تسريبٌ فتخريب فتغريب
04-06-2016, 04:28 PM
تسريبٌ فتخريب فتغريب
حبيب راشدين

التسريبات الآثمة التي طالت أكثر من مادة في امتحانات شهادة "الباك" قد تكون آخر مسمار يدق في نعش وزيرة التربية، التي تتحمل ـ بحكم الموقع ـ الجزء الأكبر من المسؤولية، حتى لو سلّمنا جدلا بوجود عمل كيدي يستهدفها من خصوم داخل القطاع وفي الأوساط النقابية، أو في مكان آخر، لولا أن التسريبات قد فضحت أكثر من قطاع حكومي إداري وأمني يكون قد خذل وزارة التربية والأولياء، وفشل في تأمين الاستحقاق من التزوير والغش في قطاع تعليمي منكوب، يُدبَّر له تحت الطاولة ما هو أخطر من ضرب مصداقية شهادة "الباك".
الوزارة كانت على علم مسبق بما كان يُحضّر من أساليب الغش مدعومة بالتقنيات الحديثة وبمواقع التواصل الاجتماعي، وقد خرج علينا أكثر من مسؤول ومسؤولة في الوزارة يؤكد بثقة مفرطة: أن إجراءات صارمة قد اتُّخِذت لمنع حصول أي تسريب، وقد استبقوا ما قد يحصل من تسريبات، بتوزيع تهم استباقية للإطارات المُشرفة على الحراسة، ثبُت لاحقا أنها بريئة من التهمة، ما دامت التسريبات قد جاءت ليلا قبل أن تصل الأسئلة إلى مراكز الامتحانات؛ أي أنها نُفذت من أطراف تحتلّ مواقع ذات نفوذ بين مديريات التربية وكوادر الوزارة، مما قد يضيِّق من مسرح الجريمة أمام التحقيق القضائي.
الوزير الأول يتحمَّل نصيبه من المسؤولية بحكم أنه كان على علم بما يتهدد هذا الاستحقاق، فكان من واجبه تجنيد الوزارات المعنية: المصالح الأمنية، والداخلية، والاتصالات ومعها السلطات المحلية لمنع حصول الكارثة، على الأقل باتخاذ إجراء سيادي سبقتنا إليه دولٌ كثيرة بقطع شبكة التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "فيسبوك" طيلة أيام الامتحانات دون أن يلحق ضررٌ يُذكر بالبلد، كما كان بوسعه أن يُلزم وزارة التربية باتخاذ تدابير احتياطية حالما يقع أيّ تسريب بطرق أخرى كتلك التي أقيل من أجلها الوزير الأسبق بن محمد.
أخطر ما في هذه التسريبات أنها شكّلت خرقا أمنيا للدولة برمّتها، وأثبتت أن الحكومة عاجزة عن حماية البلد حالما تقرِّر قوى متربصة بالجزائر العبث بأمن البلاد عبر بوابة شبكة التواصل الاجتماعي كما حصل مع دول الربيع العربي، إلا إذا كانت الحكومة لا تملك قرارها، وتخشى أن تقترب من أدوات الدجّال حتى حين يكون أمن البلد في خطر، أو أن السلطة إنما تريد ـ في مكان ما ـ أن تتفاقم أزمات هذا القطاع حتى الحدّ الذي يسمح بتمرير مشروع "إصلاحي" غير قابل للتسويق في الأوقات العادية.
بعضُ الأطراف في المعارضة سارعت إلى مطالبة رئيس الحكومة بإقالة السيدة بن غبريط رمعون، مع أن إقالتها لا يجبر ما قد كسر، ولا يمنحنا الوثوق بسلامة الاستحقاقات القادمة، والأفضل أن تطالب الحكومةَ بمراجعة المنظومة الإدارية والتقنية للوزارة، وأن تبدأ بإصلاح هذه الوزارة قبل أن تحوّلها المشاريع "الإصلاحية" المرتجَلة للوزيرة بن غبريط وطاقمها إلى بؤرة تنطلق منها الحرائق الاجتماعية، في قطاع به أكثر من نصف مليون موظف، وقرابة سبعة ملايين تلميذ، لا يتحمل تبعات لعبة القمار التي تلعبها الوزارة بكثير من الاستخفاف، وبتجاهل مهين للرأي الغالب في هذا البلد الرافض أهله للتغريب القسري بأدوات "الفوضى الخلاقة".

حبيب راشدين
التسريبات الآثمة التي طالت أكثر من مادة في امتحانات شهادة "الباك" قد تكون آخر مسمار يدق في نعش وزيرة التربية، التي تتحمل ـ بحكم الموقع ـ الجزء الأكبر من المسؤولية، حتى لو سلّمنا جدلا بوجود عمل كيدي يستهدفها من خصوم داخل القطاع وفي الأوساط النقابية، أو في مكان آخر، لولا أن التسريبات قد فضحت أكثر من قطاع حكومي إداري وأمني يكون قد خذل وزارة التربية والأولياء، وفشل في تأمين الاستحقاق من التزوير والغش في قطاع تعليمي منكوب، يُدبَّر له تحت الطاولة ما هو أخطر من ضرب مصداقية شهادة "الباك".
الوزارة كانت على علم مسبق بما كان يُحضّر من أساليب الغش مدعومة بالتقنيات الحديثة وبمواقع التواصل الاجتماعي، وقد خرج علينا أكثر من مسؤول ومسؤولة في الوزارة يؤكد بثقة مفرطة: أن إجراءات صارمة قد اتُّخِذت لمنع حصول أي تسريب، وقد استبقوا ما قد يحصل من تسريبات، بتوزيع تهم استباقية للإطارات المُشرفة على الحراسة، ثبُت لاحقا أنها بريئة من التهمة، ما دامت التسريبات قد جاءت ليلا قبل أن تصل الأسئلة إلى مراكز الامتحانات؛ أي أنها نُفذت من أطراف تحتلّ مواقع ذات نفوذ بين مديريات التربية وكوادر الوزارة، مما قد يضيِّق من مسرح الجريمة أمام التحقيق القضائي.
الوزير الأول يتحمَّل نصيبه من المسؤولية بحكم أنه كان على علم بما يتهدد هذا الاستحقاق، فكان من واجبه تجنيد الوزارات المعنية: المصالح الأمنية، والداخلية، والاتصالات ومعها السلطات المحلية لمنع حصول الكارثة، على الأقل باتخاذ إجراء سيادي سبقتنا إليه دولٌ كثيرة بقطع شبكة التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "فيسبوك" طيلة أيام الامتحانات دون أن يلحق ضررٌ يُذكر بالبلد، كما كان بوسعه أن يُلزم وزارة التربية باتخاذ تدابير احتياطية حالما يقع أيّ تسريب بطرق أخرى كتلك التي أقيل من أجلها الوزير الأسبق بن محمد.
أخطر ما في هذه التسريبات أنها شكّلت خرقا أمنيا للدولة برمّتها، وأثبتت أن الحكومة عاجزة عن حماية البلد حالما تقرِّر قوى متربصة بالجزائر العبث بأمن البلاد عبر بوابة شبكة التواصل الاجتماعي كما حصل مع دول الربيع العربي، إلا إذا كانت الحكومة لا تملك قرارها، وتخشى أن تقترب من أدوات الدجّال حتى حين يكون أمن البلد في خطر، أو أن السلطة إنما تريد ـ في مكان ما ـ أن تتفاقم أزمات هذا القطاع حتى الحدّ الذي يسمح بتمرير مشروع "إصلاحي" غير قابل للتسويق في الأوقات العادية.
بعضُ الأطراف في المعارضة سارعت إلى مطالبة رئيس الحكومة بإقالة السيدة بن غبريط رمعون، مع أن إقالتها لا يجبر ما قد كسر، ولا يمنحنا الوثوق بسلامة الاستحقاقات القادمة، والأفضل أن تطالب الحكومةَ بمراجعة المنظومة الإدارية والتقنية للوزارة، وأن تبدأ بإصلاح هذه الوزارة قبل أن تحوّلها المشاريع "الإصلاحية" المرتجَلة للوزيرة بن غبريط وطاقمها إلى بؤرة تنطلق منها الحرائق الاجتماعية، في قطاع به أكثر من نصف مليون موظف، وقرابة سبعة ملايين تلميذ، لا يتحمل تبعات لعبة القمار التي تلعبها الوزارة بكثير من الاستخفاف، وبتجاهل مهين للرأي الغالب في هذا البلد الرافض أهله للتغريب القسري بأدوات "الفوضى الخلاقة".











