بنت حاوية القمامة وقوله تعالى:[ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بالأُنثَى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ ك
28-12-2014, 03:48 PM
بنت حاوية القمامة وقوله تعالى:[ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بالأُنثَى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ]
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
هذه قصة واقيعة مؤثرة ذكرها الدكتور:" ميسرة طاهر" أنقلها لمن بقيت فيه بقايا الجاهلية الأولى:" الكارهة للبنات، الوائدة للفتيات"، لعل الله تعالى: يفتح بها:" قلوبا غلفا، وأعينا عميا، وآذانا صما".
فإلى القصة:
حين وَلِدت زوجته مولوده الأول: تمنى قبل أن تلد أن يكون المولود ذكرا، ولكنه قَبِل بتلك البنت على مضض، ومنى نفسه أن يكون مولوده الثاني ذكرا، ولكن سرعان ما مرت الأيام، وإذا بمشهد الأمس يتكرر اليوم، فهو بانتظار أن يتأتي أحد ويبشره أن زوجته قد جاءت بولد ذكر، وكان خبر المولود الأنثى: قد جعل وجهه يسود وهو كظيم...
وبعدها بدأت زوجته تشعر أن مجيء البنت الثانية: صب الزيت على النار، وزادت الأمور سوءا بينها وبين زوجها، وبينها وبين أهله، وبدأت التلميحات تتحول إلى تصريحات، ومفادها:" إن جئت ببنت ثالثة، سأتزوج...".
تواترت الخلافات، وزادت حدتها، وحملت وكانت الطامة تلك البنت الجديدة التي سبقت ولادتها تهديدات جديدة من الأب بأنه:" سيضعها عند حاوية القمامة إن كانت بنتا؟؟؟!!!".
وفعلا: بر بوعده، وحملها في ليلة ظلماء، ووضعها عند حاوية القمامة، وأمها لا تزال لا تقوى على الحركة، وعاد وشرر الغضب يتطاير من عينيه، عاد ليبحث عن مكان هادئ في منزله يؤويه...
وغفت عيناه، وبقيت عيون الأم مفتحة، وقلبها يكاد يخرج من مكانه كلما سمعت عواء الكلاب الذي يصاحبه بكاء طفلتها الملقاة بجوار الحاوية... تماسكت وتحاملت على نفسها، وخرجت بعد أن اطمأنت أنه قد نام، وخرجت مهرولة، والتقطتها لتضمها إلى صدرها، وأغرقتها بدموعها، وعادت بها إلى فراشها...
في اليوم التالي: سمعت ما كانت تتوقعه منه:" اسمعي يا بنت الناس، أنا أريد ولدا، وأنت لم تستطيعي أن تأتيني به، انتبهي قد حذرتك مرارا دون جدوى، أنا سأتزوج...".
وفعلا: تزوج وبعد فترة حملت زوجته الجديدة، وجاءه الولد الذكر... وبعد أشهر قليلة توفيت ابنته الكبرى، ثم حملت زوجته الجديدة وولدت، وجاءه الولد الثاني... وتوفيت ابنته الوسطى بعد ولادة أخيها، ثم حملت مرة أخرى، وولدت ما أكمل عدد الأولاد إلى ثلاثة، وبقيت فقط من زوجته الأولي تلك البنت:" بنت الحاوية".
كبر الأولاد الثلاثة، وصاروا شبابا، وكبرت بنت الحاوية... وأذاق الأولاد أباهم كل صنوف العقوق التي عرفها الناس، والتي لم يعرفوها... وبقي له من دنياه بعد وفاة زوجته الأولى: تلك الفتاة التي حملتها يداه يوما، لتضعها بجوار حاوية القمامة، والتي أنقذتها يدا أمها رحمها الله من بين أنياب الكلاب الجائعة...
وكبر الرجل وضعف، وعقه أولاده ورموه، ولكن ليس عند حاوية القمامة... وحملته تلك الأيدي الضعيفة لبنت الحاوية، وأتت به إلى دارها ترعاه بعد أن تخلى عنه من ظن يوما أنهم سيرعونه...
آوته من نبذها يوما...
ونبذه من كان يتصور أنهم سيؤونه ويرأفون بحاله...
عقه من سعى جاهدا ليراهم... وبرته من رماها كارها لها فقط لأنها بنت...!!!
بقي أن أقول أعزائي القراء إن بعض أبطال هذه القصة لا يزالون أحياء يرزقون...؟؟؟
قال:" أحمد شملان" في:" القصص الميّه ما بين مضحكة ومبكيّه": (ص 70 / ط. مكتبة الإمام الألباني ): بعد أن ذكر قصصاً عُوقِبَ فيها:" مَن كره ولادة زوجته للبنات":
" هذه القصص عِبَرٌ لمَن يسمعها، فإنّ الأمور بيد الواحد القهار، وهو الذي يعطي ويمنع، وليس لأحد تصرف في ربوبيته سبحانه، وله الحكمة في خلقه:[ لا يُسأَل عمّا يفعل وهم يُسألون].
ولربّ بنت خيرٌ من ألف ولد، وها هو محمد صلى الله عليه وسلم رزقه الله البنات، فكُنَّ مِن خيار النساء، بل:" فاطمة": سيدة نساء الجنة وولداها سيّدا شباب أهل الجنة، فكم مِن بنتٍ مباركة، وبها يُرزَق أبوها، وكم مِن ولدٍ مشؤوم: صار بلاءً على والده وفتنة ومحنة، فلا يكون العبد مؤمناً حتى يُسلم قدر الله، ويرضى بما قسمه الله له، وأنْ يعلم أنْ لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، وقد كان وأد البنات والتسخّط:" عادة جاهلية"، فحرّمها الإسلام، وأمر بتربية المرأة التربية الصالحة، وأن يُـختار لها الرجل الصالح، وربّما كان بعد ذلك خيراً لها ولأهلها من أبنائهم كما يُشاهَد في الواقع...
فعلى المسلم: أن يُحسن إلى بناته بتربيتهن وعولهن، والصبر عليهن، يكنّ له حرزاً من النار وبشارة بالجنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان، فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن، فله الجنة"، ولا يرخي لهنّ الزمام حتى يخرجن عن العفّة والطهارة، ويقعن فيما يُغضِب الله، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الستر في الدنيا والآخرة".
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.









