الجامع الحافظ لوحدة الجزائريين: عربا وأمازيغ
21-01-2018, 11:54 AM
الجامع الحافظ لوحدة الجزائريين: عربا وأمازيغ
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
كثر السجال، واحتدم الجدال بين الجزائريين بعد القرارات التي اتخذت مؤخرا بحق الأمازيغية، ولعل من أبرز النقاط التي شحنت ذلك الخلاف هي:
بأي حرف ستكتب الأمازيغية: أبالعربي أم التيفيناغي أم اللاتيني!!؟.
وكنا نأمل بأن تكون القرارات الأخيرة بحق الأمازيغية: عامل توحيد بين الجزائريين، وعنصر تمتين للحمتهم الوطنية، ولكن برز ما ينغص علينا ذلك الأمل: بانقسام الجزائريين إلى ثلاث فئات، كل فئة تطالب بكتابة الأمازيغية بالحرف الذي تريده!!؟.
ولأن الخلاف قد وقع بالفعل، وحتى لا يتطور الأمر إلى صدام وانسداد لا مخرج له!!؟، فالمطلوب الآن هو: الاتفاق على كتابة الأمازيغية بالحرف الذي يوحد الأمة الجزائرية، وتطالب به أغلبيتها، وليس بالحرف الذي يكون عامل تشتيت وعنصر تفتيت لصفها، ولا مانع – إن استدعى الأمر، ورأى ذلك: أهل الحل والعقد: الذهاب لاستفتاء شعبي- حتى يكون الأمر ملزما للجميع.
فمن غير المنطقي: أن يصر بعضنا معاندا على تحقيق أمر يسبب لنا فرقة وفتنة نحن جميعا في غنى عنها!!؟.
والذي دعاني إلى كتابة هذه النصيحة هو: تغريدة نقلها أخونا الفاضل:" أبو أسامة"، والتغريدة تعود لأحد إخواننا الأمازيغ الشاوية، والتي يعترض فيها على كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني كما يريده بعض الأمازيغ القبائليين- وليسوا كلهم-، وما طرحه أخونا الأمازيغي الشاوي هو: بعض ما كنا نخشى وقوعه من صدام وشقاق بخصوص مسألة الأمازيغية، ونأمل أن لا يكون تلك هي: الشرارة الأولى لصراع نحن جميعا والجزائر في غنى عنه، وإليكم التغريدة:
ولا أجد في هذا المقام أنسب للحفاظ على وحدة الجزائريين من تذكير الجميع: عربا وأمازيغ بكلمة الإمام المصلح المجدد الأمازيغي الصنهاجي المسلم الجزائري:" عبد الحميد بن باديس" رحمه الله، والتي قال فيها:
ما جمعته يد الله لا تفرقه يد الشيطان
" هذه هي الكلمة التي ختمنا بها الخطاب الذي ألقيناه أثر ما خطب الشيخ: يحيى حمودي باللغة القبائلية ليلة مأدبة النادي لجمعية العلماء، فاهتز لها الحفل، ودوَّت القاعة بالهتاف والتصفيق، وددت لو ذكرت الخطاب فنشرته كله، ولكنني سأكتفي بالكلمة التالية، فقد تكون أوفى منه في المعنى وأجمل في التنسيق.
إن أبناء يعرب وأبناء مازيغ قد جمع بينهم الإسلام منذ بضع عشرة قرنا، ثم دأبت تلك القرون تمزج ما بينهم في الشدة والرخاء، وتؤلف بينهم في العسر واليسر، وتوحدهم في السراء والضراء، حتى كونت منهم منذ أحقاب بعيدة عنصراً مسلما جزائرياً، أمه: الجزائر، وأبوه: الإسلام.
وقد كتب أبناء يعرب وأبناء مازيغ آيات اتحادهم على صفحات هذه القرون بما أراقوا من دمائهم في ميادين الشرف لإعلاء كلمة الله، وما أسالوا من محابرهم في مجالس الدرس لخدمة العلم.
فأي قوة بعد هذا يقول عاقل تستطيع أن تفرقهم: لولا الظنون الكواذب والأماني الخوادع!!؟.
يا عجبا! لم يفترقوا وهم الأقوياء، فكيف يفترقون وغيرهم القوي، كلا والله، بل لا تزيد كل محاولة للتفريق بينهم إلا شدة في اتحادهم وقوة لرابطتهم:(ذمتي بما أقول رهينة، وأنا به زعيم)، والإسلام له حارس، والله عليه وكيل.
نعم، إننا نتحد لننفع أنفسنا، وننفع إذا استطعنا غيرنا، ومعاذ الله والإسلام أن نتحد على أحد، أو نتفق على باطل، أو نتعاون على إثم أو عدوان.
[ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ]. (1)".
عبد الحميد بن باديس الصنهاجي.
__________
(1) ش: ج11، ص 605 غرة ذي القعدة- فيفري 1936م.
نشرت هذه الكلمة عينها في البصائر السنة الأولى العدد 3 ص 2، ع 2، 3. بتاريخ الجمعة 22 شوال 1354ه - 17 جانفي 1936م.
وختاما:
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى: أن يحفظ الجزائر وأهلها من كل سوء، وأن يجمع كلمتهم على الحق، ويوحد صفوفهم على مرضاته.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.
من مواضيعي
0 مهما.. ومهما!
0 عالمية الدور الحضاري للعربية
0 صانعة الأجيال
0 هام جدا: مجتمعنا أمانة في أعناقنا
0 كيف نتعامل مع المشكلات الأخلاقية!!؟
0 23 تغريدة في رحلة مع حياة نوح وأسلوبه في التأثير والتواصل
0 عالمية الدور الحضاري للعربية
0 صانعة الأجيال
0 هام جدا: مجتمعنا أمانة في أعناقنا
0 كيف نتعامل مع المشكلات الأخلاقية!!؟
0 23 تغريدة في رحلة مع حياة نوح وأسلوبه في التأثير والتواصل
التعديل الأخير تم بواسطة أمازيغي مسلم ; 22-01-2018 الساعة 12:11 PM