يا إخوة اتقوا الله في أنفسكم
المسائل الشرعية لا يتكلم فيها إلا ذووها
كما أن المسائل الطبية يتكلم فيها الأطباء
و مسائل الهندسة المهندسون , و هلما جرا
لذا قال - تعالى - : (( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ))
فالواجب الرجوع إلى الكتاب و السنة على فهم سلف الأمة , لا فهم من هب و دب
و الحمد لله , فإننا قد كُفِينا من ناحية النصوص الشرعية ؛ و لا نحتاج إلى مستدركين على الأحكام الشرعية
فالله - تعالى - قال : (( و ما كان ربك نسيا ))
فالله لم ينس أن هناك زمننا
و بالتالي حين شرع الإسلام , شرعه لكل الأزمنة و الأمكنة , و بالطبع بحسب المقدور
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء )) [أبوداود : حسن ]
و قال - تعالى - عن الفطرة
(( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) )) [ الروم ]
عن عبد الله بن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى .[صحيح : أبو داود ]
و قال - صلى الله عليه و سلم - : (( خالفوا المشركين : أخفوا الشوارب وأوفوا اللحى )) [متفق عليه ]
فهذا أمر من النبي - صلى الله عليه و سلم - ؛ و مما تقرر في علم اصول الفقه , أن الأمر يفيد الوجوب إلا لدليل أو قرينة تصرفه من الوجوب إلى الاستحباب ؛ و في المسألة لم يرد دليل أو قرينة تصرفه عن ذلك
غير أن بعض المجيزين تمسكوا بأمر أصولي - زعموا - و هو أنه لما يأتي الأمر من النبي - صلى الله عليه و سلم - بصيغة " أَفْعِلْ " فهو للاستحباب , أما من عند الله فهو للوجوب.
و الجواب عنه من جهتين :
الأولى : هذا لابد له من دليل , و لم يذكروه لنا.
الثانية : و هي ضربة قاضية
دخل على النبي - صلى الله عليه و سلم - رسل كسرى و هم حالقين للحاهم ، قال لهم الرسول - صلى الله عليه و سلم - : ((ويحكما من أمركما بهذا ؟!)) فقالوا : أمرنا ربنا - يعنيان كسرى - فقال - صلى الله عليه و سلم - (( لكن أمرنى ربي أن أعفى لحيتى و أحفى شاربي )) [فقه السيرة للغزالي (359) و حسنه الشيخ الألباني - رحمهما الله -
فهنا صرّح - صلوات ربي و سلامه عليه - بأن الأمر بإعفاء اللحى من الله ؛ فحتى لو صحت تلك القاعدة , فيبقى الأمر للوجوب لأنه امر من الله -تعالى -
أما الإخوة الذين يعترضون عن هذا الأمر , و الأخوة الذين يقارنون بين لحية المسلمين و لحية الكفار ,فو الله إن الأمر لخطير
قال - تعالى - : (( قل أبالله و آياته و رسوله كنتم تستهزؤون
لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ))
فالاستهزاء بالدين و اموره , أمر خطير جدا , لأنه كفر و العياذ بالله
أما من كان يريد الاستفسار أو الاستفتاء , فما عليه إلا الاتصال بالعلماء , أو البحث عن الفتاوى للعلماء الموثوقين.
فأذكر نفسي و إخواني , بتقوى الله , و عدم الاستهزاء بالدين
و عدم كراهية حكم الله
قال - تعالى - : (( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) )) [محمد]
و قال - تعالى - : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً (36) )) [ الأحزاب ]
و الله تعالى اعلم
و السلام عليكم و رحمة اله و بركاته
التعديل الأخير تم بواسطة أبو نعيم إحسان ; 12-10-2007 الساعة 12:23 AM