-بلد-في حالة
09-03-2010, 11:57 AM
لا أدري إن كنت على حق إذا اعتبرت أن حالة الغليان التي تعيشها الجزائر، هذه الأيام، هي تعبير ملموس عن حيوية هذا الشعب ورغبته العارمة في الارتقاء بحياته.
منذ زمن طويل والحياة فينا تتآكل، ونحن نتراجع على كل المستويات، حتى أصبح الجزائري يكتفي بالخبز والحليب للحفاظ على وجوده، أي الدرجة الصفر من الحياة.
كيف يمكننا في ظل هذا التفقير والتبسيط للوجود أن نحلم بحياة فيها من الغذاء ما يكفي للبطن وللرأس، بينما البحث عن الغذاء يوجع رأسنا؟
إنني دون شك لا أشجع على الإضرابات من أجل رفع الرواتب أو تحسين الخدمات، فهذه أمور من المفروض أننا أوجدنا لها حلولا منذ القرن الماضي. لكنني أشجع الناس على الإضراب من أجل تحسين نوعية الحياة، ذلك أن الحياة فينا هي القوة التي نعمل بها ونتطور ونحسن من نوعية وجودنا في هذا الوطن.
تلك الحياة التي يصل الجزائري إلى الحلم بها، لأنه مشغول بالحلم بالخبز والحليب، تتلخص في تحقيق إرادته ورغباته كما يرى أنها تدفع به إلى الأمام، بمعنى وجوده في بلد يسمح له بالتطور، والمبادرة الإيجابية، والمشاركة الفاعلة في حياة اجتماعية جماعية، وله ثقافة (اجتماعية دائما) تحقق له مكانة ومعنى ومستقبلا، إن لم نقل هوية جماعية ومكانة حضارية. نحن في الجزائر، والحقيقة تقال، لا نعيش، ولم يوفر لنا هذا النظام الفخور بنفسه، أدنى ضروريات الحياة. بل على العكس، حياتنا تزداد سوءا وفوضى، والحقوق الوحيدة المسموح بها هي الرضوخ لقوانين الحساب والعقاب التي تتفنن الحكومة في إصدارها وتطبيقها بيد من حديد. ويكفي أن يخرج الإنسان إلى الشارع الجزائري كي يفهم أن الحياة مستحيلة أو على الأقل لم تعد تطاق.
كيف يمكن لشعب يعيش حياة لا تطاق أن نطلب منه أن يعمل ويصفي نيته ويكون مجديا وصبورا ومسالما. إن الذين يموتون جراء نتائج هذه اللاحياة أصبحوا يعدّون بالملايين، وبارومتر نوعية الحياة (حتى في الجزائر العاصمة) يجعلها في آخر المدن القابلة للعيش، أي قبل مقديشو ودكا وكابول، حسب آخر الاستطلاعات الدولية. فكيف يمكن التفاعل إيجابيا مع هذه التي تسمى حياة في هذا البلد.
أعتقد أننا في حالة سيئة، غاية في السوء، ومع ذلك لا نجد بين أيدي نظام الحكم ما يفرح القلب. هل هي سياسة مقصودة لتجويع شعب بأكمله، على حد المثل، "جوّع كلبك يتبعك"؟ هل هو مجرد تقصير في إيجاد الحلول؟ لو كنا في مقديشو أو كابول لوجد النظام تبريرا في ضعف الإمكانيات... لكن هنا يبدو لي ضعف إرادات.. هنا غياب ذكاء وبرنامج واحترام لحق هذا الشعب في الحياة.. هنا تعنيف مقصود وغلق مقصود لإرادة الحياة في قلب هذا الشعب. لذلك تبدو لي حالة الغليان التي ترج الجزائر هذه الأيام، والإضرابات التي تشل قطاعات عديدة، هي مؤشر حيوي للمطالبة بتحسين نوعية الحياة في هذا البلد. وهي تعبير على أن الجزائريين تعبوا من التضييق والخنق والإصرار على قتل الحياة فيهم. ؟
عبد العزيز غرمول
منذ زمن طويل والحياة فينا تتآكل، ونحن نتراجع على كل المستويات، حتى أصبح الجزائري يكتفي بالخبز والحليب للحفاظ على وجوده، أي الدرجة الصفر من الحياة.
كيف يمكننا في ظل هذا التفقير والتبسيط للوجود أن نحلم بحياة فيها من الغذاء ما يكفي للبطن وللرأس، بينما البحث عن الغذاء يوجع رأسنا؟
إنني دون شك لا أشجع على الإضرابات من أجل رفع الرواتب أو تحسين الخدمات، فهذه أمور من المفروض أننا أوجدنا لها حلولا منذ القرن الماضي. لكنني أشجع الناس على الإضراب من أجل تحسين نوعية الحياة، ذلك أن الحياة فينا هي القوة التي نعمل بها ونتطور ونحسن من نوعية وجودنا في هذا الوطن.
تلك الحياة التي يصل الجزائري إلى الحلم بها، لأنه مشغول بالحلم بالخبز والحليب، تتلخص في تحقيق إرادته ورغباته كما يرى أنها تدفع به إلى الأمام، بمعنى وجوده في بلد يسمح له بالتطور، والمبادرة الإيجابية، والمشاركة الفاعلة في حياة اجتماعية جماعية، وله ثقافة (اجتماعية دائما) تحقق له مكانة ومعنى ومستقبلا، إن لم نقل هوية جماعية ومكانة حضارية. نحن في الجزائر، والحقيقة تقال، لا نعيش، ولم يوفر لنا هذا النظام الفخور بنفسه، أدنى ضروريات الحياة. بل على العكس، حياتنا تزداد سوءا وفوضى، والحقوق الوحيدة المسموح بها هي الرضوخ لقوانين الحساب والعقاب التي تتفنن الحكومة في إصدارها وتطبيقها بيد من حديد. ويكفي أن يخرج الإنسان إلى الشارع الجزائري كي يفهم أن الحياة مستحيلة أو على الأقل لم تعد تطاق.
كيف يمكن لشعب يعيش حياة لا تطاق أن نطلب منه أن يعمل ويصفي نيته ويكون مجديا وصبورا ومسالما. إن الذين يموتون جراء نتائج هذه اللاحياة أصبحوا يعدّون بالملايين، وبارومتر نوعية الحياة (حتى في الجزائر العاصمة) يجعلها في آخر المدن القابلة للعيش، أي قبل مقديشو ودكا وكابول، حسب آخر الاستطلاعات الدولية. فكيف يمكن التفاعل إيجابيا مع هذه التي تسمى حياة في هذا البلد.
أعتقد أننا في حالة سيئة، غاية في السوء، ومع ذلك لا نجد بين أيدي نظام الحكم ما يفرح القلب. هل هي سياسة مقصودة لتجويع شعب بأكمله، على حد المثل، "جوّع كلبك يتبعك"؟ هل هو مجرد تقصير في إيجاد الحلول؟ لو كنا في مقديشو أو كابول لوجد النظام تبريرا في ضعف الإمكانيات... لكن هنا يبدو لي ضعف إرادات.. هنا غياب ذكاء وبرنامج واحترام لحق هذا الشعب في الحياة.. هنا تعنيف مقصود وغلق مقصود لإرادة الحياة في قلب هذا الشعب. لذلك تبدو لي حالة الغليان التي ترج الجزائر هذه الأيام، والإضرابات التي تشل قطاعات عديدة، هي مؤشر حيوي للمطالبة بتحسين نوعية الحياة في هذا البلد. وهي تعبير على أن الجزائريين تعبوا من التضييق والخنق والإصرار على قتل الحياة فيهم. ؟
عبد العزيز غرمول