العبــــــادة الفضلــــــــى
27-02-2013, 07:48 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العبادة الفضلى
كلام عميقة هي معانيه قرأته عن العبادة الفضلى فعن ابن القيم ـ رحمه الله أنقل لكم قوله : " من لم يكن وقته لله وبالله فالموت خير له من الحياة، وإذا كان العبد وهو في الصلاة، ليس له من صلاته إلا ما عقَل منها، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله ولله "
أما أن يكون الوقت لله فهو استنفاد العمر في العبادة على تنوعها حتى لا يكون للشيطان منه نصيب، ومن فعله فقد حقق قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
وأما أن يكون الوقت بالله فهو ألا تشغل وقتك إلا بعبادة تناسبه، تستوحيها من الشرع الحنيف، ومن فَعَله فقد حقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال ابن القيم: " أفضل العبادة: العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته "
فأفضلها عند جهاد العدوّ جهاده، ولو آل ذلك إلى ترك قيام اللّيل وصيام النهار، قال الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْءَانِ. عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَرْضَى وءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.
وأفضلها عند نزول الضيف القيام بحقه لقول النبيّ
:" إنّ لزَوْرك عليك حقّا '' رواه مسلم.
وأفضلها عند سماع الأذان أن تَترك ما أنت فيه من ذكر، وأن تجيب المؤذّن لقول النبيّ
: '' إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول الخ .. الحديث الذي رواه مسلم.
وأفضلها عند أوقات الصلوات المبادرة إلى الجامع والنصح في أدائها على أكمل وجه لقول الله تعالى: {رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}.
وأفضلها عند السَّحَر تلاوة القرآن والدعاء والاستغفار والصلاة لقول الله تعالى: {يَتْلُون ءَايَاتِ اللهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} ولقوله: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
وأفضلها عند ضرورة المحتاج إغاثته بالجاه أو البدن أو المال لقول النبيّ
:''أطعموا الجائع، وعُودُوا المريض، وفُكُّوا العاني '' رواه البخاري.
وأفضلها عند لقاء أخيك التسليم عليه ولو أدى إلى قطع الذّكر، وأفضلها عند مرضه أو موته عيادته وتشييع جنازته لقول النبيّ
: '' حقّ المسلم على المسلم خمس: ردّ السلام وعيادة المريض واتّباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ''متفق عليه.
وأفضلها عند أذاة الناس لك أداء واجب الصبر، مع خلطتك لمجتمعهم دون الهرب منه لقول النبيّ
: '' المؤمن الذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط النّاس ولا يصبر على أذاهم '' رواه ابن ماجه وهو حسن، هذا في أذيّة نفسك، أما إذا خفتَ منهم على دينك فأفضل العبادة اعتزالهم، إذ خُلْطَتهم في الشر شر، ودين المرء رأس ماله، لقول النبيّ
:
'' كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيتَ في حُثالة من النّاس مَرَجَت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا « وشبّك بين أصابعه، قال: قلت: يا رسول الله ما تأمرني؟ قال: » عليك بخاصة نفسك ودع عنك عوامهم '' رواه ابن حبّان وهو صحيح.
تعمّدت ذكر هذه الأمثلة بأدلّتها من الكتاب والسنة لسببين:
الأول: أنّ تنوّع العبادات تابع لأدلة الوحيين لا غير.
الثاني: أنّ انتقال العبد من عبادة إلى أخرى بحسب وقت كل منها دليل على أنّه عبد حقيقيّ لله، لأنّه لا يتحرك بهواه ولا بنتاج عقله ولا بعادة قومه، وإنما يقوم ويقعد بالله، فهو: " صاحب تعبّد مطلق، ليس له غرض في تعبّد بعينه، يُؤْثره على غيره، بل غرضه تتبّع مرضاة الله تعالى أين كانت ... فهو لا يزال متنقّلا في منازل العبودية ... فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العبّاد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذّاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدّقين المحسنين رأيته معهم ... فهذا هو العبد المطلق، لم يكن عمله على مراد نفسه وما فيها لذّتها وراحتها من العبادات، بل هو على مراد ربّه، ولو كانت راحة نفسه ولذّتها في سواه، فهذا هو المتحقق بـ {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حقًّا، القائم بها صِدقاً، ملبسه ما تهيّأ، ومأكله ما تيسّر، واشتغاله بما أَمر الله به في كل وقت بوقته، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً ... حر مجرّد، دائر مع الأمر حيث دار، يدين بدين الآمر أنّى توجهت ركائبُه، و يدور معه حيث استقلّت مضاربُه، يأنس به كل محقّ، و يستوحش منه كل مبطل، كالغيث حيث وقع نفع، وكالنّخلة لا يسقط ورقها، وكلها منفعة حتى شوكها، وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله، والغضب إذا انتهكت محارم الله، فهو لله وبالله ومع الله، قد صحب الله بلا خَلق، وصحب الناس بلا نفس، بل إذا كان مع الله عزل الخلْق عن البين، وتخلّى عنهم، فواهًا له ما أغربه بين الناس! وما أشد وحشته منهم! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به وطمأنينته وسكونه إليه! والله المستعان، وعليه التكلان ".
منقول من كتاب
مدارك النَّظر في السّياسة
بين التطبيقات الشّرعية والانفعالات الحَمَاسية
العبادة الفضلى
كلام عميقة هي معانيه قرأته عن العبادة الفضلى فعن ابن القيم ـ رحمه الله أنقل لكم قوله : " من لم يكن وقته لله وبالله فالموت خير له من الحياة، وإذا كان العبد وهو في الصلاة، ليس له من صلاته إلا ما عقَل منها، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله ولله "
أما أن يكون الوقت لله فهو استنفاد العمر في العبادة على تنوعها حتى لا يكون للشيطان منه نصيب، ومن فعله فقد حقق قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
وأما أن يكون الوقت بالله فهو ألا تشغل وقتك إلا بعبادة تناسبه، تستوحيها من الشرع الحنيف، ومن فَعَله فقد حقق قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال ابن القيم: " أفضل العبادة: العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته "
فأفضلها عند جهاد العدوّ جهاده، ولو آل ذلك إلى ترك قيام اللّيل وصيام النهار، قال الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْءَانِ. عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَرْضَى وءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللهِ وءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.
وأفضلها عند نزول الضيف القيام بحقه لقول النبيّ
:" إنّ لزَوْرك عليك حقّا '' رواه مسلم.وأفضلها عند سماع الأذان أن تَترك ما أنت فيه من ذكر، وأن تجيب المؤذّن لقول النبيّ
: '' إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول الخ .. الحديث الذي رواه مسلم.وأفضلها عند أوقات الصلوات المبادرة إلى الجامع والنصح في أدائها على أكمل وجه لقول الله تعالى: {رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}.
وأفضلها عند السَّحَر تلاوة القرآن والدعاء والاستغفار والصلاة لقول الله تعالى: {يَتْلُون ءَايَاتِ اللهِ ءَانَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} ولقوله: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
وأفضلها عند ضرورة المحتاج إغاثته بالجاه أو البدن أو المال لقول النبيّ
:''أطعموا الجائع، وعُودُوا المريض، وفُكُّوا العاني '' رواه البخاري.وأفضلها عند لقاء أخيك التسليم عليه ولو أدى إلى قطع الذّكر، وأفضلها عند مرضه أو موته عيادته وتشييع جنازته لقول النبيّ
: '' حقّ المسلم على المسلم خمس: ردّ السلام وعيادة المريض واتّباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس ''متفق عليه.وأفضلها عند أذاة الناس لك أداء واجب الصبر، مع خلطتك لمجتمعهم دون الهرب منه لقول النبيّ
: '' المؤمن الذي يخالط النّاس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط النّاس ولا يصبر على أذاهم '' رواه ابن ماجه وهو حسن، هذا في أذيّة نفسك، أما إذا خفتَ منهم على دينك فأفضل العبادة اعتزالهم، إذ خُلْطَتهم في الشر شر، ودين المرء رأس ماله، لقول النبيّ
: '' كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيتَ في حُثالة من النّاس مَرَجَت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا « وشبّك بين أصابعه، قال: قلت: يا رسول الله ما تأمرني؟ قال: » عليك بخاصة نفسك ودع عنك عوامهم '' رواه ابن حبّان وهو صحيح.
تعمّدت ذكر هذه الأمثلة بأدلّتها من الكتاب والسنة لسببين:
الأول: أنّ تنوّع العبادات تابع لأدلة الوحيين لا غير.
الثاني: أنّ انتقال العبد من عبادة إلى أخرى بحسب وقت كل منها دليل على أنّه عبد حقيقيّ لله، لأنّه لا يتحرك بهواه ولا بنتاج عقله ولا بعادة قومه، وإنما يقوم ويقعد بالله، فهو: " صاحب تعبّد مطلق، ليس له غرض في تعبّد بعينه، يُؤْثره على غيره، بل غرضه تتبّع مرضاة الله تعالى أين كانت ... فهو لا يزال متنقّلا في منازل العبودية ... فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العبّاد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذّاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدّقين المحسنين رأيته معهم ... فهذا هو العبد المطلق، لم يكن عمله على مراد نفسه وما فيها لذّتها وراحتها من العبادات، بل هو على مراد ربّه، ولو كانت راحة نفسه ولذّتها في سواه، فهذا هو المتحقق بـ {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} حقًّا، القائم بها صِدقاً، ملبسه ما تهيّأ، ومأكله ما تيسّر، واشتغاله بما أَمر الله به في كل وقت بوقته، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خالياً ... حر مجرّد، دائر مع الأمر حيث دار، يدين بدين الآمر أنّى توجهت ركائبُه، و يدور معه حيث استقلّت مضاربُه، يأنس به كل محقّ، و يستوحش منه كل مبطل، كالغيث حيث وقع نفع، وكالنّخلة لا يسقط ورقها، وكلها منفعة حتى شوكها، وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله، والغضب إذا انتهكت محارم الله، فهو لله وبالله ومع الله، قد صحب الله بلا خَلق، وصحب الناس بلا نفس، بل إذا كان مع الله عزل الخلْق عن البين، وتخلّى عنهم، فواهًا له ما أغربه بين الناس! وما أشد وحشته منهم! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به وطمأنينته وسكونه إليه! والله المستعان، وعليه التكلان ".
منقول من كتاب
مدارك النَّظر في السّياسة
بين التطبيقات الشّرعية والانفعالات الحَمَاسية









