تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > المنتدى العام الإسلامي

> كشف الأنوار السنية لمغالطات الكاتب سلايمية الحلقة:(1): تنبيه الساري إلى طعن سلايمية في صحيح البخاري

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
كشف الأنوار السنية لمغالطات الكاتب سلايمية الحلقة:(1): تنبيه الساري إلى طعن سلايمية في صحيح البخاري
22-02-2014, 04:29 PM
كشف الأنوار السنية لمغالطات الكاتب سلايمية
الحلقة:(1): تنبيه الساري إلى طعن سلايمية في صحيح البخاري
نموذج:(1): الإبطال لشبهة محاولة النبي عليه الصلاة والسلام التردي من شواهق الجبال.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

نشرت جريدة:" الشروق اليومي" في عددها:(4292) مقالا للمدعو:" سلايمية" بعنوان:" فضائح وإجرام الوهابية لا يكفيها رد، ولا يحدها حد"؟؟؟، وقد ملأ مقاله ذلك بالتلبيس والتدليس، والتحريفات والمغالطات؟؟؟، ولأن مغالطاته: تعددت وتنوعت؟؟؟، احترت: أيها أولى ببيان زيفها، ف:" قد اتسع الخرق على الراقع؟؟؟"، ثم ظهر لي بأن محاولته التشكيك في مصداقية المرجع الثاني لأهل السنة بعد القرآن الكريم، وهو:" السنة النبوية الشريفة ودواوينها"، وخص بالذكر منها: أصح كتاب بعد كتاب الله، وهو:" صحيح البخاري"، وذلك بإيراده بعض الأحاديث التي قال عنها بأن تطعن في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال قبل إيراده لأمثلته ما يأتي:{ لقد دس علماء بني أمية وبني العباس باسم السنة النبوية ما يعادل 70 في المائة من الأكاذيب باسم الأحاديث الصحيحة}؟؟؟.
التعليق: تاملوا رحمكم الله: كيف أراد إبطال ديننا بزعمه أن:" ثلثي الأحاديث مكذوبة؟؟؟"، ألم أقل في مقالي:" حقيقة الخلاف بين شيعة إيران وأهل السنة": إنما يرجع إلى:" صراع المجوسية مع الإسلام الذي أطفأ نارها، وهدم إمبراطورتها ".
لقد حاول سلايمية بمكره: هدم مذهب أهل السنة والجماعة، فاختار الطعن في أهم مصادرهم، وهو:" صحيح البخاري"، وأورد منه حديث رقم:( 6982)،وفيه:"وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ".
ثم علق سلايمية قائلا:" يعني أنه فكر في عملية انتحارية، تعالى الرسول عن ذلك علوا كبيرا".
وكان قد مهد للطعن في النقل الصحيح من الأحاديث النبوية:" دندنته حول العقل، وتقديسه له": تمهيدا للطعن برأيه الكاسد، وفهمه الفاسد للأحاديث الصحيحة التي زعم بأنها تخالف القرآن والعقل، وكان مما قاله:{فكيف بمذهب الوهابية الذي لا يؤمن بالعقل أصلا، ولا يوجد في صحيح من الصحاح للأسف الشديد:" باب العقل"، بل يعلق الحافظ:" العراقي" على ما أورده:" أبو حامد الغزالي" رحمه في كتاب الإحياء حول العقل، يقول الحافظ العراقي:" إن كل الأحاديث التي بها عن العقل: ضعيفة ومكذوبة، ولم يصح أي حديث في العقل عن الرسول، فهل هذه أمة ترفع شعار الحضارة، وهي تطفئ مصباح العقول تعويلا على النقول؟؟؟}.
فتأملوا رحمكم الله كيف ختم كلامه بقوله:{ فهل هذه أمة ترفع شعار الحضارة، وهي تطفئ مصباح العقول تعويلا على النقول؟؟؟}، وهو تمهيد منه لإعمال معول عقله في الأحاديث الثابتة المنقولة بالسند الصحيح بحجة أنها تخالف:" المعقول، وتناقض الحضارة؟؟؟"، ثم قال بعدها:{ إلغاء العقل والاعتماد على النقل وحده من السنة المطهرة، والموضوعة التي يزعمون أنها مطهرة، ولو خالفت القرآن والعقل، وهو المنهج الوهابي الذي يشوه الدين، لا سيما في مجال العقيدة والتشريع، فضلا عن أنه يلطخ صورة الإسلام لدى المسلمين وغير المسلمين على سواء، كما سأبين بالأدلة والشواهد من السنة التي يزعمون أنها صحيحة، وهي تطعن في عصمة النبي وعرضه}. انتهى كلام سلايمية.
ثم ذكر بعض الأحاديث التي زعم فيها ما صرح به بقلمه من كونها تطعن في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم؟؟؟.
وليتأمل القارئ أيضا قوله عن الأحاديث التي ينكرها:{ ولو خالفت القرآن والعقل}؟؟؟، إنه منهج:" العقلانيين والقرآنيين"، وردا عليه نقول بتوفيق الله تعالى:
وكنت قد رددت قريبا على أحدهم لما كتب نظير ما قرره سلايمية هنا بقوله عن الأحاديث التي ينكرها:{ ولو خالفت القرآن والعقل}؟؟؟، فقلت لنظيره:
قولك: الأحاديث التي لا تتطابق مع النص القرآني لا يعتد بها}.
التعليق: هذه غريبة عجيبة منك؟؟؟، إن هذا التأصيل العقلي المجرد عن الأدلة الشرعية يشكل:" تدميرا ممنهجا لأصول الشريعة؟"، لأنه يفتح باب شر مستطير أمام أهل الأهواء، ليردوا ما ثبت من صحيح السنة: بحجة أنها لا تتطابق – حسب أهوائهم – مع النص القرآني؟؟؟،- زاد سلايمية هنا:" والعقل"، وصدق الله تعالى إذ يقول:[ وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ].
إن تأصيل:" المخالف": يفتح باب الطعن في السنة النبوية الشريفة، إذ أنه يتيح لكل من لم يوافق:" هوى معقوله":" صحيح الأحاديث": أن يطعن فيها، ويردها بتلك الحجة الواهية الواهنة؟؟؟.
إن من يتبنى هذا المذهب: يجهل أو يتجاهل بأن:" السنة وحي كالقرآن"، فالأحاديث الصحيحة هي:" الذكر المنزل للبيان": الذي قال عنه الله تعالى:[ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ].
لقد استقر في عقل وقلب كل:" سليم الفطرة": أن ما ثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام من أحاديث:" حق لا ريب فيه"، لأن قائله وصفه ربه جل وعلا بقوله:[ وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (4)].
إن علماءنا الأفاضل قد أصلوا:" قاعدة عظيمة": يشهد لصحتها: النقل والعقل والفطرة والحس"، والمقصود هنا هو قولهم:" إن صريح المعقول: لا يخالف صحيح المنقول".
فحاشا الشريعة الغراء: أن تتناقض أدلتها، لأن الكل من عند الحكيم العليم الخبير، ومن رأى أن فيها تناقضا؟؟؟، فإنما مرده لسوء فهمه، أو سوء قصده، أو لهما معا، ومن وجد شيئا من ذلك، فليرجع على عقله بالاتهام، وليذكر قلبه بقول الرحيم الرحمن:[ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً].
ما أصله الأخ:" المخالف":هو مذهب:" العقلانيين؟": الذين حاكموا النقل إلى عقولهم حتى قال أحد الحنفية، وهو:" أبو الحسن الكرخي" – عفا الله عنه -:" كل آيةٍ وحديثٍ يخالف ما عليه أصحابنا، فهو مؤول أو منسوخ"؟؟؟.
وقد غلت طائفة من هؤلاء:" العقلانيين؟"، فألغوا الاحتجاج بالأحاديث مكتفين بالنص القرآني؟؟؟، لذلك سموا ب:" القرآنيين؟"، والمنطلق واحد بين هذه الطائفة والطائفة الأخرى التي ذكر:" المخالف" تأصيلها في قوله:{ الأحاديث التي لا تتطابق مع النص القرآني لا يعتد بها}؟؟؟.
وقد جاءت أحاديث صحيحة صريحة تدحض مذهب القرآنيين أصالة،
ومذهب من ذكر:" المخالف": تأصيلهم تبعا ؟؟؟، فإلى تلك الأحاديث:
جاء في:" صحيح الجامع":(1/518):" ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه، وما وجدنا فيه حراما حرمناه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله". (صحيح) ... [ت] عن المقدام بن معد يكرب. المشكاة 163: الدارمي.
وجاء فيه أيضا تحت رقم:(2454):"لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به، أو نهيت عنه فيقول: لا أدري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه".(صحيح) [حم د ت هـ حب ك] عن أبي رافع. المشكاة 162.
قال الشيخ:" الألباني" رحمه الله في رسالة:" منزلة السنة من الإسلام":(1/13) ما يأتي:{ وجد في الوقت الحاضر طائفة يتسمون ب: (القرآنيين): يفسرون القرآن بأهوائهم وعقولهم دون الاستعانة على ذلك بالسنة الصحيحة، بل السنة عندهم تبع لأهوائهم، فما وافقهم منها تشبثوا به، وما لم يوافقهم منها نبذوه وراءهم ظهريا. وكأن النبيصلى الله عليه وسلمقد أشار إلى هؤلاء بقوله في الحديث الصحيح: " لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه " [رواه الترمذي]. وفي رواية لغيره: " ما وجدنا فيه حراما حرمناه ألا وإني أتيت القرآن ومثله معه ". وفي أخرى: " ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله ".
بل إن من المؤسف أن بعض الكتاب الأفاضل ألف كتابا في شريعة الإسلام وعقيدته، وذكر في مقدمته أنه ألفه، وليس لديه من المراجع إلا القرآن!.
فهذا الحديث الصحيح: يدل دلالة قاطعة على أن الشريعة الإسلامية ليست قرآنا فقط، وإنما هي قرآن وسنة، فمن تمسك بأحدهما دون الآخر، لم يتمسك بأحدهما، لأن كل واحد منهما يأمر بالتمسك بالآخر كما قال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ .. } [النساء: 80] وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36] وقال: { .. وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .. } [الحشر: 7].
وبمناسبة هذه الآية يعجبني ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنهـ وهو أن امرأة جاءت إليه فقالت له: أنت الذي تقول: لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات. . الحديث؟ قال: نعم قالت: فإني قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره، فلم أجد فيه ما تقول فقال لها: إن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] قالت: بلى قال: فقد سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلميقول: لعن الله النامصات. . الحديث [متفق عليه].
وجاء في:" موسوعة الألباني في العقيدة":(1/295):{ في حقيقة الأمر: إن ادعاء أن القرآن هو فقط المرجع الوحيد، وليس للسنة دخل في بيان القرآن: فهو كفر بالقرآن، الذي يقول بأني لا أؤمن إلا بالقرآن هو يكفر بالقرآن؛ ذلك لأن القرآن مما قال فيه رب الأنام: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44) {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ} (النحل:44)، ها نحن ذكرنا آنفاً الصلوات الخمس وكيف أنها تنقسم إلى أقسام، من أين أخذت هذه الأقسام? لا شيء منها بهذا التوضيح في القرآن الكريم، لكن هو بيان الرسول عليه السلام الذي أشار الله إليه في الآية السابقة {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44). أي إن هذه الآية تعني أن بيان الرسول عليه السلام ينقسم إلى قسمين: بيان لفظي وهو تبليغ القرآن إلى الأمة .. تبليغ القرآن للأمة، والبيان الآخر هو بيان بمعنى التفصيل .. ولذلك جاء حديث الرسول عليه السلام في الصحيح، وأنا بهذه المناسبة أقول: ينبغي انتقاء هذه الأحاديث، وتقديمها لطلابكم هناك حتى تستقيم العقيدة الصحيحة، ويعرفون قدر السنة، وأهمية الرجوع إليها مع القرآن الكريم، ذكرت حديثاً وهو قوله عليه السلام:" لا يقعدن أحدكم متكئاً على أريكته يقول هذا كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالاً حللناه، وما وجدنا فيه حراماً حرمناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه .. ألا إنما حرم رسول الله مثلما حرم الله"؛ ذلك لأن الله يقول في القرآن الكريم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:1 – 4).

وجاء في نفس الموسوعة:(5/524): باب حكم منكري السنة؟:
السائل: سؤال فضيلة الشيخ: بما يُرَدُّ على من لم يحتج بالحديث الصحيح نتيجة أنه لا يُصَرَّح في القرآن على هذا الأمر، أو يتأول الحديث على ما يوافق هواه؟.
الشيخ: كيف ... طبعاً هذا لا يكون مسلماً؛ لأن الله عز وجل قد أمر حينما يختلف الناس، ويتنازعون في شيء ما من الأحكام: أن يرجعوا إلى أمرين اثنين: إلى كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (النساء:59)، وقد اتفق علماء التفسير على أن الرد في هذه الآية إلى الله إنما هو الرد إلى كتابه، وهذا من البداهة والظهور بمكان؛ لأن الرد إلى الله لا يعني كما لو رد الأمر إلى حاكم أو قاضي فيذهب المتخاصمان إليه، فربنا عز وجل لا يمكن للبشر أن يرتدوا إليه لذاته تبارك وتعالى؛ ولذلك أجمعوا على أن المقصود بالرد إلى الله لتقدير مضاف محذوف أي: إلى كتابه.
كذلك بالنسبة للرد إلى رسوله: لا يمكن الرد إلى شخصه وبخاصة لمن كان بعيداً عنه في حياته، وبصورة أخص بالنسبة للذين جاءوا بعد وفاته عليه السلام، فلا يمكنهم الرد إلى شخصه، فأيضاً الأمر أن المقصود بالرد إلى الرسول: الرد إلى سنته.
فمن زعم بأنه يستكفي بالقرآن دون السنة، فقد كفر بالله ورسوله لهذه الآية، وبأمثالها من آيات كثيرة، كما في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} (الأحزاب:36) وقوله تبارك وتعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل:44)، فمن لم يؤمن ببيانه عليه الصلاة والسلام الذي هو كما يضاف إليه هذا البيان للقرآن ... ، والآية الأشهر في هذا المجال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (النساء:80).
فالذي يزعم بأنه لا يتحاكم إلى سنته عليه السلام، وإنما إلى القرآن فهو ليس مؤمناً بالقرآن، وإنما يصدق عليه ما قاله تعالى في بعض أهل الكتاب: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (البقرة:85)، ولذلك جاء التحذير الشديد من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الاعتماد على القرآن فقط دون السنة، فقال عليه الصلاة والسلام:" لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يقول: هذا كتاب الله فما وجدنا فيه حراماً حرمناه، وما وجدنا فيه حلالاً حللناه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا إن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله".(صحيح الجامع (رقم2657).)؛ لأنه كما جاء في القرآن: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم:3، 4).
وختاماً: قد جمع المصدرين الأساسين للمسلمين كتابًا وسنةً في قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -:" تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض" فمن صرح من المسلمين، ولو كان يصلي ويصوم بأنه لا يعتمد في دينه إلا على القرآن الكريم فهو كافر، وأول ما يدل على كفره وتناقضه أنه يصلي صلاة إن كان مخلصاً في هذه الصلاة، هذه الصلاة لم تأت فيالقرآن، فمن أين جاءته هذه الصفة؟ من ركوع .. سجود .. وأذكار وتشهد، هذه التفاصيل كلها إنما جاءتنا من طريق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فمن زعم أنه لا يعتمد إلا على القرآن، فلا يصح إسلامه، بل لو كان هناك حاكم ينفذ الشرع بجميع أحكامه: يستتاب، فإن أصر على أنه لا يعتمد في دينه على القرآن: قتل كفراً وليس حداً، وإن تاب تاب الله عليه}.انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله رحمة واسعة. انظر:"رحلة النور": (10ب/00:29:25).
ولأن من الأحاديث التي جاء بها سلايمية للطعن في السنة النبوية هو حديث البخاري، وفيه:" شبهة محاولة النبي صلى الله عليه وسلم التردي من شاهق الجبال"، هذا رد من الشيخ العلامة المحدث:" الألباني" رحمه الله، أنقله بكامله لنفاسته، فقد سار فيه على منهج أهل الحديث، بدراسة أسانيد الروايات دراسة دقيقة حماية لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام من أن يدخل فيها ما ليس منها، هذا المنهج العلمي الدقيق الذي لم يشم الشيعة الروافض رائحته، فأقاموا مذهبهم على روايات منقطعة مقطوعة موضوعة عن أئمتهم، وملؤوا بها مراجعهم، كالكافي، وبحار الأنوار وغيرهما من مراجعهم، وقد عنون بعض الأفاضل لمبحث الشيخ الألباني النفيس هذا بعنوان:" الرد الألباني الزلال على شبهة محاولة النبي الانتحار من شواهق الجبال"، وهو مأخوذ من كتابه:" دفاع عن الحديث النبوي":(ص:40 -41)، حيث قال رحمه الله تعالى:
2 - قال (1 / 55) :" وجزع النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ذلك جزعا عظيما حتى أنه كان يحاول - كما يروي الإمام البخاري - أن يتردى من شواهق الجبال".
قلت: هذا العزو للبخاري خطأ فاحش، ذلك لأنه يوهم أن قصة التردي هذه صحيحة على شرط البخاري، وليس كذلك، وبيانه أن البخاري أخرجها في آخر حديث عائشة في بدء الوحي الذي ساقه الدكتور (1 / 51 - 53)، وهو عند البخاري في أول (التعبير) (12 / 297 - 304 فتح) من طريق معمر: قال الزهري: فأخبرني عروة عن عائشة. . . فساق الحديث إلى قوله:" وفتر الوحي"، وزاد الزهري:" حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه، تبدى له جبريل، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه، وتقر نفسه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي: غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك".
وهكذا أخرجه بهذه الزيادة أحمد (6 / 232 - 233)، وأبو نعيم في (الدلائل) :(ص 68 - 69) والبيهقي في (الدلائل): (1 / 393 - 395) من طريق عبد الرزاق عن معمر به، ومن هذه الطريق أخرجه مسلم (1 / 98)، لكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب، وليس فيه الزيادة، وكذلك أخرجه مسلم وأحمد (6 / 223) من طريق عقيل بن خالد: قال ابن شهاب به دون الزيادة، وكذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به.
قلت: ونستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين:
الأولى: تفرد معمر بها دون يونس وعقيل فهي شاذة.
الأخرى: أنها مرسلة معضلة، فإن القائل:" فيما بلغنا"، إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق، وبذلك جزم الحافظ في (الفتح) (12 / 302) وقال:" وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولا".
قلت: وهذا مما غفل عنه الدكتور، أو جهله، فظن أن كل حرف في "صحيح البخاري": هو على شرطه في الصحة، ولعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه والمعلق، كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه والحديث المرسل الذي جاء فيه عرضا، كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة.
واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها، كما بينته في:" سلسلة الأحاديث الضعيفة" برقم (4858)، وأشرت إلى ذلك في التعليق على:" مختصري لصحيح البخاري":(1 / 5)، يسر الله تمام طبعه، وإذا عرفت عدم ثبوت هذه الزيادة، فلنا الحق أن نقول:" إنها زيادة منكرة من حيث المعنى، لأنه لا يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم المعصوم: أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل، مهما كان الدافع له على ذلك، وهو القائل:" من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم، يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا". أخرجه الشيخان وغيرهما، وقد خرجته في:" تخريج الحلال والحرام": برقم (447)".

وقال رحمه الله في :" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة":(3/160- 163):
1052 - " لما نزل عليه الوحي بحراء مكث أياما لا يرى جبريل، فحزن حزنا شديدا حتى كان يغدو إلى (ثبير) مرة، وإلى (حراء) مرة، يريد أن يلقي بنفسه منه، فبينا هو كذلك عامدا لبعض تلك الجبال، إذ سمع صوتا من السماء فوقف صعقا للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعا عليه يقول: يا محمد أنت رسول الله حقا، وأنا جبريل، قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقر الله عينه، وربط جأشه ".
ضعيف.
رواه ابن سعد في " الطبقات " (1/1/130 ـ 131) : أخبرنا محمد بن عمر؛ قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الوحي.. إلخ.
قلت: وهذا سند واه جدا، محمد بن عمر هو الواقدي وهو متهم بالكذب على علمه بالمغازي والسير ، وشيخه إبراهيم بن محمد بن أبي موسى لم أعرفه، ولكني أظن أن جده أبي موسى محرف من أبي يحيى، فإن كان كذلك فهو معروف ولكن بالكذب، وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبو إسحاق المدني، كذبه جماعة.
ويرجح أنه هو؛ كونه من هذه الطبقة وكون الواقدي الراوي عنه أسلميا مدنيا أيضا، وقد قال النسائي في آخر كتابه " الضعفاء والمتروكون " (ص 57) :
" والكذابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة:
1 - ابن أبي يحيى بالمدينة.
2 - والواقدي ببغداد.
3 - ومقاتل بن سليمان بخراسان.
4 - ومحمد بن سعيد بالشام، يعرف بالمصلوب.
فهذا الإسناد من أسقط إسناد في الدنيا، ولكن قد جاء الحديث من طريق أخرى من حديث عائشة في صحيح البخاري وغيره، بيد أن له علة خفية، فلابد من بيانها فأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (رقم 22 - ترتيب الفارسي) من طريق ابن أبي السري:
حدثنا عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت: أول ما بدىء برسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة يراها في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب له الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه ... حتى فَجَأَهُ الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت: ما أنا بقارئ ... الحديث إلى قوله: قال (يعني ورقة) : نعم لم يأت أحد قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة، وزاد:حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فلما أوفى بذروة جبل كي يلقي نفسه منها تبدى له جبريل، فقال له جبريل، فقال له: يا محمد! إنك رسول الله حقا، فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع، فإذا طال عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل، فيقول له مثل ذلك.
وابن أبي السري هو محمد بن المتوكل وهو ضعيف حتى اتهمه بعضهم، وقد خولف في إسناده فقال الإمام أحمد في " مسنده " (6/232 - 233): حدثنا عبد الرزاق به.
إلا أنه قال: حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا خزنا غدا منه.. إلخ، فزاد هنا في قصة التردي قوله: " فيما بلغنا ".
وهكذا أخرجه البخاري في أول " التعبير " من " صحيحه " (12/311 - 317) من طريق عبد الله بن محمد وهو أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرزاق به بهذه الزيادة، وأخرجه مسلم (1/97 - 98) من طريق محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق به، إلا أنه لم يسق لفظه، وإنما أحال فيه على لفظ قبله من رواية يونس عن ابن شهاب، وليس فيه عنده قصة التردي مطلقا، وهذه الرواية عند البخاري أيضا في " التفسير " (8/549 ـ 554) ليس فيها القصة، فعزو الحافظ ابن كثير في تفسيره الحديث بهذه الزيادة للشيخين فيه نظر بين، نعم قد جاءت القصة في الرواية المذكورة عند أبي عوانة في " مستخرجه " (1/110 - 111) : حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: أنبأنا ابن وهب قال: أخبرني يونس بن يزيد به، وفيه قوله: " فيما بلغنا "، فهذه الرواية مثل رواية أحمد وابن أبي شيبة عن عبد الرزاق تؤكد أن إسقاط ابن أبي السري من الحديث قوله: " فيما بلغنا " خطأ منه ترتب عليه أن اندرجت القصة في رواية الزهري عن عائشة، فصارت بذلك موصولة، وهي في حقيقة الأمر معضلة، لأنها من بلاغات الزهري، فلا تصح شاهدا لحديث الترجمة المذكورة أعلاه، قال الحافظ ابن حجر بعد أن بين أن هذه الزيادة خاصة برواية معمر، وفاته أنها في رواية يونس بن يزيد أيضا عند أبي عوانة، قال: ثم إن القائل: " فيما بلغنا " هو الزهري، ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولا، وقال الكرماني: هذا هو الظاهر ويحتمل أن يكون بلغه بالإسناد المذكور، ووقع عند ابن مردويه في " التفسير " من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: " فيما بلغنا "، ولفظه " فترة حزن النبي صلى الله عليه وسلم منها حزنا غدا منه " إلخ، فصار كله مدرجا على رواية الزهري وعن عروة عن عائشة، والأول هو المعتمد.
وأشار إلى كلام الحافظ هذا الشيخ القسطلاني في شرحه على البخاري في " التفسير " واعتمده، ومحمد بن كثير هذا هو الصنعاني المصيصي قال الحافظ في " التقريب ": صدوق كثير الغلط.
وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال: ضعفه أحمد.
قلت: فمثله لا يحتج به، إذا لم يخالف، فكيف مع المخالفة، فكيف ومن خالفهم ثقتان عبد الرزاق ويونس بن يزيد، ومعهما زيادة؟ !
وخلاصة القول أن هذا الحديث ضعيف لا يصح لا عن ابن عباس ولا عن عائشة، ولذلك نبهت في تعليقي على كتابي " مختصر صحيح البخاري " (1/5) على أن بلاغ الزهري هذا ليس على شرط البخاري كي لا يغتر أحد من القراء بصحته لكونه في " الصحيح ". والله الموفق".

وقال في نفس السلسلة رحمه الله:(10/450 –458):
4858 - (لما نزل عليه الوحى بـ (حراء) ؛ مكث أياماً لا يرى جبريل، فحزن حزناً شديداً، حتى كان يغدو إلى ثبير مرة، وإلى حراء مرة، يريد أن يلقي نفسه منه، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك عامداً لبعض تلك الجبال؛ إلى أن سمع صوتاً من السماء، فوقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعقاً للصوت، ثم رفع رأسه فإذا جبريل على كرسي بين السماء والأرض متربعاً عليه يقول: يا محمد! أنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقاً، وأنا جبريل. قال: فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أقر الله عينه، وربط جأشه. ثم تتابع الوحي بعد وحمي). (باطل).
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1/ 196) : أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن أبي موسى عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل عليه ...".
قلت: وهذا إسناد موضوع؛ آفته: إما محمد بن عمر - وهو الواقدي -؛ فإنه متهم بالوضع. وقال الحافظ في "التقريب":" متروك مع سعة علمه". وقد تقدمت كلمات الأئمة فيه أكثر من مرة.
وإما إبراهيم بن محمد بن أبي موسى - وهو ابن أبي يحيى، واسمه سمعان الأسلمي مولاهم أبو إسحاق المدني -، وهو متروك أيضاً مثل الواقدي أو أشد؛ قال فيه الحافظ أيضاً:"متروك".
وحكى في "التهذيب" أقوال الأئمة الطاعنين فيه، وهي تكاد تكون مجمعة على تكذيبه، ومنها قول الحربي: "رغب المحدثون عن حديثه، روى عنه الواقدي ما يشبه الوضع، ولكن الواقدي تالف".
وقوله في الإسناد: "ابن أبي موسى" أظنه محرفاً من "ابن أبي يحيى".
ويحتمل أنه من تدليس الواقدي نفسه؛ فقد دلس بغير ذلك، قال عبد الغني ابن سعيد المصري: "هو إبراهيم بن محمد بن أبي عطاء الذي حدث عنه ابن جريج، وهو عبد الوهاب الذي يحدث عنه مروان بن معاوية، وهو أبو الذئب الذي يحدث عنه ابن جريج".
واعلم أن هذه القصة الباطلة قد وقعت في حديث عائشة في حكايتها رضي الله عنها قصة بدء نزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، مدرجة فيه عند بعض مخرجيه، ووقعت في "صحيح البخاري" عن الزهري بلاغاً؛ فقد أخرجه (13/ 297-303) من طريق عقيل ومعمر عن ابن شهاب الزهري عن عروة عنها؛ وجاء في آخر الحديث: "وفتر الوحي فترة؛ حتى حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - - فيما بلغنا - حزناً غدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ... " الحديث نحو رواية الواقدي.
وظاهر سياق الحديث في "البخاري" أن هذه الزيادة من رواية عقيل ومعمر كليهما! لكن حقق الحافظ أنها خاصة برواية معمر؛ بدليل أن البخاري قد ساق في أول "الصحيح" رواية عقيل، وليس فيها هذه الزيادة.
وأقوى منه: أن طريق عقيل أخرجها أبو نعيم في "مستخرجه" من طريق يحيى بن بكير - شيخ البخاري في أول الكتاب - بدونها، وأخرجه مقروناً - كما هنا - برواية معمر، وبين أن اللفظ لمعمر.
وكذلك صرح الإسماعيلي أن الزيادة في رواية معمر.
وأخرجه أحمد، ومسلم، والإسماعيلي، وأبو نعيم من طريق جمع من أصحاب الليث بدونها. قال الحافظ: "ثم إن القائل: "فيما بلغنا" هو الزهري، ومعنى الكلام: أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة، وهو من بلاغات الزهري، وليس موصولاً. ووقع عند ابن مردويه في "التفسير" من طريق محمد بن كثير عن معمر بإسقاط قوله: "فيما بلغنا"، ولفظه: "فترة حزن النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حزناً غدا منه ... " إلى آخره، فصار كله مدرجاً على رواية الزهري عن عروة عن عائشة. والأول هو المعتمد".
قلت: يعني: أنه ليس بموصول، ويؤيده أمران:
الأول: أن محمد بن كثير هذا ضعيف؛ لسوء حفظه - وهو الصنعاني المصيصي -؛ قال الحافظ:"صدوق كثير الغلط".
وليس هو محمد بن كثير العبد ي البصري؛ فإنه ثقة.
والآخر: أنه مخالف لرواية عبد الرزاق: حدثنا معمر ... التي ميزت آخر الحديث عن أوله، فجعلته من بلاغات الزهري.
كذلك رواه البخاري من طريق عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق...
وكذلك رواه الإمام أحمد (6/ 232-233) : حدثنا عبد الرزاق به.
ورواه مسلم في "صحيحه" (1/ 98) عقب رواية يونس عن ابن شهاب به دون البلاغ، ثم قال: وحدثني محمد بن رافع: حدثنا عبد الرزاق ... وساق الحديث بمثل حديث يونس، مع بيان بعض الفوارق اليسيرة بين حديث يونس ومعمر، ولم يسق الزيادة. ولولا أنها معلولة عنده بالانقطاع؛ لما استجاز السكوت عنها وعدم ذكرها؛ تفريقاً بين الروايتين أو الحديثين، مع أنه قد بين من الفوارق بينهما ما هو أيسر من ذلك بكثير! فدل هذا كله على وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله لهذه الزيادة، وثبت ضعفها.
ومما يؤكد ذلك: أن عبد الرزاق قد توبع على إسناده مرسلاً، فقال ابن جرير في "تاريخه" (2/ 305 - دار المعارف) : حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري قال:
فتر الوحي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترة، فحزن حزناً شديداً، جعل يغدو إلى رؤوس شواهق الجبال ليتردى منها ... الحديث.
وابن ثور: اسمه محمد أبو عبد الله العابد، وهو ثقة.
فثبت بذلك يقيناً وهم محمد بن كثير الصنعاني في وصله إياها.
فإن قيل: فقد تابعه النعمان بن راشد فقال: عن الزهري عن عروة عن عائشة به نحوه. أخرجه الطبري (2/ 298-299) ؟!
فأقول: إن حال النعمان هذا مثل حال الصنعاني في الضعف وسوء الحفظ؛ فقال البخاري: "في حديثه وهم كثير". وفي "التقريب":
"صدوق سيىء الحفظ".
قلت: وفي حديثه هذا نفسه ما يدل على سوء حفظه؛ ففيه ما نصه:
"ثم دخلت على خديجة فقلت: زملوني زملوني. حتى ذهب عني الروع، ثم أتاني فقال: يا محمد! أنت رسول الله - قال: - فلقد هممت أن أطرح نفسي من حالق من جبل، فتبدى لي حين هممت بذلك، فقال: يا محمد! أنا جبريل وأنت رسول الله. ثم قال: اقرأ. قلت: ما أقرأ؟ قال: فأخذني فغتني ثلاث مرات؛ حتى بلغ مني الجهد، ثم قال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) فقرأت ... " الحديث!!.
قلت: فجعل النعمان هذا الأمر بالقراءة بعد قصة الهم المذكور، وهذا منكر مخالف لجميع الرواة الذين رووا الأمر دونها، فذكروه في أول حديث بدء الوحي، والذين رووها معه مرسلة أو موصولة؛ فذكروها بعده.
ومن ذلك: ما أخرجه ابن جرير أيضاً (2/ 300-301) قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي: حدثنا يا عبيد! كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النبوة حين جاء جبريل عليه السلام؟.
قلت ... فذكر الحديث، وفيه - بعد الأمر المشار إليه -:
قال: "فقرأته. قال: ثم انتهى، ثم انصرف عني، وهببت من نومي، وكأنما كتب في قلبي كتاباً. [قال: ولم يكن من خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر إليهما! قال: قلت: إن الأبعد - يعني: نفسه - لشاعر أو مجنون؟! لا تحدث بها عني قريش أبداً، لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه، فلأقتلنها فلأستريحن] . قال: فخرجت أريد ذلك، حتى إذا كنت في وسط الجبل؛ سمعت صوتاً من السماء ... " الحديث.
ولكن هذا الإسناد مما لا يفرح به، لا سيما مع مخالفته لما تقدم من روايات الثقات؛ وفيه علل:
الأولى: الإرسال؛ فإن عبيد بن عمير ليس صحابياً، وإنما هو من كبار التابعين، ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الثانية: سلمة - وهو ابن الفضل الأبرش -؛ قال الحافظ:
"صدوق كثير الخطأ".
قلت: ومع ذلك؛ فقد خالفه زياد بن عبد الله البكائي؛ وهو راوي كتاب "السيرة" عن ابن إسحاق، ومن طريقه رواه ابن هشام، وقال فيه الحافظ: "صدوق ثبت في المغازي".
وقد أخرج ابن هشام هذا الحديث في "السيرة" (1/ 252-253) عنه عن ابن إسحاق به؛ دون الزيادة التي وضعتها بين المعكوفتين [] ، وفيها قصة الهم المنكرة.
فمن المحتمل أن يكون الأبرش تفرد بها دون البكائي، فتكون منكرة من جهة أخرى؛ وهي مخالفته للبكائي؛ فإنه دونه في ابن إسحاق؛ كما يشير إلى ذلك قول الحافظ المتقدم فيهما.
ومن المحتمل أن يكون ابن هشام نفسه أسقطها من الكتاب؛ لنكارة معناها، ومنافاتها لعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد أشار في مقدمة كتابه إلى أنه قد فعل شيئاً من ذلك، فقال (1/ 4) :
".. وتارك ذكر بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب؛ مما ليس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ذكر ... وأشياء بعضها يشنع الحديث به ... ".
وهذا كله يقال على احتمال سلامته من العلة التالية؛ وهي:
الثالثة: ابن حميد - واسمه محمد الرازي -؛ وهو ضعيف جداً، كذبه جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي.
وجملة القول؛ أن الحديث ضعيف إسناداً، منكر متناً، لا يطمئن القلب المؤمن لتصديق هؤلاء الضعفاء فيما نسبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الهم بقتل نفسه بالتردي من الجبل، وهو القائل - فيما صح عنه -: "من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً". متفق عليه: "الترغيب" (3/ 205).
لا سيما وأولئك الضعفاء قد خالفوا الحفاظ الثقات الذين أرسلوه.
وما أشبه هذا المرسل في النكارة بقصة الغرانيق التي رواها بعض الثقات أيضاً مرسلاً ووصلها بعض الضعفاء، كما بينته في رسالة لي مطبوعة بعنوان: "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، فراجعها تجد فيها - كما في هذا الحديث - شاهداً قوياً على ما ذهب إليه المحدثون: من أن الحديث المرسل من قسم الحديث الضعيف؛ خلافاً للحنفية؛ لا سيما بعض المتأخرين منهم الذين ذهبوا إلى الاحتجاج بمرسل الثقة ولو كان المرسل من القرن الثالث!
بل غلا أحدهم من المعاصرين فقال: ولو من القرن الرابع! وإذن؛ فعلى جهود المحدثين وأسانيدهم السلام!؟؟.
هذا؛ ولقد كان الباعث على كتابة هذا التخريج والتحقيق: أنني كنت علقت في كتابي "مختصر صحيح البخاري" - يسر الله تمام طبعه - (1/ 5) على هذه الزيادة بكلمة وجيزة؛ خلاصتها أنها ليست على شرط "الصحيح"؛ لأنها من بلاغات الزهري. ثم حكيت ذلك في صدد بيان مزايا المختصر المذكور؛ في بعض المجالس العلمية في المدينة النبوية في طريقي إلى الحج أو العمرة سنة (1394) ، وفي عمرتي في منتصف محرم هذه السنة (1395) ، وفي مجلس من تلك المجالس ذكرني أحد طلاب الجامعة الإسلامية الأذكياء المجتهدين - ممن أرجو له مستقبلاً زاهراً في هذا العلم الشريف؛ إذا تابع دراسته الخاصة ولم تشغله عنها الصوارف الدنيوية - أن الحافظ ابن حجر ذكر في "الفتح": أن ابن مردويه روى زيادة بلاغ الزهري موصولاً، وذكر له شاهداً من حديث ابن عباس من رواية ابن سعد؟ فوعدته النظر في ذلك؛ وها أنا قد فعلت، وأرجو أن أكون قد وفقت للصواب بإذن الله تعالى.
وإن في ذلك لعبرة بالغة لكل باحث محقق؛ فإن من المشهور عند المتأخرين: أن الحديث إذا سكت عنه الحافظ في "الفتح" فهو في مرتبة الحسن على الأقل، واغتر بذلك كثيرون، وبعضهم جعله قاعدة نبه عليها في مؤلف له، بل وألحق به ما سكت عنه الحافظ في "التلخيص" أيضاً!!.
وكل ذلك توسع غير محمود؛ فإن الواقع يشهد أن ذلك ليس مطرداً في "الفتح"؛ بله غيره، فهذا هو المثال بين يديك؛ فقد سكت فيه على هذا الحديث الباطل، وفيه متهمان بالكذب عند أئمة الحديث، متروكان عند الحافظ نفسه! وقد سبق له مثال آخر - وهو الحديث (3898) -، وقد أشرت إليه في التعليق على "مختصر البخاري" (1/ 277)؛ يسر الله تمام طبعه. آمين". انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
وبذلك تبطل بحمد الله تعالى شبهة شيعة الروافض الأولى التي أوردها سلايمية في مقاله، يسر الله قريبا إتمام الرد على بقية شبهاته، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

ملاحظة : لأنني لا أملك حسابا على الفايسبوك: ألتمس من إخواننا الأفاضل ممن عندهم فيه حساب: أن ينشروا – ولهم جزيل الشكر – هذه السلسلة على صفحة:" الفاضح لشيعة الجزائر"، بارك الله فيكم وفي جهودكم لنصرة التوحيد والسنة، ودحض الشرك والبدعة.

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية مُسلِمة
مُسلِمة
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 04-09-2012
  • المشاركات : 4,418
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • مُسلِمة has a spectacular aura aboutمُسلِمة has a spectacular aura about
الصورة الرمزية مُسلِمة
مُسلِمة
شروقي
رد: كشف الأنوار السنية لمغالطات الكاتب سلايمية الحلقة:(1): تنبيه الساري إلى طعن سلايمية في صحيح البخ
23-02-2014, 02:06 PM
السلام عليكم


بارك الله فيكم

في الحقيقة قرأت ذلك المقال لكاتبه سلايمية ربما حقده على الوهابية جعله يغرق في تلك السقطات
أن ينتقد الوهابية فهذا من شأنه لكن أن يطعن فيما بين أيدينا من صحيح السنة طعنا فيما يسمى الوهابية فهذا لا يتقبله مسلم
سأعود لأقرأ بالتفصيل ما كتبت و أرى إن أمكن وضعه على صفحة " الفاضح لشيعة الجزائر "
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
رد: كشف الأنوار السنية لمغالطات الكاتب سلايمية الحلقة:(1): تنبيه الساري إلى طعن سلايمية في صحيح البخ
26-02-2014, 04:06 PM
وفيك بارك الله أختنا الفاضلة:" مسلمة".
بالفعل الأمر كما أشرت إليه، إن غرض هؤلاء هو:" الطعن في الإسلام"، وما طعنهم في الوهابية إلا:" حيلة ماكرة": تمرر على بعض أهل السنة لاختلافهم معها في بعض أدبياتها ؟؟؟.
وكنت قد أشرت في مقالي:" حقيقة الصراع بين شيعة إيران وأهل السنة": أن مرجع الخلاف الحقيقي بين الطائفتين، إنما يعود إلى:" الصراع بين المجوسية والإسلام": الذي أطفأ نار المجوس، وهدم إمبراطوريتهم.
سأواصل بإذنه تعالى نشر بقية حلقات السلسلة على منتديات الشروق، وسأكون شاكرا لكل فاضل وفاضلة يتكرم بنشرها على صفحة الفايسبوك:" الفاضح لشيعة الجزائر".
بارك الله فيكم جميعا.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:27 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى