ فإن كان؛ فعليهم أن يُهاجروا إليها، ولا يخرجوا من أرض فلسطين، إذ إنَّ هِجرَتَهم من داخلِها إلى داخلِها أَمرٌ مَقْدُورٌ عليه، ومُحَقِّقٌ الغايةَ من الهجرة.
وهذا تحقيقٌ علميٌّ دقيقٌ يَنقُضُ زَعمَ مَنْ شَوَّشَ وهَوَّشَ مُدَّعياً أنَّ في فُتيا الشيخ إخلاءً لأرض فلسطين من أَهلِها، أو تنفيذاً لِمُخَطَّطاتِ يهود!! {مَا لَكُم كَيْفَ تَحْكُمُونَ}».
أُفٍّ لكم أيُّها الناقدون الحاقدون! هل علمتم هذا التَّفصيلَ أم جهلتموه؟! إن كنتم علمتوه فَلِمَ أَخفَيتُموه وكَتَمتُموه؟!
وإنْ كنتُم جهلتموه! فلماذا رَضِيتُم لأنفسكم الجهلَ، وللشيخ الظُّلمَ، وللناس التَّضليلَ؟!
أم أنَّ هذه تجارتُكم تَخشَوْنَ كسادَها؟! بِئسَتِ البضاعةُ، وبئست التجارةُ!
- وَليَعلَمِ المسلمُ أنَّ الحِفاظَ على الأرض والنَّفس، ليس أولى من الحفاظ على الدين والعقيدة، بل إنَّ استلابَ الأرضِ -مِمَّن يظلُّ مُقيماً فيها رجاءَ الحفاظ عليها، غيرَ واضعٍ في حسابه الحفاظَ على دينه أولاً- قد يكون أَيسَرَ، وأشدَّ إيذاءً، وأعظمَ فتنةً.
والعدوُّ الكافر الذي يحتلُّ أرضاً -وأهلُها مُقيمون فوقَها- يملكُ الأرضَ ومَن عليها وما عليها، فالكفرُ لا يَحفظُ للإسلام عهداً، ولا يرعى للمسلمين إلاًّ ولا ذمَّة، ولا يُقيم لهم في أرضهم وخارج أرضهم وَزناً.
قال أبو عبيدة: وتكلم الشيخ -رحمه اللّه تعالى- على هذه المسألة بإسهاب في كتابه «السلسلة الصحيحة» عند حديث رقم (2857)، وهذا نصه:
«إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا اللّه، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وفارقتم المشركين، وأعطيتم من الغنائم الخمس وسهم النبي r ، والصفي( [7]) -وربما قال: وصفيَّة-؛ فأنتم آمنون بأمان اللّه وأمان رسوله»( [8]).
وتعرض للفتنة التي ألمت به، وصرح بموقفه من المسألة ببيانٍ ناصع، وحجة واضحة، وشدّ فهمه للنصوص بكلام بعض العلماء المحققين، وهذا كلامه بحرفه ونصّه وفصّه:
«قلت: في هذا الحديث بعض الأحكام التي تتعلق بدعوة الكفار إلى الإسلام، من ذلك: أن لهم الأمان إذا قاموا بما فرض اللّه عليهم، ومنها: أن يفارقوا المشركين ويهاجروا إلى بلاد المسلمين، وفي هذا أحاديث كثيرة، يلتقي كلها على حضّ من أسلم على المفارقة، كقوله r: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى نارهما»، وفي بعضها أن النبي r اشترط على بعضهم في البيعة أن يفارق المشرك، وفي بعضها قوله r:
«لا يقبل اللّه -عز وجل- من مشرك بعد ما أسلم عملاً، أو يفارق المشركين إلى المسلمين».
إلى غير ذلك من الأحاديث، وقد خرجت بعضها في «الإرواء» (5/9-33)، وفيما تقدم برقم (636).
وإن مما يُؤْسَفُ له أشد الأسف، أن الذين يُسْلمون في العصر الحاضر -مع كثرتهم والحمد للّه- لا يتجاوبون مع هذا الحكم من المفارقة، وهجرتهم إلى بلاد الإسلام، إلا القليل منهم، وأنا أعزو ذلك إلى أمرين اثنين:
الأول: تكالبهم على الدنيا، وتيسّر وسائل العيش والرفاهية في بلادهم بحكم كونهم يعيشون حياة مادية ممتعة، لا روح فيها، كما هو معلوم، فيصعب عليهم عادة أن ينتقلوا إلى بلد إسلامي قد لا تتوفر لهم فيه وسائل الحياة الكريمة في وجهة نظرهم.
والآخر -وهو الأهم-: جهلهم بهذا الحكم، وهم في ذلك معذورون، لأنهم لم يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين تذاع كلماتهم مترجمة ببعض اللغات الأجنبية، أو من الذين يذهبون إليهم باسم الدعوة؛ لأن أكثرهم ليسوا فقهاء، وبخاصة منهم جماعة التبليغ، بل إنهم ليزدادون لصوقاً ببلادهم، حينما يرون كثيراً من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلادهم إلى بلاد الكفار! فمن أين لأولئك الذين هداهم اللّه إلى الإسلام أن يعرفوا مثل هذا الحكم والمسلمون أنفسهم مخالفون له؟!
ألا فليعلم هؤلاء وهؤلاء أن الهجرة ماضية كالجهاد، فقد قال s: «لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل»، وفي حديث آخر: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها»، وهو مخرج في «الإرواء» (1208).
ومما ينبغي أن يعلم، أن الهجرة أنواع ولأسباب عدة، ولبيانها مجال آخر، والمهم هنا الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مهما كان الحكام فيها منحرفين عن الإسلام، أو مقصرين في تطبيق أحكامه، فهي على كل حال خير بما لا يوصف من بلاد الكفر أخلاقاً وتديناً وسلوكاً، وليس الأمر -بداهة- كما زعم أحد الجهلة الحمقى الهوج من الخطباء:
« واللّه لو خُيّرت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود وبين أن أعيش في أي عاصمة عربية، لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود»! وزاد على ذلك، فقال ما نصّه:
« ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى (تل أبيب)»!!
كذا قال فضّ فوه، فإن بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبياً! ولتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على معرفته واتباعه، الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين، وصراخ الممثلين، واضطراب الموتورين من الحاسدين والحاقدين من الخطباء والكاتبين:
أقول لأولئك المحبين: تذكروا على الأقل حديثين اثنين لرسول اللّه r :
أحدهما: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها».
أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
والآخر: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر اللّه وهم ظاهرون»، وهو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من الصحابة، وتقدم تخريجه عن جمع منهم برقم (270 و1108 و1955 و1956)، و«صحيح أبي داود» (1245)، وفي بعضها أنهم «أهل المغرب»؛ أي: الشام، وجاء ذلك مفسراً عند البخاري وغيره عن معاذ، وعند الترمذي وغيره مرفوعاً بلفظ:
«إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، ولا تزال طائفة من أمتي...» الحديث.
وفي هذه الأحاديث إشارة قوية إلى أن العبرة في البلاد إنما هي بالسكان وليس بالحيطان، وقد أفصح عن هذه الحقيقة سلمان الفارسي -رضي اللّه عنه- حين كتب أبو الدرداء إليه: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: «إن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسانَ عملُه»( [9]). (موطأ مالك 2/235).
ولذلك فمن الجهل المميت والحماقة المتناهية -إن لم أقل وقلِّة الدين- أن يختار خطيب أخرق الإقامة تحت الاحتلال اليهودي، ويوجب على الجزائريين المضطهدين أن يهاجروا إلى (تل أبيب)، دون بلده المسلم (عمّان) مثلاً، بل دون مكة والمدينة، متجاهلاً ما نشره اليهود في فلسطين بعامة، و(تل أبيب) و(حيفا) و(يافا) بخاصة من الفسق والفجور والخلاعة، حتى سرى ذلك بين كثير من المسلمين والمسلمات بحكم المجاورة والعدوى، مما لا يخفى على من ساكنهم، ثم نجاه اللّه منهم، أو يتردد على أهله هناك لزيارتهم في بعض الأحيان.
وليس بِخَاف على أحد أوتي شيئاً من العلم ما في ذاك الاختيار من المخالفة لصريح قوله -تعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً . إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً . فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 97-100].
قال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (1/542):
« نزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدِّين، فهو ظالم لنفسه، مرتكب حراماً بالإجماع، وبنص هذه الآية».
وإن مما لا يشكُّ فيه العالم الفقيه، أن الآية بعمومها تدل على أكثر من الهجرة من بلاد الكفر، وقد صرَّح بذلك الإمام القرطبي، فقال في «تفسيره» (5/346): «وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يُعمل فيها بالمعاصي، وقال سعيد بن جبير: إذا عُمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها، وتلا: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا}».
وهذا الأثر رواه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/174/1) بسند صحيح عن سعيد، وأشار إليه الحافظ في «الفتح»، فقال (8/263): «واستنبط سعيد ابن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يعمل فيها بالمعصية».
وقد يظن بعض الجهلة من الخطباء والدكاترة والأساتذة، أن قولهr: «لا هجرة بعد الفتح»( [10]) ناسخ للهجرة مطلقاً، وهو جهل فاضح بالكتاب والسنة وأقوال الأئمة، وقد سمعت ذلك من بعض مدعي العلم من الأساتذة في مناقشة جرت بيني وبينه، بمناسبة الفتنة التي أثارها عليّ ذلك الخطيب المشار إليه آنفاً، فلما ذكرته بالحديث الصريح في عدم انقطاع التسوية المتقدم بلفظ: «لا تنقطع الهجرة...» إلخ... لم يحر جواباً!
وبهذه المناسبة أنقل إلى القراء الكرام ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الحديثين المذكورين، وأنه لا تعارض بينهما، فقال في «مجموع الفتاوى» (18/ 281):
«وكلاهما حق، فالأول أراد به الهجرة المعهودة في زمانه؛ وهي الهجرة إلى المدينة من مكة وغيرها من أرض العرب؛ فإن هذه الهجرة كانت مشروعة لما كانت مكة وغيرها دار كفر وحرب، وكان الإيمان بالمدينة، فكانت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام واجبة لمن قدر عليها، فلما فتحت مكة وصارت دار الإسلام، ودخلت العرب في الإسلام، صارت هذه الأرض كلها دار الإسلام، فقال: «لا هجرة بعد الفتح»، وكون الأرض دار كفر ودار إيمان، أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها: بل هي صفة عارضة بحسب سكانها، فكل أرض سكانها المؤمنون المتقون هي دار أولياء اللّه في ذلك الوقت، وكل أرض سكانها الكفار فهي دار كفر في ذلك الوقت، وكل أرض سكانها الفساق فهي دار فسوق في ذلك الوقت، فإن سكنها غير ما ذكرنا، وتبدَّلت بغيرهم فهي دارهم.
وكذلك المسجد إذا تبدَّل بخمارة أو صار دار فسق أو دار ظلم أو كنيسة، يشرك فيها باللّه كان بحسب سكانه، وكذلك دار الخمر والفسوق ونحوها إذا جعلت مسجداً يعبد اللّه فيه -جل وعز- كان بحسب ذلك، وكذلك الرجل الصالح يصير فاسقاً والكافر يصير مؤمناً أو المؤمن يصير كافراً أو نحو ذلك، كل بحسب انتقال الأحوال من حال إلى حال، وقد قال -تعالى-: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً} الآية، نزلت في مكة لما كانت دار كفر، وهي مازالت في نفسها خير أرض اللّه، وأحب أرض اللّه إليه، وإنما أراد سكانها، فقد روى الترمذي مرفوعاً أنه قال لمكة وهو واقف بالحزورة: «واللّه إنك لخير أرض اللّه، وأحب أرض اللّه إلى اللّه، ولولا أن قومي أخرجوني منك لما خرجت»( [11])، وفي رواية: «خير أرض اللّه وأحب أرض اللّه إلَيّ»، فبيّن أنها أحب أرض اللّه إلى اللّه ورسوله، وكان مقامه بالمدينة ومقام من معه من المؤمنين أفضل من مقامهم بمكة لأجل أنها دار هجرتهم؛ ولهذا كان الرباط بالثغور أفضل من مجاورة مكة والمدينة، كما ثبت في «الصحيح»: «رباط يوم وليلة في سبيل اللّه خير من صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطاً مات مجاهداً وجرى عليه عمله، وأجرى رزقه من الجنة، وأمن الفتان»( [12]).
وفي «السنن» عن عثمان عن النبي r أنه قال: «رباط يوم في سبيل اللّه خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل»( [13]).
وقال أبو هريرة( [14]): لأن أرابط ليلة في سبيل اللّه، أحب إلي من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود. ولهذا كان أفضل الأرض في حق كل إنسان أرضٌ يكون فيها أَطْوَعَ للّه ورسوله، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، ولا تتعين أرض يكون مقام الإنسان فيها أفضل، وإنما يكون الأفضل في حق كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع والحضور، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان: هلم إلى الأرض المقدسة! فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً، إنما يقدس العبدَ عملُه. وكان النبي s قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا.
وقد قال اللّه -تعالى- لموسى -عليه السلام-: {سُأُرِيكُم دَارَ الفَاسِقِينَ} وهي الدار التي كان بها أولئك العمالقة، ثم صارت بعد هذا دار المؤمنين، وهي الدار التي دل عليها القرآن من الأرض المقدسة، وأرض مصر التي أورثها اللّه بني إسرائيل، فأحوال البلاد كأحوال العباد، فيكون الرجل تارة مسلماً وتارة كافراً، وتارة مؤمناً، وتارة منافقاً، وتارة برّاً تقياً، وتارة فاسقاً، وتارة فاجراً شقيّاً.
وهكذا المساكن بحسب سكانها، فهجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة؛ كتوبته وانتقاله من الكفر والمعصية إلى الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة، واللّه -تعالى- قال: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ [مِن بَعْدُ] وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ} [الأنفال: 75].
قالت طائفة من السلف: هذا يدخل فيه من آمن وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة، وهكذا قوله -تعالى-: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 110]( [15]) يدخل في معناها كل من فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية، ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وغيرها من العدو، وجاهد المنافقين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، وصبر على ما أصابه من قول أو فعل. واللّه -سبحانه وتعالى- أعلم».
فأقول: هذه الحقائق والدرر الفرائد من علم شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللّه-، يجهلها جهلاً تاماً أولئك الخطباء والكتّاب والدكاترة المنكرون لشرع اللّه {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}، فأمروا الفلسطينيين بالبقاء في أرضهم وحرموا عليهم الهجرة منها، وهم يعلمون أن في ذلك فساد دينهم ودنياهم، وهلاك رجالهم وفضيحة نسائهم، وانحراف فتيانهم وفتياتهم، كما تواترت الأخبار بذلك عنهم بسبب تجبّر اليهود عليهم، وكبسهم لدورهم والنساء في فروشهن، إلى غير ذلك من المآسي والمخازي التي يعرفونها، ثم يتجاهلونها تجاهل النعامة الحمقاء للصياد! فيا أسفي عليهم إنهم يجهلون، ويجهلون أنهم يجهلون، كيف لا وهم في القرآن يقرؤون: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}!
وليت شعري ماذا يقولون في الفلسطينيين الذين كانوا خرجوا من بلادهم تارة باسم لاجئين، وتارة باسم نازحين، أيقولون فيهم: إنهم كانوا من الآثمين، بزعم أنهم فرغوا أرضهم لليهود؟! بلى. وماذا يقولون في ملايين الأفغانيين الذين هاجروا من بلدهم إلى (بشاور)، مع أن أرضهم لم تكن محتلة من الروس احتلال اليهود لفلسطين؟!
وأخيراً... ماذا يقولون في البوسنيين الذين لجأوا في هذه الأيام إلى بعض البلاد الإسلامية، ومنها الأردن، هل يحرِّمون عليهم -أيضاً- خروجهم، ويقول فيهم -أيضاً- رأس الفتنة: «يأتون إلينا؟ شو بساووا هون؟!».
إنه يجهل -أيضاً- قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}، أم هم كما قال -تعالى- في بعضهم: {يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً}؟!
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ويأتيك بالأنباء من لم تزود»

انتهى.
قال أبو عبيدة:
متى أفتى العالم المشهود له بالعلم من قبل المعتبرين، واستخدم قواعد العلماء في الاستنباط، ولم يصادم نصّاً صريحاً صحيحاً، ولم يخرق إجماعاً معتبراً، فقوله يدور بين الأجر والأجرين، ولا يجوز أن يتَّهم في نيّته، وأن يسفّه رأيه، وإنما يناقش مناقشة علمية، بالحجّة والبرهان، وتراعى حرمته ومنزلته، ولا تهدر حسناتُه وجهوده( [16]).
وبناءً عليه؛ فإن منزلة الشيخ الإمام المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني غير خافية على كل من له عناية وصلة بالكتاب الشرعي، فضلاً عن طلبة العلم، أو المتخصصين في سائر العلوم، ولا سيما علم الحديث النبوي( [17]).
ومما يخفى على كثير من محبّيه، والمتتبعين لأخباره وأحواله: جهاده في فلسطين.
قال الشيخ زهير الشاويش -حفظه اللّه- في مقالة( [18]) له بعنوان: (نقاط يسيرة من سيرة عطرة للشيخ الألباني مع الحديث النبوي الشريف) بعد كلام:
«وحتى في الإعداد للجهاد في فلسطين، وقد أعدّ الشيخ ناصر نفسه لمقاومة الاستيطان الصهيوني، وكاد أن يصل إلى فلسطين، لولا المنع الحكومي للمجاهدين».
قلت: وصل الشيخ فلسطين سنة 1948م، وصلّى في المسجد الأقصى، ورجع مرشداً دينياً للجيش السعودي بعد ما سموه بالنكسة، وقد تاهوا في الطريق، وله في تفصيل ذلك كتاب ماتع محفوظ، اسمه «رحلتي إلى نجد»( [19]).
أفلا يشفع له عزمه وهمُّه هذا عند هؤلاء، ولم يكن ذلك -فيما نحسب، واللّه حسيبه- إلا دفاعاً عن المستضعفين في سبيل اللّه -تعالى-، أم أن منهج هؤلاء تصيُّد العيوب، والفَتْش عن القوادح، حتى تحول دون وصول دعوة الكتاب والسنة بفهم السلف إلى شباب الأُمَّة، وعلى أيّ: فالحقيقة قويّة، ولا بد أن تظهر ولو بعد حين، وحبل الكذب قصير.
ومن بديع كلام الإمام ابن القيم -رحمه اللّه-:
«ومن لهُ علمٌ بالشَّرع والواقع؛ يعلمُ قطعاً أنَّ الرَّجُلَ الجليل، الذي له في الإسلام قدمٌ صالحٌ، وآثارٌ حسنةٌ، وهُو من الإسلام وأهله بمكانٍ قد تكون منه الهفوةُ والزَّلَّةُ، هو فيها معذُورٌ ومأجُورٌ لاجتهاده، فلا يجُوزُ أن يُتبع فيها، ولا يجُوزُ أن تُهدر مكانتُهُ وإمامتُهُ ومنزلتُهُ مِن قُلُوب المُسلمين»( [20]).
ويزداد عجبي -بل لا ينتهي- عندما نجد المسوّغات بالجملة، وتحسين الظن يكبر ويكثر حتى يصل إلى حد السذاجة، والمروق عن قواعد المنطق والعلم في حق المتساهلين في الدين، والخارجين عن السبيل والدليل، ولما يصل الأمر إلى الشيخ الألباني وتلاميذه، ينعكس الحال، وتتّهم النوايا، وتحمّل الأقوال والأفعال فوق ما تحتمل، وما هذا -في حقيقة الأمر- إلا الحقد والحسد، وإخراج لما في النفوس، فالويل لأصحابها إن أبقوها على تدنيسها! ولم يعملوا على تزكيتها!
---------------------------------------------
الهوامش

( [1]) ألف الأستاذ محمد سليم بن محمد الجندي (ت 1375هـ - 1955م) رسالة جيدة مطبوعة بعنوان «إصلاح الفاسد من لغة الجرائد».
( [2]) سيأتي تعداد ما وقفت عليه مفرداً في هذا الباب، واللّه الموفق، فانظرها، فإنها مفيدة.
( [3]) فات من صنف في هذه المسألة!
( [4]) في كتابه «الوصايا» (ص 58-59).
( [5]) انظر لزاماً عنها: «تفسير الكشاف» (1/557)، «الدفاع عن أهل السنة والاتباع» لابن عتيق (ص 13-14)، «الهجرة في القرآن الكريم» (ص 165).
( [6]) هذه النقاط موجودة في كتاب «ماذا ينقمون من الشيخ» (ص 21-24)، اطّلع عليها الشيخ وأقرها، وهذه صورة خطه بالإقرار:
( [7]) (الصَّفِيّ): ما كانr يصطفيه ويختاره من عرض المغنم من فرس أو غلام أو سيف، أو ما أحب من شيء، وذلك من رأس المغنم قبل أن يخمَس، كان rمخصوصاً بهذه الثلاث (يعني المذكورة في الحديث: الخمس والسهم والصفي) عقبة وعوضاً عن الصدقة التي حرمت عليه. قاله الخطابي. (منه).
( [8]) أخرجه عبد الرزاق (4/300/7857)، وأحمد (5/77، 78)، والخطابي في «غريب الحديث» (4/236)، والبيهقي (6/303 و9/13)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. (منه).
( [9]) قال أبو عبيدة: رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (1/182 - ط. دار الفكر)،= =وأبو القاسم البغوي -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (1/150)-، وعبد الله ابن أحمد في «زوائد الزهد» (2/90 - ط. دار النهضة)، وعنه وكيع في «أخبار القضاة» (3/200)، وأبو نعيم في «الحلية» (1/205)، والدينوري في «المجالسة» (رقم 1238 - بتحقيقي) -ومن طريقه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (1/150 - ط. دار الفكر)- عن يحيى بن سعيد الأنصاري: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً... ثم ذكر كلاماً، وبعضهم اختصره.
وهذا إسناد منقطع، يحيى بن سعيد لم يدرك القصة.
قال أبو نعيم: رواه جرير، عن يحيى بن سعيد، عن عبداللّه بن هبيرة: أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء، نحوه.
أقول: هذا سند ظاهرهُ الاتصال، عبداللّه بن هُبيرة هذا من الثقات، وظاهره أنه أدرك سلمان، لكن سلمان مات في حدود (35-40هـ)، وهذا مات سنة (126)، وله خمس وثمانون سنة، فهو لم يدرك سلمان قطعاً.
ورواه أبو نعيم -أيضاً- من طريق مالك بن دينار: أن سلمان كتب إلى أبي الدرداء... وهذا إسناد منقطع -أيضاً-.
( [10]) متفق عليه، وهو مخرج في «الإرواء» (1057). (منه).
( [11]) إسناده صحيح، وهو مخرج في «المشكاة» (2725). (منه).
( [12]) رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في «الإرواء» (1200). (منه).
( [13]) قلت: وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي، وهو مخرج في تعليقي على «المختارة» (رقم 307). (منه).
( [14]) بل هو مرفوع، كذلك رواه ابن حبان وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في «الصحيحة» (1068). (منه).
( [15]) وقع في هذه الآية خطأ مطبعي في الأصل، كما سقط منه ما بين المعقوفتين في الآية. (منه).
( [16]) الأمثلة على ذلك كثيرة؛ من أشهرها: ما حازه أهل الحرب من أموال المسلمين على وجه الإغارة، فإذا أسلم من هو في يده، كان ملكاً له، ولم يكن لمالكه الأول من المسلمين اعتراض عليه فيه.
هذا مذهب المالكية.
انظر: «المدونة» (1/378-379)، «التفريع» (1/358)، «الإشراف» (3/421-422 رقم 1741 - بتحقيقي)، «الرسالة» (190)، «المعونة» (1/608)، «أسهل المدارك» (2/14)، «قوانين الأحكام» (171)، «بداية المجتهد» (1/398)، «الذخيرة» (3/441)، «عقد الجواهر الثمينة» (1/474).
وهذا مذهب الحنفية.
انظر: «السير الكبير» (4/1279)، «القدوري» (114)، «تحفة الفقهاء» (3/523)، «بدائع الصنائع» (9/4356)، «البناية» (5/753)، «فتح القدير» (6/3)، «الاختيار» (4/133)، «تبيين الحقائق» (3/260)، «البحر الرائق» (5/102)، «رؤوس المسائل» (360).
بينما قال الشافعية: هو باق على ملك المسلم، وله أخذه منه بغير عوض.
انظر: «مختصر المزني» (273)، «المهذب» (2/243)، «المجموع» (21/218)، «حلية العلماء» (7/661)، «روضة الطالبين» (10/293، 294، 335)، «مختصر الخلافيات» (5/51 رقم 317).
وهذا مذهب الحنابلة.
انظر: «مسائل أحمد» (243) لأبي داود، «المغني» (13/117، 121)، «الإنصاف» (4/159)، «تنقيح التحقيق» (3/342)، «منتهى الإرادات» (1/ 638-640)، «تقرير القواعد» (3/412-414 - بتحقيقي)، «ذيل طبقات الحنابلة» (1/120). =
= ووجهة نظر المالكية والحنفية أنّ للكفار شبهة ملك على ما حازوه من أموال المسلمين، يدل عليه قوله -تعالى-: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ} [الحشر: 8]، فسماهم فقراء بعد هجرتهم وتركهم ديارهم وأموالهم، ولأنه لا خلاف أنهم لو استهلكوه، ثم أسلموا، لم يضمنوه، ولو أتلفه مسلم على صاحبه للزمه غرمه، فدل ذلك على ثبوت شبهة الملك المشترك.
فلا يجوز لعاقل -فضلاً عن طالب علم- أن يتّهم الحنفية والمالكية بـ(التفريط في بلاد المسلمين)، وأنهم يقرّون (استيلاء اليهود على فلسطين)، وما شابه من العبارات التي لا تصدر إلا عن (الموتورين)!! (المتعالمين)!!
نعم، بلا شك أن الراجح مذهب الشافعية والحنابلة؛ لما أخرجه مسلم في «صحيحه» (رقم 1641)، وأحمد في «مسنده» (4/430) -والمذكور لفظه- وغيرهما: «عن عمران بن حصين، قال: كانت العضباء لرجل من بني عقيل، وكانت من سوابق الحاج، فأسر الرجل وأخذت العضباء، فحبسها رسول اللّهr لرحله، ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة، وكانت العضباء فيه، وأسروا امرأة من المسلمين، فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم، فقامت المرأة ذات ليلة بعدما ناموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا، حتى أتت على العضباء، فأتت على ناقة ذلول فركبتها، ثم وجهتها قبل المدينة، ونذرت إن نجاها اللّه عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة عرفت الناقة، وقيل: ناقة رسول اللّهr ، فأخبر النبي r بنذرها، أو أتته فأخبرته، فقال رسول اللّهr: «بئس ما جزتها إن اللّه أنجاها عليها لتنحرنها»، ثم قال رسول اللّهr: «لا وفاء في معصية اللّه، ولا فيما لا يملك ابن آدم».
فلو ملكها المشركون ما أخذها رسول اللّه rوأبطل نذرها، وقد بحث هذه المسألة أستاذنا فتحي الدريني في كتابه «المناهج الأصولية في الاجتهاد بالرأي» (1/289-291)، وردها على أصولها وبينها أحسن بيان، قال -حفظه اللّه-: «ولخطورة هذه المسألة، وأهميتها البالغة في كل من العلاقات الدولية والقانون الدولي العام، لا بد أن نقرر ما هو الحق فيها، مؤيداً بالأدلة، وبروح التشريع الإسلامي.
إن منطق القوة لم يعهد في الشرع مزيلاً ليد محقَّة، ومقرراً ليد مبطلة، لأنه محض بغي وعدوان، وذلك بالبداهة لا يصلح سنداً للملكية؛ لكونه محرماً في الشريعة تحريماً قاطعاً.
ولو أقر مبدأ العدوان هذا، لانخرم أصل الحق والعدل، ولاضطرب حبل الأمن في العالم كله، وما أنزلت الشرائع، وأرسل الرسل، إلا لاجتثاث أصول العدوان، ولإقرار= =الحق والعدل بين البشر؛ لقوله -تعالى-: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].
وأيضاً؛ لو كان الاستيلاء القهري بقوة السلاح من قبل الأعداء وسيلة معترفاً بها شرعاً، لامتلاكهم أموال المسلمين، واستيطان ديارهم بعد إخراجهم منها، لما وجب الجهاد -في مثل هذه الحالة- فرضاً عينياً على كل قادر على حمل السلاح رجالاً ونساءً، بالإجماع، من أجل استرداد ما استولى عليه العدو عنوة! واللّه -تعالى- يقول: {وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191].
[ونظير هذا في عصرنا الحاضر، استيلاء اليهود على الأراضي العربية، عدواناً وظلماً بعد إخراج أهلها منها.
هذا والاستيلاء والأحراز، عهد طريقاً مكسباً للملكية الفردية في المبادلة، وذلك تشجيعاً للجهد الإنساني الفردي للانتفاع بما وجد في الطبيعة من خيرات واستثمارها، وذلك معقول؛ لأن من بذل جهداً فاجتنى مما وجد في الطبيعة من خير مباح لا مالك له، كان أولى من غيره بامتلاكه، ممن لم يبذل أدنى مشقة في هذا السبيل، وهذا أمر وراء استلاب الحقوق والثروات، واغتصاب الديار والأوطان بعد تشريد أهلها منها، بقوة السلاح].
وقد تضافرت نصوص القرآن الكريم على وجوب دفع العدوان قبل وقوعه بالجهاد بالأنفس والأموال، وعلى وجوب إزالته بعد الوقوع، ولم يعهد أنه سبيل لتملك الأعداء ديار المسلمين وأموالهم.
قال -تعالى-: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].
وإذا حرم الإسلام على أهله الاعتداء، فأحرى أن يحرم عدوان غيرهم عليهم، ولا يجعله سبيلاً لامتلاك أموالهم وديارهم!
وقال -تعالى-: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141].
لا يقال: إن الآية تدل على أن اللّه -تعالى- لن يجعل للأعداء سبيلاً على نفوس المسلمين دون أموالهم؛ لأنا نقول: إن كلمة «سبيلاً» نكرة في سياق النفي، فتعم كل سبيل؛ سواء أكان واقعاً على نفوسهم، أو أموالهم، أو ديارهم.
ولا يقال -كذلك-: إن اللّه لم يجعل للكافرين على المسلمين حجة؛ لأن الصيغة عامة فيجب إجراؤها على العموم -كما هو الأصل-، إذ لا دليل على التأويل أو التخصيص. =
=انظر: «كشف الأسرار» (1/68 وما بعدها)، «التوضيح» (1/131 وما بعدها)، «أصول السرخسي» (1/236).
كذلك لا يقال: إنه لو كانت أموال المسلمين باقية على ملكهم، رغم إخراجهم من ديارهم، لأطلق عليهم القرآن الكريم كلمة «أبناء السبيل»؛ وهم: من انقطعت بهم صلتهم بأموالهم لبعدهم عنها، ولم يسمهم «فقراء»؛ فدل ذلك على أنهم فقراء حقيقة، قد زالت ملكيتهم عنها؛ لأنا نقول: إن ابن السبيل؛ هو: «المسافر» الذي انقطعت به الطريق، ونفد ماله، وله طماعية في الرجوع إلى بلده، لتمكنه من ذلك، وهذا مفهوم يختلف عمن أُخرج من دياره وأمواله عنوة، وليس في وسعه أن يعود إليها، لذا صح اعتباره كأنه فقير، أضف إلى ذلك أنهم قد توطنوا بالمدينة.
انظر: «كشف الأسرار» (1/69)، «حاشية الإزميري على المرآة» (2/76).
ووصفهم بكونهم فقراء مجازاً، لا يشعر بزوال ملكيتهم عن ديارهم وأموالهم، بل يفيد ثبوتها لهم، بقرينة إضافتها إليهم، ولأن في إطلاق هذه الكلمة عليهم، إثارة للتعطف الداعي إلى رعايتهم، وتدبير مصالحهم، والاهتمام بشؤونهم، تخفيفاً لوطأة الظلم عنهم، وتحقيقاً لما تقتضيه الأخوة نحوهم».
قلت: وانظر نصرة هذا الاختيار في «أحكام أهل الذمة» لابن القيم (1/291)، وهو اختيار ابن حزم وابن تيمية، انظر: «الاختيارات الفقهية» (ص 312)، «المحلى» (7/301)، «الفيء والغنيمة» (161-165)، «نصب الراية» (3/433-435)، «فتح الباري» (6/ 183).
والشاهد من هذا: أن لازم المذهب ليس بلازم، ولا يجوز لصاحب الفهم السليم، والنفس المطمئنة، والعقل النيّر، أن يهجم على إلصاق (التُّهم) بـ(العلماء)، وعدم مراعاة القواعد المعمول بها -قديماً وحديثاً- عند أهل العلم، وأن العالم إذا اتبع القواعد المسلوكة، وكان أهلاً فهو بين أجر واثنين، والموفق والسعيد من حفظ لسانه -ولا سيما في حق العلماء-، ومن حسّن الظن بالناس، ولا سيما الصلحاء، واللّه الموفق.
( [17]) فالعجب من واحد من طلبة علم الحديث الحائزين على (الماجستير) فيه، أخذ يضرب خبط عشواء -كعادته- في الرد على السلفيين والعلماء الربانيين، وينشر ذلك في الجرائد، ويطلع علينا بين الحين والحين بما يدهش ويثير الغرابة والتساؤل، ولا أعلم أن له مصلحة في ذلك سوى إرضاء من معه من الحزبيين الغارقين في التعصب لأمثال القرضاوي! حتى أنه لا يساويه ولا يدانيه -عنده- بأحد! وللتفصيل مقام آخر.
( [18]) منشورة في مجلة «الفرقان» العدد (115) (ص 19).
( [19]) أخبرني الأخ نظام سكجها -حفظه اللّه- أن إحدى بناته (حفيدة الشيخ)، انشغلت بنسخه عن أصول الشيخ -رحمه اللّه-، ولعله يظهر قريباً، يسر اللّه ذلك بمنه وكرمه.
( [20]) «إعلام الموقعين» (4/235 - بتحقيقي)، وقارن بـ«الموافقات» للشاطبي (5/136-137 - بتحقيقي).



.................................................. ............ يتبع ان شاء الله
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 11-12-2007 الساعة 01:31 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سدرة المنتهى
سدرة المنتهى
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 11-09-2007
  • الدولة : جوهرة الشرق
  • المشاركات : 893
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • سدرة المنتهى is on a distinguished road
الصورة الرمزية سدرة المنتهى
سدرة المنتهى
عضو متميز
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
11-12-2007, 04:20 PM
لاحول ولا قوة الا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل
كلكم تدعون التفقه في الدين
يا سبحان الله ،لكن..........؟تعلموا التناصح فيما بينكم بأسلوب ارقي من هدا لاني لااظن ان الرسول عليه الصلاة والسلام نعت يوما شخصا بما تنعتون به بعضكم البعض
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
  • ملف العضو
  • معلومات
جمال الأثري
زائر
  • المشاركات : n/a
جمال الأثري
زائر
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
11-12-2007, 08:16 PM
اقتباس:
لاحول ولا قوة الا بالله حسبنا الله ونعم الوكيل
كلكم تدعون التفقه في الدين
يا سبحان الله ،لكن..........؟تعلموا التناصح فيما بينكم بأسلوب ارقي من هدا لاني لااظن ان الرسول عليه الصلاة والسلام نعت يوما شخصا بما تنعتون به بعضكم البعض
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
جزاك الله خيرا على هذه النصيحة ولكن لا أعرف إن كان يقصدني ام يقصد غيري ولكن الله يسامحهم أنظري اختي إلى مواضيعي أنا كل ما فعلته هو دفاعا عن الأعراض فقط والله تعالى أعلم نسأل الله العافية
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
12-12-2007, 08:55 PM
دفع الصائل المجادل بالباطل
(تتمة الكلام)


الحلقة الثانية والموقف الثاني
الموقف الثاني : إفتاؤهم بعدم جواز العمليات الإستشهادية في فلسطين


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

قال أبو تمام [من الكامل]:

وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ *********** طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ
لَوْلا اشْتِعَالُ النَّارِ فِيمَا جَاوَرَتْ********* مَا كَانَ يُعْرَفُ طِيبُ عَرْفِ الْعُودِ

فنشكر الأخ "الفرزدق!" أنه أتاح لنا فرصةً لبيان الحقّ فيما ذكره من أَباطيل ، فنقول وبالله التوفيق:

قد قسم الأئمة الأعلام مسائل الخلاف إلى ما يسوغُ فيه الاختلافُ وما لا يسوغ:

* فسوغوا الخلاف في بعض المسائل لتكافُؤِ الأدلَّة، أو لعدم وُرودِ نصوصٍ صريحة، أو ما شابه ذلك.
* ما لا يسوغُ الخلافُ فيه؛ فالخلافَ فيه يُعتَبَر شُذوذًا؛ لقيامه على شبهات لا دلالات، أو أوهام وخيالات، أو تشهٍّ وذوقيات، أو أحلام ومنامات.
ولا خلاف في كون المسالة المطروحة للنقاش من النوع الاول وعلى المنكر الدليل

مع ريحانة الشام شيخنا المحدث أبي عبيدة مشهُور بن حسن آل سلمان حفظه الله تعالى

 فتوى العمليات: هل هي انتحارية أم استشهادية؟

من أسباب نقمة بعض المتحمسين أو الحزبيين أو المتأثرين بالجرائد وحديث المجالس: زعم بعض الكاذبين -هداهم اللّه- على الشيخ الألباني، أنه يفتي بأن القائمين بالعمليات في فلسطين الحبيبة -أعادها اللّه إلى حظيرة الإسلام والمسلمين- هم في النار، وتنطبق عليهم النصوص الواردة في حق المنتحرين! وبعضهم يزيد -كذباً وزوراً- أنه -رحمه اللّه- يقول عنهم: (فطايس)!!
قلت: واللّه الذي لا إله إلا هو: إن هذا كذب على الشيخ، لم يخطر بباله، فضلاً عن أن ينطق به فاهُ، أو يخطه بنانه.
وفتوى الشيخ بالجملة: أنه كان يقول عنهم: أمرهم إلى اللّه -عز وجل-، ونسأل اللّه أنْ يتقبّلهم.
وأما فتواه بالتفصيل، فسيأتي نقلها -إن شاء اللّه تعالى- والتعليق عليها.
 مقدمات وضوابط وقيود للعمليات الفدائية: هل هي استشهادية أم انتحارية؟
سئل الشيخ -رحمه اللّه تعالى- في كثير من مجالسه العلمية عن حكم هذه العمليات؟ وأجاب تارة بالتفصيل، وتارة بالإجمال، ومُنْعِمُ النظر في الشروط عند التفصيل يجد أن العمليات الحاصلة اليوم في بلاد المسلمين المغتصبة( )-عنده- قريبة من الحظر لا الجواز!
وأُراني -قبل ذكر كلامه- مضطراً إلى التنبيه إلى أمور:
أولاً: هذه مسائل علمية نظرية، يتكلم فيها العلماء بعامة، على وفق ما ترجّح لهم من نصوص الشرع ومقاصده، ولا يعنون حَدَثاً ما، أو فئة معيّنة، أو عمليات قائمة في بلد معين.
ثانياً: أن من أسباب التوسعة في الخلاف في المسائل الفقهية: (ازدحام المصالح والمفاسد) في (المحل الواحد)، والمجتهد يرجّح بعد (تحقيق مناط) المسائل -أي: معرفة واقعها من حيثُ المصلحةُ والمفسدةُ-، فلا مجال لاتّهام النوايا ألبتة! ولا لتطويل الألسنة في أولياء اللّه -تعالى-( ).
ثالثاً: إن لمعرفة هذه المصالح والمفاسد: تصوراً دقيقاً، وضبطاً وتحريراً وتقديراً، لا بد من الاستعانة بأهل الخبرة في هذا الباب، والعلماء المتخصصون في العلوم العسكرية يقررون: أن هذه العمليات بمثابة (وخز الدبوس)، فهي لا تهزم عدواً، ولا تعمل على فنائه أو غلبته، بل هي تثوِّر أعصابه، وتغيّر مسار تخطيطاته، وتجعل عنده ردود فعل سريعة غير مضبوطة ولا مخطط لها، فضلاً عن (الروح المعنوية) التي تكون عند الجنود، ولذا؛ لا يجني ثمار هذه العمليات -من وجهة نظر عسكرية- إلا الجيش والعسكر الذي يحيط بالعدو، أما إفراد هذه العمليات دون جيوش ودساكر وعساكر، فإن فائدتها -أكثر ما تظهر- في التأديب العاجل، وشفاء الصدور من أهل الباطل، أما أن تُحَقِّقَ المقاصد الشرعية الأصلية المعتبرة من الحروب والجهاد، فلا، بل قد يترتب عليها أحياناً مضار أكثر منها، فهي من هذه الحيثية في هذه الحالة، تتنزل بين مرتبتين، وتشبهها حالتين من حالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ هما:
الأولى: بمثابة المنكر الذي إذا تغيَّر، ترتّب عليه منكر أكبر منه، فهذا ممنوع.
الثانية: بمثابة المنكر الذي إذا أُنكر (قلّ أو زال)، ترتب عليه منكر بقدر زواله، وهذا محل نظر.
رابعاً: المُقْدِمُ على هذه العمليات مقصدُه يدور على تغيير ما هو واقع بالأمة أصالة، وتقديم روحه وبذلها من أجل نيل ثواب الشهادة، وليس في باله (الانتحار) و(قتل نفسه)، إذ لذاك -لو أراد- طرق أخرى كثيرة.
ولا شك أن لنيته أثراً على الحكم من حيث المآل، والمصير عند اللّه -عز وجل-. قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكر حرمة قتل الإنسان نفسه بالكتاب والسنة والإجماع، قال:
« فينبغي للمؤمن أن يفرق بين ما نهى اللّه عنه من قصد الإنسان قتل نفسه، أو تسببه في ذلك، وبين ما شرعه اللّه من بيع المؤمنين أنفسهم، وأموالهم له، كما قال -تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الّجَنَّةَ}، وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}؛ أي: يبيع نفسه.
والاعتبار في ذلك بما جاء به الكتاب والسنة، لا بما يستحسنه المرء أو يجده، أو يراه من الأمور المخالفة للكتاب والسنة، بل قد يكون أحد هؤلاء كما قال عمر بن عبد العزيز: من عبد اللّه بجهل، أفسد أكثر مما يصلح.
ومما ينبغي أن يعرف: أن اللّه ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس، وحملها على المشاق، حتى يكون العمل كل ما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال: أن الأجر على قدر المشقة، في كل شيء، لا! ولكن الأجر على قدر منفعة العمل، ومصلحته، وفائدته»( ).
ولكن النية وحدها لا تكفي، ولا بد من مراعاة الأحكام الشرعية الأخرى.
خامساً: من هذه الأحكام -وهي مقررة في المدوَّنات والكتب الفقهية-: عدم قتل من لم ينصب نفسه للقتال، من النساء والشيوخ والصبيان، أو ما يسمّى اليوم بـ(المدنيين)( ).
سادساً: من الصور المشروعة، التي لا خلاف فيها، وتشهد لها نصوص كثيرة، ووقائع عديدة من حياة الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الصالحين( ): أن ينغمس العدد القليل، أو الفرد الواحد، في صفوف الكثيرين من المقاتلين، ويغلب على ظنه الموت، فهذه صورة مشروعة مستثناة من صور الخلاف فضلاً عن المنع، بل هي من أفضل الأعمال المقربة إلى رضوان اللّه-عز وجل-، وأصحابها بائعو أنفسهم للّه -عز وجل-، كما سبق قريباً في كلام ابن تيمية -رحمه اللّه-.
وقال -أيضاً-:
« وقد روى مسلم في «صحيحه»( ) عن النبي s قصة أصحاب الأخدود، وفيها: «أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين»؛ ولهذا جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار، وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه: إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين، وقد بسطنا القول في هذه المسألة في موضع آخر.
فإذا كان الرجل يفعل ما يعتقد أنه يقتل به لأجل مصلحة الجهاد، مع أن قتله نفسه أعظم من قتله لغيره: كان ما يفضي إلى قتل غيره لأجل مصلحة الدين التي لا تحصل إلا بذلك، ودفع ضرر العدو المفسد للدين والدنيا، الذي لا يندفع إلا بذلك أولى، وإذا كانت السنة والإجماع متفقين على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل، وإن كان المال الذي يأخذه قيراطاً من دينار، كما قال النبي  في الحديث الصحيح: « من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد»( )، فكيف بقتال هؤلاء الخارجين عن شرائع الإسلام، المحاربين للّه ورسوله، الذين صولهم وبغيهم أقل ما فيهم، فإن قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والإجماع، وهؤلاء معتدون صائلون على المسلمين: في أنفسهم، وأموالهم، وحرمهم، ودينهم، وكل من هذه يبيح قتال الصائل عليها، ومن قتل دونها فهو شهيد، فكيف بمن قاتل عليها كلها»( ).
نعم؛ الخلاف فيها مذكور، ولكن الجماهير على الجواز، وبعضهم يقيد مشروعيتها ببعض القيود، يظهر ذلك من كلام أبي حامد الغزّالي وغيره، قال -رحمه اللّه- في «الإحياء»( ) في كتاب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر):
«لا خلاف في أن المسلم الواحد له أن يهجم على صف الكفار ويقاتل، وإن علم أنه يقتل، وكما أنه يجوز أن يقاتل الكفار حتى يقتل جاز -أيضاً- ذلك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن لو علم أنه لا نكاية لهجومه على الكفار، كالأعمى يطرح نفسه على الصف، أو العاجز، فذلك حرام، وداخل تحت عموم آية التهلكة، وإنما جاز له الإقدام إذا علم أنه لا يُقْتل حتى يَقْتل، أو علم أنه يكسر قلوب الكفار بمشاهدتهم جرأته، واعتقادهم في سائر المسلمين قلة المبالاة، وحبهم للشهادة في سبيل اللّه، فتكسر بذلك شوكتهم».
وقال الرافعي والنووي وغيرهما: التغرير بالنفس في الجهاد جائز، ونقل في «شرح مسلم»( ) الاتفاق عليه، ذكره في (غزوة ذي قرد).
وقال في قصة عمير بن الحمام حين أخرج التمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: «إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة»، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل.
قال النووي: «فيه جواز الانغماس في الكفار والتعرض للشهادة، وهو جائز لا كراهة فيه عند جماهير العلماء»( ) انتهى.
وقال البيهقي في «سننه»( ): (باب من تبرع بالتعرض للقتل):
« قال الشافعي( ) -رحمه اللّه تعالى-: قد بورز بين يدي رسول اللّه ، وحمل رجل من الأنصار حاسراً على جماعة المشركين يوم بدر بعد إعلام النبي  إياه بما في ذلك من الخير، فقتل».
قال البيهقي: « هو عوف بن عفراء، ذكره ابن إسحاق»، ثم ذكر في الباب قصة عمير بن الحمام، وأنس بن النضر، وغير ذلك.
وقال أبو عبداللّه القرطبي في « تفسيره »( ): «اختلف العلماء في اقتحام الرجل في الحرب وحمله على العدو وحده، فقال القاسم بن مخيمرة والقاسم بن محمد وعبدالملك من علمائنا: لا بأس أن يحمل الرجل وحده على الجيش العظيم، إذا كان فيه قوة، وكان للّه بنيّة خالصة، فإن لم تكن له قوة فذلك من التهلكة، وقيل: إذا طلب الشهادة وخلصت النية فليحمل؛ لأن مقصوده واحد منهم( )، وذلك بَيِّنٌ في قوله -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207].
وقال ابن خوايز منداد( ): «فأما أن يحمل الرجل على مئة أو على جملة العسكر أو جماعة اللصوص والمحاربين والخوارج، فلذلك حالتان: إن علم وغلب على ظنه أنه سيقتل من حمل عليه وينجو فحسن، وكذلك لو علم وغلب على ظنه أنه يقتل، ولكن سينكي نكاية أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون فجائز -أيضاً-، ولما تحصنت بنو حنيفة بالحديقة، قال رجل من المسلمين: ضعوني في الحَجَفَة وألقوني إليهم، ففعلوا، فقاتلهم وحده وفتح الباب».
قال القرطبي: « ومن هذا: ما روي، أن رجلاً قال للنبي : أرايت إن قتلت في سبيل اللّه صابراً محتسباً؟ قال: « فلك الجنة»، فانغمس في العدو حتى قتل( ).
ونقل ما في « صحيح مسلم »( ) عن أنس بن مالك، أن رسول اللّه أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار، ورجلين من قريش، فلما رهقوه، قال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال النبي: «ما أنصفنا أصحابنا»، قال: «هكذا الرواية: « أنصفنا أصحابنا»، وروي بفتح الفاء ورفع الباء، ويرجع إلى من فرّ عنه من أصحابه»، قال: « وقال محمد بن الحسن( ): لو حمل رجل واحد على ألف رجل من المشركين، وهو وحده لم يكن بذلك بأس، إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية في العدو، فإن لم يكن كذلك فهو مكروه؛ لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين، فإن كان قصده تجرئة المسلمين عليهم حتى يصنعوا مثل صنيعه فلا يبعد جوازه؛ لأن فيه نفعاً للمسلمين على بعض الوجوه، فإن كان قصده إرهاب العدو ليعلم العدو صلابة المسلمين في الدين، فلا يبعد جوازه إذا كان فيه نفع للمسلمين، فَتَلَفُ النفس لإعزاز دين اللّه وتوهين الكفر، فهو المقام الشريف الذي مدح اللّه به المؤمنين في قوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: 111] الآية، إلى غيرها من آيات المدح التي مدح اللّه بها من بذل نفسه، وعلى ذلك ينبغي أن يكون حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»( ) انتهى كلام القرطبي.
ومثله ما نقله ابن حجر في «الفتح»( ) عن المهلب قوله: «وقد أجمعوا على جواز المهالك في الجهاد».
وقال ابن حجر -أيضاً- في موطن آخر: «وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو، فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته، وظنه أنه يرهب العدو بذلك، أو يجرئ المسلمين عليهم، أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن، ومتى كان مجرد تهوّر فممنوع، ولا سيما إن ترتّب على ذلك وهن في المسلمين، واللّه أعلم»( ).
وقال ابن المناصف: « واختلف أهل العلم في حمل الرجل وحده على الجيش والعدد الكثير من العدو.
فأقول: أحوال الذي يحمل وحده ثلاث:
- حال اضطرار وقلّة: حيث يحيط به العدو، وهو يخاف تغلَّبهم عليه، وأسرَهم إياه، فذلك جائز أن يحمل عليهم باتفاق.
- وحال يكون فيها في صفّ المسلمين ومعهم، فيحمل إرادة السُّمعة والاتصاف بالشجاعة، فهذا حرام باتِّفاق.
- وحال يكون كذلك مع المسلمين، فيحمل غضباً للّه، محتسباً نفسه عند اللّه، ففي هذا اختلف أهل العلم، فمنهم من كره حمله وحده، ورآه مما نهى اللّه عنه من الإلقاء باليد إلى التّهلكة، ومنهم من أجاز ذلك واستحسنه، إذا كانت به قوة، وفي فعله ذلك منفعة، إما لنكاية العدو، أو تجرئة المسلمين حتى يفعلوا مثل ما فعل، أو إرهاب العدو، ليعلموا صلابة المسلمين في الدين.
وبالجملة؛ فكل من بذل نفسه لإعزاز الدين، وتوهين أهل الكفر فهو المقام الشريف الذي تتوجه إليه مدحة اللّه -تعالى-، وكريم وعده، في قوله -سبحانه-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً} [التوبة: 111]، وقال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}»( ).
قال أبو عبيدة: من الصور التي تخرج على هذا النوع في زماننا: أن يتسلل المجاهد إلى معسكر من معسكرات العدو، أو أن يدخل مجمعاً لهم بسلاحه الآلي، أو بمجموعة قنابل، ويقوم بقتلهم حتى تنفد ذخيرته، فيلقون القبض عليه ويقتلوه، والملاحظ هنا، أن احتمال نجاة هذا المجاهد قليلة، بسبب كثرة العدو، وقوات أمنه ودورياته، ففي هذه الحالة يموت بيد أعدائه، مع أن في فعله نكاية شديدة بالعدو( ).
والخلاصة: إن هذه الصورة مقيدة بقيود، اختلف العلماء في التعبير عنها، والمعنى والفحوى والمضمون -في الجملة- واحد؛ وهو:
«أن يعلم أنه لا يُقْتل حتى يَقْتل»، أو « لو علم أن لهجومه نكاية على الكفار»، أو «علم أنه يكسر قلوب الكفار( ) بمشاهدتهم جرأته»، أو أنه «سينكي نكاية أو يؤثر أثراً ينتفع به المسلمون»، أو «لا يترتب على ذلك وهن في المسلمين».
وهذه القيود متوفّرة في (العمليات) المبحوثة السابقة، إلا أنه ينبغي الوقوف بتأمل مع قول محمد بن الحسن: «إذا كان يطمع في نجاة»!
ومما ينبغي التنبه له: أن القتل بالتغرير بالنفس الجائز في النصوص والنقولات السابقة هو ما يقع على أيدي الكفار وسلاحهم، ولذا لا إشكال في جواز هذه العمليات الفدائية( )، وأنها من قبيل العمليات الاستشهادية.
سابعاً: أما العمليات التي فيها القتل المحتّم لنفسه بنفسه، من خلال وضع حزام فيه متفجرات على بدنه، أو في سيارة، ويُظهر استسلاماً للأعداء الكفار، أو يعمل بداية على الدخول بينهم للقضاء عليهم، كما يقوم به بعض أبناء فلسطين المحتلة -أعادها اللّه إلى حظيرة الإسلام والمسلمين- باليهود، فهذا مما اختلفت فيه وجهات نظر العلماء، بين موسع ومضيّق ومتوسط:
فالمجوز بإطلاق، دون شروط أو مراعاة لأيّ قيود، ليس بـ(فقيه النفس)، ولا يوجد مسوّغ شرعي للنظر في المصالح فحسب، دون النظر إلى (مآلات الأفعال) والمفاسد المترتبة عليها! وبهذا الكلام يفتي المتحمّسون من الشباب، وهو أشبه ما يكون بـ(المراهقة الفكرية).
والمضيّق بإطلاق، راعى نصوصاً، ووقف عند ألفاظها، وأهمل المعاني، ولم يلحق المسألة بأشباهها ونظائرها! ولم يفرق بين (المنتحر) و(المغامر)( )، إذ همُّ الأول الخلاص من حياته، وهمُّ الثاني إلحاق الضرر بعدوِّه، ولو غامر بنفسه! وعمل على هلاكها.
ومما ينبغي ذكره بهذا الصدد أمور:
أولاً:إن فتاوى المعاصرين في هذه المسألة موجزة غير مفصلة، وكل منهم يتكلَّم على هذه العمليات من جهة، وبعض هذه الفتاوى تقتصر على واقعة معينة، أو يكون صاحبها واضعاً في حسبانه شيئاً معيناً، ولذا يجب مراعاة هذه الأمور، فقد تختلف الفتاوى باختلاف الحالات، أو بتعدد البلدان، واختلاف الزمان والأوان، فهي تدور على المصلحة المتوخاة، المضبوطة بقواعد الشرع ومقاصده، وجوداً وعدماً.
ثانياً: إن الاختلاف في هذه المسألة يقع بين العلماء بناءً على اختلاف تصوّراتهم عنها، فقواعدهم واحدة، وتحقيق مناطها بينهم مختلف، ولو اتفقت أنظارهم لاتّحدت فتاويهم، وهذا النوع من الخلاف فيه سعة، إذ لا يوجد فيه تعدٍّ على النصوص، فالحقّ مع الطرفين، ولكن ينقص المخطئ العدل( )! وهذا النوع يقع بين أصحاب المدرسة الواحدة، والمشرب والمذهب الواحد!
ثالثاً: هنالك فرق بين ما يستدل به المجوّزون من نصوصٍ وحوادثَ وقعت للمجاهدين في العصور السابقة، وبين هذه العمليات، وأهم هذه الفروق: أن في تلك الأحداث موتاً على أيدي الأعداء، والطمع في النجاة حاصل، ولو باحتمال ضئيل، بخلاف ما في هذه العمليات، إذ الموت محقق، وهو بيد صاحبها!
وقد عبر عن ذلك بعض المعاصرين بقوله: « فمن ألقى بنفسه في الهلاك لصالح دينه، أو لصالح المسلمين، فقد فدى دينه وإخوانه بنفسه، وذلك غاية التضحية وأعلاها، وكم للمسلمين الأوائل من مواقف مشهودة كلها تضحية وفداء، وبذلك تستطيع أن تجيز ما يعمله الفدائي المسلم في عصرنا هذا، من أعمال يذهب هو ضحيتها بعد أن يكون قد نكل بالعدو وقتل ودمر، وذلك مثل: إغراق سفينة بمن فيها من الأعداء وهو معهم، احتلال فندق لقتل من فيه من المقاتلين وهو يعلم أنه يُقتل معهم، وضع المتفجرات في معسكر، أو في مصنع حربي، أو في إدارة عسكرية للقضاء على من فيها، وهو يعلم أنه لا نجاة له، إلى آخر مثل هذه الأمور، ولكن لا يجوز أن يلتف بحزام ناسف لينسف نفسه ومن بجواره، والفرق أن الأصل في الحالة الأولى أنه يقتل عدوه، وجاء قتله تبعاً لذلك، ولذلك لو استطاع الهروب من القتل والنجاة بعد التفجير وجب عليه ذلك.
أما الحالة الثانية فالأصل فيها قتل نفسه أولاً ليقتل غيره، وقد لا يقتل هذا الغير لسبب من الأسباب، وإقدامه على قتل نفسه ابتداءً لا يحل في مثل هذه الظروف»( ).
رابعاً: الذي أُراه راجحاً في هذه العمليات: الجواز مع شروط وقيود( )؛ إعمالاً للمعاني( )، وإلحاقاً للمسألة بأشباهها ونظائرها عند الفقهاء.
ولا بد من (الشروط) و(القيود)؛ لأنّ المحافظة على النفس من المقاصد الشرعية الكبرى، فكيف يتعمد مسلم في إزهاق نفسه ليقتل عدوه؟ والمحافظة على بقاء المسلم مقدم على إزهاق روح الكافر، ولما كانت هذه العمليات خلاف هذا الأصل، احتجنا إلى قيود وشروط لتجويزها.
وأما (المعاني)، فقد وجدنا الفقهاء يجوزون قتل المسلمين إذا تترس بهم الكفار، حفظاً لبيضتهم، ومن المعلوم أن قتل الجماعة أشد وأعظم إثماً من قتل الواحد، وقتل الغير أعظم من قتل النفس، وقد جوّز الفقهاء ذلك بناءً على المصلحة المترتبة، قال ابن تيمية -رحمه اللّه-: «وقد اتفق العلماء على أنّ جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين، وخيف على المسلمين الضرر، إذا لم يُقاتلوا، فإنهم يُقاتلون، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم»( ).
فإذا جاز لدرء الضرر قتلُ الجماعة من المسلمين، فقتل المجاهد نفسه جائز من باب أولى، وقد نوّه الحافظ ابن حجر في شرحه (باب: ما جاء في قاتل النفس) بذلك، وأورد البخاري تحته أحاديث قتل المسلم نفسه، فقال ابن حجر: «أراد -أي: البخاري- أن يُلْحِقَ بقاتل نفسه قاتلَ غيره من باب الأولى؛ لأنه إذا كان قاتلُ نفسه لم يتعدَّ ظلم نفسه ثبت فيه الوعيد الشديد، فأولى مَنْ ظَلَم غيرَه بإفاتة نفسه»( ).
فإذا كان الأعظم إثماً، وقتل الأكثر عدداً جائزاً في هذه الصورة لمعنىً
- وهو: تفادي الضرر الشديد- فإنه من باب أولى يجوز الأخف وزراً، وقتل الأقل عدداً( )، إن تحققت العلّة والضرر نفسه أو ما هو أشد منه، واللّه الموفق.
ويلحق بهذا المعنى ما ذكره العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه اللّه- في « فتاويه»( )، قال: « الفرنساويون في هذه السنين تصلبوا في الحرب، ويستعملون « الشرنقات »( ) إذا استولوا على واحد من الجزائريين، ليعلمهم بالذخائر والمكامن، ومن يأسرونه قد يكون من الأكابر، فيخبرهم أن في المكان الفلاني كذا وكذا.
وهذه الإبرة تسكره إسكاراً مقيداً، ثم هو مع هذا كلامه ما يختلط، فهو يختص بما يبينه بما كان حقيقة وصدقاً.
جاءنا جزائريون ينتسبون إلى الإسلام يقولون: هل يجوز للإنسان أن ينتحر مخافة أن يضربوه بالشرنقة، ويقول: أموت أنا وأنا شهيد -مع أنهم يعذبونهم بأنواع العذاب-؟
فقلنا لهم: إذا كان كما تذكرون فيجوز، ومن دليله: «آمَنَّا بِرَبِّ الغُلام»، وقول بعض أهل العلم: إن السفينة... إلخ. إلا أن فيه التوقف من جهة قتل الإنسان نفسه، ومفسدة ذلك أعظم من مفسدة هذا، فالقاعدة محكمة، وهو مقتول ولا بد»( ) انتهى.
قلت: قوله: «وقول بعض أهل العلم: إن السفينة...»؛ يريد: مثالاً مشهوراً في كتب الفقه، يؤكّد ما نحن بصدده من إعمال (المعاني)، وهذه نصوص من كتب العلماء توضح المومئ إليه:
جاء في «المدونة»( ) للإمام مالك: «-(أي: سحنون يسأل ابنَ القاسم، تلميذَ الإمام مالك)- أرأيتَ السفينةَ إذا أحرقها العدوُّ وفيها أهلُ الإسلام، أكان «مالكٌ» يَكرَهُ لهم أن يطرحوا بأنفسهم؟ وهل يراهم قد أعانوا على أنفسهم؟ قال: بلغني أنَّ «مالكاً» سُئل عنه، فقال: لا أرى به بأساً، إنَّما يفرّون من الموت إلى الموت! قال ابنُ وَهْب: قال ربيعةُ: أيُّما رَجُلٍ يَفِرُّ من النار إلى أمر يعرِف أنَّ فيه قَتْلَه، فلا ينبغي له، إذا كان إنما يفرُّ من موت إلى موت أيسرَ منه، فقد جاء ما لا يَحِلُّ له، وإنْ كان إنما تحاملَ في ذلك رجاءَ النجاة... فكلُّ مُتحامل لأمر يرجو النجاة فيه فلا جُنَاحَ عليه، وإنْ عَطَبَ فيه.
قال: وبلغني عن ربيعةَ أنه قال: إنْ صبر فهو أكرمُ -إن شاء اللّه-».
وقال ابن جزي: «وقد اختُلف في المركب يُلقى عليه النارُ، هل يُلقي الرجلُ نفسَه ليغرق أم لا؟ وأمَّا إنْ قوتل فلا يُغرق نفسَه، بل يقف للقتال حتى يموت»( ).
وقال الدردير: « وجاز انتقالٌ من سبب موت لآخر؛ كحرقهم سفينة إن استمرَّ فيها هلك، وإن طَرَحَ نفسَه في البحر هلك، ووجب الانتقالُ إن رجا به حياةً، أو طولَها، ولو حصل له معها ما هو أشدُّ من الموت! لأنَّ حفظ النفوس واجبٌ ما أمكن!»( ).
وعَلَّقَ الدُّسُوقي على ما سبق، فقال: « فَرضُ المسألة استواءُ الأمرين؛ أي: يعلمُ أنه إنْ مكث (أي: في السفينة المحترقة) مات حالاً، وإنْ رمى نفسَه في البحر مات حالاً، وأمَّا إنْ علم أنه إنْ نزل البحر مكث حياً، ولو درجةً، أو ظنَّ ذلك، أو شَكَّ فيه! وإنْ مكث (أي: في السفينة المحترقة) مات حالاً: وجب عليه النزولُ في البحر!»( ).
وقال ابن قدامة المقدسي الحنبلي: « وإذا ألقى الكفارُ ناراً في سفينة فيها مسلمون، فاشتعلت فيها، فما غلب على ظنهم السلامةُ فيه من بقائهم في مركبهم، أو إلقاء نفوسهم في الماء، فالأولى لهم فِعلُه، وإن استوى عندهم الأمران، فقال أحمد: كيف شاء يصنع. قال الأوزاعي: هما مَوْتتان، فاختر أيسرَهما! وقال أبو الخَطَّاب: فيه روايةٌ أخرى أنهم يلزمهم المُقام؛ لأنهم إذا رَمَوْا نفوسَهم في الماء كان موتُهم بِفِعلهم، وإن أقاموا فموتهم بفعل غيرهم»( ).
ومما يؤكد إعمال (المعاني) في هذا الباب، ما ذكره العز بن عبد السلام في اختلاف الإثم في قتل النفوس، قال بعد كلام: «وليس مَن قتل فاسقاً ظالماً من فُسَّاق المسلمين بمثابة مَن قتل إماماً عدلاً أو حاكماً مقسطاً أو والياً منصفاً؛ لما فوَّته على المسلمين من العدل والإقساط والإنصاف، وعلى هذا حَمَل بعضُهم قوله -تعالى-: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} [المائدة: 32].
لَمّا عمت المفسدةُ في قتل أحد هؤلاء، جُعِلَ إثمُها كإثم مَنْ قتل الناسَ جميعاً؛ لِمَا فَوَّتَهُ على الناس من مصالح بقائه، ولَمَّا عمَّت المصلحةُ في إنقاذ ولاة العدل والإقساط والإنصاف من المهالك، جُعِل أجرُ مُنْقِذِها، كأجر من أنقذ الناس من أسباب الهلاك جميعاً؛ لعموم ما سعى فيه من المصالح».
وكذلك قوله: «وليس قطعُ العالم أو الحاكم أو المفتي أو الإمام الأعظم لسان نفسه، كقطع من لا يُنتَفَعُ بلسانه لسانَ نفسِه».
قال: «والمدارُ في هذا كله على رُتَب تفويت المصالح وتحقيق المفاسد، فكل عضوٍ كانت منفعتُه أَتَمَّ، كانت الجنايةُ عليه أعظمَ وزراً، فليست الجنايةُ على العقل واللسان كالجناية على الخناصر والآذان».
قال: «من قتل إماماً عَدْلاً، أو حاكماً مُقسِطاً، أو مفتياً مُبرِّزاً، كان عليه إثم القتل، وإثم ما فوَّت على المسلمين مما كانوا يقومون به من جَلْب المصالح ودَرْء المفاسد».
قال: «وكذلك من قتل أباه، أَثِمَ إثْمَ القتل وإثْمَ العقوق؛ لتحقيقه المفسدتين بفعل واحد»( ).
 نماذج من فتاوى علماء العصر الربانيين
ثامناً: هذه نماذج من فتاوى علماء العصر، يظهر من خلالها أن المنع لما يترتب على هذه الفتاوى من أضرار، فأطلق المانعون الحرمة لهذا الاعتبار، لا لحرمة العدو، إو إقراراً له على احتلاله واغتصابه، وقتله وبطشه! ويمكن أن نجعل هذه المحاذير بمثابة قيود للحل! فتضيق الهوة بين المختلفين، وتتقارب وجهات نظرهم، وينحصر( ) الخلاف بينهم!
 فتوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه اللّه تعالى-
للشيخ ابن عثيمين -رحمه اللّه- كلام في أكثر من مكان على هذه العمليات، المتأمل فيه يجد أن الشيخ يمنع العمليات القائمة في بلاد فلسطين وغيرها، تقديراً منه على أن الأضرار فيها غالبة على وجه ظاهر عنده، ومن أنعم النظر في كلامه يجد أن هذه العمليات -عنده- لها وجود بقيود في الشرع، فإدراجه ضمن المانعين لها بإطلاق ليس بصحيح( ).
قال في «شرح رياض الصالحين» (1/165-166) في شرح حديث قصة أصحاب الأخدود، محدِّداً الفوائد المستنبطة منه: «إن الإنسان يجوز أن يغرر بنفسه في مصلحة عامَّة للمسلمين، فإن هذا الغلام دلَّ الملك على أمر يقتله به ويهلك به نفسه، وهو أن يأخذ سهماً من كنانته... إلخ.
قال شيخ الإسلام: «لأنَّ هذا جهاد في سبيل اللّه، آمَنَت أمَّة وهو لم يفتقد شيئاً؛ لأنَّه مات، وسيموت آجلاً أو عاجلاً».
فأمَّا ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدّم بها إلى الكفار، ثم يفجرها إذا كان بينهم، فإن هذا من قتل النفس والعياذ باللّه، ومن قتل نفسه فهو خالد مخلد في نار جهنم أبد الآبدين، كما جاء في الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام-( ).
لأن هذا قتل نفسه لا في مصلحة الإسلام؛ لأنه إذا قتل نفسه وقتل عشرة أو مئة أو مئتين، لم ينتفع الإسلام بذلك، فلم يُسلم الناس، بخلاف قصة الغلام، وهذا ربما يتعنت العدو أكثر ويُوغر صدره هذا العمل، حتى يفتك بالمسلمين أشدّ فتك.
كما يوجد من صنع اليهود مع أهل فلسطين، فإن أهل فلسطين إذا مات الواحد منهم بهذه المتفجرات، وقتل ستة أو سبعة، أخذوا من جراء ذلك ستين نفراً أو أكثر، فلم يحصل في ذلك نفع للمسلمين، ولا انتفاع للذين فُجرت المتفجرات في صفوفهم.
ولهذا نرى أنَّ ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار، نرى أنه قتل للنفس بغير حق، وأنَّه مُوجب لدخول النار -والعياذ باللّه-، وأن صاحبه ليس بشهيد، لكن إذا فعل الإنسان هذا متأولاً ظاناً أنه جائز، فإننا نرجو أن يَسلَم من الإثم، وأمَّا أن تكتب له الشهادة فلا؛ لأنه لم يسلك طريق الشهادة، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر» انتهى كلامه.
إذاً؛ الشيخ ابن عثيمين -رحمه اللّه- يرى أن النتائج المترتبة على هذه العمليات، هي التي تقرر مشروعيتها من عدمها، وأن في تقدير الشيخ أن ما يقوم به أهل فلسطين ممنوع؛ لما يترتب عليه من آثار سيئة في حق سائر أفراد الشعب، وقد صرح بذلك في «اللقاء الشهري» (20)، وهذا نص السؤال والجواب بالحرف:
«السؤال: فضيلة الشيخ! علمت -حفظك اللّه- ما حصل في يوم الأربعاء من حادث قُتل فيه أكثر من عشرين يهودياً على يد أحد المجاهدين، وجرح فيه نحو خمسين، وقد قام هذا المجاهد فلفّ على نفسه المتفجرات، ودخل في إحدى حافلاتهم ففجَّرها، وهو إنما فعل ذلك:
أولاً: لأنه يعلم أنه إن لم يقتل اليوم قُتل غداً؛ لأنّ اليهود يقتلون الشباب المسلم هناك بصورة منتظمة.
ثانياً: إن هؤلاء المجاهدين يفعلون ذلك انتقاماً من اليهود الذين قتلوا المصلين في المسجد الإبراهيمي( ).
ثالثاً: إنهم يعلمون أن اليهود يخططون هم والنصارى للقضاء على روح الجهاد الموجودة في فلسطين.
والسؤال هو: هل هذا الفعل منه يعتبر انتحاراً أو يعتبر جهاداً؟ وما نصيحتك في مثل هذه الحال، لأننا إذا علمنا أن هذا أمر محرّم لعلنا نبلغه إلى إخواننا هناك، وفقك اللّه؟
الجواب: هذا الشاب الذي وضع على نفسه اللباس الذي يقتل، أول من يقتل نفسه، فلا شك أنه هو الذي تسبب في قتل نفسه، ولا يجوز مثل هذه الحال إلا إذا كان في ذلك مصلحة كبيرة للإسلام، فلو كانت هناك مصلحة كبيرة ونفع عظيم للإسلام، كان ذلك جائزاً.
وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللّه- على ذلك، وضرب لهذا مثلاً بقصة الغلام، الغلام المؤمن الذي كان في أمة يحكمها رجل مشرك كافر، فأراد هذا الحاكم المشرك الكافر أن يقتل هذا الغلام المؤمن، فحاول عدة مرات، مرة ألقاه من أعلى جبل، ومرة ألقاه في البحر، ولكنه كلما حاول ذلك نجى اللّه ذلك الغلام، فتعجب هذا الملك الحاكم، فقال له الغلام يوماً من الأيام: أتريد أن تقتلني؟ قال: نعم، وما فعلت هذا إلا لقتلك، قال: اجمع الناس في صعيد واحد، ثم خذ سهماً من كنانتي، واجعله في القوس، ثم ارمني به، قل: بسم اللّه ربّ الغلام. وكانوا إذا أرادوا أن يسموا، قالوا: باسم الملك، لكن قال له: قل: بسم اللّه رب هذا الغلام.
فجمع الناس في صعيد واحد، ثم أخذ سهماً من كنانته، ووضعه في القوس، وقال: بسم رب هذا الغلام، وأطلق القوس، فضربه، فهلك، فصاح الناس كلهم: الرب ربّ الغلام، والربّ ربّ الغلام، وأنكروا ربوبية هذا الحاكم المشرك؛ لأنهم قالوا هذا الرجل الحاكم فعل كل ما يمكن أن يهلك به هذا الغلام، ولم يستطع إهلاكه، ولما جاءت كلمة واحدة: بسم اللّه رب هذا الغلام، هلك، إذاً مدبر الكون؛ هو: اللّه، فآمن الناس.
يقول شيخ الإسلام: هذا حصل فيه نفع كبير للإسلام.
وإن من المعلوم، أن الذي تسبب في قتل نفسه هو هذا الغلام لا شك، لكنه حصل بهلاك نفسه نفع كبير؛ آمنت أمة كاملة، فإذا حصل مثل هذا النفع، فللإنسان أن يفدي دينه بنفسه، أما مجرد قتل عشرة أو عشرين دون فائدة، ودون أن يتغير شيء ففيه نظر، بل هو حرام، فربما أخذ اليهود بثأر هؤلاء فقتلوا المئات، والحاصل أن مثل هذه الأمور تحتاج إلى فقه وتدبر، ونظر في العواقب، وترجيح أعلى المصلحتين ودفع أعظم المفسدتين، ثم بعد ذلك تقدّر كل حالة بقدرها»( ).
وسئل الشيخ -رحمه اللّه تعالى- بما يلتقي مع الجوابين السابقين، وفيه زيادة في حكم من فعل ذلك مجتهداً وقد أخطأ في تقدير المصالح والمفاسد، وهذا نص السؤال والجواب:
السؤال: ما الحكم الشرعي فيمن يضع المتفجرات في جسده، ويفجر نفسه بين جموع الكفار نكاية بهم؟ وهل يصح الاستدلال بقصة الغلام الذي أمر الملك بقتله؟
الجواب: «الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات العدو، قاتل لنفسه، وسيعذب بما قتل به نفسه في نار جهنم خالداً فيها مخلداً، كما ثبت ذلك عن النبي فيمن قتل نفسه في شيء يعذب به في نار جهنم.
وعجباً من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات، وهم يقرؤون قول اللّه -تعالى-: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}، ثم فعلوا ذلك، هل يحصدون شيئاً؟ هل ينهزم العدو؟! أم يزداد العدو شدة على هؤلاء الذين يقومون بهذه التفجيرات، كما هو مشاهد الآن في دولة اليهود، حيث لم يزدادوا بمثل هذه الأفعال إلا تمسكاً بعنجهيتهم، بل إنا نجد أن الدولة اليهودية في الاستفتاء الأخير نجح فيها (اليمينيون) الذين يريدون القضاء على العرب.
ولكن من فعل هذا مجتهداً ظاناً أنه قربة إلى اللّه -عز وجل- فنسأل اللّه -تعالى- ألا يؤاخذه؛ لأنه متأول جاهل...
وأما الاستدلال بقصة الغلام، فقصة الغلام حصل فيها دخول في الإسلام، لا نكاية في العدو، ولذلك لما جمع الملك الناس، وأخذ سهماً من كنانة الغلام، وقال: باسم اللّه رب الغلام، صاح الناس كلهم، الرب رب الغلام، فحصل فيه إسلام أمة عظيمة، فلو حصل مثل هذه القصة لقلنا إن هناك مجالاً للاستدلال، وأن النبي قصها علينا لنعتبر بها، لكن هؤلاء الذين يرون تفجير أنفسهم إذا قتلوا عشرة أو مئة من العدو، فإن العدو لا يزداد إلا حنقاً عليهم وتسمكاً بما هم عليه»( ).
 فتوى الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه اللّه تعالى-
لشيخنا محدث هذا العصر محمد ناصر الدين الألباني -رحمه اللّه- كلام حول حكم هذه العمليات، مفاده ومؤداه لا يخرج عما سبق تقريره في فتوى الشيخ ابن عثيمين( )، وقد أخطأ عليه كثير من الشانئين، فأكلوا لحمه، وأقاموا عليه الدنيا وما أقعدوها، كشأنهم في حرب الخليج، ولما هدأت الأحوال، تبيَّن لهم أن صنيعهم رماد، وأنهم علقوا الناس بسراب، وأنهم متعجِّلون، وهيهات لهم -في وقت الأحداث الجسام- أن يمسكوا ألسنتهم، لأنه لا وجود لهم إلا بها، ووجودهم صياح وعويل، دون ثمرة أو تأصيل، وزمن (العواطف) ولَّى أو كاد، ولن يبقى الوجود -إن شاء اللّه تعالى- إلا للأصيل، الذي أحكم تصوراته وأفعاله وأقواله بالدليل، على قواعد أهل العلم والتبجيل، وهذا أول النصر، لا سيما لهذا الجيل.
إن فتوى الشيخ -رحمه اللّه تعالى- تدور على الجواز بشروط، من أهمِّها: أن يقع تقدير المصالح المترتبة عليها من أمير للجيش، وإلا دبَّت الفوضى. وأن تقدير الشيخ -رحمه اللّه- في العمليات التي وقعت في (فلسطين) -أعادها اللّه إلى حضيرة الإسلام والمسلمين- لم تترتب عليها الآثار المتوخّاة في الشرع، ولهذا فهو يمنعها( )، مع قوله -فيما سمعتُ منه-: «إنَّ مآل أصحابها إلى اللّه -عز وجل-، أرجو اللّه أن يتقبَّلهم»( ).
وهذا نص كلامه -رحمه اللّه تعالى- في هذه العمليات:
السائل: بعض الجماعات تقر الجهاد الفردي مستدلة بموقف الصحابي أبي بصير، وتقوم بما يسمى بعمليات استشهادية (وأقول: انتحارية)، فما حكم هذه العمليات؟
فأجاب الشيخ بالسؤال:
كم صار لهم...؟
السائل: أربع سنوات.
فقال الشيخ ناصر: ربحوا أم خسروا؟
السائل: خسروا.
فقال الشيخ ناصر: من ثمارهم يعرفون( ).
السائل: بالنسبة للعمليات العسكرية الحديثة، فيه قوات تسمى بالكوماندوز، فيكون فيه قوات للعدو تضايق المسلمين، فيضعون فرقة انتحارية تضع القنابل ويدخلون على دبابات العدو، ويكون هناك قتل... فهل يعد هذا انتحاراً؟
الجواب: لا يعد هذا انتحاراً؛ لأنّ الانتحار؛ هو: أن يقتل المسلم نفسه خلاصاً من هذه الحياة التعيسة... أما هذه الصورة التي أنت تسأل عنها، فهذا ليس انتحاراً، بل هذا جهاد في سبيل اللّه... إلا أن هناك ملاحظة يجب الانتباه لها، وهي أن هذا العمل لا ينبغي أن يكون فردياً شخصياً، إنما هذا يكون بأمر قائد الجيش... فإذا كان قائد الجيش يستغني عن هذا الفدائي، ويرى أن في خسارته ربح كبير من جهة أخرى، وهو إفناء عدد كبير من المشركين والكفار، فالرأي رأيه ويجب طاعته، حتى ولو لم يرض هذا الإنسان فعليه الطاعة...
الانتحار من أكبر المحرمات في الإسلام؛ لأنّ ما يفعله إلا غضبان على ربه ولم يرض بقضاء اللّه... أما هذا فليس انتحاراً، كما كان يفعله الصحابة يهجم الرجل على جماعة (كردوس) من الكفار بسيفه، ويعمل فيهم بالسيف حتى يأتيه الموت، وهو صابر؛ لأنه يعلم أن مآله إلى الجنة... فشتان بين من يقتل نفسه بهذه الطريقة الجهادية وبين من يتخلص من حياته بالانتحار، أو يركب رأسه ويجتهد بنفسه، فهذا يدخل في باب إلقاء النفس في التهلكة( ). (ا.هـ)
كما نعرض هنا لنص الفتوى التي أفتى بها الشيخ ناصر الدين الألباني، رداً على سؤال وجه إليه حول العمليات، فأجاب -رحمه اللّه-: «إن العمليات الانتحارية التي تقع اليوم تجوز ولا تجوز»، وتفصيل هذا الكلام الذي يوهم التناقض ظاهر أنها تجوز في النظام الإسلامي، في الجهاد الإسلامي، الذي يقوم على أحكام الإسلام، ومن هذه الأحكام أن لا يتصرف الجندي برأيه الشخصي، وإنما يأتمر بأمر أميره؛ لأنّ النبي s كان يقول: «من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن أطاع أميري فقد أطاعني»، فإذا كان هناك -ونرجو أن يكون قريباً- جهاد إسلامي، على النظام الإسلامي وأميره لا يكون جاهلاً، وإنما يكون عالماً بالإسلام، خاصة الأحكام المتعلقة بالجهاد في سبيل اللّه، هذا القائد أو هذا الأمير المفروض أنه يعرف، وأخذ مخطط ساحة المعركة وتصورها في ذهنه تماماً، يعرف -مثلاً- إذا كانت هناك طائفة من الجيش لها نكاية في الجيش الإسلامي، ورأى أن يفادي بجزء من جنوده. ثم قال: وهذا مثال، وأنا لست عسكرياً، لكن الإنسان يستعمل عقله، فكلنا يعلم أن الجنود ليسوا في البسالة والشجاعة سواء، وليسوا في مرتبة واحدة في معرفة أصول القتال وأحكام القتال، فأنا أتصور أن هذا القائد سيأخذ رجلاً، من الذين يصلحون للطبخ والنفخ، من الذين لا يصلحون للقتال؛ لأنه لا يحسن القتال، ليس عنده شجاعة، ويقول له: تسلح بالقنابل أو اركب الطائرة، واذهب بها إلى الجماعة الموجودين في الأرض الفلانية... هذا انتحار يجوز، أما أن يأتي واحد من الجنود كما يفعلون اليوم، أو من غير الجنود وينتحر في سبيل قتل اثنين أو ثلاثة أو أربعة من الكفار فهذا لا يجوز؛ لأنه تصرف شخصي ليس صادراً عن أمير الجيش، وهذا التفصيل هو معنى قولنا: يجوز ولا يجوز.
وهذا كلام آخر للشيخ -رحمه اللّه- حول هذه العمليات، نختم به النقل عنه:
السائل: ما حكم الذين يموتون في عمليات جهادية على الحدود مع اليهود؟
الجواب:
أولاً: إذا قصدوا الجهاد في سبيل اللّه -عز وجل- فهو بنياتهم؛ للحديث المعروف في «صحيح البخاري ومسلم»، وهو من الأحاديث التي افتتح البخاري كتابه «الصحيح» به، وأخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» في كتاب الجهاد؛ لبيان أن الجهاد لا يكون جهاداً في سبيل اللّه إلا إذا خلصت النية للّه -تبارك وتعالى-، وقد كنا ذكرنا في جلسة سبقت، أنه يشترط في العمل الصالح الذي يرفعه اللّه -عز وجل- مقبولاً لديه شرطان اثنان: أن يكون على وجه السنة، وأن يكون خالصاً للّه -عز وجل-.
ولا شك أن الجهاد هو من الأعمال الصالحة التي فرضها اللّه -عز وجل-؛ تارة فرض عين، وتارة فرض كفاية، وأناط بالجهاد بقاء العز للأمة المسلمة، وعلى العكس من ذلك إذا أهملوا الجهاد في سبيل اللّه، كما جاء في الحديث الصحيح: «سلط اللّه عليهم ذلاً لا ينزعه -لا يرفعه عنهم- حتى يرجعوا إلى دينهم».
فلا داعي لإثبات أن الجهاد عبادة -وعبادة عظيمة جداً-، ولكن هذه العبادة لا تقبل عند اللّه -عز ووجل- إلا إذا خلصت للّه وليس لحزبية، أو دفاع عن أرض، والأرض كلها للّه، يملّكها من يشاء من عباده، ذلك الحديث الذي افتتح الإمام البخاري كتابه «الصحيح» -كلكم يسمعه-، ولكن من الظن العمل به، قال -عليه الصلاة والسلام-: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله، فهجرته إلى اللّه ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». هذا الحديث صريح جداً؛ لأنّ الهجرة التي ذُكرت في هذا الحديث، والمقصود بها هو الجهاد في سبيل اللّه -عز وجل-، إنما يقبله ربنا -تبارك وتعالى- إذا كان بنية خالصة للّه، لا يريد من وراء ذلك شيئاً من حطام الدنيا، أو مما يتعلق بها، قال -عليه السلام-على سبيل المثال-: «فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله، فهجرته إلى اللّه ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». ذكر المرأة والمال يصيبه الإنسان في الجهاد، لا يبتغي من وراء هذه إلا اللّه، فهو ونيته.
قلت: ذكر ذلك على سبيل المثال، وإلا فالنية تُفسَد بكثير من الأمور، ليست امرأة ينكحها، أو دنيا يصيبها فحسب، فقد يكون يريد من جهاده ومن قتاله أن يقال: إنه مجاهد، لا يريد مالاً ولا يريد امرأة في السبي، وإنما يريد أن يقال: فلان مجاهد، فهذا هو ونيته؛ أي: ليس له جهاد.
فالجواب إذن: إذا خلصت النية من المجاهد للّه، لا شك أنه يثاب على ذلك لما يستحقه، ولكن هذا الجهاد الذي جاء السؤال عنه، ليس هو الجهاد الذي أمر اللّه به، فأنا أقول: هو ونيته؛ لأنه قصد الجهاد، لكن الجهاد يجب أن يُعد له عدته، كما قال اللّه -تعالى- في الآية المعروفة: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، هذا هو الجهاد حين يعلن وتتخذ له العدة، هو الذي لا يجوز التخلف عنه، أما الجهاد بمعنى ثورة أفراد، يثورون ولو انتقاماً لأرضهم، فذلك ليس جهاداً، نعم؛ يكون الدفاع عن الأرض واجباً، أما هذه الهجمات التي في أكثر الأحيان تكون الخسارة المترتبة عليها أكثر من الربح -كما هو مشاهد- في كثير من أمثال هذه الهجمات، فليس هذا هو الجهاد الذي يوجب على المسلمين كافة أن ينفروا -كما جاء في القرآن-، إنما هو الجهاد الذي أشار اللّه -عز وجل- إليه في آية أخرى: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً}، ولذلك فعلى المسلمين -كما صرحنا بهذا في أكثر من مناسبة- أن يعودوا إلى أنفسهم، وأن يفهموا شريعة ربهم فهماً صحيحاً، وأن يعملوا فيما فهموا من شرع اللّه -عز وجل- ودينه عملاً صادقاً خالصاً، حتى يتكتلوا ويتجمَّعوا على كلمة سواء؛ حينئذ يفرح المؤمنون بنصر اللّه -تبارك وتعالى-.( ) ا.هـ.
تاسعاً: نخلص مما تقدم إلى ما يلي:
أولاً: إن مشايخ الدعوة السلفية (الألباني، ابن عثيمين، وغيرهما) لا يمنعون العمليات لذاتها( )، وإنما يعلِّقون حكمها بما يترتَّب عليها، ومن نقل عنهم خلاف ذلك فهو مخطئ.
ثانياً: إنهم يفرقون بين مفرداتها، وينظرون إلى ملابساتها وظروفها، واختلاف أزمنتها وأمكنتها بحسب الحالة التي تقع فيها هذه العمليات: هل هي حالة ضرورة لا غنى عن القيام بها، أم لا؟، ويفرقون -أيضاً- بين حكمها ومآل القائمين عليها عند اللّه -عز وجل-.
ثالثاً: إن (أمر قائد الجيش) من شروط القيام بهذه العمليات، إذ هي من (جهاد الطلب)، ولا يتصور ذلك إلا بأمير، أما (جهاد الدفع) فلا يحتاج إلى أمير ولا إلى إذنه، سمعتُه من شيخنا الألباني -رحمه اللّه تعالى- أكثر من مرة.
رابعاً: تقدير المشايخ في هذه العمليات التي جرت على أرض فلسطين، أن النتائج السلبية المترتبة عليها أكثر من مصالحها، فهم يمنعونها لهذا الملحظ، ومناقشتهم ينبغي أن تحصر في هذا المطلب، وأن يكون بالحجج والبراهين، مع معرفة قدر هؤلاء الربانيين، دون تبجح واتّهام، وإلا -واللّه- (على نفسها تجني براقش)!
وأما تقدير المجوزين( ) للمصالح فيها، وتغليبها على المفاسد، فهو (حقٌّ) من وجهة نظرهم، ولكن... ينقصه (العدل)، وللّه سنن لا تحابي أحداً، والسعيد والموفّق من انشغل بواجب الوقت، وأحسن فيما يستطيع من القيام به من واجبات، وتوسَّع فيها، وتوصل من خلال هذا التوسع إلى الذي كان لا يستطيعه، وأما ترك ما نستطيع، بحجة إيجاد ما لا نستطيع، فهذا يضيِّع الأمرين، ويهمل الواجبين، وهو من صنيع المخذولين المحرومين.
والحق -الذي أُراه- في هذه الجزئية -وهو عقدة المسألة في نظري-: تقرير وتقدير الخبراء في العلوم العسكرية المتخصصين في هذا الباب، وقد سبق أن أومأنا إلى رأيهم( ).
وأما على فرض أن هذه العمليات: «توفر على المسلمين جهداً كبيراً، وتدفع عنهم ذلاً لا يعلمه إلا اللّه، وذلك حينما يضحي البعض بنفسه من أجل الكل، بل إن الكفار يستعملونها -كما حصل مع اليابانيين في معاركهم مع العالم الغربي في خليج الخنازير-، وهذه العمليات الاستشهادية تحطم معنويات قوات العدو، وتلقي فيها الرعب من المجاهدين، فتحيا النفوس المسلمة، وتثير فيها العزة بقوة الإسلام»( )، فلا مجال للقول بمنعها، ولكن هل العمليات التي جرت على أرض فلسطين السليبة الحبيبة هكذا؟ وهل الجيوش مرابطة حواليها، لترتفع معنويات وتلقي الرعب في قلوب الأعداء؟! أم أننا نحس ونشعر أن الأضرار المترتبة عليها أكثر بألف مرة من النتائج التي تشفي صدور المؤمنين، من قتلٍ جزئيٍّ لبعض أفراد اليهود؟
فالمانعون لهذه العمليات، إنما صرحوا بذلك تخوّفاً على المسلمين من إلحاق الأذية بهم، على وجه أبشع وأشنع، ليس إلا، فإن أخطأوا في هذا التقدير، فهم مأجورون على اجتهادهم هذا، أما عدُّهم في صف الأعداء، والتندُّر بهم، والتنقُّص منهم، والهجوم وتجريء العوام والسفهاء عليهم، فلا يقع هذا إلا ممن خَفَّ دينُه، وطاش عقله، وزال يقينه، أو ممن يعمل على الانتصار لاسمه وحزبه، وعقد سلطان الولاء والبراء عليه، ولو على حساب دينه، والوقوع في أعراض العلماء، والكذب عليهم! فلا يبالي بما خرج من رأسه، وسطر قلمه!
عاشراً: لا تجوز هذه العمليات إلا بقيود؛ منها ما هو متفق عليه، ومنها ما هو مختلف فيه، وهي على النحو التالي:
أولاً: أن يقصد بها النكاية في الكفار بما لا يُمكن إلا بقتل نفسه، وأن تكون نيته الجهاد لإعلاء كلمة اللّه -تعالى-. فإن وجد سبيلاً وطريقاً آخر للنكاية بهم، فلا تجوز هذه العمليات مع قتل النفس بيد صاحبها! وكذلك إذا لم يترتب عليها نكاية في العدو، كما سبق نقله عن بعض الفقهاء( )، وهذان نقلان عن عالمين محررين مدققين، يوضحان ضرورة هذا الشرط:
الأول: قال العز بن عبدالسلام: «التولي يوم الزحف مفسدة كبيرة، لكنه واجب إن علم أنَّه يُقتل في غير نكاية في الكفار، لأنّ التغرير في النفوس إنما جاز لما فيه من مصلحة إعزاز الدين بالنكاية في المشركين، فإذا لم تحصل النكاية، وجب الانهزام لما في الثبوت من فوات النفوس مع شفاء صدور الكفار، وإرغام أهل الإسلام، وقد صار الثبوت هنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة»( ).
والآخر: قال الشاطبي: «... فإن كانت المفسدة اللاحقة له دنيوية لا يمكن أن يقوم بها غيره، فهي مسألة الترس وما أشبهها، فيجري فيه خلاف كما مر، ولكن قاعدة (منع التكليف بما لا يطاق) شاهدة بأنه لا يكلف بمثل هذا، وقاعدة (تقديم المصلحة العامة على الخاصة) شاهدة بالتكليف به، فيتواردان على هذا المكلف من جهتين، ولا تناقض فيه، فلأجل ذلك احتمل الموضع الخلاف، وإن فرض في هذا النوع إسقاط الحظوظ فقد يترجح جانب المصلحة العامة، ويدل عليه أمران:
أحدهما: قاعدة الإيثار المتقدم ذكرها، فمثل هذا داخل تحت حكمها.
والثاني: ما جاء في نصوص الإيثار في قصة أبي طلحة في تتريسه على رسول اللّه  بنفسه وقوله: «نحري دون نحرك»، ووقايته له حتى شلت يده، ولم ينكر ذلك رسول اللّه  ( )، وإيثار النبي غيره على نفسه في مبادرته للقاء العدو دون الناس؛ حتى يكون متّقىً به( ) فهو إيثار راجع إلى تحمل أعظم المشقات عن الغير، ووجه عموم المصلحة هنا في مبادرته
 بنفسه ظاهر؛ لأنه كان كالجُنَّة للمسلمين. وفي قصة أبي طلحة أنه كان وقى نفسه مَنْ يعمُّ بقاؤه مصالح الدين وأهله، وهو النبي  ، وأما عدمه؛ فتعمّ مفسدته الدين وأهله، وإلى هذا النحو مال أبو الحسين النوري حين تقدّم إلى السياف، وقال: « أوثر أصحابي نجاة ساعة »( ) في القصة المشهورة»( ).
ثانياً: أن تكون هذه العمليات مخططاً لها، مدروسة بإحكام من قبل القائمين عليها، غالباً على ظن القائمين بها أنَّ مصالحها مقدّمة على مفاسدها، وأن تكون المصلحة مضبوطة بقواعد العلماء وفتاويهم، مع عرض ذلك على الخبراء الحاذقين العارفين، ولا بد هنا من التنبه لأمور:
الأول: أن بعض هذه العمليات، يمكن أن تورط أصحابها بأعمال تفوق إمكاناتهم، وتعرض عناصرها لبلاء لا يطيقونه، وهذا له أثر على الحكم الشرعي لها.
الثاني: أن هذه العمليات موجعة مقلقة للأعداء، إلا أنها متقطّعة، ولذا لا تأتي بثمارها عند العسكريين في غالب صورها إلا مع وجود جيش مقابل جيش ليجني ثمارها، إذ هي بنفسها غير شاملة ولا مستمرة ولا مدمّرة، ولا أستطيع إبداء رأي موضوعي حول (الأضرار) و(المفاسد) من جهة، و(المصالح) و(المكاسب) من جهة أخرى؛ ذلك أنَّ رأياً من هذا النوع يتطلب دراسة عميقة شاملة، لا أظنه موجوداً -على الوجه الذي يرضي- حتى عند من يجيزها ويدافع عنها (مزاودة) -ليس إلا-، ليكسب أصوات الرأي العام في الانتخابات وما شابه، وليدغدغ عواطف الشباب، وليوظفها في ترسيخ الحزبيات، من خلال تعميق الشعور بتحقيق ذاته في هذا المضمار، فتجده يتكلم عليها ويدافع عنها، ويحرص على تبنِّيها بدوافع نفسية فحسب، وهذه الأمور الخطيرة لا تحتاج إلى هذه الدرجة من الفعالية، وعلى المتحمسين أن يعلموا أنهم والمفتون بمنعها من ناحية (عملية) سواء!!
الثالث: نعم؛ هناك نواحٍ إيجابية مهمة لها( )، تؤخذ بعين الاعتبار؛ من أهمها: إرادة التصميم على القتل والاستشهاد، وإبقاء هذا الصوت حياً في الأمة من غير إخماد، والأضرار المادية في الأرواح والأموال والعتاد، والعمل على الحدّ من الهجرة إلى هذه البلاد، وإجبار الموجودين على مغادرتها إلى غيرها قدر المكنة، وإسماع صوت الفلسطينيين المحتلين المظلومين إلى العالم.
الرابع: لكن الموازنة بين آثار هذه العمليات، يختلف من حين إلى حين، ومن مكان إلى آخر، والواقع المحسوس، والأثر الملموس، هو أكبر شاهد عليه.
الخامس: إذا لم تضبط هذه العمليات برأي أهل الخبرة، وبالأناة والدراسة الشاملة، فإنها -بلا شك- ستكون مؤذيةً جداً، وستؤدي إلى إيذاء الشعب، وإلحاق الضرر البالغ به.
السادس: مما يزيد من تعقيد الموازنة بين (المصالح) و(المفاسد) المترتبة على هذه (العمليات): أنها تقع بغتة، والقرار المترتب على إثرها بيد الأعداء، وبإمكانهم أن يفعلوا ما يريدون، ولهم أثر على كتمان هذه الآثار أو تضخيمها، أو تحجيمها، على حسب خدمة مصالحهم، والرأي العام -من خلال الإعلام وغيره- بأيديهم.
يقول بعض الباحثين: «إنَّ لكل حرب حدوداً تتم بالموافقة الضمنية بين المتنازعين، لقد تكلمت عنها كل النظريات العسكرية، وقد عمل بهذا المبدأ خلال الحروب الأخيرة، حتى التي كانت أشدها عنفاً، أن سبب هذه الحدود واضح، فكل فريق إذا ما اتخذ هذا القرار وهذا التدبير، أو استعمل ذلك الأسلوب، يعرف أن العدو يمكنه بدوره استعمال طرق مماثلة، واتخاذ تدابير مضادة تبطل مفعول الأعمال قيد الدرس، أو حتى تسيء بمصالح الفريق الأول الذي يكون قد استعملها، ولذلك -مثلاً- في الحرب العالمية الأخيرة، لم يستعمل أحد الغازات السامة، في حين أنها كانت لدى جميع الجيوش، والمرة الأخيرة التي استعملت فيها هذه الغازات حدثت في حرب الحبشة من قبل الإيطاليين، والسبب الأكيد في ذلك هو أنهم كانوا يعلمون أن باستحالة الأحباش الخوض في مثل هذه الحرب، أو حتى اتخاذ أي تدبير معاكس، وكذلك خلال حرب كوريا لم يشن الأميركيون هجوماً على الصين بالرغم أن فرقاً صينية ذات أهمية دخلت الحرب إلى جانب الكوريين الشماليين، إن الأمثال في هذا المجال عديدة جداً، وفي بعض الأحيان عجيبة وغريبة، مثلاً أداء -والحرب دائرة- ثمن شهادات الاختراع من أحد المتخاصمين إلى الآخر (بصورة غير مباشرة) بغية استعمال اختراعات الطرف الثاني، إذا استعرضنا قائمة الروابط التي استمرت بكل سرية بين المتنازعين خلال الحربين العالميتين الأخيرتين نندهش لعددها ومداها، وبالأخص لا أظن خلال الحروب الأخيرة حاول المتنازعون إصابة خطوط العدة الجوية المدنية التي كانت مستمرة في العمل، ولم يحصل ذلك محبة بالعدو، بل بعد أخذ حسنات وسيئات هذه العمليات بعين الاعتبار، إنني أرى أن القواعد التي كانت تطبق وقت حرب بهذا القدر من الشدة والعنف، جديرة بأن تطبق -أيضاً- على النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، والنزاع الإسرائيلي - العربي»( ).
ويكشِف لك -هذا النقل- عن نظرية مقررة عند العسكريين؛ وهي: مدى خطورة وقساوة ردة الفعل المترتبة من العدو جراء هذه العمليات، وهذا يسوّغ ما ذكرناه من ضرورة الأناة وتقدير أهل الخبرة، والدراسة الشاملة لها قبل التورط فيها!
السابع: لا أمير في العلم، ولا سلطان عليه، ولا أثر للعواطف في أحكامه، فمتى تبرهن من خلال (التصوّرات) أو (المشاهدات)، أنّ هذه الأضرار غالبة، فالقول بالمنع أقوى، وهو أحرى وأجدى وأولى، وهذا ما وقع في كلام مشايخنا السابق، وإلا فالنزاع معهم -كما قررنا- في تحقيق هذه الجزئية فحسب، واللّه الموعد.
الثامن: في غياب البنيان العقدي الصحيح، والمنهجيِّ السليم، يغدو من المستحيل -من وجهة نظر شرعية- النصر، وهو من أهم وسائله بعد الإعداد، فالأصل أن يسبق هذا تلك العمليات، على وجه ملحوظ، ويكون له في المجتمع أثر ملموس.
التاسع: مما ينبغي أن يُعلم -على ضوء ما سبق-: أن أنصاف الحلول هي أسوأ من انعدام الحلول في كثير من الأحايين، فالارتجال والفشل في إحكام هذه العمليات هو أسوأ بكثير -في نظري- من الامتناع عن القيام بها.
العاشر: وأخيراً... ليست جميع المعلومات متوافرة في متناول الباحثين، وهذه ملحوظات عابرة، ومما لا شك فيه أن هذه العمليات تجني بعض الفائدة المادية والمعنوية، وأما بالنسبة للحكم على أبعادها على مستوى الرأي العام، فإنه يخضع لاعتبارات الدعاية والإعلام، وأما على المستوى العسكري، فإنه لا يبدو لي أن المكاسب التي جنتها هذه العمليات حتى الآن بمقدار خسائرها الحقيقية، ومن المفارقات العجيبة أن تكون هذه العمليات ضحية السعي في سبيل الدعاية ليس إلا، ولا يجوز تغليب (الدعاية) على الثمار الحقيقية الموجهة صوب أهداف واضحة، فالركض وراء (الدعايات الفارغة) المصنوعة من (أعدائها)، والمدائح الطنانة، الحاصلة من (منافقيها)، ليست من المصلحة الحقيقية الشرعية، وإنما هي أصداء وأضواء كاذبة، وتعليقات فيها مبالغات جوفاء، ومظاهر خادعة، وأخطر ما فيها إشغال الشباب، وسرق أنظارهم عن الاتجاه الصحيح الواجب عليهم سلوكه، والنقد الصريح لما يشعرون به من أخطاء تحيط بهم، والواجب عليهم نقدُها وتغييرها، والعاقل يقيس الأمور بنتائجها.
تلك بعض التفصيلات التي تخص (المصالح) و(المفاسد) التي تكتنف هذه العمليات على حسب محدودية معرفتي في هذا المجال، وعلى كل؛ فإن تفهم قناعات حملة الرأي الآخر بالتفصيل في هذا المحل( )، يقود إلى مزيد من الصواب ومزيد من النفع -إن شاء اللّه تعالى-.
ثالثاً: الكلام على هذه العمليات من حيث الأضرار والمصالح، حاصل مع ما يحيط بالأُمة من شرور وويلات، وإلا فالجهاد في سبيل اللّه -عز وجل- هو السبيل الشرعي لإعادة المحتلّ من الديار، ولا يجوز أن تنشغل الأمة عما يوصل إليه، فهو باب لا يفتحه اللّه إلا إلى خاصة أوليائه، حتى يصطفي منهم، ويجتبي إليه من يشاء، فعلى الأمة أن تكون فيها (أئمة دين)، ولا تنال هذه المرتبة إلا بـ(الصبر) و(اليقين)، مصداقاً لقول رب العالمين: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُواْ وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]، والنبي  بعث مزكياً معلماً، وحددت له هاتان المهمتان قبل خلقه، بدعاء أبيه إبراهيم: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ} [البقرة: 129]، فامتنّ اللّه على هذه الأمة بهذه الاستجابة، بقوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ( ) مُّبِينٍ} [الجمعة: 2]، ولا سبيل إلى حصول (التزكية) إلا بـ(التربية)، ولا اليقين إلا بـ(التصفية( ))، وعند تحقق هذين الأمرين تسعد الأمة وتصعد، {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ . بِنَصْرِ اللَّهِ} [الروم: 4-5]، ولا بد من هذا الشرط( )؛ حتى نبقى نسير في الاتجاه الصحيح الموصل إلى نصر اللّه -عز وجل-.
رابعاً: أن لا يترتب على هذه العمليات محاذير شرعية، من قتل الأبرياء من المدنيين، نعم؛ دفع الكفار، وإيذاؤهم، وإلحاق الضرر بهم مشروع، ولكن... لا يُقتل المدنيون، إلا إذا أعانوا على القتال بنفس أو رأي، أو لم يمكن التمييز حال اختلاطهم بالأعداء، على تفصيل تراه في كتب أهل العلم( ).
ونذكر هذا الشرط؛ لأننا بصدد التأصيل، والدراسة الشرعية لهذه العمليات باختلاف أزمنتها وأمكنتها وملابساتها.
خامساً: لا بد من (مراعاة الخلاف)( ) في بعض الصور، وبعض الملابسات، ويقضي هذا: الفصل( ) بين (حكمها الشرعي) ومآل (القائمين) عليها، إذ مدار التقدير على الاجتهاد.
سادساً: جميع ما سبق، هو محاولة تأصيل لهذه (العمليات) على وفق قواعد الشرع ومقاصده، على ضوء ما قرره أهل العلم، والكلام هذا في (نازلة) جديدة لم تكن معروفة قديماً بجميع حيثياتها وتفصيلاتها، وأما تنزيل الأحكام على واقعة معينة، وإعمال تطبيقاتها وتحقيق المناط فيها، فإنه من عمل العلماء المعتبرين، وأهل الفتوى الراسخين، يخرجون كل واقعة بعينها على قواعدها، مراعين نتائجها وثمارها، بعد إحكام تصورها، ومعرفة واقعها، وبالاستعانة بتقرير أهل الخبرة والمعرفة من المجاهدين من حيث أضرارها ومفاسدها، واللّه المستعان، لا ربّ سواه.

--------------------------------------------------------------------
الهوامش

«إعلام الموقعين» (4/235 - بتحقيقي)، وقارن بـ«الموافقات» للشاطبي (5/136-137 - بتحقيقي).
المنع منها في غير بلادهم وديارهم من باب أولى وأحرى
من بديع كلام الإمام الشافعي -رحمه اللّه-: «إذا لم يكن العلماء أولياء اللّه]تعالى-، فلا أعلم من هم».
«مجموع الفتاوى» (25/281).[
وكذلك من دخل بلاد الكفار باستئمان (التأشيرة اليوم)، فلا يجوز له أن يتعدى عليهم، وفي تحديد (المحارب) من (المستأمن) وإسقاطها على ما يجري في العالم اليوم دقة، وتحتاج إلى اجتهاد جماعي، من قبل علماء ربانيين متضلعين بالأحكام والقوانين]
ترى هذه الصور في كتاب «[/font]مشارع الأشواق» (الباب الرابع والعشرين: في= =فضل انغماس الرجل الشجاع أو الجماعة القليلة في العدو الكثير رغبة في الشهادة) (2/522-564 - ط. دار البشائر)، وأورد أدلة كثيرة على مشروعية ذلك، تنظر فيه، فالمقام هنا ليس مقام بسط. وجل من صنف في هذه المسألة تكثر بهذه الأمثلة -وهي مكررة-!
في كتاب الزهد: باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام (3005)، وأسهبتُ في تخريجها وذكر الفوائد والعبر منها في كتابي «من قصص الماضين» (197-207)]
أخرجه البخاري في «صحيحه» (رقم 2480)، ومسلم في «صحيحه» (رقم 141) مختصراً بلفظ: «من قتل دون ماله فهو شهيد».[/font]
وأخرجه الترمذي في «الجامع» (رقم 1421)، وأبو داود في «سننه» (رقم 4772)، وفيهما: «دون أهله»، بدل: «دون حرمه»، وهو صحيح، كما في «صحيح الترغيب والترهيب» (رقم 1411).
«مجموع فتاوى ابن تيمية» (28/540-541).
- مع شرحه «إتحاف السادة المتقين»).([[1]) (12/187 - الطبعة المصرية)، وقارنه بـ«روضة الطالبين» (10/250
([(13/46) (باب ثبوت الجنة للشهيد).[
([[1]) (9/43-44]
([FONT='&Otilde][1]) (2/363-364).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) قارنه بـ«أحكام القرآن» (1/116) لابن العربي، و«التحرير والتنوير» (2/ 215-217) لابن عاشور.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) في كتابه «أحكام القرآن».[/font]
([FONT='&Otilde][1]) أخرجه البخاري: كتاب المغازي: باب غزوة أحد (رقم 4046) من حديث جابر بن عبداللّه.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) كتاب الجهاد والسير: باب غزوة أحد (رقم 1789).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) في كتابه «السير الكبير» (1/163-164)، وانظر «الفتاوى الهندية» (5/353) و«حاشية ابن عابدين» (4/137).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «الجامع لأحكام القرآن» (2/364).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) (12/316).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «فتح الباري» (8/185-186): كتاب التفسير: باب قوله -تعالى-: [/font]{وَأَنْفِقُواْفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
([FONT='&Otilde][1]) «الإنجاد في أحكام الجهاد» (1/ق 133-134 - نسخة تطوان)، وأعمل الآن على تحقيقه، يَسَّرَ اللّهُ ذلك -بِمنّه وكرمه-.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) أما إذا لم تحصل النكاية فلا يجوز، كما تقدم قريباً في كلام الغزالي، وكما سيأتي في (عاشراً) في كلام للعزّ والشاطبي -رحم اللّه الجميع-.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) من بديع تأصيل وتفصيل العز بن [/font]عبد السلام في كتابه «قواعد الأحكام» (2/397 - ط. القلم) قوله: «لو قُتِل عدوُّ الإنسان ظلماً وتعدياً، فسرَّه قتلُه وفرح به، هل يكون ذلك سروراً بمعصية اللّه أم لا؟
فأجاب بقوله: «إن فرح بكونه عُصِيَ اللّهُ فيه، فبئس الفَرَحُ فَرَحُه، وإنْ فَرح بكونه خلص من شرّه وخلص الناسُ من ظلمه وغشمه، ولم يفرح بمعصية اللّه بقتله، فلا بأس بذلك؛ لاختلاف سَبَبَي الفرح.
فإن قال: لا أدري بأيّ الأمرين كان فرحي؟
قلنا: لا إثم عليك؛ لأنّ الظاهر من حال الإنسان أنه يفرحُ بمصاب عدوّه، لأجل الاستراحة منه، والشماتة به، لا لأجل المعصية، ولذلك يتحقّق فَرَحُه، وإن كانت المصيبةُ سماوية».
قال أبو عبيدة: تأمل هذا الكلام ما أقعده، وتفقّد قلوب المسلمين وسرورهم لما يجري من شرور عدوهم، وعليه فَقِسْ، وَزِنْ أفعالَك وأقوالَك بميزان الشرع، بل افعل ذلك في خلجات قلبك، وإلا فـ(على نفسها تجني براقش)!
([FONT='&Otilde][1]) من بديع تعليق شيخنا الألباني -رحمه اللّه- في «صحيح الترغيب والترهيب» (3/40) قوله عند حديث أبي هريرة الصحيح: «من خير معاش الناس... كلما سمع هيعة أو فزعة، طار عليه يبتغي القتل أو الموت مظانه...»، قال معلقاً: «انظر تفسيره ودلالته على جواز العمليات الفدائية فيما تقدم».[/font]
([FONT='&Otilde][1]) سيظهر هذا التفريق جلياً في كلام الشيخ الألباني -رحمه اللّه- الآتي (ص 63)، خلافاً لما أوهمه الناقلون كلامه المقررون الحرمة عنه، إذ مدارها عند الشيخ -رحمه اللّه- على غير هذا المدرك، فنقاشهم له تهويل بلا تحصيل، وتطويل بلا تفصيل، واللّه الموفق.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) ولذا ينبغي تعليق هذه (المسائل) على (المجامع الفقهية)، بعد الاستماع إلى وجهة نظر أهل الاختصاص، والتصور الدقيق لها.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «الجهاد والفدائية في الإسلام» (166-167) لحسن أيوب.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) انظرها في النقطة العاشرة (ص 70-77).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) من سمات المحققين من الفقهاء: عدم التعدي على ألفاظ النصوص مع إعمال معانيها، فالجمود على اللفظ ظاهرية غير محمودة، والتوسع في العلل والمعاني إهدار للأدلّة، والمواءمة بين الأمرين هو المسلك الوسط، وهو الصواب والقسط، ولابن القيم في كتابه الفذ «إعلام الموقعين» نقدات ووقفات مع أخطاء الفريقين، تشد إليها الرحال، وتكتب بماء العيون لا الذهب، واللّه الموفق.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «[/font]مجموع الفتاوى» (28/548)، وأطلق عليهم في تتمة كلامه بأنهم -أي: المقتولين بأيدي المسلمين من المتترَّس بهم- شهداء، قال: «ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيداً، ومن قتل وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام، كان شهيداً».
([FONT='&Otilde][1]) «فتح الباري» (3/227).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) مع مراعاة الفرق بين الأمرين، وهو في نظري غير جوهري ولا مؤثر في الحكم الشرعي، وهو: أن الكفار هم الذين عرضوا الترس البشري من المسلمين للخطر، بينما في هذه العمليات يكون القائم بها هو المعرض نفسه للهلاك، والعلة الجامعة في الصورتين (قتل مسلم لدرء ضرر لا يندفع إلا بذلك)![/font]
وذهب جمع من العلماء والمفكرين والمطلعين إلى (جواز هذه العمليات)، ومن الأعلام الذين يجوّزونها: الشيخ العلامة عبداللّه بن حميد (قاضي قضاة مكة سابقاً)، والدكتور الشيخ وهبة الزحيلي، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، نقله عنهما نواف هايل التكروري في «العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي» (ص 87-88)، وأستاذنا الدكتور علي الصوا، والدكتور همام سعيد، وفتواهما في جريدة «السبيل» الأردنية (العدد 121)، السنة الثالثة، آذار (1996م)، والدكتور عجيل النشمي، وعبدالرزاق الشايجي، كما في مجلة «المجتمع»، العدد الصادر في 19/3/1996م، وشيخ الأزهر سابقاً محمد السيد طنطاوي، كما في جريدة «السفير»، العدد الصادر في 10/4/1997م.
([FONT='&Otilde][1]) (6/207-208 رقم 1479).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) هي ما تسمى في بلاد الشام بـ(الشرنجة)؛ وهي: الحقنة التي يكون بها الدواء، وكان الفرنسيون على حقن هذه (الشرنقات) في أسرى المسلمين من المجاهدين لانتزاع الاعترافات منهم، بأسلوبٍ مؤذٍ خبيث.[/font]

([FONT='&Otilde][1]) انظر في مسألة (قتل المسلم نفسه إذا تيقّن من الوقوع في أسر العدو) أو من (أجل التخلُّص من التعذيب): «الجهاد والفدائية في الإسلام» (ص 167) لحسن أيوب، «الجهاد والقتال» لمحمد خير هيكل (2/1403)، «الموسوعة الطبية الفقهية» (105) لأحمد كنعان.[/font]


قال أبو عبيدة: الراجح بقوّة حرمة قتل الإنسان نفسه إذا وقع أسيراً، أو خشي من تعذيب العدو له، واللّه الموفق لا ربّ سواه.


([FONT='&Otilde][1]) (2/25).[/font]

([FONT='&Otilde][1]) «قوانين الأحكام الشرعية» (ص 165).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «الشرح الكبير» (2/183-184)، وقال محمد عليش في «منح الجليل» (3/ 165): «وجاز لمن يتيقّن الموت، وتعارضت عليه أسبابه انتقال من سبب موت؛ كحرق مركب هو بها، لسبب آخر؛ كطرح نفسه في بحر مع عدم معرفة عَوْمٍ، ووجب الانتقال إن رجا به -ولو شكاً- حياة مستمرة، أو طولها، ولو يحصل له ما هو أشد من الموت المعجَّل؛ لأنَّ حفظ النفس واجب ما أمكن».[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «حاشية الدسوقي» (2/184).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «المغني» (10/554-555)، وانظره مع «الشرح الكبير» (10/389).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «قواعد الأحكام» (1/180، 181-182 - ط. القلم).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) نعم؛ ينحصر، ولكن لا يتلاشى.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) كما فعل الدكتور محمد طعمة القضاة في «المغامرة بالنفس في القتال» (ص 38) وغيره.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) يريد: ما أخرجه البخاري (5778)، ومسلم (109) ضمن حديث فيه: «ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً فيها أبداً».[/font]
([FONT='&Otilde][1]) قام يهوديٌّ حاقد، اسمه (جولدشتاين) بقتل أكثر من خمسة وثلاثين مصلياً في المسجد الإبراهيمي بالخليل، أثناء أدائهم لصلاة الفجر من يوم الجمعة 15/رمضان/ 1414هـ.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) جريدة «الفرقان» الكويتية، 28 صفر/العدد (145) (ص 20-21).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) مجلة «الفرقان» الكويتية (العدد 79) (ص 18-19)، وجريدة «الفرقان» الكويتية، 28 صفر/العدد (145) (ص 20).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) وفي كلامه -رحمه اللّه- زيادة شرط (بأمر قائد الجيش)، كما سيأتي قريباً.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) القول بأن الشيخ يمنع هذه العمليات من أصلها ليس صحيحاً، ومن أراد أن يحرر مذهب عالم أو باحث أو شيخ أو مفت، فعليه أن يرجع إلى كلام صاحبه دون واسطة، وأن يعمل على جمع ما ورد عنه، فإن تعذر؛ فالرجوع إلى العارفين به، ولا سيما أن للشيخ تلاميذ معروفين، وأما الاقتصار على كلام أو فتوى دون إحاطة، والتلويح به وتحميله ما لا يحتمل، وسياقه في معرض التنفير منه، ومن منهجه؛ فهذه من ألاعيب الحزبيين، وسرعان ما يظهر عواره، و(حبل الكذب قصير)، وللكلام صلة تأتي في تعليقي على كلام الشيخ، واللّه المسدد.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) مآل القائمين بهذه العمليات إلى اللّه -عز وجل-، ولا يجوز لأحد -كائن من كان- إلا أن يعلق الأمر هكذا، وتقدم هذا في كلام الشيخ ابن عثيمين -أيضاً-، ويقول الشيخ صالح السدلان -حفظه اللّه- بعد تقريره المنع: «ثم نأتي على بعض الصور من الأعمال الانتحارية، التي يقوم بها بعض المسلمين بقصد إغاظة العدو، وإن كان فعله لا يقدم ولا يؤخر، ولكن مع كثرة هذا الفعل ربما يضعف العدو أو يخيفه، كما قد يحدث في الأعمال الانتحارية التي لم تحقق من الأهداف ولا خمسة في المئة من هدف المنتحرين، فهذا العمل الذي يقوم به بعض الأشخاص يختلف من شخص لآخر، فربما يكون هذا الذي= =يقوم بعمل فدائي انتحاري يكون قد أثّر عليه من قبل من يرى ذلك، فيدخل بنية أنه مقاتل ومجاهد ومدافع عن مبدأ أو شعار أو غير ذلك، فإن كان هذا المبدأ حقاً، وهذا المنتحر إنما اعتمد على من يقول بجواز ذلك فقد لا يسمى هذا قاتلاً لنفسه؛ لأنه معذور بسبب ما يقال ويسمع». انظر جريدة «الفرقان» (العدد 145) (ص 21).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) سلسلة «الهدى والنور» (شريط 527).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) سلسلة «الهدى والنور» (شريط 134).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) من شريط «التحري في الفتوى» (رقم 2).[/font]
ومن كلام شيخنا -رحمه اللّه تعالى- في «ضغيف الترغيب والترهيب» (1/357) في التعليق على حديث رقم (719) -وفيه ذكر لـ(المسجد الأقصى)-، قال عنه: «هو أحد المساجد الثلاثة التي تشد الرحال إليها، وقد احتلّه اليهود في جملة ما احتلوا من (فلسطين)، أعادها اللّه إلى المسلمين، كما أعادها إليهم من بعد احتلال الصليبيين إياها، لكن اللّه يقول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، فعلى المسلمين أن يغيّروا ما في أنفسهم من العقائد المنحرفة، والأخلاق السيئة، إن أرادوا حقاً أن يغير اللّه ما نزل بهم».
([FONT='&Otilde][1]) أفتى الأستاذ القرضاوي بحماس ولهجة شبابية، ولغة فيها اندفاع وحط على الرأي المخالف: بجواز هذه العمليات. انظر: مجلة «المجتمع» الكويتية، العدد (19/3/ 1996م)، رقم (1201) (ص 50-51)، ومجلة «فلسطين المسلمة» (العدد التاسع) أيلول/ 1996م. بينما (تقديراً لما يترتب عليها من أضرار) منع ما حصل أخيراً في الولايات المتحدة الأمريكية، فتأمل ولا تكن من الغافلين.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) قياسهم ما يجري على أرض فلسطين بالعمليات التي حصلت في لبنان، وأدّت إلى هزيمة القوات الفرنسية والأمريكية، وبما حصل في السودان، وأدّت إلى هزيمة الجيش الأوغندي -في نظري- قياس غير صحيح، ولو سنح في البال، وقام في الخيال أن (اليهود) سيتركون (فلسطين) على إثر تصعيد هذه العمليات -ولو على مجرد الاحتمال- ما منعها أحد، ولأفتوا بمشروعيتها على استعجال! بلا (إمهال).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) راجع (ص 39)، مع مراعاة أن يكون هؤلاء أهل ديانة، وأما إناطة الحكم الشرعي بتقدير المجاهدين أنفسهم، فيعوزه دقة، ولا سيما إنْ حُصِر المبحث في أهل فلسطين، فهذا التعليق أولى وأحرى من تعليقه بهم، لحماستهم وعدم وجود العلماء المتبحرين -كما هو معلوم- بينهم، والناظر في كلام شيخنا الألباني (مع إعمال المعاني) في اشتراط (إذن الأمير)، يتقوى عنده هذا الملحظ، واللّه الواقي والهادي.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) من كلام للأستاذ يوسف القرضاوي في مجلة «المجتمع» الكويتية (العدد 1201)، سنة 1996م، وردده (أو بمعناه) معه غير واحد ممن ألف في المسألة؛ مثل: نواف التكروري في «العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي» (39-42)، ومحمد طعمة القضاة في «المغامرة بالنفس في القتال وحكمها في الإسلام» (25-26)، وإبراهيم العلي في مقالة له منشورة في مجلة «فلسطين المسلمة» (عدد 11) (ص 52)، سنة 1995م. والعجب -أخيراً- من الأستاذ القرضاوي عند حصره مشروعية هذه العمليات في داخل فلسطين! وأدلته التي اعتمد عليها واقعة خارجها! فالخير في التأصيل والتركيز على الضوابط والقيود، التي من خلالها -فقط- يظهر المشروع من الممنوع، وأن نربط (الشباب) المتحمسين بـ(العلماء الكبار) الربانيين، وأن يعملوا من ورائهم، ويتقيدوا بتقريراتهم، والسعيد من عرف قدر نفسه.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) انظر ما مضى (ص 41-46)، ولا سيما كلام ابن المناصف وتقسيماته[/font].
([FONT='&Otilde][1]) «قواعد الأحكام» (1/111).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) الذي شلّت يده هو طلحة بن [/font]عبيد الله، وليس أبو طلحة كما قال المصنف، أخرج البخاري (3724) بسنده إلى قيس بن أبي حازم، قال: «رأيت يد طلحة التي وقى بها النبيr قد شُلَّت». وانظر لتمام التخريج: «المجالسة» (483) و«الموافقات» (2/174) وتعليقي عليهما.
([FONT='&Otilde][1]) أخرج مسلم (1776 بعد 79) عن البراء، قال: «كنا -واللّه- إذا احمرَّ البأسُ نتَّقي به، وإنَّ الشجاع منا للذي يحاذي به؛ يعني: النبي [/font]r». وانظر تعليقي على «الموافقات» (3/69).
([FONT='&Otilde][1]) القصة بطولها في «رسالة القشيري» (باب الجود والسخاء) (ص 112)، «الحلية» (10/250)، «تاريخ بغداد» (5/134)، «المستجاد» للتنوخي (رقم 25 - بتحقيقي)، «السير» (14/171)، «ثمرات الأوراق» (ص 202)، «اللمع» للطوسي (492)، «طبقات الأولياء» (65)، «أنباء نجباء الأبناء» (208-209)، «كشف المحجوب» (421) للهجويري.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) «الموافقات» (3/92-93 - بتحقيقي).[/font]
([FONT='&Otilde][1]) أعني: العمليات التي وقعت في فلسطين، وقد وجدتُ في كتاب «الشهادة في سبيل اللّه» لأحمد أبو زيد (ص 11-13) بعض الآثار الإيجابية لهذه العمليات، قال: «لقد كان للعمليات الاستشهادية آثار عظيمة على العدو الصهيوني على المستوى الداخلي،= =وعلى المستوى الخارجي، نوجزها فيما يلي:[/font]
1- فرار (936000 تسع مئة وستة وثلاثون ألف) مستوطن -أي: ما يقارب المليون خلال أشهر الانتفاضة(!!) فقط إلى مواطنهم الأصلية في شتى أنحاء العالم، بالإضافة إلى حجز جوازات الآلاف من المستوطنين خشية الهرب، حيث كانت مدة إحضار هؤلاء المستوطنين إلى فلسطين عشرين سنة، وقد ذكرت القناة الثانية من التلفزيون العبري أن المستوطنين يعيشون حالة من الاستنفار والهلع، وقد قال أحد المستوطنين لشارون عندما زارهم في الملاجئ: إلى متى سنبقى مختبئين هنا كالكلاب؟!
2- لقد أسقطت العمليات الاستشهادية نظرية الأمن الصهيونية، فمعظم العمليات حدثت في مناطق تحميها قوات الأمن الصهيونية، وقد كشفت العمليات الاستشهادية عن هشاشة الكيان الصهيوني، فمن يصدق أن كياناً قام قبل 53 عام لا يشعر بالأمن لغاية الآن، ومن يصدق أن 20% من الشعب الصهيوني هرب خلال ثمانية أشهر من انتفاضة الأقصى! ماذا يعني ذلك؟ إن ذلك يعني: أنه لولا الدعم الأمريكي لهذا الكيان اللقيط بأسلحة التدمير الحديثة، لتهاوى هذا الكيان الخرب.
3- التمرد في جيش الصهاينة الذي حصل من قبل الجنود، جراء رفضهم للخدمة في منطقة المستوطنات القريبة من المناطق الفلسطينية، بسبب الخوف الشديد من الموت، فآلاف الجنود يقبعون في السجون بسبب التمرد على الأوامر، ويفضلون السجن على الخدمة في مناطق قريبة من الفلسطينيين.
4- توقف الهجرة الصهيونية من شتى أنحاء العالم إلى بيت المقدس، فلم يصل خلال أشهر الانتفاضة أي مهاجر، مع أن المستوطنات فارغة تنتظرهم للسكن فيها، وذلك بسبب الرعب الذي وصل إلى قلوبهم وهم على بعد آلاف الكيلومترات من فلسطين، مما استدعى حضور مدير المخابرات الأمريكية يحمل في جعبته أسماء المجاهدين لاعتقالهم وتصفيتهم.
5- إلحاق قتلى العدو من العمليات الاستشهادية بحوادث السير، حتى لا تنهار معنويات الجنود، وأكبر دليل على ذلك عملية الاستشهادي الرابع من شهداء كتائب عز الدين القسام التي قتل فيها 22 صهيوني، فما اعترف الصهاينة إلا بـ 3 قتلى، وألحقوا باقي القتلى بحوادث السير، ولكن رغم ذلك كله فقد تمرد الجنود الصهاينة على قادتهم، وامتلأت بهم السجون».
([FONT='&Otilde][1]) من مقالة لماكسيم رودنسون، منشورة في كتاب «العمليات الفدائية الفلسطينية خارج فلسطين» (ص 128)، تحرير أنيس صايغ، مركز الأبحاث - منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت، 1970م.[/font]
(تنبيه): سبق بيان خطإ استخدام (إسرائيل) و(إسرائيلي) على (اليهود) و(كيانهم) القائم.
([FONT='&Otilde][1]) أغفل هذا المحل جميع من خص هذه العمليات بالتأليف، وهو عقدة المسألة، كما نبهنا عليه أكثر من مرة، واللّه الموفق.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) الضلال؛ هو: مزيجٌ من (الجهل) و(الظلم)، ولما حُمّل الإنسان الأمانة، وصفه اللّه بـ[/font]{إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً}، فلا يرفع (الظلم) إلا (التزكية)، ولا (الجهل) إلا (العلم)، وكان في دعاء إبراهيم -عليه السلام- السابق تقديم (العلم) على (يزكيهم)، فاستجاباللّه له بتقديم (يزكيهم) على (يعلمهم)؛ ليوظِّف العلم الشرعي في مصلحة الأمة وأفرادها، الذين يقبلون عليه لا لـ(ذاته)، وإنما لـ(ثماره)، ولتعميق ما وجدوه في نفوسهم من صلاح وتزكية من خلاله.

([FONT='&Otilde][1]) إذ أخْذُ العلم بما علق به من (دخل) و(دخن) من شأن أهل (الخرافة)، ولا يعمل ذلك على نصرة الدين المنزل على قلب سيد المرسلين[/font]r.


([FONT='&Otilde][1]) إذ هو واجب الوقت، مع إحياء (الربانية) بين العاملين، وعَقْد سلطان الولاء والبراء، والحب والبغض على المعايير الشرعية، لا الحزبية، فالأعلم والأورع والأصلح هو الذي يُحَبّ ويقدّم ويوالى وينصر ويدافع عنه، لا لذاته وإنما لثماره، وإلا فما هو حال أمة تأكل رأسها، وتعظم ذيلها، وتهدر طاعة أولياء أمورها من العلماء؟![/font]


([FONT='&Otilde][1]) انظر -على سبيل المثال-: «شرح النووي على صحيح مسلم» (12/73)، «المجموع» (19/296)، «مغني المحتاج» (4/222)، «اللباب في شرح الكتاب» (4/119)، «بدائع الصنائع» (7/101)، «حاشية ابن عابدين» (4/307)، «بداية المجتهد» (1/280-281)، «منح الجليل» (3/144)، «المغني» (9/302)، «مجموع فتاوى ابن تيمية» (28/354-355).[/font]

([FONT='&Otilde][1]) انظر في ضرورة معرفة ذلك: «الموافقات» (5/106) وتعليقي عليه.[/font]
([FONT='&Otilde][1]) انظر ما قدمناه (ص 37-38، 39-40، 60، 62، 67).[/font]

......................... ............ يتبع ان شاء الله
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 12-12-2007 الساعة 09:24 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
brakdoon
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 31-12-2006
  • المشاركات : 69
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • brakdoon is on a distinguished road
brakdoon
عضو نشيط
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
13-12-2007, 11:42 AM
دفع الوهابي المكابر برابط مباشر


هذا رابط متاشر يوكد مدى صحة ما أقول من عمالة لحكام السعودية و الدور الذي تلعبونه في تلميع صورتها في الوقت الذي تعملون جاهدين على تشويه صورة الجزائر و شعبها المسالم .
الشعب الجزائري الذي لا يعبد الأشخاص و لا يسلم مقاليده للأجنبي ، و مسيرته النضالية علمته كيف يفرق بين الخائن العميل للصهيونية العالمية و المحب بلده و دينه و شعبه و لا يصفهم بالنعوت التي تؤدي إلى تكفيرهم و من ثم يسهل و يهون دمهم.

وهذا هو الرابط : http://www.echoroukonline.com/montad...ad.php?t=17923
التعديل الأخير تم بواسطة brakdoon ; 13-12-2007 الساعة 11:49 AM سبب آخر: إضافة الرابط
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
13-12-2007, 09:19 PM
دفع الصائل المجادل بالباطل
(تتمة الكلام)

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
أَمَّا بَعْدُ:
فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم, وشَرَّ الأمورِ مُحْدَثَاتُهَا, وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ, وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ, وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ.
أَمَّا بَعْدُ:

الحلقة الثالثة و الموقف الثالث (الاخيرة )
الموقف الثالث : فتوى بعدم جواز نصرة المقاومة في لبنان

فماذا يتبقَّى الآن من صاحبنا الفرزدق!
الجوابُ: لا يتبقَّى منه شيءٌ!
لقد كنتُ أَحْسَبُ صاحبنا الفرزدق كذابًا فقط.
ولكنْ واأسفاه!
هو كذَّابٌ وأحمقُ!!
وداعي الأسفِ هنا أنَّ الكذبَ وإن كان كبيرةً من كبائرِ الإثمِ ورذيلةً من رذائلِ النفسِ إلَّا أنَّ مُوَاقِعَهُ يخرجُ منه بالتوبةِ النصوحِ, وصدقِ اللسانِ والعملِ, وأمَّا الحماقةُ؛ فكيف يخرجُ المصابُ بها منها؟!
وكيف ينفَكُّ المُبتَلَى بها عنها؟!
وقد قال الشاعرُ القديمُ:
لكلِّ داءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بهِ .. إلَّا الحماقةَ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا
وصاحبنا الفرزدق مع كَذِبِهِ أُصيبَ بهذا المُصَابِ, وتمكَّنَ منه هذا الدَّاءُ العَيَاءُ - والداءُ العَيَاءُ: الشديدُ الذي لا طِبَّ له ولا بُرْءَ منه -, فأصيبَ مع كَذِبِهِ بهذا المُصَابِ, وتمكَّنَ منه - مع كَذِبِهِ - هذا الدَّاءُ العَيَاءُ.
وقد كانَ في العربِ قديمًا حَمْقَى يُضْرَبُ بهم في الحُمْقِ المَثَلُ.
منهم:
- عِجْلُ بنُ لُجَيمِ بنِ صَعْب: قيل له: ما سَمَّيْتَ فَرَسَكَ؟ فقامَ فَفَقَأَ عينَهُ وقال: سَمَّيتُهُ الأعوَرَ!
وفيه يقولُ جُرْثُومَةُ العَنَزِيُّ:

رَمَتْني بَنُو عِجْلٍ بِدَاءِ أَبيهُمُ ... وأَيُّ امرئٍ في النَّاسِ أحمقُ من عِجْلِ
أليسَ أبوهُمْ عَارَ عَيْنَ جَوَادِهِ ... فصارتْ بهِ الأمثالُ تُضْرَبُ في الجهلِ
فيقال: أحمقُ من عِجْل.
ومن حَمْقَى العرب:
- هَبَنَّقَةُ (هَبَنَّقَةُ ذو الوَدَعَاتِ): مِنْ حُمقِهِ أنَّه جعلَ في عُنُقِهِ قِلَادَةً من وَدَعٍ وعظامٍ وخَزَفٍ, وهو ذو لحيةٍ طويلةٍ, فَسُئِلَ عن ذلك - يعني: عن سببِ جَعْلِ القِلَادَةِ في عُنُقِهِ -؛ فقال: لِأَعْرِفَ بها نفسي ولئلَّا أَضِلَّ! فباتَ ذاتَ ليلةٍ, وأخذَ أَخُوهُ قِلَادَتَهُ فتقلَّدَهَا - يعني: جَعَلَهَا في عُنُقِهِ -, فلمَّا أصبحَ ورأى القِلَادَةَ في عُنُقِ أخيهِ قال: يا أخي أنتَ أنا؛ فَمَنْ أنا؟!
فيقال: أحمقُ من هَبَنَّقَة.
ومن أولئك الحمقى:
- حُذُنَّةُ: يقالُ إنَّه أحمقُ مَنْ كان في العربِ على وجهِ الأرضِ, ويُقَالُ: بل حُذُنَّةُ امرأةٌ من قيسِ بنِ ثعلبةَ تمتخِطُ بكُوعِهَا!
فيقال: أحمقُ من حُذُنَّة.
ومنهم:
- جَهِيزَةُ: قال ابنُ السِّكِّيتِ: هي أُمُّ شبيبٍ الحَرُوريِّ, ومن حُمقِهَا أنَّها لمَّا حَمَلَتْ شَبِيبًا فأثقَلَتْ قالت لأَحْمَائِهَا: إنَّ في بطنِهَا شيئًا يَنْقُرُ - يَنْقُرُ كالديكِ! - فَنَشَرْنَ عنها هذه الكلمةَ فَحُمِّقَتْ.
فيقال: أحمقُ من جَهِيزَةَ.
ومنْ صُنْعِ اللهِ تعالى لهذه اللغةِ العربيةِ الشريفةِ أنَّ هذه الأسماءَ التي يَعسُرُ النطقُ بها والتي صارت على الحُمْقِ مَثَلًا مضروبًا أُبدِلَتْ باسمٍ يَخِفُّ على اللسانِ نطقُهُ, ويسهُلُ على الأَفواهِ لفظُهُ؛ فيقالُ الآنَ:
أحمقُ من ( فرزدقي).
فَصَارَتْ مَثَلًا!
وذلك أنَّه يمدحُ نفسَه بالإساءةِ إلى قومه , فَلَا إلى قومه أَحْسَنَ, ولا على نفسِهِ أبقَى!
وهل هناك حماقةٌ هي أكبرُ من هذه؟!
يلمِزُ فيزعُمُ أنَّ قومه(مع الاعتذار الشديد لعقلاء الصوفية فلا زلت اعتقد ان في كل قوم عقلاء وهذا من لطف الله بهذه الامة) احسنوا أَدَّبهُ وربَّوهُ فاحسنوا تربيته ثم يأتي بما يُنَاقِضُ الأدبَ الحسنَ والتربيةَ الصالحةَ؛ فَيَدَعُ الناسَ في حيرةٍ يتساءلونَ: أهذا هو الأدبُ الذي رُبِّيَ عليه؟!
وإذا كان هذا هو الأدبَ الذي رُبِّيَ عليه؛ فكيفَ إذا كان قليلَ الأدبِ؟!
وكيف إذا كان - كما هو الواقعُ - عدِيمَهُ؟!
لقد صارت (أحمقُ من فرزدقي) مَثَلًا!
ومن حماقتِهِ: أنَّه يشرحُ أسبابَ الفتنةِ التي أَحْدَثَهَا بإِحْدَاثِ فتنةٍ أُخرى أَعْتَى منها!
فيقولُ صاحبنا الفرزدق كلها تدل على فتاوى الخزي و العمالة للصهيونية العالمية
وأقولُ: ويلك! يا فرزدقي.
أَلَا تَدْري يا عدوَّ نفسِهِ ما يخرجُ من رأسِكَ؟!
تُبْ إلى اللهِ يا رجلُ, ودَعْهَا فإنَّها مُنْتِنَةٌ.
دَعْهَا فإنَّها منتنةٌ يا فرزدق.
أَتَتَّهِمُ الآخَرِينَ باالعمالة للصهيونية العالمية ؟!
أتدري ما تقولُ يا رجل؟!
شَدَّ ما أَرْثي لكَ!
أَتَكْفِيرِيٌّ أنتَ يا فرزدق؟!
أَتكفيريٌّ أنتَ؟!
أَتعرفُ معنى ما تتكلَّمُ به؟!
ولكن؛ لقد تذكَّرتُ الآن ما كنتُ ناسيًا: هي حماقَتُكَ إذن يا فرزدقنا المسكين فأقولُ لكَ سلامًا

اما الى القراء الافاضل اقول عذرا ولعلكم تراجعون الرابط ادناه فتعلمون بحول الله المحق من المبطل
وهي صورة من تكذيب العلامة ابن جبرين لما نسب اليه من فتوى

الرد على الفتوى الخاصة بنصرة حزب الله اللبناني المنسوبة لفضيلة الشيخ ابن جبرين


رقم الفتوى (15294)
موضوع الفتوى الرد على الفتوى الخاصة بنصرة حزب الله اللبناني المنسوبة لفضيلة الشيخ ابن جبرين

السؤال س : نشر أحد مواقع الانترنت فتوى منسوبة إليكم تتعلق بحزب الله اللبناني، فهل تصح نسبة هذه الفتوى لكم؟

الاجابـــة هذه الفتوى قديمة صدرت منا في تاريخ 7 / 2 / 1423 هـ ، والواجب على الذين نشروها أن يبينوا ما تتعلق به وأن يتثبتوا فيها قبل نشرها وأن يردوها إلى من صدرت منه حتى يبين حكمها ويبين مناسبتها، وهي لا تتعلق بما يسمى حزب الله فقط، فنحن نقول: إن حزب الله هم المفلحون، وهم الذين قال الله تعالى فيهم: ( أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون)، وأما الرافضة في كل مكان فهم ليسوا من حزب الله، وذلك لأنهم يكفرون أهل السنة، ويكفرون الصحابة الذين نقلوا لنا الإسلام ونقلوا لنا القرآن، وكذلك يطعنون في القرآن ويدعون أنه محرف وأنه منقوص منه أكثر من ثلثيه، وذلك لما لم يجدوا فيه شيئاً يتعلق بأهل البيت، كذلك هم يشركون بدعاء أئمتهم الذين هم الأئمة الاثني عشر، هذا هو مضمون تلك الفتوى؛ فإذا وجد حزب لله تعالى ينصرون الله وينصرون الإسلام في لبنان أو غيرها من البلاد الإسلامية، فإننا نحبهم ونشجعهم وندعو لهم بالثبات، وحيث أن الموضوع الآن موضوع فتنة وحرب بين اليهود وبين من يسمون حزب الله، واكتوى بنارها المستضعفون ممن لا حول لهم ولا قوة، فنقول لا شك أن هذه الفتنة التي قام بها اليهود وحاربوا المسلمين في فلسطين وحاربوا أهل لبنان أنها فتنة شيطانية وأن الذين قاموا بها وهم اليهود يريدون بذلك القضاء على الإسلام والمسلمين حتى يستولوا على بلادهم وثرواتهم، وهذا ما يتمنونه ولكن نقول: (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره) وندعو الله تعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضاه لهم وأن يبدلهم بعد الخوف أمناً وبعد الذل عزاً وبعد الفقر غنى، وأن يجمع كلمتهم على الحق وأن يرد كيد اليهود والنصارى والرافضة وسائر المخالفين الذين يهاجمون المسلمين في لبنان وفي فلسطين وفي العراق وفي الأفغان وفي سائر البلاد الإسلامية، وأن يقمعهم ويبطل كيد أعداء الله الطامعين في بلاد المسلمين، وندعو الله سبحانه وتعالى للمسلمين أن يردهم الله إلى دينهم الحق، وأن يرزقهم التمسك به وان يثبتهم على ذلك، حتى يعرفوا الحق وحتى ينصرهم تعالى (ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز) والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قاله وأملاه عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين 1427/7/3هـ
http://www.ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=15294&parent=4143

وفي الختام وحتى لا نبخس القاريء الكريم حقه وحتى لا يشعر بهدر وقته بين الغلاة الحمقى من الطرفين ادعو كل منصف الى مراجعة الروابط ادناه والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة الا بالله والسلام عليكم

حـــزب الله رؤية مغايرة
عبد المنعم شفيق
http://saaid.net/book/open.php?cat=83&book=17
بروتوكولات آيات قـُم حول الحرمين المقدسين
عبد الله الغفاري
http://saaid.net/book/open.php?cat=83&book=151
وجاء دور المجوس
عبد الله محمد الغريب
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=89&book=1009
أمل والمخيمات الفلسطينية
عبد الله محمد الغريب
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=89&book=1974
************************************************** ***********************
هدية لكل منصف
شيخنا الدكتور الفقيه المُحدِّث من أهل الفصاحة والبيان محمد سعيد أحمد رسلان المُكني بأبي عبد الله حفظه الله تعالى

حزب من يكون ؟!

نبذة مختصرة عن المحاضرة : من الشيعة الرافضة إلى أفواج المقاومة اللبنانية ( حركة أمل ) وحركة المحرومين الشيعة ! خرج حزب اللات !!

عناصر المحاضرة :
  • بيان أن الجهاد ليس غاية لذاته وإنما هو وسيلة لغاية.
  • من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.
  • القتال الذي يدور بين حزب اللات واليهود لله أم لغيره ؟!
  • من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ويدعون إلى التقريب بين السنة والشيعة !!
  • من يقف تحت راية السلفية ويميع أمر الرافضة !!!
  • إذا كان لهؤلاء الغلبة؛ فماذا يصنعون ؟!
  • ما كان من تمكن العبيديين من بلاد المغرب ومصر وما أتوا به.
  • صفحة من التاريخ " التتار والرافضة "
  • صورة لما نزل بالمسلمين على يد التتار في بغداد, وما كان من ابن العلقمي.
  • صورة من التاريخ الحديث " أفواج المقاومة اللبنانية - حركة أمل - "
  • ما كان من حركة أمل في مذبحة صبرا وشتيلة.
  • شاهد عيان على أحداث صبرا وشتيلة.
  • من أصول عقائد الرافضة في :
    • المتعة.
    • الكتب السماوية.
    • القرآن الكريم.
  • كيف ينظر الرافضة إلى أهل السُّنَّة ؟
  • عليكم بالعقيدة الصحيحة.
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=944

الأصول اليهودية في العقيدة الرافضية

نبذة مختصرة عن المحاضرة : لكل فرقة ضالة .. أصل في الضلالة؛ فقد كان ابن السوداء اليهودي صاحب النصيب الأوفى في ظهور هذه الفرقة الضالة؛ فهل نسيَ الرافضة شيخهم الضال؟!

عناصر المحاضرة :
  • أصول الخوارج, والقدرية, والشيعة, والمرجئة, وكيف نشأت تلك الفرق.
  • إذا تقدم المسيرة أجهل الخلق بالعقيدة؛ فماذا يكون؟!
  • عندما تكلم الدكتور علي أحمد السالوس في كتابه " مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع "؛ فماذا قال ؟
  • من لا يعرفون حقيقة الشيعة الروافض في عصرنا.
  • عقيدة الرافضة التي تُعد هدمًا للإسلام من أساسه.
  • ما ذكره الدكتور عبد المنعم النمر في كتابه " الشيعة والمهدي والدروز ".
  • هل يجهل المتحمسون للدين حقائق المذهب الشيعي ونظرته للصحابة وإلى أهل السُّنَّة؟!
  • أين الولاء والبراء في المعتقد؟
  • الفرح بما يُصاب به العدو؛ فاللهم أهلك الظالمين بالظالمين.
  • أي عقيدة عند هؤلاء ؟ :
    • عقيدتهم في البَدَاء.
    • عقيدتهم في القرآن الكريم وقولهم بتحريفه.
    • عقيدتهم في خَلق أفعال العباد.
    • عقيدتهم في الصحابة وتكفيرهم لهم إلا خمسة.
    • عقيدتهم في ولاية الأئمة وعصمتهم.
    • عقيدتهم في الرَّجعة.
    • التقية عندهم.
    • المتعة عندهم.
  • التَّشيع ومتى ظهر؟
  • ابن سبأ اليهودي وما قام به.
  • الهدف الأساسي من وراء التَّشيع.
  • براءة الرافضة من أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ولعنهما.
  • كلام الرافضة في حق أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
  • إحسان إلهي ظهير - رحمه الله - وما مكروا به.
  • الذين يهللون ويقودون المظاهرات اليوم هم هم الذين هللوا للخميني قديمًا.
  • لماذا تُضلون الأمة يا دعاة التقريب؟
  • من ينبهرون بالقذائف !!
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=945

موطن النزاع في حرب لبنان

نبذة مختصرة عن المحاضرة : إذا تكلم من تكلم ودعا لنصرة الحاج حسن ! وحزبه, فهل يجهل هذا المُتلكم حقيقة من يتكلم عنهم ؟! وهل يريد تجميع المسلمين بغير عقيدة صحيحة ؟!.. إذا كان الجواب نعم؛ فليصمت يرحمه الله؛ ولا صوت يعلو فوق صوت العقيدة.

عناصر المحاضرة :
  • من أهم المُهمات تحديد موطن النزاع.
  • ما هو موطن النزاع ؟ :
    • هل هو الرضا بالظُلم للأفراد والشعوب ؟
    • هل هو الرضا بالتفجير والتدمير والتجويع والتشريد ؟
    • هل هو الرضا بالقتل وإراقة الدماء ظلمًا وعدوانًا ؟
    • هل هو الفرح بنصر " من يكون " على أعداء الله من إخوان القردة والخنازير ؟
  • يستدل من يستدل بآيات سورة الروم على وجوب الفرح بنصر - من يكون - على أعداء الله من غير ما احتراز.
  • هل كان واحد من الأصحاب حول النبي صلى الله عليه وسلم يشك في كفر الروم ؟
  • موطن النزاع في تحديد الموقع الاعتقادي أولاً, والتفريق بين المسألة الشرعية الاعتقادية والمسألة الحماسية العاطفية.
  • هل تجميع الجماهير بغير عقيدة عمل إسلامي ؟!
  • لا صوت يعلو فوق صوت العقيدة.
  • الدكتور القرضاوي وقوله " لا أجد فرقًا بين السنة والشيعة " !!
  • بعض ما جاء في بيان المرشد العام لجماعة الإخوان !!
  • تساؤلات للدكتور القرضاوي وللمرشد العام :
    • إذا قام الحاج حسن ! وحزبه بشتم وتكفير الأستاذ البنا والأستاذ الهضيبي والأستاذ التلمساني والحاجة زينب؛ فهل تظلان على موقفكما منهم ؟
    • أفَعِرض البنا والهضيبي والتلمساني والحاجة زينب أعز عليكما من عِرض أبي بكر وعمر وعثمان والأصحاب رضي الله عنهم ؟!
  • نصيحة للدكتور القرضاوي لمعرفة حقيقة الشيعة !
  • هل كان شيخ الأزهر البشري - رحمه الله - شيعيًا ؟
  • افتراءات الرافضي الكذاب عبد الحسين ! شرف الدين الموسوي.
  • ما هي حقيقة الشيعة الاثني عشرية في عصرنا ؟
  • الدعاء المشهور عند الإمامية الاثني عشرية.
  • حزب لبنان وقضية فلسطين.
  • قضية فلسطين قضية الأُمَّة.
  • يا دعاة الأُمة بيِّنوا الموقف الاعتقادي.
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=946

فلمَّا أدركه الغرق

نبذة مختصرة عن المحاضرة : فقد انتشر في زماننا نوع جديد من البِغاء يُسمى البِغاء الفكري!, والذي لا يعرفه العلماء؛ لِسمُو أخلاقهم ورفعة شأنهم, وعند الرافضة توجد التقية, وأما أهل السُّنَّة فقلوبهم طاهرة نقية خلا من تلوث منهم بمثل هذه التقية, وقد ظهر اليوم الحاج حسن ! وحزبه, وخرج الصوت الذي يُضلل الأمة ويُفسد الشباب المسكين .. فاحذروا!!

عناصر المحاضرة :
  • البِغاء الفكري!!
  • العلماء لا يملكون إلا الأمانة ولا يتورطون في الخيانة.
  • العلماء لهم أخلاق, ولا يتكثرون بكثرة الأتباع.
  • من المعيب أن يكون المرء ملكيًا أكثر من الملك.
  • الرجوع إلى الحق فضيلة.
  • نصيحة : على كل من تورط ومن لم يتورط بعد أن يركب بغلته, وأن يقول لها (عَدَس).
  • بدعة جديدة؛ فما هي؟!
  • المقالات التي تُمثل المنهج السلفي!
  • المُنَظِّر المسكين والناطق الرسمي!
  • أفضل الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم.
  • الشيعة وعصمة الأئمة.
  • الشاه إسماعيل الصفوي, وما جاء به.
  • حزب الحاج حسن ! وقَسَمُه.
  • الوظيفة الرسمية لحسن نصر الله.
  • خطاب الحاج حسن ! في عاشوراء.
  • أبو لؤلؤة المجوسي وقبره الذي يطوفون به في إيران!!
  • الصوت الذي يُضلل الأمة ويُفسد الشباب المسكين.
  • أهل السُّنَّة في البصرة قبل وبعد الاحتلال, ومن الذي قتلهم؟
  • واجبنا تجاه المستضعفين.
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=947

.. وانتصرت الخُمينية على لبنان

نبذة مختصرة عن المحاضرة : ما هذا الحديث؟! .. كأنه ينطبق على الواقع انطباقًا .. أمر عجيب !!

عناصر المحاضرة :
  • ما هذا الحديث؟!
  • رجل يدعو إلى آل محمد وهو أبعد الناس منهم!!
  • علامات سود أولها نصر وآخرها كفر!!
  • من هذا الرجل؟ وممن يكون؟
  • من هم الرافضة؟ وما سبب تسميتهم بهذا الاسم؟
  • الوهابيون والسلفيون الذين يفرقون الأمة!!
  • اسألوا العلماء قولوا لهم :
    • ما حكم من يقول بأن القرآن محرف وأنه ناقص؟
    • ما حكم من يُكَفِّر أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟
    • هل تكفير الأصحاب والحكم عليهم بالردة يطعن في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو لا يطعن؟
    • هل تكفير الأصحاب يطعن في نقل الدين أو لا يطعن؟
    • ما حكم من قال بالبداء على الله رب العالمين؟
    • ما حكم من قال بأن عائشة - رضي الله عنها - قد زنت لقاء خمسين درهمًا؟
    • ما حكم من قال إن زوجات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كن حشايا له؟
    • ما حكم من قال إن العصمة قد توفرت للأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟
    • ما حكم من قال بكفر النواصب العامة؟
  • من الذين يُعَلِّمون المسلمين العقيدة؟ من هم؟!
  • الرد على هؤلاء من كلام شيوخهم.
  • إن لم تكن نافعًا فلا تضر.
  • رجلكم المنتصر ! على دين الخُميني حذو النعل بالنعل.
  • أمة الإسلام أفيقي وأفيقوا يا دعاة التقريب.
  • ما الخُمينية؟
  • لماذا لا يُأخذ بكلام كبير منظريكم اليوم؟! لماذا لا تنشرونه؟!
  • التَّقية والبندقية.
  • عليهم أن يعودوا...
http://www.rslan.com/vad/items_details.php?id=948
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 13-12-2007 الساعة 09:30 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
brakdoon
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 31-12-2006
  • المشاركات : 69
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • brakdoon is on a distinguished road
brakdoon
عضو نشيط
رد: مواضيع لضرب الوحدة الوطنية
14-12-2007, 07:53 PM
المطر الهاطل لتبريد مفاصل الوهابي الدافع بالباطل
ها هو صاحب العنوان (دفع الصائل المجادل بالباطل)و إن كنت أوافقه على هذا العنوان لأنه حقا يدفع بالباطل (فهناك من يوظف النصوص لأغراضه الشخصية و يشتري بأيات الله ثمناً قليلاً )عله يشوش على القارىء الفطن الذي صار يعرف مخططاتهم الجهنمية و عمالتهم لأعداء الجزائر و شعبها قلت هاهو يعود من جديد ليسود الصفحات دفاعا عن أسياده و لست أدري متى ينتهي هذا المتسوك (بمسواك طويل جدا) و بائع المسك الشديد الرائحة حد الغثيلن من الدفاع عن الذين في السعودية ، ربما حينما يأتيه الأمر من أولياء نعمته ، فها هو قد سود صفحات الأنترنيت بعمليات النسخ و اللصق مدافعا ليس عن رؤاه طبعا و لكن عن أفكار و رؤى الآخرين هناك في السعودية مثلما كان يدافع صاحبه عن القنوات التلفزيونية السعودية ، و هذا النوع منتشر جدا في كل المنتديات العربية تقريبا ، فهناك من يدافع عن الفنانين السعوديين كما أن هناك من يلمع صورة الكرة السعودية ، و هناك من يدافع عن قرارات السعودية الخاصة برفع إنتاجها من البترول ووووإلخ ، و على سبيل المثال يسمع الناس حاليا في الجزائر العاصمة بفتوى جاهزة من المخابر السعودية تمهيدا لشيء سيكون بينها و بين الكيان الصهيوني الغاصب ، مفاد الفتوى أنه لا حرج على المسلم من تلبية دعوة اليهودي إذا دعاه على غداء مثلا و العكس صحيح ، و فتوى أخرى في نفس السياق تجوز البيع و الشراء مع اليهودي ، و ليعلم الإخوة الكرام أن هناك جيش عرمرم من الشباب الجزائري يقبض أجره من أجهزة سعودية عن كل مقال ينشر عن البدع و الشرك و الروافض و عن الطوائف المذهبية المنتشرة داخل الأقطار العربية و كذلك المتعلقة بالمذاهب الأربعة و العمل على استبدال مصطلح (السنة) الذي يعني المسلمين غير الشيعة بمصطلح (السلفية)-متناسين أن هذه التسمية بدعة لم تكن زمن الرسول صلى الله عليه و سلم- هذا المصطلح اللصيق تاريخيا بالوهابية ، هذه الأخيرة كانت دوما السند الفقهي و الديني لكل تنازلات آل سعود لفائدة الأجنبي -و لازالت تقوم بهذا الدور إلى الآن- و خاصة البريطاني كما هو واضح في هذه الدراسة التي أعدها (مركز الحرمين للاعلام الاسلامي) : اتفاقية دارين بين بريطانيا وبني سعود عام 1915 م مقدمة بعد ان سيطرت بريطانيا فعلياً على منطقة الخليج ووقعت معاهدة الصلح البحري العامة مع شيوخ الساحل العماني عام 1820 م والمعاهدة السرية مع حاكم الكويت في عام 1899 م والتي تشبه لحد كبير لمعاهدة الصلح البحري العامة المذكورة اتجهت إلى تقوية نفوذها في الجزيرة والتي كان لها موطئ قدم يمثله بنو سعود في الرياض. وقد واجهت بريطانيا في منطقة الجزيرة وضعاً معقداً يختلف عن الوضع في الخليج حيث استطاعت ان تحسم الأمور في منطقة الخليج بواسطة قواتها البحرية بسبب ضعف الدولة العثمانية في حسمها للامور وعدم تفهمها لطبيعة الصراع في هذه المنطقة ولكونها استطاعت تجزئة الساحل إلى محميات صغيرة لا تشكل لها تهديداً حتّى لو ظهر فيها رفض لوجود بريطانيا من قبل شعوبها. اما في منطقة الجزيرة ذات المساحة الشاسعة فالامر مختلف فهي تضم قبائل كبيرة وتعيش صراعات طويلة ومعظمها تدين بالولاء للدولة العثمانية ما عدى بني سعود. كما إن الدولة العثمانية عملت على تقوية وجودها في الجزيرة لاعتبارات سياسية لأن المنطقة تضم مقدسات المسلمين والتي تعتبر نفسها مسؤولة عنها بالدرجة الأولى ولأنها احد موارد خزينتها. لذلك خططت بريطانيا على المدى البعيد تقوية موظفها ابن سعود لكي يستطيع السيطرة الكاملة على الجزيرة، فاختارت موظفين لهم الخبرة في عملية ادارة الصراعات كالضابط (شكسبير) الذي كان يخطط المعارك ابن سعود وينفذها بنفسه الامر الذي ادى إلى قتله في معركة (جراب) عام 1915 م ضد ابن الرشيد وكذلك (فيلبي) الذي أدار الأمور حتّى تحقيق كامل اهداف بريطانيا في الجزيرة. أسباب توقيع اتفاقية دارين 1915 م: كانت بريطانيا قبل الحرب العالمية الاولى بصورة عامة تتحرك بحذر في منطقة الجزيرة وكان الصراع السياسي بينها وبين الدولة العثمانية يسير ببطء وكانت بريطانيا توجه عملائها في المنطقة بعدم التأثير المباشر والمكشوف على نفوذ الدولة العثمانية التزاماً منها بالاعراف الدولية والعلاقات التي لا زالت تربطها بالدولة العثمانية لهذا نجد ان بريطانيا كانت غير راضية عن استعجال ابن سعود في ابراز خدماته الكبيرة لبريطانيا في القفز على هذه التوجيهات ففي عام 1911 م اجتمع شكسبير مع ابن سعود وقال له: (ان بريطانيا لن تقدم الدعم لأي زعيم عربي يحاول التخلص من الاتراك حيث ان لبريطانيا علاقات صداقة بهم..) وقبل نشوب الحرب العالمية الاولى باشهر اصبح الصراع السياسي في المنطقة بين بريطانيا والدولة العثمانية قد بلغ ذروته والذي ينطلق من المبنى الذي تبنته بريطانيا في أنها وريثة ممتلكات الدولة العثمانية في منطقة الخليج والجزيرة والعراق والاردن وفلسطين والذي تقرر هذا نهائياً في معاهدة سايكس ـ بيكو بين بريطانيا وفرنسا عام 1916 م في موسكو، لذلك حاولت بريطانيا ان تُعلم الدولة العثمانية من خلال اتفاقيات وقعتها مع ابن سعود ان موقعها في منطقة الجزيرة اصبح ضعيفاً كموقفها في الخليج. قامت بريطانيا في مارس عام 1914 م باجراء اتفاق مع ابن سعود عن طريق ممثلها (ارثر باريت) تعهد فيه ابن سعود بتقديم كل مساعدة ممكنة ضد الاتراك واعترف ببقاء البحرين تحت سيطرة بريطانيا وضمان المحافظة على رعايا بريطانيا وتجارتها في الخليج من أي طرف. ان بريطانيا في واقع الأمر لا تعوّل على ابن سعود مجرداً ليحسم لها الامر في المنطقة وانما جاء اجراء هذا الاتفاق ضمن الضغوط السياسية والاستفزاز الذي مارسته بريطانيا في المنطقة فابن سعود لم يكن متفوقاً على ابن الرشيد فضلاً عن الشريف حسين. وبعد نشوب الحرب العالمية الاولى ودخول الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا ضد بريطانيا وحلفائها لم يعد لبريطانيا أي تعهد لتركيا وانما عملت على تقويض نفوذها في المنطقة. ولما كان ابن سعود هو الذي اختارته لتنفيذ سياستها في الجزيرة ارادت ان تربطه باتفاقية رسمية تكون فيها الأمور واضحة لجميع الاطراف وان تحكم تبعية بني سعود خوفاً من تغيير الظروف كما ان بريطانيا بعد نشوب الحرب العالمية الاولى ودخول تركيا بجانب المانيا تريد تثبيت حقوقاً لها بعد نهاية الحرب ضمن نظرية تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية المطروحة في مناقشات الدول الاستعمارية قبل الحرب، كما انها ارادت ان تعلن للجميع ان ابن سعود هو موظفها الذي لا يجوز لاحد التعرض له كما أنها ارادت ان تمسك بورقة قوية أثناء مباحثاتها مع فرنسا حول تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية. ومن خلال هذه الاتفاقية والتي أظهرت تبعية بني سعود بصورة كاملة لبريطانيا وبذلك أصبحت المنطقة تحت السيطرة الكاملة لها أرادت أيضاً أن تظهر للرأي العام الانكليزي جدوى دعمها لبني سعود. ومن خلال هذه الاتفاقية أرادت بريطانيا أيضاً ان تقدم نموذجاً لمواصفات العملاء في المنطقة والذين يرغبون في طرح انفسهم كموظفين لبريطانيا
نص اتفاقية دارين 1915 م
في شهر ديسمبر عام 1915 سافر (كوكس) المقيم البريطاني في الخليج يرافقه (فيلبي) إلى القطيف واجتمع بعبد العزيز بن سعود في جزيرة دارين وتم توقيع اتفاقية حملت اسم الجزيرة يوم 26 ديسمبر عام 1915 م نصت على ما يلي: بسم الله الرحمن الرحيم لما كانت الحكومة البريطانية من جهة وعبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود حاكم نجد والاحساء والقطيف والجبيل والمدن والمراسي التابعة لها، بالاصالة عن نفسه وورثته وحلفائه وعشائره من جهة اخرى، راغبين في توطيد الصلات الودية التي مر عليها وقت طويل ما بين الطرفين وتعزيزها لاجل توثيق مصالحهما، فقد عينت الحكومة البريطانية اللفتننت كولونيل السر برسي كوكس المعتمد البريطاني في خليج فارس مفوضا من قبلها ليعقد معاهدة مع عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود. وقد اتفق اللفتننت كولونيل السر برسي كوكس وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود وأبرما المواد الآتية: 1 ـ تعترف الحكومة البريطانية وتقر ان نجدا ًوالاحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي يبحث فيها، وتعين اقطارها فيما بعد ومراسيها على خليج فارس، وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل، وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقا على قبائلها، وبأبنائه وخلفائه بالارث من بعده، على ان يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه، خاصة فيما يتعلق بشروط هذه المعاهدة 2 ـ إذا حدث اعتداء من قبل احدى الدول الاجنبية على اراضي الاقطار التابعة لابن سعود وخلفائه بدون مراجعة الحكومة البريطانية، وبدون اعطائها الفرصة للمخابرة مع ابن سعود وتسوية المسألة فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود، بعد استشارته، إلى ذلك القدر وعلى تلك الصورة الذين تعتبرهما الحكومة البريطانية فعالتين لحماية بلدانه ومصالحه. 3 ـ يتفق ابن سعود، ويعد بان يتحاشى الدخول في مراسلة أو وفاق مع أية امة اجنبية أو دولة، وعلاوة على ذلك بأن يبلغ حالاً إلى معتمدي السياسة من قبل الحكومة البريطانية عن كل محاولة من قبل اية دولة أخرى في ان تتدخل في الاقطار المذكورة سابقاً. 4 ـ يتعهد ابن سعود بان لا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الاقطار المذكورة ولا قسماً منها، ولا يتنازل عنها بطريقة ما، ولا يمنح امتيازا ضمن هذه الاقطار لدولة اجنبية أو لرعايا دولة اجنبية بدون رضى الحكومة البريطانية وبان يتبع مشورتها دائماً وبدون استثناء على شرط ان لا يكون ذلك مجحفاً بمصالحه الخاصة. 5 ـ يتعهد ابن سعود بحرية المرور في اقطاره على السبل المؤدية إلى المواطن المباركة، وان يحمي الحجاج في مسيرهم إلى المواطن المباركة ورجوعهم منها. 6 ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل بان يتحاشى الاعتداء على اقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية والتي لها صلات عهدية مع الحكومة المذكورة والا يتدخل في شؤونها، وتخوم الاقطار الخاصة بهؤلاء ستعين فيما بعد. 7 ـ تتعهد الحكومة البريطانية وابن سعود على عقد معاهدة اكثر تفصيلاً من هذه على الأمور التي لها مساس بالفريقين. كتب في 18 صفر سنة 1334 الموافق 26 ديسمبر سنة 1915 م. يقول جون. س. ولينكسون في كتابه حدود الجزيرة العربية: (وبدأت المفاوضات التمهيدية بينهما (بريطانيا وابن سعود) في اكتوبر سنة 1915 م ولكن كان هناك عديد من المشكلات وهي ان وضعه (ابن سعود) الداخلي لا يزال مضطرباً وان حجم الامتيازات المطلوب منه منحها لبريطانيا حتّى يحذو حذو مشايخ المحميات الاخرى ، يمكن ان تجعله بلا شعبية، وأي اتفاقية مع بريطانيا تتعلق بهذا الشأن كما حدث، إنّما تسلبه استقلاله وتستخدم المعارضة له وتكون نقطة تجمع عليه).. ويستمر (ولينكسون) في اطلاق فرضياته الوهمية ومن ضمنها انّه يذكر ان ابن سعود قدم مشروع الاتفاقية فيقول: (وكان جوهر مشروع ابن سعود المكون من 11 مادة ان تعترف بريطانيا بأن نجد والاحساء والقطيف وما يحيط بها والموانئ التي ترتبط بتلك المناطق على ساحل الخليج الفارسي تنتمي إليه وهي ارض آبائه وان تلك الاراضي مستقلة وليس لأي قوة اجنبية الحق في التدخل، وان تعترف بريطانيا بالحدود الخاصة بالأراضي المذكورة وان تتعهد بالحماية والدفاع عنها ضد كل الاعتداءات والتهديدات الآتية براً وبحراً. وان القانون المطبق في تلك الأراضي… سيكون قانون الشريعة ووفق مبادئ المدرسة الوهابية، وعلى بريطانيا ان تحترم حقوق شعب ابن سعود على اراضيه ولا تمنع حق اللجوء لأي من الهاربين.. وإذا دخل أي من البدو والمدن الخاضعة للحماية البريطانية وإذا ثارت أي خلافات بيني وبين أي من مشايخ وزعماء المدن المذكورة… فعليهم ان يتصرفوا طبقاً لملكية الاباء والاجداد. وبالمقابل فان ابن سعود لن يتعامل مع أي قوى أخرى حول الامتيازات دون الرجوع إلى حكومة بريطانيا العظمى. وان تمنع بريطانيا التجارة في السلاح وتسمح لشعوب المحميات البريطانية بالتجارة في سواحله وان تحميهم..) هذا الكلام من (ولينكسون) يراد به الايحاء ان ابن سعود كان يتصرف باستقلالية لكن المتتبع للعلاقات بين بريطانيا وابن سعود يجد الامر يختلف تماماً عما يريد أن يثبته الكاتب المذكور ، كما أن بنود الاتفاقية شاهد صريح على ان ابن سعود ليس عليه إلاّ ان ينفذ ما يصدر إليه من بريطانيا.
مناقشة بنود الاتفاقية:
1 ـ اقرت بريطانيا في البند الأول سيطرة ابن سعود على نجد والاحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي اعتبرتها حسب التعبير الوارد في الاتفاقية (بلاد ابن سعود وآبائه من قبل..) في حقيقة الامر ان هذه البلاد لم تكن في يوم من الايام تابعة لبني سعود أو تحت سيطرتهم فهذه العائلة لم يستطع احد من المؤرخين ان يثبت انها تمت بأية صلة إلى هذه الأرض فهذا (لزلي مكلوغلن) من اصدقاء العائلة يقول: (فإن السجلات الأولى الاكثر وثوقاً وتعود بنسبهم إلى مطلع القرن الخامس عشر الميلادي.. الجد الأول المعروف لابن سعود هو مانع المريدي. دعي مانع سنة 1446 م دعاه قريب له لينتقل من منطقة القطيف إلى منطقة وادي حنيفة قرب الرياض) فلا نريد هنا ان نبحث بصورة تفصيلية عن اصل هذه العائلة ولكن نريد ان نشير على الأقل ان هذه العائلة لم تكن لها سلطة تذكر على اية منطقة في الجزيرة وانما المتيسر من المعلومات التأريخية أن جدهم جاء إلى الدرعية واستطاع بعملية غدر السيطرة عليها وبعد ذلك سيطر على الرياض واستمر الصراع على الرياض بينه وبين آل الرشيد، فحتى لو قبلنا ان اصل هذه العائلة من القطيف كما يقول (مكلوغلن) فإنها لم تكن عائلة معروفة او لها أي وزن في التاريخ القبلي لمنطقة القطيف كما لبقية القبائل لذلك فتعبير (بلاد ابن سعود وآبائه من قبل..) يكشف لنا امرين: الأول: ان هذه العائلة في أصل وجودها في المنطقة هو من صنع بريطاني. ثانيا: ان هذا التعبير يراد منه في الحقيقة ان هذه المناطق المذكورة اصبحت تحت سيطرة بريطانيا لكي تكون وثيقة تستخدمها في نهاية الحرب التي كانت تركيا قد دخلتها إلى جانب المانيا ضد بريطانيا وحلفائها والتي كانت هذه المناطق من الناحية الرسمية تحت النفوذ التركي. وهذا الامر يشير إليه البند الرابع من الاتفاقية الذي لا يجيز لابن سعود ان يسلم أو يبيع أو يرهن أو يؤجر الاقطار المذكورة ولا قسماً منها ولا يتنازل عنها بطريقة ما. جاء في البند الأول أيضاً (يعترف بابن سعود حاكماً عليها ـ نجد والاحساء والقطيف والجبيل وتوابعها .. مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها وبأبنائه وخلفائه بالارث من بعده). ان تعبير (مستقلاً) جاء مخالفاً للحقيقة والواقع الذي يعيشه عبد العزيز بن سعود فهو لم يكن مستقلاً هو أو أبناؤه الذين حكموا من بعده لا من حيث الحركة الظاهرية التي يعيشها هؤلاء أو من حيث الوثائق التي تذكر علاقة بريطانيا بهم فقبل اكتشاف النفط كان ابن سعود يتقاضى راتبا من قبل المكتب الهندي التابع للمخابرات البريطانية فكيف يكون مستقلاً وهو موظف يتقاضى راتباً من بريطانيا والذي تم رفعه من (500) جنيه في الشهر إلى (5000) جنيه في الشهر بعد توقيع هذه الاتفاقية. ثم اننا نلاحظ ان ابن سعود في احرج الظروف التي واجهته لم يستطع ان يتجاوز أوامر (فيلبي) الذي كان يدير السياسة الفعلية في الحكم السعودي، فعندما ضغط قادة جيش عبد العزيز عليه في ان يهاجم الشريف حسين ويثأرون منه في حادثة (الخرمة) كان الأمر الذي وجهه (فيلبي) هو مقاتلة ابن الرشيد خلاف رغبة جيش عبد العزيز وفي اجتماع مع هؤلاء القادة رد ابن سعود على خطاب (فيصل الدويش) مخاطباً الجميع: (اما فيما يتعلق بمحمد بن رشيد فالحقيقة ان الانكليز قد ألحوا عليّ بمهاجمته لماذا اخفي ذلك عليكم). كما اننا نلاحظ ان تعبير حاكماً مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها جاء واضحاً انّه اصبح حاكماً مستقلاً على القبائل دون الأرض وهذا ما تريده بريطانيا أي ان المطلوب منه ترويض القبائل للقبول بسياسة بريطانيا والتحول من الولاء للدولة العثمانية إلى بريطانيا. اما عبارة (لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه) قد جعلت الحاكم من بني سعود منفذاً للسياسة البريطانية بكل اشكالاتها لانه لا يحق له المخالفة بأي وجه من الوجوه وهذه العبارة تظهر لنا خساسة هؤلاء الحكام لأنه لم يحدثنا التأريخ ان علاقة بين طرفين كانت بهذه المهانة لانه عادة عندما يكون طرف تابع لطرف قوي فان هذا الطرف القوي يعطيه بعض التصرف على وجه الاستقلال أما ان لا يخالفه باي وجه من الوجوه فلم تعرف السياسة أو العلاقات الدولية هذه الصيغة، ولهذا علق الكاتب الفرنسي المسيو (جان جاك بيرسي) على الاتفاقية قائلاً: (الذي يجهله العموم أو يغفل عن ذكره الكثيرون من المؤرخين أنه ليس مشرِّفاً … لا للعرب ولا للبريطانيين… إذ أنه لقاء مساعدة مالية شهرية قدرها خمسة الاف جنيه استرليني اعترف سلطان نجد للبريطانيين بحق الاشراف على علاقاته الخارجية كجميع امراء الخليج والجنوب العربي وتعهد عبد العزيز بن سعود بان لا يتنازل عن أي شبر من أراضيه في أي حال من الأحوال وان لا يقيم علاقات مع أية دولة إلاّ بعد الحصول على موافقة الحكومة البريطانية بذلك) ونلاحظ في البند الأول عبارة (وتعترف الحكومة البريطانية وتقر ان نجداً والاحساء والقطيف والجبيل وتوابعها والتي يبحث فيها وتعين اقطارها فيما بعد..) ان هذه العبارة تعني ان هذه المناطق التي قررت بريطانيا ان تكون خاضعة لها عن طريق ابن سعود ليست نهائية وانما ستضاف إليها مناطق أخرى حسب تغير الظروف السياسية في المنطقة ورؤية بريطانيا الاستعمارية لها والتي هي السبب الرئيسي لدخولها الحرب، وقد صرح (كوكس) بذلك اثناء توقيع الاتفاقية، يقول (فيلبي) الذي حضر توقيع الاتفاقية بعد تقليد عبد العزيز لقب سلطان فال كوكس: (… وفي المستقبل القريب سنقلدك وسام سلطنة نجد والحجاز وملحقاتهما ثم نجعل منك ملكاً بعد تسليمك عسير وبعض الامارات الاخرى لنطلق عليها اسمكم فتصبح المملكة السعودية). 2 ـ البند الثاني يبرز لنا أمرين: الامر الأول: هو التأكيد على ان المناطق التي يسيطر عليها ابن سعود هي محمية بريطانية لا يجوز الاعتداء عليها من أي طرف خارجي، ولما لم يكن أي من الاطراف التي تحيط بابن سعود لها المصلحة أو القدرة على الاعتداء على ابن سعود فان هذا الامر موجه للدولة العثمانية حيث ان جميع الاطراف التي تحيط بابن سعود هي ضمن النفوذ البريطاني. اما الامر الثاني: هو افهام ابن سعود ان أي خلل في العلاقة مع بريطانيا أو بمعنى آخر ان التمرد على الاوامر البريطانية فان بريطانيا ستسمح لطرف خارجي بالتعرض لابن سعود وهو احد مبادئ السياسة البريطانية مع عملائها وهذا ما يعنيه التعبير في البند الثاني (إذا حدث اعتداء من قبل احدى الدول الاجنبية على اراضي الاقطار التابعة لابن سعود وخلفائه بدون مراجعة الحكومة البريطانية) 3 ـ اما البند الثالث من الاتفاقية فيبرز لنا بصورة جلية ان بني سعود ماهم إلاّ موظفون لدى الادارة البريطانية فلا يجوز لهم التصرف باي أمر باستقلالية إلاّ عن طريق المعتمد البريطاني في المنطقة كما انها في هذا البند من الاتفاقية اعلمت بريطانيا الدول الاخرى بأن المناطق التي يسيطر عليها ابن سعود هي اراضي تعتبر خاضعة للتاج البريطاني فلا يجوز لاي دولة التصرف فيها بأي شكل من الاشكال وهذا يشمل الامتيازات للتنقيب عن النفط التي تحاول الاخرى الحصول عليه. وكان البند الرابع من الاتفاقية صريحاً وقطع كل أمل في ذلك، هذا البند والبند الثالث يعتبر في حقيقته بنداً واحداً إلاّ ان المعتمد البريطاني جاء به تأكيداً للبند الثالث. 4 ـ ان ما جاء في البند السادس يجب ان لا يقودنا إلى ان نفهم ان ابن سعود يتمتع باستقلالية بحيث يستطيع ان يعتدي على الجهات المحيطة به وانما في حقيقة الامر ان هذا البند وضعه المعتمد البريطاني لعدة امور وهي: ا ـ لكي يُطَمئِن محميات بريطانيا بعدم حدوث اعتداء عليها من قبل ابن سعود لانها كانت تخشى ذلك وتبث هواجسها لبريطانيا. ب ـ لكي يكون هذا البند عامل ضغط على الشريف حسين الذي تريد بريطانيا سرعة تخليه عن الدولة العثمانية وسقوطه نهائياً في أحضان بريطانيا ففي التعبير الذي ورد في هذا البند (يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل ان يتحاشى الاعتداء على اقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان..) استثنى الحجاز من ذلك، أي ان بريطانيا لا تعترض مبدئياً على اعتداء ابن سعود على الحجاز. ج ـ التأكيد على ابن سعود من خلال هذا البند ان منطقة نفوذه ستتعدى مستقبلاً المناطق الحالية التي يسيطر عليها وخاصة الحجاز. نتائج الاتفاقية: 1 ـ تبلور دور ابن سعود من خلال بنود الاتفاقية وأن دوره هو القضاء على كل نفوذ للدولة العثمانية في المنطقة تحت توجيهات الادارة البريطانية. 2 ـ اعطت لابن سعود زخماً كبيراً في المنطقة اتجاه الزعماء التقليديين وخاصة محمد ابن رشيد الموالي للاتراك ونتيجة للاتفاقية فقد تم تزويده بالاسلحة التي يحتاجها في صراعه وتم انتداب خيرة الموظفين في الحكومة البريطانية في المنطقة للتخطيط الميداني لحركة عبد العزيز الامر الذي جعل ابن رشيد منشغلاً مع ابن سعود دون تقديم العون للاتراك. 3 ـ اصبحت منطقة الجزيرة ساحة لصراع بريطانيا وتركيا كان ضحيتها ابناء المنطقة وممتلكاتهم. 4 ـ اصبحت هذه الاتفاقية الأساس الذي تحركت بموجبه بريطانيا في المنطقة والادارة الامريكية من بعدها في استغلال ثرواتها والاستهانة بطموحات ابنائها في امتلاكهم ارادتهم. 5 ـ نتيجة لهذه الاتفاقية تم تحييد شعب الجزيرة في الصراع الدائر بين المسلمين من جهة وبين الصهاينة من جهة أخرى حول اغتصاب فلسطين. 6 ـ نتيجة لهذه الاتفاقية اصبحت ارض الجزيرة ساحة للمغامرين الانكليز في البحث عن النفط الذي أدى اكتشافه إلى بروز صراع جديد بين الامريكيين والبريطانيين كان ضحيته ابناء المنطقة كما حدث حول واحة (البريمي) هل انتهت اتفاقية دارين؟! للوهلة الاولى يبدو ان هذا السؤال في غير محله لأن الاتفاقية قد ألغيت رسمياً باتفاقية جدة الموقعة في 20/5/1927 م لكن هناك أمران لابد من الخوض بهما لكي تتبين لنا أهمية هذا السؤال وأنه في محله: الامر الأول: هو ان نظرة متفحصة لبنود اتفاقية جدة المذكورة يتبين لنا ان هذه الاتفاقية لم تغير شيئاً في بنود اتفاقية دارين عام 1915 م ما عدا ان بريطانيا رفعت نظام بني سعود من التبعية بصيغة موظفين وعملاء إلى حكام بالمعنى الظاهر لحكام الدول، ففي البند الأول من الاتفاقية المذكورة ينص على ان: (يعترف صاحب الجلالة البريطاني بالاستقلال التام المطلق لممالك صاحب الجلالة ملك الحجاز وملحقاتها) فهذا البند لا يختلف في جوهره عن البند الأول في اتفاقية دارين عام 1915 م والذي ينص على : (تعترف الحكومة البريطانية وتقر ان نجداً والاحساء والقطيف والجبيل وتوابعها… وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها) والفرق في ذلك جاء في اضافة الحجاز إلى سيطرته بعد نهاية الشريف حسين، كما ان مخاطبة ابن سعود من قبل الحكومة البريطانية بالملك لم يكن غريباً فبريطانيا هي التي اقترحت قيام مملكة باسم المملكة العربية السعودية بعد ان أظهر ابن سعود قدراً كبيراً من التبعية التي لم يسبقه احد من قبل، ثم ان تقويته واسباغ الالقاب عليه كان ضمن ما خططت له بريطانيا لكي يكون ابن سعود ممثلاً للعرب والمسلمين وهذا ما درجت عليه الادارة الامريكية أيضاً اما البند الثاني من الاتفاقية والذي نص على ان: (يسود السلم والصداقة بين صاحب الجلالة البريطاني وصاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وملحقاتها ويتعهد كل من الفريقين المتعاقدين بان يحافظ على حسن العلاقات مع الفريق الآخر وبأن يسعى بكل ما لديه من الوسائل لمنع استعمال بلاده قاعدة للاعمال غير المشروعة الموجهة ضد السلام والسكينة في بلاد الفريق الآخر) فهو لا يختلف عن الفقرة التي وردت في البند الأول من اتفاقية عام 1915 م والتي تنص: (على ان يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه…) فالاصل في الموضوع ان لا يخالف بنو سعود بريطانيا ولا تهم صيغة العبارات فهي لا تحتاج إلى توجيه فهي موجهة في أصل مبنى بني سعود في الحكم واما تغيير العبارات فالظروف الموضعية هي التي اضطرت بريطانيا إلى تغييرها وتغيير شكل معاهدة دارين 1915 بمعاهدة جدة، فالذين اعتمدوا على بريطانيا من طالبي الرئاسة كالشريف حسين وغيره قد اصابهم الاحباط بعد تنصل بريطانيا من عهودها التي قطعتها لهم، كما ان دعاة معاونة بريطانيا لتحقيق دولة عربية كبرى والتخلص من السلطة التركية التي اساءت بالفعل معاملة شعب المنطقة ادركوا أيضاً كذب الوعود البريطانية، يضاف إلى ذلك ان شعب الجزيرة غير بعيد عما يحدث في المناطق الإسلامية الاخرى والقريبة منه كالعراق مثلاً الواقع تحت الانتداب البريطاني فقد استطاع على أثر ثورة 1920 ان يحصل على استقلاله. كما ان انكشاف العداء السافر لبريطانيا اتجاه المسلمين ومصادرتها لحقوقهم في فلسطين باعطائها وعداً للصهاينة بجعلها وطناً قوميا لهم ومساهمتها في المجازر التي ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني وبتنفيذ بني سعود وبصورة مباشرة وغير مباشرة جعل بريطانيا تدرك حجم المعارضة لها في المنطقة. ولعل ما جرى في المؤتمر الإسلامي الأول الذي عقد في عام 1926 م مؤشراً كبيراً على نظرة بريطانيا المذكورة ففي هذا المؤتمر القى ابن سعود كلمة افتتاحية رد عليه شيخ الازهر ممثل مصر في المؤتمر بكلمة فضح فيه موقف بني سعود حيث نبه إلى التناقض في كلمة ابن سعود حيث جاء في احد فقراتها (اننا لا نقبل تدخلاً أجنبياً في هذه البلاد الطاهرة ايا كان نوعه)، فقال شيخ الازهر (ان كلمة أجنبي هذه مجملة فإذا كان المراد بها من يدين بالاسلام فذلك ما يؤيده فيه كل العالم إلاّ ان تطبيق ذلك مع الجمع بين سلطنة نجد ومملكة الحجاز يحتاج إلى دراسة المعاهدات التي عقدتها نجد مع الدول الاجنبية خشية أن يكون فيها ما يحمل إقرار الجميع بوجه من وجوه التدخل الذي نهى عنه الملك وضرب لذلك مثلاً بأنه إذا فرض ان لدولة أجنبية حق التدخل في تعيين سلطان نجد من بين آل سعود (اشارة) إلى اتفاقية دارين 1915 م) كان معنى ذلك ان لهذه الدولة حق التدخل في تعيين ملك الحجاز ما دام سلطان نجد هو ملك الحجاز) هذه الأمور التي ذكرناها جعلت بريطانيا تخشى المتغيرات المحتملة في المنطقة لذلك كان عليها الغاء معاهدة دارين 1915 وابرام معاهدة جدة مع بقاء جوهر اتفاقية دارين في هذه الاتفاقية الجديدة. الامر الثاني: بعد الحرب العالمية الثانية خرجت بريطانيا منها متضررة اقتصادياً، ففي الوقت الذي كانت مديونة للولايات المتحدة بمبلغ 450 مليون دولار أخذت تسعى للحصول على قرض منها، وبالفعل تم تقديم قرض من الولايات المتحدة قدره (4/4) مليار دولار في ديسمبر 1945 م. هذا الامر جعل بريطانيا كما يقول (بنسون لي جريسون) أقل ميلاً لتحدي سياسات واشنطن فيما يتعلق بالسعودية. وأخذت بريطانيا تدريجياً تتنازل للادارة الامريكية عن نفوذها في المنطقة (وفي فبراير 1947 اضطرت بريطانيا للاعتراف بأنها نتيجة لإجهادها خلال الحرب لم تعد لديها القوة العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية للاضطلاع التي دأبت على انتهاجها قبل الحرب كقوة عالمية …) وتأسيساً على ذلك اصبحت الولايات المتحدة الامريكية وريثة بريطانيا في المنطقة وهذه الوراثة جعلت الولايات المتحدة صاحبة النفوذ الفعلي فيها لهذا لا يمكن القول ان الاتفاقيات التي ابرمتها بريطانيا مع عملائها في المنطقة ومن اهمهم بنو سعود قد انتهى مفعولها فلو تصفحنا حركة علاقة بني سعود مع الادارة الامريكية نلاحظ بجلاء أنها مرسومة وفق اتفاقية دارين عام 1915 م والتي تدور حول ثلاثة محاور هي تنفيذ السياسة الغربية وحماية بني سعود وخلط الاوراق على المسلمين والعرب لترسيخ الكيان الصهيوني في المنطقة ونهب ثروات الخليج والمنطقة.
و بعد اتفاقية الخزي و العار و العمالة المبرمة بين آل سعود المدعومين بفتاوى الوهابية وبين الإستعمار البريطاني أضع بين يدي كل مثقف و كل واع و كل مسلم غير عميل و غير متطرف و لا يمهد الطريق للإرهابيين عن طريق وصف أبناء الجزائر بالمشركين و بالمبتدعة و الحياد عن الدين و السنة ، قلت أضع ملخص رسالة ماجستير في العلوم السياسية لإحدى الأخوات الفلسطينيات و ها هي أمامكم:
دور الوهابية في ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين
بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد: الوهابية وليدة مخطط نصراني إنجليزي محكم للقضاء على روح الإسلام، وتعمية عيون المسلمين بالزخارف والمظاهر لا غير، وقد كانت للوهابية أدوار بارزة في خيانة الإسلام وتشويه صورته، وسنركز في هذا المقال على القضية الفلسطينية وخدمة الوهابية لمصالح بريطانيا ومن ورائها الصهيونية وسندعم ذلك بأفعال الوهابية وأقوالهم، ونشرك القادة مع العلماء للترابط الوثيق بين القيادة والعلماء منذ ساعة نشأة هذه الحركة الخبيثة حيث لا انفصال بينهما في التوجُّه.
الوهابية عصا النصارى:
بعد ضرب حكم الشريف حسين وابنه علي بتحريض من الإنكليز لمعارضتهم منح فلسطين لليهود، أكدت الحركة الوهابية موقفها المنطبق مع الموقف الإنكليزي وذلك في المؤتمر الذي انعقد عام 1926 "للنظر في أسلوب حكم الحجاز "؛ فعندما طرحت بعض الوفود الإسلامية اقتراحا يدعو إلى تطهير البلاد العربية من الحكم الأجنبي على أساس أن يشمل ذلك فلسطين وسوريا والعراق وسواحل الجزيرة العربية، احتج الوهابية على المشروع وأصروا على حذفه من جدول الأعمال. مساهمة الوهابية في سقوط الدولة العثمانية وأثر ذلك على سقوط فلسطين: دور الوهابية مخلص في هذا السبيل، وكانوا لا يألون جهداً في عون النصارى على ذلك، فقد ساهموا في ذلك بأسلوبين الأول: المساهمة الفاعلة في تفكيك الدولة العثمانية، والأسلوب الثاني: المساهمة في اختراق النصارى واليهود ديار الإسلام، وإليك على ذلك الأمثلة: المساهمة الفاعلة في تفكيك الدولة العثمانية: قاتل الوهابية الدولة العثمانية ومن يواليها قتالاً لا هوادة فيه، ويكفي أن نعلم بأن الوهابية قد قتلوا في موقعة واحدة ألفين وأربعمائة جندي مسلم من جنود الدولة العثمانية في وقعة واحدة، هم بين مصري ومغربي وقرشي وفي مقدمتهم الشريف مسعود بن يحيى بن بركات ! المساهمة في اختراق ديار الإسلام: لقد نسَّق الإنجليز مع الوهابية لمشاغلة آل رشيد عن نجدة المسلمين في البصرة ساعة هجوم الإنجليز عليها، وقد اعترفت بريطانيا رسمياً بهذا الجهد الوهابي ، وقتالهم للأشراف في الحجاز، مما سبب اختراقاً استعمارياً في بلاد الإسلام، وهذا مطمح من مطامح الصهاينة فسقوط من يرفض تهويد فلسطين يعني التسلل إليها بعد ذلك بسهولة، واقرأ مذكرات حاييم وايزمان حين يقول (لن نستطيع اختراق العالم العربي للوصول إلى فلسطين ما دام طوق الخلافة العثمانية باقيا، لذلك تعاونا مع بريطانيا لاختراق هذا الطوق) وقد اخترق الطوق، وساهم الوهابية في ذلك وبإخلاص
تخدير المسلمين خدمة للنصارى واليهود:
عندما قامت الثورة الفلسطينية سنة 1936 ضد بريطانيا التي كانت تـمهد لتسليم فلسطين إلى اليهود الصهاينة، تدخل الوهابية خدمة للإنجليز لتخدير الأحرار، وتعهدوا للثوار بأن بريطانيا سوف تستجيب لمطالبهم إذا أوقفوا الثورة وذلك في (النداء) الذي وجهوه إليهم وجاء فيه: "إلى أبنائنا عرب فلسطين لقد تألمنا كثيرا للحالة السائدة في فلسطين، فنحن بالاتفاق مع ملوك العرب والأمير عبدالله ندعوكم للإخلاد إلى السكينة وإيقاف الإضراب حقنا للدماء معتمدين على الله وحسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل، وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم ". ولم يكتف الوهابية "بالنداء" بل قدموا إلى فلسطين يرأسهم سراً جون فيلبي، وعلانية أحد أمراء نجد، واجتمعوا بالقادة الفلسطينيين في القدس حيث خاطبهم ممثل الوهابية النجدي بقوله: "…بناء على ما عرفته من صدق نوايا بريطانيا أستطيع أن أقسم لكم بالله أن بريطانيا صادقة فيما وعدتنا به وأن بريطانيا تعهدت لوالدي أنها عازمة على حل القضية الفلسطينية " ولكن تأكيدات المبعوث الوهابي لقتل الجهاد، لم تقنع على ما يبدو، المتنورين من الفلسطينيين إذ أجابه الشاعر عبدالرحيم محمود معبرا عن ريبة الجناح الرافض لوقف الإضراب، فقال:
المسجد الأقصى أجئتَ تزوره * أم جئتَ من قبل الضياعِ تودِّعــه حرمٌ تباع لكل أوكعَ آبــــــــقٍ * ولكل أفَّـــاقٍ شــــــريدٍ أربعــــه وغداً وما أدناه لا يبقى سوى * دمـــــــعٍ لنا يهمي وسنٍ نـقرعـــه
خيبة ظن الفلسطينيين بهم قديمة:
عندما توجه فيما بعد، وفد فلسطيني لإطلاع القيادة الوهابية على مصير القضية الفلسطينية وكان أعضاؤه يحملون منشورات لإطلاع الشعب هناك على هذا المصير لم يسمح لهم بتوزيع تلك المنشورات بل أمر بجمعها لإحراقها.
بيع الوهابية لفلسطين:
لقد تآمر الوهابية على بيع فلسطين لليهود منذ أمد بعيد، وذلك في مؤتمر العقير سنة 1341هـ بمنطقة الإحساء، بين القيادة الوهابية والخارجية البريطانية في وثيقة رسمية تقول بقلم زعيم الوهابية (..أقر وأعترف ألف مرة للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من إعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما تراه بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة) والرسالة عليها خاتم الملك عبدالعزيز، كما وصل سمحا إيرلخ مندوب بن غوريون إلى الظهران في 13/9/1945 ومنها إلى الرياض لتوثيق العهود الموقعة مع بريطانيا واستقبله والوفد المرافق له الأمير فيصل ليوصلهم إلى والده عبدالعزيز، كما توجه وفد الوهابية إلى لندن لحضور مؤتمر لبحث موضوع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وكان الممثل الحقيقي لهم شيخهم جون فيلبي وحوله بعض الدُّمى الوهابية، فاقترح شيخهم فيلبي في المؤتمر "إعطاء فلسطين لليهود" مقابل استقلال البلاد العربية كلها .
التثبيط:
بعد الحرب العالمية الثانية وعندما أخذت تتردد وجهات نظر عربية تطالب الجامعة باتخاذ موقف ضد تأييد أمريكا لليهود، أرسلت القيادة الوهابية بتاريخ 20 أغسطس 1945 برقية إلى ممثلهم في الجامعة جاء فيها: "... أنا أسمع دندنة عند العرب قصدهم اجتماع هيئة الجامعة لأجل تبحث مسألة فلسطين فأنا هذا ما هو من رأيي ولا منه فائدة، لأنه إيش يبحث في المؤتمر؟ هل يعقد صلح أو يعلن حرب؟" ثم يقترح "أن ينتخبوا شخص يروح للندن وشخص يروح لأمريكا، ويكون أحد هذين الشخصين عبدالرحمن عزام ويكتب معه النقراشي كتبا للخارجية هناك ويقول فيه أنه بالنيابة عن مصر والبلاد العربية ويذكر الأمر اللائق والمناسب في الموضوع " وقبل سفر عبدالرحمن عزام وافقت القيادة الوهابية على إقامة مكتب صحافي تابع للجامعة العربية ولكنها أوصت أن لا يسيء المكتب لأمريكا وبريطانيا، بل يعمل على مدحهم واستعطافهم، "ولكن نرجوهم (الصحفيين) أن يتخذوا قاعدة يمشون عليها وهي قاعدة الاعتدال، ويكون لا يتحاملون على الإنكليز ولا على الأميركان، ولكن يشوفون الحجج القائمة ويعدونها لهم.. ويمدحونهم بأنهم أهل عدالة وإنصاف فستكون النتيجة أحسن إن شاء الله" .
الخــــــــــــــــــــــذلان:
عشية اتخاذ قرار تقسيم فلسطين رفضت القيادة الوهابية أن تقوم بأي دور جدي لإفشاله، علما بأنه كان بإمكانهم ذلك إذا ما هددوا بقطع البترول عن أميركا كما قال أحد الديبلوماسيين الأجانب، فقد جاء في العدد 637 من مجلة (آخر ساعة) المصرية بتاريخ 18 مايو 1966 بقلم الكاتب الفلسطيني وجيه أبو ذكرى: انتقل الصراع إلى الأمم المتحدة، وبدأت أمريكا تلعب لعبتها القذرة لتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب. ونشط المندوبون العرب لمحاولة إحباط المشروع الذي عرض على الجمعية العامة للمنظمة الدولية، وكان بين العرب الأمير عادل أرسلان، وذهب إلى أحد الوفود يستعطفه ليقف بجانب الحق العربي؛ فقال له الرجل: (لديكم أيها العرب الورقة الرابحة ولكنكم تخشون اللعب بها) وأشار إلى ممثل الوهابية هناك، وقال له الرجل: (لو ذهب هذا الأمير إلى جورج مارشال وزير الخارجية الأميركية وهدد بقطع البترول إذا ناصرت أميركا اليهود لوجدت هذه القاعة كلها تقف بجانب العرب). وكلفته الوفود العربية بالنطق باسمها في الجمعية العمومية وأوصوه بالحزم والصرامة، ولكن كان موقفه أنه لا داعي ولا مبرر لقلقهم، وأخذ يؤكد لهم معارضة أميركا لتقسيم فلسطين وأنها ستقاوم بكل حزم فكرة خلق دولة يهودية. وانخدع المندوبون العرب بكلامه على أساس أنه صديق حميم للسفير جورج ودزورت مستشار الوفد الأميركي إلى الأمم المتحدة ومن جهة أخرى فإن الوفود العربية أرسلت عشية الموافقة على قرار التقسيم برقية إلى زعيم الوهابية يلحون فيها عليه بإصدار تصريح يهدد فيه بقطع البترول إذا صوتت أميركا على قرار التقسيم، فما كان منه إلا أن قال: (إن المصالح الأميركية في (بلاده)محمية وإن الأميركيين هم من أهل الذمة وأن حمايتهم وحماية مصالحهم واجب منصوص عليه في القرآن الكريم).
الجهد الوهابي لتحرير فلسطين:
عندما نشبت حرب فلسطين في 15 مايو 1948، اكتفى قادة الوهابية بإرسال عدد هزيل من الجنود غير المدربين قدر ما بين 60 و 200 جندي، وقد خلت الجبهة الشرقية منهم بحجة أن أمير شرق الأردن عبدالله بن الحسين رفض الموافقة على دخول جنودهم إلى أرضه، وكذلك خلت الجبهة الشمالية واقتصر الوجود الوهابي الرمزي على الجبهة الجنوبية، ولكن لما ثبت أن الجنود لا يجيدون القتال، أُدخلوا مدارس الجيش المصري بعد الهدنة للتدريب. أما السلاح الوهابي فقد تحدث عنه القائد طه الهاشمي رئيس اللجنة العسكرية المنبثقة عن جامعة الدول العربية للإشراف على حرب فلسطين فقال واصفاً الأسلحة بعد أن أبرق الوهابية للجنة العسكرية عن أسلحة معدة لإنجاد فلسطين موجودة في سكاكا بالصحراء في شمال الجزيرة العربية: (أرسلت...طائرات فأحضرت تلك الأسلحة لدمشق وسلمتها إلى المصنع الحربي التابع للجيش السوري لفرزها وتبويبها، فإذا هي أسلحة عتيقة رديئة متعددة الأنواع والأشكال، فيها الموزر والشنيد والمارتيني، وفيها بنادق فرنسية وإنكليزية وعثمانية، ومصرية ويونانية ونمساوية، وكلها بدون جبخانة ومصدئة خردة لا تصلح للقتال). وأضاف: (إنهم وجدوا بين هذه الخردة بنادق فتيل مما تعبأ بالكحل من فوهتها وتدك من الفوهة أيضا وأنها من مخلفات حملة الجيش المصري على الوهابيين في أوائل القرن التاسع عشر).
القيمة الحقيقية لفلسطين عند الوهابية:
كشف جون فيلبي في كتابه: (40 عاماً في جزيرة العرب) عن حقيقة موقف قائد الوهابية من القضية الفلسطينية وذلك بقوله: "إن مشكلة فلسطين لم تكن تبدو (لهذا القائد) أنها تستحق تعريض علاقاته الممتازة مع بريطانيا ومع أميركا للخطر" ويضيف فيلبي: "وكان مستقبل فلسطين كله بالنسبة إلى (قادة الوهابية) كلهم، أمرا من شأن بريطانيا الصديقة العزيزة المنتدبة على فلسطين ولها أن تتصرف كما تشاء وعلى (قائد الوهابية) السمع والطاعة ".
أين هؤلاء السماسرة من السلطان عبدالحميد:
كشفت الوثائق الأميركية والبريطانية وكتابات فيلبي عن أسرار في مواقفهم؛ فقد كتب آرثر لوري، سفير الكيان الصهيوني في لندن تعليقا في صحيفة التايمز اللندنية عام 1964، دافع فيه عن حاييم وايزمان الذي أعلنت وثائق الخارجية الأميركية أنه قدم رشوة قدرها عشرون مليون جنيه إسترليني إلى قائد الوهابية في حينه ليعاونه على إنشاء دولة صهيونية في فلسطين، مؤكدا أن صاحب الفكرة كان الكولونيل جون فيلبي الممثل الشخصي لهذا القائد.
السياسة الوهابية ثابتة:
لم تتغير هذه السياسة الوهابية تجاه فلسطين؛ التزاما بمبادئهم تجاه اليهود والنصارى، فهم لم يدخلوا خلال تاريخهم كله في مواجهة مع النصارى، وكذلك الحال مع اليهود؛ فالوهابية لم يشاركوا في أية حرب عربية ضد العدو الصهيوني، بل كان موقفهم يتسم دائما بالانهزامية ونشاطاتهم موجهة إلى إقناع العرب بل ورشوتهم من أجل الصلح مع كيان العدو.
ويحاولون شراء الذِمم:
فعندما نشبت حرب يونيو 1967، التي شنها الكيان الصهيوني على بعض البلدان العربية بدعم من أميركا وأوروبا الغربية، وقف زعيم الوهابية القادم من تلك الدول خطيباً في مستقبليه يوم 6 يونيو فقال: "أيها الإخوان لقد جئتكم من عند إخوان لكم في أمريكا وبريطانيا وأوروبا تحبونهم ويحبوننا..." ولكن الناس قاطعوه مطالبين بقطع البترول، فإذا بالهراوات تنهال عليهم من جماعته.. كما أنهم حاولوا إسكات الأصوات المطالبة بتحرير الأقصى والقدس؛ فقد روى الشيخ أسعد التميمي، وهوأحد تلك - الأصوات، وقد كان إمام المسجد الأقصى قبل هزيمة 1967، أن الوهابية أرسلوا إليه في الأردن مليون دولار مقابل سكوته ولكنه رفضها.
ولماذا قتال اليهود؟
للإطلاع على شيء من الخبايا فإننا نذكر أنه في سنة 1958، أرسل ضباط من الجيش الوهابي برقية إلى وزارة الدفاع تقول إن الزوارق الإسرائيلية ترسو في المنطقة الوهابية من خليج العقبة، (وينـزل بحارتها إلى أراضينا ويتحرش جنود إسرائيل بجنودنا وينـزلون كميات من الحشيش يستلمها بعض عملائهم لتصريفهما في البلاد وعلى الجيش نفسه فأذَنوا بإطلاق النار على الصهاينة الأعداء)، فكان جواب القيادة الوهابية التالي: "لا يمكن لليهود أن يعتدوا عليكم ما لم تتعدوا عليهم، واليهودي لا يساوي رصاصة نخسرها بإطلاقها عليه، وقد قال الله في محكم كتابه:{غلت أيديهم ولعنوا}"، هكذا يلعب الوهابية بكتاب الله لتحقيق مآربهم الخبيثة.
اليهود الأحبة:
يكفي لإيضاح علاقة قادة الوهابية مع الشخصيات الصهونية هذا الخبر الذي نشرته الصحف الأميركية عن حفل استقبال قائد الوهابية في أميركا حيث ذكرت أنه دعي إلى حفل استقباله: (جمع من رجال الإعلام منهم فرانك المدير العام لمؤسسة هاآرست المؤسسة الصهيونية التي تصدر الصحيفة اليومية هاآرست في الأرض المحتلة) .
الصلح مع اليهود:
الكثير من الناس يجهل حقيقة أن السياسة الوهابية لها علاقات راسخة مع القيادة الصهيونية منذ أمد بعيد، ومن يتابع حفلات القادة الوهابية بالغرب وأسماء المدعوين لها يرى الساسة والإعلاميين الصهاينة في مقدمة الحضور، ولم يخفِ الوهابية الاستعداد للصلح مع العدو الصهيوني حتى قبل معاهدة "كامب ديفد" في 1979م!! ؛ فقد قال زعيمهم للواشطن بوست سنة 1969م (إننا واليهود أبناء عم خلَّص، ولن نرضى بقذفهم في البحر كما يقول البعض، بل نريد التعايش معهم بسلام..) ، وأكد ذلك أكثر من مرة ومنها في 15 يونيو 1975 أنهم: (على أتم الاستعداد للاعتراف بإسرائيل… ولكن على إسرائيل أن تحل مشاكلها مع جيرانها وتتدبر أمرها مع الفلسطينيين). ولما سُئل عن معنى (تدبر الأمر) قال: (إسرائيل أدرى بشؤونها).
فتاوى في خدمة اليهود
إن فكرة السلام مع اليهود هي فكرة شارك أحبار الوهابية في مخَضها طويلاً حتى رابت، وعندما رأوا تعنّت العرب تجاه مصر حاولوا تغليف الفكرة بأغلفة أكثر لمعاناً وما لبثوا أن طرحوها في قمة (فاس) بالمغرب، في سبتمبر 1982 وعرفت ساعتها باسم "المشروع العربي لإيجاد تسوية شاملة وعادلة لمشكلة الشرق الأوسط" وفعلاً أُقرَّت الفكرة واعتبرت أساساً للجهود العربية في سبيل البحث عن حل آخر غير الحل العسكري ، وما فتئ الوهابية يدبِّجون الفتاوى في سبيل الصلح مع اليهود للاستمرار في نفس المسلسل، وإليكم الأمثلة في ما يتعلق بموضوعنا: أولا: أفتى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز بجواز الصلح مع اليهود والتعامل معهم سواء أكان الصلح هدنة دائمة أم مؤقتة، بل أكثر من هذا حيث اعتبر زيارة المسجد الأقصى في هذه الفترة المؤسفة سُنَّة على المسلمين إتيانها!! ونحن نؤمن أن هذه الفتاوى لا تصدر إلا عن استغفال وجهل، أو خدمة مخططة للمصالح اليهودية؛ فالصلح إذا رضي به المسلمون فإنه يعني الاعتراف بالاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى والأرض المباركة حوله، كما يعني التآمر على تضييع حقوق الفلسطينيين، كما أن في الزيارة تقوية للاقتصاد الصهيوني الغاصب. وقد تناقلت هذه الفتوى المأجورة وسائل الإعلام العالمية. العجيب أن لا يرى في المقابل جواز التقارب أو الهدنة مع أيٍ من المذاهب الإسلامية!! ما يلفت النظر أنه قد سبق لهذا المفتي الكبير تحريم الاستعانة بالخبراء الروس ضد اليهود الصهاينة عندما فعل ذلك جمال عبدالناصر، وأفتى بعد ذلك بجواز دخول النصارى واليهود لأرض الحرمين الشريفين ودعا لهم أعوانه على منابر الحرمين الشريفين، وقنتوا في كلِّ صلاة ليترضوا عليهم، وسموَّهم (جند الله)، وما ذلك إلا لقتل الأطفال والنساء والشيوخ العراقيين حتى في الملاجئ؛ ثانياً: فتوى محدثهم المتناقض الشيخ ناصر الدين الألباني التي دعا فيها أهل فلسطين للخروج منها وتركها لليهود لقمة سائغة، وقد تناقلت هذه الفتوى وسائل الإعلام المختلفة، وقد نشرت مجلة المجتمع الكويتية تحليلا لهذه الفتوى الخبيثة وردود علماء الأمة عليها. ورد عليه الشيخ علي الفقير الأردني ردّاً قوياً في شريط مسجَّل وهكذا يتبين لكل مبصر الدور الذي يلعبه هؤلاء الذين يلبسون مسوح الرهبان في خدمة مصالح النصارى واليهود من وراء الستار ليل نهار . وأخرهم فتوى عدم مناصرة حزب الله ضد العدو الإسرائيلي !!!!!!
لم يعد خافيا على أحد في العالم العربي و الإسلامي ما تقوم به الوهابية من تفتيت لأواصر الوحدة و أسبابها في الوطن العربي خدمة لأمريكا و بريطانيا و الكيان الصهيوني الغاصب أرضنا ، و لكن الذي يحز في القلب هو أزلامها من بني جلدتنا الذين غرتهم بعض الريالات ليكونوا آلة لتمزيق وحدة الوطن عن طريق زرع الفتن و إباحة دم إخوانهم الجزائريين بوسمهم بالمبتدعة و المشركين حتى يخيل للإرهابي الإنتحاري أنهم و مشركي قريش قديما سواء يجوز قتلهم كذلك و دمهم حلال فلا يعير أي اهتمام بحرمتها. يروجون لمشليخ في السعودية و يؤلهونهم فإذا انتقد فتواهم عالم من العلماء أمروا (بضم الألف)أن ينهشوه مثل الكلاب الضالة ثم إذا تكلم أحد عن عالم سعودي راحوا يرددون في خبث بأن لحوم العلماء مسمومة ، يروجون لأبسط عالم و هابي في السعودية بدعوى أنه (سلفي) و يتجاهلون الإمام مالك و الشافعي و أبا حنيفة و غيرهم ممن تركوا لنا مناهج رائعة في فهم الإسلام و كان مصدرهم الكتاب و السنة و كانوا هم أيضا من سلفنا الذي نقتدي به (في نظر الوهابية ليسوا سلفا صالحا ،فهم سلف فقط)و كانوا أقرب من عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم . الكلام يطول مع هذا الرويبضة العميل الذي يدفع بالباطل ، أراه يفكر في أي مقهى أنترنيت يذهب غدا و هو يخلل لحيته و يخرج سواكه الطويل (الطويل جدا)ليخبر ولي نعمته بروابط المقالات التي كتبها و التي تعبر عن ولائه لآل سعود و مدى الإلتزام بما رسم له من مخططات تهدف إلى ضرب وحدة الجزائريين عن طريق تبديعهم و إلصاق تهم الشرك بهم و إضعاف مذهبهم الذي كان على مر العصور أساس وحدتهم و عدم تفرقهم . و ها هو يحك نواجذه بسواكه الطويل (الطويل جدا)و رائحة المسك الشديد الرائحة حد الغثيان تنبعث منه و هو يصف بعض الأعشاب لصديق له على أساس أنها طب إسلامي ثم يلتفت لآخر مستنكرا : من الذي قال لك أن الإنسان صعد إلى القمر؟ و ينتقل إلى جماعة أخرى و يختلي بحدث فيخاطبه : ألا تستح ؟ ألا تخاف الله ؟ كيف تزاول دراستك في جامعة مختلطة ؟ ألم تسمع فتوى علان أو فلان من السعودية ؟ و ينصرف بعد ذكر أحاديث و فتاوى عن حرمة الإختلاط و عقوبتها يوم القيامة تاركا الفتى ترتعد فرائصه كأنه أتى منكرا لو وزع على أهل الأرض جميعا لوسعهم ، و حين يكون وحده يستخرج هاتفه المحمول ليستعمل آلته الحاسبة ليرى كم سيقبض من ريال هذا الأسبوع فيضرب عدد الردود في عدد كذا ريال لتظهر ابتسامة عريضة على فمه العريض ليرى بين أسنانه بعض بقايا صغيرة من السواك. و في الأخير أقول للدافع بالباطل : و ما رميت إذ رميت و لكنك كنت تحلم
التعديل الأخير تم بواسطة brakdoon ; 14-12-2007 الساعة 08:08 PM سبب آخر: تصفيف
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب
بشرى الى كل صناع الحياة بالجزائر
اشتراط بطاقة الخدمة الوطنية ''يؤنِّث'' مناصب الشغل
الساعة الآن 10:27 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى