رد: إقرأ للسلفية لتتقي شرهم .....
19-02-2008, 05:57 PM
كنت سارد على ناقل الموضوع ردا يليق بالمدرسة الفكرية التي ينقل من موقعها على الانترنت مشاركته هذه
الا ان عدم وضوح القواعد والاصول المنهجيةالتي ينطلق منها صاحبنا قد حال دون التسرع في الرد عليه
ولعل هؤلاء القوم يحاولون قدر المستطاع استغلال الاختلافات الفكرية والفوارق المنهجية بين الاسلاميين للطعن في جميع المدارس الفكرية
المشتركة في اصل دعوة الاسلام وان اختلفت نماذجها وتطبيقاتها اختلافا
قد يصل حد التباين في بعض الاحيان
الا ان ختلافها جار في دائرة الاسلام
ولعل صاحبنا المسكين ظحية من ظحايا ذلك السلاح الرهيب الذي
تسيطر عليه القوى المعادية للاسلام سلاح صناعة الراي العام
وان لم يكن متشبعا بثقافة الرفض لكل ماله علاقة بهذا العدو الموهوم
الذي تعمل بعض الدوائر هنا وهناك على صناعته وتظخيمه
يظهر ذلك جليا من مشاركاته التي يظهر فيها الاجلال لائمة الاسلام
وان كان يحط على موروثهم الثقافي والفكري وحتى لا اطيل على القارئ الكريم ادعكم مع هذا المقال للشيخ د/ سعد بن عبد الله البريك
يقول الشيخ د/ سعد بن عبد الله البريك في كتابه حرب المصطلحات
إنها تكتيك استراتيجي ومعركة تبدأ من العقل الباطن لتنتهي في استطراق الفكر وتحجيم القدرة وخصْي المبادرة .
حرب شديدة الفاعلية، قوية التأثير، تتسلل كالخلية السرطانية إلى عقول وأفئدة المسلمين لتسكنها، وتبدأ عملها في تخريب وتدمير ما حولها وذلك بعد أن يمكّن لها في الأرض عن طريق الإلحاح الإعلامي، وكثرة الدوران على ألسنة كتّاب ليسوا فوق مستوى الشبهات منهجيّاً وعقديّاً.
بل ومما يؤسف أنها باتت تسكن في أفواه بعض كبار الكتّاب في الساحة في غفلةٍ منهم ، فلن تخطئ أذنك سماع كلماتٍ مثل: (أيديولوجية، ونظرية، وإرهاب، وديمقراطية، وفقه بدوي، ودولة مدنية، وعقلانية، ونصوصية) تدور بكثرة على ألسنة وأقلام الكتاب في الساحة الإسلامية.
بل إن من الكتَّاب من يتحول إلى داعيةٍ لمصطلح بعينه، فيصير هاجساً له، وزاداً يعلكه، وقضية يناضل من أجلها، حتى لو وقع في تناقضات مع نفسه، وابتلع مصطلحات متضاربةً أشد التضارب، وربما كانت كَنَسيّة المصدر، صليبية الاتجاه. ولو نظر الواحد بأدنى تأملٍ لوجد كثيرين ممن دعَوْا قديماً إلى الاشتراكية يدعون اليوم إلى الديمقراطية، ويتعصبون لها ويُنظّرون ؛ برغم ما بين المصطلحين من تضارب كما بين الليل والنهار.
هذه الحرب قديمة قدم وجود اليهود حين حرفوا الكلم عن مواضعه، وغيّروا نصوص التوراة والإنجيل دلالاتٍ وألفاظاً كما أخبر تعالى عنهم بقوله { مِنَ الَذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ } كما استخدموها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في محجتهم ورطانتهم وحوارهم {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَياً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ }.
واستُخدِمت في تاريخ الإســـلام في طروحات الفرق المنحرفة عن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم وحربها الاصطلاحية على أهل السنة ، ففي حين سمى المعتزلة أنفسهم : أهل العدل والتوحيد أطلقوا على أئمة السنة: بلاكفة (لأنهم ينفون التكييف عن الله تعالى )، وحشوية، ومعطّلة، ومشبّهة.
وفي عصرنا أخذت هذه الحرب أشكال عديدة منها تقسيم الإسلام إلى: إسلامي بـدوي وحضري ، وإسلام أرثوذكسي وعلماني، وإسلام رسمي وشعبي، وإسلام نصوصي وعقلاني، وإسلام مدرسي (اسكولاستيكي) وحداثي ... . واستخدموا في سبيل ذلك مناهج لقراءة النصوص لا علاقة لها باللـغـة التي تحدَّث بها المصطفى صلى الله عليه وسلم أفصح الـعــــرب ولا بأصـــــــول الاستنباط والنظر التي تواضع عليها الأصوليون ، ولا بفهوم الصحابة والتابعين والأئمة المُـعْـتَـبَـرِين، فقراءتهم ــ كما يسمونها ــ عصرية/ تنويرية/ عقلانية / تثويرية.
وبدأوا بطرح فكرة ( أًلْسَنَةِ ) القرآن ، كما في التوراة والإنجيل ، والمقصود أنهم حاولوا أن يوحوا أن الوحي المعصوم يتحول بعد نزوله مباشرة إلى نص بشري قابل للـنـقـد والقبول والرد، وقراءته بعين : (سوسير، وإلتوسير، ورولان بارت، وميشيل فوكو) . فالقرآن والسنة عندهم نصوصاً لا تتميز بحالٍ من الأحوال عن زاوية لصحفي معروف في صحيفة إخبارية؛ لتنتفي القداسة عن الـنــص، ويتـحــول فور كتابته أو نزوله إلى كتابات مستقلة لا علاقة بينها وبين منشئها ، ويعود نصاّ بلا معانٍ محددة.
حرب المصطلحات غـــزو يعتمد تكثيف الهجوم ، وتنويع الأساليب ، والمباغتة والتمويه ، مستغلاً غفلة المسلمين وما أعمقها من غفلة ، وانشـغـالهــــم وتفرقهم، ورداءة مناهجهم في التعامل مع الواقع الفكري والدعوي، وقلة متابعتهم، لما يُرمَون به .
وكلمة مصطلح يراد بها المعنى الذي تعارف عـلـيــــه الناس، واتفقوا عليه في استعمالهم اللغوي الخاص ، أو في أعرافهم الاجتماعية، وعاداتهم السائرة . وقد تساعد الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية على أن تُحَمّل كلمةٌ مّا معنىً غير الذي وضعت له في أصل اللغة التي تنتمي إليها ، ويسير هـــــــذا المعنى الجديد بين الناس، حتى يصبح في استعمالهم اليومي شيئاً مألوفاً يُنسي الـمـعـنـى اللـغــوي الأساس أو يكاد. وهذا المعنى الجديد هو ما يسمى ( بالمعنى الاصطلاحي ) .
المصطلح كلمة أو كلمتان أو ثلاث كلمات ، وقد لا تتعدى ذلك إلا في حالات نادرة ، ولكن هذه الكلمة قادرة على أن تفرغ العقول والقلوب وتملأها ، ولها مفعول السحر الذي يستعصي فهمه على المنطق وقوانين العقل. وغالباً ما تكون بعيدة عن المحاكمات المحددة ، ملتبسة بأثر العواطف والغرائز ، وتنعكس عليها آثار النفوس من حقد وحسد وضغينة وانتقام ، وتصرخ من بين حروفها الأهواء والعواطف الملتوية التي تغلف التواءها بكثير من الادعاء والتطاول وحب التغلب والسيطرة.
أهمية الكلمة :
ولأهمية الكلمة وخطورتها فقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تنبيه أصحابه وتوعيتهم وتحذيرهم من ذلك كالألفاظ الشركية التي كانت تدور على ألسنة بعضهم ، دون أن يفطنوا لظلالها، وخطورة ما استتر تحتها من عقائد ومفاهيم .عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزلّ بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب". متفق عليه .وصوب صلى الله عليه وسلم بعض الألفاظٍ التي تخالف العقيدة. ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: " إن أخنع اسمٍ عند الله ــ عز وجل ــ رجل تسمى: ملك الأملاك " . وفـي سنن أبي داود عن بريدة رضي الله عنه مرفوعاً: " لا تقولوا للمنافق: سيد؛ فإنه إنْ يك سيداً فقد أسخطتم ربكم عز وجل " .كما غـيَّـر صلى الله عليه وسلم بعـض الأسماء ذات الدلالات القبيحة كتغييره اسم الأجدع إلى عبد الرحمن، وبني الزّنْية إلى بني الرّشدة، وعاصية إلى جميلة، وعبد الكعبة إلى عبد الله. ( الألوهية في العقائد الشعبية / عبد السلام بسيوني 237 وما بعدها بتصرف يسير ) . كما غيَّر صلى الله عليه وسلم بعـــض العبارات ذات المعاني الجاهلية مثل : بالرفاء والبنين، وعم صباحاً، وأبيت اللعن ، لما تتضمنه من مفاهيم تتعارض مع قواعد الإسلام ومفاهيمه. ( المصدر السابق 247 ). ونبَّه صلى الله عليه وسلم إلى أن قوماً يأتون بعده سيعبثون بالمسميات ويغشّون في الدلالات ، كما في سـنـن ابن ماجه بسند صحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لَيشربنّ أقوام من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسـمـهــــــا... ". وما هذا الحرص منه صلى الله عليه وسلم إلا أن للألفاظ دلالات حقيقية وأخرى مجازية ، وأن لها زوايا للنظر من جهة الوضع اللغوي، والدلالة الشرعية والدلالة الاصطلاحية ، والدلالة المعرفية ، كما أن الدلالة اللغوية لـلـكـلـمـــة تدور بين النص والظاهر والمشترك والمجمل والمبهم ، والـعــــــام والخاص ، والمفهوم والمنطوق، والفحوى والإشارة . يقول ابن حزم في مقدمة كتاب (الإحكام) عن تحديد المصطلح وخطورته : هذا باب خلّط فيه كثير ممن تكلم في معانيه، وشبك بين المعاني، وأوقع الأسماء على غير مسمياتها، ومزج بين الحق والباطل، فكثر لذلك الشغب والالتباس، وعظمت المضرّة، وخفيت الحقائق. ( التبعية الثقافية 68 ) .
ولذ فإن حرب المصطلحات يحاول أربابها صبغ الإسلام بغير صبغته ، وإلباسه ثياباً غير ثيابه ، والحديث عنه بقواعد مراوغة وعدائية ، بعيدة من الفهم الصحيح أو الإنصاف والحيادية .
أهداف هذه الحرب :
1- إرهاب المسلمين باستعمال ألفاظٌ قمعية كمصطلح التطرف والتشدد والتزمت في الوقت الذي يصف الغربيون أنفسهم على أنهم أهل الحرية والانفتاح والحوار والوسطية
2 ــ استعمال العبارات التي تؤدي إلى نتائج معروفة سلفاً كتحييد الطرف الآخر ومنعه من الاعتراض ، فلا يطرح أعداء الإسلام عداءهم بطريقة سافرة لئلا يثيروا غضب المسلمين ، وإنما يهاجمونه عبر مظلة اسمها: (تحليل التدين والسلوك الديني، أو الوعي الديني) ، ويسارعون بوضع هذا (العنوان ) في بداية أي دراسة أو تحليل لهم للإسلام لتحييد مشاعر المسلمين وعدم استفزازهم ، ثم يطعنون فيه أثناء هذه الدراسة أوالتحليل . ( علماء الاجتماع 198 ).
3- تعمد المغالطة المنهجية لتحقيق أغراض خبيثة. فقد يكون للمصطلح دلالة خاصة في الإسلام فيجري تحريفها لصالح خصومه. مثال ذلك لفظ (الاجتهاد) الذي يحمل مفهوماً خاصاً وتعريفاً محدداً وهو: (بذل المجتهد الذي تحققت فيه شروط الاجتهاد للجهد والوسع وأقصى الطاقة في استخراج الحكم من الأدلة الشرعية ) . هذا المصطلح يستخدم الآن استخداماً معكوساً ؛ فبدلاً من أن يكون الاجتهاد داخل النص تعرفاً على معطياته، واستنباطاً لأحكامه الآمرة الناهية ــ نراه يستخدم بمفهوم غربي غريب عن الاجتهاد المعروف في ثقافتنا الأصيلة ؛ إذ يُعبّر به الآن عن جهد بشري مطلقٍ من كل قيد، لا علاقة له بالنصوص والأدلة الشرعية؛ حيث يرى بعضهم أن الدين تجربة مجتمع، ونتاج ظروف وبيئة معينة . ( التبعية الثقافية 123).
4- صناعة ولاءات جديدة، وزرع أفكار ذات جذور عقلية وعقدية لا تنتمي للإسلام ، وذلك عبر توظيف المصطلح توظيفاً خاصاً. وممن يستعملون هذا الأسلوب : المنصرون الذين نصوا في أكثر من وثيقة من وثائق مؤتمر كلورادو 1978 على أن استعمال اللغة يمكن أن يكون وسيلة تنصير . ( التبعية الثقافية 611 ). فاقترحوا استخدام لقب : ( مسلمين عيسويين ) على معتنقي النصرانية المرتدين من المسلمين ليُبقوا جزءاً من ثقافتهم المحلية ووطنهم، وعدم استفزاز مشاعر الناس حولهم ، وكذلك مصطلح ( مسجد عيسوي ) للمكان الذي يلتقي فيه هؤلاء المرتدون في الكنيسة وتحدثوا أيضاً عن ( مسجد المسيح ) وكيف يمكن الوصول للمسلمين من أجل المسيح عن طريق تأويلات قرآنية، وتوظيف الحوار المضلل في التبشير. ( المرجع السابق 767 ـ 729 ) .
كما انحشر في قاموسنا عدد كبير من المصطلحات ذات الأصول الكهنوتية : كالأصولية والتنوير والعقلانية والعلمانية ، وصرنا نسمع ممن يسمى مستنير متطرف يتحدث عن الإسلام الكهنوتي والأرثوذكسي.كما يتعاطى كثير من الحداثيين في الأدب مصطلحات: الخلاص، والصلب، والتعميد، والفداء، وما شابه!وكلها مصطلحات كنسية .
................................................. يتبع
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 19-02-2008 الساعة 06:00 PM