السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخويَّ الفاضلين الأكرمين
خرج بكم الخلاف إلى "مضايقة" أحدكم الآخر بمسائل فروعية لا تعلّق لها بالموضوع الأصلي، كتعريض الأخ العاصمي بإباحة الشيخ القرضاوي للغناء..الخ
ولا تعلّق لهذا البتّة بالموضوع، هداك الله!!
ولنفرض أن أحدا يقول في هذه المسألة بحل المعازف، أتُرى هذا الخلاف لقول الجمهور يخرجه من دائرة "أهل السنة"؟؟! فما يبقى من علمائنا على مرِّ العصور؟؟!!
أرجو أن لا ندرج الفروعيات في هذه الأصول...
أما ابن تيمية، فقد ظلمه صنفان من الناس:
- صنف كادوا يقدِّسونه، فهم "تيميون" وإن أنكروا ذلك! لا يستأنسون بتخريجاته، وتأصيلاته، بل يستدلُّون بها (لا لها)! ولعلَّكم تذكرون أن في جهلة أبناء الصحوة الإسلاميَّة كثيرا ممن كان يفصلُ النقاشَ بينهم في مسألة أن يقال: قال شيخ الإسلام!! (هكذا بإطلاق لقب شيخ الإسلام على التقي ابن تيمية رحمه الله! كأن لا شيخ إسلام غيره؟! على أن عُرْفَ المغاربة في إطلاق هذا اللقب ينصرف إلى غيره)..
فهؤلاء فتحوا بابا مشرعا للرويبضات، وأنصاف طلبة العلم، إذ أصبحوا يبدّعونهم أو يفسقونهم أو يكفرونهم لمخالفتهم "شيخ الإسلام" (وقد تنبَّه بعد ذلك بعضهم، فقال في شريط له شهير سمّاه: قال السني قال الخارجي: "قال الخارجي: قال ابن تيمية......" قال السني: "ابن تيمية ليس حجة"!! مع أنَّه كان مِمَّن سنَّ هذه السنّة السيئة، فلمّا التفّت عليه نتائجها فاء إليه عازب عقله! هداه الله)..
وفتحوا بابا مشرعا للمغرضين أيضا، للطعن في ابن تيمية رحمه الله، والحط عليه، بسبب غلوّهم الممجوج، وهم الصنف الثاني!..
- صنف بالغ في الحط على التقي ابن تيمية،العلاء البخاري سلفهم في ذلك (الذي كفَّر من سمَّى ابن تيمية شيخَ الإسلام؛ وردَّ عليه ابن ناصر الدين الدمشقي، في كتاب ماتع جميل، نشره وحققه الشيخ المجاهد زهير الشاويش: الردُّ الوافر، على من زعم أن من سمّى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر.. جمع فيه نقولا كثيرة عن أئمة معاصرين لابن تيمية وصفوه فيها: لشيخ الإسلام!)؛ وخلفهم محمد زاهد الكوثري (الذي قال-في كتابه الإشفاق على أحكام الطلاق، واعذروني على الدقة في النقل فأنا أنقل العبارة من ذاكرتي، ونسختي من الكتاب أعرتها من سنوات ولم تعد لي!!-: فإذا صار ابن تيمية شيخ الإسلام، فعلى الإسلام السلام!!!).. وغيرهما. وقد بالغوا في الحطّ على هذه الشخصية العظيمة، بكل المقاييس، وغمطوها حقها تحت حجب من الأحقاد المذهبية، والعصبيات، وما أشبه ذلك..
فإذا قرأنا ترجمة ابن تيمية في الدرر الكامنة (التي نقل عنها للأسف الأخ محمديون نقلا غير أمين.. عمّى على مدح ابن حجر، وأظهر القدح فقط!) رأينا إنصاف الأئمة المتقدمين لهذه الشخصية الفذَّة... التي يكفي للدلالة على عظمة أثرها في ما بعدها من قرون الإسلام أن الناس يتنازعون حولها حتى يوم الناس هذا بين مناصر ومحارب!
والإنصاف يقتضي أن ابن تيمية أحد علماء المسلمين، ولكنّه كأيٍّ منهم: يؤخذ من قوله ويترك، يحتج لقوله، لا به! ويترحَّم عليه، ويستغفَر؛
وقد كان أحد الشيوخ حفظهم الله (وكان يعدّ دكتوراه عن عقائد الحنابلة) يقول لي:
"لولا ابن تيمية لضاعت المدرسة الحنبلية كلها، لأنه في كتبه أعاد الاعتبار للحنابلة، ودافع عنهم، ودفع عن كثير من علمائهم تهم التجسيم والتشبيه (وقد كان كثير منهم كرّامية صرحاء أو "بالغوا في الإثبات" كما يقول ابن تيمية! وهي تهمة بالتجسيم مهذّبة الحواشي!!).. فلولا ابن تيمية لما صار للحنابلة رأي مقبول في الأصول، فكان فكر ابن تيمية هو من قرّب عقائد الحنابلة المبثوثة في بعض كتبهم، إلى حد المقبولية، لا كما يتصوّر كثير من الناس!! وكان ابن تيمية متكلِّم الحنابلة الذي أصَّل لعقائدهم المبثوثة في الطبقات وغيرها من كتبهم، وناضل عنها.."
كان يقول لي كلاما أشبه بالذي قيّدتُه، وهو رأي يحتاج لطول في البحث، ومقارنة بين النصوص.. لكنَّه "وجهة نظر"!
واعذروني على هذا الابتسار، والجذاذ من الأفكار غير المشذّبة ولا المهذبة ولا المرتبة!! فقد تعجّلت الكتابة، لحاجة أو قل لضرورة... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته