تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
antar
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 10-05-2007
  • المشاركات : 47
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • antar is on a distinguished road
antar
عضو نشيط
فكر إسلامي : بالفكر ننهض
29-11-2008, 11:42 AM
بسم الله الرحمان الرحيم

ميّز الله تعالى الإنسان بالعقل، وجعل عنده القدرة على التفكير. فكان العقل في الإسلام مناط التكليف الشرعي، بوجوده يكون الإنسان مكّلفاً، وبفقدانه يسقط عنه التكليف. وقد ورد في القرآن الكريم كثير من الآيات التي تحض الإنسان على التفكير.
قال الله تعالى:﴿ فَلْيَنْظُرْ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ، أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ، ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا﴾ [عبس:24-27]. وقال: ﴿ فَلْيَنظُرْ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ ،خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ [الطارق:5-7]. وقال: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ [ق:6]. وقال: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ﴾ [الغاشية:17-18]. وقال: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت:20]. وقال: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة:219]. وقال : ﴿ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الروم:8]. وقال: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم:21]. وقال:﴿ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [يونس:24]. وقال: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الرعد: 3]. وقال: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران:191]. وقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ [سبأ:46].
ونلاحظ في هذه الآيات أن الله تعالى يطلب من الناس أن يُعْمِلوا نظرهم في مخلوقاته ليتوصلوا إلى وجوده. فكل ما في هذا الكون ليدل دلالة صارخة على وجود إله واحد أزلي واجب الوجود. هو الله تعالى. وإن طلب الله من الإنسان التوصل بالتفكير إلى عقيدة التوحيد لينبئنا عن أهمية الفكر في الإسلام.
يصبح الإنسان مسلماً حين يعتقد بقلبه، وينطق بلسانه أن (لا إله إلا الله، محمّد رسول الله)، غير أن ثمة فرق شاسع بين من يسلم مقلّداً، وبين من يتوصل بتفكيره إلى عقيدة الإسلام. فقد يكون المرء مسلماً دون أن يفكر ولو مرةً في حياته في إثبات وجود الله ونبوة محمد عقلاً. ومن جهة أخرى، فإن المسلم يتوصل بتفكيره السليم إلى وجود إله واحد، وإلى نبوة محمد، وذلك بإعمال النظر فيما يشاهده من مخلوقات الله. والله تعالى يطلب من الناس أن يؤمنوا عن بيِّنة، بإعمال النظر والتأمل في مظاهر الكون، فإن فيها من الآيات ما يكشف عن وجود من يُسيِّرها. وإنما الاعتقاد إيمان جازم عن يقين، واليقين لا بدّ أن يأتي عن طريق العقل والتفكير. ولا شك أن مثل هذا الإيمان لا يعطي أثره إلاّ إذا كان ناتجاً عن التفكير والتأمل. وحينئذ يكيِّف الإنسان حياته كلها بحسب هذه العقيدة التي توصّل إليها.
وقد كان الإنسان أفضل مخلوقات الله تعالى على الإطلاق، وكان فضله في عقله. لذلك يجب أن يكون التفكير أساس حياة هذا الإنسان بأن يكون مفكراً عاقلاً.
والإنسان ينهض بما لديه من فكر عن الوجود. فإذا كان هذا الكفر عن الوجود مستنيراً كان مؤثراً وأصبحت الحياة رهناً له. وإذا علمنا أن الإنسان يسير في حياته وفقاً لما لديه من مفاهيم عن الأشياء، لأدركنا كيف ينهض الإنسان بعقله. فمثل ذلك الفكر عن الوجود هو الذي يوجد المفاهيم عن الأشياء في الحياة، وهذه المفاهيم تحدد السلوك الإنساني.
إن من ينظر إلى الوجود على أنه مخلوق لله تعالى، وأنه محطة اختبار للوصول إلى الحياة الآخرة ليُكوِّن مفاهيمه في الحياة على هذا الأساس. فمثل هذا الإنسان يفهم المرأة مثلاً على أنّها عِرض يصان، والمجتمع على أنه تكافل وتعاضد، إلى غير ذلك من المفاهيم عن الأشياء. ومثل هذه المفاهيم تحدد سلوك الإنسان، تجاه المرأة وتجاه المجتمع، وتجاه كل شيء، ويصبح ناهضاً وراقياً.
أما من ينظر إلى الوجود على أنه الحياة الأولى والأخيرة وأنه موجود عبثاً يكوّن مفاهيم أخرى عن الأشياء. فإذا كانت هذه الحياة هي الأولى والأخيرة، فلا محل للقيم والمبادئ، وصار على الإنسان أن يتمتع بأكبر قدر من المباهج المادية. ولذلك فإن مفهوم المرأة مثلاً عند هكذا إنسان لينحدر إلى اعتبارها وسيلة للمتعة، ومفهوم المجتمع ينقلب إلى اعتباره جماعة أفراد فقط ليس بينهم أي رابط سوى المصلحة. وإذا جعل الإنسان سلوكه على هذا الأساس بلغ درجة الانحطاط.
وهذا الفكر عن الوجود إذا كان يُنهض الإنسان الفرد، فإنه يُنهض - ولا بد - مجموع الأفراد. فالمجتمع الإنساني تجمعه ولا بد مشاعر وتسوده أفكار وتحكمه أنظمة. ومَثَل هذا المجتمع كالإنسان الفرد، يكيف سلوكه في الحياة بناء على مفاهيمه التي يكوّنها عن الأشياء. وهذه المفاهيم إما أن يكوّنها من التفكير الجماعي، أو يكوّنها بناء على غرائزه وحاجاته.
فالمجتمع الذي يقوم على الإسلام، والذي يحكمه شرع الله وتسوده أفكار الإسلام، ليدرك أن لديه رسالة في الحياة هي إعلاء كلمة الله. وإن سلوكه في الحياة، والذي يبرز في أنظمته وفي أعماله الجماعية، لا بدّ أن يكون مبنياً على أساس الإسلام.
وأما المجتمع الذي يجمعه إشباع الحاجات والغرائز، فإنه لا يرقى أن يكون أمّة. فمثل هذا المجتمع يكوّن مفاهيمه عن الأشياء بناء على المصلحة والمنفعة. وبذلك وصل إلى الانحطاط في كل شيء، وتكالبت عليه سائر الأمم، وفقد كرامته وعزته.
ولكي ندرك مقدار التخلف والرقي بين هذين المجتمعين، نعطي مثلاً عن فكرة الاستعمار، وموقف كلٍّ من هذين المجتمعين تجاه خضوعه لسيطرة أمة أخرى.
قديماً كانت الأمة الإسلامية تحكمها قوانين الإسلام، وكانت تسيّرها حياتها ومواقفها بحسب ما أنزل الله تعالى. ولذلك اعتبرت الأمة رسالتها في الحياة نشر الإسلام، وإعلاء كلمة الله، وذلك بإزالة الحواجز المادية التي تحول دون ذلك. وجاء أمر الله تعالى لأمة الإسلام بالجهاد لتطبيق شرع الله في الأرض: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾، وهبّت الأمة لا يشغلها شاغل عن محاربة أعداء الله حتى تعلي كلمة الحق ولو في أقصى العالم. عندها خاض عقبة بن نافع الأطلسي بفرسه، وقال: "والله لو علمت أن وراء هذا البحر أناساً لا يعبدونك لعبرت البحر حتى أقاتلهم". وعندها بلغ المسلمون الصين وفرنسا في مئة سنة. وعندها علت مكانتهم بين الأمم فكانوا أعظم دولة في العالم.
وأما اليوم فقد انحطت أمتنا الإسلامية، وانخفض معها سلوكنا، وانحطت عقولنا، حتى صرنا نرى، في وضح النهار، الحق باطلاً والباطل هو الحق.
خضعنا لأفكار الكفر تغزونا وتعمل فينا هدماً وتفريقاً حتى هدمنا بأيدينا منارة عزِّنا وسر حياتنا ومنبع كرامتنا، دولة الإسلام، جُنَّتَنا وحاملة رايتنا. ولا زلنا نخضع لحكم الغرب حتى بعقولنا، ننشد الحياة في الغرب، ونتطلع إلى دولته قبلة أنظارنا. فمن قائل بالوطنية، وآخر بالعلمانية، وآخر يترك الإسلام وأمته ويتبنّى الشيوعية.
أيّها الإخوة، لقد بلغ بنا الانحطاط درجة صرنا نرى معها أن استعمار دول الغرب لنا وتحكّمه في أراضينا يمتص دماءنا ويسلب خيراتنا، ويذيقنا ألوان الهوان والذلّ طعناً وتفريقاً، صرنا نرى فيه غاية المنى. وكيف لا، ونحن نتمنى أن نكون في حمى الغرب المتقدم، وأن ندور معه حيث دار ولو تسلط علينا وأعمل فينا حكم الكفر، واقتطع من بلادنا أعزها، لألد أعدائنا اليهود شذّاذ الآفاق. ثم تجدنا نسعى إلى دول الشرق والغرب مستجّدْين طالبين منهم أن يحلّوا لنا مشاكلنا التي صنعوها بأيديهم مكراً بنا وإذلالاً لعزتنا.
أيّها المسلمون، قديماً جاء أمر الله تعالى: ﴿وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله﴾ [الأنفال:39] فرأينا احتلال الكفار لنا عاراً يلطخ جبيننا ويلزم الموت دونه. فاستجبنا لأمر الله تعالى، وهببنا للذود عن أحكام الإسلام وراية الإسلام وبلاد الإسلام، ورأينا كل ما عدا ذلك من العيش الرغيد رخيصاً دون الإبقاء على دولة الإسلام ورايته. وبذلك رددنا الصليبيين على أعقابهم إذ جاؤونا غازين، وتصدينا للمغول وقلبناهم من كفار إلى مجاهدين في سبيل الله. وأما اليوم، صرنا نرى أن الاستعمار يقربنا من الغرب، وصرنا نرى في الغرب قبلة أنظارنا ومدار تفكيرنا ومحل احترامنا وتقديرنا، حتى صرنا نتمنى أن تأتي قوى الغرب لحمايتنا وحل مشاكلنا، مع علمنا بأن الغرب هو الذي صنع لنا هذه المشاكل ليتمكن من العودة إلى بلادنا حينما يرى فينا بشائر نهضة أو معالم صحوة، ومع سماعنا لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾ [هود:113].
أيها المسلمون، إن الفكر هو الذي يُنهضنا. وإذا استطاع الغرب أن يغلبنا في وقت فإنما كان لانحطاط تفكيرنا وجهلنا، وعدم فهمنا لأفكار الإسلام. فاستطاع الغرب أن يضللنا ويغزونا بفكره ومن ثم بقواته. وإننا، وقد أدركنا أن بعودتنا إلى الإسلام وأفكار الإسلام تكمن عزتنا ويكمن تحررنا من ربقة الاستعمار، إن شاء الله لمهتدون ولمستجيبون: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال:24]

في امان الله
  • ملف العضو
  • معلومات
ابو محمد الاثري
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-04-2008
  • المشاركات : 383
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ابو محمد الاثري is on a distinguished road
ابو محمد الاثري
عضو فعال
رد: فكر إسلامي : بالفكر ننهض
29-11-2008, 02:48 PM
الفكر الإسلامي يخالف الوحي والفقه




ابْتُليَ الإسلام ـ بعد القرون المفضّلة ـ بانشغال بعض (المفكّرين) في صفوف علمائه بالفكر اليوناني عن تدبّر الوحي والفقه فيه، ظنًّا منهم ـ وبعض الظّنّ إثم ـ أن الغاية تبرّر الوسيلة وأن حُسْن النّيّة يُسَوِّغ تحكيم الفكر في الدين، وتحكيم الظن في اليقين، وتحكيم الفلسفة الصّوفيّة الوثنية في معرفة الله.
وفي القرن الأخير شمَّر (الإسلاميون) عن سواعدهم وعن أقلامهم وعن ألسنتهم وعن أهوائهم وعن إعانات المحسنين لاستغلال ما سمّوه (الفكر الإسلامي) لصالح الحزبيّة أو التّجارة أو السّمعة، بحجة البحث عن بدائل لأنماط الحياة الغربيّة، ولا بديل للضلال إلا الحقّ، ولا للظن إلا اليقين، ولا للفكر إلا الوحي، ولا للعادة إلا العبادة؛ فظهرت المطبوعات والمدارس والبنوك والمستشفيات ونوادي الرّياضة البدنية والفنون الموصوفة كلّها زورًا (بالإسلامية)، وظهر الفكر والفلسفة والاشتراكيّة والدّيمقراطية الموصوفة كلّها زورًا (بالإسلامية)، وظهر فكر الإعجاز العلمي للقرآن ليصرف الشيطان وأعوانه به المسلمين عن تدبّر كتاب الله وسنّة رسوله كما فَقِهَهُمَا السلف الصالح ـ إلى محاولة بائسة لربط الوحي بالفكر وربط اليقين بالظّن{وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104]. وتحوّلت المواعظ الديّنيّة إلى محاضرات مبنيّة على فنون الفكر والبلاغة والشّعر والقصص والأمثال الدّارجة والفكاهة، يجتمع عليها أكثر ممن يجتمع على المواعظ الشرعيّة بالآية والحديث والحكم الشرعي في الاعتقاد والعبادة والمعاملة، وصار أكثر المسلمين (مثقّفوهم وعوامّهم، لا أقول علماؤهم) يرون البدعة هي السنة، حتى أعلن بعض قادة الفكر المنحرف أن: (تنزيه الوحي عن الفكر خطر عظيم على مستقبل الدّين) وأنَّ: (الله تعبَّدنا بالظّنَّ كما تعبَّدنا باليقين) وأن (سنّة التّطوّر توجب إعادة النظر في كتابة التاريخ والسيرة بل في كتابة التفسير وفقه الأحكام الشرعية.
والفكر (الإسلامي) ـ بلا شك ـ قابل للتغيّر والتبدّل والتناقض والانحراف والخطأ، لاختلاف آراء المفكرين باختلاف أقدارهم و"كل ابن آدم خطّاء"، ولتغيّر نظر المفكّر نفسه بين أمسه ويومه وغده، ولكن الوحي الإلهي لا يتغيّر ولا يتبدّل ولا يتناقض ولا يخطئ لأن الخالق العليم الخبير الحكيم أنزله بعلمه، وهو أعلم بخلقه في الماضي والحاضر والمستقبل، وهو أعلم بما يُصلحهم وما يَصْلح لهم؛ وليس عليهم في الدين إلا الإتباع، أما الابتداع والاختراع في الدّين فهو استدراك على الله وعلى رسوله، ومعصية حَرِيَّة ألاّ تُغْفر بدون التوبة قبل الموت؛ فهي مثل الشّرك بالله ليس لها من دوافع الغرائز البشريّة ما تُعْذر به، وهي ـ مثله ـ من معاصي الشّبهات التي هي أكبر من معاصي الشّهوات قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48].
أ ـ ومن أحدث الأمثلة على التناقض بين الفكر (الإسلامي) وبين الوحي والفقه فيه بل وبين الفكر والفكر: إعلانٌ علّقته على مفرق الطّريق إحدى المجلات (الإسلامية) في بعض بلاد المسلمين وهو نسخة مكبّرة ـ على حساب الصَّدَقَة ـ لأحد أغلفتها يَأْمُر بمقاطعة بضائع الكفار، مع أن المجلّة بغلافها وإعلانها مرتبطة بهذه البضائع من كلّ وجه:
1ـ فكرة الإعلان وموادّه وأدوات تنفيذه ونقله ونشره، كلها من صنائع وبضائع من تأمر المجلّة بمقاطعتهم.
2 ـ المجلة (الإسلامية) نفسها نشأت وترعرعت في بلد ودولة تصفها المجلة بالكفر والعلمانية (إنكلترا) وفيها مقرّ المركز الذي يصدرها؛ فهي مَدِيْنة لها بوجودها وأمنها واستقرارها واستمرارها.
3 ـ وهذه المجلّة تقوم على فكر (مفكر إسلاميّ) من بلاد الشام (هاجر) من أرضٍ وصفها الله بالبركة والقداسة ومدحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، (ولجأ) إلى أوروبا (بديانتها النّصرانيّة وسياستها العلمانية) بحثًا عن الأمن والدّيمقراطية التي يأمل لفكره الانتشار في ظلّها ـ إضافة إلى رغد العيشة، مع أنّه ينكر على الحكّام السّفر إلى الغرب عند الحاجة لبيع منتجات بلادهم وشراء السّلاح وعقد الاتفاقات الدّنيويّة لمصلحة الجميع، وما كانت (هِجْرَتُه) من بلده الأصلي خلافًا على الدّين بل على السّلطة، وإن تذرّع أمثاله بالاحتجاج على إسقاط فقرة من الدّستور تدّعي أن (الإسلام دين الدولة) وهم يعلمون أن الإسلام لم يكن دين الدولة منذ حُكْم (الخرافة) العثمانية، فيما عدى تهيئة المساجد للصلاة وبعض أحكام الأحوال الشخصيّة وما زال الأمر في بلاد الشام على ما كان عليه.
ب ـ والمجلة ـ بهذا الإعلان ـ تخالف العقل والفكر ـ وإن وافقت الهوى والعاطفة ـ فهي تقوم ـ من الألف إلى الياء ـ على الصّنائع والبضائع والأفكار والمخترعات والمنتجات والثقافة الغربيّة: المراجع والمطابع والخدمات ووسائل الاتصالات والمواصلات، بل وثياب القائمين عليها وجميع وسائل حياتهم.
ج ـ والمجلّة ـ بهذا الإعلان ـ تخالف شرع الله تعالى في كتابه وفي سنّة رسوله ز؛ فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8-9] .
والفرق واضح لمن يَفْقَه بين التولي وبين التعامل بالمعروف. ولا يُقبل من المجلة ـ صاحبة الغلاف والإعلان ـ ولا من العاملين فيها ولا من موجّهيها أن يدّعوا أن أوروبا أو أمريكا قاتلتهم في الدّين ولا أنها أخرجتهم من ديارهم ولا أنها ظاهرت على إخراجهم، وهم يدّعون أنهم فرّوا إليها بدينهم ويُقِرّون ـ عمليًّا ـ أنها آوتهم ومنّت عليهم بالرّزق والأمن، ومنّت على أكثرهم ـ ومنهم موجهوا فكرهم ـ بصفة اللجوء السّياسي وجواز السّفر أو بالجنسية، وما أقرب ذلك من التولّي المنهيّ عنه في آخر الآية الكريمة وفي آيات كثيرة، فَهُمْ بين شِقَّي رحى المعصية.
وقال الله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} [المائدة: 2]. وقال تعالى:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8].
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه كان يتعامل مع المشركين واليهود والنَّصارى ويقرّ التعامل معهم عند الحاجة، وأنَّه دخل في جوار أحدهم، واتّخذ أحدهم دليلاً له في هجرته من مكة إلى المدينة، واتّخذ أحدهم عينًا (جاسوسًا) له، واستعار أدرع أحدهم عارية مضمونة، وزارع اليهود (بعد كلّ غدرهم) في خيبر، وقَبِلَ الهدية من بعض اليهود وزارهم وزاروه وأكل من طعامهم، ولبس الملابس من صناعة نصارى الرّوم ومشركي اليمن: "ومن رغب عن سنتي فليس مني"، وأحلّ الله في محكم كتابه الأكل من طعام أهل الكتاب والزواج من نسائهم.
وفّق الله الجميع لتدبّر وحيه، والفقه في دينه، واتباع سنّة نبيّه، وأعاذهم من الهوى والفكر والظنّ، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد وصحبه ومتّبعي سنته.

كتبه سعد الحصين


قال الشافعي رحمه الله

أعرض عن الجاهل السفيه** فكل مـا قـال فهـو فيـه

ما ضر بحر الفرات يومـا** إن خاض بعض الكلاب فيه

[email protected]
http://talb3lm.maktoobblog.com
اللهم من رفع راية الجهاد في سبيلك وكان على الحق فاللهم ايده بنصرك
التعديل الأخير تم بواسطة ابو محمد الاثري ; 29-11-2008 الساعة 03:05 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
ابو محمد الاثري
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 26-04-2008
  • المشاركات : 383
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • ابو محمد الاثري is on a distinguished road
ابو محمد الاثري
عضو فعال
رد: فكر إسلامي : بالفكر ننهض
29-11-2008, 03:04 PM
مِنْ ضَلال الفكر (1)

قرأت كتاب (رحلة إلى مكّة) لمؤلِّفه (مراد هُفْمَنْ) من منشورات (مكتبة العبيكان)، ورأيت ما يلي:
1ـ ذُكِر على الغلاف أن كتاب هُفْمَنْ: (يحمل إلى الناس حقيقة الإيمان ونور الإسلام)، وهذا افتراءٌ على الكتاب وعلى الإسلام والمسلمين، فكاتبه (زاده الله هدى) اغترَّ بفكر بعض المسلمين وعاداتهم وتقاليدهم المبتدعة فأعشت بصره عن هدي الكتاب والسنة، ولو (دَرَس الإسلام بِعُمق) كما ذُكِر لما خدعه السَّراب عن الماء الزُّلال.
2 ـ من الأمثلة على ذلك: أنّه ظنَّ الفلسفة والفنَّ طُرُقًا صالحة للوصول إلى الإسلام (ص39، 48، 49)، وظنَّ أنّ (التصوّف المبتدع له الفضل في حفظ الدّين وبخاصة الذكر والدعاء)، وكان مثله الأكمل: ابن عربي الذي تُنْسب إليه خرافة وحدة الوجود الوثنية، (ص: 66). وظنَّ أن استعمال المسبحة من الدِّين (ص65). وظنَّ (المسلم المتّبع للسّنّة يعيش في شبكة من الرّموز) مقتديًا بما قاله (شون)، ص(66)، ولم يَقُلْه الله ولا رسوله ولا الأئمة في القرون المفضلة، بل قاله غلاة الباطنيَّة.
وظن أن ترتيل الموشحات من الدّين، وأن زكاة الفطر (هديّة) تُـخْرَجُ في ليلة 27 من رمضان مماثلة لهدايا عيد الميلاد (ص 85). وظنَّ أن فرض الصوم ـ مميَّزًا عن غيره من الفرائض ـ لم يُفرض لله وإنما فُرِضَ للناس (ص85) ناقضًا ما صحَّ في الحديث القدسي عن الله تعالى: "أما الصوم فإنه لي وأنا أجزي به". وهو يظن أن اختلاف بداية الصوم ونهايته في بلاد المسلمين: (مُـخْزٍ ومشين)، وأنّه اتّباعٌ لتقاليد وأعراف قديمة (ص86، 87)، ويجهل أن السبب الحقيقي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أمته: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، ويغفل عن حقيقة اختلاف المطالع، ويُفهم منه أن الحجَّ وعيد الأضحى يحدّد بالحساب الفلكي (ص87)، ويغفل عن الفرق بين الصوم في أماكن مختلفة والحجّ في مكان واحد.
3 ـ كَتَبَ 9 صفحات (من 92 إلى 101) عن تنظيم الإسلام آداب الطعام وحشاها بكثير من العادات والتقاليد لا علاقة للإسلام بها، بل تخالفه.
4 ـ أفتى بأخذ الفوائد الرّبويّة على المال المدّخر، وإعطائها في حال عدم تعرّض المقترض للاستغلال (ص122)، وخالف ما سمَّاه: (المناقشة بالمفهوم الأصولي للربا) (ص123).
5 ـ ظن أن العادة المبتدعة: ذبح شاة عند الانتقال إلى مسكن جديد [أو بنائه] بما في ذلك من وضع نقطة من دمها على الجبين (ص126) ظنَّ ذلك أمرًا مشروعًا مثل الهدي أو الفدية أو الأضحية أو العقيقة (وهي وحدها المشروع تَعَبُّدًا في دين الإسلام)؛ فهو يخلط العادة بالعبادة كثيرًا كما يخلط الفكر بالوحي كثيرًا ويخلط البدعة بالسّنّة كثيرًا.
6 ـ أخطأ في فهم الآية (129) من سورة النساء فأوردها دليلاً على شرط العدل (ص134).
7 ـ فسَّر الآية (34) من سورة النساء خلافًا لتفسير الأئمة القدوة واتّباعًا لبعض المترجمين، وهم ـ مثله ـ غير مؤهلين للقول على الله ولا الفقه في شرعه.
8 ـ رأى أن وصول امرأة مسلمة إلى رئاسة الحكومة مفخرة للإسلام (ص141)، وعارض الفصل بين الجنسين (ص142).
9 ـ قدّم فِكْرَهُ على أحكام الشريعة في الحجاب بحجّة (أن الإسلام أغنى وأعمق من مجرد غطاء رأس المرأة) (ص145).
10 ـ تكلَّم عن حقوق (أو فقد حقوق) الولد (غير الشرعي) بما لا يتّفق مع شرع الله، بل مع فهمه القاصر لشرع الله (ص146).
11 ـ وهو يريد للمسلمين في ألمانيا أن يجتذبوا استحسان بقية الألمان للإسلام بالإجماع على موقف إيجابي جديد من حقوق المرأة، والتمسك بالدستور، والفوائد الرّبوية (ص198).
12 ـ ظن (ص204) أن (الفرق الوحيد بيننا وبين النَّصارى: ماهيّة المسيح عليه السلام؛ فإذا زال هذا الفارق زالت العوائق الفقهيَّة بيننا)، وهذا خطأ فاحش، فإن الإسلام نسخ كل دين في أكثر الأحكام الشرعية، ما عدى العقيدة فواحدة قبل أن يدخلها التّحريف والتبديل من قبل المنتسبين إلى الدين عامة، أما التعاون بالمعروف فجائز مع الجميع.
13 ـ هذه أمثلة قليلة تُبَـيِّن أنّ مَنْ كَتَبَ التقريض على الغلاف دفعه إليه الفرح بمسلم جديد (بمرتبة سفير ألمانيا) أو الرّغبة في اجتذاب القارئ المسلم لدفع الثمن أكثر من التّـثبّت والتّبيّن قبل الحكم ـ كما أمر الله ـ، هدى الله الجميع لأقرب من هذا رشدًا. 19/10/1421

للشيخ سعد الحصين


قال الشافعي رحمه الله

أعرض عن الجاهل السفيه** فكل مـا قـال فهـو فيـه

ما ضر بحر الفرات يومـا** إن خاض بعض الكلاب فيه

[email protected]
http://talb3lm.maktoobblog.com
اللهم من رفع راية الجهاد في سبيلك وكان على الحق فاللهم ايده بنصرك
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: فكر إسلامي : بالفكر ننهض
29-11-2008, 03:08 PM
الاخ الكريم ابا محمد ارجوا ان تعيد قراءة الموضوع قراءة دقيقة ومن ثم يمكنك الرد والتعقيب اما مجرد قراءة العنوان قد لا تفيدك في النقض ولا تساعدك على اثراء الموضوع ولا فتح نقاش جاد حول بعض النقاط التي قد تستدركها على الكاتب ..
وعند الله تجتمع الخصوم ... [ وداعا ]

أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا

وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا

أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا


موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج

الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة

الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة

التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 29-11-2008 الساعة 04:08 PM
 
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 04:23 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى