الإمام..ذلك الكلب!
28-10-2012, 02:23 PM
الإمام..ذلك الكلب!
قد يصدم هذا العنوان الكثير من القراء، كيف يوصف الإمام بهذه الوصف الشنيع، وينبز بهذا النبز الفظيع، وهو الذي نقدمه في أشرف عبادة لنا بعد الشهادتين، لا نسبقه فيها بحركة ولا سكون؟ الإمام..الذي قد يعظمه الواحد منا أكثر مما يعظم والده، ويبره أشد مما يبره، الإمام الذي إذا تكلم سُمع له، وإذا غشي مجلسا أُفسح له، وإذا شَفَع شُفِّع...نعم..هذا هو الإمام لدى كثير من الأفراد في مجتمعنا، مُعَظَّم لأنه يمثل دين رب العالمين، مُعَظَّم لأنه يحمل في صدره تنزيل رب العالمين.
أما عند الوزارة "الوصية"-التي لم ترع فيه إِلاّ ولا ذمة ولا "وصية"-فهو نوع من الكلاب، وضرب من الدواب.
يتعرض الإمام في بلادنا من طرف مسئوليه إلى إذلال مُمَنهج ومنظم ومقصود، ليس من قبيل القضايا المعزولة التي لا يلقى لها بال، فتبدأ رحلة الإذلال من مسابقات التوظيف أو القَبول في المعاهد الدينية، التي تتخذ في كثير من الأحيان صبغة تصفية حسابات مذهبية وسياسية، وقذف بتهم مجانية هلامية أبرزها وأطرفها تهمة "المعاداة للمرجعية" وهي تهمة من اختراع جزائري على نسق اختراع اليهود تهمة "المعاداة للسامية" يقذفون بها كل من "يقلقهم".
وتنتظر الإمام الناجح في مسابقات التوظيف رحلة ملئى بأنواع الإذلال والتجاوزات، وهضم الحقوق، وتسليط العقوبات ، فلا أهون على مديري الشؤون الدينية ومفتشيها ولا أسهل من معاقبة الأئمة بعقوبات لم تخطر على بال "الوظيف العمومي"، مع أنهم يقولون ليل نهار أن الإمام موظف عند الدولة!
وهكذا تعقد المجالس التأديبية، وتوجه الإنذارات والتوبيخات، وتخصم من الرواتب الأيام ذوو العدد، كأسهل ما يكون، ناهيك عن التحرشات والتهديدات والإهانات، ولتعلم أن اليوم الذي يضطر فيه الإمام إلى استخراج وثائق من إدارته أو تسوية وضع متعلق بوظيفته سيكون يوما حافلا بالتحديات والمغامرات!
الإمام الذي يقول المسئولون أنه موظف لدى الدولة، تتخلى عنه دولته ووزارته إذا تعامل مع مصالح الأمن، فيزوره الشرطي متى شاء، ويسأله عما شاء، ويأمره بما شاء، وينهاه عما شاء، إذا أردت أن تعرف منزلة الإمام عند وصايته، فتأمل كلامهم عن الأئمة في الصحف ووسائل الإعلام، فإنه غالبا ما يبدأ كالتالي: "سنعاقب.." "سنحاسب..." "سنضرب بيد من حديد..." "الوزارة تتوعد..." "وتحذر..." "وتتبرأ..." "وتطرد.." "وتوقف..." "المساجد تحت الحراسة.. " "والأئمة تحت المراقبة..."، وغيرها من العبارات الكاشفة عن منزلة الأئمة لدى إدارتهم!
كثير من الناس لا يفهم حقيقة المهام التي يكلف بها الإمام، والأعباء التي يتحملها، ويتعجب إن أُخبر أنها لا تقل عن مهام مدير مؤسسة، فهو قد يشرف على أربعة موظفين أو أكثر، وطائفة من المتطوعين، وملزم بمراقبة نشاط المسجد كله ويراقب ميزانيته وعتاده، عدا عن إقامة الصلوات وإلقاء الخطب والدروس، ثم يواجه الضغط النفسي من المفتشين، وتقلبات أمزجة مديري الشؤون الدينية، واستجوابات رجال الأمن، ومناوشات الجمعيات الدينية للمسجد...
هل تصدق أن مديرا للشؤون الدينية يعاقب إماما لأنه نظم دورة محاضرات؟ هل تصدق أن مفتشا في الشؤون الدينية طلب من إمام أن يقتسم معه مساعدات مالية جاءته من المصلين؟ هل تصدق أن مديرا للشؤون الدينية يقضي حوائج بعض الأئمة إذا "أكرموه" بشواء؟ أو أتحفوه بغداء؟ هل تصدق أن بعضا منهم يأخذ الرشوة تصريحا أو تلميحا؟ هل تصدق أن مناصب الإمامة في مساجد كبرى يؤمها الآلاف من المصلين تمنح على سبيل المحاباة إلى أُميين في الثقافة الدينية لا يقيمون سورة من كتاب الله تعالى بألسنتهم، شفعت لهم في ذلك المنصب حظوتهم لدى طريقة صوفية تتمسح بأعتاب الرئاسة، أو "خيطا" لدى حزب "إسلامي" كبير لديه شبكة محكمة في إطارات الدولة؟
لا عجب أن يوجد في سلك الإمامة انتهازيون ومفسدون أساؤوا إلى هذه الوظيفة الشريفة، لكن في السلك من الكفاءات المخلصة المحبة لله تعالى وللبلاد ما لا يحصى، أناس تحملوا الصعاب، وتجرعوا الذل حتى يبقوا على تلك الثغرة، ويتشرفوا بعمارة بيوت الله التي أمر أن يذكر فيها اسمه ويسبح له فيها بالغدو والآصال، فلماذا الإمعان في إهانتهم ؟
إن قطاع الشؤون الدينية-من غير شك-من أشد قطاعات الدولة فسادا وتسيبا في بلادنا، وقد انبعثت همة جماعات من الأئمة مؤخرا إلى تنسيق الجهود وتنظيم الصفوف في نقابات مهنية، وإني لأرجو أن لا تنحصر المطالب في زيادة الراتب ومقدار المنح وتدبير أموال الخدمات الاجتماعية... بل أتمنى منهم أن يترفعوا عن هذا كله حتى لا يسقطوا من أعين الناس، إنما المؤمل من هؤلاء الأئمة أن يفضحوا ممارسات بعض مدراء ومفتشي الشؤون الدينية خاصة فيما تعلق بالرشوة والمحاباة والتمسح بأعتاب ذوي الأموال والحظوة من طرقيين وغيرهم، وأن يدافعوا عن الأئمة المظلومين، ويبصروهم بحقوقهم، ويا ليتنا نرى يوما يساق فيه مفسد من إطارات الشؤون الدينية إلى المحاكم حتى يحاسب على خيانته للأمانة العظيمة التي كلف بها.
هذا ومن الواجب التنبيه أن في مدراء الشؤون الدينية والمفتشين أمة مخلصة، رجال يحترمون الإمام ويبجلونه، ويتجاوزون عن زلـله، ويستميتون في الدفاع عنه، جزاهم الله تعالى عن الإسلام والجزائر خيرا.
والله تعالى الموفق.
من مواضيعي
0 جُنُونِيَّاتٌ جَزَائِرِيّةٌ (2): الأَشِـــعَّــــةُ فَـــــــوْقَ الــــــنّـــــَهْـــــدِيَّــــــ
0 جُنُونِيَّاتٌ جَزَائِرِيّةٌ (1): دَوْلَــــةُ "الــــحَــــفْــــصِــــيّـــِيــــنَ"..
0 "حَافِظُ الأَحْلامِ"..
0 "دَاعِــشْ".. مَـا أَكْـثَـرَ "عِـيَـالَـكَ"!
0 "أَنــَــا مُـــــجْــــــرِمٌ!.."
0 قَـنَـوَاتُ الخـَيَـالِ.. "الـبَـطْـنِـيِّ"!
0 جُنُونِيَّاتٌ جَزَائِرِيّةٌ (1): دَوْلَــــةُ "الــــحَــــفْــــصِــــيّـــِيــــنَ"..
0 "حَافِظُ الأَحْلامِ"..
0 "دَاعِــشْ".. مَـا أَكْـثَـرَ "عِـيَـالَـكَ"!
0 "أَنــَــا مُـــــجْــــــرِمٌ!.."
0 قَـنَـوَاتُ الخـَيَـالِ.. "الـبَـطْـنِـيِّ"!












