"لا صوفية في الإسلام":من كلام الإمام الإبراهيمي
15-05-2013, 10:28 AM
"لا صوفية في الإسلام":من كلام الإمام الإبراهيمي
وفقني الله تعالى لاستخراج نفائس ودرر من كلام الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي" – رحمه الله – في الصوفية،وكانت تلك الدرر كامنة في:"آثاره"،ولم أطلع في حدود علمي على مؤلف أو كتاب أفرد هذا الموضوع بالكتابة،وكنت قد سميت مقالي:"حقيقة التصوف بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"، وقد نزل هذا الموضوع كالصاعقة على بقايا الصوفية القبورية، فضجوا لهول مصابهم، وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم، وتنادوا من كل واد أن:
[ انْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ]، [وَانْطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ].
لقد علموا و أيقنوا من تجارب أسلافهم أن:"إحياء منهج جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في دعوتها للتوحيد وقمع البدع":
سيكشف حقيقتهم أمام الأمة التي لطالما استغفلوها:فخربوا عقولها، وأفسدوا قلوبها، ونهبوا أرزاقها،باسم:"حب الصالحين والتبرك بهم وبآثارهم، والتوسل بذلك لله رب العالمين!!؟"0
لما أدرك القبوريون ذلك،وعلموا بأن دعوة التوحيد السنية:"تهدد عروشهم وكروشهم وقروشهم!!؟": قاموا مذعورين فزعين يناصبون العداء للموحدين:[يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ]،وتلك سنة الله تعالى في عباده،ومن صورها:[وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)]،
وقد تقرر أنه:" لكل قوم وارث!!؟".
لقد ظهر لي من خلال ردود المتصوفة على مقالي أن:" وقعه كان عليهم شديدا"، ومن ذلك ما قلته في مقدمتي:{... رفعت الصوفية عقيرتها مؤخرا في الجزائر،ووجدت أبواقا لها تزين للناس باطلها،وتحيي فيهم بدعها – بعثا فيما يظهر لمعالم الشرك وطقوس الوثنية -،وكان هذا الاستيقاظ الصوفي بعد السبات الخرافي نتيجة للنشاط العلمي المبارك لسلفيي الجزائر الذين نفضوا مؤخرا الغبار عن الإرث العلمي الوافر الذي خلفته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين،ذلك الإرث العلمي الناصع لا يعرفه كثير من طلبةالعلم فضلا عن العوام، والسبب في ذلك هو:"التغييب المقصود لمنهج الجمعية السلفي، لتحل محله:" أقانيم سدنة ديوان الصالحين!!؟" منمرتزقة القبورية المنتفعين من:"عائدات الزردات والوعدات المقامة على الأضرحةوالمقامات!!؟".
ولما أحس سدنة المعبد القبوري بأن أرزاقهم مهددة من قبل الموحدينخرجوا من دهاليزهم المظلمة،ليطفئوا نور التوحيد الذي أقض مضجعهم، وأحيامواجعهم التي وجدها أسلافهم من دعوة جمعية العلماء المسلمين،فأفتى أحد كبراء الصوفية الدكتور :"بن بريكة":بجواز تشييد الأضرحة وبناء القباب على القبور!؟" وتبعه في ذلك وناصره في دعواه لفتح باب الشرك على مصراعيه للجزائريين بعض الكتاب، فنشروا مقالاتهم في الجرائد والمنتديات الإلكترونية!!!؟؟؟؟
ولأننا كلما تكلمنا عن التوحيد:" مقررين لمفهومه، مفصلين لمسائله مستدلين بالكتاب والسنة وآثار سلف الأمة"،صاح هؤلاء المتصوفة في وجوه مريديهم والعوام:" احذروا من هؤلاء الوهابيين!!؟": تلك النغمة الناشزة،والتهمة الجاهزة،التي يلوكها كل متبوع قبوري ليلبس على أتباعهدينهم، ويدلس عليهم توحيدهم، ويشوه لهم فطرتهم، ليبرر لهم شركهم وبدعهم ،فيرهبهم من دعوةالمصلحين، ويرعبهم بكلمة "الوهابيين!!؟"، فيولون مدبرين قائلين لمريديهموللمصلحين:[ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين]!!؟.
وإقامة للحجة أمام هؤلاء المضللين، ورفعا للشبهة عن المريدين،
نقتصر في مقالنا هذا على نقل أقوال أحد علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في بيان حقيقة المتصوفين، وهو الشيخ العلامة:"محمد البشير الإبراهيمي" - رحمه الله -،وبذلك نكون قد قطعنا الطريق أمام شيوخ الجهالة،وأئمة الضلالة: بإبطال تلبيسهم على أتباعهم أن:" ما يقوله السلفيون اليوم هو: تجديد لدين الوهابية كما قاله أحدهم،وبئس ما قال!!؟".
إن الشيخ العلامة:"محمد البشير الإبراهيمي"- رحمه الله -، عالم شهد القاصي والداني، والعدو قبل الصديق بعدالته وعلو كعبه، وعظم منزلته العلمية والأدبية، فكان بحق مثالا للعالم الرباني الذي نصح للأمة حق النصح – نحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحدا-، فقد تلقته الأمة بالقبول،وعرف له أهل الفضل فضله،ولم يبغضه بالأمس إلا من كان من أهل الشقاق والنفاق من عملاء الاستدمار،ولا يبغضه اليوم إلا ورثة هؤلاء من:" دعاة القبورية،وحماة الشرك،ورعاة البدع"، لا لشيء سوى أن خطبه ومقالاته كانت :"شوكة في حلوقهم":{سفهت آراءهم،وبددت أحلامهم،وأبطلت مذهبهم،وكشفت حقيقتهم،فكسدت حينا من الدهر تجارتهم،وبارت سلعتهم}،فتعمدوا تغييب إرثه وإرث إخوانه من جمعية العلماء حتى قيض الله من أحيا ذلك الإرث العلمي دراسة وتدريسا،وتحقيقا ونشرا،ولعل هذه المقالة جهد المقل في هذا الباب،نسأل الله تعالى الإخلاص والقبول،وهذا السعي هو أداء لبعض الواجب علينا نحو علماء الجمعية – رحمهم الله جميعا-}.
كان ذلك بعض ما قلته في مقدمة مقالي، وهو ما أخلط أوراق المتصوفة، وبعثر أفكارهم، فلم يجدوا للرد على مقدمتي ومقالات الإمام الإبراهيمي سوى المشاغبة على عنوان المقال فرارا من مناقشة صلب الموضوع!!!؟؟؟
وقد أفهمتهم بأن وضعي لعنوان المقالات لا يخالف في جوازه إلا مكابر،فقد جرت عادة محققي التراث:أن يجمعوا كلام العالم المتناثر حول موضوع ما،ثم يضعوا لذلك عنوانا تقريبا لمضمون الكلام للقارئ،والعنوان بمثابة المدخل والمفتاح الجامع الملخص للمعنى المتناثر المراد تقريبه للقارئ،وهذا ما فعلته في مقالي:
"حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
خاصة أنه بين حقيقتهم: منطلقا من واقع معايشته لهم واطلاعه على كتبهم،ومنها:"الطبقات الكبرى ":لأحد أقطابهم المسمى: "الشعراني"، أضف إلى ذلك أن الإمام:"الإبراهيمي":"جزائري" فسقطت من أيدي الصوفية التهمة الجاهزة المنفرة لأتباعهم عن الحق،وهي رميهم لكل من فضح شركهم وبدعهم بأنه:"وهابي!".
وما كنت أظن عند كتابتي لمقالي بأنني:"سأضطر إلى توضيح الواضح!؟، لأنني أعلم مسبقا بأن:"توضيح الواضح إبهام!!؟"، وأن:"توضيح الواضحات من أصعب المشكلات!!؟"،ثم تبين لي بعدها بعض سر مجادلة هؤلاء المتصوفة لمقالي بالباطل جحودا وعنادا،ذلك أنهم ينشؤون في صغرهم على قواعد تخذيرية،فقبل أن يلقنوا بأن ما عليه شيوخهم هو:"الحق الذي لا مرية فيه!؟" تغرس فيهم إبر معنوية تخذر القلب والعقل معا،فيقال لهم كأمثلة لا يقصد بها الحصر:
" من قال لشيخه:لماذا؟ لم يفلح!!!؟؟؟".
" المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله!!!؟؟؟".
" اعتقد و لا تنتقد!!!!؟؟؟؟"،وهي القاعدة التي حاربتها جمعية العلماء المسلمين بضراوة،وأنصح في هذا المقام إخواننا المتصوفة وكل معاند معارض للحق بأن يقرأ مقالي:" القائد إلى تصحيح العقائد والبدع والعوائد"،فهو نافع بإذن الله تعالى في هذا الباب،وهو منشور في منتديات الشروق،والله الموفق.
أرجع إلى ممثلي الصوفية اللذين ردا على مقالي معترضين على عنوان و مظهره دون مناقشة صلبه وجوهره،فأقول:
يا:"أبا أيوب23" ويا:"ابن عربي":لو افترضت جدلا وتنزلا:أني أخطأت في وضعي للعنوان،هل كان ذلك سيغير شيئا من حقيقة الصوفية التي بينها الإمام الإبراهيمي،والمقال لا يزال منشورا بين أيديكم،فما رأيكم فيه!!؟،هل عندكم استعداد لمناقشته بالتفصيل!!؟
بعيدا عن أسلوبكم الذي تعودنا عليه:"تكتبون بضعة أسطر مفككة لا تحوي دليلا واحدا!!؟، ولما كتبتم آية لأول مرة:" حرفتموها- ونحن في زمن الكومبيوتر!!!؟؟؟-.
وكنت تحديت:"أبا أيوب23": بعد اتهامه لي بأنني لفقت كلام الإبراهيمي بكلامي: أن يثبت للقراء بأنني قد زدت كلمة واحدة على كلام الإبراهيمي بعد مقدمتي،والمقال منشور بين يدي القراء في ست ثلاثين صفحة،وقد قلت في نهاية مقدمتي ما يبرهن على فصلي بين كلامي وكلام الإبراهيمي، حين كتبت:{... وكلام العلامة:"الإبراهيمي" هنا في الصوفية مأخوذ من آثاره،وهو مسند بالمجلد والصفحة لمن أرد التحقق،ولي فيه تصرف يسير جدا يناسب المقام للتنسيق فيما بينه، وكنت قد نشرت بعضه في مشاركتي الإضافية على مقالي:"صد العدوان المبين على جمعية العلماء المسلمين"،ثم ظهر لي :أن الأفضل أن ينشر كاملا،وهو ما فعلته في هذه المقالة،نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم،وأن ينفع به كاتبه وقارئه وناشره،فإلى المقالات:
مقال:"جمعية العلماء":(5/137-145)....}، ثم ختمت بعد ثلاث وثلاثين صفحة من كلام الإمام الإبراهيمي بسطرين ونصف:كتبت فيهما:{... كانت تلك سلسلة مقالات الإبراهيمي الذهبية في مذاهب الصوفية الردية،فرحم الله تعالى العلامة:" مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي"، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء}.
فأين الإنصاف يا صوفية!!!؟؟؟.
لقد حاول كل من:"أبي أيوب23" و:"ابن عربي": تخفيف الأضرار المعنوية بعد الزلزال العنيف الذي أحدثه – بتوفيق الله تعالى - مقالي في:" قلوب وعقول البقية الباقية المتبقية من بقايا الصوفية!!؟"، فلجأ الأخوان من رضاعة التصوف إلى البحث عن منفذ للطوارئ، ومخرج للنجدة: فاهتديا بعد أن فكرا وقدرا إلى ما ظناه بأنه المخرج المشرف من افتضاح الصوفية،وظهور حقيقتها
للقراء، فزعما بأن الإمام:"الإبراهيمي":إنما يقصد بكلامه:
"الطرقية وليس الصوفية!!!؟؟؟"، ولو كان للصوفية منطق وعقل: لما خالفوا عقلاء الحدود والتعريفات الذين قرروا أنه:"من المعيب عند العقلاء:" التسوية بين المختلفات، والتفريق بين المتماثلات!!؟"، وهذا ما وقع فيه الصوفيان بزعمهما أن الإمام الإبراهيمي لا يقصد بكلامه الصوفية بل الطرقية!!؟"، وسنبين لهما في هذا المقال بأن الإمام الإبراهيمي انتقد الفرقتين جمعا وتفريقا، وذلك بعد أن نستعرض كلام الصوفيين كما يأتي:
قال:"أبو أيوب23":{.. ثمإن رد الإمام الإبراهيمي كان على بعض الطرقيين الذين ينسبون أنفسهم إلى التصوفوالتصوف منهم براء ولم نجد في كلام الإبراهيمي شيئا يدل على انه كان يعادي التصوفوأئمته فكان عنوانك الذي اخترعته غير مطابق لكلام الإمام الإبراهيمي ولهذا أرجو أنتتنبه وتعيد صياغة العنوان بما يناسب المقال.}. وقال ابن عربي:{..الأمر الثاني الشيخ الإبراهيمي يفرق في مقاله بين التصوف و الطرقية ،فالطرقية هي بعض ما نراه من شعوذة تلبس لبوس الدين ، أما التصوف فهو منهج إسلاميراقي و لا يمكن الطعن فيه ، لهذا فكلام الشيخ لم يقترب من الصوفية بأي حال ، بلانتقد الشعوذة و الدجل الذي يلبس لبوس الدين ، لهذا فالمقال لاغي.}.
وسنثبت لهما في هذا المقال في كلام جديد للإمام الإبراهيمي لم أنقله سابقا، بأنه رحمه الله يضع الاسمين في سلة الضلال الواحدة،بل إنه طعن الصوفية في لفظها وحقيقتها منذ ابتدائها ونشأتها،وأنها دخيلة على الإسلام، وأبعد أثرًا في تشويه حقائق الدين وأشد منافاة لروحه، وأقوى تأثيرًا في تفريق كلمة المسلمين"، فها هو رحمه الله يقول كما في "الآثار":(1/163-169) تحت مقال:"بدء تفرق المسلمين في الدين": "...أقام سلفنا الصالح دين الله كما يجب أن يقام، واستقاموا على طريقته أتم استقامة، وكانوا يقفون عند نصوصه من الكتاب والسنة، لا يتعدونها ولا يتناولونها بالتأويل، وكانت أدواتهم لفهم القرآن، روح القرآن وبيان السنة ودلالة اللغة والاعتبارات الدينية العامة، ومن وراء ذلك فطرة سليمة وذوق متمكن ونظر سديد وإخلاص غير مدخول واستبراء للدين قد بلغ من نفوسهم غايته وعزوف عن فتنة الرأي وفتنة التأويل.
أدبهم قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}، وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، فكانوا أحرص الناس على وفاق، وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة....".
ثم تكلم رحمه الله عن الأثر السيئ لعلم الكلام في تفرق الأمة الإسلامية،وعرج بعدها على الأثر السيئ للمذاهب الصوفية،فقال رحمه الله في:( وأما المذاهب الصوفية فهي أبعد أثرًا في تشويه حقائق الدين وأشد منافاة لروحه، وأقوى تأثيرًا في تفريق كلمة المسلمين، لأنها ترجع في أصلها إلى نزعة غامضة مبهمة، تسترت في أول أمرها بالانقطاع للعبادة والتجرد من الأسباب والعزوف عن اللذات الجسدية والتظاهر بالخصوصية، وكانت تأخذ منتحليها بشيء من مظاهر المسيحية، وهو التسليم المطلق، وشيء من مظاهر البرهمية وهو تعذيب الجسد وإرهاقه توصلًا إلى كمال الروح زعموا. وأين هذا كله من روح الإسلام وهدي الإسلام؟ ولم يتبين الناس خيرها من شرها لما كان يسودها من التكتم والاحتراس، حتى جرت على ألسنة بعض منتحليها كلمات كانت ترجمة لبعض ما تحمل من أوزار. فراب أئمة الدين أمرها، وانفتحت أعين حراس الشريعة فوقفوا لها بالمرصاد، فلاذ منتحلوها بفروق مبتدعة يريدون أن يثبتوا بها خصوصيتهم كالظاهر والباطن، والحقيقة والشريعة، إلى ألفاظ أخرى من هذا القبيل لا تخرج في فحواها عن جعل الدين الواحد دينين.
وما كاد السيف الذي سلّ على الحلّاج وصرعى مخرقته يغمد ويوقن القوم أنهم أصبحوا بمنجاة من فتكاته، حتى أجمعوا أمرهم وأبدوا للناس بعض مكنونات أسرارهم ملفوفة في أغشية جميلة من الألفاظ، ومحفوفة بظواهر مقبولة من الأعمال. وحاولوا أن يصلوا نحلتهم تلك بعجرها وبجرها بصاحب الشريعة أو بأحد أصحابه فلم يفلحوا، وافتضحت حيلتهم وانقطع الحبل من أيديهم، فرجعوا إلى ادعاء الكشف وخرق الحجب والاطلاع على ما وراء الحس إلى آخر تلك (القائمة) التي لا زلت تسمعها حتى من أفواه العامة وتجدها في معتقداتهم.
ثم أَمِرَ أمر هذه الصوفية وتقوّت على الزمن، والتقت مع الباطنية وغيرها من الجمعيات التي تبني أمرها على التستر على طبيعة دساسة وعرق نهل ومزاج متحد. واختلطت تعاليم هذه بتعاليم تلك، وتشابهت الاصطلاحات وابتلي المسلمون من هذه النحل بالداء العضال.
وقد اتسع صدرها بعد أن تعددت مذاهبها، واختلفت مشاربها في القرون الوسطى والأخيرة من تاريخ الإسلام فانضوى تحت لوائها كل ذي دخلة سيئة وعقيدة رديئة حتى أصبح التصوف حيلة كل محتال، وحلية كل دجال. وأن هذه الطرق المنتشرة بين المسلمين والتي تربو على المذاهب الفقهية عدًّا، كلها على ما بينها من تباين الأوضاع، واختلاف الطباع، وتنافر الأتباع، تنتسب إلى هذا التصوف، ولكنه انتساب صوري اسمي، وشتان ما بين الفرع وأصله، فمبنى التصوف في أغلب مظاهره- كما أسلفنا- على الانقطاع والزهد في الدنيا، والتجرد والتقشف ورياضة النفس على المشاق، وفطمها عن الشهوات، ومبنى هذه الطرق في ظاهر أمرها وباطنه على حيوانية شرهة، لا تقف عند حدّ في التمتع بالشهوات، والانهماك في اللذائذ واحتجان الأموال من طريق الحرام والحلال، واصطياد الجاه وحب الظهور، والاختلاط بأهل الجاه وإيثارهم والتزلف إليهم.".انتهى كلامه رحمه الله.
تنبيه هام:لا داعي لفرحكم يا صوفية ومشاغبتكم علينا مرة أخرى بقول الإمام الإبراهيمي في آخر المقال:"... فمبنى التصوف في أغلب مظاهره- كما أسلفنا- على الانقطاع والزهد في الدنيا، والتجرد والتقشف ورياضة النفس على المشاق، وفطمها عن الشهوات، ومبنى هذه الطرق في ظاهر أمرها وباطنه على حيوانية شرهة...".
فلا تفهموا منه بأنه مدح للصوفية، لأن الإبراهيمي أحالكم على حكمه على الصوفية بقوله:" - كما أسلفنا-"،ويقصد قوله في بداية المقال:"... وأما المذاهب الصوفية فهي أبعد أثرًا في تشويه حقائق الدين وأشد منافاة لروحه، وأقوى تأثيرًا في تفريق كلمة المسلمين، لأنها ترجع في أصلها إلى نزعة غامضة مبهمة، تسترت في أول أمرها بالانقطاع للعبادة والتجرد من الأسباب والعزوف عن اللذات الجسدية والتظاهر بالخصوصية، وكانت تأخذ منتحليها بشيء من مظاهر المسيحية، وهو التسليم المطلق، وشيء من مظاهر البرهمية وهو تعذيب الجسد وإرهاقه توصلًا إلى كمال الروح زعموا. وأين هذا كله من روح الإسلام وهدي الإسلام؟".
فلا تقطعوا يا متصوفة لاحق كلام الإبراهيمي عن سابقه!!؟،وهل
:"الحلاج" الذي ذمه الإمام:"الإبراهيمي" إلا أحد أقطاب الصوفية؟،يوم لم يكن لفظ"الطرقية" موجودا في الذهن والواقع.
فما جوابكما عن طعن الإمام الإبراهيمي للصوفية يا:"أبا أيوب23" و:"ابن عربي":فقد تبين لكل منصف عاقل تضليل الإمام الإبراهيمي للصوفية ،وهو أمر:"لا يتجادل فيها اثنان،ولا يتناطح حوله عنزان!!؟"، اللهم إلا أن يكون مذهبكما من جماعة :"معزة ولو طارت!!!؟؟؟".
لقد ذكر الإمام الإبراهيمي لفظ"الصوفية" في مقاله هذا:" خمس مرات"، بينما لم يذكر لفظ"الطرقية" إلا:" مرتين"،فتبين أن المقصود بالذم هي:"الصوفية"،وكانت:"الطرقية":إحدى صورها.
وأنقل هنا مقطعا آخر من كلامه ذكرته لكما في المقال السابق ،وأعيده لمناسبته الرد على شبهتكما في التفريق بين الصوفية والطرقية!!؟،وهذا يدل على:" أحد أمرين لا ثالث لهما إلا بالفرى والمين!!؟"،و:"أحلاهما مر!!؟" – كما يقال -،وهما كما يأتي:" إما أنكما لم تقرآ المقال فجهلتهما ما فيه،وكما يقال:
"من جهل شيئا عاداه"، فتكلمتما عن غير علم بلا فهم!!؟".
أما الاحتمال الثاني:" أنكما قرأتماه، ولكنما أخفيتما الحقيقة،
وموهتما بالشبهة، وتلك عادة أهل البدع:يذكرون ما لهم، ويخفون ما عليهم، وأنى للإنصاف أن يوجد عند من كان ذلك هو منهجه!؟
فإلى كلام الإبراهيمي رحمه الله تعالى:" «...ومع أنَّنا نعلم أنَّ الطرق منتشرةٌ في العالَم الإسلاميِّ وأنَّ آثارها فيه متشابهةٌ، وأنها هي السبب الأقوى في كثيرٍ ممَّا حلَّ به من الأرزاء والنكبات، وكثيرًا ما كانت مفتاحًا لاستعمارِ ممتلكاته، فإنَّ حربنا موجَّهةٌ أوَّلاً وبالذَّات إلى طرقية الشمال الإفريقي، وبينها من الوشائج ما يجعلها كالشيء الواحد، فعلى مقدار هؤلاء الذين نعرف جنسهم وفصلهم، وفرعهم وأصلهم نفصِّل القول، وإلى هذا الهدف نسدِّد السهام، والأمرُ بيننا وبينهم من يوم شُنَّتِ الغارة دائرٌ على أحوالٍ، وسائرٌ على مراحِلَ، ينتقلون بنا من إحداها إلى الأخرى، ولا نزال نُطاردهم وهم يلتجئون من ضيِّقٍ إلى أضْيَقَ إلى الآن، وذلك لمَّا أنكرْنا عليهم باطلهم الذي يرتكبونه باسم الدين -زعموا أنَّ الطريق هي الدين-، ولمَّا نقضْنا لهم هذه الدعوة تنزَّلوا فزعموا أنَّ لها حبلاً وَاصِلاً بالدين وسندًا متَّصلاً بالسلف، ولمَّا بيَّنَّا لهم بأنَّ الحبل مقطوعٌ وأنَّ السند منقطعٌ؛ قالوا: إنَّ هذه الطرقية مرَّتْ عليها قرونٌ ولم يُنكرْها العلماء، فبيَّنَّا لهم أنَّ عدمَ إنكارِ العلماءِ الباطلَ لا يصيِّره حقًّا، ومرورُ الزمن عليه لا يصيِّره حقًّا، وقلنا لهم: إذا كان سلفُكم في الطرقية يعملون مثل أعمالكم فهُم مُبطلون مثلكم، وإذا كانوا على المنهاج الشرعي فليسوا بطُرقيِّين، ونحن نعلم من طريق التاريخ لا من طريق الشهرة العامَّة أنَّ بعض أصحاب هذه الأسماء الدائرة في عالم التصوُّف والطرق كانوا على استقامةٍ شرعيةٍ وعملٍ بالسنَّة ووقوفٍ عند حدود الله، فهُم صالحون بالمعنى الشرعي، ولكنَّ الصلاح لم يأتِهم من التصوُّف أو الطرق، وإنما هو نتيجة التديُّن، وفي مثل هؤلاء الصالحين الشرعيِّين إنما نختلف في الأسماء، فنحن نسمِّيهم صالحي المؤمنين، وهم يسمُّونهم صوفيةً وأصحاب طرقٍ، فيا ويلهم! إنَّ طريقة الإسلام واحدةٌ، فما حاجة المسلمين إلى طرقٍ كثيرةٍ؟ ثم ما هذا التصوُّف الذي لا عَهْدَ للإسلام الفطريِّ النقيِّ به؟ إنَّنا لا نُقرُّه مظهرًا من مظاهر الدين أو مرتبةً عليا مِن مراتبه. ولا نعترف من أسماء هذه المراتب إلاَّ بما في القاموس الديني: النبوَّة والصديقيَّة والصحبة والاتِّباع، ثمَّ التقوى التي يتفاضل بها المؤمنون، ثمَّ الوَلاية التي هي أثر التقوى، وإنْ كنَّا نُقرُّه فلسفةً روحانيَّةً جاءتْنا من غير طريق الدين ونرغمها على الخضوع للتحليل الديني، وهل ضاقتْ بنا الألفاظ الدينية ذات المفهوم الواضح والدقَّة العجيبة في تحديد المعاني حتَّى نستعير من جرامقة اليونان أو جرامقة الفرس هذه اللفظة المبهمة الغامضة التي يتَّسع معناها لكلِّ خيرٍ ولكلِّ شرٍّ؟ ويمينًا، لو كان للمسلمين يومَ اتَّسعت الفتوحات وتكوَّنت «المعامل» الفكرية ببغداد ديوانُ تفتيشٍ في العواصم ودروب الروم ومنافذ العراق العجمي؛ لكانت هذه الكلمة من الموادِّ الأوَّلية المحرَّمة الدخول.. فقد أصبحت هذه الكلمة التي غفلوا عنها أُمًّا ولودًا تلد البرَّ والفاجر، ثمَّ تمادى بها الزمن فأصبحت قلعةً محصَّنة تُؤوي كلَّ فاسقٍ، وكلَّ زنديقٍ، وكلَّ ممخرقٍ، وكلَّ داعرٍ، وكلَّ ساحرٍ، وكلَّ لصٍّ، وكلَّ أفَّاكٍ أثيمٍ. وانظر «طبقات الشعراني الكبرى» وما طُبع على غرارها من الكتب تجدْ أصناف المحتمين بهذه القلعة -وهم ببركة حمايتها- طلقاءُ من قيود الشريعة، وإنَّ هذه القلعة لَهِيَ المعقل الأسمى والملاذ الأحمى لأصحابنا اليوم، فكلُّ راقصٍ صوفيٌّ، وكلُّ ضاربٍ بالطبلِ صوفيٌّ، وكلُّ عابثٍ بأحكام الله صوفيٌّ، وكلُّ ماجنٍ خليعٍ صوفيٌّ، وكلُّ مسلوب العقل صوفيُّ، وكلُّ آكلٍ للدنيا بالدين صوفيٌّ، وكلُّ مُلحدٍ في آيات الله صوفيٌّ، وهلمَّ سحبًا، أَفيَجْمُلُ بجنودِ الإصلاح أن يَدَعُوا هذه القلعة تحمي الضَّلال وتُؤْويه، أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملةً صادقةً شعارُهم: «لا صوفيَّةَ في الإسلام» حتَّى يدكُّوها دكًّا، وينسفوها نسفًا، ويَذَرُوها خاويةً على عروشها؟... والحقيقة أنَّ الطرقيِّين أرادوا أن يصبغوا طرقهم بالقدسيَّة الدينيَّة، فانتحلوا لها هذه الأباطيل، وأعطَوْها خصائص الدين كلَّها"." الآثار":(1/175-176).
يا:"أبا أيوب23" ويا:"ابن عربي" ومن معكما ووراءكما من الصوفية، ها هو الإمام:" الإبراهيمي" رحمه الله يقولها لكم صريحة مجلجلة: «لا صوفيَّةَ في الإسلام». لقد اخترت أن تكون هذه الحقيقة الصريحة من شهادة الإبراهيمي في الصوفية وحكمه عليها:"شعارا لمقالي كما اتخذها الإبراهيمي وإخوانه المصلحون شعار حملتهم: لدك قلعة الشرك والبدع"، فعنوان مقالي هو:
"لا صوفية في الإسلام":من كلام الإمام الإبراهيمي
وبهذا أكون وفيت بوعدي لكما يا:"أبا أيوب23" و:"ابن عربي":بكتابة مقال علمي ضمنته كلام الإمام:"الإبراهيمي" الصريح في ضلال الصوفية، وأنه:" لا صوفية في الإسلام".
وللمرة الرابعة نقولها لكم راجين أن تكون الأخيرة:
يا صوفية:" تكلموا بعلم أو اسكتوا بحلم".
من مواضيعي
0 مهما.. ومهما!
0 عالمية الدور الحضاري للعربية
0 صانعة الأجيال
0 هام جدا: مجتمعنا أمانة في أعناقنا
0 كيف نتعامل مع المشكلات الأخلاقية!!؟
0 23 تغريدة في رحلة مع حياة نوح وأسلوبه في التأثير والتواصل
0 عالمية الدور الحضاري للعربية
0 صانعة الأجيال
0 هام جدا: مجتمعنا أمانة في أعناقنا
0 كيف نتعامل مع المشكلات الأخلاقية!!؟
0 23 تغريدة في رحلة مع حياة نوح وأسلوبه في التأثير والتواصل