تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > أرشيف > المنتدى الاسلامي العام

> الغناء:ابن حزم معذور بخلاف مقلديه للعلامة الألباني

 
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 37
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
الغناء:ابن حزم معذور بخلاف مقلديه للعلامة الألباني
11-05-2008, 11:39 AM
تحريم آلات الطرب

أو الرد بالوحيين وأقوال أئمتنا

على ابن حزم ومقلديه المبيحين للمعازف والغنا

وعلى الصوفيين الذين اتخذوه قربة ودينا












قال محدث عصره فضيلة الشيخ الألباني – رحمه الله - :

... من أجل ذلك رأيت أنه لابد من تأليف رسالة أُبين فيها حكم الشرع في الموسيقى

وأرد على ابن حزم قوله بإباحتها

و أُ بين أوهامه في تضعيفه الأحاديث الصحيحة المحرمّة لها

( ليحيا من حَيّ عن بيّنة )

وبذلك تقوم الحجّة على من لا علم عنده

ويتخذ منها المهتدي برهاناً لإقناع من يريد الهداية ، ويخشى ربّه


دمشق 24 شعبان سنة 1375 هـ
محمد ناصر الدين الألباني












... فأقول:

الرد على رسالة ابن حزم وبيان سبب الرد:

كنت قد وقفت على " رسالة في الغناء الملهي أمباح هو أم محظور ؟

" للإمام ابن حزم الظاهري ، في جملة رسائل له

بتحقيق الدكتور إحسان رشيد عباس ، طبع دار الهنا ببولاق مصر

ساق فيها الإمام الأحاديث المحرِّمة للغناء وآلات الطرب ، وهي أكثر من عشرة ، وضعَّفها كلها

ثم خلص إلى القول عقبها ( ص 97 ) :

" فإذا لم يصح في هذا شيء أصلاً

فقد قال تعالى: ( وقد فصل لكم ما حرم عليكم ) ...

فصح أن كل شيء حرمه تعالى علينا قد فصله لنا ، وما لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال "

فأقول:

هذه النتيجة لا يسع العالم إلا أن يسلم بها لو صحّت المقدمة ، وهي تضعيفه لكل الأحاديث المحرِّمة

وهيهات هيهات !

فإن بعض ما ضعّفه منها صحيح عند كافة العلماء

وقد أجمعوا على الرد عليه كما سبقت الإشارة إليه

وبعض آخر مما خفي عنه إسناداً ومتناً ، أو إسناداً فقط وهو صحيح أيضاً

وتقدم ذكر أحدها في أثناء الرد على الشيخ ( أبو زهرة ) ( ص 12 )

والشيخ الغزالي وتقليده لابن حزم ( ص 29 )











ولبيان هذه الحقائق العلمية التي خفيت على كثير من الدعاة ألّفت هذه الرسالة

راجياً من الله تبارك وتعالى أن ينفع بها كل من كان يرجو الدار الآخرة ويسعى لها سعيها

وقد جعلتها على ثمانية فصول:

1- الفصل الأول: في ذكر الأحاديث الصحيحة في تحريم آلات الغناء وآلات الطرب . ( ص 36 )

2- الفصل الثاني: شرح مفردات الأحاديث . ( ص 75 )

3- الفصل الثالث: الرد على ابن حزم وغيره ممن أعلَّ شيئاً منها . ( ص 80 )

4- الفصل الرابع: في دلالة الأحاديث على تحريم آلات الطرب بجميع أشكالها . ( ص 92 )

5- الفصل الخامس: مذاهب العلماء في تحريم الآلات . ( ص 98 )

6- الفصل السادس: شبهات المبيحين وجوابها . ( ص 106 )

7- الفصل السابع: في الغناء بدون آلة . ( ص 126 )

8- الفصل الثامن: حكمة تحريم الغناء . ( ص 137 )

إذا تبين هذا

فلنشرع الآن بتوفيق الله تعالى وعونه في شرح الفصول المذكورة ، فأقول:


يتبع إن شاء الله
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 37
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    25

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
رد: الغناء:ابن حزم معذور بخلاف مقلديه للعلامة الألباني
11-05-2008, 11:57 AM
الفصل الأول:

في ذكر الأحاديث الصحيحة في تحريم الغناء وآلات الطرب ...











الحديث الأول :

عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري قال:

"
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف .

ولينزلن أقوام إلى جنب عَلَم ، يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم لحاجة ، فيقولون: ارجع إلينا غداً

فيُبَيِّتُهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
"

... والمقصود

أن الحديث ليس منقطعاً بين البخاري وشيخه هشام

كما زعم ابن حزم ومن قلّده من المعاصرين كما سيأتي بيانه في الفصل المذكور إن شاء الله تعالى

على أنه لو فرض أنه منقطع فهي علة نسبية لا يجوز التمسك بها

لأنه قد جاء موصولاً من طرق جماعة من الثقات الحفّاظ سمعوه من هشام بن عمار

فالمتشبث والحالة هذه بالانقطاع يكابر مكابرة ظاهرة

كالذي يضعف حديثاً بإسناد صحيح ، متشبثاً بإسناد له ضعيف ! !

فلنذكر إذن ما وجدت من أولئك الثقات فيما بين أيدينا من الأصول

ثم نحيل في الآخرين على الشروح وغيرها ...

وخلاصة الكلام في هذا الحديث الأول:

أن مداره على عبد الرحمن بن غنم ، وهو ثقة اتفاقا

رواه عنه قيس بن عطية الثقة ، وإسناده إليه صحيح كما تقدم

وعلى مالك بن أبي مريم ، وإبراهيم بن عبد الحميد ، وهو ثقة

وثلاثتهم ذكروا ( المعازف ) في جملة المحرمات المقطوع بتحريمها

فمن أصر بعد هذا على تضعيف الحديث

فهو متكبر معاند

ينصبّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:

" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ، الحديث

و فيه: " الكبر بطر الحق ، وغمط الناس "

رواه مسلم وغيره ، وهو مخرج في " غاية المرام " ( 98 / 114 )












الحديث الثاني:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة " ...

قلت:

فالإسناد حسن ، بل هو صحيح بالتالي ...

وقد قال ابن تيمية في كتابه القيم " الاستقامة " ( 1 / 292 - 293 ) :

" هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء

كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبد الله

" صوت عند نعمة: لهو ولعب ، ومزامير الشيطان "

فنهى عن الصوت الذي يفعل عند النعمة ، كما نهى عن الصوت الذي يفعل عند المصيبة

والصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء "











الحديث الثالث:

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إن الله حرّم عليّ - أو حرم - الخمر ، والميسر ، والكوبة ، وكل مسكر حرام "

رواه عنه قيس بن حبتر النهشليّ ، وله عنه طريقان: ...

وهذا إسناد صحيح من طريقيه ...

ولذلك صححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " في الموضعين ( 4 / 158 و 218 )

وشذ ابن حزم فقال في " المحلى " ( 7/ 485 ) : " مجهول " !

مع أنه روى عنه جمع من الثقات

وهو من الأحاديث التي فاتته فلم يسقه في زمره الأحاديث التي ضعفها في تحريم المعازف

ومثله ما يأتي !












الحديث الرابع :

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" إن الله عز وجل حرم الخمر والميسر ، والكوبة ، والغبيراء ، وكل مسكر حرام "

وله ثلاث طرق : ...

وفيما تقدم من الطرق والشواهد

خير وبركة

وكفاية












الحديث الخامس:

عن قيس بن سعد رضي الله عنه - وكان صاحب راية النبي صلى الله عليه وسلم –

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك - يعني حديث مولى ابن عمرو المتقدم –

قال: " والغبيراء ، وكل مسكر حرام " ...

قلت:

وهذا إسناد حسن رجاله ثقات

على ما عرفت من تفرُّد يزيد بن أبي حبيب بالرواية عن عمرو بن الوليد

وفي إسناده هذا

إشعار بانقطاع السند

بينه وبين روايته المتقدمة عن عبد الله بن عمرو في الطريق الأولى عنه ؛ في الحديث الرابع

لكني

رأيت حديث قيس هذا قد أخرجه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في " فتوح مصر " ( ص 273 ) ...

وللحديث طريق آخر ، يرويه عبيد الله بن زحر ، عن بكر بن سوادة ، عن قيس بن سعد مرفوعا بلفظ:

" إن ربي تبارك وتعالى حرّم عليّ الخمر ، والكوبة ، والقنين ، وإياكم والغبيراء فإنها ثلث خمر العالم " ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف ، لضعف عبيد الله بن زحر

ولذلك ضعفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 272 ) ، وعزاه لأحمد فقط

وفاتته الطريق الأولى كما فاتته الأحاديث: الثاني والثالث والرابع بطرقها المتعددة

وهذا يعتبر تقصيرا فاحشا بالنسبة لمثل هذا الحافظ

لا سيما وهو في صدد تخريج قول الغزالي

بعد أن ذكر أنه لا اختلاف في سماع صوت العندليب وسائر الطيور

وقاس عليه القضيب والطبل والدف وغيره !

ومع ما في هذا القياس من المخالفة لما تقدم من الأحاديث

وللأصول القائلة: لا اجتهاد في مورد النص

فإنه مع ذلك فقد أحسن ومال إلى الصواب حين عقب على ذلك بقوله:

" ولا يستثنى من هذه إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها "

قلت:

فهذا الاستثناء مما يشعرنا بأن الغزالي لم يقف على منع الشارع من ( الطبل ) مثلا

ولذلك فإني أرى أنه كان من الواجب على الحافظ العراقي

أن يذكر في تخريجه لجملة الاستثناء هذه بعض الأحاديث المتقدمة الصريحة في تحريم الطبل

ولا يكتفي بتخريج بعض الأحاديث الضعيفة كحديث عبيد الله بن زحر هذا ونحوه

ثم يعقّب عليها بقوله: " وكلها ضعيفة "

وإن كان قد خرّج قبلها حديث البخاري في استحلال ( المعازف )

ورد على ابن حزم تضعيفه إياه بوصل أبي داود والإسماعيلي له


فإن في تخريج ما أشرت إليه تقوية لدلالة هذا الحديث على التحريم

لا سيما وقد تأوله ابن حزم ومن قلده بتأويل أبطلوا به دلالته

فيقف هذا الحديث الصحيح في طريق إبطالهم لدلالته ، كما سيأتي

لأن الأحاديث يفسر ويؤيد بعضها بعضا كما هو ظاهر

وعلى كل حال

فلقد كان تخريج الحافظ خيرا بكثير مما صنعه عبد الوهاب السبكي في ترجمة الشيخ الغزالي

في كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " فإنه عقد فيه ( 4/145 - 182 ) فصلاً

جمع فيه ما وقع في " كتاب الإحياء " من الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا

فذكر تحته ( ص 158 ) هذا الاستثناء بلفظ: " حديث المنع من الملاهي والأوتار والمزامير "

وهذا غريب جدا أن يخفى عليه حتى حديث البخاري !

وله من مثله أحاديث أخرى نفى أن يكون لها أصلا

مثل حديث " ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله إليه شيطانين على منكبيه . " الحديث

وقد رواه الطبراني وغيره ، وهو مخرج في " الضعيفة " ( 931 ) و يأتي ( ص 68 )

وحديث أنّه قال لعائشة: " أتحبين أن تنظري إلى زفن الحبشة ؟ " ، وهو صحيح ، رواه النسائي وغيره

وهو مخرج في " آداب الزفاف " ( 272 - 275 ) في حديثها عند الشيخين

الذي كنت ضممت إليه كثيرا من الزيادات الثابتة عند غيرهما

ثم رأيت أن أفرزه في " الصحيحة " لإنكار السبكي إياه وغيره مما هو مذكور فيها رقم ( 3277 )

هذا ومما يحسن ذكره في ختام تخريج هذه الأحاديث المحرّمة للطبل

أن الإمام أحمد قد أشار إلى صحتها

فروى الخلال في كتابه " الأمر بالمعروف " ( ص 26 ) عنه أنه قال:

" وأكره الطبل ، وهي الكوبة ، ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "

كما أشار إلى صحته الحافظ ابن حجر في " التلخيص " ( 4 / 202 )

بتخريجه عن الصحابة المذكورين: ابن عباس ، وابن عمر ، وقيس بن سعد بن عبادة











الحديث السادس:

عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" يكون في أمتي قذف ، ومسخ وخسف "

قيل: يا رسول الله ! ومتى ذاك ؟

قال: "
إذا ظهرت المعازف ، وكثرت القيان ، وشربت الخمور " ...

قلت:

وهذا إسناد مرسل صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم

غير إسحاق بن إسماعيل ، وهو الطالقاني ، وهو من شيوخ أبي داود وقال: " ثقة "

وكذا قال الدارقطني ، وقال عثمان بن خُرَّزاذ ": ثقة ، ثقة "

ثم وجدت له متابعا آخر

فقال ابن أبي شيبة ( 15 / 164 / 19391 ) : وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرّة عن أبيه به

قلت:

وهذا إسناد جيد ؛ عبد الله بن عمرو بن مرّة ؛ صدوق يخطئ

وقد جاء مرسلاً من وجه آخر ، وموصولاً ، وهو أصحّ ...











الحديث السابع:

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا يحل بيع المغنيات ، ولا شراؤهنّ ، ولا تجارة فيهنّ ، وثمنهنّ حرام


-وقال: - إنما نزلت هذه الآية في ذلك: ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) حتى فرغ من الآية

ثم أتبعها:

والذي بعثني بالحق ما رفع رجل عقيرته بالغناء

إلا بعث الله عز وجل عند ذلك شيطانين يرتقيان على عاتقيه ، ثم لا يزالان

يضربان بأرجلهما على صدره - وأشار إلى صدر نفسه - حتى يكون هو الذي يسكت "
...

قلت:

وقد كنت أوردته من أجلهما في " الصحيحة " برقم ( 2922 )

ثم تبين لي أن في أحدهما ضعفا شديدا ، فعدلت عن تقويته

إلاّ نزول الآية ، فإنّ لها شواهد عن غير واحد من الصحابة

وسيأتي ذكر بعضها في ( الفصل الثامن ) إن شاء الله تعالى ( ص 142 )











وفي ختام هذه الأحاديث الصحيحة بنوعيها الصحيح لذاته والصحيح لغيره

لا بد من ذكر مسألة هامة لتتمّ بها الفائدة


فأقول:

لقد جرى علماء الحديث - جزاهم الله خيرا –

على قواعد علمية هامة جدا في سبيل المحافظة على تراث نبي الأمة

سالماً من الزيادة والنقص ...

ومما لا شك فيه أن تحقيق الاعتدال والتوسط بين الإفراط والتفريط ، وتمييز الصحيح من الضعيف

لا يكون بالجهل أو بالهوى

وإنما بالعلم والاتباع

وأنَّ ذلك لا يكون إلا بالفقه الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهذا الفقه لن يكون إلا بمعرفة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير

وإذ الأمر كذلك

فإنه لا يمكن أن ينهض به إلا من كان من الفقهاء عالما أيضا بعلم الحديث وأصوله

أو على الأقل يكون من أتباعهم وعلى منهجهم

ولقد أبدع من قال:

أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسَه صحبوا

وهم المقصودون بالحديث المشهور - على الاختلاف في ثبوته -:

" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين "

بل وبالحديث الصحيح:

" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء

حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالا ًفسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا ، وأضلوا "

رواه الشيخان ...



الفصل الأول:

في ذكر الأحاديث الصحيحة في تحريم الغناء وآلات الطرب ...











الحديث الأول :

عن أبي عامر أو أبي مالك الأشعري قال:

"
ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف .

ولينزلن أقوام إلى جنب عَلَم ، يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم لحاجة ، فيقولون: ارجع إلينا غداً

فيُبَيِّتُهم الله ، ويضع العلم ، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة
"

... والمقصود

أن الحديث ليس منقطعاً بين البخاري وشيخه هشام

كما زعم ابن حزم ومن قلّده من المعاصرين كما سيأتي بيانه في الفصل المذكور إن شاء الله تعالى

على أنه لو فرض أنه منقطع فهي علة نسبية لا يجوز التمسك بها

لأنه قد جاء موصولاً من طرق جماعة من الثقات الحفّاظ سمعوه من هشام بن عمار

فالمتشبث والحالة هذه بالانقطاع يكابر مكابرة ظاهرة

كالذي يضعف حديثاً بإسناد صحيح ، متشبثاً بإسناد له ضعيف ! !

فلنذكر إذن ما وجدت من أولئك الثقات فيما بين أيدينا من الأصول

ثم نحيل في الآخرين على الشروح وغيرها ...

وخلاصة الكلام في هذا الحديث الأول:

أن مداره على عبد الرحمن بن غنم ، وهو ثقة اتفاقا

رواه عنه قيس بن عطية الثقة ، وإسناده إليه صحيح كما تقدم

وعلى مالك بن أبي مريم ، وإبراهيم بن عبد الحميد ، وهو ثقة

وثلاثتهم ذكروا ( المعازف ) في جملة المحرمات المقطوع بتحريمها

فمن أصر بعد هذا على تضعيف الحديث

فهو متكبر معاند

ينصبّ عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم:

" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ، الحديث

و فيه: " الكبر بطر الحق ، وغمط الناس "

رواه مسلم وغيره ، وهو مخرج في " غاية المرام " ( 98 / 114 )












الحديث الثاني:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة " ...

قلت:

فالإسناد حسن ، بل هو صحيح بالتالي ...

وقد قال ابن تيمية في كتابه القيم " الاستقامة " ( 1 / 292 - 293 ) :

" هذا الحديث من أجود ما يحتج به على تحريم الغناء

كما في اللفظ المشهور عن جابر بن عبد الله

" صوت عند نعمة: لهو ولعب ، ومزامير الشيطان "

فنهى عن الصوت الذي يفعل عند النعمة ، كما نهى عن الصوت الذي يفعل عند المصيبة

والصوت الذي عند النعمة هو صوت الغناء "











الحديث الثالث:

عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" إن الله حرّم عليّ - أو حرم - الخمر ، والميسر ، والكوبة ، وكل مسكر حرام "

رواه عنه قيس بن حبتر النهشليّ ، وله عنه طريقان: ...

وهذا إسناد صحيح من طريقيه ...

ولذلك صححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " في الموضعين ( 4 / 158 و 218 )

وشذ ابن حزم فقال في " المحلى " ( 7/ 485 ) : " مجهول " !

مع أنه روى عنه جمع من الثقات

وهو من الأحاديث التي فاتته فلم يسقه في زمره الأحاديث التي ضعفها في تحريم المعازف

ومثله ما يأتي !












الحديث الرابع :

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

" إن الله عز وجل حرم الخمر والميسر ، والكوبة ، والغبيراء ، وكل مسكر حرام "

وله ثلاث طرق : ...

وفيما تقدم من الطرق والشواهد

خير وبركة

وكفاية












الحديث الخامس:

عن قيس بن سعد رضي الله عنه - وكان صاحب راية النبي صلى الله عليه وسلم –

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك - يعني حديث مولى ابن عمرو المتقدم –

قال: " والغبيراء ، وكل مسكر حرام " ...

قلت:

وهذا إسناد حسن رجاله ثقات

على ما عرفت من تفرُّد يزيد بن أبي حبيب بالرواية عن عمرو بن الوليد

وفي إسناده هذا

إشعار بانقطاع السند

بينه وبين روايته المتقدمة عن عبد الله بن عمرو في الطريق الأولى عنه ؛ في الحديث الرابع

لكني

رأيت حديث قيس هذا قد أخرجه عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في " فتوح مصر " ( ص 273 ) ...

وللحديث طريق آخر ، يرويه عبيد الله بن زحر ، عن بكر بن سوادة ، عن قيس بن سعد مرفوعا بلفظ:

" إن ربي تبارك وتعالى حرّم عليّ الخمر ، والكوبة ، والقنين ، وإياكم والغبيراء فإنها ثلث خمر العالم " ...

قلت: وهذا إسناد ضعيف ، لضعف عبيد الله بن زحر

ولذلك ضعفه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 272 ) ، وعزاه لأحمد فقط

وفاتته الطريق الأولى كما فاتته الأحاديث: الثاني والثالث والرابع بطرقها المتعددة

وهذا يعتبر تقصيرا فاحشا بالنسبة لمثل هذا الحافظ

لا سيما وهو في صدد تخريج قول الغزالي

بعد أن ذكر أنه لا اختلاف في سماع صوت العندليب وسائر الطيور

وقاس عليه القضيب والطبل والدف وغيره !

ومع ما في هذا القياس من المخالفة لما تقدم من الأحاديث

وللأصول القائلة: لا اجتهاد في مورد النص

فإنه مع ذلك فقد أحسن ومال إلى الصواب حين عقب على ذلك بقوله:

" ولا يستثنى من هذه إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها "

قلت:

فهذا الاستثناء مما يشعرنا بأن الغزالي لم يقف على منع الشارع من ( الطبل ) مثلا

ولذلك فإني أرى أنه كان من الواجب على الحافظ العراقي

أن يذكر في تخريجه لجملة الاستثناء هذه بعض الأحاديث المتقدمة الصريحة في تحريم الطبل

ولا يكتفي بتخريج بعض الأحاديث الضعيفة كحديث عبيد الله بن زحر هذا ونحوه

ثم يعقّب عليها بقوله: " وكلها ضعيفة "

وإن كان قد خرّج قبلها حديث البخاري في استحلال ( المعازف )

ورد على ابن حزم تضعيفه إياه بوصل أبي داود والإسماعيلي له


فإن في تخريج ما أشرت إليه تقوية لدلالة هذا الحديث على التحريم

لا سيما وقد تأوله ابن حزم ومن قلده بتأويل أبطلوا به دلالته

فيقف هذا الحديث الصحيح في طريق إبطالهم لدلالته ، كما سيأتي

لأن الأحاديث يفسر ويؤيد بعضها بعضا كما هو ظاهر

وعلى كل حال

فلقد كان تخريج الحافظ خيرا بكثير مما صنعه عبد الوهاب السبكي في ترجمة الشيخ الغزالي

في كتابه " طبقات الشافعية الكبرى " فإنه عقد فيه ( 4/145 - 182 ) فصلاً

جمع فيه ما وقع في " كتاب الإحياء " من الأحاديث التي لم يجد لها إسنادا

فذكر تحته ( ص 158 ) هذا الاستثناء بلفظ: " حديث المنع من الملاهي والأوتار والمزامير "

وهذا غريب جدا أن يخفى عليه حتى حديث البخاري !

وله من مثله أحاديث أخرى نفى أن يكون لها أصلا

مثل حديث " ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله إليه شيطانين على منكبيه . " الحديث

وقد رواه الطبراني وغيره ، وهو مخرج في " الضعيفة " ( 931 ) و يأتي ( ص 68 )

وحديث أنّه قال لعائشة: " أتحبين أن تنظري إلى زفن الحبشة ؟ " ، وهو صحيح ، رواه النسائي وغيره

وهو مخرج في " آداب الزفاف " ( 272 - 275 ) في حديثها عند الشيخين

الذي كنت ضممت إليه كثيرا من الزيادات الثابتة عند غيرهما

ثم رأيت أن أفرزه في " الصحيحة " لإنكار السبكي إياه وغيره مما هو مذكور فيها رقم ( 3277 )

هذا ومما يحسن ذكره في ختام تخريج هذه الأحاديث المحرّمة للطبل

أن الإمام أحمد قد أشار إلى صحتها

فروى الخلال في كتابه " الأمر بالمعروف " ( ص 26 ) عنه أنه قال:

" وأكره الطبل ، وهي الكوبة ، ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم "

كما أشار إلى صحته الحافظ ابن حجر في " التلخيص " ( 4 / 202 )

بتخريجه عن الصحابة المذكورين: ابن عباس ، وابن عمر ، وقيس بن سعد بن عبادة











الحديث السادس:

عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" يكون في أمتي قذف ، ومسخ وخسف "

قيل: يا رسول الله ! ومتى ذاك ؟

قال: "
إذا ظهرت المعازف ، وكثرت القيان ، وشربت الخمور " ...

قلت:

وهذا إسناد مرسل صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم

غير إسحاق بن إسماعيل ، وهو الطالقاني ، وهو من شيوخ أبي داود وقال: " ثقة "

وكذا قال الدارقطني ، وقال عثمان بن خُرَّزاذ ": ثقة ، ثقة "

ثم وجدت له متابعا آخر

فقال ابن أبي شيبة ( 15 / 164 / 19391 ) : وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرّة عن أبيه به

قلت:

وهذا إسناد جيد ؛ عبد الله بن عمرو بن مرّة ؛ صدوق يخطئ

وقد جاء مرسلاً من وجه آخر ، وموصولاً ، وهو أصحّ ...











الحديث السابع:

عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا يحل بيع المغنيات ، ولا شراؤهنّ ، ولا تجارة فيهنّ ، وثمنهنّ حرام


-وقال: - إنما نزلت هذه الآية في ذلك: ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) حتى فرغ من الآية

ثم أتبعها:

والذي بعثني بالحق ما رفع رجل عقيرته بالغناء

إلا بعث الله عز وجل عند ذلك شيطانين يرتقيان على عاتقيه ، ثم لا يزالان

يضربان بأرجلهما على صدره - وأشار إلى صدر نفسه - حتى يكون هو الذي يسكت "
...

قلت:

وقد كنت أوردته من أجلهما في " الصحيحة " برقم ( 2922 )

ثم تبين لي أن في أحدهما ضعفا شديدا ، فعدلت عن تقويته

إلاّ نزول الآية ، فإنّ لها شواهد عن غير واحد من الصحابة

وسيأتي ذكر بعضها في ( الفصل الثامن ) إن شاء الله تعالى ( ص 142 )











وفي ختام هذه الأحاديث الصحيحة بنوعيها الصحيح لذاته والصحيح لغيره

لا بد من ذكر مسألة هامة لتتمّ بها الفائدة


فأقول:

لقد جرى علماء الحديث - جزاهم الله خيرا –

على قواعد علمية هامة جدا في سبيل المحافظة على تراث نبي الأمة

سالماً من الزيادة والنقص ...

ومما لا شك فيه أن تحقيق الاعتدال والتوسط بين الإفراط والتفريط ، وتمييز الصحيح من الضعيف

لا يكون بالجهل أو بالهوى

وإنما بالعلم والاتباع

وأنَّ ذلك لا يكون إلا بالفقه الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

وهذا الفقه لن يكون إلا بمعرفة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من قول وفعل وتقرير

وإذ الأمر كذلك

فإنه لا يمكن أن ينهض به إلا من كان من الفقهاء عالما أيضا بعلم الحديث وأصوله

أو على الأقل يكون من أتباعهم وعلى منهجهم

ولقد أبدع من قال:

أهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسَه صحبوا

وهم المقصودون بالحديث المشهور - على الاختلاف في ثبوته -:

" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين "

بل وبالحديث الصحيح:

" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء

حتى إذا لم يُبقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالا ًفسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا ، وأضلوا "

رواه الشيخان ...




يتبع إن شاء الله


يتبع إن شاء الله


  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
  • تاريخ التسجيل : 28-12-2006
  • الدولة : مدينة ميلة , ولاية ميلة , الجزائر
  • العمر : 70
  • المشاركات : 5,284
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • رميته will become famous soon enough
الصورة الرمزية رميته
رميته
رئيس الهيئة الاستشارية
رد: الغناء:ابن حزم معذور بخلاف مقلديه للعلامة الألباني
11-05-2008, 03:22 PM
هذا الموضوع مكرر لمرات ومرات . شكرا جزيلا لك .
يا ليتنا نكتب في مواضيع أخرى جديدة ونافعة .
وفقك الله أخي الكريم لكل خير , آمين .

اللهم اغفر لأهل منتديات الشروق وارحمهم واجعلهم جميعا من أهل الجنة
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:02 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى