تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى الدراسات الإسلامية

> الْحَلْقَة السَّابِعَة صَوْنُ اللِّسَان عَنْ الصَّحَابَة عَلَيْهِمْ الرِّضْوَان

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
jaloux2002
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 28-03-2009
  • المشاركات : 76
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • jaloux2002 is on a distinguished road
jaloux2002
عضو نشيط
الْحَلْقَة السَّابِعَة صَوْنُ اللِّسَان عَنْ الصَّحَابَة عَلَيْهِمْ الرِّضْوَان
08-04-2009, 09:53 PM
صَوْنُ اللِّسَان عَنْ الصَّحَابَة عَلَيْهِمْ الرِّضْوَان
عَقِيدَةُ شُيُوخ السَّلَفِيَّةِ فِي كُلِّ الْأَزْمَان
في هذه الجزء :ربيع المدخلي، ومحمد بن الصالح العثيمين، و عبد الله السبت
بقَــلَم
مخْتَارالْأَخْضَرالطَّيْبَاوِي
بسم الله الرحمان الرحيم
الأجوبة العلمية على انتقادات الشيخ شمس الدين بروبي على السلفية
الحلقة السابعة ـ7ـ
صَوْنُ اللِّسَان عَنْ الصَّحَابَة عَلَيْهِمْ الرِّضْوَان
عَقِيدَةُ شُيُوخ السَّلَفِيَّةِ فِي كُلِّ الْأَزْمَان
في هذه الحلقة :ربيع المدخلي، ومحمد بن الصالح العثيمين، و عبد الله السبت
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد
جاء في جريدة الخبر الأسبوعي العدد527 من 1 إلى7 أبريل2009 بقلم الشيخ شمس الدين بروبي مقال بعنوان:"سوء أدب الحشوية مع الصحابة رضي الله عنهم"،وجه فيه الاتهام إلى الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، و محمد بن صالح العثيمين، و عبد الله السبت، و مقبل بن هادي المدخلي ،و الشيخ محمد بن عبد الوهاب بسب الصحابة، وعدم توقيرهم، و إساءة الأدب معهم،قال:"في حلقة ماضية تحدثنا عن سوء أدب "الحشوية" مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم..واليوم نريد أن نذكر نماذج من سوء أدبهم مع الصحابة الكرام رضي الله عنهم".
وقبل الخوض معه في تهمه لتبرئة ساحة الفضلاء منها، لأنها لا تتجاوز كونها تهما يوزعها مجانا لا علاقة لها بالعلم، ولا بمنهج الاستدلال، أذكر بعض القواعد السلفية المهمة يفهم من خلالها القارئ موقف السلفيين الشرعي من الصحابة، وبراءتهم مما يتهمون به من تهم عصرية جديدة! لأنه لم يسبق أن اتهم احدهم السلفيين بهذه التهمة .
كما يتبين للقارئ طريقة الشيخ شمس الدين في نقل كلام خصومه ،كيف يبتر النصوص ويجردها عن قرائنها اللفظية و الحالية ليوجهها إلى ما يوافق طويته.
القاعدة الأولى:
الضوابط في اتهام العلماء:
لاشك أن كثيرا من العلماء اتهموا بتهم مختلفة عند تفحصها وسبر أقوال المتهمين لهم وجدناها من قبيل الضغينة و الأحقاد و التحامل بإسراف،إذ لا تصمد أمام التحقيق العلمي،وفي هذه الرسالة لا يهمنا ما قاله فلان أو علان من المعادين للسلفيين ،لا لأننا نفتقد إلى الإنصاف و الموضوعية، أو نتعصب لهؤلاء الشيوخ الأفاضل ، ولكن لأنه إذا وصلتنا مؤلفات الذين اتهموا، وكانت بين أيدينا أغنانا ذلك عن الاكتفاء بالجرح المجمل مادام يمكننا من خلال دراسة مؤلفاتهم وعرضها على اكف النقد المتين أن نستخلص إن كانت التهم التي وجهها إليهم معاصروهم صحيحة أم من قبيل الدس بسبب الاختلاف في العقيدة.
وفيما يخص المشائخ الذين اتهمهم الشيخ شمس الدين بالنيل من الصحابة الكرام، فإن كتبهم متوفرة لدينا، فهل يوجد فيها ما يمكن أن نعتبر لأجله عباراتهم انتقاصا للصحابة الكرام، أم أنهم جزاهم الله خيرا كانوا موضوعيين في مقاربتهم بحيث ذكروا الصحابة بأحسن الأوصاف و الألقاب وقرروا عدالتهم، ولكن من غير أن يثبتوا لهم العصمة كما تفعل الرافضة مع آل البيت.
وبغض النظر عن التهم التي يوزعها المخالفون لهم مجانا هل يوجد في كلامهم ما يمكن اعتباره انتقاصا للصحابة الكرام، وهل العبارات التي نقلها الشيخ شمس الدين عنهم كان أمينا في نقله أم أنه حرف و تعمد التحريف بحيث ترك كل عبارة توضح مراميهم و مقاصدهم .
ومعلوم انه بدون حذف تلك العبارات لا يمكن أن نثبت هذه التهم الخطيرة التي وجهها الشيخ شمس الدين للشيوخ الأفاضل .
وحتى لا يكون هذا المقال مجرد رد يعتمد الحجج الجدلية بدل البراهين، لأن الجدل يهدم أدلة الخصم، ولكنه لا يقرر الحق ولا يبنيه،وحتى يكون غرضي تعليميا بحيث لا نقتصر في ذكر أجزاء المسائل التي أثارها الشيخ شمس الدين لأننا نعلم أن كل مسألة فرعية ترجع إلى أصل كلي،و بضبط الكليات يمكن أن نفهم الجزئيات،فمسألة تنقص الصحابة يمكن لأي شخص أن يتكلم فيها بهواه فيجعل مثلا رفع مكانتهم فوق مكانة الأنبياء من الموالاة لهم و الاعتدال في شأنهم من التنقص لهم ،فلابد حينئذ من ذكر الكليات و القواعد الجامعة لنستبين إن كانت القضايا التي أثارها الشيخ شمس الدين موافقة للكليات التي قررها أهل السنة و الجماعة .
وعليه،فإن البحث هنا سيتناول ثلاث مسائل جوهرية:
الأولى: نماذج من الأئمة الثقات الأثبات الذين اتهموا بالنصب، وهو معاداة أهل البيت و اخترت هذا الموضوع، لأنه لم يقع في التاريخ الإسلامي كله أن اتهمت فرقة بانتقاص الصحابة و النيل منهم إلا الرافضة،فجاء الشيخ شمس الدين واتهم السلفيين بداء الرفض.
القاعدة الثانية: دلالة السياق و ما يتبعها من أحكام.
الثالثة:قاعدة تصويب المجتهدين
المسألة الأولى:
لم يكن السلفيون المعاصرون أول من اتهم بسوء الأدب مع الصحابة الكرام،فكل إمام عرف بالدفاع عن السنة و الرد على المبتدعة فقد اتهم بالنصب أو غيره ،و أول من اتهم بالنصب من المسلمين الخليفة الراشد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقد اتهمه الشيعة ببغض آل البيت ،أحضر الشريف الرَّضي في مجلس أبي سعيد السِّيرافي، فسأله ما علامة النصب في عمر، فقال: بغض عليّ،""العبر في خبر من غبر"{181/1}.
وبمثل هذه الأقيسة الباطلة يتحامل الشيخ شمس الدين على المشائخ الفضلاء ليلحق بهم هذه التهمة الباطلة ليدفع الناس إلى بغضهم و النيل منهم.
فكيف يكون أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناصبيا مبغضا لآل البيت، وقد زوجه علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم؟ّ!
كذلك اتهم فحل من فحول العلماء فضح الرافضة و بين خبث مذهب الشيعة ورد عليهم بمطارق المنقول و المعقول فأسقط نظرية الإمامة و العصمة أساس الرفض وهو ابن حزم رحمه الله[1] لأنه كان يعتقد صحة إمامة الأمويين رغم بغضه لهم ورغم أنه صرح في " الفصل في الملل و النحل" أن عليا رضي الله عنه هو المصيب و المحق و ضعف موقف الصحابة الذين اعتزلوا في الفتنة، رغم كل ذلك لم يسلم من تهمة النصب جاء في " لسان الميزان" "190/2":" مما يزيد في بغض الناس له بغضه لبني أمية ماضيهم وباقيهم واعتقاده بصحة إمامتهم حتى نسب إلى النصب."
و الاتهام بالنصب "التعرض للصحابة بالتجريح" لإزاحة المخالف عن مكان ما أو لنفث الحقد الدفين في الصدور و الذي يكاد يفجرها حنقا أمر معروف من قديم الزمان فقد كان الخوارزمي ينسب البديع الهمذاني إلى مذهب الخوارج والنواصب، يريد بذلك الوضع من قدره عند السيد أبي جعفر المذكور"سمط النجوم العوالي"{350/2}.
ومن الطرائف التي ذكرها الإمام العجلى في هذا الصدد في كتابه"معرفة الثقات"{1/109} قوله:كان عبد الله بن عكيم الجهنى..وعبد الرحمن بن أبى ليلى الأنصاري متؤاخيين، وكان عبد الله بن عكيم عثمانيا وكان عبد الرحمن بن أبى ليلى علويا،وما سمع يتذاكران شيئا من ذلك،إلا أن ابن عكيم قال لعبد الرحمن بن أبى ليلى يوما: أما إن صاحبك (يعنى عليا) لو صبر لأتاه الناس".
فهل اعتبر احد أئمة الجرح و التعديل و الفقهاء و أولهم عبد الرحمان بن أبي ليلى ذلك من قبيل سوء الأدب مع الصحابة و الخلفاء الراشدين؟
هذه كانت لمحة عن اتهام الأئمة بما هم منه بريئون لتصفية الأحقاد ونفثها فقد تقتل صاحبها غما.
قاعدة في ضوابط نقل كلام الأئمة:
من المعلوم أن نقل الكلام عن العلماء سواء من أفواههم أو من كتبهم يجب أن يراعى فيه السياق فلا يختزل بطريقة تغير معناه ،فلا يمكن أن ننسب كل كلمة خطها كاتب في كتبه إلا أنها مذهبه و عقيدته ور أيه، ذلك أن العالم ينقل في كتبه كلامه وكلام غيره و يرد بطرق متنوعة فأحيانا يسرد أدلته و أحيانا يفترض أدلة خصومه و يقلب الأمر على وجهه حتى يستبين الحق،و الله عز وجل قد نقل في كتابه العزيز قول الكفار و المشركين و اليهود و النصارى حكاية عنهم فلو أن احدهم ادعى أن الله ثالث ثلاثة لأنه قراها في القرآن لكان هذا الرجل مغفلا في أقل أحواله .
فلا يوجد في كلام البشر كلام مطلق مجرد من كل قيد أو شرط فهذا ممتنع عقلا فمن من المعلوم عند العقلاء أن التكلم باللفظ المطلق من كل قيد لا وجود له أبدا ، فلا يتكلم العاقل إلا بكلام مؤلف مقيد مرتبط بعضه ببعض، وإلا صار كلامه لغوا لا قصد من ورائه ، فالألفاظ عند بني البشر لا تستعمل إلا مقيدة بقيود لفظية وحالية تتعلق بالمتكلم ، يدل عليها السياق، و المسار العام للمقال أو عادته في الكلام.
دلالة السياق:
و إن كانت طعون الشيخ شمس الدين ومعه الرافضة لا تعلق لها بمسألة دلالة السياق لأنه و ببساطة مارس التحريف فحذف جملا مهمة للغاية عندما نقل كلام الأفاضل الذين نسبهم إلى سوء الأدب مع الصحابة الكرام.
و مع ذلك نشرح بإيجاز أهمية دلالة السياق.
لقد عرف عن العرب أنهم أحيانا يحذفون الفعل تعويلا على دلالة السياق عليه كما يحذفون الخبر لمساواته المبتدأ وعدم زيادته عليه لفظاً فيحذفونه للتخلص من تكرار اللفظ بعينه مع دلالة السياق على المحذوف،ذلك أن دلالة السياق كافية في صحة الإضمار.
وقد اختلف علماء الأصول في اعتبار عود الضمير إلى بعض أفراد العام مخصصاً للعموم. ومنه قوله تعالى { وبُعُولَتُهنّ أحقّ بردهن } [ البقرة : 228 ] فإن ضمير { بعولتهن } عائد إلى المطلقات الرجعيات من قوله تعالى { والمطلقات يتربصن بأنفسهن } [ البقرة : 228 ] الذي هو عام للرجعيات وغيرهن .
ومن ذلك نفي الاستواء بين شيئين يراد به غالباً تفضيل أحدهما على مُقابله بحسب دلالة السياق كقوله تعالى : { أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون } [ السجدة : 18 ]
قال الزركشي في " البرهان"{200/2}:"دلالة السياق فإنها ترشد إلى تبيين المجمل والقطع بعدم احتمال غير المراد وتخصيص العام وتقييد المطلق وتنوع الدلالة وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم فمن أهمله غلط في نظره وغالط في مناظراته وانظر إلى قوله تعالى {ذق إنك أنت العزيز الكريم} كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل[2]".
وقرينة السياق هي ما يؤخذ من لاحق الكلام الدال على خصوص المقصود أو سابقه .
وأما قرينة السباق فهي دلالة التركيب على معنى يسبق إلى الفهم منه مع احتمال إرادة غيره وتسمى دلالة السياق كما أن قرينة السياق تسمى كذلك.
فأهمية دلالة السياق هي أنها تقوم مقام القرائن القوية المقتضية لتعيين المراد،وقد اخل بها الشيخ شمس الدين فيما نقله من كلام ابن تيمية من كتابه" منهاج السنة" زاعما انه يطعن في علي رضي الله عنه فقد نسي جملة تبطل كل اتهاماته وهي قول شيخ الإسلام رحمه الله :"فإن قال لكم الناصبي" ينشر قريبا إن شاء الله ؟
موقف السلفيين من الصحابة هو موقف أهل السنة و الجماعة بالمطابقة:
اختلف العلماء في مسألة تصويب المجتهدين بدءا من الصحابة رضوان الله عليهم، قال شيخ الإسلام في " منهاج السنة النبوية"{538/7}:" وقالت طائفة ثالثة بل علي هو الإمام وهو مصيب في قتاله لمن قاتله وكذلك من قاتله من الصحابة كطلحة والزبير كلهم مجتهدون مصيبون وهذا قول من يقول كل مجتهد مصيب كقول البصريين من المعتزلة أبي الهذيل وأبي علي وأبي هاشم ومن وافقهم من الأشعرية كالقاضي أبي بكر وأبي حامد وهو المشهور عن أبي الحسن الأشعري وهؤلاء أيضا يجعلون معاوية مجتهدا مصيبا في قتاله كما أن عليا مصيب [3]وهذا قول طائفة من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم ذكره أبو عبد الله ابن حامد ذكر لأصحاب أحمد في المقتتلين يوم الجمل وصفين ثلاثة أوجه أحدها كلاهما مصيب والثاني المصيب واحد لا بعينه والثالث أن عليا هو المصيب ومن خالفه مخطىء والمنصوص عن أحمد وأئمة السلف أنه لا يذم أحد منهم وأن عليا أولى بالحق من غيره أما تصويب القتال فليس هو قول أئمة السنة بل هم يقولون إن تركه كان أولى وطائفة رابعة تجعل عليا هو الإمام وكان مجتهدا مصيبا في القتال ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين وهذا قول كثير من أهل الرأي والكلام من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم وطائفة خامسة تقول إن عليا مع كونه كان خليفة وهو أقرب إلى الحق من معاوية فكان ترك القتال أولى وينبغي الإمساك عن القتال لهؤلاء وهؤلاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الساعي" وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الحسن: "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" فأثنى على الحسن بالإصلاح ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لما مدح تاركه قالوا وقتال البغاة لم يأمر الله به ابتداء ولم يأمر بقتال كل باغ بل قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه} سورة الحجرات فأمر إذا اقتتل المؤمنون بالإصلاح بينهم فإن بغت إحداهما على الأخرى قوتلت قالوا ولهذا لم يحصل بالقتال مصلحة والأمر الذي يأمر الله به لا بد أن تكون مصلحته راجحة على مفسدته وفي سنن أبي داود حدثنا الحسن بن علي حدثنا يزيد أنبأنا هشام عن محمد يعني ابن سيرين قال قال حذيفة ما أحد من الناس تدركه الفتنة إلا أنا أخافها عليه إلا محمد بن مسلمة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تضرك الفتنة".
قال أبو داود حدثنا عمرو بن مرزوق حدثنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن أبي بردة عن ثعلبة بن ضبيعة قال دخلنا على حذيفة فقال إني لأعرف رجلا لا تضره الفتن شيئا قال فخرجنا فإذا فسطاط مضروب فدخلنا فإذا فيه محمد بن مسلمة فسألناه عن ذلك فقال ما أريد أن يشتمل علي شيء من أمصاركم حتى تجلى عما انجلت فهذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن محمد بن مسلمة لا تضره الفتنة وهو ممن اعتزل في القتال فلم يقاتل لا مع علي ولا مع معاوية كما اعتزل سعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وعبد الله ابن عمر وأبو بكرة وعمران بن حصين وأكثر السابقين الأولين وهذا يدل على أنه ليس هناك قتال واجب ولا مستحب إذ لو كان كذلك لم يكن ترك ذلك مما يمدح به الرجل بل كان من فعل الواجب أو المستحب أفضل ممن تركه ودل ذلك على أن القتال قتال فتنة".
قلت: بدون الدخول في ترجيح مذاهب العلماء فقد تبين أن منهم من خطأ الصحابة مع تسميتهم مجتهدين، فهل اعتبر أهل العلم تخطئتهم في مسألة القتال انتقاصا لهم و طعنا و تجريحا فيهم؟ أم هذا مفهوم الشيخ شمس الدين وحده؟!
وسنضرب أمثلة من تخطئتهم في مسائل فقهية مشهورة عند العلماء في موضعها من هذا الرد.
و لا يحتاج العالم إلى التصريح بتخطئتهم فمجرد كونه يترك قول بعضهم إلى قول البعض الآخر يستلزم أنه يخطئ الذين تركوا قولهم،فتصويب قول أحد المختلفين يستلزم تخطئة الآخر،مثل تصديق الكذاب نوع من الكذب كما أن تكذيب الصادق نوع من الكذب، وعليه فمخالفة الصحابي في فقهه يعني تخطئته بالضرورة إذ لو لم يكن مخطئا لما خالفناه،فهل اخذ الشيخ شمس الدين بجميع فتاوى الصحابة التي صحت عنهم أم إنه على مذهب مالك مثلا ، مما يستلزم أنه رجح قول بعض الصحابة على بعض، و هذا تخطئة لمن ترك قولهم من الصحابة، فهل نعد هذا من قبيل سوء الأدب مع الصحابة؟ لأن كل الأمثلة التي ساقها يستشهد بها على زعمه سوء أدب السلفيين مع الصحابة هي من هذا القبيل.

و السلفيون لا يقصدون تصويب قول كل من انتسب إلى السنة ، ولا كل الصحابة،بل يبينون الحق، والحق أن الصحابة كما أهل السنة لم يتفقوا قط على خطأ.
القول الفيصل في مسألة تصويب المجتهدين:
لقد تكلم أهل العلم في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم في مسائل الفروع والأصول بكلام واضح تجده في كتب العقائد و أصول الفقه كما في "فتح الباري" وغيرها.
وقد خالف أهل السنة المعتزلة ومن تبعهم الذين جعلوا الخطأ و الإثم متلازمين ،وهذا قول بشر المريسي وكثير من المعتزلة البغداديين،وصرحوا أن المجتهد المصيب له أجران اجر الاجتهاد و أجر الإصابة، و المجتهد المخطئ له أجر اجتهاده وخطؤه مغفور،ولذلك إذا خطا عالم منهم صحابيا بحكم الأدلة من الكتاب و السنة و أقوال غيره من الصحابة فإنه لا يؤثمه كما أراد أن يوهم الشيخ شمس الدين.
وقد ذكر ابن حزم وغيره أن السلف وأئمة الفتوى كأبي حنيفة والشافعي والثوري وداود بن علي وغيرهم لا يؤثمون مجتهدا مخطئا لا في المسائل الأصولية ولا في الفروعية ،ولهذا كان أبو حنيفة والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية ويصححون الصلاة خلفهم ،والكافر لا تقبل شهادته على المسلمين ولا يصلى خلفه.
وقالوا: هذا هو القول المعروف عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة الدين إنهم لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحدا من المجتهدين المخطئين لا في مسألة عملية ولا علمية.
قالوا: والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع
أمثلة على خطأ الصحابة :
لقد استحل بعض الصحابة منهم قدامة شرب الخمر على عهد عمر، ورأوا أنها حلال لهم ولم يكفرهم الصحابة حتى بينوا لهم خطأهم فتابوا ورجعوا ،وقد كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم طائفة أكلوا بعد طلوع الفجر حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولم يؤثمهم النبي صلى الله عليه وسلم، فضلا عن تكفيرهم وخطؤهم قطعي، وكذلك أسامة بن زيد وقد قتل الرجل المسلم وكان خطؤه قطعيا، وكذلك الذي وجدوا رجلا في غنم له فقال إني مسلم فقتلوه وأخذوا ماله كان خطؤهم قطعيا، وكذلك خالد بن الوليد لما قتل بني جذيمة وأخذ أموالهم كان مخطئا قطعا، وكذلك الذين تيمموا إلى الأباط، وعمار الذي تمعك في التراب للجنابة كما تمعك الدابة، بل والذين أصابتهم جنابة فلم يتيمموا ولم يصلوا كانوا مخطئين قطعا.
وقد زنت على عهد عمر امرأة فلما أقرت به قال عثمان: إنها لتستهل به استهلال من لم يعلم أنه حرام فلما تبين للصحابة أنها لا تعرف التحريم لم يحدوها، واستحلال الزنا خطأ قطعا والرجل إذا حلف على شيء يعتقده كما حلف عليه فتبين بخلافه فهو مخطئ قطعا حقا ولا إثم عليه بالاتفاق، وكذلك لا كفارة عليه عند الأكثرين، ومن اعتقد بقاء الفجر فأكل فهو مخطئ قطعا إذا تبين له الأكل بعد الفجر ولا إثم عليه وفي القضاء نزاع.
فهذه كلها مسائل خطأ فيها النبي صلى الله عليه و سلم من ارتكبها من الصحابة وليس في هذا أدنى انتقاص لهم وقد ثبت في القرآن الكريم أن الصحابي يخطئ قال الله تعالى في القرآن : {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} سورة البقرة قال الله تعالى قد فعلت كما جاء في صحيح مسلم، ولم يفرق الله تعالى بين الخطأ القطعي والظني ولا الخطأ الصغير و الكبير.
فلعل الشيخ شمس الدين يعمل بأصول بعض العلماء الذين يجعلون كل مجتهد مصيبا وكل مخطئ آثما، وهو مذهب فاسد مخالف للكتاب و السنة و إجماع السلف قال عنه بعض الأشعرية كأبي إسحاق الإسفراييني: أوله سفسطة و آخره زندقة يعني : أن السفسطة جعل الحقائق تتبع العقائد.انظر"البحر المحيط"للزركشي، و"المستصفى"للغزالي، وفي "سير أعلام النبلاء"{17/355}:"ومن لطيف قول أبي إسحاق الإسفراييني : "القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة، وآخره زندقة".
مذهب السلفيين أن الصحابة كلهم عدول:
اتفاق السلف أن الصحابة كلهم عدول ،كما اتفقوا على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل وصفين والإمساك عما شجر بينهم،"الفتاوى الكبرى"{337/5}فهذا هو مذهب السلفيين برمتهم لا اعلم أحدا منهم يقول خلاف هذا،فكلهم يرون عدالة الصحابة ومحبتهم و الاستغفار لهم و الترضي عنهم بخلاف حال من يزدريهم في العلم و أنهم كانوا مشغولين بالجهاد لا يعرفون حقائق الأمور أو أن بعضهم هرم ولم يضبط روايته، و لعل الشيخ شمس الدين يعرف من اقصد.
موقف الشيخ ربيع المدخلي من الصحابة:
قال الشيخ شمس الدين:" المدخلي يخطئ عائشة رضي الله عنها:يقول في كتابه "كشف موقف الغزالي من السنة و أهلها"{ص:87}:" و عائشة لم تضع منهجا لرد الأحاديث الصحيحة،بل هو تصرف فردي اتضح خطؤه"
قال :هكذا يكتشف المدخلي التصرفات الفردية لعائشة رضي الله عنها و يحكم عليها بالخطأ".
قلت:أي سوء أدب يوجد في كلام الشيخ ربيع الذي نقله الشيخ شمس الدين،وبدون نقل نص كلام الشيخ ربيع بتمامه أين سوء الأدب،؟
يعلم المسلمون أن رد الأحاديث الصحيحة خطا جسيم ينسب إلى الجهمية و من سلك سبيلهم من الرافضة و غيرهم، نعم هناك فرق بين الاختلاف حول دلالة الحديث الصحيح وبين رده،فإذا كان رد الحديث الصحيح صنيع المبتدعة أعداء السنة و قام الشيخ ربيع بتبرئة عائشة رضي الله عنها من هذا المنهج الباطل فهل يعد عاقل هذا من قبيل سوء الأدب معها؟!
و حينما ينفي الشيخ ربيع هذا المنهج الباطل عن عائشة رضي الله عنها فإنما يرد به على الغزالي رحمه الله الذي أخذ مثالا واحدا وهو من قبيل وقائع الأعيان أي مسألة فردية وأراد أن يجعل منها منهجا في التعامل مع الأحاديث الصحيحة .
كلمة منهج كما ورد في "مختار الصحاح"{284/1}:" النّهْجﹸ، و المنهج، و المنهاج: الطريق الواضح، ونهج الطريق:أبانه و أوضحه، ونهجه أيضا: سلكه."
فصفة المنهج الأولى الوضوح كسائر الطرق، والطريق له بنيات توضح رسمه و تميز حدوده، فالمنهج العلمي يجب أن يكون واضحا لا يعتريه لبس أو غموض، أو نسبية تمنع طرد القواعد، ومعيار الوضوح أن يقوم على أصول لا تعارض كليات الشريعة و مقاصدها، و إلا كان منهجا ضالا منحرفا.
فالمنهج هو الخطة المتبعة للوصول إلى نتيجة معينة، و النتيجة هي بطبيعة الحال الحقيقة، فإذا أردنا أن نعرف حقيقة شيء ما سواء كان في العقائد أو الأحكام أو سائر العلوم فلابد لنا من مسلك منظم أي محاط بقواعد علمية صحيحة و مسلمة تم برهنتها من قبل و إثبات صحتها، تنظم الفكر و البحث و الاستنباط ـ للبحث عن المطلوب.
فالباحث في العلوم الإسلامية و غيرها عليه أن يسير في بحثه بترتيب من أجل الوصول إلى النتيجة التي يبحث عنها.
وعليه لا يمكن تسمية رد عائشة رضي الله عنها لحديث واحد بحسب ما بلغها من العلم منهجا إذ خاصية المنهج وضوح قواعده و تكرارها، و التكرار هنا منتف.
و إذا صح عند العلماء أن الحديث الذي ردته عائشة رضي الله عنها صحيح عند أهل العلم و اخذ به العلماء لم يبق في كلام الشيخ شمس الدين حجة، و عادت التهمة عليه إذ تبين بالدليل الساطع انه متحامل على السلفيين ليس إلا.
جاء في"شرح سنن النسائي" {157/3}:" عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم عليه السلام فقلت يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم عليه السلام قال لولا حدثان قومك بالكفر"
قال في حاشية السندي :قول ابن عمر:" لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام"
فقول ابن عمر :لئن كانت عائشة إلخ ) قيل ليس هذا شكا في سماع عائشة فإنها الحافظة المتقنة لكنه جرى على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد للتقرير والتعيين . قلت: هو ما سمع من عائشة بلا واسطة فيمكن أنه جواز الخطأ على الواسطة فشك لذلك على أن خطأ عائشة ممكن وبالجملة فسماع عائشة عند ابن عمر ليس قطعيا فالتعليق لإفادة ذلك والله تعالى أعلم".
قال الغزالي في" المستصفى"{211/1}في مسألة عدة المتوفى عنها زوجها وهي حامل:" فإن قيل : روي عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت على أبي سلمة بن عبد الرحمن مجاراة الصحابة ، وقالت : فروج يصقع مع الديكة .
قلنا : ما ذكرناه مقطوع به ولم يثبت عن عائشة ما ذكرتم إلا بقول الآحاد ، وإن ثبت فهو مذهبها ولا حجة فيه ."
فإن كان هذا مذهبها ولا حجة فيه بالنسبة للغزالي لزم انه خطاها فيه إذ لو كان مذهبها صحيحا لوجب عليه الأخذ به،وعليه وجب على الشيخ شمس الدين ذم الغزالي؟!
قال العراقي في" طرح التثريب"في مسألة السترة وما يقطع الصلاة:" قول عائشة: بئس ما عدلتمونا أرادت بخطابها ذلك ابن أختها عروة وأبا هريرة فروى مسلم من رواية عروة بن الزبير قال قالت عائشة ما يقطع الصلاة قال: قلت :المرأة والحمار فقالت: إن المرأة لدابة سوء فذكرت الحديث .
وروى ابن عبد البر من رواية القاسم قال بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول إن المرأة تقطع الصلاة فذكرت الحديث .
{ الثانية عشرة } فإن قيل كيف أنكرت عائشة على من ذكر المرأة مع الحمار والكلب فيما يقطع الصلاة وهي قد روت الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه أحمد في المسند بلفظ { لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر والكلب والمرأة فقالت عائشة يا رسول الله قد قرنا بدواب سوء } .
والجواب إن عائشة لم تنكر ورود الحديث ولم تكن لتكذب أبا هريرة وأبا ذر وإنما أنكرت كون الحكم باقيا هكذا فلعلها كانت ترى نسخه بحديثها الذي ذكرته أو كانت تحمل قطع الصلاة على محمل غير البطلان والظاهر أنها رأت تغيير الحكم بالنسبة إلى المرأة وإلى الحمار أيضا فقد حكى ابن عبد البر أنها كانت تقول يقطع الصلاة الكلب الأسود وهذا كقول أحمد وإسحاق والله أعلم ."
قلت: فهل رد العراقي على قول عائشة و توجيهه نستلزم منه أنه انتقص عائشة أو نستلزم أن لعائشة منهجا في رد الأحاديث الصحيحة أخطا الشيخ ربيع في نفي ذلك عنها؟!
وفي مسألة عذاب الميت ببكاء أهله أنكرت عائشة رضي الله عنها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال هذه الأحاديث ، لظنها أنها تتعارض مع قوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وقد صحت أحاديث كثيرة مخالفة لما ذهبت إليه عائشة رضي الله عنها،وأجاب كثير من العلماء على اعتراض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
روى البخاري (1291) ومسلم (933) عن المغيرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من نيح عليه يعذب بما نيح عليه ) زاد مسلم : ( يوم القيامة ) ،وروى البخاري (1292) ومسلم (927) عن ابن عمر عن أبيه رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الميت يعذب في قبره بما نيح عليه ) ،قال النووي : وفي رواية بإثبات ( في قبره ) وفي رواية بحذفه اهـ .
وروى البخاري (1288) ومسلم (929) عن ابن أبي مليكة قال : توفيت ابنة لعثمان رضي الله عنه بمكة ، وجئنا لنشهدها ، وحضرها ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ، وإني لجالس بينهما ، فإذا صوت من الدار ، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لعمرو بن عثمان : ألا تنهى عن البكاء ؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ) فقال ابن عباس رضي الله عنهما : قد كان عمر رضي الله عنه يقول بعض ذلك ، ثم حدث قال : ....لما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول : وا أخاه ! وا صاحباه ! فقال عمر رضي الله عنه : يا صهيب ، أتبكي علي ! وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه ) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما مات عمر رضي الله عنه ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها ، فقالت : رحم الله عمر ، والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ) ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه ) وقالت : حسبكم القرآن ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )
قال ابن أبي مليكة : حدثني القاسم بن محمد قال : لما بلغ عائشة قول عمر وابن عمر رضي الله عنهما قالت : إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين ، ولكن السمع يخطئ
قال الحافظ :
وروى مسلم (927) عن عبد الله بن عمر أن حفصة بكت على عمر رضي الله عنهم ، فقال : مهلا يا بنية ! ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه ؟) .
فهذه الأحاديث رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة وهم عمر وابن عمر والمغيرة رضي الله عنهم ، وفيها تعذيب الميت ببكاء أهله عليه .
والمراد بالبكاء في هذه الأحاديث ما اتفق العلماء عليه من أنه ليس مطلق البكاء ، بل المراد بالبكاء هنا النياحة ورفع الصوت ،قال النووي :
" وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم على أن المراد بالبكاء هنا البكاء بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين " .
أما رد عائشة رضي الله عنها هذه الأحاديث ، فهو اجتهاد منها رضي الله عنها ، حيث ظنت أن عمر وابنه رضي الله عنهما قد وهما وأخطآ ، وأن هذه الأحاديث معارضة لقول الله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) الأنعام/164 .
قال القرطبي : " إنكار عائشة رضي الله عنها ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان أو على أنه سمع بعضا ولم يسمع بعضا بعيد , لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل صحيح " انتهى .
فإن قيل : كيف حلفت عائشة رضي الله عنها على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا مع ثبوته عنه ؟
فالجواب : أنها حلفت بناء على غلبة ظنها أن عمر وابنه عبد الله وهما رضي الله عنهما ، والحلف على غلبة الظن جائز . قال النووي ما معناه .
والجمع بين هذه الأحاديث وبين ما استدلت به عائشة رضي الله عنها من قول الله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ممكن وسهل قام به البخاري و النووي و ابن حجر و ابن حزم وغيرهم كثير ولكن أظهره حجة تفسير ابن تيمية رحمه الله قال في "مجموع الفتاوى" (34/364) وقد سئل: هل يتأذى الميت ببكاء أهله عليه ؟
فأجاب :
هذه مسألة فيها نزاع بين السلف والخلف والعلماء .
والصواب : أنه يتأذى بالبكاء عليه كما نطقت به الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم . . . وقد أنكر ذلك طوائف من السلف والخلف ، واعتقدوا أن ذلك من باب تعذيب الإنسان بذنب غيره فهو مخالف لقوله تعالى : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ثم تنوعت طرقهم في تلك الأحاديث الصحيحة . فمنهم من غلط الرواة لها كعمر بن الخطاب وغيره , وهذه طريقة عائشة والشافعي وغيرهما .
ومنهم من حمل ذلك على ما إذا أوصى به فيعذب على إيصائه وهو قول طائفة , كالمزني وغيره .
ومنهم من حمل ذلك على ما إذا كانت عادتهم ، فيعذب على ترك النهي عن المنكر , وهو اختيار طائفة , منهم جدي أبو البركات .
وكل هذه الأقوال ضعيفة جدا , والأحاديث الصحيحة الصريحة التي يرويها مثل عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبي موسى الأشعري وغيرهم لا ترد بمثل هذا .
والذين أقروا هذا الحديث على مقتضاه ظن بعضهم أن هذا من باب عقوبة الإنسان بذنب غيره وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد , واعتقد هؤلاء أن الله يعاقب الإنسان بذنب غيره . . . .والله تعالى لا يعذب أحدا في الآخرة إلا بذنبه ، ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وأما تعذيب الميت ببكاء أهله عليه ، فهو لم يقل : إن الميت يعاقب ببكاء أهله عليه , بل قال : ( يعذب ) والعذاب أعم من العقاب ، فإن العذاب هو الألم ، وليس كل من تألم بسبب كان ذلك عقابا له على ذلك السبب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( السفر قطعة من العذاب , يمنع أحدكم طعامه وشرابه ) فسمى السفر عذابا ، وليس هو عقابا على ذنب , والإنسان يعذب بالأمور المكروهة التي يشعر بها مثل الأصوات الهائلة والأرواح الخبيثة والصور القبيحة فهو يتعذب بسماع هذا وشم هذا ورؤية هذا ولم يكن ذلك عملا له عوقب عليه , فكيف ينكر أن يعذب الميت بالنياحة وإن لم تكن النياحة عملا له يعاقب عليه ؟ولا نحكم على كل من ناح عليه أهله أنه يعذب بذلك ....ثم النياحة سبب العذاب , وقد يندفع حكم السبب بما يعارضه فقد يكون في الميت من قوة الكرامة ما يدفع عنه من العذاب،وهذا العذاب الذي يحصل للمؤمن ببكاء أهله عليه ، من جملة الشدائد والأذى التي يكفر الله بها عن المؤمن من ذنوبه .
وأما الكافر فإنه يزداد بذلك عذابه ، فيجمع له بين ألم العقاب ، والتألم الحاصل له ببكاء أهله عليه ...وما يحصل للمؤمن في الدنيا والبرزخ والقيامة من الألم التي هي عذاب فإن ذلك يكفر الله به خطاياه كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ).
وبعد هذا هل يصح أن نقول :عن الشيخ ربيع انتقص عائشة رضي الله عنها أم أن الشيخ شمس الدين....
موقف الشيخ العثيمين رحمه الله من الصحابة:
قال الشيخ شمس الدين:" العثيمين يصرح:السيدة عائشة بدعة، سئل العثيمين نسمع كثيرا ونقرأ هذه البعارة ـ السيدة عائشة ـ فهل هذه العبارة سليمة؟
الجواب: لاشك أن عائشة رضي الله عنها من سيدات الأمة، ولكن إطلاق ـ السيدة ـ على المرأة و السيدات ـ على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب ـ حيث يسمون كل امرأة سيدة و إن كانت من أوضع النساء لأنهم يسودون النساء:أي يجعلوهن سيدات مطلقا،و الحقيقة أن المرأة امرأة و الرجل رجل، و تسمية المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح ـ ثم قال ـ كما أن التعبير بالسيدة عائشة و السيدة خديجة و السيدة فاطمة و ما أشبه ذلك لم يكن معروفا عند السلف"
ثم استطرد الشيخ شمس الدين قائلا:لم يوضح العثيمين هل يجوز للمسلم أن يقول السيدة عائشة أم لا؟
فراح يجول حول تسمية الغرب لكل امرأة سيدة حتى ولو كانت من أوضع النساء و لكنه أشار إلى أن السلف لم يطلقوا هذه العبارة مما يدل على أنها عنده من البدع المنكرة لمخالفتها للسلف".
قلت:لم يقل الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ فيما نقله عنه الشيخ شمس الدين :" السيدة عائشة بدعة"،فهذا قوله هو لا قول العثيمين، وهذا و إن يحمله محبو الشيخ شمس الدين على انه من قبيل الاستلزام، فإنه افتراء، لأن لازم القول ليس بقول،فقد يقول الإنسان كلاما يغفل عن لوازمه، والاعتراض عليه بلازم قوله غير تقويله بهذا اللازم،فإن المعترض يقول: قولك يستلزم كذا، لا يقول له :أنت تقول كذا ، وبهذا يتبين أن الشيخ شمس الدين قد افترى على العلامة العثيمين .
قول الشيخ العلامة العثيمين:" لاشك أن عائشة رضي الله عنها من سيدات الأمة"،يبطل تهمة الشيخ شمس الدين له بأنه يعتبر تسييد عائشة من البدع،فالشيخ العثيمين لم يناقض نفسه و إنما فرق بين تحقق المعنى وجواز استخدامه للضابط الشرعي،فإنه عندما اخبر وقد كان رحمه الله دقيقا في اختيار عباراته ـ أن هذا من صنيع الغرب انتقل إلى مسألة ثانية، وهي هل يجوز تسييد المرأة بإطلاق، بغض النظر عن كونها تستحق السيادة أو لا كما يفعل الغرب فقال:" متلقاة فيما أظن من الغرب"، بين انه لا يقطع بكون المسلمين يقلدون الغرب في هذه المسألة فاستعمل لفظ" أظن".
فإن قال في أول كلامه أن عائشة من سيدات الأمة بلا شك، وان هذا لا يستلزم منه تسييد أية امرأة فقد بين الحكم الشرعي المنصوص عليه في قول النبي صلى الله عليه و سلم:" لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل"صحيح رواه أبو داود[4].
وهذا واضح ظاهر إذ المنافق و الفاجر ليسوا بسادة، و لفظ "السيد" مأخوذ من السؤدد ولا يطلق إلا على من ساد قومه بشيء محمود، و المنافق و الفاجر وصفان مذمومان فوجب الامتناع عن إطلاقه على المرأة و الرجل بإطلاق[5].
و أما قوله بأن هذا لم يجر عليه السلف فقد صدق رحمه الله إذ لم نسمع أن أحدا من السلف كان يقول: السيدة عائشة ،وهديهم أحق بالاتباع، فإن أطلقه احد على عائشة أو فاطمة أو خديجة فلا إشكال فيه فهو من العرف المقيد أي المقيد بضوابط شرعية، مثله مثل تسمية الرجل شافعي و مالكي وحنفي لم يكن معروفا في زمن السلف الصالح، و لكنه إخبار عن واقع، و إذا لم يطلق السلف هذا الاسم على عائشة، وكان معروفا في زمنهم تستعمله العرب من قبل الإسلام، فهل يلزم أنهم أساءوا الأدب معها،مع العلم أن هذا الاسم كان يطلق في عصرهم على من لها عبيد و إماء وهنا قد تكون السيدة طفلة أو مجنونة أو غير ذلك يقصد من السيادة هنا الملكية، كما تجده في كتب الفقه والحديث.
وبهذا يتبين أن الترضي عن عائشة كما كان يفعل السلف الصالح خير من قولنا: السيدة عائشة.
قال ابن حجر في "فتح الباري":"وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا ويكره أن يخاطب أحدا بلفظه أو كتابته بالسيد ، ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي ، فعند أبي داود والمصنف في الأدب من حديث بريدة مرفوعا " لا تقولوا للمنافق سيدا " الحديث ونحوه عند الحاكم .
موقف الشيخ عبد الله السبت من الصحابة:
قال الشيخ شمس الدين:"عبد الله السبت بعض الصحابة لهم سقطات،قال الشيخ عبد الله السبت:"نحن الآن في مجتمعات طغى فيها الشرك وخاصة في بلاد الشام و مصر و الهند و فلسطين و غيرها" وبعد أن حكم بشرك بلاد الشام ومصر و الهند و فلسطين و غيرها مع أن النصوص وردت في مدح الشام و أهل الشام ومباركة أرض فلسطين بعد أن كفر هؤلاء قال ص40: و إلا فإن العلماء لهم سقطات ولهم أقوال سواء التابعين أو بعض الصحابة رضوان الله عليهم"ولا ندري ما هي السقطات التي وجدها هذا الحشوي عند بعض الصحابة رضي الله عنهم هل هو قنوت عمر في صلاة الصبح، أو أخذ عبد الله بن عمر من لحيته من طولها و عرضها أو تسبيح سيدنا أبو هريرة بالسبحة أو سفر سيدنا بلال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم أو توسل سيدنا عبد الله بن حنيف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو صلاة عائشة في بيتها بحضرة القبور،وكل هذه الأمور من البدع المنكرة أو من ذرائع الشرك عند المتمسلفة ولذلك لا استبعد أن تكون هي المقصودة بالسقطات عند عبد الله السبت".
قلت: معنى كلمة "سقطات" هي الخطأ، ولا شك أن بعض الصحابة لهم أخطاء سبق أن بينت بعضا منها، و كونها أخطاء لا يرجع إلى تقويم الشيخ عبد الله السبت بل الشرع و النصوص هي التي بينت أنها أخطاء، و قد يسميها آخر هفوات أو زلات أو سقطات، فلغة الناس تختلف، ولكن المعنى واحد واضح، ليس فيه تنقص للصحابة الكرام، وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم :"كذب أبو السنابل" و قالت عائشة :"كذب أبو هريرة" ومعلوم أن الكذب غير الكذب المعهود[6].
قال الزمخشري في"أساس البلاغة":" س ق ط
وأسقط في كتابه وحسابه: أخطأ. وتكلم فما سقط بحرف وما أسقط حرفاً، وفي كتابه وحسابه سقط: خطأ. وفي الدار أسقاط من الناس وألقاط. ولا يخلو أحد من سقطة ومن سقطات، وفلان يتتبع السقطات، ويعدّ الفرطات.
والكامل من عدت سقطاته. وتسقطته: تتبعت عثرته وأن يندر منه ما يؤخذ عليه. قال:
ولقد تسقّطني الوشاة فصادفوا ... حصراً بسرّك يا أميم ضنينا"
أما قوله:" وبعد أن حكم بشرك ،" بعد أن كفر هؤلاء"،فليس بصحيح فإن الشيخ السبت لم يحكم بكفر هؤلاء ولا بشركهم، فهناك فرق بين الحكم على المطلق و الحكم على المعين، كما هناك فرق بين قوله :" نحن الآن في مجتمعات طغى فيها الشرك وخاصة في بلاد الشام و مصر و الهند و فلسطين و غيرها" وبين أن يقول هذه مجتمعات مشركة وكافرة،وهذا فرق واضح للغاية، ولكن الشيخ شمس الدين ربما على عينيه حشو ما؟
ومعلوم أن الوصف بطغيان الشرك[7] وكثرته و استفحال أمره شيء، وترتيب الحكم عليه بالتكفير شي آخر،إذ من يقع في شرك قد يكون معذورا بجهله، كمن يقع في معصية قد يكون معذورا بجهله ،و في قاعدة تصويب المجتهدين كنت قد ضربت أمثلة من ذلك فلا داع للتكرار.
و السلفييون لهم قاعدة واضحة في هذا الباب تمسى قاعدة التفسيق و التبديع و التكفير وهي من مباحث الأسماء و الأحكام ولها ضابطان : عدم وجود مانع وعدم فوات شرط، و المانع كالإكراه وما شابهه، و الشرط هو العلم و القدرة،فإن تخلف أحد الشروط امتنع الحكم بالتكفير أو التبديع أو التفسيق، وهذه عقيدة أهل السنة و الجماعة، لا عقيدة من يكفر على آراء فلسفية كلامية ،فيكفر من لا يعرف دينه بالجوهر الفرد و الجزء الذي لا يتجزأ كما هو ثابت عن كثير ممن يحبهم الشيخ شمس الدين و يدافع عنهم !
وقد طعن ابن جرير في قراءة عبد الله بن عامر اليحصبي ،فقال ابن الجزري في"غاية النهاية في طبقة القراء"{153/1}:" وأما طعن ابن جرير فيه فهو مما عد من سقطات ابن جرير حتى قال السخاوي قال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي إياك وطعن الطبري على ابن عامر".
فهذا اللفظ "سقطات" يكثر استعماله في كتب التراجم كما يعرفه أهل الشأن، و المقصود منه الأخطاء.
ـ و أما تشغيب الشيخ شمس الدين بأن السقطات التي يقصدها الشيخ عبد الله السبت هي: قنوت عمر في صلاة الصبح فهذا ذر للرماد في العيون لأنه حاول أن يوهم القارئ بان السلفيين كما يبدعونه في مسألة الصلاة إلى القبور و التوسل بالموتى و الاستغاثة بهم و شد الرحال يبدعونه في مسائل هي من قبيل الاختلاف الفقهي كمسألة القنوت في صلاة الصبح، نعم كثير من السلفيين يرى أن القنوت حسب النوازل و يصح في أية صلاة، ولكنهم لا يبدعون من يقنت في صلاة الصبح أبدا،قال ابن تيمية السلفي في" مجموع الفتاوى"{4/351}:"
وكما دعا عمر وعلي رضي الله عنهما لما حارب من حاربه في الفتنة فقنت ودعا بدعاء يناسب مقصوده والذي يبين هذا أنه لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت دائما ويدعو بدعاء راتب لكان المسلمون ينقلون هذا عن نبيهم فإن هذا من الأمور التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها وهم الذين نقلوا عنه في قنوته ما لم يداوم عليه وليس بسنة راتبة كدعائه على الذين قتلوا أصحابه ودعائه للمستضعفين من أصحابه ونقلوا قنوت عمر وعلي على من كانوا يحاربونهم . فكيف يكون النبي صلى الله عليه وسلم يقنت دائما في الفجر أو غيرها ويدعو بدعاء راتب ولم ينقل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا في خبر صحيح ولا ضعيف بل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم أعلم الناس بسنته وأرغب الناس في اتباعها كابن عمر وغيره أنكروا حتى قال ابن عمر : " ما رأينا ولا سمعنا " وفي رواية " أرأيتكم قيامكم هذا : تدعون . ما رأينا ولا سمعنا " أفيقول مسلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت دائما وابن عمر يقول : ما رأينا ولا سمعنا . وكذلك غير ابن عمر من الصحابة عدوا ذلك من الأحداث المبتدعة . ومن تدبر هذه الأحاديث في هذا الباب علم علما يقينا قطعيا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقنت دائما في شيء من الصلوات كما يعلم علما [ يقينيا ] أنه لم يكن يداوم على القنوت في الظهر والعشاء والمغرب فإن من جعل القنوت في هذه الصلوات سنة راتبة يحتج بما هو من جنس حجة الجاعلين له في الفجر سنة راتبة . ولا ريب أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في هذه الصلوات ؛ لكن الصحابة بينوا الدعاء الذي كان يدعو به والسبب الذي قنت له وأنه ترك ذلك عند حصول المقصود نقلوا ذلك في قنوت الفجر وفي قنوت العشاء أيضا . والذي يوضح ذلك : أن الذين جعلوا من سنة الصلاة أن يقنت دائما بقنوت الحسن بن علي أو بسورتي أبي ليس معهم إلا دعاء عارض والقنوت فيها إذا كان مشروعا : كان مشروعا للإمام والمأموم والمنفرد ؛ بل وأوضح من هذا أنه لو جعل جاعل قنوت الحسن أو سورتي أبي سنة راتبة في المغرب والعشاء لكان حاله شبيها بحال من جعل ذلك سنة راتبة في الفجر . إذ هؤلاء ليس معهم في الفجر إلا قنوت عارض بدعاء يناسب ذلك العارض ولم ينقل مسلم دعاء في قنوت غير هذا كما لم ينقل ذلك في المغرب والعشاء . وإنما وقعت الشبهة لبعض العلماء في الفجر ؛ لأن القنوت فيها كان أكثر وهي أطول . والقنوت يتبع الصلاة وبلغهم أنه داوم عليه فظنوا أن السنة المداومة عليه ثم لم يجدوا معهم سنة بدعائه . فسنوا هذه الأدعية المأثورة في الوتر . مع أنهم لا يرون ذلك سنة راتبة في الوتر . وهذا النزاع الذي وقع في القنوت له نظائر كثيرة في الشريعة : فكثيرا ما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم لسبب فيجعله بعض الناس سنة ولا يميز بين السنة الدائمة والعارضة . وبعض الناس يرى أنه لم يكن يفعله في أغلب الأوقات فيراه بدعة ويجعل فعله في بعض الأوقات مخصوصا أو منسوخا إن كان قد بلغه ذلك مثل صلاة التطوع في جماعة . فإنه قد ثبت عنه في الصحيح { أنه صلى بالليل وخلفه ابن عباس مرة و حذيفة بن اليمان مرة } . وكذلك غيرهما . وكذلك { صلى بعتبان بن مالك في بيته التطوع جماعة } { وصلى بأنس بن مالك وأمه واليتيم في داره } فمن الناس من يجعل هذا فيما يحدث من " صلاة الألفية " ليلة نصف شعبان والرغائب ونحوهما مما يداومون فيه على الجماعات . ومن الناس من يكره التطوع ؛ لأنه رأى أن الجماعة إنما سنت في الخمس كما أن الأذان إنما سن في الخمس . ومعلوم أن الصواب هو ما جاءت به السنة فلا يكره أن يتطوع في جماعة . كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم . ولا يجعل ذلك سنة راتبة كمن يقيم للمسجد إماما راتبا يصلي بالناس بين العشاءين أو في جوف الليل كما يصلي بهم الصلوات الخمس كما ليس له أن يجعل للعيدين وغيرهما أذانا كأذان الخمس ؛ ولهذا أنكر الصحابة على من فعل هذا من ولاة الأمور إذ ذاك ... وقد تبين بما ذكرناه أن القنوت يكون عند النوازل وأن الدعاء في القنوت ليس شيئا معينا ولا يدعو بما خطر له بل يدعو من الدعاء المشروع بما يناسب سبب القنوت كما أنه إذا دعا في الاستسقاء دعا بما يناسب المقصود فكذلك إذا دعا في الاستنصار دعا بما يناسب المقصود كما لو دعا خارج الصلاة لذلك السبب ؛ فإنه كان يدعو بما يناسب المقصود فهذا هو الذي جاءت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين ".
فهذا تفصيل لمسألة القنوت في الصلاة بصورة عامة وللعلماء كلام فيه طويل ليس هذا محله،المقصود إنه إذا قدر بعضهم ان المداومة على القنوت في الصبح أو غيرها بدعة لانه يرى القنوت للنوازل فقط فكان هذا القنوت تخصيصا للعام بغير موجب لم يلزم منه تبديع القائلين به،إذ يفرق أهل العلم بين القول و القائل،فليس كل من قال أو فعل ما نراه بدعة يكون مبتدعا كما هو موضح في الاعتصام للشاطبي وغيره من كتب.
قال الألباني في" سؤالات ابن أبي العينين"{ص:131} و قد سئل متى يعد الرجل من أهل البدع ويخرج من أهل السنة:" المسألة أولا ليس لها علاقة بعدد البدع التي يقع فيها العالم المسلم، و إنما لها علاقة بإصراره على البدعة بعد إن تقام عليه الحجة من أهل العلم و الحجة.... وعليه فما وقوع العالم في البدعة بأخطر من وقوع العالم في استحسان ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، فكل هذا وذاك، كل ذلك مخالف للكتاب و السنة..... ولذلك فليست المسألة منوطة بعدد البدع، و إنما تبين لنا أن هذا العالم حينما وقع في البدعة و أقيمت عليه الحجة و ظهر عليه التعصب لرأيه وعدم قبول الحجة، فهذا الذي تضره بدعته ،و أنا لا أفرق حين ذاك بين هذا و بين من أصر على التحريم أو التحليل المخالف للحجة، و إن لم نفهم المسألة هكذا كانت القضية فوضى، بحيث إننا نفرق بين متماثلين، لماذا هذا يكون مبتدعا و ضالا، وذاك يكون من أهل السنة و الجماعة؟وقد يكون ذاك أكثر مخالفة للسنة.
لا جواب، إذا ما ظلوا متمسكين باللفظ هذا ابتدع و ذاك ارتكب محرما فهذا مأجور، لماذا هذا مأجور؟ لأنه كان مجتهدا، وهذا الذي سموه مبتدعا أيضا يمكن أن يكون مجتهدا، ويمكن أن يكون متبعا لهواه، فالتفريق بين هذا و ذاك، إنما هو إرادة الحق و الخضوع للحق، إذا ما تبين له أو عكس ذلك تماما."
ـ أما مسألة أخذ عبد الله بن عمر من لحيته من طولها و عرضها، وهذه كذلك يكفي النظر في كلام الشيخ الألباني فيها لتعلم وجه الحقيقة ،قال في " الضعيفة"{5/375}:" عن مروان بن سالم المقفع قال :" رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف "
رواه أبو داود و غيره بسند حسن ; كما بينته في " الإرواء " ( 920 ) ،و " صحيح أبي داود " ( 2041 ) .
2 - عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان و هو يريد الحج ، لم يأخذ من رأسه و لا من لحيته شيئا حتى يحج .
و في رواية :أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته و شاربه .
أخرجه مالك في " الموطأ " ( 1/353 ) .
و روى الخلال في " الترجل " ( ص 11 - المصورة ) بسند صحيح عن مجاهد قال : رأيت ابن عمر قبض على لحيته يوم النحر ، ثم قال للحجام : خذ ما تحت القبضة .
قال الباجي في " شرح الموطأ " ( 3/32 ) :" يريد أنه كان يقص منها مع حلق رأسه ، و قد استحب ذلك مالك رحمه الله ، لأن الأخذ منها على وجه لا يغير الخلقة من الجمال ، و الاستئصال لهما مثلة " .ولاشك أن الشيخ الألباني اكبر علماء السلفية المعاصرين فأين تجده بدع من يأخذ من لحيته؟
و معلوم أن الأخذ من اللحية دون القبضة هو مذهب الحسن البصري و عطاء من التابعين و ابن جرير الطبري و الحافظ ابن حجر قال في "فتح الباري"عند شرح قول النبي صلى الله عليه و سلم :" خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه":" فقد قال الطبري : ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها ، وقال قوم إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد ، ثم ساق بسنده إلى ابن عمر أنه فعل ذلك ، وإلى عمر أنه فعل ذلك برجل ، ومن طريق أبي هريرة أنه فعله ، وأخرج أبو داود من حديث جابر بسند حسن قال . " كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة " ..وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر ، فإن السبال بكسر المهملة وتخفيف الموحدة جمع سبلة بفتحتين وهي ما طال من شعر اللحية ، فأشار جابر إلى أنهم يقصرون منها في النسك . ثم حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية هل له حد أم لا ؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف ، وعن الحسن البصري أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش ، وعن عطاء نحوه قال : وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها ، قال : وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة وأسنده عن جماعة ، واختار قول عطاء ، وقال عياض : يكره حلق اللحية وقصها وتحذيفها ، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن ، بل تكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها ، كذا قال"
ولا اعرف سلفيا بدع الحسن البصري و عطاء، نعم أكثر أهل العلم من السلفيين لا يتابعونهما على مذهبهما في هذه المسألة ،ولكن الترجيح شيء و التبديع شيء آخر.
و إذا قدر أن سلفيا أفتى بحرمة نزع شعرة واحدة من اللحية فهذا رأيه ومذهبه لا رأي السلفيين برمتهم،وقد بينا لك مذهب العلامة الألباني وهو شيخ السلفيين.
كما أن هذا لا يخص السلفيين وهو مذهب النووي وكثير من أهل العلم كما هو منقول عنهم في "فتح الباري"و"نيل الأوطار" للشوكاني.
ـ أما مسألة تسبيح بالمسبحة المنسوبة لسيدنا أبي هريرة رضي الله عنه ،فهذه مسألة أكثر السلفيين على أنها ليست ببدعة، وقيل إن الشيخ الألباني رجع عن قوله ببدعيتها و الله أعلم.
جاء في " حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح"{213/1}:" قال ابن حجر:والروايات بالتسبيح بالنوى و الحصا كثيرة عن الصحابة وبعض العالمين المؤمنين، بل رآها صلى الله عليه و سلم و أقر عليه، وعقد التسبيح بالأنامل أفضل من السبحة".
وجاء في"عون المعبود"{257/4} بعد ذكر حديث المرأة:"وهذا أصل لتجويز السبحة بتقريره صلى الله عليه و سلم، فإنه في معناها، إذ لا فرق بين المنظومة و المنثورة فيما يعد به، ولا يعتد بقول من عدها بدعة .
والحديث دليل على جواز عد التسبيح بالنوى و الحصى، وكذا بالسبحة لعدم الفارق، لتقريره صلى الله عليه و سلم للمرأة على ذلك، وعدم إنكاره، والإرشاد إلى ما هو أفضل لا ينافي الجواز، وقد ورد بذلك آثار".
وفي" تحفة الأحوذي":" قال القاري: هذا الحديث أصل صحيح لتجويز السبحة بتقريره صلى الله عليه و سلم، فإنه في معناها إذ لا فرق بين المنظومة و المنثورة فيما يعد به، ولا يعتد بقول من عدها بدعة".
وفي"سبل السلام"{88/2}:"و أما خياطة الثوب بخيط الحرير ولبسه، وجعل خيط السبحة من الحرير، وليقة الدواة، وكيس المصحف، وغشاية الكتب فلا ينبغي القول بعد جوازه لعدم شموله النهي له".
وقد سئل ابن الصلاح ـ رحمه الله ـ هذا السؤال:"هل يجوز للإنسان أن يسبح بسبحة خيطها حرير؟".
فأجاب"فتاوي ابن الصلاح"{191/1}:" ولا يحرم ما ذكره في السبحة المذكورة، و الأولى إبداله بخيط آخر".
أما شيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال في" مجموع الفتاوى"{625/22} مجيبا على سؤال يتعلق باستعمال السبحة:" إن كان المراد بهذا السؤال أن يعد الآيات أو يعد تكرار السورة الواحدة مثل قوله:قل هو الله أحد بالسبحة فهذا لابأس به".
وقال في موضع آخر:{506/22}:"وعد التسبيح بالأصابع سنة كما قال النبي للنساء:"سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مستنطقات"،و أما عده بالنوى و الحصى ونحو ذلك فحسن وكان من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ من يفعل ذلك،وقد رأى النبي أم المؤمنين تسبح بالحصى و أقرها على ذلك ،وروي أن أبا هريرة كان يسبح به.
و أما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز و نحوه فمن الناس من كرهه،ومنهم من لم يكرهه، و إذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه،و أما اتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في السيد أو نحو ذلك،فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة و مشابهة المرائين من غير حاجة، الأول محرم و الثاني في أقل أحواله الكراهة فإن مراءاة الناس في العبادات المختصة كالصلاة و الصيام و الذكر و قراءة القرآن من أعظم الذنوب.....".
وذكر ابن القيم في"مدارج السالكين"{120/3}:"قال القشيري: سمعت أبا علي الدقاق يقول:رؤى في يد الجنيد سبحة، فقيل له: أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة، فقال:طريق وصلت به إلى ربي تبارك وتعالى لا أفارقه"[8].
وقال الزين بن إبراهيم في" البحر الرائق شرح كنز الدقائق"{31/2} بعد كلام طويل:"ثم هذا الحديث ونحوه مما يشهد بأنه لا باس باتخاذ السبحة المعروفة لإحصاء عدد الأذكار إذ لا تزيد السبحة هذا الحديث إلا بضم النوى ونحوه في خيط، ومثل هذا لا يظهر تأثيره في المنع، فلا جرم أن نقل اتخاذها و العمل بها عن جماعة من الصوفية الأخيار وغيرهم، اللهم إلا إذا ترتب عليها رياء و سمعة، فلا كلام لنا فيه".
ـ و سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن المسبحة؟
فأجاب: المسبحة ليست بدعة دينية، وذلك لأن الإنسان لا يقصد التعبد بها، وإنما يقصد ضبط عدد التسبيح الذي يقوله أو التهليل أو التحميد أو التكبير فهي وسيلة وليست مقصودة.
ولكن الأفضل منها أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله أي بأصابعه، وعلى هذا فإن التسبيح بالمسبحة لا يعد بدعة في الدين، لأن المراد بالبدعة هي البدعة المنهى عنها.
و تسبيح بالمسبحة إنما هي وسيلة مرجوحة مفضولة في الدين، و الأفضل منها أن يكون عقد التسبيح بالأصابع"
وسئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ فقال:" تركها أولى" وكرهها.
قال الشوكاني في" نيل الأوطار"{358/2}:" فكان عقدهن بالتسبيح من هذه الحيثية أولى من السبحة و الحصى".
وقد ساق السيوطي آثارا في الجزء الذي سماه"المنحة في السبحة" وهو من جملة كتابه في الفتاوى، وقال في آخره: "ولم ينقل عن أحد من السلف ولا من الخلف المنع من جواز عد الذكر بالسبحة بل كان أكثرهم يعدونه بها [ولا يعدون] ذلك مكروها".
وبهذا يتبين خطأ الشيخ شمس الدين فيما رمى به الشيخ عبد الله السبت مع أن هذه المسائل الفقهية التي أجبته عنها لم يقلها الشيخ الفاضل عبد الله السبت، و إنما هي من بنات خيال الشيخ شمس الدين.
ـ أما مسألة سفر سيدنا بلال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه و سلم فالجواب عليها كالتالي:أثبت العرش ثم انقش:فهذا الحديث موضوع باطل ،أجاب عنه الشيخ ناصر رحمه الله في بعض كتبه فقوله في الحديث ( خرج العواتق من خدورهن . . . ) ماعلاقة خروجهن بسماعهن الشهادة الأخرى وقولهن ( أبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من أجل ذلك جزم الحافظ ابن حجر بأن هذه القصة موضوعة كما يأتي.
الثانية : أن القول المذكور إنما هو للشيخ السبكي الشافعي قاله في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) وقد رده الحافظ المحقق محمد بن عبد الهادي الحنبلي في كتابه العظيم : ( الصارم المنكي في الرد على السبكي ) ( ص 210 - 215 ) وأطال النفس فيه بما حاصله أن إسناده لا يصلح الاعتماد عليه ولا يرجع عند التنازع إليه عند أحد من أئمة هذا الشأن .
الثالثة : أن إسناد القصة أبعد ما يكون عن الجودة فإنه عند ابن عساكر كما سبق - من رواية إبراهيم بن محمد بن سليمان عن أبيه سليمان بن بلال وهذا إسناد مظلم فيه مجهولان:
الأول : سليمان بن بلال قال الحافظ ابن عبد الهادي : ( غير معروف بل هو مجهول الحال ( كذا الأصل ) قليل الرواية لم يشتهر بحمل العلم ونقله ولم يوثقه أحد من الأئمة فيما علمنا ولم يذكر البخاري ترجمته في كتابه وكذلك ابن أبي حاتم ولا يعرف له سماع من أم الدرداء )
قلت : فهو مجهول العين و ما في الأصل " مجهول الحال " لعله خطأ مطبعي أو سبق قلم من المؤلف رحمه الله تعالى وتبعا للبخاري وابن أبي حاتم لم يذكره الذهبي في " الميزان " ولا الحافظ في " اللسان ".
والآخر : إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال قال الحافظ ابن عبد الهادي ( شيخ لم يعرف بثقة وأمانة ولا ضبط وعدالة بل هو مجهول غير معروف بالنقل ولا مشهور بالرواية ولم يرو عنه غير محمد بن الفيض روى عنه هذا الأثر المنكر )
وأورده الذهبي في ( الضعفاء ) وقال : ( لا يعرف ) وقال في ( الميزان ) ( فيه جهالة حدث عنه محمد بن الفيض الغساني )
وأقره الحافظ ابن حجر في ( اللسان ) وزاد عليه فقال :
( ترجمه ابن عساكر ثم ساق روايته عن أبيه عن جده عن أم الدرداء عن أبي الدرداء في قصة رحيل بلال إلى الشام وفي قصة مجيئه إلى المدينة وأذانه بها وارتجاج المدينة بالبكاء لأجل ذلك وهي قصة بينة الوضع )
قلت : وقد أشار إلى ضعف هذه القصة كل من الحافظين المزي وابن كثير . أما الأول ففي ترجمة بلال في كتابه ( تهذيب الكمال ) والآخر في ترجمته من كتابه ( البداية ) ( 2 / 102 ) فهؤلاء خمسة من الحفاظ المشهورين - وكلهم شافعية إلا ابن عبد الهادي - جزموا بعدم صحتها ما بين مصرح بالوضع ومضعف يقابلهم السبكي وحده الذي جود إسنادها والنقد العلمي يقطع بوهمه إن لم يقل باتباعه لهواه .
تنبيهان :
الأول : محمد بن سليمان بن بلال ترجمه الحافظ ابن عبد الهادي ( ص 224 ) بما يؤخذ منه أنه مجهول الحال لكني وجدت ابن أبي حاتم روى في ( الجرح والتعديل ) ( 3 / 2 / 267 ) عن أبيه أنه قال فيه : ( ما بحديثه بأس ) وبذلك تجنبت إعلال القصة به أيضا
والآخر : أورد البوطي رواية ابن عساكر السابقة عن بلال محتجا بها على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مخالفته - بزعم البوطي - الإجماع القائل بمشروعية زيارة قبره عليه الصلاة والسلام وهي فرية على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حمل رايتها الشيخ الأخنائي والسبكي وغيرهما قديما وزيني دحلان وأمثاله في محاربته لمجدد دعوة التوحيد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه ومن تبعهم عليها من المتقدمين والمتأخرين." "دفاع عن الحديث النبوي و السيرة"{96}للعلامة الألباني.
ـ أما مسألة توسل سيدنا عبد الله بن حنيف بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قال الشيخ شمس الدين فأولا:
ليس عبدالله بن حنيف بل عثمان بن حنيف .
ثانيا: الشيخ يقصد هنا قصة حديث الأعمى وقد أجبت عنها سابقا و بينت معاني الحديث في الحلقة الخامسة "الشرح الأوفى لحديث توسل الأعمى" فلا حاجة للتكرار هنا.
قال العلامة الألباني في"السلسلة الضعيفة"{1/88}:" و جوابنا من وجهين :
الأول : أنها قصة موقوفة ، و الصحابة الآخرون لم يتوسلوا مطلقا به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ، لأنهم يعلمون أن التوسل به معناه التوسل بدعائه و هذا غير ممكن كما سبق بيانه .
الآخر : أنها قصة لا تثبت عن ابن حنيف ، و بيان ذلك في رسالتنا الخاصة " التوسل أنواعه و أحكامه " و قد سبقت الإشارة إليها .
قال في "التوسل"{ص:61}:" وأما نحن فنرى أن هذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل المختلف فيه وهو التوسل بالذات بل هو دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع الذي أسلفناه لأن توسل الأعمى إنما كان بدعائه . والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة وأهمها :
أولا : أن الأعمى إنما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعو له وذلك قوله : ( ادع الله أن يعافيني ) فهو قد توسل إلى لله تعالى بدعائه صلى الله عليه وسلم لأنه يعلم أن دعاءه صلى الله عليه وسلم أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجه به إلى أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب منه الدعاء له بل كان يقعد في بيته ويدعو ربه بأن يقول مثلا : ( اللهم إني أسألك بجاه نبيك ومنزلته عندك أن تشفيني وتجعلني بصيرا ) . ولكنه لم يفعل لماذا ؟ لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة يذكر فيها اسم المتوسل به بل لا بد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة وطلب الدعاء منه له
ثانيا : أن النبي صلى الله عليه وسلم وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ما هو الأفضل له وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن شئت دعوت وإن شئت
صبرت فهو خير لك ) . وهذا الأمر الثاني هو ما أشار إليه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى أنه قال :
( صحيح ) ( إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه - أي عينيه - فصبر عوضته منهما الجنة )
ثالثا : إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله : ( فادع ) فهذا يقتضي أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له لأنه صلى الله عليه وسلم خير من وفى بما وعد وقد وعده بالدعاء له إن شاء كما سبق فقد شاء الدعاء وأصر عليه فإذن لا بد أنه صلى الله عليه وسلم دعا له فثبت المراد وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى بدافع من رحمته وبحرص منه على أن يستجيب الله تعالى دعاءه فيه وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع وهو التوسل بالعمل الصالح ليجمع له الخير من أطرافه فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه وهذه الأعمال طاعة لله سبحانه وتعالى يقدمها بين يدي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له وهي تدخل في قوله تعالى : ( وابتغوا إليه الوسيلة ) كما سبق
وهكذا فلم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بدعائه للأعمى الذي وعده به بل شغله بأعمال فيها طاعة لله سبحانه وتعالى وقربة إليه ليكون الأمر مكتملا من جميع نواحيه وأقرب إلى القبول والرضا من الله سبحانه وتعالى وعلى هذا فالحادثة كلها تدور حول الدعاء - كما هو ظاهر - وليس فيها ذكر شيء مما يزعمون ".انتهى
ـ أما مسألة صلاة عائشة في بيتها بحضرة القبور فلا يعدها السلفييون بدعة لأنه في أصول السلفيين ليس في الصحابة مبتدع، و أم المؤمنين ليس لها عند السلفيين إلا المحبة الفائقة الرائقة، وهم كلهم فداء لها يكنون لها أعظم الاحترام و التقدير، مع العلم أن الشيخ شمس الدين لبس في المسألة تلبيسا فاحشا من جهتين:
الأولى: أنه ترك الحرية لخياله يسنح في مرعى التخمينات فإنه لما علم أن النبي صلى الله عليه و سلم دفن ببيته وكذلك دفن أبو بكر و عمر رضي الله عنهما بجواره، ظن أنها كانت تصلي و تعيش و تأكل و تغير ثيابها وتفعل كل ما تفعله امرأة مسلمة في بيتها بحضرة القبور و قصده التدليل على جواز الصلاة إلى القبور بإطلاق.
و الحقيقة هذا الظن فاسد من وجوه:
الأول:أنه قد ثبت أنها لم تكن تعيش وسط القبور بل كان بينها و بين القبور ساترا تكشفه للزوار أحيانا،و جاء عند الحاكم فإنه أخرج ( 4 / 7 ) بإسناده الصحيح عنها قالت : ( كنت أدخل البيت الذي دفن معهما والله ما دخلت إلا وأنا مشدود علي ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه )فلزم أن بيتها كان من غرفتين أو حجرتين،و الحديث واضح بأنها لم تكن تعيش ولا تصلي وسط القبور.
الثاني:وكلام الشيخ شمس الدين يصور لنا أن قبره صلى الله عليه وسلم كان ظاهرا مكشوفا كسائر القبور التي في المقابر، يمكن لكل أحد أن يأتيه وهذا غير صحيح عند كل من يعرف تاريخ دفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة رضي الله عنها.
وبيتها لا يجوز لأحد أن يدخله إلا بإذنها يدلك على ذلك قصة دفن عمر، فقد ثبت أنه لما طعن رضي الله عنه أمر ابنه عبد الله أن يذهب إلى عائشة ويقول لها :" إن عمر يقول لك إن كان لا يضرك ولا يضيق عليك فإني أحب أن أدفن مع صاحبي ، فقالت : إن ذلك لا يضرني ولا يضيق علي . قال : فادفنوني معهما . أخرجه الحاكم ( 3 / 93 ).
الثالث:لقد استمر القبر الشريف في بيت عائشة إلى ما بعد وفاتها بل إلى بما بعد وفاة آخر الصحابة موتا ،و لما احتاجوا إلى توسعة المسجد أدخلوا البيت فيه، فصار بذلك في المسجد على النحو المشاهد اليوم، فيظن بعض الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات دفنه الصحابة في المسجد .
و بهذا يثبت أن الصلاة بين القبور و إلى القبور في غير ضرورة غير جائز و قد نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك كما جاء في الأحاديث الصحيحة مثل قوله صلى الله عليه و سلم" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، و صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم"[ قال الألباني في"أحكام الجنائز"{219}:" أخرجه أبو داود (1 / 319) وأحمد (2 / 367) بإسناد حسن، وهو على شرط مسلم، وهو صحيح مما له من طرق وشواهد،فله طريق أخرى عن أبي هريرة، عند أبي نعيم في (الحلية) (6 / 283)"].
لما كانت القبور لا يصلى عندها أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بان يصلوا النوافل في بيوتهم ،فإن ترك الصلاة فيها يجعلها كالقبور،وكذلك قوله: " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ، وقوله " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"
قال ابن الرومي:
وإن سقطات من كتابي تتابعت ... فلا تلحني فيما جنيت على ذهني
ظلمت فإن الحق يظلمك خلتي ... جنى زلتي والظلم شر من اللحن
إلى هنا انتهى هذا الرد المختصر على الشيخ شمس الدين تركت اتهاماته التي وجهها للشيخ مقبل بن هادي الوادعي و الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله حتى لا يطول هذا الرد، ولأني أريد أن أخصهما ببحث مستقل يتناول عدة مسائل أثارها الشيخ شمس الدين في مقالات عديدة.
و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين
ارزيو في2009-04-07
مختار الأخضر طيباوي




[1] ـ الذين اتهموه ليسوا الرافضة بل جهل المتسننة مما يدلك حتما على الدوافع الخلفية.

[2] ـ قوله تعالى :{ذق إنك أنت العزيز الكريم} دل السياق أنها وردت على سبيل الاستهزاء أي لو كنت عزيزا كريما حقا لما صرت في النار تذوق عذابها وويلاتها،وهكذا فإن دلالة السياق أهم الشروط في معرفة قصد المتكلم ومراده.
هذا الكلام الذي نقله الزركشي هو بلفظه في بدائع الفوائد لابن القيم.

[3] ـ انظر "مقالات الإسلاميين"{1/14}فقد نقل فيه أقوال الفرق في هذه المسألة يظهر منها جليا أن تخطئة الصحابة في بعض المسائل مع الإقرار بأنهم كانوا مجتهدين أي أن خطأهم مغفور لهم ليست بدعة سلفية .

[4] ـ أخرجه أبو داود ( 2 / 311 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 112 ) و أحمد ( 5 / 346 - 347 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 385 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 58 / 2 ) و نعيم بن حماد في " زوائد الزهد " ( 186 ) عن معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا .
و هذا سند صحيح على شرط الشيخين . و قال المنذري ( 4 / 21 ) :" رواه أبو داود و النسائي بإسناد صحيح " .
قلت : و لم أجده عند النسائي و لم يعزه إليه النابلسي في " الذخائر " ( 1 /122 ) فالظاهر أنه في " سننه الكبرى " .
ثم الحديث رواه عقبة بن عبد الله الأصم عن عبد الله بن بريدة بلفظ :" إذا قال الرجل للمنافق : يا سيد ، فقد أغضب ربه تبارك و تعالى " ،أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 198 ) و الحاكم ( 4 / 311 ) و الخطيب ( 5 / 454 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " ،و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : عقبة ضعيف " .
قلت : لكن تابعه قتادة كما سبق ، فالحديث صحيح ."السلسلة الصحيحة" 1 / 645 للشيخ الألباني رحمه الله.


[5] ـ قال العثيمين في "فتاويه"{10/928}:" السيادة في الأصل علو المنزلة ، لأنها من السؤدد والشرف والجاه وما أشبه ذلك .
والسيد يطلق على معاني ، منها : المالك ، والزوج ، والشريف المطاع "وقال:" فالسيد على وجه الإطلاق لا يقال إلا لله - عز وجل - قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « السيد الله » .
وأما السيد مضافة ، فإنها تكون لغير الله ، قال تعالى : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } [ سورة يوسف : 25 ] وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « أنا سيد ولد آدم يوم القيامة » ، والفقهاء يقولون : إذا قال السيد لعبده ، أي : سيد العبد لعبده .
· تنبيه :
اشتهر بعض الناس إطلاق السيدة على المرأة ، فيقولون مثلا : هذا خاص بالرجال ، وهذا خاص بالسيدات ، وهذا قلب للحقائق ؛ لأن السادة هم الرجال ، قال تعالى : { وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ } وقال : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ } [ النساء : 62 ] ، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « إن النساء عوان عندكم » . أي : بمنزلة السير ، وقال في الرجل : « راع في أهله ومسؤول عن رعيته » ، فالصواب أن يقال للواحدة امرأة وللجماعة منهن نساء .


[6] ـ ومن تكلم في الدين بلا علم كان كاذبا وإن كان لا يتعمد الكذب كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت له سبيعة الأسلمية وقد توفي عنها زوجها سعد بن خولة في حجة الوداع فكانت حاملا فوضعت بعد موت زوجها بليال قلائل فقال لها أبو السنابل بن بعكك : ما أنت بناكحة حتى يمضي عليك آخر الأجلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذب أبو السنابل بل حللت فانكحي } وكذلك لما قال سلمة بن الأكوع إنهم يقولون : إن عامرا قتل نفسه وحبط عمله فقال : " كذب من قالها ؛ إنه لجاهد مجاهد " وكان قائل ذلك لم يتعمد الكذب فإنه كان رجلا صالحا وقد روي أنه كان أسيد بن الحضير ؛ لكنه لما تكلم بلا علم كذبه النبي صلى الله عليه وسلم .

[7] ـ قلت: تحري الصلاة و الداء عند القبور و الذبح لها و كسوتها بالحرير و الديباج و إشعال الشموع و المصابيح عندها و إلقاء النقود عليها، و سؤال المقبورين و الاستغاثة بهم و طلب منهم المدد و الولد و الرزق و الذبح لغير الله و اعتقاد في الأولياء أنهم يدبرون العالم و غير ذلك مما هو مشاهد في كثير من البلاد الإسلامية هل هو من التوحيد؟

[8] ـ قلت:السبحة لا يتخذها كثير من الناس من أجل عد الذكر فقط بل لأجل التذكير و لذلك يسمونها المذكرة،فإن من هؤلاء من إذا عقد التسبيح بأصابعه سرعان ما يتهلى عن الذكر و أما إذا كانت السبحة في جيبه فإنه بمجرد لمسها يتذكر فيعاود الذكر ،و الذكر أول طريق العبادة و المعرفة و اللهج به من أحسن الأعمال و به يتنقل العابدون في منازل السلوك،أما من قل نصيبه من الذكر فلا يعتبر كل هذا.
الملفات المرفقة
نوع الملف: zip شمس الدين7.zip‏ (64.8 كيلوبايت, المشاهدات 4)
  • ملف العضو
  • معلومات
mcmourad2002
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 05-04-2009
  • المشاركات : 5
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • mcmourad2002 is on a distinguished road
mcmourad2002
عضو جديد
رد: الْحَلْقَة السَّابِعَة صَوْنُ اللِّسَان عَنْ الصَّحَابَة عَلَيْهِمْ الرِّضْو
08-04-2009, 10:24 PM
السلام عليكم
بارك الله فيك أخي
أين الحلقة السادسة ؟؟
أرجو الإفادة ...كل ما كتبه الشيخ و إن أمكن رقم الهاتف
بارك الله فيك
من مواضيعي
  • ملف العضو
  • معلومات
jaloux2002
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 28-03-2009
  • المشاركات : 76
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • jaloux2002 is on a distinguished road
jaloux2002
عضو نشيط
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2008
  • الدولة : البليدة
  • العمر : 36
  • المشاركات : 7,183
  • معدل تقييم المستوى :

    23

  • جمال البليدي is on a distinguished road
الصورة الرمزية جمال البليدي
جمال البليدي
شروقي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:55 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى