نشأة و تطور الفرنكفونية
08-08-2015, 04:38 PM
نشأة وتطور الفرنكفونية
كاتب من موقع بوابة الشروق الإلكترونية
«يعتبر «أونيسيم ريكلوس» (Onesime Reclus) الجيولوجي الفرنسي أول من نحت مصطلح «الفرنكوفونية» وذلك في العقد الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي. ثم أتى عليه حين من الدهر ظل خلاله مغموراً إلى أن ظهر من جديد على الساحة السياسية وذلك سنة 1962 على يد أشد الزعماء الأفارقة تحمساً للفكر الفرانكفوني وهو الرئيس السنغالي «ليوبولد سنغور». غير أن الحركة الفرنكوفونية عرفت انطلاقتها الحقيقية غداة استقلال الدول الإفريقية التي كانت تحت السيطرة الفرنسية؛
إذ ظهرت مع بداية الستينيات كثير من المنظمات الفرنسية الإفريقية الهادفة إلى تقوية العلاقات الثقافية والاقتصادية بين الطرفين. وليس غريباً أن يعمل كثير من الزعماء السياسيين آنذاك مثل الرئيس التونسي «الحبيب بورقيبة» والسنغالي «سنغور» والنيجيري «حماني ديوري» على الدعوة إلى الفرنكوفونية بمباركة خفية من وزارة الخارجية للدولة الفرنسية»(1).
ويعتبر الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة الأب الروحي والمؤسس الحقيقي للفرانكفونية؛ وقد تحدث بورقيبة عن ذلك مفتخراً، في معرض حديثه عن تاريخه ومسيرته الشخصية؛
فقال في لقاء صحفي: «إن مستقبلنا مرتبط بمستقبل الغرب عموماً ومتضامن مع مستقبل فرنسا خاصة... ونحن نتجه اليوم من جديد إلى فرنسا. إنني أنا الذي تزعمت الحركة المنادية بالفرنكوفونية؛ فالرابطة اللغوية التي تجمع بين مختلف الأقطار الإفريقية أمتن من روابط المناخ أو الجغرافيا». وقال في مقابلة أخرى له مع صحيفة ـ ليفيغارو ـ: «... إننا لا نستطيع الإعراض عن الغرب، إننا متضامنون مع الغرب بأكمله، متضامنون بصورة أخص مع فرنسا. وتدعيم الروابط مع فرنسا وبصورة أخص في ميدان الثقافة، وفكرة بعث رابطة للشعوب الفرنكوفون
كذا يفتخر بورقيبة بلغته الفرنسية وأساتذته الفرنسيين وثقافته الفرنسية وبحبه ووفائه لفرنسا الذي دفعه إلى رد الجميل بتزعم حركة الفرنكوفونية وتأسيس رابطة الشعوب الناطقة بالفرنسية.
وقد عرفت الفرنكوفونية تكيفات عدة في صورة: بعثات، وجمعيات، واتحادات، ومجالس عالمية، ومعاهد، وكليات، وجامعات، ومؤتمرات وقمم؛ توجت بإيجاد أمانة عامة للفرانكفونية، وتعيين ناطق رسمي سياسي وممثل لها على الصعيد الدولي، وإنشاء الوكالة الفرنكوفونية العامة
1.أرسل أول وأبرز المقيمين العامين، الجنرال ليوطي دوريته الشهرية ( تاريخ 16/6/1921) إلى ضباط المخابرات ورؤساء المناطق العسكرية والمدنية المغربية، ومما جاء فيها: «ليس علينا أن نعلِّم العربية لمجموعات من الناس استغنوا عنها دائماً (في إشارة إلى البربر). إن العربية عنصر أسلمة لكونها لغة القرآن؛ أما مصلحتنا فتفرض علينا أن نجعل البربر يتطورون خارج إطار الإسلام. ومن الوجهة اللسانية علينا أن ننزع إلى المرور مباشرة من البربرية إلى الفرنسية، ولهذا نحتاج إلى عارفين بالبربرية،
ويتوجب على ضباط مخابراتنا أن ينكبُّوا بعزم على دراسة اللهجات البربرية. كما يلزم خلق مدارس فرنكو ـ بربرية حيث نعلم الفرنسية للبربر الشباب».
2 - وقد عبر عن هذه السياسة نفسها المستشرق ديمونبين بقوله: «إنه من الخطر بالفعل أن نسمح بتكون كتلة متراصة من السكان الأصليين تكون اللغة والمؤسسات فيها موحدة. علينا أن نتبنى لحسابنا المقولة المتبعة سابقاً من طرف المخزن (الدولة المغربية): «فَرِّقْ تَسُدْ». إن وجود العنصر البربري لهو قوة نافعة مضادة للعنصر العربي يمكننا استغلاله أمام المخزن»
3 - ويقول بول مارتي في كتابه: «مغرب الغد» ص 338: «.. إن كل تعليم للعربية، وكل تدخل من الفقيه، وكل وجود إسلامي، سوف يتم إبعاده بكل قوة؛ وبذلك نجذب إلينا الأطفال الشلوح عن طريق مدرستنا وحدها، ونبعد، متعمدين، كل مرحلة من مراحل نشر الإسلام»
4 - وبخصوص الجزائر يقول دي روفيكو: «إني أنظر إلى نشر تعليمنا ولغتنا كأنجع وسيلة لجعل سيطرتنا في هذا القطر (الجزائر) تتقدم في إحلال الفرنسية تدريجياً محل العربية؛ فالفرنسية تقدر على الانتشار بين السكان خصوصاً إذا أقبل الجيل الجديد على مدارسنا أفواجاً أفواجاً»
إن المحلل لهذه الشواهد، وغيرها كثير، ليلمس بوضوح أهداف «الاستخراب» الفرنسي لدول المغرب المتمثلة في: محو اللغة العربية، والقضاء على الإسلام في هذه الربوع، ومحو الهوية الثقافية لهذه الشعوب، والسعي إلى إلحاقها ثقافياً وحضارياً بالحضارة الفرنسية ـ إن كانت لفرنسا حضارة خاصة تميزها عن بقية الدول الغربية ـ تمهيداً لتحقيق المصالح الاقتصادية والجيوسياسية لفرنسا في هذه البلدان؛ بل إن فرنسا والغرب عموماً لا يعترفون إلا بحضارة الرجل الأبيض «السوبرمان» الذي ينبغي أن يقود العالم وأن يخضعه لمصلحته الشخصية؛ولا يمكن الاعتراف بالآخر المغاير، وبثقافته وحضارته إلا في هذه الحدود؛ أي حدود التبعية، والذيلية، والإلحاق الثقافي والحضاري. وقد عبر عن ذلك أحد الكتاب الغربيين بقوله: «بما أن الحضار الغربية تسعى للقضاء على غيرها من الحضارات؛ فإنه يمكننا نعتها بكونها (لا حضارة) إن الحضارة الغربية لا تقبل غيرها من الحضارات ولذا فهي تعمل جاهدة لتخريبها... إن الغرب عالم وحيد يدعو إلى الإنسان الوحيد والأمة الوحيدة والحضارة الوحيدة؛ وكل ما يتعلق بالكثرة أو الإنسانية بمعنى الجمع والكثرة يعتبر محظوراً ومرفوضاً»
أبعد كل هذا الذي قلته: يستطيع أي جزائري شريف أو حتى وضي،ع ولكن فيه ريحة الرجولة أن يعتقد بأن:" بن غبريط": تريد الخير للمدرسة الجزائرية!!؟".
رأينا أن أغلب الشعب الجزائري بمعربيه وحتى مفرنسيه، بجهلته وبمتعلميه، بمتدينيه وسكرته: يرفضون العبث بمستقبل ومستوى أبنائهم ، ويريدون تحسين المدرسة، وليس تكسيرها!!؟.