هناك من بني يعرب حتى في الشِّعر يُحرفون.
07-01-2015, 06:31 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندما أقرأ بعض المشاركة في تزييف تاريخنا.
سواء في الدين أو الأدب أو غيره.
ينتابني بعض التذمر.
ومع ذلك أتمثل بمن قال:
فمَن رام تقويمي فإني مقوّمٌ ** ومن رام تعويجي فإني معوّجُ
وللحلمِ أوقاتٌ وللجهلِ مثلها ** ولكن أوقاتي إلى الحلمِ أحوَجُ.
وحتى في أدبياتنا العربية
مارس من مارس بعض التحريف في ذلك،
وقيلت بعض الأمور ببعض التلفيق، حتى حُمل الناس على إنشادها وضرب الأمثال به حملاً، ومن كثرة ما لكنتها الألسنة، حتى توهمها الناس، وكأنها قيلت فعلاً.
بينما الحقيقة غير ذلك تمامًا
إنّ قصة البيت المحرّف والمغلّط به:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة ** وأهلي وإن ضنوا علي كرامُ.
فقائل البيت الأصلي يُدعى:
الشريف قتادة أبو عزيز بن إدريس...الذي يتصل نسبه بالحسن بن على بن أبى طالب رضي الله عنهما.
وكان أميرًا على مكة المكرمة. حيث أن المصادر التاريخية تواطأت واتفقت على أن إمارته على مكة المكرمة كانت في سنة 597هـ.
وقد جاء في الأثر ومصادر الخبر.
أن حسام الدين بن أبي فراس كان أمير ركب حجيج العراق في سنة 609هـ دعى أبا عزيز لزيارة الخليفة فى بغداد.
فما كان من أبي عزيز أن قال له: انظرني فى ذلك فتسمع الجواب.
يقال أن الشريف أبا عزيز فى سنة 608 هـ قد أجهز على حجاج العراق وقتل منهم من قتل وذلك بسبب قيام شخصٍ يسمى/ الحسينى وهو من حجاج العراق بقتل ابن عم أبي عزيز يدعى/ هارون وكنيته أبو عزيز كذلك، وتشاء الصدف أنه قريب الشبه منه. فلما بلغ الخبر قتادة أبو عزيز بذلك، فما كان منه أن قال:
ما كان المقصود إلاّ أنا..
وأقسم أن لا يبقي من حجيج العراق أحدًا.
لأجل ذلك لما طُلب منه زيارة بغداد توقّع أبو عزيز أن ذلك استدراج له وأن الخليفة سوف يعاقبه على فعلته في حجيج العراق، فما كان منه أنه أجتمع ببنى عمه من الأشراف وقال:
يا أبناء الزهراء عزّكم إلى أخر الدهر مجاورة هذه البناية والاجتماع فى مصالحها واعتمدوا بعد اليوم أن تعاملوا هؤلاء البشر يوهنوكم من طريق الدنيا والآخرة ولا يرغبوكم بالأموال والعدد، وأنّ الله عصمكم وعصم أرضكم بانقطاعها، وأنها لا تدرك إلاّ بشق الأنفس.
ثم ذهب أبو عزيز إلى أمير ركب حجيج العراق وقال له:
الآن اِسمعِ الجواب ثم أنشد ما قاله شعرًا:
بلادى وأن هانت علي عزيزة ** ولو أنني أعرى بها وأجوعُ
ولي كف ضرغام أصول ببطشها ** وأشرى بها بين الورى وأبيعُ
تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها ** وفى بطنها للمجدبين ربيعُ
أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى ** خلاصًا لها ؟ إنّي إذن لوضيعُ
وما أنا إلا المسك فى كل بلدةٍ **أضوع وأما عندكم فأضيعُ
فما كان من أمير ركب حجيج العراق ـــــــ وكان رجلاّ ذا عقلٍ وفطنًا وحكيمًا ـــــــ أن قال له:
يا شريف، أنت ابن بنت رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم؛ والخليفة في بغداد ابن عمك، وأنا مملوكٌ تركىٌّ لا أعلم من الأمور التي فى الكتب ما علمتَ. ولكنني قد رأيتُ أن هذا من شر العرب الذين يسكنون البوادي وقطاع الطرق ومخيفى السبيل، وحاشا لله أن أحملَ هذه الأبيات عنك إلى الخليفة فأكون قد أحدثتُ على ابن بنت نبي الله ـــــ صلى الله عليه وسلم ـــــ ما أُلعنُ عليه فى الدنيا، وأُحرق بسببه فى الآخرة. فوالله لو بلغ هذا إليه لجعل جميع الوجوه إليك حتى يفرغ منك، وما لهذا من ضرورة أنه قد خطر لك أنهم استدرجوك وأنك لا تسير إليهم فقل قولاً حميدًا وإن كان فعلك ما قد علمت.
فما كان من الشريف قتادة أبي عزيز..
أن أصغى إليه حين تيقن أنه رجلٌ عاقلٌ، ناصحٌ وساعٍ بخيرٍ لمرسله وللمسلمين. فقال أبوعزيز: كثّر الله فى المسلمين مثلك تُرى فما الرأى عندك؟
فقال أمير الركب:
أرى أن ترسل من أولادك من لا تهتم إذا جرى عليه ما تتوقعه ـــــ ومعاذ الله أن يجرى إلا ماتحبه ـــــ وترسل معه جماعة ذوى الأنساب من الشرف فيدخلون مدينة السلام وبأيديهم أكفانهم وسيوفهم مسلولة، ويقبلون العتبة ويتوسّلون برسول الله صلى الله عليه وسلم ( هكذا جاء في مصادر الخبر وتعلمناه، فلا داعي لمن يأتي ليقول لي يجوز ذلك أو لا يجوز .. لتحوير منحى الموضوع)، وبصفح أمير المؤمنين وسترى مايكون لك من الخير من أمير المؤمنين ومن الناس، والله لئن لم تفعل هذا لتركبن الأثم العظيم ويكون مالا يخفى عليك.
يقال أن الشريف أبا عزيز شكره ووجه صحبته ولده وأشياخ الشرفاء ودخلوا بغداد على تلك الهيئة التى رتبهم فيها وهم يصيحون ويبكون ويتضرعون، والناس يبكون لبكائهم واجتمع الخلق كأنه المحشر ومالوا إلى باب من أبواب مدينة بغداد وهم يقبّلون عتبتها. وبلغ الخبر الخليفة عفى عنهم وعن من أرسلهم وأنزلهم الديار الواسعة وأكرمهم الكرامة التى ظهرت واشتهرت وعادوا إلى أبى عزيز بما أحب.
وكان بعد ذلك يقول : لعن الله أول رأي عند الغضب ولا أعدمنا عاقلاً ناصحًا.
أما ما يذكره بعض الناس فمن العرب من حرّف ذلك.
وكذلك هناك من بني يعرب يفعلون حين يُحرفون.













