فقه الأزمات والفتن
27-10-2007, 10:39 AM
فقه
الأزمات والفتن
للشيخ
صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
-حفظه الله تعالى-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمدٍ وأوفاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإني في فاتحة هذا اللقاء لأشكر لمعالي مدير الجامعة الدكتور محمد السالم الدعوة الكريمة للالتقاء بكم، كما أشكر أصحاب الفضيلة وكلاء الجامعة وفضيلة عميد هذه الكلية على الترحيب والعناية، ولاشك أن بذل العلم الشرعي وبذل النفس فيه بما يناسب المقام والحال من أعظم القربات إلى الله جل وعلا.
فطالب العلم في علمه وتعلّمه وتعليمه -حتى في نَفَسِه- يؤجر على ذلك ويعظم الأجر بحسب المقاصد واللوازم المترتبة على ذلك.
ولهذا جاء هذا الالتقاء بهذه الثلة الكريمة من حملة العلم الشرعي من طلاب الجامعة وخاصة طلاب كلية الشريعة الذين هم حملة مشاعل العلم ونور العلم إلى الناس.
وما أحسن قول الحسن البصري رحمه الله تعالى وهو يخاطب القراء -يعني طلبة العلم في البصرة- وهو يقول لهم: يا ملح الأرض لا تفسدوا.
يعني بذلك أنهم هم الأمل لحمل اللواء، وهم الذين سيصلون الحاضر بالماضي، وهم الذين إذا صلُحوا بالعلم والعمل فإن الناس سيتأثرون بذلك، وبقدر النّقص في القراء بطلبة العلم يكون النقص في الناس.
ولهذا أنا مسرور كثيرا بهذا اللقاء؛ لأنه لقاء مع الحملة للعلم والدعوة وهم نشر هذا الدين والدفاع عنه والبذل في سبيله، وقد دار في ذهني عدة موضوعات لأتحدث معكم عنها.
وكان لمناسبة المكان كلية الشريعة التي هي كلية الفقه والاجتهاد أن ظهر موضوع فقه الأزمات والفتن.
ومعلوم أن الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية بأدلتها التفصيلية، وهذا يمكن أن يتنوع، فنحتاج إلى فقه أكبر وهو التوحيد، ونحتاج إلى فقه في العبادات، وفقه في المعاملات، وفقه في الأحوال؛ يعني ما يسمى بالأحوال الشخصية وفقه النكاح والطلاق والأسرة والوصايا والأوقاف وما أشبه ذلك.
وهذا الزمن أظهر الحاجة إلى نوعين من الفقه، يجب أن يؤصل لك حاجة الأمة وليكون طلاب العلم على معرفة بذلك، فإنه من الأهمية بحيث لا يجوز أن يقفلا ولا أن يترك الكلام عنهما.
وهذا هو فقه الأزمات والفتن وفقه الدعوة.
أما فقه الدعوة فلن نتحدث عنه؛ لأن المجال يضيق وهو بحاجة إلى الكثير من الحديث لأجل شدة الحاجة لفقه صحيح في الدعوة إلى الله جل وعلا.
وأما الحديث فهو عن:
فقه الأزمات والفتن
وكما هو معلوم من يتحدث عن شيء في أول الأمر فإنه قد لا يستوعب أطرافه؛ ولكن هي محاولة لفتح الباب لأهل الاجتهاد والعلم والفقه الذين هم أنتم يا حملة العلم من طلاب هذه الكلية، وإذا لم تحملوا أنتم الفقه الصحيح فإنه من يحمل ذلك؟ وإذا لم تكونوا أنتم أهل النظر والتجديد والاجتهاد فمن يكون كذلك؟
فأنتم الأمل في هذا لأنكم حملة الفقه الذين درسوا أصوله وفروعه، ودرسوا ماضيه ودرسوا حاضره.
اليوم كما ترون لاشك أن الأمة بجميع فئاتها؛ فئتها السياسية وفئة العامّة، فئة المثقفين وفئة طلبة العلم، وفئة الدعاة، وفئة المتحمسين للشأن الإسلامي العام، نجد عندهم الكثير من الإشكالات المتعلقة بهذا الواقع الإسلامي المرير الذي نعيشه، فنحن ما بين دوائر التفجير إلى دوائر التكفير، وما بين التخذير -تخذير المشاعر وتخذير الغيرة- إلى الحماس والاندفاع.
فما هو المخرج من ذلك؟ وما الفقه الذي يتناول هذا الأمر؟ هل الحكمة في المخدرات العلمية كما يقال؟ أو الحكمة في الحماس وإثارة العواطف في هذا الزمن؟ وهل الفقه الصحيح أن يتساهل مع التكفير الذي أدى إلى التفجير؟ وهل الفقه الصحيح يؤدي إلى ترك الأمور دون رعاية؟ ما الذي يجب على طالب العلم الفقيه في هذا الزمن من جهة التأصيل ومن جهة التطبيق؟ من جهة تأصيل هذا الفقه -فقه الأزمات والفتن-، ومن جهة تطبيق هذه الأصول على الواقع.
وهذا الذي سنعرض له في هذه الكلمة بشيء من الاختصار الذي أرجو أن لا يكون مؤثرا على مقاصد الكلمة.
أول ما يأتينا النظر في هذه النوادر هل يتعامل معها الناس بتعاملهم مع الأحكام العامة المعروفة، أو يكون هناك نظر في الأزمة وفي الفتن مالا يكون من النظر في زمن الأمن واستقامة الأحوال.
والناظر في حال السلف يجد أنهم اختلفت أقوالهم بحسب الحال، فهناك رعاية لأشياء في زمن الفتن ما لا يكون ربما في زمن غيره، وقد ذُكر عن العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى أنه قال: ينبغي للمفتي أن ينظر في حال الناس بحسب الزمان، فإما أن يشدد عليهم وإما أن ييسر عليهم.
في زمن علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ لم تكن سيرته في رعيته هي سيرة أبي بكر وعمر في الرعية؛ لأجل أن الأمور لم تستقم له على حال.
وإذا نظرنا في زمن الفتن كان الصحابة لهم من الكلمات المضيئة ما يكون نبراسا لسير الطريق، وهذا يحتاج منكم إلى البحث عن هذه الكلمات في توازن وشمول.
أول ما يظهر لنا في أصول النظر في فقه الأزمات والفتن:
العناية بفقه المرجع
فلابد أن الناس لهم مرجع يرجعون إليه، وهذا الأصل فيه قول الله جل وعلا ﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)[النساء:83] دلت الآية على أمور:
الأول منها أن الأمر -الخوف- هو زمن التقلبات والفتن والأزمات يجب أن لا يذاع كل ما يتعلق به، ﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ﴾ هذا إنكار وكراهة لهذا الأمر كما في سياق الآية، ما المرجع في زمن الخوف في زمن الفتن؟ قال ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ والرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ذكره في هذه الآية هو لأجل منصب الإمامة وليس لأجل الرسالة.
لأن ما يُرجع فيه في النص أو في فعل الصحابة إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
تارة يتعلق بكونه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نبيا رسولا المبلّغ عن ربه الموحى إليه.
وتارة يتعلق بكونه الإمام الأعظم للمسلمين وحقوق الإمامة.
وتارة يتعلق بكونه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قاضيا فاصلا في الخصومات.
وتارة يتعلق بكونه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ مفتيا لا يُلزم بفتواه.
وتارة يتعلق بكونه ناصحا ومرشدا.
وتارة يتعلق بكونه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بشرا.
وتارة بكونه إماما لمسجده عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ.
هذه قد ذكرها القرافي وذكرها غيره ممن صنفوا في تصرفات وأحوال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
المقصود من هذا أن أفعال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما ينسب إليه وما يضاف إليه يتنوع بتنوع الحال.
في هذه الآية المقصود منها الرجوع إلى الإمام، ثم قال ﴿وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ قال أهل التفسير: أولو الأمر في هذه الآية هم أهل العلم. وذلك لأن ولي الأمر الذي هو الإمام المقصود به ذكر مقام المقام في قوله ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ﴾.
هذا يعني أن المرجعية في أحداث الخوف والأزمات والفتن، كما هي في حال الأمن؛ لكن لابد من وضوح المرجعية إلى أهل الاختصاص ولي الأمر الذي هو الإمام فيما يختص من الأمر العام حال المسلمين والدفاع عنهم والنظر في ذلك، وأهل العلم الشرعي فيما يتعلق باستنباطهم من النص وما يتعلق بإيضاحهم للشرع.
وهذا ظاهر بيّن؛ لكن الخروج عن هذه المرجعية نبهت الآية على أثره قال جل وعلا ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)﴾ فإنه لولا حصول هذا التوجيه لكان هناك خروج باتّباع الشيطان والعياذ بالله.
هذا النظر المرجعي لابد منه لأنه من المقاصد للشريعة -المقاصد الكلية البينة- أن الشريعة جاءت لحفظ اجتماع الناس، واجتماع كلمتهم واجتماع سوادهم وعدم تفرق بيضتهم، وهذا من الأشياء العامة التي أعاد فيها القرآن وأبدى، وكذلك أبدى فيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأعاد في النصوص حتى جاء، حتى جعلها إمام الدعوة رحمه الله تعالى ثالث المسائل التي خالف فيها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل الجاهلية وهي اجتماع الكلمة؛ لأن أهل الجاهلية لا يقرون باجتماع الكلمة وإنما يهتمون بما يرونه صوابا وقوة بحسب عصبيتهم أو بحسب ما يرون أنه أصلح لهم، فجاء الإسلام بمقصده العظيم وهو جمع الكلمة ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ[آل عمران:103].
هنا فقه المرجعية هذا من الضروريات، فإذا جاءت الأزمات والفتن هنا لابد من وجود المرجع، فإذا اختلف أهل العلم كما يحصل أحيانا في بعض المسائل المتعلقة بالأزمات والفتن فأي الأقوال يؤخذ في هذا الأمر؟ هنا يؤخذ باليقين؛ لأن اليقين لابد من استصحابه وهو الأصل، والأمر الذي هو غير يقيني أو يطرأ عليه الاعتراض أو يطرأ عليه عدم رعاية المصالح ودفع المفاسد أو يطرأ عليه عدم رعاية الأولويات أو يطرأ عليه عدم العناية بجمع الكلمة أو يطرأ عليه شيء الطوارئ التي تؤثر في القواعد التي سنذكرها في فقه الأزمات والفتن، فإنه حينئذ يجب الأخذ باليقين، واليقين هو الذي أخذ به الصحابة رضوان الله عليهم لما حلّت الفتن، في عهد عثمان رَضِيَ اللهُ عنْهُ في آخره، وفي عهد علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ وفيما بعده.
هنا لابد من تأصيل هذا النظر، وإذا لم نؤصل هذا النظر في فقه المرجع؛ في فقه من يُصار إلى قوله، في فقه القول الذي يتبع فإنه لابد أن تحدث فرقة أخرى وفتن أخرى، فإنه ما من تغير في الأحوال وحصول فتن في تاريخ الإسلام إلا ما ندر لم تحصل فتنة ويحصل تغير أحوال إلا ويكون بعدها تفرق ولابد، والله جل وعلا وصف من جانب نفسَه عن الفرقة بأنه من المرحومين قال ﴿وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ[هود:118-119]، فأهل الرحمة الذين جعل الله جل وعلا الرحمة الخاصة وهي رحمة الخروج من المأزق والفتنة هم الذين لا يحدثون فرقة أو اختلافا، خذ التاريخ جميعا.
لما حدث الخلاف أو الاختلاف في وقت عثمان رضي الله عنه تنوع رأينا في ذلك وظهرت الخوارج بقوة.
في عهد علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ لما ظهرت الفتن بعده خرجت الفرق؛ خرج عدة فرق السبئية والمرجئة والخوارج استمروا إلى آخره.
بعد ذلك لما حصلت الفتن عند الأمويين في بعض الأزمنة خرجت فرق أخرى كالمعتزلة وغيرهم.
بعد زمن الإمام الأحمد فتنة خلق القرآن حصل خروج فرق جديدة.
وهكذا في الأزمات السياسية أو الأزمات الدينية فإنه إذا لم يرجع فيها إلى فقه صحيح مؤصل فإنه يحدث ما نهى الله جل وعلا عنه وهو حصول الافتراق وزيادة الفُرقة في الأمة.
الأول لابد من فقه المرجع وتحديد ذلك بوضوح وعدم التساهل في هذا الأمر.
الثاني:
فقه الأولويات
وهو الذي يسميه بعض العلماء فقه البُداءة بالأهم فالمهم، ويسميه بعض أهل العصر فقه الأولويات.
وكلمة الأَوْلى موجودة في كلام أهل العلم وكلام الأصوليين، وهذا من باب أوْلى، ونحو ذلك فقه الأولويات مهم؛ لأنه من لا ترتيب عنه في وقت في أي وقت خاصة في وقت الأزمات والمحن تغير الأحوال من لا ترتيب عنده للأولويات، ما الذي يقدم وما الذي يؤخر وما الذي يهتم به وما الذي لا يهتم به، وما الذي يجب أن يجمع الناس عليه وأن يسيروا فيه، وما الذي يكون فيه الخلاف مقبولا، هذا إذا لم يكن بينا عند كل طالب علم وكل فقيه وكل طالب شريعة وكل إمام وكل داعية وكل متحدث فإنه يحصل خلل كبير جدا في الخروج من المآزق والفتن بما يُحدث ما لا تحمد عقباه.
فقه الأولويات عُرّف بأنه العلم بالأحكام الشرعية التي لها الحق في التقدم على غيرها بناء على العلم بمراتبها بحسب الواقع الذي يتطلبها.
وفقه الأولويات موجود في النصوص، فالنصوص هي التي دلت على هذا الأمر، ففي قول الله جل وعلا ﴿إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ[البقرة:271]، ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ[البقرة:61]، وقال جل وعلا ﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ[البقرة:280]، في رعاية الأوْلى فالأوْلى، وقال جل وعلا ﴿فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ[التوبة:81].
الأولوية قد تستفاد من ذكر اسم التفضيل صراحة أو عن طريق الإيمان أو عن طريق الموازنة بين الشيئين دل الدليل على ترجيح أحدهما على الآخر، أو دل النظر الصحيح المبني على الدليل أو على المقاصد الشرعية بترجيح أحدهما على الآخر.
وفي السنة النبوية صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوعيت الأولويات، روعي البداءة بالأهم فالمهم.
منها ما جاء في الحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بعث معاذا إلى اليمن قال له «إنك تأتي أهل قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا غليه إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك في ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» إلى آخر الحديث ففيه ذكر كلمة أول ورعاية الأولويات لهذا ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسائل كتاب التوحيد قال: فيه -يعني في الحديث- البداءة بالأهم فالمهم.
ومن الأدلة السنة على هذا الفقه فقه الأولويات قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجاءه رجل فقال: يا رسول الله إئذن لي في الجهاد. فقال «ألك أبوان؟» فقال: نعم. فقال «ففيهما فجاهد» فرعى أولوية المجاهدة في ذلك الوقت برعاية الوقت أو براعية الأبوين أو براعية الحال بتقديم الجهاد ببر الوالدين على الجهاد الكفائي الذي يُطلب، يطلبه ولي الأمر.
من ذلك أيضا أن التيسير أولى من التعسير، والسَّعة أولى من الضيق كما في حديث أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنْهُ الذي رواه البخاري في صحيحه قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «إنّ الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا أبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة ...» إلى آخر الأدلة في هذا الباب .
هنا فقه الأولويات مهم في هذا الزمن ودائما، فما الذي يُقدَّم؟ هناك من ينظر إلى أن الحق يجب أن يقال في كل زمان ومكان وفي كل حال بنفس المرجع وبنفس القوة وأنه لا يقدم شيء على شيء ولا يؤخر شيء إلى وقت آخر.
ومعلوم أن التشريع في نفسه -نزول الشريعة- في الأحكام كان فيها ترتيب بالنزول في الأولويات، الصلاة كذا ثم صارت كذا، الصدقة فرضت ثم صارت زكاة، والجهاد كان في أول أمره في حال الضعف ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ[الحج:39]، ثم في حال القوة قوة الدولة واستعدادها لمواجهة جميع الأعداء ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ[التحريم:9]، هنا اختلاف الحال في التشريع نفسه.
فكذلك النظر فيما نأتي وفيما نذر ليس المعيار هو أن يكون ما نقوله أو ما يناسب المقام يناسب المرحلة أن يكون حقا في نفسه فقط؛ بل لابد من شيئين:
أن يكون حقا في نفسه من حيث الدليل والحجة والبرهان.
والثاني أن يكون في القول به للناس من جهة الفتوى أو من جهة الإفتاء أو من جهة البيان أن يكون المصلحة منه راجحة على المفسدة، وأن يكون في مقامه هو الأوْلى على غيره؛ لأنه في بعض الأحوال قد يكتم العلم للمصلحة وقد يؤخر البيان لأجل المصلحة وذلك لرعاية فقه الأولويات والبداءة بالأهم فالأهم.
هنا نأتي إلى شيء مهم في هذا الأمر وهو من ينظر إلى الترجيح، هنا دخلنا في فقه عميق متعلق بالاجتهاد وهو ترجيح أن يكون هذا أوْلى من هذا، هذا يحتاج إلى علم راسخ بالفقه في نفسه -فقه النص وكلام أهل العلم- وكذلك إلى نظرٍ راجح في التاريخ، وهذا هو الذي يغيب التاريخ العام القديم وكذلك التاريخ الحديث؛ لأنه ما أشبه الليلة بالبارحة ولو اختلفت الصور الأشكال.
فإذن هنا لابد من نظر فيما مضى وفيما سبق، من ينظر نظرا صحيحا لابد أن يكون استقرأ ونظر ما الذي يحدث فيما إذا قال.
بعض الناس سواء كان من طلبة العلم أو كان من عامة الناس الذين عندهم غيرة أو من الشباب ونحو ذلك ينظر للمسألة نظرا واحدا هذا حق لابد نقوله في كل زمان أو في كل مكان بحسب ورود هذا الحق هذا ليس هو النظر الصحيح، لا في الوقت العام ولا في وقت الأزمات والفتن من باب أوْلى.
ولذلك جاء في سنن ابن ماجة بإسناد لا بأس به «من أعان على قتل أخيه بشطر كلمة فهو من أهل النار» بشطر كلمة؛ يعني دل دلالة على هذا الشيء وهو القتل، هذا وأشباهه هذا يكون أحيانا في زمن الفتن أو في زمن المحن والأزمات هذا يكون أحيانا بالتشريع العام أو بالتدريس أو بحصول بعض الكلمات أو النظرات أو البسمات أو نحو ذلك التي تُغري بعض الناس لفعل هذا الشيء، وقد لا يكون يقصد حصول الغاية؛ لكنه كان سببا في ذلك والمتسبّب في القتل له حكمه بقدره.
هنا رعاية هذا الحكم مطلوب خاصة منكم أنتم أهل الفقه الشرعي وأهل الاجتهاد والنظر، وكذلك مطلوب من كل هو على شاكلتكم وعلى هذا الطريق من حملة العلم من طلبة العلم والخطباء والدعاة وأشباه هؤلاء أن يرعوا النظر أن الكلمة الواحدة في زمن الأزمات والفتن لها تأثيرها العظيم، إما في تحقيق المقصد الشرعي الذي أمر الله جل وعلا به، وإما في مضادته دون شعور من صاحبها، فإذا كان هناك فقه صحيح وأُصِّل ذلك وفرغ وصار هناك نظر فإنه يكون ترسيخ لهذا النظر الصحيح.
في الأمثلة الواقعية على الأمر الموضوع الذي يتكرر دائما، يأتي من يقول الجهاد، الدعوة إلى الجهاد لاشك أننا في زمن نحتاج فيه إلى الجهاد في سبيل الله تعالى تحتاج فيه الأمة إلى ذلك، وهناك عدد من ديار المسلمين فيها احتلال من عدو للإسلام والمسلمين، وهذا يجب مجاهدته بحسب الحاجة.
هذه القضية أو هذا الأمر الشرعي، هذا متفق عليه بالنص والواقع ولا إشكال فيه؛ ولكن الدعوة إلى ذلك في كل بلد هنا يأتي النظر في الأولويات وما تحدثه هذه الدعوة من أمور ليست في حسبان من دعا إليها.
فهناك من دعا إلى الجهاد وكانت النتيجة أن ذهب بعض الناس يطلب ميدانا للجهاد فصار غلى التكفير، ثم صار إلى التفجير؛ لأنه من احتضنه؟ احتضنه فئة معينة دلته على أن الجهاد بقتال في ديار الإسلام التي ليس فيها احتلال وليس فيها أصلا مدعاة للجهاد؛ بل فيها خروج عن الدين فيما إذا كان الجهاد في ديار المسلمين مثل ما حصل التفجيرات السنة الماضية في ربيع الأول 1424 وما قبله إلى ربيع الأول 1425 إلى حادث أمس، كل هذا بالنظر إلى أي شيء؟ النظر إلى التحمس في ميدان الجهاد، الجهاد في نفسه حق، لكن هل يحبب الناس به، ما المخرج؟ في بعض طلبة العلم أو بعض المشايخ يتحدث عن ذلك، هذا صحيح، أو يتحدث عن هذه الأمور بأدلتها هذا حق في نفسه؛ لكن هنا المتلقي إذا تحمس للجهاد فأين سيجد المجال؟ ما هو المجال الذي سيحتضنه؟ أين الفئة التي ستحتضنه؟ لن يجد، سيأتيه من سيأخذه باسم الجهاد إلى التكفير والتفجير، وهناك أناس معروفون كانت نيتهم سليمة لما أرادوا الجهاد ولكنهم أخذوا والعياذ بالله إلى فعل الخوارج ومحاربة المسلمين.
هذا مثال من الأمثلة الحاجة إلى التمثيل بها لأنه فقدت رعاية الأولويات وفقه الواقع بالنظر الصحيح.
الثالث من أصول النظر في فقه الأزمات والفتن أنه:
يجب النظر إلى فقه الاجتماع والاختلاف
وأنّ الاجتماع مطلوب والفرقة والاختلاف مذموم
إذا كان كذلك فالاجتماع وعدم التفرق هذا مطلوب دائما؛ لكن في حال الأمن لا نشعر بأهميته لأنه لم تظهر بوادر الاختلاف والفرقة، أما الحال الناس مجتمعون ولم يوجد من الأقوال ولا من الأعمال ما سيؤدي إلى الاختلاف والفرقة والشتات وعدم إجماع الكلمة.
هنا في وقت الأزمات والفتن لابد أن يجتمع الجميع لتحقيق مراد الله جل وعلا؛ لأن الله جل وعلا أراد بالشريعة في نفسها أن تكون مصدر اجتماع الكلمة للناس وعدم التفرق، فمن مقاصد الشريعة في نزولها وفي تشريعاتها وفي تفصيلاتها أن يجتمع الناس وأن لا يتفرقوا وأن لا تكون بينهم خصومات سواء في الشأن العام أو حتى في الأمور الفقهية.
وهنا البيع، قال: والله البيع غير صحيح. لأن فيه جهالة، لماذا منع ذلك؟ لأنه يؤدي إلى الاختلاف ويؤدي إلى الخصومة فيما بينهم، وهنا مادام أنه يؤدي إلى الخصومة لابد أن يسد الباب حتى في التفصيلات الفقهية المتعلقة بالأسرة في عقد النكاح لابد أن تذكر الشروط يذكر كذا يذكر المهر، لو قال: تعاقدنا على مهر مثلا مثل ما يقول بعض الناس العقد كم الصداق؟ قال: مائة ريال. والحقيقة ليست كذلك الصداق يكون مائة ألف أو يكون خمسين ألف أو يكون مائتين ألف أو أكثر، وهنا الذي يعقد ما يرضى أن يقال الصداق مائة ريال لأنه ممكن يحصل خلاف فلابد من أن يوصد الخلاف من البداية في مجلس العقد بذكر الأمر صحيحا، قد يكون هناك طلاق قبل الخلوة يرتب عليه الأحكام، قد يكون هناك خلع يترتب عليه أحكام.
إذن الشريعة رعت في أحكامها الفقهية بين اثنين أن لا يكون هناك خلاف، أن يوصد باب الخلاف، إذا كان الحكم سيكون هناك خصومات فإنه تجد أن الحكم الشرعي يرعى ذلك بدرئه وأن يبنى على ما لا يحدث خصومات.
الشفعة في تشريعها وأشياء كثيرة أنتم أعلم بها لأنكم أهل الاختصاص.
كذلك في الشأن العام الذي هو ليس الشأن بين اثنين متعاقدين، الشأن العام في الأمة رعاية اجتماع الكلمة وعدم التفرّق من أهم وأهم المصالح، أهم من الخصومات التي تحصل بين اثنين؛ لأن الشأن العام هذا يحدث بعض إذا حصلت الفرقة والاختلاف يحدث من أنواع الخصومات بين الناس ما قد يؤدي ليس إلى الشحناء فقط؛ بل إلى إزالة الدماء كما هو واضح في كثير في الأحوال التاريخية في زمننا الحاضر.
لذلك لابد من رعاية اجتماع الكلمة وفرضها، وهذه من خصال أهل الإسلام، وأما عدم الاهتمام والاجتماع والتساهل في أمور الفرقة فهي من خصال أهل الجاهلية التي جاء الإسلام بنقضها وتركها، لهذا قال الله جل وعلا ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ﴾ والحظ هذا الربط ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾، طيّب الفرقة ما تمثيلها؟ قال ﴿وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا[آل عمران:103] شفا الحفرة هذا بشيئين:
أولا بما كانوا عليه من الشرك فأنقذهم الله بالتوحيد.
ثم شفا حفرة بما كانوا عليه من الفرقة والاقتتال ثم أنقذهم الله جل وعلا منها في اجتماع الكلمة بالإسلام شريعة الإسلام وفي نبيها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الله جل وعلا في زمن القتال وفي زمن الاختلاف ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ[الأنفال:46]، الحظ هذه الأمور: قال ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ﴾ إذا تنازعتم هل سيحدث قوة؟ يقول أحد: أنا معي الحق ، الحق هو كذا، أنا صاحب الحق، تنازع الأمر أهله لاعتقاده أن الحق معه، قال ﴿فَتَفْشَلُواْ﴾ النهاية الفشل، ما يرتب على التنازع والفرقة الفشل ليس القوة.
القوة تكون بالاجتماع ولو كان على أمر مرجوح، لذلك قال الفقهاء كما تعلمون قال الفقهاء مثلا في مسألة تحية المسجد، تحية المسجد في وقت النهي إذا كان في بلد.
نمثل بمثال آخر غير تحية المسجد في وقت النهي، مثلا رفع اليدين في المواضع الثلاثة غير تكبيرة الإحرام، إذا كان في بلد لا يرفعون أيديهم، فعلماؤنا فعلماء السنة قالوا: لا يرفع يديه رعاية الاجتماع، في فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى لأحد طلبة العلم من الهند قال: فيه أناس أدعوهم إلى الخير لكن لو أظهرت خلاف في مسألة رفع اليدين وفي مسألة كذا وفي مسألة كذا ما قبلوا مني. قال: لا تفعل. لأن هذه أمور غيرها أوْلى منها فيما ترجوه، هكذا في أمور أكبر.
فإذن هنا رعاية الاجتماع أهم وأهم، إذا في أمور الأزمات والفتن كل واحد يقول الحق هو كذا الصحيح هو كذا هؤلاء لا يهمونك، هؤلاء يفعلون، هل سيحصل قوة هل سيحصل فشل؟ لو كثر ذلك سيحصل الفشل وسيكون أول المصاب هو هذا هو الذي قال ذلك، قال الله جل وعلا ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً[الأنفال:25]، إذا وقعت الفتن فإنها ستأخذ الجميع، وقوة الاجتماع وقوة الكلمة وقوة الوحدة هذه هي التي تبغض العدو وتقوي الصف في مواجهة الأزمات ومواجهة تغير الأحوال.
هنا نقول في هذا الأمر: إن قول الله جل وعلا ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ﴾ يعني إن تنازعتم النتيجة فتفشلوا وتذهب ريحكم، طيب واحد يقول: أنا أعتقد هذا الحق، هؤلاء فعلوا وفعلوا، هناك أمور يجب أن نذكر بها قال الله جل وعلا﴿وَاصْبِرُواْ﴾ لماذا جاء ذكر الصبر مع ذكر عدم التنازع؟ ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ ، طيب ما الحاجة إلى ذكر الصبر هنا؟ لأنه فعلا الصبر هنا على أن يكون قولك وأن يكونه مذهبك وأن يكون عملك في زمن الأزمات أن يكون عدم التنازع وطرح قولك الذي قد يكون في ذهنه رعاية لاجتماع الكلمة وحفظا للمقاصد العامة هذا هو الذي أمر الله جل وعلا به، ﴿وَاصْبِرُواْ﴾ تحتاج إلى صبر، تعرفون الصبر فيه صبر على الطاعة، وهذا صبر على أمر الله جل وعلا مطلوب.
إذن هنا هذا من فقه الأزمات والفتن.
الخامس:
فقه القوة وفقه الضعف،

حال الأمة الإسلامية يختلف ما بين ضعف وقوة أولا ما بدأت الأمة الإسلامية ببعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت ضعيفة، فيها ضعف وإن كانت قوية بالله وفيما جاء به نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لكنها كانت من حيث التمكين وقيام الدولة أو من حيث تحقيق ما تريد كانت فيها ضعف؛ لكن هذا الضعف كان أحكام شرعية منزلة على هذا الضعف.
في العهد المدني في أوله كان هناك أحكام فقهية أيضا منزلة على هذه الحال المتوسطة.
وفي آخره بعد الفتح فتح مكة وبعد فتح خيبر وبعد زمن الوفود ونزلت براءة ونزلت سورة المائدة كان هناك حال القوة.
هل نقول هنا إن ما لم يذكر في سورة براءة ليس دليلا على شيء؟ أو أن الأدلة الشرعية المذكورة في جميع سورة القرآن في كل حالة من هذه الأحوال؟ لهذا ذهب أهل التحقيق كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من أهل العلم ومنهم من المعاصرين إلى أن الفقه يتنزل بتنزل الأحوال ويختلف باختلاف الأحوال إذا كان كذلك فإن من الفقه المطلوب في الأزمات والفتن أن نفرق ما بين فقه القوة وفقه الضعف وفقه الحال المتوسطة بينهما؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأحكام الشريعة كان عندنا هذه الأنواع في الفقه الثلاثة، ففقه الضعف كان هناك كثير من الأحكام في مكة وفقه التوسط وفقه القوة.
هناك من يقول من أهل العلم: إن الأحكام هذه نُسخت إلى الحال الأخيرة، كما يقول بعض أهل العلم: هذه نسختها آية السيف، وهذه نسختها آية السيف، والمحققون من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره لا يرون النسخ في ذلك بل يربطون هذا بحال المسلمين، فإذا كان في ضعف نزلت عليهم أحكام الضعف، إذا كانوا في غربة من السنة نزّلت عليهم أحكام غربة السنة، إذا كان في قوة تنزّل عليهم أحكام القوة، ويدل على ذلك عدو أدلة منها قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ» بقوله «إن الله يبتعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها» رواه أبو داوود في سننه والإمام أحمد وجماعة بإسناد قوي، وهكذا في غيرها من الأحكام.
فإذن لما جاءت بعض الأحكام الشرعية المتعلقة ببعض المسائل قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: إنه إذا رجع حال الأمة كما كان أولا رجع الحكم السابق. ولا نحتاج إلى أن نمثل لأنها معروفة لديكم.
فقه القوة وفقه الضعف، الآن يأتي بعض الناس في زمننا الآن الذي فيه ضعف في أمور كثيرة، ويريد أن يطبق الآيات التي فيها فقه القوة في زمن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما مكِّن للجميع وهذا ليس فقها صحيحا.
فإذن طلاب العلم أنتم حملة العلم لابد أن تنظروا إلى الأحكام الفقهية بحسب الحال، فالحكم معروف الفتوى تتغير بتغير الأحوال والأحكام والعوائد والأمكنة والأزمنة إلى آخره.
ابن القيم رحمه الله تعالى حينما قال في كتابه معالم الموقعين عن رب العالمين: إن الفتوى تتغير بتغير الأحوال بتغير المكان والزمان والعوائد والأحوال. فالآن الكلام لا معنى له؟ لا الكلام له معنى فالمكان والزمان يتغير.
لما تكلم ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الهجر قال هجر المبتدع هذا هجر المبتدع إذا كان في بلد سنة قوة ينفع معه الهجر، أما إذا كان في بلد فيه غربة للسنة فهجر المبتدع فإنه لن يؤثر، وهذا فيه أمثلة كثيرة عندكم من كلام أهل العلم في ذلك.
إذن على مستوى الأفراد، وكذلك على مستوى أكبر مجتمعات أو على مستوى الدول هناك فرق ما بين فقه القوة وفقه الضعف.
كذلك ما يتعلق بهذا الأمر فقه الضرورة مرتبط بفقه القوة والضعف، فقه الضرورة هل الضرورة المتعلقة بالأفراد هي الضرورة المتعلقة بالمجتمع، هي الضرورة المتعلقة بالدولة؟ فقه الضرورات مختلف.
وإذا نزلنا الضرورات منزلة واحدة بأن الضرورة المتعلقة بشخص هي الضرورة المتعلقة بالدولة أو الضرورة المتعلقة بالأمة، فإنه حينئذ نجني على الفقه الإسلامي كله؛ بل نجني على أمتنا؛ بل نجني على استمرار هذه الأمة في قوتها وهيبتها واستمرارا عقائدها واستمرار عطائها.
الضرورة تُقدّر بقدرها كما هو معروف لديكم، من حيث الشخص أيضا من حيث المتعلق به الضرورة هل الضرورة المتعلقة بالفرد هي متعلقة بالدولة؟ لا.
الضرورة المتعلقة بالدولة من يقدرها؟ يقدرها المنوط به الأمر وهو ولي الأمر، أهل الحل والعقد، أهل المشورة في ذلك، هؤلاء الذين يقدرون الضرورة العامة إذا كان صيرورة إلى الضرورة.
الضرورة المتعلقة بأفراد لها حال، قد يمنع الفرد من أشياء ولا تكون ضرورة في حقه مقبولة وتكون ضرورة في حق غيره مقبولة في حق شخص آخر.
كذلك قد يكون هناك ضرورة مقبولة في حق مجتمع ولا تكون ضرورة مقبولة في حق دولة أخرى، وهكذا.
فإذن هذا الأمر إذا رأينا في فقه القوة والضعف وفقه الضرورات المرتبطة بفقه القوة والضعف سواء في الأحكام العامة السياسية أو الأحكام الشرعية العامة أو ما يتعلق بالوِلايات أو ما يتعلق بالتصرفات العامة، فإنه حينئذ يكون عندنا النظر شامل وقوي في هذه المسائل.
لاشك أن هذا الموضوع يحتاج إلى كثير من التجديد؛ تجديد النظر الفقهي في هذه المسائل المهمة جدا.
المسلمون اليوم إذا كانوا في بلد من البلاد مثلا المسلمون في أمريكا هل يطبقون الأحكام العامة مثل ما نطبقها هنا، أو يخاطبون بنفس الخطاب الذي نخاطب به هنا؟ لاشك يختلف، فهناك يحتاجون إلى العمل يقول الله جل وعلا ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ[الزخرف:89]، يحتاجون إلى كثير من الأحكام المتعلقة بزمن الضعف أو بزمن عدم التمكين ونحو ذلك، في بلد آخر يختلف يكون أقوى، في بلد آخر فلابد من رعاية لهذه الأحكام.
الآن يأتي من يأتي ويقول -نعود إلى مسألة الجهاد- يقول: يجب على الأمة أن تجاهد أعداءها، يجب على الدول أن تعلن الجهاد، هنا هل الحكم هذا صحيح الآن؟ الغرض من القتال هو إعلاء كلمة الله جل وعلا أولا، ثم الدفاع عن الحقوق، ثم يكون غلبة الظن أن يكون فيه نصر، لكن إذا كان غلبة الظن أن لا يكون كذلك بحسب رأي أهل الإختصاص فإنه حينئذ -أو تكون مفاسده أعظم- فإن الفقه هنا يختلف عن غيره، النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلح الحديبية جاءه المشركون وطلبوا منه أشياء غاظت عددا من الصحابة منهم عمر وغيره، حتى قال عمر رَضِيَ اللهُ عنْهُ: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: «بلى» قال: على ما نرضى الدنية في ديننا. عمر رضي الله عنه رأى ما ذهب إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه دنية؛ يعني فيه ذلة، قال: على ما نقبل الدنية في ديننا. فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مع النظر الصحيح في ذلك؛ لأن نظر المصالح والمفاسد نظر فقه القوة والضعف، النظر الاجتهادي هذا متعلق به عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في ذلك المقام لا من حيث كونه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ رسولا يوحى إليه؛ لكن من حيث كونه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ إماما يصار إلى قوله.
وهنا تظهر الكثير من الأحكام فالبعض الآن خاض مع القنوات الفضائية وما يأتي الناس من الأحوال يصيبنا شيء من بل الكثير من الغيب والتغيظ والغيرة على المسلمين وعلى الأمة ونحو ذلك، يأتي بعض الناس ويطلقون الكلمات الكبيرة دون رعاية للفقه الصحيح؛ يطلبون مطالب أكثر مما يمكن تحقيقه؛ لأنه ما لا يمكن تحقيقه شرعا فإنه ينزل منزلة المهمل فإذا كان ما لا يمكن أن يعمل أو أن عمله لا يوافق المصالح المرجوة فإنه حينئذ نعلم أن الشريعة لم تأت به؛ لأن الشريعة لتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، كما سيأتي بالقاعدة التي تليها وهي الأخيرة.
إذن فمن المهم أن تبحثوا وأنتم أهل الاختصاص يا طلبة العلم في الشريعة أن تبحثوا عن موضوع فقه القوة والضعف، هل تطالب أنفسنا جميعا بنفس الحال دائما على نفس المنوال؟ لم يقل أحد من أهل العلم بذلك، ومن رأى هنا أنه المجال واحد دائما فإنه لم يرع الأحكام الشرعية كما يجب.

الأصل الأخير في ذلك أو الفقه الأخير هو:
فقه السياسة الشرعية


والسياسة الشرعية مطلوبة شرعا والنظر في السياسة الشرعية مختلف:
فمنهم من ينظر في السياسة الشرعية إلى أنها السياسة التي يتبعها القاضي في قضائه وأحكامه، وهناك كتب مؤلفة في هذا الأمر معروفة فيما يتعلق بالتقاضي عند القاضي والنوازل وما يتصل بذلك، ومؤلفات للسياسة الشرعية متعلقة بذلك.
هناك من نظر في السياسة والشرعية فيما بتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يجب أن تعمل فيه الأمور الشرعية والسياسة الشرعية في قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما نظر اليوم وهو فقه السياسة الشرعية فيما يتعلق بالأزمات والفتن والسياسة الشرعية أصلها مبني على قاعدة أجمع عليها أهل العلم وهي أن الشريعة جاءت بالمصالح ودرء المفاسد، وجاءت بتحقيق المقاصد، هذان أمران:
الأمر الأول نقدم المقاصد، النظر المقاصدي هذا من أهم أنواع النظر التي يحتاج بها المجتهد، فلاشك طالب العلم بعامة -نتكلم بعامة- يُسأل عن مسألة فيفتي فيها بما يعلمه من الأحكام التي درسها أو الأحكام الآتي اطلع عليها أو بالدليل أو بحسب الحال لكن المجتهد ينظر في الأحكام إلى مقاصد الشريعة؛ لأن الشريعة جاءت بتحقيق مقاصد، الأعرابي الذي جاء يبول في المسجد الصحابة أتوا ينكرون عليه لماذا؟ لأن بوله في المسجد خطيئة هذا لاشك فيه؛ لكن نظر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو حكم مستقى فيه النظر المقاصدي قال لا «تزرموه لا تعجلوا عليه» ثم لما فرغ قال «أريقوا على بوله سجلا من ماء» والحديث معروف لماذا؟ لأن لا يترتب على نهيه عن ذلك انتشار أوسع للبول في المسجد، هذا نظر مقاصدي، نظر في السياسة الشرعية وإن كان في مسألة متعلقة بالطهارة.
كذلك المسائل المتعلقة بالأمة المتعلقة بالدعوة لابد فيها من نظر المقاصد الشريعة جاءت بالمقاصد ما من تشريع إلا وله مقاصد، له غايات، ويطول الكلام إذا أتينا بالتعريف للمقاصد يعني ما يتصل بذلك ترجعون إليها في مظانها.
فهنا أحكام كثيرة متعلقة بالمقاصد لابد أن ترعى؛ يعني لابد أن ترعى، فهنا مثلا الجهاد ما مقاصده؟ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما مقاصده الشرعية؟ الدعوة إلى الله جل وعلا ما مقاصدها؟ المقاصد الشرعية المطلوبة منها، الشريعة نفسها لماذا جاءت؟ تعلمون الكلمة العامة أن الشريعة جاءت بالمحافظ على الضروريات الخمس كالدين والنفس والمال والعقل والعرض أو النسل هذه الضروريات الخمس التي هذه مقصد للشريعة.
هناك مقصد آخر للشريعة وهو ما يتعلق بالأمة وهو المترتب عليه هذه فمقاصد الشريعة المحافظة على الأمن أمن الناس، هل المحافظة على الأمن حكم شرعي ثانوي أو هو أصل في الشريعة هو أصل؛ بل علق الله جل وعلا عليه عدة أحكام وقال جل وعلا ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا[النور:55]، جميعا متعلق بإيش؟ الوعد التمكين الاستخلاف الأمن، هل هو وعد بتحقيق التوحيد؟ هل هو وعد بتحقيق الشريعة يعني الأحكام؟ هنا الاستخلاف والتمكين والأمن جاءت أصل في ذلك، ثم قال جل وعلا ﴿يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا[النور:55]، لماذا؟ لأن عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو الغاية من بعث الرسل والمقصد من بعث الرسل هو التوحيد وطاعة الرسل عليهم الصلاة والسلام، هذا لن يكون إلا في مظلة وجود الولاية وهي الاستخلاف، وجود التمكين، وجود الأمن، إذا غاب الاجتماع على الولاية وغاب وجود الأمن أو ضعف فإن كل الأحكام الشرعية ستختلف فإنه إذا عبد غير الله جل وعلا لن يمكَّن منه فإنه إذا صار هناك اضطراب ستجد كل أحد سيفعل ما يريد والاجتماع والأمن فإنه سيكون هناك قوة وكما ترون في كثير من الأحيان أول ما تختل الأمور كل واحد عنده مذهب وبدعة أو عنده نحلة يظهر لماذا؟ حل الأمن والقوة هي التي تقوي السنة وحال الاختلاف هي التي تُضعف السنة.
هذا لمحة في النظر المقاصدي.
السياسة الشرعية النظر الثاني فيها متعلق بالمصالح والمفاسد، كما قال العرب، كما قال أهل الحكمة: كل إنسان يعرف الشر والخير. فإن الله جل وعلا قال ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ[البلد:10]، طريق الخير وطريق الشر وقال ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا[الشمس:9-10]، يعني الخطوط العامة هذا حق وهذا باطل وهذا صح وهذا غلط، هذا أكثر الناس يشتركون في ذلك، خاصة الناس طلبة العلم أمثالكم الحكماء العقلاء هم الذين يعرفون خير الخيرين وشر الشرين، كما قال أحد السلف قال: ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين. هذا هو الصحيح.
فإذن الفقيه العاقل هو الذي يعرف الحكم الأكثر خيرية ليحكم به ويدعى الناس إليه، والأكثر شرا لينهى الناس عنه وهذا الفقه هو الذي نحتاجه اليوم أكثر ليس حاجة إلى بثه فقط بل إلى تدريسه وإلى ترسيخه؛ لأنه إذا لم يؤصل مبدأ السياسة الشرعية وفقه السياسة الشرعية، وكيفية رعاية المصالح ودرء المفاسد فإنه لا نظر صحيح في الشرع أصلا.
لهذا نقول هنا أن طلبة العلم يجب عليهم أن يأخذوا بالقاعدة الصحيحة المتفق عليها وهي أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها. فالباب الذي فيه مصلحة موجودة أو مصلحة يرجى تفسيرها فهذا نجزم أن الشريعة جاءت بها والباب الذي فيه مفسدة موجودة أو مفسدة نخشى أن تكثر فنجزم أن الشريعة جاءت بوصفه في ذلك، وبحسب الحال قد لا نستطيع كل المصالح وقد لا نستطيع درء كل المفاسد للكن نجتهد أن نفتح ما نستطيع من المصالح وأن ندرأ ما نستطيع من المفاسد، وهذا هو الذي يوافق الأصول الشرعية، وهذه من القواعد العامة المتفق عليها وهي أن الشريعة جاءت لرعاية المصالح ودرء المفاسد.
على كل حال هذه كلمات موجزة في فقه يحتاج إلى دراسة وتأصيل وطول فقه الواقع من جهة التأصيل لقواعده ولضوابطه في فقه الأمة فقه النوازل فقه الفتن فقه الأزمات، حتى يكون نظرنا صحيحا، ونكون قد بلَّغنا عن الله جل وعلا رسالته وكلامه، أما النقل المجرد بما في الفقه أو بما يقوله فلان وفلان ونحو ذلك هذا لا يتميز به الفقيه عن غيره، ولا المجتهد عن غيره فإننا نحتاج إلى تجديد وإحياء إلى الكثير من أنواع الفقه الغائبة وذكرتُ أمثلة لذلك متعلقة بالفقه الأزمات والفتن.
أسأل الله جل وعلا أن يوفقني وإياكم لما فيه الرشد والسداد، وأن يجعلنا من حملة العلم ومحصليه الذين تبعوا سلفهم الصالح وأخذوا بالدليل وبالنظر المتفق مع ما عليه أهل السنة والجماعة بعموم أقوالهم وتفاصيلها إنه سبحانه جواد كريم، كما أسألهم سبحانه أن يوفق ولاة أمورنا لما فيه الخير والسداد وأن يجعلنا معهم من المتعاونين على البر والتقوى إنه سبحانه على كل شيء قدير.
وأكرر شكري لجميع إخواني الطلبة على هذا الحضور وعلى هذا الإنصات، وأسأل الله جل وعلا أن يجعلكم جميعا حاملين لراية الإسلام مدافعين عنه حاملين للدفاع عن هذه العقيدة وعن هذه السنة في موجات التكفير والتفجير والخلل في النظر لما يصلح الأمة، إنه سبحانه هو المسؤول أن يصلح الأحوال وأن يعود علينا بالعوائد الجزيلة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.