هل تأخر المسلمون منذ أن عرفوا الميكروفون ؟
23-01-2010, 11:41 AM
السؤال: متي تأخر المسلمون؟
الإجابة: منذ عرفوا الميكروفون!
الإجابة: منذ عرفوا الميكروفون!
لكن للحق وللدقة فإن المسلمين لم يتأخروا في العالم كله بل تأخروا هنا فقط، في هذا الوطن العربي الكبير الذي يصغر كل يوم بأفعالنا، المسلمون في الهند والسند والصين وتركيا وماليزيا وروسيا وأمريكا وإندونيسيا، وفي غير هذه البلدان تقدموا ويشاركون البشرية كلها في صنع الحضارة، أما العرب فينتجون النفط والتطرف والديكتاتورية والاستبداد وتزوير الانتخابات... ويشتهرون بأهم منتجاتهم وهو الإسلام القشري السطحي الشكلي الذي لا جوهر فيه ولا عمق له، بل مجرد همهمات وتمتمات وناس تنهي في التليفونات ثرثرة لا معني لها غالبًا بأن تتلو الشهادة، «أشهد ألا إله إلا الله» فيرد الطرف الآخر «محمد رسول الله» كأننا نتأكد من صحة إسلامنا قبل ما الشحن يخلص أو الخط يقطع!
بل إن أكثر الأئمة و الخطباء في عصرنا حفظ حديثا و راح يردده : " من كان آخر قوله لا إله إلا الله دخل الجنة" حتى أن المرشد الثاني للإخوان السيد الهضيبي رحمه الله و بعد استشهاد القائد الأول وجد جدلا كبيرا في جماعته حول هذا الموضوع فألف كتابا كله من أجل تبيان هذا الحديث" ، و ما زال هذا الحديث بضاعة كثير من الناس، يفعلون الموبقات دون حرج و لا حياء فتتصاعد موجات التكفير و التفسيق و التبديع من هنا و هناك، فيتحججون و يساعدهم في ذلك دعاة لا يحبون التطرف كلهم يتحججون بهذا الحديث.
وكثيرًا ما قالوا عن حق إن العرب ظاهرة صوتية، لكن المشكلة أن العرب قرروا أن يحولوا شعائر الإسلام أيضًا إلي ظاهرة صوتية.... بالميكروفونات، ورغم أن الميكروفون اختراع غربي صليبي (!!) فإن المسلمين في مصر مثلاً تعاملوا معه علي أنه سلاح الإسلام الذي غزا به خالد بن الوليد بلاد نهاوند وفتح به طارق بن زياد الأندلس، لهذا فإن المسلم الحق في مصر هو الذي يشغل الميكروفون في الجامع طول وقت الصلاة ويذيع الصلاة بثًّا مباشرًا لأهل الشارع ويضع مكبر الصوت في بلكونة الجيران ويفتح صوت الميكروفون نصف ساعة قبل أذان الفجر فيقوم البعض بأداء شعائر الدين ويقوم البعض الآخر بسب الدين - والعياذ بالله!
والمشكلة الحقيقية أن هذه الطريقة الميكروفونية للتدين هي تعبير مدهش عن الجهل بالدين وبالتدين، فالواضح أن الله سبحانه وتعالي لايحب ولايريد رياء المسلم بل يريد إيمانه، قال الله تعالي في كتابه العزيز (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لايحب المعتدين) الأعراف (55)، وقال تعالي عن عبده الصالح زكريا، وكيف كان يدعوه في صفة صلاته (ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادي ربه نداءً خفياً) مريم (2، 3)، وقوله (واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) الأعراف (205)، إذن الصلاة تضرع ونداء خفي، أم أنك تفهم غير ذلك من الآيات الكريمة؟!، إنها تحمل كما يقول المفسرون دلالة وإرشادًا إلي أنه يجب أن تكون صلاتنا بخشوع وتضرع وخوف وسكينة وخفية، لا بالضجيج والصياح والصراخ، والجهر الزائد عن قدر الحاجة، فالأصل في الصلاة السرية الإسرار، وفي الجهرية الجهر اليسير الذي يكون بقدر الحاجة من إسماع المصلين خلف الإمام، بحيث لايخرج الصوت عن آداب الضراعة والخوف من الله سبحانه وتعالي، فيكون الدعاء أو الصلاة أبعد عن الرياء والسمعة، وأقرب إلي الإخلاص والقبول.
ألا نفهم من هذه الآيات ومعناها أن الصلاة أو القرآن أو الدعاء بالميكروفونات لايعبر عن حقيقة وحق وصحيح وصحة الإسلام بل يخالف أوامره مخالفة صريحة، فالله هو السميع القريب المجيب وليس في حاجة إلي ميكروفونات!
لقد روي عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في وصف قراءة رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - للقرآن في قيام الليل، قال: «كانت قراءة النبي علي قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت» وهو حديث أخرجه أبو داود، كتاب التطوع، باب في صلاة الليل، وقال عنه الألباني حسن صحيح. شفت رقة النبي - صلي الله عليه وسلم - وجماله وذوقه وشياكته وحنانه ورحمته فهو يقرأ القرآن بقدر مايسمعه في الحجرة، أصلها مش برفع الصوت ولا بالزعيق وإيقاظ النائمين.
وعن أبي داود أنه صلي الله عليه وآله وسلم اعتكف في المسجد فسمعه من يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: «ألا إن كلكم مناجٍ ربه، فلايؤذين بعضكم بعضاً، ولايرفع بعضكم علي بعض في القراءة، أو قال في الصلاة» رواه أبو داود، كتاب التطوع، بابٌ في صلاة الليل، والحديث صححه الألباني.
يعني الذوق يا جماعة، الهدوء والخفية والسكينة، يعني اقفلوا الميكروفون في عرضكم بأمر نبيكم إذا كنتم تفهمون نبيكم حقًا.. وإن كنت أشك أنكم تفهمونه فعلاً!!
لقد مارست وظيفة الخطابة لمدة ثلاث سنوات متطوعا، و كثيرا ما كنت أصيح في الناس، أستعمل كل قدراتي الصوتية، و البعض يعجبهم صوتي صراحة خاصة حين أقرأ القرآن، لكني كثيرا ما كنت أقول لهم أنتم تعجبون بصوتي لكنكم أبدا لا تعجبون بكلامي، بدليل أن كثيرا من الخطباء علمهم أغزر و لكن صوتهم أقل روعة من صوتي فأنتم لا تستمعون إليهم.
وقتذاك كان هناك شاب طموح، كل همه أن يصبح إماما، يقول أنه لا يوجد من قرأ القرآن مثله في البلدة، و كان يحاول و يحاول، لكنه كان مرفوضا من الجميع، لأنه سلفي و لأنه بسلفيته تلك أحدث مشاكل مع أبيه إخوته جعلت لاناس ينفرون منه، الغريب أنه بعد سنوات، و بعد أن ذهبت إلى الخدمة الوطنية وصل هذا الشاب إلى طموحه، و أصبح إماما و خطيبا، و عدت من الخدمة الوطنية و أصبحت أستاذا في الجامعة، بينما هو أصبح إماما و خطيبا متطوعا.
في الحقيقة، صوته مزعج جدا، لكن الأكثر إزعاجا هو قلة علمه و شدة غبائه و وقاحته أحيانا، فزيادة على عدم إتقانه للغة العربية التي يكسرها كسرا يجعلها كل شيء إلا اللغة العربية، فإن علمه ينحصر في بعض الأفكار التي يرددها علينا طيلة هذه السنوات.. العقيدة .. لا إله إلا الله .. عليكم كذا.. يجب كذا .. اتقوا .. صوموا. . صلوا .. زكوا .. أوامر أوامر أوامر، نواه نواه هواه، ثم عليكم بالذين تحت التراب، هؤلاء السلف، أما نحن في هذا الزمان، أما نحن فحدث و لا حرج، يقارن يقارن يقارن، الحجاب.. الغناء.. الموسيقى.. الحجاب.. الغناء الموسيقى ..الحجاب.. الغناء.. الموسيقى.. الجلباب .. الغناء الموسيقى.. كل خطبة لا بد أن تذكر فيها هذه الكلمات، يا عباد الله يا عباد الله ياعباد الله ، يا رعاكم الله يا رعكم الله يا رعاكم الله، كل جملة تتردد فيها هاتان العبارتان، او إحداهما.
ثم يهبط من المنبر، إلى المحراب، الصوت يتغير في كل جملة.. في كل كلمة.. في كل حرف.. أصوات أشبه ما تكون بالغناء .. و يقول أنه لا يوجد من يقرأ القرآن مثله... هل الدين يا عباد الله هو هذه الأصوات التي نسمعها ... في آخر مرة أحضر مغنيا ... شابا .. ليقوم بضبط طاولة الميكساج التي تهمه جدا .. لأنها .. لأنها كفيلة بأن تجعل صوته أحلى و أروع... و أي صوته .. إنني أحس بدوار حين أسمعه ... خاصة و أنه ما جاءنا بجديد في العلم ... لكنه صياح و صياح ... ظاهرة صوتية بامتياز...
عندما أعود إلى البيت أستمع إلى الخطبة المذاعة في الراديو ... نفس الشيء .. أصوات و أصوات... في التلفزيون أصوات و أصوات و أصوات ... في الأنترنت أصوات و أصوات و أصوات ... الحمد لله أنني أقرأ الكتب و إلا فإنني سأضيع بين كل هذه الأصوات التي تظن أن الأرض لا تسير إلا على وقع كلماتها و نصائحها ... و تستمر مهازلنا ... و أتذكر قولة الشهيد حسن البنا رحمه الله حين قال له أحدهم: عشر سنوات و أنتم تخطبون ماذا فعلتم، فرد عليه قائلا: عشر سنوات و نحن نخطب فماذا فعلتم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
عذرا على الإطالة
((( ملاحظة: الجزء الأول من المقال منقووووووووووول ...)))
من مواضيعي
0 الملتقى الدولي الأول الموسوم بـ : التحديات و الرهانات الأمنية في منطقة شمال إفريقيا بين فرص الاحتو
0 أهم نقائص بيان مجلس الوزراء (1)
0 رأي ابن القيم فى الأحداث الجارية ؟!
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 الجزيرة متوقفة تماما على النيل سات ... و العبرية تنقل الاكاذيب
0 أهم نقائص بيان مجلس الوزراء (1)
0 رأي ابن القيم فى الأحداث الجارية ؟!
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 كلمة إمام الدعاة الشعراوي رحمه الله لحسني مبارك
0 الجزيرة متوقفة تماما على النيل سات ... و العبرية تنقل الاكاذيب