صورة المرأة في مسلسل باب الحارة
01-07-2014, 10:53 AM
مسلسل "باب الحارة ":
الملاحظات النقدية على العمل بكل جوانبه عديدة ومتنوعة؛ ومنها الملاحظات التي تمس صورة المرأة في المسلسل؛ وبالاقتراب من الشخصية النسوية كما ظهرت في العمل؛ يتضح وبما لايدع المجال للشك بان العمل يستند الى رؤيا وثقافة ذكورية عائلية ممتدة وشاملة لا يفلت منها فرد واحد؛ فالمجتمع في "باب الحارة" موحد ومتطابق الرؤيا؛ التي تقدم بها المرأة على أساس من كونها جزء من احتياجات الرجل وأملاكه؛ وفقا لدورها الأنثوي ولتقسيم العمل التقليدي بينهما؛ فهي في باب الحارة مسلوبة الارادة والقرار والكيان؛ لا تملك ذاتها ولا مشاعرها ولا تشارك في القرارات المتعلقة بشأنها؛ فهي تزوج وتطلق من خلف ظهرها؛ وتتلقى الأوامر والتعليمات وتنفذها بصمت لاثبات جدارتها وتهذيبها، تنقل تبعيتها مع "بقجتها" وفقا لإرادة الرجل الزوج والأب والأخ، وزواجها لا يحدد ولا يوحد التبعية بل يعدد أطرافها ويعقدها؛ وتقف المرأة مستسلمة ومستكينة وقانعة وراضية بما قسم لها النظام الأبوي؛ لا تحتج ولا تجد مخرجا لمشاكلها الا في البكاء والانتظار وفي الطاعة العمياء والانوثة والدلال؛ فهي شخصية سلبية لا تحاول ان تغير من واقعها او تحسن شروطه، وفي أدوار أخرى أسندت لها في العمل قدمت منهمكة في النميمة والقيل والقال موقعة الرجال في مشاكل ناتجة عن ثرثراتها وقلة حيلتها بسذاجة مفرطة، وعندما أراد العمل أن يأتي بنموذج نسائي يسعى إلى فرض حضوره؛ كان نموذج متسلطا وشريرا يقمع الرجل ويصادر شخصيته.
العمل التلفزيوني يحدد عبر شخصياته النسائية ويوثق لمواصفات الشخصية السلبية والايجابية في تلك الفترة، ويحدد معاييرها وأدوات قياسها بالصمت الذهبي والتواري؛ وبالطاعة العمياء لتوجهات الرجل دون تفكير لأن هناك من يفكر عنها لصالحها ومصلحتها، والتصرف بخلاف هذه المعايير تدخل في محددات الشخصية السلبية المنبوذة وفي حدود العيب والحرام، دون ان يراعي العمل بأنه في رؤياه وتوثيقه يدخل في اشكاليتين، فمن جانب فان العمل يبدو وكأنه يتناقض مع أعمال درامية أخرى؛ تعرض الواقع السوري في ذات الفترة التي وقعت بها سوريا تحت الاحتلال الفرنسي ودور المرأة الوطني في النضال ضده والذي ساهم في تغيير دورها الاجتماعي، ومساهمة النضال الوطني في تشكيل الوعي والحراك الاجتماعي؛ مما ادَى مع عوامل أخرى كالعمل والتعليم الذي غاب ذكره عن المسلسل؛ الى خروج المرأة من البيت للمشاركة بالمظاهرات والنضالات المناهضة للاحتلال وفي الانضواء بالحركة السياسية عبر المشاركة بعضوية الاحزاب السياسية، خاصة والعمل يوثق لأحداث تقع في أحد حارات دمشق العاصمة التي عاشت ظروفا سياسية واجتماعية منفتحة؛ او ان المسلسل قد اغفل هذه الخلفية الواقعية لأن باب حارتها قد اقفل بإحكام على مجمل التطورات الجارية في تلك الآونة؛ وكأن مجتمع باب الحارة معزول عن المجتمع السوري؛ ومغلق على ذاته بوجه كل العناصر والعوامل الفاعلة والمشكلة للواقع.
والاشكالية الثانية التي يواجهها العمل الدرامي في القرن الواحد والعشرين؛ تتمثل في رسالته المستدفة بتقديم الواقع البائس للمرأة في قالب ايجابي وكأنها تعيش في المدينة الفاضلة المنشودة، دون أن يكلف نفسه عناء التفكير بتقديم البدائل في عصرنا او يوحي بها؛ إلاَ من خلال إعادة إنتاج واستحضار ذات الصورة النمطية للمرأة، ولم يفعل ما فعله الكاتب نجيب محفوظ على سبيل المثال في ثلاثيته الشهيرة "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية" حيث قام الكاتب الكبير بتقديم شخصيته الشهيرة الذكورية "الشيزوفرينية" المزدوجة " سي السيد"؛ ضمن ظروف اجتماعية في مصر شبيهة بتلك التي في سوريا، لكنه قدمها ضمن قالب نقدي ورسالة فكرية واضحة تمكن المشاهد من كشف عيوب وزيف شخصية الرجل الشرقي المتناقض المسلكيات والحكم عليه.
عندما يستهدف العمل الدرامي فقط شباك التذاكر فإنه حتما سيقع في فخ الفكر والذوق الشعبوي القشري السائد؛ وهو الاستهداف المنزوع عن الرقي بالوعي والذوق؛ مما سيقود الى انتاج الاعمال السطحية باسم التراث المسبوغ عليه مسحات من القداسة؛ ولم يكن أول هذه الأعمال مسلسل "الحاج متولي" الذي قام بتجميل مشكلة تعدد الزوجات ولن يكون باب الحارة آخرها؛ ولكن على كل المناصرين لقضية المرأة وحقوقها وكرامتها برفع الغطاء عن هذه الاعمال.. وأن لا يسمحوا بدس العسل بالسم..
ريما كتانة نزال
الملاحظات النقدية على العمل بكل جوانبه عديدة ومتنوعة؛ ومنها الملاحظات التي تمس صورة المرأة في المسلسل؛ وبالاقتراب من الشخصية النسوية كما ظهرت في العمل؛ يتضح وبما لايدع المجال للشك بان العمل يستند الى رؤيا وثقافة ذكورية عائلية ممتدة وشاملة لا يفلت منها فرد واحد؛ فالمجتمع في "باب الحارة" موحد ومتطابق الرؤيا؛ التي تقدم بها المرأة على أساس من كونها جزء من احتياجات الرجل وأملاكه؛ وفقا لدورها الأنثوي ولتقسيم العمل التقليدي بينهما؛ فهي في باب الحارة مسلوبة الارادة والقرار والكيان؛ لا تملك ذاتها ولا مشاعرها ولا تشارك في القرارات المتعلقة بشأنها؛ فهي تزوج وتطلق من خلف ظهرها؛ وتتلقى الأوامر والتعليمات وتنفذها بصمت لاثبات جدارتها وتهذيبها، تنقل تبعيتها مع "بقجتها" وفقا لإرادة الرجل الزوج والأب والأخ، وزواجها لا يحدد ولا يوحد التبعية بل يعدد أطرافها ويعقدها؛ وتقف المرأة مستسلمة ومستكينة وقانعة وراضية بما قسم لها النظام الأبوي؛ لا تحتج ولا تجد مخرجا لمشاكلها الا في البكاء والانتظار وفي الطاعة العمياء والانوثة والدلال؛ فهي شخصية سلبية لا تحاول ان تغير من واقعها او تحسن شروطه، وفي أدوار أخرى أسندت لها في العمل قدمت منهمكة في النميمة والقيل والقال موقعة الرجال في مشاكل ناتجة عن ثرثراتها وقلة حيلتها بسذاجة مفرطة، وعندما أراد العمل أن يأتي بنموذج نسائي يسعى إلى فرض حضوره؛ كان نموذج متسلطا وشريرا يقمع الرجل ويصادر شخصيته.
العمل التلفزيوني يحدد عبر شخصياته النسائية ويوثق لمواصفات الشخصية السلبية والايجابية في تلك الفترة، ويحدد معاييرها وأدوات قياسها بالصمت الذهبي والتواري؛ وبالطاعة العمياء لتوجهات الرجل دون تفكير لأن هناك من يفكر عنها لصالحها ومصلحتها، والتصرف بخلاف هذه المعايير تدخل في محددات الشخصية السلبية المنبوذة وفي حدود العيب والحرام، دون ان يراعي العمل بأنه في رؤياه وتوثيقه يدخل في اشكاليتين، فمن جانب فان العمل يبدو وكأنه يتناقض مع أعمال درامية أخرى؛ تعرض الواقع السوري في ذات الفترة التي وقعت بها سوريا تحت الاحتلال الفرنسي ودور المرأة الوطني في النضال ضده والذي ساهم في تغيير دورها الاجتماعي، ومساهمة النضال الوطني في تشكيل الوعي والحراك الاجتماعي؛ مما ادَى مع عوامل أخرى كالعمل والتعليم الذي غاب ذكره عن المسلسل؛ الى خروج المرأة من البيت للمشاركة بالمظاهرات والنضالات المناهضة للاحتلال وفي الانضواء بالحركة السياسية عبر المشاركة بعضوية الاحزاب السياسية، خاصة والعمل يوثق لأحداث تقع في أحد حارات دمشق العاصمة التي عاشت ظروفا سياسية واجتماعية منفتحة؛ او ان المسلسل قد اغفل هذه الخلفية الواقعية لأن باب حارتها قد اقفل بإحكام على مجمل التطورات الجارية في تلك الآونة؛ وكأن مجتمع باب الحارة معزول عن المجتمع السوري؛ ومغلق على ذاته بوجه كل العناصر والعوامل الفاعلة والمشكلة للواقع.
والاشكالية الثانية التي يواجهها العمل الدرامي في القرن الواحد والعشرين؛ تتمثل في رسالته المستدفة بتقديم الواقع البائس للمرأة في قالب ايجابي وكأنها تعيش في المدينة الفاضلة المنشودة، دون أن يكلف نفسه عناء التفكير بتقديم البدائل في عصرنا او يوحي بها؛ إلاَ من خلال إعادة إنتاج واستحضار ذات الصورة النمطية للمرأة، ولم يفعل ما فعله الكاتب نجيب محفوظ على سبيل المثال في ثلاثيته الشهيرة "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية" حيث قام الكاتب الكبير بتقديم شخصيته الشهيرة الذكورية "الشيزوفرينية" المزدوجة " سي السيد"؛ ضمن ظروف اجتماعية في مصر شبيهة بتلك التي في سوريا، لكنه قدمها ضمن قالب نقدي ورسالة فكرية واضحة تمكن المشاهد من كشف عيوب وزيف شخصية الرجل الشرقي المتناقض المسلكيات والحكم عليه.
عندما يستهدف العمل الدرامي فقط شباك التذاكر فإنه حتما سيقع في فخ الفكر والذوق الشعبوي القشري السائد؛ وهو الاستهداف المنزوع عن الرقي بالوعي والذوق؛ مما سيقود الى انتاج الاعمال السطحية باسم التراث المسبوغ عليه مسحات من القداسة؛ ولم يكن أول هذه الأعمال مسلسل "الحاج متولي" الذي قام بتجميل مشكلة تعدد الزوجات ولن يكون باب الحارة آخرها؛ ولكن على كل المناصرين لقضية المرأة وحقوقها وكرامتها برفع الغطاء عن هذه الاعمال.. وأن لا يسمحوا بدس العسل بالسم..
ريما كتانة نزال
من مواضيعي
0 التغذية: نصائح وحيل حول الأكل الصحي اهمالها قد يسبب لنا مشاكل صحية لا نعرف اين سببها؟
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة
0 فوضى سينوفاك الصينية.. لقاح واحد و3 نتائج متضاربة
0 "نوع آخر مثير للقلق".. سلالات كورونا المتحورة تنتشر في 50 بلدا
0 إجراء تغييرات إيجابية: نصائح وحيل للتغذية السليمة ولتقوية الاعصاب
0 هل لديك وزن زائد؟ نستطيع مساعدتك
0 يؤثر نظامك الغذائي على صحتك: كيفية الحفاظ على التغذية الجيدة