هام: وقت المصالحة والبناء لا الهدم والشحناء
18-04-2014, 06:18 PM
هام: وقت المصالحة والبناء لا الهدم والشحناء
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
نشر الأخ:" سنين العمر" مقالين عن:" فتنة التسعينيات"، كان اسم أحدهما:" شهادة من أيام العشرية السوداء"، نشره في قسم:" المنتدى العام"، وقد طالب في آخره:" شهادات من ضحايا المأساة الوطنية" بعد أن ذكر شهادته، وكنت قد علقت على موضوعه لإلحاقه به، ثم ظهر لي أن أفرده بالنشر لسببين:
أولهما: لأهمية المسألة وحساسيتها وخطورتها.
ثانيهما: تجاوز حجم تعليقي للموضوع الأصلي، فارتأيت إفراده بالنشر، وألتمس من إخواننا الأفاضل وأخواتنا الفضليات مشاركتنا في الموضوع، لأنه يتعلق برسم مستقبل أمتنا وتحديد مصير بلدنا، فإلى المقال:
إلى الأخ:" سنين العمر" – سلمه الله -:
أولا: نسأل الله تعالى أن يرحم صديقيك:" بشير ومحمد" وكل الضحايا الأبرياء للمأساة الوطنية في:" فتنة التسعينيات" برحمته الواسعة.
أخي الكريم:
أعلم بأن الجرح غائر، لأن النزيف كان حادا، و:" الفتنة" أتت على الأخضر واليابس، وكثير من الأبرياء ذهبوا ضحية صراع:" لا ناقة لهم فيه ولا جمل؟".
لست هنا لأطالبك أو أطالب غيرك – من ضحايا المأساة الوطنية، وبالمناسبة أنا أحدهم -، أقول: لست مطالبا أحدا بنسيان ألامه، ودفن آهاته، لأنني أحس مثلك بلوعة فراق أحبة لي من قرابتي وأصدقائي، ولكن هو:" قدر الله، وما شاء فعل".
صحيح أن الأزمة كانت عميقة، والمشكلة كانت معقدة، والأطراف الفاعلة فيها كانت كثيرة، وبعضها:" دول ومجموعات من المرتزقة الأجانب؟؟؟" صفت حساباتها مع الجزائر وشعبها، ولعل أخبث تلك الأطراف:" بنو صهيون": الذين توعدونا بالانتقام، لأننا كنا سببا في إعلان أشقائنا الفلسطينيين لدولتهم على أرض الجزائر الأبية المجاهدة سنة:(1988)، فلم تكد تمضي ثلاث سنوات حتى اندلعت فتنة التسعينيات ذات صيف:(1991)، ولا ننسى جارنا الغربي:" نظام المخزن" الذي له أطماع في جنوبنا الغربي، ذلك المخزن الذي فتح حدوده لعبور أدوات القتل البشرية والمادية.
عذرا أخي الكريم:
لقد فصلت ذلك التفصيل، لندرك بأن الأزمة أعمق من صراع مسلح بين إخوة جزائريين أغرى بينهم:" شياطين الإنس والجن": بفتنة العداوة والبغضاء حتى قتل بسببها:" الأخ أخاه، والابن أباه؟؟؟" في:" فتنة جعلت الحليم حيرانا؟؟؟".
ثم أدركتنا رحمة الله تعالى، فأنزل سكينته على قلوب الجزائريين، فجنحوا إلى السلم، وتوكلوا على الله، وشعارهم:[ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ].
وقد وفق الله تعالى الوطنيين الجزائريين إلى:" التصالح مع الذات"، وطي صفحة الفتنة بما فيها من جراح وألام – دون تمزيقها -، وذلك للاعتبار بما حصل سابقا حتى لا يتكرر حدوثه مستقبلا،[ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ].
لقد سبقتنا دول مثل:" الأرجنتين وجنوب إفريقيا" وغيرهما إلى المصالحة بعد عقود من الصراعات الدموية، وهي الآن تعيش في كنف:" الاستقرار والازدهار"، ونحن أولى منها بما حققته، لأن إسلامنا يحثنا على السلم والصلح، قال الله تعالى:[ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ]،[ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)]، [ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا].
وكيف لا نتصالح بعد اقتتالنا؟؟؟، وقد تصالح بعد اقتتالهم أفضل الخلق بعد الأنبياء عند الله تعالى؟؟؟: إنهم:" صحابة رسول الله"- صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم -.
إن الأعداء يتربصون بنا الدوائر، ولن يهدأ لهم بال، أو يغمض لهم جفن ما داموا يروننا:" متحدين متآخين متآلفين متآزرين متعاونين: لجزائرنا بانين، ولعزها رافعين، وعلى أمنها واستقرارها محافظين، وبوحدتها متمسكين، ولكيد أعدائها داحضين، وبربها معتصمين، [ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ].
صحيح أننا لا نعيش:" وضعا مثاليا"، فالنقائص كثيرة، والاختلالات متعددة، وهذا ما يدفع كل وطني صادق إلى بذل الجهد – كل حسب طاقته واستطاعته، ومجال تخصصه -، و لا ينبغي أن نجعل من النقائص الموجودة:" مشجبا": نعلق عليه يأسنا، ونبرر به قعودنا عن الإصلاح والتغيير الإيجابي الهادئ،و:[ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا]، أما أن نتخذ من تلك النقائص مبررا للتغيير المتهور، أو أن نستدعي جراحات الماضي لنزرع بها:" حقول ألغام؟؟؟": تعيقنا عن التطلع لغد مشرق في كنف:" الوحدة والأمن والرحمة والرقي"، فإن فاعل ذلك يقال له:" الحفاظ على الموجود أولى من البحث عن المفقود؟؟؟"، وإلا فإننا يقينا سنضيع مع الفائدة:" رأس المال؟؟؟".
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن: يؤلف بين قلوب الجزائريين، وأن يصلح ذات بينهم، ويجمع على الحق كلمتهم، وأن يجعل يدهم على أعدائهم، وأن يكفيهم شرورهم، وأن يحفظهم بما يحفظ به عباده الصالحين، وآخر دعائنا أن:" الحمد لله رب العالمين".