يتيمٌ يُناجي القدَرَ
18-07-2016, 04:27 PM
يتيمٌ يُناجي القدَرَ
مصطفى قاسم عباس
طفلٌ يُذيبُ لبؤسهِ الأَحجارا ÷ يبكي ويَمسح دمعَهُ المنهارا
طفلٌ يتيمٌ يَمتطي سفنَ الأَسى ÷ ليخوضَ في لُجج الشَّقاءِ بِحارا
طفلٌ.. ولم يعلَم ليومٍ أنهُ ÷ سيصيرُ للأحزانِ دَوماً جارا
يتجرَّعُ التَّذكارَ كأسَ مرارةٍ ÷ في ظلِّ أحلامٍ مضتْ تتوارى
ويُشاركُ القمريَّ نَوحاً والجَوى ÷ ومنَ الطفولةِ لم يَذقْ مِقدارا
فبكيتُ ثمَّ بكى اليراعُ بلوعةٍ ÷ ودموعُ قلبي سطَّرت أشعارا
بحرُ القصيدةِ ثاكلٌ ومُعذَّبٌ ÷ ومِداديَ المُضنى شَكا واحتارا
أرنو لذاكَ الطفلِ تَهمسُ روحُهُ ÷ ليلاً يناجي اللهَ والأَقدارا:
قولي - أيا أقدارُ - أينَ أبي مَضى؟ ÷ فأنا أسائلُ عن أبي الأَقمارا
أنا منذُ عامٍ ما رأيتُ هلالَهُ ÷ وسَنا المحبةِ كَحَّلَ الأنظارا
مذْ غاب عنِّي صارَ دهرِي مُظلماً ÷ فمَتى ترى عيني سناً ونهارا؟
كادت بيَ الصُّعَداءُ تُودي.. إنها ÷ بلهيبها ستُحيلُ صدريَ نارا
• • •
ذاك اليتيمُ شكا إلَينا حالَهُ ÷ جرَتِ الدموعُ بخدِّهِ أنهارا
لما أتاهُ النَّعيُ أنَّ أباهُ قد ÷ ترك الحياةَ وفي الثَّرى قد غارا
آوى إلى أمٍّ تُكفكِفُ دمعَهُ ÷ لكنْ تجلُّدُها هوَى وانهارا
فالبدرُ غابَ.. متى يكونُ أُفولُهُ؟ ÷ ليموتَ حزنٌ والأَسى يتوارى
• • •
ما أبصرَت عينيْ يتيماً بائساً ÷ إلاَّ وأسبلَتِ الدُّموعَ جِهارا
فإذا رأيتُم في القلوبِ قَساوةً ÷ وغدَت تُحاكي تلكُمُ الأحجارا
فلتمسَحوا رأسَ اليتيم بِرقَّةٍ ÷ وتعلَّموا من أمِّهِ الإيثارا
وتذكَّروا أن الحياةَ عجيبةٌ ÷ وسُكونُها سيُفجِّرُ الإعصارا.