تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى الدعوة والدعاة

> "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أمازيغي مسلم
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 02-02-2013
  • المشاركات : 6,081
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • أمازيغي مسلم has a spectacular aura aboutأمازيغي مسلم has a spectacular aura about
أمازيغي مسلم
شروقي
"حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
28-04-2013, 02:00 PM
"حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
رفعت الصوفية عقيرتها مؤخرا في الجزائر،ووجدت أبواقا لها تزين للناس باطلها،وتحيي فيهم بدعها – بعثا فيما يظهر لمعالم الشرك وطقوس الوثنية -،وكان هذا الاستيقاظ الصوفي بعد السبات الخرافي نتيجة للنشاط العلمي المبارك لسلفيي الجزائر الذين نفضوا مؤخرا الغبار عن الإرث العلمي الوافر الذي خلفته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين،ذلك الإرث العلمي الناصع لا يعرفه كثير من طلبةالعلم فضلا عن العوام، والسبب في ذلك هو:"التغييب المقصود لمنهج الجمعية السلفي، لتحل محله:" أقانيم سدنة ديوان الصالحين!!؟" منمرتزقة القبورية المنتفعين من:"عائدات الزردات والوعدات المقامة على الأضرحةوالمقامات!!؟".
ولما أحس سدنة المعبد القبوري بأن أرزاقهم مهددة من قبل الموحدينخرجوا من دهاليزهم المظلمة،ليطفئوا نور التوحيد الذي أقض مضجعهم،وأحيامواجعهم التي وجدها أسلافهم من دعوة جمعية العلماء المسلمين،فأفتى أحد كبراء الصوفية:" الدكتور بن بريكة": بجواز تشييد الأضرحة وبناء القباب على القبور!!؟"، وتبعه في ذلك وناصره في دعواه لفتح باب الشرك على مصراعيه للجزائريين بعض الكتاب، ونشروا مقالاتهم في الجرائد والمنتديات الإلكترونية، ومن ذلك مقال:كتبه أحدهم بعنوان:" حقيقة الصوفية عند الإمام.."،وذكر أحد أئمتهم المغمورين!!!!؟؟؟؟؟.
ولأننا كلما تكلمنا عن التوحيد:" مقررين لمفهومه، مفصلين لمسائله
مستدلين بالكتاب والسنة وآثار سلف الأمة"،صاح هؤلاء المتصوفة في وجوه مريديهم والعوام:" احذروا من هؤلاء الوهابيين!!؟"، تلك النغمة الناشزة،والتهمة الجاهزة،التي يلوكها كل متبوع قبوري ليلبس على أتباعهدينهم، ويدلس عليهم توحيدهم، ويشوه لهم فطرتهم، ليبرر لهم شركهم وبدعهم ،فيرهبهم من دعوةالمصلحين، ويرعبهم بكلمة "الوهابيين!!؟"، فيولون مدبرين قائلين لمريديهموللمصلحين:[ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين]!!؟.
وإقامة للحجة أمام هؤلاء المضللين، ورفعا للشبهة عن المريدين،
نقتصر في مقالنا هذا على نقل أقوال أحد علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في بيان حقيقة المتصوفين، وهو الشيخ العلامة:"محمد البشير الإبراهيمي" - رحمه الله -،وبذلك نكون قد قطعنا الطريق أمام شيوخ الجهالة،وأئمة الضلالة: بإبطال تلبيسهم على أتباعهم أن ما يقوله السلفيون اليوم هو تجديد لدين الوهابية كما قاله أحدهم،وبئس ما قال!!؟.
إن الشيخ العلامة:"محمد البشير الإبراهيمي"- رحمه الله -، عالم شهد القاصي والداني، والعدو قبل الصديق بعدالته وعلو كعبه، وعظم منزلته العلمية والأدبية، فكان بحق مثالا للعالم الرباني الذي نصح للأمة حق النصح – نحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحدا-، و فقد تلقته الأمة بالقبول،وعرف له أهل الفضل فضله،ولم يبغضه بالأمس إلا من كان من أهل الشقاق والنفاق من عملاء الاستدمار،
ولا يبغضه اليوم إلا ورثة هؤلاء من:" دعاة القبورية،وحماة الشرك،ورعاة البدع"، لا لشيء سوى أن خطبه ومقالاته كانت :"شوكة في حلوقهم":{سفهت آراءهم،وبددت أحلامهم،وأبطلت مذهبهم،وكشفت حقيقتهم،فكسدت حينا من الدهر تجارتهم،وبارت سلعتهم}،فتعمدوا تغييب إرثه وإرث إخوانه من جمعية العلماء حتى قيض الله من أحيا ذلك الإرث العلمي دراسة وتدريسا،وتحقيقا ونشرا،ولعل هذه المقالة جهد المقل في هذا الباب،نسأل الله تعالى الإخلاص والقبول،وهذا السعي هو أداء لبعض الواجب علينا نحو علماء الجمعية – رحمهم الله جميعا-.
ملاحظة: يعبر العلامة:"الإبراهيمي" رحمه الله كثيرا عن الصوفية بكلمة كانت رائجة في وقته هي:" الطرقية ".
وكلام العلامة:"الإبراهيمي" هنا في الصوفية مأخوذ من آثاره،وهو مسند بالمجلد والصفحة لمن أرد التحقق،ولي فيه تصرف يسير جدا يناسب المقام للتنسيق فيما بينه، وكنت قد نشرت بعضه في مشاركتي الإضافية على مقالي:"صد العدوان المبين على جمعية العلماء المسلمين"،ثم ظهر لي :أن الأفضل أن ينشر كاملا،وهو ما فعلته في هذه المقالة،نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم،وأن ينفع به كاتبه وقارئه وناشره،فإلى المقالات:

مقال:"جمعية العلماء":(5/137-145).
الحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان، والشهادة التي يؤدّيها لوجه الحق حتى رجال الاستعمار، هي أن أول صيحة ارتفعت بحريّة الجزائر كانت من لهاة عبد الحميد بن باديس ولسانه، وأن أول صخرة وضعت في أساس نهضة الجزائر بجميع فروعها من علمية وسياسية واجتماعية وأخلاقية إنما وضعتها يداه....
...وقدر الله فرجعت بعد سبع سنوات من افتراقنا فوجدت عمله قد أثمر، وأملنا قد بدأ يتحقق، ووجدت الحرب قد فعلت فعلها في نفوس أمتي، فكان من آثارها حياة الاستعداد الفطري، الذي أماته الاستعمار في تلك المرحلة التي عددنا لكم ما غرسته أيامها في نفوس الجزائريين من بذور خبيثة كان من ثمراتها تخدير الشعور وإضعاف المعنويات، وكان لرجوعي إلى الجزائر في نفس الشيخ عبد الحميد بن باديس ما يكون في نفس القائد اتّسعت عليه الميادين وعجز عن اقتحامها كلها فجاءه المدد لوقته، وتلقّاني- رحمه الله- بمدينة تونس مهنئًا لي ولنفسه وللوطن ومذكّرًا بعهود المدينة المنوّرة ومبشّرًا بمواتاة الأحوال، وتحقق الآمال، فكانت مشاركتي له بالرأي والتفكير والتقدير والدعاية أكثر مما هي بالتعليم والتدريب، لما كان يحول بيني وبين الانقطاع إلى ذلك من عوائق، وإن كنت شاركت في تحضير أذهان العامة للنهضة الكبرى بسهم وافر، بواسطة دروس ومحاضرات، ورجع أفراد من الإخوان الذين كانوا بالشرق مهاجرين أو طلّابًا للعلم، وجماعة من تلامذة الأستاذ ابن باديس الذين أكملوا معلوماتهم بجامع الزيتونة، تنطوي نفوسهم من أستاذهم على فكره وروحه، ومن جامع الزيتونة على متونه وشروحه، فاستقام الصدد، وانفتح السدد، وتلاحق المدد، وكانت من أصواتنا مسموعة ما يكون من الصيحة رجت النائم، ومن أعمالنا مجموعة ما يكون من الروافد انصبّت في النهر فجاشت غواربه، وكانت تلك بداية النهضة بجميع فروعها، والثورة الفكرية بتمام معانيها.
لم يكن الاستعمار الفرنسي غافلًا عن عمل ابن باديس، ولا جاهلًا بآثاره، ولكن من حسن حظ الأمة الجزائرية أن بداية الحركة العلمية الباديسية قارنت اشتعال الحرب العالمية الأولى على حين غفلة، فأصيب الاستعمار بسكتة وقتية استئلافًا للجزائريين، وهو في حاجة إليهم، فاتّسع بفضل تلك السكتة أفق الحركة، ونمت بذورها، ورسخت جذورها، وما انتهت الحرب إلا وإيمان الأمة بنفعها قد كمل، وحمايتهم لها قد تأصّلت، وأمدادها من الشرق قد ترادفت، والفكر العام والخاص قد تطوّر، فلم يسع الاستعمار إلا الاستمرار على السكوت، فاستمرّت الحركة تنمو وتطرد، والأمة حولها تلتفّ وتحتشد، إلى أن جاءت سنة 1930 وهي السنة التي تمّ فيها لاحتلال الجزائر قرن كامل.
كانت تلك السنوات العشر التي هي أوائل المرحلة الثالثة في تقسيمنا كلها إرهاصات بتكوين جمعية العلماء، وكانت كلمات الوطنية والإسلام وتاريخه والحرية والاستقلال قد وجدت مساغها في النفوس، وممرها إلى العقول، لأنها كانت تخرج من لسان ابن باديس وصحبه العلماء الشجعان الموثوق بعلمهم ودينهم وأمانتهم، فيرن رنينها في الآذان، ويجاوز صداها إلى الأذهان، بعد أن كانت هذه الكلمات محرّمة في فقه الاستعمار ومهجورة في فقه الفقهاء الذين نشأوا تحت رهبة الاستعمار، ومجهولة عند بقية الأمة، فكان أول من نطق بها على أنها لغة حية صحيحة الاستعمال، هو عبد الحميد بن باديس العالم الديني واثنان أو ثلاثة من طرازه، ولكن ابن باديس كان يقولها لتلامذته في حلق الدرس ليطبعهم عليها، فلما أحسّ بالنجدة من إخوانه أصبحت هذه "العملة" مطروحة للاستعمال في السوق العامة، ولذلك ارتاع لها الاستعمار وقدّر عواقبها الوخيمة عليه فاحتاط لها بما نشرحه لكم في الفصل الثاني وهو أعمال الاستعمار في هذه المرحلة.
وكنت على أثر رجوعي واجتماعي بهذا الأخ نتداول الرأي في هذا الموضوع ونضع مناهجه ونخطط خططه، ومعنا بعض الإخوان، فأجمعنا في معرض الرأي الفاصل على أننا أمام استعمارين يلتقيان عند غاية، أحدهما استعمار روحاني داخلي يقوم به جماعة من إخواننا الذين يصلون لقبلتنا باسم الدين، وغايتهم استغلال الأمة، ووسيلتهم صد الأمة عن العلم، حتى يستمرّ لهم استغلالها، وهؤلاء هم مشائخ الطرق الصوفية التي شوّهت محاسن الإسلام، والثاني استعمار مادي تقوم به حكومة الجزائر باسم فرنسا، وغايته استغلال الأمة، ووسيلته سد أبواب العلم في وجه الأمة حتى يتم لها استغلالها، والاستعماران يتقارضان التأييد، ويتبادلان المعونة، كل ذلك على حساب الأمة الجزائرية المسكينة، أولئك يضلّونها، وهؤلاء يذلّونها، وجميعهم يستغلّونها.
كنا نتّفق على هذا، ولكننا نجمل الرأي في أي الاستعمارين، يجب أن نبدأ بالهجوم عليه، ولم يكن من الصعب علينا الاتفاق على الهدف الأول للهجوم، فاتفقنا على أن نبدأ بالهجوم على الاستعمار الأول وهو الطرق الصوفية، لأنها هي مطايا الاستعمار الفرنسي في شمال أفريقيا ووسطها وغربها، ولولاها لم يتم له تمام.
والصوفية، أو الطرقية كما نسمّيها نحن في مواقفنا معها، هي نزعة مستحدثة في الإسلام لا تخلو من بذور فارسية قديمة، بما أن نشأة هذه النزعة كانت ببغداد في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة، واصطباغ بغداد بالألوان الفارسية في الدين والدنيا معروف،وتدسس بعض المتنطعين من الفرس إلى مكامن العقائد الإسلامية لإفسادها، لا يقلّ عن تدسّس بعضهم إلى مجامع السياسة، وبعضهم إلى فضائل المجتمع وآدابها لإفسادها، ومبنى هذه النحلة في ظاهر أمرها التبتّل والانقطاع للعبادات التي جاء بها الإسلام، ومجاهدة النفس من طريق الرياضة بفطمها عن الشهوات حتى تصفو الروح وتشف وترق وتتأهل لمشارفة المَلإ الأعلى، وتكون بمقربة من أفق النبوّة، وتتذوّق لذة العبادة الروحية، وقد افترق النازعون إلى هذه النزعة من أول خطوة فرقًا. وذهبوا فيها مذاهب، من القصد الذي يمثّله أبو القاسم الجنيد، إلى الغلو الذي يمثّله أبو منصور الحلّاج، إلى ما بين هذين الطرفين، وكانت لأئمة السنّة وحماتها- الواقفين عند حدودها ومقاصدها ومأثوراتها- مواقف مع الحاملين لهذه النزعة، وموازين يزنون بها أعمالهم وآراءهم وما يبدر على ألسنتهم من القول فيها، ولسان هذه الموازين هو صريح الكتاب وصحيح السنّة، وكانت في أول ظهورها بسيطة تنحصر في الخلوة للعبادة أو الجلوس لإرشاد وتربية من يشهد مجالسهم، ثم استفحل أمرها فاستحالت علمًا مستقلًا، يشكّل معجمًا كاملًا للاصطلاحات، ودوّنت فيها الدواوين التي تحلّل وتشرح، وتصف الألوان الباطنية للنفس، وتبيّن الطريق الموصل إلى الله والوسيلة المؤدية للسعادة وكيفية الخلاص من مضائق هذه الطريق وأوعارها، ثم انتقلت في القرون الوسطى من تلك الأعمال التي تستر أصحابها، إلى الأقوال التي تفضحهم، فخاضوا في شرح مغيبات، وأفاضوا في جدال مكشوف بينهم وبين خصومهم، وكانوا سببًا من الأسباب الأصيلة في شق الأمة شقّين: أنصارًا ومنكرين، وضاعت في هذا الضجيج ثمرة هذه النحلة وهي رياضة النفس اللجوج على العبادة وقمع نزواتها البدنية وأصبحت هذه النحلة أقوالًا تدافع، يقولها من لا يفقه لها معنى، فضلًا عن أن تصطبغ بها نفسه، والحق في هذه النزعة أنها صبغة روحية مرجوحة في ميزان الشرع وأحكامه، وإنما يقبل منها ما يساير المأثور، ولا يجافي المعروف من هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فإن الدين قد تكامل بختام الوحي، والزيادة فيه بعد ذلك كالنقص منه كلاهما منكر، وكلاهما مرفوض، وما لم يكن يومئذٍ دينا فليس بدين بعد ذلك.
ولكن تلك النزعة التي عفا رسمها، بقي اسمها، ولم يبقَ بقاءً تاريخيًا للعظة والاعتبار، وإنما بقي فتنة بين المسلمين، وميدانا لعلمائهم يتراشقون فيه ويتنازعون، ولعامتهم يلهون فيه ويلعبون، ويضلون بسببه عن حقائق دينهم ودنياهم.
وانتهى بها الأمر في القرون الأخيرة إلى نسبة مجردة من جميع المعاني، ينتسب إليها - تقحمًا- كل من هبّ ودبّ، لا يطلبها من طريق علم ولا تربية، ولكن من طريق الشعوذة والحيلة، ثم تدلّت دركة أخرى فأصبحت وسيلة معاش ومصيدة لابتزاز أموال العامة وانتهاكًا لأعراضهم، وهناك التقت مع الاستعمار في طريق واحد، فتعارفا وتعاهدا على الولاء.
اِبحثوا في تاريخ الاستعمار العام، واستقصوا أنواع الأسلحة التي فتك بها في الشعوب، تجدوا فتكها في استعمال هذا النوع الذي يسمّى "الطرق الصوفية"، وإذا خفي هذا في الشرق، أو لم تظهر آثاره جلية في الاستعمار الانكليزي، فإن الاستعمار الفرنسي ما رست قواعده في الجزائر وفي شمال أفريقيا على العموم وفي أفريقيا الغربية وفي أفريقيا الوسطى إلا على الطرق الصوفية وبواسطتها، ولقد قال قائد عسكري فرنسي معروف، كلمة أحاطت بالمعنى من جميع أطرافه قال: "إن كسب شيخ طريقة صوفية أنفع لنا من تجهيز جيش كامل، وقد يكونون ملايين، ولو اعتمدنا في إخضاعهم على الأموال والجيوش لما أفادتنا ما تفيده تلك الكلمة الواحدة من الشيخ، على أن الخضوع لقوّتنا لا تؤمن عواقبه لأنه ليس من القلب، أما كلمة الشيخ فإنها تجلب لنا القلوب والأبدان والأموال أيضًا".
هذا معنى كلمة القائد الفرنسي وشرحها، ولعمري إنها لكلمة تكشف الغطاء عن حقيقة ما زال كثير من إخواننا الشرقيين منها في شك مريب، وهم لا يدرون أن أول من خرج عن جماعة الأمير عبد القادر الجزائري في أيام جهاده شيخ طريقة معروف، وأن من أكبر أسباب هزيمته استعانة فرنسا عليه بمشايخ الطرق الصوفية، وإعلان كثير من أتباعهم الخضوع لفرنسا، فهل نحتاج بعد هذا إلى دليل؟ وان تاريخ تلك الوقائع لم يزل مداده طريًا، وما زال الاستعمار بالجزائر يسمّي هؤلاء المشايخ "أحباب فرنسا".
وإني أتعجّل لكم البشرى بأن أحفاد أولئك المشايخ- إلا ما قلّ- أصبحوا من أكبر الناقمين على الاستعمار، بل أصبح بعضهم من الغلاة في الوطنية، وفي الصفوف الأولى من أنصار العلم والتعليم، والداعين إليهما، والعاملين على نشرهما بالجاه والمال، ولا تكاد توجد مدرسة من مدارس جمعية العلماء خالية من عدد من أولادهم متعلمين أو معلّمين، ومنهم كثير في الجامعات الإسلامية: القرويين والزيتونة والأزهر.
اتفقنا على البدء بالاستعمار الروحي الداخلي، ونحن نعلم قوّته والتفاف 70 بالمائة من الأمة على الأقل حوله، ومعه الحول والطول. فالأموال وفيرة، والجاه عريض، والحكومة تقارضه تأييدًا بتأييد، وذلك العدد العديد من الأمة يسبح بحمده، ويعتقد أن تلك الطرق كلها طريق إلى الجنة، وأن تلك البدع والضلالات هي الدين، بل هي صميم الدين، وأن كلمة نقد في أولئك المشايخ ولو عصوا الله وفعلوا المنكرات قد تؤدي بصاحبها إلى الكفر، والخسار الدنيوي والأخروي وحلول النقم السماوية، ونعلم- كذلك- ضعفنا إلا بالإيمان وقلة عددنا، فنحن طائفة تعد على أصابع اليد الواحدة، والاستعمار لنا بالمرصاد، يرقب حركاتنا ويحسب أنفاسنا، ويعتبر أننا عنصر خطر عليه، نريد أن نحصي ما أمات، ونهدم ما بنى، ونبني ما هدم، كانت الحكمة لاختيارنا الميدان الأول للهجوم، أن موضوع النزاع ديني، ونحن علماء دين يعترف لنا بالإمامة العلمية حتى الاستعمار وأعوانه، ولا يستطيع الاستعمار أن ينتصر لأوليائه في نزاع ديني انتصارًا سافرًا، وإنما ينتصر لهم بوسائل أخرى لا تؤثر في هدفنا الذي نرمي إليه، وهو انتزاع الأمة من هؤلاء المستغلّين لها باسم الدين، وإنقاذها من جبروتهم، وأننا إذا جرّدناهم من سلطانهم الوهمي، كانت معنا على الاستعمار الخارجي الحقيقي، ومن لم يكن الشعب معه كان مخذولًا في كل ميدان.
بدأنا هذه الحركات بجنب حركة التعليم الديني العربي، وأطلقنا عليها اسمها الحقيقي وهو "الإصلاح الديني"، وهو اسم يهيّج أصحاب البدع والضلالات من المسلمين في الدرجة الأولى، ويهيّج الاستعمار الخارجي في الدرجة الثانية، فكان من تفاوت التهيّج فسحة سرنا فيها خطوات إلى النجاح، وكانت أعمالنا تسير في دائرة ضيّقة، لأن الاستعداد لظهور جمعية العلماء لم يتم إذ ذاك، وكان مبدأ "العمليات" بدروس دينية ومحاضرات.
ورأى المرحوم عبد الحميد بن باديس أنه لا بدّ من جريدة تظاهر الفكرة وتخدمها، فأنشأ جريدة "المنتقد" وهي أول جريدة إصلاحية بالشمال الأفريقي، فكانت أرفع صوت وأفعل وسيلة لنشر الإصلاح الديني، فارتاع لها الاستعمار الفرنسي وعطّلها في مدة قريبة بما يملك من قوانين، فأصدر المرحوم جريدة أخرى باسم "الشهاب" كانت أسدّ رماية، وأوسع خطى من سابقتها، وسكت عنها الاستعمار فنقلها صاحبها من جريدة إلى مجلة، طال عمرها بضع عشرة سنة ورافقت سنوات الإرهاص بجمعية العلماء، فسجّلت خطوات الحركة، وكانت لها مواقف رائعة في عدة ميادين، فخدمت العلم والدين والسياسة، وتردّد صداها في المغارب الثلاثة، فتركت في كل قطر أثرًا حميدًا في النفوس، وفضحت الاستعمار الفرنسي فضائح لا ينسى خزيها، وبدروس الأستاذ عبد الحميد بن باديس، ومجلته "الشهاب"، استحقّ لقب "باني النهضة الجزائرية بجميع فروعها"، وأنشأ بعض الإخوان جريدة سمّاها "الإصلاح" كانت لها جولات في حرب البدع ولكنها لم تعمر إلا قليلًا.
تساوقت الآثار المختلفة إلى غرض واحد، آثار دروس الإسلام الحية من ابن باديس في نفوس تلاميذه، وقد أصبحوا آلافًا، وآثار دروسه العامة في التفسير والأخلاق والاجتماع، وقد أصبح سامعوها المتأثّرون بها عشرات الآلاف، وأكثرهم من العامة، وآثار الحرب في الأمة كلها، وآثار العلماء المصلحين بعد أن تكاثر عددهم وتلاحق مددهم، وتعاونوا على تنوير الأفكار وتوجيه الأذهان لفهم حقائق الدين والدنيا، وهداية النفوس الضالّة بإرشاد القرآن وسيرة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وتجلية التاريخ الإسلامي.
وتألف من ذلك كله حداء قوي مطرب سارت عليه الأمة الجزائرية عقدًا من السنين، من سنة 1920 إلى سنة 1930 ميلادية، واستوى في التأثّر الموافق منها والمخالف، وأوائل نهضات الأمم تفتقر دائمًا إلى المخض العنيف بالكلام والرأي والجدال والوفاق والخلاف، وذلك المخض هو الذي ينشئ فيها الحياة ثم يصفيها، وهو دليل حياة الشعور فيها، وقد سكتت الأمة الجزائرية قبل ذلك أكثر من أربعين سنة ... سكتت ألسنتها وسيوفها في آن واحد فما زادها طول السكوت إلا جمودًا وخمودًا وقربًا من الموت، واستمرّت الإرهاصات تتوالى، وأصوات الإصلاح تتعالى، والأذهان تستشرف وتستعدّ، والقوى النفسية كلها تتقارب وتحتشد، إلى أن احتفلت فرنسا بعيدها المئوي لاحتلال الجزائر سنة 1930.

مقال"موقف جمعية العلماء المسلمين من الطرق":(1/189-191)
مبدأ جمعية العلماء المسلمين هو الإصلاح الديني بأوسع معانيه، الذي كان يعمل له المصلحون فرادى، وإنما كانوا مسيرين بفكرة لا تستند على نظام فأصبحوا مسيرين بتلك الفكرة نفسها مستندة على نظام مقرر، وبرنامج محرر.
وقد كان حال المصلحين مع الطرق ما علمه القارئ من الفصول السابقة، فلما تأسست جمعية العلماء لم يزيدوا على تلك الحال ولم ينقصوا منها، لأن هؤلاء المصلحين لا يعملون - مسالمين ومحاربين- إلّا عن إيمان وعقيدة، وعقيدتهم في الطرق هي أنها علة العلل في الإفساد ومنبع الشرور، وأن كل ما هو متفش في الأمة من ابتداع في الدين، وضلال في العقيدة، وجهل بكل شيء، وغفلة عن الحياة، والحاد في الناشئة، فمنشؤه من الطرق، ومرجعه إليها كما علمت بعض ذلك من فصل آثار الطرق السيئة وستعلم بعضه.
فلا يجهلن جاهل، ولا يقولن قائل: إن المصلحين شغلوا أوقاتهم بالطرق واستنفدوا قوتهم في مقاومتها حتى ألهتهم عن كل شيء، وربما كان فيما شغلوا عنه ما هو أحق بالاهتمام مما شغلوا به، وهذه نقطة يجب إيضاحها دفعًا للأوهام.
إننا علمنا حق العلم، بعد التروي والتثبت ودراسة أحوال الأمة ومناشئ أمراضها، أن هذه الطرق المبتدعة في الإسلام هي سبب تفرق المسلمين، لا يستطيع عاقل سلم منها ولم يبتل بأوهامها أن يكابر في هذا أو يدفعه، وعلمنا أنها هي السبب الأكبر في ضلالهم في الدين والدنيا، ونعلم أن آثارها تختلف في القوّة والضعف اختلافًا يسيرًا باختلاف الأقطار، ونعلم أنها أظهر آثارًا وأعراضًا وأشنع صورًا ومظاهر في هذا القطر الجزائري والأقطار المرتبطة به ارتباط الجوار القريب منها في غيره، لأنها في هذه الأقطار فروع بعضها من بعض، ونعلم أننا حين نقاومها نقاوم كل شر، وأننا حين نقضي عليها- إن شاء الله- نقضي على كل باطل ومنكر وضلال، ونعلم زيادة على ذلك أنه لا يتم في الأمة الجزائرية إصلاح في أي فرع من فروع الحياة مع وجود هذه الطرقية المشئومة، ومع ما لها من سلطان على الأرواح والأبدان، ومع ما فيها من إفساد للعقول وقتل للمواهب.
إن كاتب هذه الأسطر قدر له أن يقيم في الحجاز سنوات عديدة في العهد العثماني، والحجاز معرض الأمم الإسلامية، فرأى أن هذه الطرق لم تسلم منها بقعة من بقاع الإسلام، ورأى أنها تختلف في التعاليم والرسوم والمظاهر كثيرًا، ولا تختلف في الآثار النفسية إلّا قليلًا، وتجتمع كلها في نقطة واحدة وهي التخدير والإلهاء عن الدين والدنيا.
ولقد- والله- كنت أرى المسلمين المختلفي الأقطار والأجناس واللغات يجتمعون في حرم رسول الله وفي مهبط الوحي الجامع، فلا أجد بينهم ذلك الأنس الذي كان يجده المسلم حين يلتقي بالمسلم، ولا أقرأ في وجوههم تلك البشاشة التي كانت تسابق الألسنة إلى التحية، فلا أعلِّل تلك الظاهرة الجافية بتباعد الديار، إذ لو كان الشعور بالأخوة صادقًا صحيحًا لكان بعد الدار أدعى إلى الشوق والحنين في الغيب، وإلى كرم اللقاء وبشاشة الوجه في المشهد، ولا أعلله باختلاف اللغات لأن النفوس والوجوه والأسارير لا تحتاج إلى ترجمان. ولكني كنت أعلل هذا اللقاء العابس بما أحدثته فينا المفرقات الروحية- وهي الطرق والمذاهب- من تنافر عَظُمَ على الزمان حتى جعل الإخوة أعداء.
وكم كنت أمتعض حين أرى الحنفي لا يصلي خلف الشافعي، والشافعي لا يصلي خلف المالكي! بل كنت أمتعض لتعدد الأئمة من أصله، ولتعدد الحلق الطرقية التي لا تجمع الناس لمدارسة علم، وإنما تجمعهم لتحكيم وهم، وأقول في نفسي إذا لم تجتمع قلوبنا في حرم رسول الله على دين الله، فهل ينفعنا اجتماع الأبدان؟
ونعود إلى موضوعنا فنقول: إن جمعية العلماء لم تنفق أوقاتها كلها ولم توجه قواتها بأجمعها إلى هذه الجهة فقط كما يتوهم بعض الواهمين، بل إن للجمعية برنامجًا إصلاحيًا عمليًا حكيمًا، وهي موزعة أعمالها على فصوله، معطية كل فصل ما يستحقه، واقفة في كل عمل عند ما يتهيأ لها من وسائله، ويتيسر من أسبابه، ولو لم يتجهم لها الزمن، ولم تصادمها العقبات المتنوعة، ولم تقف في وجهها العوائق المتكررة، لسارت في جميع فروع الإصلاح التي يشملها برنامجها سيرًا حثيثًا، ولكنها تحمد الله على تلك المكاره التي شددت من عزائمها، وسددت من خطاها، وكملت من حنكتها، وزادتها ثباتًا في الحق، أضعاف ما تحمده على المحابّ التي تسرّ وقد تغر.

مقال:"موقف جمعية العلماء من البدع والمنكرات العامة:(1/194).
وقفت جمعية العلماء المسلمين من البدع العامة والشعائر المستحدثة كبدع المساجد، وبدع الجنائز، وبدع المقابر، وبدع الحج، وبدع الاستسقاء، وبدع النذور، كما وقفت من بدع الطرق وضلالات الطرق وقفة المنكر المشتد الذي لا يخشى في الحق لومة لائم في وقت استحكمت فيه هذه البدع حتى أصبحت دينًا مستقرًا، وعقيدة راسخة، فغيرت بالقول، وأغارت بالفعل، وبينت بالدليل، وقارعت بالحجة، وطبقت بالعمل، وكان في أعمال أعضائها أسوة حسنة للناس. وشعارها في هذا الباب أن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة. وقد أقر الله عينها بإماتة بدع كثيرة، وإحياء سنن كثيرة، وإنها لترجو- بمعونة الله- أن تقضي على البقية الباقية من البدع برغم صراخ المبطلين، وعويل المستغلين، وفقها الله وسدد خطاها.

مقال:"آثار الطرق السيئة في المسلمين": (1/169-177).
خذ ما تراه ودع شيئًا سمعت به ...
ليعذرنا الشاعر الميت أو أنصاره من الأحياء إذا استعملنا مصراع بيته في ضد قصده. فهو يريد أن المشهود، أكمل من المفقود، ونحن نريد العكس.
فإن أبوا أن يعذرونا احتججنا بأن الشاعر المرحوم هو الذي جنى على مصراعه فقد أرسله مثلًا وهو يعلم أن الأمثال "كالكومينال": [كلمة فرنسية ( communel)، ومعناها: بلدي: نسبة إلى البلدية]،إرث مشاع، وقصاع بين جياع، تتناهب وتتواهب.
ولم كل هذا الصراع. على مصراع.وأمثال قومي في البلاد كثير؟ ...
ومع ذلك فلم يحضرني منها الآن إلا كل قبيح اللفظ، فأنا متمسك بحجتي في المصراع برغم أنف الشاعر ورغم أنوف أنصاره.
خذ ما تراه ودع شيئًا سمعت به.
والمقصود واضح، فإن قارئ هذا العنوان ربما تحلب ريقه طمعًا في أن ننقل له الغابر من الأخبار والمدون في الأسفار من هذه الآثار. فتقاضانا الكسل من جهة والحرص على تعجيل النفع له من أخرى أن نحيله على ما يراه مع مطلع كل شمس من هذه الآثار السيئة التي شتتت شمل المسلمين، وفرقت كلمتهم وفككت روابطهم، وتركتهم أضحوكة الأمم وسخرية الأجيال بعد أن أفسدت فطرتهم وأقفرت نفوسهم من معاني الخير والرجولة. فإذا تأمل مليًا وجد في المشهود ما يغنيه عن التطلع للماضي المسموع واستفاد في آن واحد عبرة الحاضر وعظة المستقبل، وكفانا مؤونة الإفاضة والاستقصاء لأنه يعلم من الدراسة اليسيرة لهذا الحاضر المشهود أن كل ما يراه في المسلمين من جمود وغفلة، وتناكر وقعود عن الصالحات ومسارعة في المهلكات، فمرده إلى الطرق ومأتاه مباشرة أو بواسطة منها، فلا كانت هذه الطرق ولا كان من طرقها للناس.
ومن مكرها الكُبَّار أن تعمد إلى العلماء وهم ألسنة الإسلام المنافحة عنه فترميها بالشلل والخرس، وتصرفها في غير ما خلقت له. فقد ابتلت هذه الطرق علماء الأمة في القديم بوساوسها وأوهامها حتى سكتوا لها عن باطلها، ثم لم تكتف منهم بالسكوت بل تقاضتهم الإقرار لها والتنويه والتمجيد، وابتلتهم في الحديث بدريهماتها ولقمها حتى زادوا على السكوت والإقرار: الإتباع والانتساب، والوقوف بالأعتاب. حتى أصبحنا نرى العالم المؤلف يعرف نفسه للناس في صدر تأليفه بمثل قوله: فلان المالكي مذهبا الأشعري عقيدة التيجاني طريقة. وفي وقتنا هذا بلغ الحال بالطرق أنها أذلت العلماء إذلالًا واستعبدتهم استعبادًا. ولم ترض منهم بما رضيه سلفها من سلفهم من حفظ الرسم واللقب وإبقاء السمة والمكانة بين العامة، بل أغرت العامة بتحقيرهم وإذلالهم.
وإذا كان الناظر في أحوال المسلمين ممن رزق ملكة التعليل وأراد إرجاع كل شيء إلى أصله الأصيل ومنبته الأول، فإنه لا يعسر عليه أن يرجع أمهات علل المسلمين الدينية والاجتماعية إلى هذه الطرقية الكاذبة الخاطئة، التي أصبحت من قرون فكرة تسود العالم الإسلامي وتتحكم في دينه ودنياه، وتتدخل في حياته وسياسته ثم تستحكم في طباعه، فإذا هو في غمرة من الذهول مطبقة أضاع معها آخرته ودنياه.
إن أعظم مصيبة أصابت المسلمين- وهي جفاؤهم للقرآن وحرمانهم من هديه وآدابه- منشؤها من الطرق. فهي التي غشَّت المسلمين لأول ما طاف بهم طائفها. وغشيتهم بهذه الروح الخبيثة روح التزهيد في القرآن. وكيف لا يزهد المسلمون في القرآن وكل ما فيه من فوائد وخيرات وبركات قد انتزعتها منه الطرق، وجردته منها ووضعته في أورادها المبتدعة، ورسومها المخترعة، ونحلته شيوخها ومقدميها وصعاليكها؟
ولماذا يعنِّي الناس أنفسهم في فهم القرآن وتدبره، وحمل النفس على التخلق بأخلاقه والوقوف عند حدوده، إذا كان كل ما يناله منه- مع هذا التعب- يجده في الطريق عفوًا بلا تعب وبلا سبب أو بأيسر سبب.
فإذا كان هذا القرآن يفيد معرفة الله- وهي أعلى مطلب- فالقوم عارفون بالله، وإن لم يدخلوا كتّابًا، ولم يقرؤوا كتابًا. وكل من ينتسب إليهم فهو عارف بالله بمجرد الانتساب أو بمجرد اللحظة من شيخه. وقد كان قدماؤهم يتخذون من مراحل التربية مدارج للوصول إلى معرفة الله فيما يزعمون وفي ذلك تطويل للمسافة وإشعار بأن المطلوب شاق. حتى جاء الدجال ابن عليوة وإتباعه بالخاطئة، فأدخلوا تنقيحات على الطريق ورسومًا أملاها عليهم الشيطان.
وكان من تنقيحاتهم المضحكة تحديد مراحل التربية (الخلوية) لمعرفة الله بثلاثة أيام (فقط لا غير)، تتبعها أشهر أو أعوام في الانقطاع لخدمة الشيخ من سقي الشجر، ورعي البقر، وحصاد الزرع وبناء الدور مع الاعتراف باسم الفقير، والاقتصار على كل الشعير، ولئن سألتهم لم نزلتم مدة الخلوة إلى ثلاثة أيام؟ ليقولن فعلنا ذلك مراعاة لروح العصر الذي يتطلب السرعة في كل شيء، فقل لهم: قاتلكم الله. ولم نقصتم مدة الخلوة، ولم تنقصوا مدة الخدمة أيها الدجاجلة؟
وقد قرأنا كثيرًا من رسائلهم التي يتراسلون بها فإذا هم ملتزمون لصفة واحدة يصف بها بعضهم بعضًا، وهي صفة (العارف بالله) وأكثر الطرقيين سخاء في إعطاء هذا اللقب هم العليوية. ونحن ... فقد عرفنا كثيرًا من هؤلاء (العارفين بالله) فلم نعرفهم إلّا حمرًا ناهقة.
فكيف تبقى للقرآن قيمة في نفوس الناس من هذه الناحية بعد هذا التضليل؟ وكيف لا يستحكم الجفاء بين الأمة وقرآنها مع هذا التدجيل والصد عن سواء السبيل؟
وإذا كان هذا القرآن متعبدًا بتلاوته اللفظية وهو ستون حزبًا فإن تلاوة إنجيل التيجاني القصير وهو (صلاة الفاتح) مرة واحدة تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن. وإذا كان القرآن قد شرع الغزو وهو من أحمز الأعمال وأشقها، فإن تلاوة هذا الإنجيل التيجاني مرة واحدة تعدل آلاف الغزوات، وهي لا تقوم إلا على حركة اللسان من غير اقتحام للميدان، ولا تعرض للرمح والسنان.
وإذا كان القرآن يفرض الحج وفيه ما فيه من مصاعب ومتاعب، فإن إنجيل التيجاني تعدل تلاوته آلاف المرات من الحج ومئات الآلاف من الصلاة كما هو منصوص في كتب التيجاني وكتب أصحابه.
فأي تعطيل للقرآن أعظم من هذا؟ وأي تهوين لشعائر الإسلام ونقض لحكمها أكبر من هذا؟ وأي تزيين للتفلت من تلك الشعائر يبلغ ما يبلغه هذا الكلام من مثل هذا الدجال؟
اللهم إننا نعلم بما علمتنا أن دين التيجاني غير دين محمد بن عبد الله. وأنت تعلم أي دين هو، فضعه حيث تعلم وعامله بما يستحق.
أما والله ما بلغ الوضاعون للحديث، ولا بلغت الجمعيات السرية ولا العلنية الكائدة للإسلام من هذا الدين عشر معشار ما بلغته منه هذه الطرق المشئومة.
فإذا خرجت من هذا الباب، باب التزهيد في القرآن مقتنعًا بما بينا لك من الأمثلة فقد خرجت بنتيجة، وهي أن هذه الهوة العميقة التي أصبحت حاجزة بين الأمة وقرآنها هي من صنع أيدي الطرقيين.
وانظر الآن إلى الطرق وإلى أهل الطرق بعد أن باعدوا بين الأمة الإسلامية وبين قرآنها، وخلا لهم وجهها، وخلت جنبات النفوس من الحارس اليقظ، ومكنوا فيها خلق الخوف منهم والرجاء فيهم والطاعة والخضوع لهم، وأصبحت مقاليد العامة والدهماء -وهم معظم الأمة المحمدية- في أيديهم. أنظر في أي سبيل صرفوها؟
إنهم بعد أن أفسدوا فطرتها وأماتوا ما غرسه الإسلام فيها من فضيلة، وفككوا كل ما أحكم بينها من روابط أخوة، وراضوها على الذل والمهانة والخضوع وسدوا عليها منافذ النور فاستقامت لهم على ذلك، فرقوها فرقًا وقسموها إلى مناطق نفوذ يتزاحمون على استغلالها واستعمارها، وأغروا بينها. العداوة والتضريب والبغضاء، وإنك لتسمعهم يقولون الإخوة والإخوان فاعلم أنهم لا يريدون أخوة الإسلام العامة ولا يرعون من حقوقها حقًا، وإنما يريدون أخوة الشيخ وأخوة الطريق. وكل ما يجب عليك من حق فهو لأخيك في الطريق أعاذك الله منها. وأن هذه الأخوة القاطعة تفرض عليهم أن يبغضوا كل من لم يتصل معهم بحبل الشيخ، وينابذوه ولا يجتمعوا معه ولو في العبادات الشرعية كالصلاة وقراءة القرآن، أو البدعية كحلقهم الخصوصية، بل يبلغ الغلو ببعضهم (كالتيجانية) أن لا يصلوا خلفه ولا يصاهروه. وتسمعهم يقولون الإحسان وهم لا يريدون الإحسان الذي دعا إليه القرآن. وعندهم أن حق الشيخ قبل حق الزوجة والأولاد والآباء والأجداد، وحق الشيخ في المال قبل حق الفقير والمسكين. بل إنهم يصرفون لهم الزكاة كاملة وينقلونها لأجلهم من بلد إلى بلد. فأين حكمة الله في الزكاة؟ وأين مصارفها التي بينها القرآن؟
لعمرك إن الطرقية في صميم حقيقتها احتكار لاستغلال المواهب والقوى، واستعمار بمعناه العصري الواسع، واستعباد بأفظع صوره ومظاهره.
يجري كل هذا والأشياخ أشياخ يقدس ميتهم وتشاد عليه القباب، وتساق إليه النذور، ويتمرغ بأعتابه، ويكتحل بترابه، وتلتمس منه الحاجات وتفيض عند قبره التوسلات والتضرعات، ويكون قبره فتنة بعد الممات كما كان شخصه فتنة في الحياة. ثم تتوالد الفتن فيكون اسمه فتنة، وأولاده فتنة، وداره فتنة وإذا هو مجموع فتون، تربو عدا على ما في مجموع المتون.
وما ضر هؤلاء الأشياخ- وقد دانت لهم الأمة وألقت إليهم يد الطاعة ومكنتهم من أعراضها وأموالها- أن يأخذوا أموالها سارقين، ثم يورثونها أولادًا لهم فاسقين، يبددونها في الخمور والفجور، والسيارات والملابس والقصور.
ما ضرهم أن تهزل الأمة إذا سمنوا؟ ما ضرهم إذا فسدت أخلاقها ما دام خلق البذل والطاعة لهم صحيحًا؟ ما ضرهم أن تتفرق كلمة الأمة ما دامت مجمعة على تعظيمهم واحترامهم، ومغضية على شرهم وإجرامهم؟
ولكن الذي يضيرهم ويقض مضاجعهم هو أن ترتفع كلمة حق بكشف مخازيهم وحيلهم الشيطانية، وتنفير الناس منهم وتحذيرهم من إفكهم وباطلهم؛ فهنالك تقوم قيامتهم وينادون بالويل والثبور، ويقاومون بما لا يخرج عن طريقتهم في التضليل ودس الدسائس، ويبلغ بهم الحال أن يتناسوا الفوارق الطرقية بينهم والمنافسات الاستعمارية والأحقاد القديمة، ويتصافحوا على (الزردة):[ حفلة يقيمها الطرقيون، فيها رقص وجذب مختلط، ويتناولون فيها الطعام]،ويتقاسموا ولكن لا بأسماء أشياخهم، خشية أن تثور الثوائر الكامنة فيحبط ما صنعوا ... لأن هذه النقطة ليست محل تسليم.فهلا اجتمعتم بالأمس أيها الكاذبون.وهلا خيرًا من هذا وذاك وهو الرجوع إلى الحق.
مقال:" دفع شبهة ونقض فرية في هذا المقام":
سيقول بعض الناس: إن ما ذكرتموه من آثار الطرق السيئة كله صحيح وهو قليل من كثير، ولكن هذه الطرق لم يعترها الفساد والإفساد إلّا في القرون الأخيرة، وأنتم- معشر المصلحين- تذهبون في إنكاركم إلى ما قبل هذه القرون، وتتناولون فيما تكتبون وما تخطبون وما تدرسون المحدثين والقدماء والأصول البعيدة والفروع القريبة. حتى بسطتم ألسنتكم بالسوء إلى مقامات وأسماء كانت قبل اليوم كحمام الحرم. ولعل خصومكم يكونون أدنى للرجوع إلى الحق لو سكتم لهم عن هذه الأسماء.
لهذا القائل نقول- بعد شكره على الاعتراف ببعض الحق- إن الجزء الأخير من كلامك مقتبس مما يشنع به علينا خصوم الإصلاح، وهو أننا ننبش القبور ولا نحترم الأموات، وننكر كرامات الأولياء ومراتبهم (من غوثية وقطبانية) إلى أكاذيب يلفقونها وأراجيف يتناقلونها عنّا، فاسمع يا هذا:
إنا حجة الإسلام قائمة، وميزانه منصوب، وآدابه متمثلة في سيرة الصحابة والتابعين، وإننا لا نعرف في الإسلام بعد قرونه الثلاثة الفاضلة ميزة لقديم على محدث، ولا لميت على حي، وإنما هو الهدى أو الضلال، والإتباع أو الابتداع، وليست التركة التي ورثناها الإسلام عبارة عن أسماء تطفو بالشهرة وترسب بالخمول ويقتتل الناس حولها كالأعلام، أو يفتنون بها كالأصنام. وإنما ورثنا الحكمة الأبدية والأعمال الناشئة عن الإرادة، والعلم المبني على الدليل.
وإن المسلمين غلوا لق تعظيم بعض الأسماء غلوًا منكراً فأداهم ذلك الغلو إلى نوع غريب من عبادة الأسماء نعاه القرآن على من قبلنا ليعظنا ويحذرنا ما صنعوا. وقد عزل عمر خالد بن الوليد. وقال: خشيت أن يفتتن به الناس.
ونحن حين نحكم على الأشياء نحكم عليها بآثارها. وآثار هذا الغلو في المسلمين كانت الشر المستطير والتفرق الماحق.
ونحن إذ ننكر إنما ننكر الفاسد من الأعمال، والباطل من العقائد سواء علينا أصدرت من سابق أم من لاحق، ومن حي أم من ميت. لأن الحكم على الأعمال لا على العاملين، وليس صدور العمل الفاسد من سابق بالذي يحدث له حرمة أو يصيره حجة على اللاحقين، بل الحجة لكتاب الله ولسنّة رسوله، فلا حق في الإسلام إلا ما قام دليله منهما واتضح سبيله من عمل الصحابة والتابعين بهما، أو إجماع العلماء بشرطه على ما يستند عليهما. وبهذا الميزان فأعمال الناس إما حق فيقبل أو باطل فيرد.
وقد روى الثقات عن الإمام مالك أنه من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة لأن الله يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} الآية فما لم يكن يومئذ دينًا فلا يكون اليوم دينًا. وإنكاره على الإمام عبد الرحمن بن مهدي وضع الرداء أمامه في الصلاة وعده ذلك من الحدث معروف، وحكايته مع الرجل الذي سأله عن الإحرام من مسجد المدينة وقال له: إنما هي بضعة أميال أزيدها، واستشهاد الإمام بقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، كل ذلك معروف مشهور.
ومع أننا نعلم أن الطرق منتشرة في العالم الإسلامي وأن آثارها فيه متشابهة، وأنها هي السبب الأقوى في كثير مما حل به من الأرزاء والنكبات، وكثيرًا ما كانت مفتاحًا لاستعمار ممالكه، فإن حربنا موجهة أولًا وبالذات إلى طرقية الشمال الإفريقي، وبينها من الوشائج ما يجعلها كالشيء الواحد. فعلى مقدار هؤلاء الذين نعرف جنسهم وفصلهم، وفرعهم وأصلهم نفصل القول، وإلى هذا الهدف نسدد السهام.
والأمر بيننا وبينهم من يوم شنت الغارة دائر على أحوال وسائر على مراحل ينتقلون بنا من إحداها إلى الأخرى ولا نزال نطاردهم وهم يلتجئون من ضيق إلى أضيق إلى الآن.
وذلك أننا لما أنكرنا عليهم باطلهم الذي يرتكبونه باسم الدين، زعموا أن الطريق هي الدين، ولما نقضنا لهم هذه الدعوى تنزلوا فزعموا أن لها حبلًا واصلًا بالدين وسندًا متصلًا بالسلف، ولما بينا لهم أن الحبل مقطوع وأن السند منقطع قالوا إن هذه الطرقية مرت عليها قرون ولم ينكرها العلماء، فبينا لهم أن عدم إنكار العلماء الباطل لا يصيره حقًا، ومرور الزمن عليه لا يصيره حقًا، وقلنا لهم إذا كان سلفكم في الطرقية يعملون مثل أعمالكم فهم مبطلون مثلكم، وإذا كانوا على المنهاج الشرعي فليسوا بطرقيين، ونحن نعلم من طريق التاريخ لا من طريق الشهرة العامة أن بعض أصحاب هذه الأسماء الدائرة في عالم التصوف والطرق
كانوا على استقامة شرعية وعمل بالسنة ووقوف عند حدود الله. فهم صالحون بالمعنى الشرعي، ولكن الصلاح لم يأتهم من التصوف أو الطرق وإنما هو نتيجة التدين، وفي مثل هؤلاء الصالحين الشرعيين إنما نختلف في الأسماء، فنحن نسميهم صالحي المؤمنين وهم يسمونهم صوفية وأصحاب طرق، فيا ويلهم إن طريقة الإسلام واحدة، فما حاجة المسلمين إلى طرق كثيرة.
ثم ما هذا التصوف الذي لا عهد للإسلام الفطري النقيّ به؟ إننا لا نقره مظهرًا من مظاهر الدين أو مرتبة عليا من مراتبه، ولا نعترف من أسماء هذه المراتب إلّا بما في القاموس الديني: النبوة والصديقية والصحبة والإتباع ثم التقوى التي يتفاضل بها المؤمنون، ثم الولاية التي هي أثر التقوى، وإن كنا نقره فلسفة روحانية جاءتنا من غير طريق الدين ونرغمها على الخضوع للتحليل الديني.
وهل ضاقت بنا الألفاظ الدينية ذات المفهوم الواضح والدقة العجيبة في تحديد المعاني حتى نستعير من جرامقة اليونان أو جرامقة الفرس هذه اللفظة المبهمة الغامضة التي يتسع معناها لكل خير ولكل شر؟
ويمينًا، لو كان للمسلمين يوم اتسعت الفتوحات، وتكونت (المعامل) الفكرية ببغداد ديوان تفتيش في العواصم ودروب الروم ومنافذ العراق العجمي، لكانت هذه الكلمة من "المواد الأولية" المحرمة الدخول ... فقد أصبحت هذه الكلمة التي غفلوا عنها أمًّا ولودًا تلد البر والفاجر. ثم تمادى بها الزمن فأصبحت قلعة محصنة تؤوي كل فاسق وكل زنديق وكل ممخرق وكل داعر وكل ساحر وكل لص وكل أفاك أثيم. وانظر طبقات الشعراني الكبرى وما طبع على غرارها من الكتب تجد أصناف المحتمين بهذه القلعة- وهم ببركة حمايتها- طلقاء من قيود الشريعة.
وإن هذه القلعة لهي المعقل الأسمى والملاذ الأحمى لأصحابنا اليوم. فكل راقص صوفي، وكل ضارب بالطبل صوفي، وكل عابث بأحكام الله صوفي، وكل ماجن خليع صوفي، وكل مسلوب العقل صوفي، وكل آكل للدنيا بالدين صوفي، وكل ملحد في آيات الله صوفي، وهلم سحبًا.
أفيجمل بجنود الإصلاح أن يدعوا هذه القلعة تحمي الضلال وتؤويه أم يجب عليهم أن يحملوا عليها حملة. صادقة شعارهم "لا صوفية في الإسلام" حتى يدكوها دكًا وينسفوها نسفًا ويذروها خاوية على عروشها؟
إن احترام الصوامع والأديرة- لأن فيها قومًا فحصوا أرؤسهم وحبسوا نفوسهم- مشروط بما إذا لم تكن مأوى للمقاتلة، وإلا زال احترامها.
والحقيقة أن الطرقيين أرادوا أن يصبغوا طرقهم بالقدسية الدينية فانتحلوا لها هذه الأباطيل وأعطوها خصائص الدين كلها. ألم تر أنهم يعدون الخروج من طريقة ولو إلى طريقة أخرى كالارتداد عن الدين يموت فاعله على سوء الخاتمة قبحهم الله؟ فما هو إلّا خروج من ضلالة إما إلى هدى وإما إلى ضلالة أشنع. ولما فضحناهم من هذه النواحي كلها لجأوا إلى العامة يستصرخونها باسم الغيرة على الأوائل ... وأن كثيرًا منهم ليعني بالأوائل أباه القريب وجده. وقد كان في هؤلاء الأوائل الذين يعنونهم من ينتحل ظواهر من التدين، وفيهم من يفعل فعل الأبالسة. ونحن أدركنا كثيرًا منهم وبلونا أخبارهم فوجدنا ظواهر مموهة على بواطن مشوهة، وأكبر جرحة دينية فيهم عندي إقرارهم لتلك الأماديح الشعرية الملحونة التي كان يقولها فيهم الشعراء المتزلفون، وينشدونها بين أيديهم في محافلهم العامة، وفيها ما هو الكفر أو دونه الكفر من وصفهم بالتصرف في السموات والأرضين، وقدرتهم على الإغناء والإفقار وإدخال الجنة والإنقاذ من النار. دع عنك المبالغات التي قد تغتفر، كل ذلك وهم ساكتون، بل يعجبون لذلك ويطربون، ويثيبون المادح علمًا منهم أن ذلك المديح دعاية مثمرة تجلب الأتباع وتدر المال. ولو كانوا على شيء من الدين لما رضوا أن يسمعوا تلك الأماديح وهم يعلمون كذبها من أنفسهم، ويعلمون أن فيها تضليلًا للعامة وتغريرًا بعقائدها، وأن تلك الأماديح المنشورة بين الناس في وطننا هذا هي سر انتشار الطرقية وتغولها فيه، وقد سمعنا الكثير منها ولنا فيها وفيمن قيلت فيه فلسفة خاصة، سنفردها بالكتابة في فرصة أخرى إن شاء الله.
وبالجملة، فهذا الطراز الطرقي الذي أدركناه من آباء وأبناء يجمعهم قولك طلاب دنيا وعباد شهوات. ولو أكلوا أموال الناس بالباطل من غير أن يتخذوا الدين شباكًا لهان أمرهم على الناس ولاتّقوهم بما يتقون به اللصوص، ولوكلناهم نحن إلى القوانين والوزعة. فأما أن يعبثوا بالدين كل هذا العبث، وبما حرم الله من أعراض المسلمين وأحوالهم ثم يريدون أن نسكت عنهم كما سكت العلماء من قبلنا، فلا والله ولا كرامة.
ولعل أسخف طور مر على الطرقية في تاريخها هو هذا الطور الأخير. فقد أصبح من أحكامها أن شيخ الطريقة لا يلد إلّا شيخ طريقة. وهم- قطع الله دابرهم- لا يعرفون من السنة إلّا تناكحوا تناسلوا... إلخ، فكثر نسلهم وكثرت بكثرته (مشائخ الطرق)، وأصبح أمر هذه المشيخة لا يتوقف على تربية ولا تسليك ولا إجازة، وإنما يتوقف على قاعدة "خبز الأب للابن" أو على شيء آخر وهو التولية الحكومية مثل ما نعلم عن مصر وتونس والجزائر من صدور الإرادات السنية والأوامر العلية والمراسيم الحكومية بولاية المشيخة الطرقية. فيا للسخرية ...
وأغرب من هذا أننا رأينا لأول مرة في تاريخ الطرقية شيخ الطريقة بالانتخاب عند الطائفة العليوية المجددة العصرية (المودرن).
إننا لا نحمل لهؤلاء المشائخ ولا لأولادهم ولا لأحفادهم حقدًا ولا نضطغن عليهم شيئًا، ولا ننفس عليهم مالًا من الأمة ابتزوه، ولا جاهًا على حسابها أحرزوه، وليس بيننا وبينهم ثارات قديمة، ولا ذحول متوارثة، ولا طوائل مغرومة. وإنما هو الغضب لله ولدينه وحرماته أنطقنا فقلنا، وشنناها غارة شعواء على الآباء والأبناء، ما دام هذا الغصن من تلك الشجرة، ولو كنا من الشعريات بسبيل لقلنا مع القائل:
لَا أَذُودُ الطَّيْرَ عَنْ شَجَرٍ … قَدْ بَلَوْتُ الْمُرَّ مِنْ ثَمَرِهْ

مقال:" جمعية العلماء حقيقة واقعة ":(1/187-189).
رأيت الآن أن السر في تأسيس جمعية العلماء بتلك السهولة وبتلك المحاولة الهينة هو استعداد الأمة لظهور هذا المشروع العظيم فيها. فانقادت إليه بشعرة، وانجرت إلى بناء صرحه بنملة، وعلمت مما أجملناه لك من مراحل هذا المشروع أن الشعور به كان من نصيب طبقات مخصوصة وهم المتأثرون بالإصلاح، وفي ناحية محدودة من القطر وهي إقليم قسنطينة، ثم تغلغل في الأقاليم الثلاثة في بضعة أعوام وتحوّل التفكير في مكان التأسيس من قسنطينة التي هي الجناح إلى الجزائر التي هي القلب، ومعنى هذا كله أن الأمة الجزائرية استيقنت سفه الأيدي التي كانت تقودها باسم الدين فصممت على التفلت منها وإلقاء المقادة إلى أيدي العلماء لتبتدئ السير في نهضتها على هدى وبصيرة، فقالت للعلماء اجتمعوا فاجتمعوا.
لم يكن تأسيس جمعية العلماء المسلمين خفيف الوقع على الجماعات التي ألفت استغلال جهل الأمة وسذاجتها وعاشت على موتها، ولكن التيار كان جارفًا لا يقوم له شيء، فما كان من تلك الجماعات إلّا أن سايرت الجمعية في الظاهر وأسرت لها الكيد في الباطن، وكان المجلس الإداري الذي تألف بالاختيار في السنة الأولى غير منقح ولا منسجم لمكان العجلة والتسامح، فكان من بين أعضائه أولو بقية يخضعون للزوايا وأصحابها رغبًا ورهبًا، وكان وجودهم في مجلس الإدارة مسليًا لشيوخ الطرق ومخففًا من تشاؤمهم بالجمعية لسهولة استخدامهم لهم عند الحاجة، فإما أن يتخذوهم أدوات لإفساد الجمعية وإسقاطها، وإما أن يتذرعوا بهم لتصريفها في مصالحهم وأهوائهم.
أما المصلحون فقد صرحوا من أول يوم بأنهم سائرون بهذه الجمعية على المبدأ الذي كانوا سائرين عليه من قبلها، ومنه محاربة البدع والخرافات والأباطيل والضلالات ومقاومة الشر من أي ناحية جاء.
وانقضت السنة الأولى في التنظيم والتنسيق وبدأت الأعمال تظهر مراتب الرجال، فاضطلع المصلحون وحدهم بالأعمال التمهيدية- وما هي بالحمل الخفيف- ولما جاء أجل الانتخاب للدورة الثانية هجم العليويون ومن شايعهم على ضلالهم تلك الهجمة الفاشلة بعد مكائد دبروها، وغايتهم استخلاص الجمعية من أيدي المصلحين، وجعلها طرقية عليوية واستخدامهم هذا الاسم الجليل في مقاصدهم الخاطئة كما هي عادتهم في إِلباس باطلهم لباس الحق، ووقف المصلحون لتلك الهجمة وقفة حازمة أنقذت الجمعية من السقوط ومحصتها من كل مذبذب الرأي مضطرب المبدأ، وتألف المجلس الإداري من زعماء الإصلاح وصفوة أنصاره، ورأى الناس عجيب صنع الله في نصر الحق على الباطل.
لم يقف العليويون وأذنابهم عند حدّ ذلك الهجوم الذي كان أوله كيدًا وآخره فضيحة، بل أجمعوا أمرهم وشركاءهم وقرروا في اجتماع تولى كبره رئيسهم الأكبر أحمد بن عليوه محاربة جمعية العلماء بكل وسيلة وبكل قوّة. وتقاسموا على ارتكاب ما يحل وما يحرم في هذا السبيل، وانفتقت لهم الحيلة بإرشاد بعض أذناب الإدارة على تأسيس جمعية طرقية في معناها وحقيقتها، حلولية في باطن باطنها، علمية في ظاهرها وما يراه الناس منها ليوهموا العامة أنهم يحاربون العلم بالعلم، لا العلم بالجهل، فبثوا في الزوايا وعبيدها دعوة جامعة إلى تكوين هذه الجمعية التي وصفوها بأنها جبهة قوية تقف في وجه الإصلاح وتنازل جمعيته وجهًا لوجه ودارًا لدار بعد أن لم يبق أمل في إسقاطها بالحيلة، أو الاستيلاء عليها بالمكر.
وكان من هذا كله أن تأسست جمعية علماء السنّة من علماء مأجورين، وطلبة مدحورين، من كل من في عنقه للزوايا مِنَّةُ الخبز، ولها عليه فضل التعليم الأشل، وله فيها رجاء العبد في سيده، من تلك الطائفة التي لا ترعى للعلم حرمة، ولا تشعر له في نفوسها بعزة ولا كرامة، وقد اجتمعوا كلهم على النداء من كل صوب كضوال الإبل، وحشروا في غمرة من الذهول أوهمتهم أنهم سيصبحون بفضل سادتهم مشائخ الطرق، وبجاه موالاتهم للحكومة :[ معناها الولاية الفرنسية العامة]،موظفين (مُنَيْشَنِين) :[ من "النيشان" وهو الوسام، أي مُوَسَّمِين .. حاملى الأَوْسِمة].
دخل الجميع- لأول مرة في تاريخ حياتهم- جمعية لا يدرون بمن تدار ولا كيف تدار، وسمعوا لأول مرة كلمات: النظام، والاشتراك، والمواد، واللجان، وسمعوا خطبًا مأجورة لا فرق عندهم بينها وبين عزائم الجان، ثم تقاضتهم الجمعية ما لا عهد لهم به ولا ألفته نفوسهم وهو المال- الاشتراك- التبرع- الإعانة، فقالوا في أنفسهم إن هذا لشيء لم نخلق له، إن هذا لشيء يراد، إن آباءنا عودونا أن نأخذ ولا نعطي، إن زوايانا "قائمة" فما معنى هذه الزاوية "المنفرجة" التي اسمها جمعية علماء السنة، إن نكاية الإصلاح فينا لأهون علينا مما تدعوننا إليه.
اصطدمت هذه الجمعية المفروضة على الدهر بأسباب التفرق الجوهرية في أول يوم، وأراد حاو تلميذ أن يلاعب أساتِذَتَه الحواة، فكان الضحية وحده.
ثم خرج مجلس هذه الجمعية بمواكبه إلى الأمة يسألها المال والتأييد، فقابلته بما يستحق من طرد ومقت، ولم يمض إلّا قليل حتى حلّ الله ما عقدوا، وتَبَّرَ ما شيدوا، ورأى الناس عبرة العبر في انهيار الباطل وانخذال أهله، وعدوها من عجائب صنع الله لجمعية العلماء المسلمين، وقرؤوا قوله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}.

مقال:"إلى الطرقيين" بمناسبة رسالتهم إلى جمعية العلماء:(1/295-304).
- 1 -
في هذه الأيام التي تحركت فيها الأمة الجزائرية للمطالبة بحقوقها الدينية والسياسية وتقاربت آراؤها في تلك المطالب، وأوشكت أن تتّحد على المصلحة العامة.
وفي هذا الوقت الذي رفعنا فيه الصوت بالدعوة إلى نبذ ما بقي في الأمة من الحزازات الحزبية والنزعات الطائفية، لتظهر في هذا الموقف الحرج بالمظهر الذي يرضي ربّها ويعزّ دينها ويحزن خصومها.
وفي هذا الوقت الذي انتقلنا فيه من ميدان انتصر فيه الحق على الباطل، والعلم على الجهل، والسنّة على البدعة، والحقيقة على الخرافة، والدليل على الشبهة، إلى ميدان آخر من ميادين الحياة أعددنا له العدّة التي كانت مفقودة، ووجّهنا له الأمّة التي كانت بحبال الطرقية مشدودة، ورجونا أن ينتصر فيه العدل على الجور، والمساواة على الأنانية والأثرة، ويعتز فيه الشرف الإسلامي القومي بجميع مقوّماته.
وفي هذا الوقت الذي فرغنا فيه من حرب الطرقية وأضاليلها، وأرحنا الألسنة والأقلام من بيان آثارها السيئة في المسلمين، وقتلها لمشاعرهم، وتفريقها لكلمتهم، وتفريغها لجيوبهم، وانتهاكها لأعراضهم، وقضائها على الأخلاق الصالحة في نفوسهم، وتمكينها فيهم للعبودية لغير الله والذلّ لغير الله والخوف من غير الله.
وفي هذا الوقت الذي شعر فيه المسلمون بتقوّض الهيكل الطرقي وتداعي أركانه للسقوط، وشعرت فيه جمهرة المسلمين بلزوم الاعتصام بحبل الله المتين وهو القرآن،والرجوع إلى هديه والتحاكم إليه وإلى سنّة مَن نزل على قلبه، وبلزوم إحياء الأخوة الإسلامية الواسعة الجامعة وطرح الأخوة الطرقية الضيقة المفرّقة.
وفي هذا الوقت الممتاز بهذه الخصائص في تاريخ الجزائر الحديث، تظهر فيه هذه الطرقية الخاطئة بمظهر غريب يتنافى مع موقف الأمة الحاضر، وإن لم يكن غريبًا من طبع الطرقية وأخلاقها من يوم ابتلي بها العالم الإسلامي إلى الآن.
وقد مهّدوا لهذا المظهر المريب بدعوى طويلة عريضة والانتصار للعلم والحرص على نشره وقد كانوا بالأمس أعدى عدوّ له، وبدعوى أطول منها وأعرض في السعي لتوحيد الأمة، وقد كانت طرقهم هي السبب في تفريقها وتمزيقها، وبدعوى أعرق منهما في باب البهت والزور وهي أن الحركة الإصلاحية الدينية هي التي فرّقت كلمة الأمة الجزائرية.
تجلّى هذا المظهر الجديد بالأمس في اجتماع الطرقيين الذي سمّوه كذبا "المؤتمر الديني العام"، وما هو في الواقع إلّا زردة من زردهم المعتادة دفعهم إليه الحنين إلى الزرد، فإذا هو هي لم ينقصه إلّا الطبول والمزامير، ولم يزد فيه إلّا أنهم خطبوا فيه وكتبوا عنه وسمّوه بغير اسمه.
ثمّ تجلىّ هذا المظهر في جمعيتهم التي سمّوها "جامعة اتحاد الطرق الصوفية" وغمروها بكثير من الدعايات الكاذبة على طرائقهم المعروفة.
...
كل العقلاء يعلمون ويعتقدون أن هذه الألفاظ التي يكسون بها هذا المظهر الجديد ألفاظ لا حقيقة لها، لأن معانيها ليست طبيعية فيهم فمتى كانت الطرقية ناصرة للعلم وهي تعلم أن لا وجود لها مع وجوده؟ ومتى كانت الطرقية سببًا من أسباب الاجتماع على الخير العام؟ ومتى كانت من طبيعتها الأصلية أن توحّد الناس بالمعنى الاصطلاحي للاتحاد؟ نعم: إنها توحّد معتنقيها في شيء واحد، في غايتها التي هي شرّ شرورها وهو هذا الاستسلام المطلق الذي تبتليهم به، وهذا البله المستحكم الذي أنساهم خالقهم وحقائق دينهم وتاريخهم وأذهلهم عن أنفسهم، وانتزع منهم أخلاق الرجال وعزائم الرجال، وصيّرهم آلة مُسخَّرَة في يد الشيخ وأبناء الشيخ والمقرّبين من الشيخ، ثم صيّرهم آلةً في يد كل ظالم للأمة ومعتدٍ على صفوفها، ثم مطيةً لكل راكبة، ثم حجّة على انحطاط المسلمين، ثم حجّة على الإسلام نفسه.
وكل العقلاء يعلمون أنه إذا كان هذا الاندفاع الجديد من الطرقيين ليس من طبيعة الطرقية، فهو واقع- لا محالة- بدوافع خارجية، بعضها من زعماء الطرق الذين نضبت موارد رزقهم منها، فهم يحاولون استدرار الرزق، وبعضها من المتحكّمين في هذه الأمة الذين أحسّوا بتقلّص ظلّ استبدادهم فهم يحاولون لها استمرار الرزق، ويعلمون بذلك أن الغاية المرجوة لهؤلاء الدافعين والمدفوعين هي التشويش على العاملين لخير هذه الأمة، وإلقاء الأحجار في طريقهم، وإشغالهم بهذه المظاهر الباطلة عن الحق الذي يعملون له، وإبعاد من يقع في حبالة كيدهم من العامة عن حظيرة الاتحاد الحقيقي.
ولو كان لهؤلاء المدفوعين بقية عقل يوجه إليها الخطاب، وبصيرة تنفذ إلى عواقب الأمور، وصلة بالأمة تحملهم على الشفقة عنها- لما أقدموا على الظهور بهذا المظهر الجديد، ولَتعلّموا أن اليد التي حركتْهم إنما حركتهم لتصفع بهم الأمة الإسلامية، وأنها إنما حركتهم لتسكن بهم الحركة المنبثة في الأمة الإسلامية، وأنها إنما أيقظتهم لتوقظ بهم فتنة في الأمة، ولتحدث بهم خللًا في صفوف الأمة وشللًا في الأعضاء العاملة للأمة- ولكن القوم لا يعقلون، وهيهات أن يعملوا لكرامة الأمة وإعزازها، وهم بشهادة التاريخ والواقع الساعون في إذلالها، أو يسعوا في إنقاذها من الظلم وهم كانوا ولا زالوا أظلم الناس لها، استعبدوا أرواحها ثم عبَّدوا أبدانها للغير وأَكَلَةِ مَالِهَا باسم الدين، ثم أسلموها للمعتدين.
ولقد تفرسنا فيهم فصحَّت الفراسة، وبلَوْناهم فصدق الابتلاء، وجرَّبْناهم فكشفت التجربة على أنهم لا يعرفون الأمة إلا في مواقف الاستعباد وابتزاز الأموال، فإذا مَسَّها الضر وتنكَّر لها الدهر تنكَّروا لها وتجاهَلُوها، وإن علاقتهم بالأمة علاقة السيد بعبده والمالك لمملوكه لا علاقة المسلم بأخيه المسلم، يحب له ما يحب لنفسه، وأنهم مطايا الاستعمار الذُّلُل وأيديه الباطشة؛ بل القنطرة التي هوَّنت عليه العبور، وأنهم كانوا ولا زالوا على خلاف ما وصف الله به عباده المؤمنين أعزة على الأمة أذلة على المستعمرين والحكام المستبدين، وأن ليس في صحائفهم السوداء موقف يعز الإسلام أو يرفع المسلمين. وهذا تاريخهم الماضي الملحود، وتاريخهم الحاضر المشهود يسجلان عليهم أنهم أعوان على هذه الأمة للدهر، وحلفاء عليها للفقر، وإِلْبٌ على دينها مع التبشير بالكفر، وأنهم هم الذين أَمَاتُوا رهبة الإسلام ونخوة الإسلام بخضوعهم واستسْلامهم، كما أمَاتُوا حقائقه بأساطيرهم وأوهامهم، وأنهم مردوا على الملق والمداهنة المزرية بشرف الإسلام في المواقف التي تسمو عن المجاملة وتقتضي نهاية الصدق في المعاملة.
ولئن شِئْنا لنفضحنهم فضيحة يَسِمُهُم عارها إلى يوم القيامة، ويَصِمُهم بأنهم ليسوا من الأمة ولا كرامة، وتكون خاتمة الحجج الناطقة باستسلامهم واحتقارهم لأنفسهم ولإسلامهم، فقد وقعت بأيدينا من زمن قريب نسخة مخطوطة من القانون الأساسي لجمعية الطرق الدينية بقسنطينة مطبوعة بختم الجمعية وممضاة بإمضاء كاتبها العام فعجبنا أولًا لعدم طبع القانون كما هو شأن الجمعيات، ثم تَلَمَّسْنا السر في مواده فإذا في بعضها ما نصه: إن عامل العمالة هو الرئيس الشرفي للجمعية، وإن كل متصرف إداري يكون هو الرئيس الشرفي للشعبة التي تتأسس- في دائرته، فحينئذ علمنا السر في عدم طبع القانون وانه خشية الافتضاح عند الأمة التي أصبحت تحس وتميز وتدرك، وعلمنا السر في هذا الاندفاع الأخير ... وفرضنا مع ذلك أنهم لو كتبوا هذا القانون قبل أعوام لافتخروا جهارًا بما فيه من خزي وألزموا الأمة بما فيه إلزامًا، وحمدنا للحوادث أن أوقفتهم هذا الموقف المزري حتى أصبحوا يتسترون بما كانوا به يفتخرون. وسنستدرك ما قصروا فيه من طبع القانون بنشره على الأمة.
ويا ويحهم .. أفي الوقت الذي يعترف فيه أشد الحكام استبدادًا بأنه لا مدخل له في الدينيات، وفي الوقت الذي نجاهد فيه لانتزاع مساجدنا وجمعياتنا الدينية من أنياب السلطة، وفي الوقت الذي نسمع فيه من رجال فرنسا المسؤولين: إن تدخل الحاكم غير المسلم في أي شيء ديني إسلامي- وإن لم يمنعه القانون- هو عارٌ وأمر قبيح، لا يجمل بحاكم ذي همة أن يرضى به، في هذا الوقت يعمدون عن طوع واختيار إلى إسناد رئاسة الشرف عن جمعيتهم المنسوية إلى الدين إلى الحكام الإداريين .. لو لم يكن في الأمر ما فيه ...
...

نكتب هذا والأسف يملأ جوانحنا على أَنْ عُدْنا للكتابة في موضوع فرغنا منه بحثًا وتحليلًا، وفارقناه على أن لا نعود إليه حصرًا للجهود وانتقالًا إلى ما هو أعم فائدة.
ولكن القوم- بعد سكوت عميق، وبعد خيبة شاملة في مُنَاوأتهم للحق الذي ندعو إليه- عادوا للتحكك بنا بالباطل والتهجم علينا بالكذب وراجعوا شنشنتهم القديمة في التدجيل والتضليل، وادعاء العلم وهم ليسوا من أهله، والظهور بنصر الدين وهم أول القائمين بخذله، والهتاف باتحاد الشعب الجزائري وهم القاطعون لأصله المنقطعون عن فصله.
قرأنا منذ أيام في الجرائد الافرنسية بمدينة الجزائر إعلانًا من جامعة اتحاد الزوايا عن اجتماع لهم عقدوه، وزعموا في التنويه به المزاعم- وهذا لا يهمنا- وأنهم دعوا جمعية العلماء للحضور فيه بقصد المناظرة في مسائل الخلاف بينهم وبينها فأحجمت عن الحضور - وهذا محل الشاهد-.
نترك المناظرة ومسائل الخلاف للفصل الآتي، ونقول في أصل دعوتنا إلى الاجتماع معهم: إنها كذب وبهتان، وإنها لم تقع، ولم تبلغنا بوجه من وجوه التبليغ، لا مَعَ رسول ولا برسالة،وقد نشرنا تكذيبًا لهذه الفرية في تلك الجرائد باسم مراقب جمعيتنا العام، ونحن نتحقق انه لا دعوة ولا مناظرة، بل ولا اجتماع بالمعنى المعروف للجمعيات، ولا ذلك العديد الأوفر الذي زعموه من الحاضرين، وإنما الغاية هي ما أسلفناه، ولكنها كانت مكيدة مفضوحة.
ثم قرأنا في جريدة النجاح تفصيلًا أو تعريبًا لما أذاعوه في الجرائد الفرنسية، وفيه وصفنا بالجماعة الوهابية، فلم نزدد من العلم إلا أن هيفاء عادت إلى أديانها ولم نبال بهذا ولم نستغرب الكذب مِمَّن رأس ماله الكذب.
هذا فصل أول، وأما الفصل الثاني فهو أننا تلقينا صبيحة يوم الاثنين الماضي رسالة مضمونة متتوجة باسم جامعة اتحاد الطرق الصوفية، ومنتعلة باسم كاتبها العام. وبين التاج والنعل سطور جميلة الخط (قريبة الأسلوب في أساليب التوثيق من المحاكم) ولكن تحتها من المعاني ما يضحك الثكل، ففيها بعد البَسْمَلة بالقلم العريض: تعالوا إلى المناظرة. وفيها بعد اسم رئيس جمعية العلماء والسلام عليه ورحمة الله ما نصه بالحرف: "أما بعد، فإنكم تعلمون علم اليقين أن ما فكك الأمة المسلمة الجزائرية ومزق وحدتها حتى صارت متنافرة متخالفة بعد أن كانت متقاربة متألفة هو ما أدخلتموه عليها من التشكيك في أمر دينها اعتقادًا وعملًا، وأفتيتموها في كل مسألة خلافية بما يعد خروجًا عن دائرة الحق والإنصاف وولُوجًا في ورطة الشذوذ والاعتساف، ولطالما انتظرنا رجوعكم إلى الجادة، ولكن ذهب انتظارنا سدى. وبناءً على هذا فإننا ندعوكم باسم الدين إلى "المناظر" في المسائل الآتي ذكرها، ونرجوكم أن لا تتخلفوا كما تخلفتم في المرة الأولى عن موعد المناظرة، ولكم الشكر".
هذا نص الديباجة، وبعدها سرد المسائل، وهي إحدى عشرة مسألة وسنشرحها، وبعدها شروط المناظرة التي غفلوا عنها في الدعوة الأولى المكذوبة.
مقال:" الدعوة إلى المناظرة":(1/301-304)
بقطع النظر عن هذه الدعوة التي هي من فروع المظهر الجديد، وبصرف النظر عن الداعي إليها والغاية منها وقد فهمها القارئ من عموم الكلام السابق، وبصرف النظر عن هذه الجرأة التي لم نعهدها في الطرقيين ومأجوريهم، وبصرف النظر عن المسائل التي سموها مسائل خلاف، (وسنجيب عنها ونفصل القول فيها للأمة لا لهم)؛ بصرف النظر عن هذا كله نقول: إن المناظرة في الشيء تستدعي نظيرين، أي مثيلين في المعنى الذي يتناظران فيه، والمناظرة المطلوبة هنا في مسائل علمية دينية لَابَسَها تاريخ المسلمين الطويل، وداخلتها عوائدهم واجتماعياتهم وأثر فيها هذا وذاك.
وإذا كنا نحن الطرف الأول في هذه القضية، ونحن علماء نقول في الدين بِدَلِيلهِ المعتبر، ونتكلم في التاريخ بعلله وأسبابه، ونقول في العادات بمناشئها وآثارها، ونرجع كل شيء إلى أصله، ونرد كل حادثة إلى سببها، ونربط بين الدليل ومدلوله والعلة ومعلولها، فإن الطرقيين بالطبع هم الطرف الثاني، وهل بلغ الطرقيون أن يكونوا نظراءنا بالعلم والدين والتاريخ والاجتماع؟
نحن نعرفهم حق المعرفة، ونعرف أنهم جهلاء ويفخرون بالجهل، وأنصاف أميين ويتباهون بالأمية، إذ ليس العلم ولا القراءة شرطًا في طرقهم ولا في مشيختهم، ونعرف أنهم لا يملكون من أسلحة هذا الميدان إلا العناد والإصرار على الباطل.
ولو كانوا علماء لما بلغ النزاع بيننا وبينهم إلى هذا الحد، ولرَجَوْنا- إن لم يزَعْهم الدين- أن يزَعَهم العلم.
ولقد نعلم أنهم لا يجهلون هذا من أنفسهم، ولا يبلغ بهم الغرور أن يناظروا علماء من الطراز الذي تحتوي عليه جمعية العلماء، وإنما يعتمدون في هذه المناظرة على موجودات آلية يسمونها علماء عوَّدوها أن تنطق باسمهم وتسبح بحمدهم وتحامي عنهم بالباطل.
ونحن لا نعترف بالعلم لهذا الصنف المتهافت على أبواب الزوايا المتعيش من فضلاتها، ويأبى لنا شرف العلم أن يكون هؤلاء المسلوبو الإرادة الفاقدو الاستقلال في العلم نظراءنا في المناظرة، لأننا بلَوْنَاهم في العمل فوجَدناهم جبناء، وبلَوْنَاهُم في العلم فوجَدناهم يحكمون الهوى ولا يحكّمون الدليل، وبلَوْناهم في الكتابة فوجَدْنا أَمْثَلَهم يسمي البدع المنكرة عوائد دينية ..
أَمَعَ هؤلاء تكون المناظرة؟ لا، وشرف العلم.
فقد تحقق أن هذه المناظرة التي دعوا إليها ساقطة سقوط شرطها الأساسي مِن قِبَلهم وهو النظير.
أَلا إنهم من إِفْكِهم ليتداهون ويختلون بهذه الدعوة إلى المناطرة، لنُجِيبَهم فنعترف لهم بالكفاءة، أو نسكت عنهم فيقولوا عنا: أَحْجَموا وخافوا، أو نُجيبَهم بالحقيقة (كما فعلنا) فيقولوا: إن جمعية العلماء تحتقر العلماء ويتباكون ويشنعون.
ولا والله ما شيء من هذه اللوازم بصحيح وما كنا لنَزنَهم بغير الميزان الذي وضعوا أنفسهم فيه، وما كنا لنُصِمَّ آذاننا عن دعوة حق تُوجَّه إلينا، وإننا لننقاد إلى الحق بشعرة، وما كنا لِنَكِعَ عن النزال، لو كان في الميدان أبطال، وما كنا لنحتقر العلماء المشرفين للعلم المنقادين به إلى الحق، وأما العلماء الأذناب والعلماء الذيول والعلماء الذين يؤثرون الخَلْقَ على الحق فهيهات أن نقيم لهم وزنًا.
ثم ما لهؤلاء القوم يؤكدون في رسالتهم إلينا الكذبة التي افتجروها وهي أنهم دعونا إلى المناظرة في المراض البلدي أي:"الملعب البلدي" فتأخرنا؛ ثم يجيئون في آخر رسالتهم بشروط للمناظرة منها أن تكون تحت إشراف لجنة من أساطين العلم والدين والفتيا، ومنها أن تكون تحت إشراف الحكومة لحفظ الأمن .. ! ومنها أن تكون في مكان بعيد عن الصخب والشغب ...
تعالى الحق: أين كانت هذه الشروط يوم دعونا- بزعمهم- للمناظرة؟ وهل كانت متوفرة كلها؟ أم بدا لهم من فضيحة الكذبة ما لم يكونوا يحتسبون؟
أيتها الأمة: إننا مع هؤلاء القوم على النحو الذي قال فيه الشاعر:
بنو دارمٍ أكفاؤهم آل مسمع … وتنكح في أكفائها الحبطات
وإن لنا في الدعوة الإصلاحية سلفًا صالحًا يبتدئ بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ينتهي إلا بقيام الساعة، وإنَّ لهم في بدعهم وضلالاتهم سلفًا طالِحًا يبتدئ من الشيطان ولا ينتهي إلا بقيام الساعة، وإن بين سلفنا في الهداية وسلفهم في الضلال في القرون والأجيال نحوًا مما بيننا وبينهم اليوم؛ وإن العاقبة في كل قرن وكل جيل للحق، وإن في العلماء الذين بَجَّلُوهم تقليدًا وجهلًا، وينتسبون إليهم كذبًا ودجلًا مَنْ هو حجة عليهم بعمله لو كانوا يفقهون، ومن هو أنكى عليهم منّا في التشنيع والإنكار لو كانوا يقرؤون، ولكنهم لا يفقهون ولا يقرؤون. وإن علماء هذا العهد في الأقطار الإسلامية الأخرى فريقان، فريق يحمل على المبتدعة حملتنا وينتصر للحق انتصارنا، ويدعو المسلمين إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وهدي السلف الصالح من أمته دعوتنا، وفريق ضعفت إرادته فاشترى المبتدعة ضميره ودينه ولسانه وقلمه، فأصبح ينصر أباطيلهم باسم العلم، ويزيّن أضاليلهم باسم الدين، ويدافع عنهم كما يدافع (المحامي) المأجور عن القاتل وهو يعلم يقينًا أنه قاتل.
وإن من هذا الفريق الأخير من سمَتْ همّته إلى أسفل فانتحل الطريقة مع العلم، وجمع بين الزاوية والمدرسة، وزاوج بين الاتِّجار في السبح وبين التدريس، فأصبح بطريقة النحت اللغوي (طرعميًا) أو (طقعميًا).
إن الخلاف بيننا وبين هؤلاء ليس في مسائل علمية محصورة يعدّونها في كل بلد بعدد ويكثرون حولها اللغط ليوهموا الأمة أن الخلاف علمي ... وما لهم وللعلم؟ إنهم ليسوا علماء حتى يغاروا للعلم أو يقولوا فيه أو يكونوا طرفًا من طرفي الخلاف في مسائله.
وإنما الخلاف بيننا وبينهم في طرقهم وزواياهم وما يرتكبونه باسمها من المنكرات التي فرّقت كلمة المسلمين وجعلت الدين الواحد أديانا، فقلنا لهم ولا نزال نقول: (لا طرقية في الإسلام)، وأقمنا على ذلك الأدلة من الدين وتاريخه الأول والعقل ومقتضياته، فلماذا يرجعون بنا بعد هذا كله إلى العلم الذي هو بريء منهم وهم بُرآء منه؟
والكلمة الأخيرة التي يجب أن يسمعوها من هذا الفصل هي أنهم عوام، ووظيفة العامي الاستماع والاتّباع، فإن أرادوا التحلّي بفضيلة عرفان القدر والوقوف عند الحد فها هو ذا الاجتماع العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين قد أظل زمانه وسيحضره علماء أفاضل من غير الجزائر؛ فليتفضّلوا بحضوره ليسمعوا كلمة الحق فصيحة داوية وليتبيّن حقيقتنا من كان يأخذنا منهم بالظنة ... ونؤكد لهم أن لنا من ديننا وقوة يقيننا ما يغنينا عن الالتجاء إلى الحكومة في حفظ الأمن ... فهل يستجيبون لهذا؟ وهلا يؤدبون كاتبهم الذي رمانا بما لا يشرّفنا ولا يشرّفهم من جعل المناظرة تحت إشراف الحكومة لحفظ الأمن؟
هذا في المناظرة وسنعود بعد قريب إلى مسائلهم.

كانت تلك سلسلة مقالات الإبراهيمي الذهبية في مذاهب الصوفية الردية،فرحم الله تعالى العلامة:" مُحَمَّد البَشِير الإِبْرَاهِيمِي"، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
توثيق المقالات:
:"آثار الإِمَام مُحَمَّد البَشِير الإبراهيمي": الناشر:دار الغرب الإسلامي.الطبعة: الأولى، 1997عدد الأجزاء: 5، جمع وتقديم: نجله الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي.

  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 03-03-2013
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,256
  • معدل تقييم المستوى :

    14

  • ابو ايوب23 will become famous soon enoughابو ايوب23 will become famous soon enough
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
28-04-2013, 09:31 PM
متى اصبح كلام الابراهيمي مقدم على كلام ابن تيمية .ثم ليتكم تاخدون بكلام الابراهيمي وتقدمونه على ابن تيمية في كل الاحوال وليس في ما يوافق اهواءكم فقط
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عمر القبي
عمر القبي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 04-11-2009
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 40
  • المشاركات : 3,030
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • عمر القبي is on a distinguished road
الصورة الرمزية عمر القبي
عمر القبي
شروقي
رد: Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
28-04-2013, 10:06 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو ايوب23 مشاهدة المشاركة
متى اصبح كلام الابراهيمي مقدم على كلام ابن تيمية .ثم ليتكم تاخدون بكلام الابراهيمي وتقدمونه على ابن تيمية في كل الاحوال وليس في ما يوافق اهواءكم فقط
من فضلك يا إما ترد بعلم أو تسكت بحلم.
والعن زنادقة الروافض إنهم *** أعناقهم غلت إلى الأذقان

جحدوا الشرائع والنبوة واقتدوا *** بفساد ملة صاحب الايوان

لا تركنن إلى الروافض إنهم *** شتموا الصحابة دون ما برهان

لُعنوا كما بغضوا صحابة أحمد *** وودادهم فرض على الإنسان

حب الصحابة والقرابة سنة *** ألقى بها ربي إذا أحياني
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 03-03-2013
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,256
  • معدل تقييم المستوى :

    14

  • ابو ايوب23 will become famous soon enoughابو ايوب23 will become famous soon enough
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
Re: رد: Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
29-04-2013, 11:28 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر القبي مشاهدة المشاركة
من فضلك يا إما ترد بعلم أو تسكت بحلم.
لقدعدت الى كتاب اثار الامام محمد البشير الابراهيمي باجزائه الخمسة وفتشت عن مقال اسمه حقيقة التصوف فلم اجده فلما هذه الادعاءات على الامام الابراهيمي ولما الكذب عليه واين امانة النقل واين الامانة العلمية الاتتقي الله ايها السلفي ولاتتقول على العلماء .وان كان لديك مقال للامام الابراهيمي تحت عنوان حقيقة التصوف فاذكر لنا رقم المجلدوالصفحة ولك منا جزيل الشكر والا فانت مطالب بالاعتذار للقراء
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عمر القبي
عمر القبي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 04-11-2009
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 40
  • المشاركات : 3,030
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • عمر القبي is on a distinguished road
الصورة الرمزية عمر القبي
عمر القبي
شروقي
رد: Re: رد: Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
29-04-2013, 01:33 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو ايوب23 مشاهدة المشاركة
لقدعدت الى كتاب اثار الامام محمد البشير الابراهيمي باجزائه الخمسة وفتشت عن مقال اسمه حقيقة التصوف فلم اجده فلما هذه الادعاءات على الامام الابراهيمي ولما الكذب عليه واين امانة النقل واين الامانة العلمية الاتتقي الله ايها السلفي ولاتتقول على العلماء .وان كان لديك مقال للامام الابراهيمي تحت عنوان حقيقة التصوف فاذكر لنا رقم المجلدوالصفحة ولك منا جزيل الشكر والا فانت مطالب بالاعتذار للقراء
شوف مع صاحب المقال، أنا كان كلامي حول طريقة المناقشة فنبهت عن ذلك.
والعن زنادقة الروافض إنهم *** أعناقهم غلت إلى الأذقان

جحدوا الشرائع والنبوة واقتدوا *** بفساد ملة صاحب الايوان

لا تركنن إلى الروافض إنهم *** شتموا الصحابة دون ما برهان

لُعنوا كما بغضوا صحابة أحمد *** وودادهم فرض على الإنسان

حب الصحابة والقرابة سنة *** ألقى بها ربي إذا أحياني
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 03-03-2013
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,256
  • معدل تقييم المستوى :

    14

  • ابو ايوب23 will become famous soon enoughابو ايوب23 will become famous soon enough
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
Re: رد: Re: رد: Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
29-04-2013, 04:41 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر القبي مشاهدة المشاركة
شوف مع صاحب المقال، أنا كان كلامي حول طريقة المناقشة فنبهت عن ذلك.
وهل اخطات في مناقشتي لصاحب المقال حتى ترد بدلا عنه.
التعديل الأخير تم بواسطة محمد البليدة ; 29-04-2013 الساعة 04:45 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
أبومحمدالتيهرتي
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 01-03-2013
  • المشاركات : 195
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • أبومحمدالتيهرتي is on a distinguished road
أبومحمدالتيهرتي
عضو فعال
رد: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
30-04-2013, 02:02 PM
قالها كثير من الناس ومنذزمن
الفرق بين سلفية المدخلي وسلفية البشير الإبراهيمي كالفرق بين السماءوالأرض
ثم غن المقاللم تثبت بعد أنه من تأليف الشيخ البشير الإبراهيمي
والكلام لا يؤخذ على عواهنه
يا الله استعرض لنا منهج البشير الإبراهيمي وكتبه قد وفرتها الشاملة جزاهم الله كل خير لنرى نظرة البشير الإبراهيمي للتصوف ونظرتكم
وعلى افتراض ان هذامقال الشيخ فهو يقصد الطرق الصوفية المغالية
والصوفية أنواع ومشارب
فإن كان تصوفا علميا كتصوف حجة الإسلام والحسن البصري والقشيري وغيره فألف مرحبا وإن كانت الأخرى مما فيه غلو وقصور نظر فالنصيحة واجبة وبأسلوب علمي لا يأسلوب صحفي فيه تعميم وهجوم
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية عمر القبي
عمر القبي
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 04-11-2009
  • الدولة : الجزائر
  • العمر : 40
  • المشاركات : 3,030
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • عمر القبي is on a distinguished road
الصورة الرمزية عمر القبي
عمر القبي
شروقي
رد: Re: رد: Re: رد: Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
30-04-2013, 02:18 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو ايوب23 مشاهدة المشاركة
وهل اخطات في مناقشتي لصاحب المقال حتى ترد بدلا عنه.
هل تسمي ما ذكرته أعلاه "نقاشا"؟؟ عجيب أمركم...
والعن زنادقة الروافض إنهم *** أعناقهم غلت إلى الأذقان

جحدوا الشرائع والنبوة واقتدوا *** بفساد ملة صاحب الايوان

لا تركنن إلى الروافض إنهم *** شتموا الصحابة دون ما برهان

لُعنوا كما بغضوا صحابة أحمد *** وودادهم فرض على الإنسان

حب الصحابة والقرابة سنة *** ألقى بها ربي إذا أحياني
  • ملف العضو
  • معلومات
إبن عربي
زائر
  • المشاركات : n/a
إبن عربي
زائر
رد: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
30-04-2013, 03:08 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كما قال الأخ ايوب هناك فصال بين عنوان الموضوع وفحواه ، واضيف ان هناك فصال بين المقدمة التي جدت بها اخي الكريم وبين ما يقوله شيخنا الكبير الابراهيمي
إن الابراهيمي في مقاله هذا يهاجم البدع والخرافات وهو بهذا ينحو منحى الشيخين ابن باديس و محمد عبده اللذان حاربا البدع لصالح العلم و المعرفة ، وهذا امر لاخلاف حوله ، لكن الخلاف انك تريد الباس هذه الدعوة لباس الوهابية
ابن باديس والابراهيمي لم يدعوا للوهابية بل دعيا للعلم ، اي ان دعوتهما كما هي تنكر الخرافات والشعوذة ، فهي كذالك تنكر الاباطيل الوهابية الغارقة في الجهل وعنف هي الاخرى ، لهذا فلا مكان لنصرة الواهبية بكلام الشيخين الجليلين
الامر الثاني الشيخ الابراهمي يفرق في مقاله بين التصوف و الطرقية ، فالطرقية هي بعض ما نراه من شعوذة تلبس لبوس الدين ، اما التصوف فهو منهج اسلامي راقي و لا يمكن الطعن فيه ، لهذا فكلام الشيخ لم يقترب من الصوفية بأي حال ، بل انتقد الشعوذة و الدجل الذي يلبس لبوس الدين ، لهذا فالمقال لاغي


ختاما وقبل ان انهي كلامي وجب الاشارة الى ان الشيخ اخطا حين قال ان ابن باديس اول من دعى لتحرر الجزائر ، صحيح ان الشيخ له باع طويل في النضال ضد المستعمر ، لكن اول من دعا لحرية الجزائر هو الامير عبد القادر رحمه الله ، وباقي رجال الجزائر من المقراني و الشيخ بوعمامة وغيرهم
وهؤلاء كما هو معلوم جميعا كانوا صوفيين ، لهذا فكفا محاولة للطعن في وطنية الصوفية





  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 03-03-2013
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 1,256
  • معدل تقييم المستوى :

    14

  • ابو ايوب23 will become famous soon enoughابو ايوب23 will become famous soon enough
الصورة الرمزية ابو ايوب23
ابو ايوب23
عضو متميز
Re: رد: Re: رد: Re: رد: Re: "حقيقة التصوف" بقلم الإمام:"محمد البشير الإبراهيمي"
30-04-2013, 04:44 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر القبي مشاهدة المشاركة
هل تسمي ما ذكرته أعلاه "نقاشا"؟؟ عجيب أمركم...
وماذا نسميه اذن
موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 06:07 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى