التفكير في زمن التكفير .
04-11-2012, 01:12 AM
في لقاء للأستاذ محمد حسنين هيكل مع نادي القضاء في مصر شرح الأستاذ هيكل كيف أن النهب المتواصل للمال العام في دولنا هو ما يعيق أي محاولة جادة للنهضة الإقتصادية ، فشعوبنا للأسف في كل مرة تقوم بمراكمة بعض من الثورة يمكن أن تحقق لها نهضة إقتصادية ، ينتهي الأمر بنظام فاسد بتهريب هذه الثورة، أو تبديدها في مشاريع خاسرة ، وعليه تظل هذه الشعوب حبيسة الفقر و الحاجة ...عن نفسي كنت أتمنى لو كان الأمر يتوقف على خسارثنا للثروة المادية كما يقول الأستاذ هيكل ، فكما أرى مشكلتنا أعمق من ذلك بكثير ، فنحن كأمة لا نبدد ثروثنا المادية فقط بل نبدد معها ثروة الثروة ، الا وهو "الانسان" فمهما تكن للثروة المادية من قيمة ، فإن هذه القيمة لا تكتسب كنهها إلا بإنسان يحسن إدارتها ، وعليه فنحن وبكوننا قد أهدرنا قيمة الإنسان فلن تفيدنا أي ثروة.
يمكن القول أنه وطوال قرون ، أو على الأقل منذ محنة المعتزلة للأسف ، ونحن كأمة نمارس هواية سحل المفكرين و سحق أحلامهم ، فتاريخنا التليد يسجل بدقة كيف أنتهى الحال بكثير من مفكرينا إما قتلى أو مطاردين أو مهجرين ، لا لشيء إلا أنهم حاولوا أنتشالنا من دورة التخلف ، لكن و لأننا أمة تمجد الجهل و الخرافة فمن البديهي أن أعمالهم كانت إجراما لا يغتفر ، ولهذا حق عليهم القول بأن يقتّلُوا أَوْ يُصلّبوا أو تقَطع أَيديهم وَأرجلهم مِنْ خِلاف أَوْ يُنفوْا مِنَ الأَرضِ ذَلِك لَهمْ خزي فِي الدّنيا وَلَهُمْ فِي الآخِرة عَذَاب عظِيم .
عن نفسي قد بث متأكدا أن لا سبب لتخلفنا حاليا سوى أنفسنا فقط ، فنحن وحدنا ما يعيقنا ، ""نحن الجهل الذي يعيدنا إلى الوراء ، ونحن الخرافة التي تعيث بنا فسادا ... نحن لا نشكوا من شيء سوى أنفسنا ""، إن أي محاولة للخلاص مما نحن فيه لن يكون لها نفع إلأ اذا عنت في جوهرها محاولنا للخلاص من أنفسنا ، كخلاصة نهائية يمكن القول ان السؤال الوحيد الذي يجب الإجابة عليه هو "متى ندرك أننا السبب الوحيد لتعاستنا ، ولا شيء أخر ، فحين ندرك هذا الأمر ، يمكنا حينها فقط الحديث عن عصور نحو القمة ، لا نحدار نحو القاع .
* * * *
في أحد حلقات المسلسل الشهير "فاميلي جاي" تخيل البطل بيتر جرفين وبعد أن قرء عن الانتهاكات الجسيمة للكنسية الكاتوليكية بحق العلم و عن محاكم التفتيش ، تخيل كيف سيكون العالم لو ان هذه الكنسية لم توجد ، و كيف لو أن جرائمها بحق العلم لم تحصل ، في النهاية وجد بيتر أن العالم وبرغم كونه سيستفيد من منجزات العلماء الذين أضطهدتهم الكنسية إلا انه كان سيخسر أروع المدارس الفنية على مدار التاريخ ، فمنجزات مايكل انجلو ، رافايال ، جورجوني جميعها نمت وترعرعت في حضن الكنسية ، وحضارتنا الحالية وبرغم كونها تأئن بسبب جرائم الكنسية بحق المعرفة إلا أنها في الآن نفسه تدين لها بوضعها الحالي الذي هي عليه .
في المقابل لو تخيلنا ماذا سيخسر العالم لو أختفى أعداء الفكر منا ، سنجد وبعد بالغ تفكير أن لا شيء كان سيحصل ، بالعكس لقد كنا لنربح الكثير بإندثارهم ، فقد كان يمكن انقاد الكثير من الكنوز التي طالها التخريب على أيديهم .
هؤلاء وعلى عكس الكنسية ليسو معادين للفكر فقط ، بل معادون للفن ، و معادون للجمال أين ما حل ، إن تاريخ هؤلاء لا يحمل أي بارقة من نور ، فهو ظلام دامس وفقط .
مودتي .
سأَصيرُ يوماً فكرةً . لا سَيْفَ يحملُها إلى الأرضِ اليبابِ ، ولا كتاب… كأنَّها مَطَرٌ على جَبَلٍ تَصَدَّعَ من تَفَتُّح عُشْبَةٍ ... لا القُوَّةُ انتصرتْ ولا العَدْلُ الشريدُ ...سأَصير يوماً ما أُريدُ ..
درويش .
درويش .








.gif)


