التنمية الاقتصادية بين الواقع والطموح
21-04-2012, 01:38 PM
لاشك ان التنمية الاقتصادية تبقى الشغل الشاغل لكل دول العالم وطموح مشروع لكل الشعوب لدورها الاساسي في حل كل المشاكل المعيشية اليومية للمواطن كالسكن والعمل ورفع مستوى المعيشة، وهذه كلها لن تتحقق الا بتوفر مؤسسات صناعية منتجة قادرة على خلق حركية اقتصادية هدفها توفير الازدهار للبلد ومنه للشعب، ولان العملية الاقتصادية لا ممكن فصلها عن شكلها العالمي الذي تتحكم به شركات كبرى ومصالح مالية ودولية، اصبح لزاما علينا ان نكون جزء من هذه المنظومة الدولية من خلال فتح الاسواق للاستثمارات الكبرى والتي ستخلق سوق اقتصادية منظمة تعتمد على حركية اقتصادية مرتبطة بالبورصات العالمية قادرة على القضاء نهائيا على المضاربة والاحتكار الذي حول اسواقنا لاسواق فوضوية غير مرتبطة بقوانين اقتصادية .
المؤكد ان مثل هذه الخطوة تحتاج لاليات حديثة لها علاقة بتحديث كل مؤسساتنا الاقتصادية والتي لازالت ليومنا هذا تسير وفق قوانين قديمة، واذكر هنا بالاخص البنوك التي تحتاج لاعادة هيكلة وتحريرها من كل القيود لتتحول لبنوك مساهمة بعملية الانتاج وليس مجرد خزائن لجمع المال، وكذلك تحتاج لارادة سياسية حقيقية هدفها دفع البلد نحو التنمية والانتقال نحو مفهوم السياسة في خدمة الاقتصاد وليس الاقتصاد في خدمة السياسة كما هو الحال الان، وقد يعتقد البعض ان مواردنا المالية واحتياطاتنا كافية للانطلاق بنهضة اقتصادية وان ما نملكه يستطيع ان يعفينا من الاعتماد على استثمارات خارجية، للاسف هذا الاعتقاد خاطيء فلا توجد دولة بالعالم بامكانها ان تعتمد على مواردها المالية بتحقيق الطفرة الاقتصادية وان كل ما نملكه لا يكفي حتى لاعادة بناء ولاية من ولاياتنا .
المحور الفاعل والاساسي هنا هو كيف بامكاننا ان نستقطب الاستثمارات الاجنبية الكبرى ونخلق تنمية اقتصادية حقيقية ؟
من المعروف ان صاحب المال جبان وهو يفكر بحماية امواله، وليس من السهل ان نقنعه باستثمار امواله دون ان يتأكد من حمايتها- وهذا حقه- وحماية مثل هذه الاموال تحتاج لمؤسسات حكومية شرعية ومستقرة لا تتحكم بها مصالح سياسية ضيقة ولا تسير وفق ايديوجيات وخطابات شعبوية قديمة، بل تحتاج لسلطة مدنية متحررة من كل وصاية، سلطة تحترم الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاستثمار من دون وضع أي عراقيل امامها . ومن هنا يقفز امامنا السؤال الجوهري : هل نحتاج للتنمية اولا وتحقيق مطالب الشعب؟ ام نحتاج للتغيير وخلق مؤسسات حكومية مستقرة تفتح كل الافاق امام التنمية ؟
لابد ان نتحلى بالوعي ونفهم ان التنمية الاقتصادية مرتبطة بالعامل السياسي المستقر وان أي محاولة لزعزعة استقرارنا السياسي وخلق الفوضى لن يوصلنا الا لبقاء الحال كما هو عليه ونبقى نتخبط بمشاكلنا المعيشية اليومية .
لابد ان نتعلم من الكتاب كيف نفكر لا ان نتركه يفكر لنا, وان نفكر معه لا ان نفكر مثله










