حب وكعكة وحزام
17-04-2012, 09:31 PM
هي أولى محاولاتي في ميدان القصة فاعذروا خيالي المسكين وجهلي بأصول كتابة قصة
المكان : فلسطين الحبيبة
الزمان: غير معلوم
طرق قلبها قبل بابها , أدخلته زاويته المفضلة وفرشت له عينيها قبل حصيرته التي صنعتها بيديها هدية عيد ميلاده ذات شتاء وناولته أحلى شاي في القرية , "جهاد" معتاد أن يفتح النافذة ويمعن طويلا في القمر ليصنع لنفسه فرصة ليغازل القمرين أحدهما في السماء وثانيهما الأبهى والأكثر سحرا بالقرب من العين والقلب , من نعم الله عز وجلَّ أنَّه حباني وحدي بقمرين يا "حورية", تبسمت فكانت بسمتها قمرا ثالثا ثائرا على الرتابة , بسمتها تقهر جيشا من القلوب الصخرية الصماء فكيف بقلب "جهاد" المتلهف للجمال,
تتقن الغزل حتى وأنت مرهق يا ابن الخال
غصبا عني حورية فاليوم داهمونا في الثانوية يبحثون عن طلبة وأساتذة يقولون أنهم متورطون أو خلايا قاعدية كما يسمونهم هؤلاء الملاعين واقتادوني مع بقية زملائي الأساتذة.كان لزاما عليَّ أن أجيبهم على أسئلتهم المقرفة (هل تصلي؟؟ وهل تنام باكرا؟؟ وما علاقتك بالإرهابيين؟؟ وآخر مرة شاهدت فيها إرهابيا؟؟ وماذا تعرف عن عملية التفجير التي حدثت البارحة؟؟ و..و..) والسؤال الذي استفزني أكثر (من سمَّاك جهاد ولماذا؟؟) , ورب الكعبة إنهم حمقى وا عجباه كيف يتحكمون في العالم ولمَ يهابونهم العرب؟؟
الحمد لله أنهم أطلقوا سراحك يا ابن الخال ويا راحة البال , لا أعلم ما كنت فاعلة بدونك لو سجنوك
أتمت العمة "كوثر" صلاة العشاء وجاءت مسرعة تلقى حبة قلبها وشيئا من رائحة المرحوم فهو بقية أخيها الغالي الذي كان أسدا حينما يزأر يرتعد الصهاينة لولا خيانة صيَّرته هدفا سهلا لرصاصاتهم الجبانة.
مضطر للذهاب عمتاه فقلب الأم هنالك يشتعل شوقا وقلقا فلم يبق لها وطن سواي ,
مرت الأيام بطيئة مثقلة بالمداهمات , الاعتقالات والاستجوابات وكان قلب الحبيبة يتلظى , وجاءها آخر مرة ليلا حاملا بين ثناياه حيرة وصمتا مقلقا فابتسامة جهاد تكاد تخبو ومرحه بالكاد يطفو وتراوغه جميلته "حورية" لعلها تتمكن من أن تمسح عنه شيئا من التعب , ماذا أحضِّر لك الجمعة القادمة لعلك تشتهي أشياء وأشياء, حاول جهاد أن يفك اللغز وتبسَّم حين تذكر في زحمة هذه الأحداث المتعاظمة أن عيد ميلاده الخامس وعشرون على الأبواب , لا..لا أريد شيئا فلعليَّ لا أكون هنا ,
بقلق عارم تسأله , إلى أين يا ابن الخال؟؟
ويجيب بهدوء ماكر , إلى مكان لا يكون فيه الصهاينة ,
زادت حيرة "حورية" أمام هذه الألغاز الكبيرة وحاولت أن تنتزع إجابات شافية على طوفان الأسئلة الذي فاض عليها دفعة واحدة ولكن لا سبيل أمام عناد حبيبها , فجهاد رغم وسامته , بساطته , صراحته وطيبته فهو فطن حذر.
حورية أتذكرين أول هدية أهديتنيها في عيد ميلادي ؟؟ , كانت كعكة الفراولة التي صنعتيها بيديك رغم أنهما كانتا رقيقتين وصغيرتين جدا على سلق بيضة
نعم يا جهاد اذكر أنك أكلتها بشق الأنفس وكانت ضحكاتكم كافية لأن أتعقد من صنع الكعكات وتحديدا بالفراولة
لا يا جميلتي فالكعكة كان لها مذاق عجيب , كان فيها شيئا من بشاشتك وبراءتك , كان يكفيها يا جميلتي أن الأصابع التي غُمست فيها لتصنعها لم تكن سوى أصابعك , وما ضحكْتُ إلا لمنظر شقاوتك تمتزج بحلاوتك والكريمة البيضاء التي طفت على أنفك وطغت على حمرة خدودك
حورية أريدك أن تصنعي لي كعكة الفراولة هدية لعيدي فقد اشتهيتها اللحظة واكتبي لي مستلزماتها فقط لأقتنيها لك وهذا شرطي الكبير على غير العادة , وما إن حركت رأسها دلالة على موافقتها حتى استأذنها ليطلب منها طلبا مدويا.
حورية لا تنسي أن تكتبي لي أيضا مستلزمات صناعة قنبلة وبالتحديد حزاما ناسفا , أريد كعكة وحزاماً ناسفاً
طلبُ جهاد وكلماته كانت رصاصات تخترق نعومة حورية وكانت حزاما ناسفا يشتت بقايا حكمتها*
بدأت تهجي بدهشة وتردد "ح ز ا م ا ً ".. "ن ا س ف اً"
أنا التي لا أستطيع أن أصنع للفأر الذي عاث في بيتنا فسادا خلطة تبيده !! أصنع حزاما ناسفا !!
حورية تستطيعين فعل ذلك ,
من أجل المجاهدين المحاصرين تستطيعين*
من أجل القدس ونابلس ويافا وغزة وجنين وكل شبر في فلسطين تستطيعين
فأنت خريجة كيمياء وبتفوق ورجال المقاومة في انتظارك حورية
استرجعت أنفاسها وقالت سأقبل بشرط أن تفهمني كل شيء جهاد
وماذا أفهمك حورية؟؟
أن تفهمني القصة بأكملها ومن تقصد بالمحاصرين ولمن الحزام الناسف ولماذا وما علاقتك أنت بالقضية والمقاومة؟؟*
ولكنها معلومات في غاية الخطورة ولا أبوح إلا بقسم منك على الكتمان
لك الأمان والعهد بالكتمان..أقسِمُ لك
المحاصرين يا جميلتي هم نخبة المقاومة فهم محل شكوك الصهاينة فسلطوا عليهم مراقبة مركزة ومن بين المحاصرين قياديين وكوادر ومشاريع استشهاد ومن بينهم العقل المدبر وصانع القنابل والأحزمة الناسفة ولهذا لم يجد بقية جناح المقاومة من وسيلة لفك الحصار ودرء الشكوك سوى تحويل الأنظار إلى بؤرة أخرى ولا يكون هذا إلا بعملية استشهادية ولم تجد المقاومة سواك حوريتي لتنقذيهم من المأزق الكبير فلا خبير لديهم الآن ليصنع لهم ما يريدون ولأن الوصول إليك مستحيل فلم يجدوا غيري ليخبرك ويقنعك حورية.
هل يعني هذا أنك لست عنصرا من المقاومة يا جهاد؟؟
يااااه دائما ما أتمنى أن أكون شيئا ولو حطبا يؤجج النار التي يتدفأ بها الفدائيون فما بالك بأن أكون واحدا منهم*
تدرك هي أن عليها أن تعصره أشد لينزل منه أكثر , عليها أن تضغط أكثر وأكثر فالأوراق بين يديها ولكنها للأسف غير مرتبة.
جهاد أنت تخفي عني أمرا جللا
كلا يا حبيبتي فقد بحت بكل شيء*
لم اقتنع يا جهاد , فما قلته حقيقة مشوشة مغلفة بمهارات عالية جنَّبتْك الانغماس في الكذب , فكيف يأتمنونك ويطلعونك على أسرارهم , لا مفر جهاد من البوح لي فأنا ابنة عمتك , حبيبتك وزوجتك المستقبلية
يا حورية لو أخبرتك أخاف أن تتراجعي عن صناعة ما نحتاجه
أقسم أني لن أتراجع شبرا مهما كان الخبر
إذا يا حورية يبدو أنه لا مفر , لا على العكس تماما كنت أبحث منذ أمد عن هذه الفرصة الغالية ورغم هذا لا يطاوعني قلبي ولساني لأن أبوح*
حورية غدا بإذن الله إذهبي لجدنا "القاسم" ليفهمك كل الحكاية
ذهب جهاد وبقي رأس حورية يغلي من سخونة المفاجآت , فلا النوم زارها ولا الصباح جاءها ومع تباشير الشروق والحياة حملت نفسها كاسرة الحصار الذي ضرب على نابلس فالوصول لبيت جدها يستلزم مجازفة , هي تعرف أن جدها لا يمكنه إلا أن يتواجد بين شجيرات الزيتون يرعاها , تلك الشجيرات التي نجت من جرافات الصهاينة وقلَّما ينجو الزيتون والليمون والفرَاش والحمَام في نابلس من غل الصهاينة وبطش الصهاينة
حورية لم تمهل جدَّها نفَسا ليقتل وحشته لحفيدته ولا نفسا لتقاسمه رشفات قهوة مما أمامه
أريد أن أعرف كل شيء عن المقاومة وعن ابن خالي جهاد يا جداه؟؟
المقاومة هي المقاومة من فيتنام إلى الجزائر
المقاومة هي المقاومة في كل أمة معذبَّة وكل أرض مغتصبة
وجهاد هو عروس مقاومتنا وعقلها المدبر ,
اختلطت المشاعر في صدر حورية , جهاد ذاك الفتى الأنيق وأنا لا أعلم , فكيف ليمينه تحمل الأقلام وتزرع الأحلام ولشماله تعانق الرشَّاش وتغرس الألغام
يا حفيدتي فجهاد ليس كما عرفتيه فقط شاعرا حساسا وعاشقا مرهفا وقمريا يهدل للسلام
فجهاد مذ كان صبيا يجاهد مع أبيه الشهيد ينقل الأخبار والرسائل ويخترق نقاط التفتيش فيتحامق حينا وأحايين يتحايل إلى أن شبَّ وصار أوسم مناضل وأشرس مقاتل , البنادق طوعه والقنابل
لم يتمالك الجد دموعه وهمس في حفيدته , جهاد هو شهيد الجمعة المقبلة فلا تخيبيه يا بنيتي
كانت كلمات الجد أعتى خبر يحركها كما تفعل الريح بالوريقات الذابلات
كان عليها أن تستوعب أنها ستصنع الكعكة والحزام معا
أي أعصاب تلك لحورية حتى تصنع النقيضين
ولمَ لمْ تخبروني يا جدَّاه لأعينه وأقاسمه الكفاح
يا بنيتي ربما لا تعلمين أنك كنت بغير علم تصنعين الطعام للمقاومة فالطعام الذي كنت تحضرينه لرحلات جهاد الاستكشافية لم يكن سوى لأبطال المقاومة , جهاد لم يشأ أن يمنح فراشته الجميلة للعواصف , لم يشأ أن تقلقي عليه أكثر مما تقلقين وأن تشتاقي له أكثر مما تشتاقين
هاجت الأسئلة وكان أشدها إلحاحا.. ولمَ جهاد بالذات يا جدَّاه مادام عقلهم المدبر؟؟
جاء اليوم الموعود وذهب جهاد إلى التي تنتظره على أحر من الجمر فوجد كعكته وحليبه الساخن على طاولة الصمت لم تستطع حورية أن تقول له ككل مرة "كل عام وأنت بخير وعقبال مئة سنة" كل ما قدرت عليه أن تتأمل الهدوء الكبير الذي يتسلل من أصابعه وعينيه , عظيم أن يجلس بقربها رجل من الجنة , عظيم أن تعايش المشهد الروحاني بتفاصيله الدقيقة , جهاد ..أتعلم أن الجد أثنى عليك ووصفك بأوسم مناضل وأشرس مقاتل..هل صحيح أنك قائد برتبة عقل مدبر؟؟..تناول جهاد قطعة من الكعكة وقال : لا أحلى من هذه إلا طعام الجنة...أعادت حورية سؤالها أمام هذا التجاهل المقصود من جهاد فهي تدرك أن الكلام وحده من يكشف لها الأوراق المخفية ...لمَ تضحي المقاومة بعقلها المدبر؟؟ لم يستطع جدنا القاسم أن يقنعني فهلاَّ فعلت؟؟
يا حورية إن هذه العملية هي أخطر ما سنقوم به على الإطلاق , فالهدف هو تفجير الحاجز الثالث الثابت بعد المرور على حاجزين صغيرين , فأنا وحدي من يمر عليهم كل يوم وأنا ذاهب للمدرسة وأنا وحدي من يعرفني كل هؤلاء الملاعين ووحدي من يأتمنون وسامتي وينخدعون بمسالمتي ويرتاحون لابتسامتي.
أهدت حورية جهادا ابتسامة الرضا والاقتناع ودعت له بالنجاح وضربت له موعدا بعد الجمعة ليأخذ حزامه
عاد جهاد إلى بيته ليتطيب لآخر جمعة في حياته وليعانق أمه المعانقة الأخيرة , جهاد عاش كأنه ملاك من الجنة فكيف ولم يبق له عنها إلا سويعات قلائل..بعدما أنهى صلاة الجمعة أسرع الخطى إلى حيث الحزام ,طرق الباب لتفتح له العمة كوثر على غير العادة , أين هي حورية عمتاه؟؟
قد خرجت لصلاة الجمعة وقالت لك انتظرني عند الطاولة ريثما أعود.
وما إن همَّ جهاد بالجلوس حتى وقعت عينه على رسالة ,
فتحها ليقرأ
الغالي جهاد , أكنت تتخيل أني أعرف كيف أعيش بعدك !! لا والله , سامحني جدا فلطالما سبقتني وهذه المرة أسبقك , لأحب إليَّ أن تتطاير أشلائي وتتناثر دمائي والشهادتين تفيض في شفاهي وآخر صورة لك بين ناظري تطبعها ابتسامتك , جهاد ما سمعت أن العقول في عز عطائها تستحق أن تتعطل أو أن تغادر وخلفها سواعد بأمس الحاجة إليها , المقاومة تحتاج وسيمها وعقلها المدبر يا جهاد وإني لأرجو ألا تفتح التلفاز لترى غضبي يشتت الحاجز الثالث الثابث.
كان ذلك البوح البريء المرة الوحيدة التي يتعطل فيها عقل جهاد في لحظة ثقة من ضعف تلك الأميرة الجميلة ليفضح عن غير قصد مراده , كانت الرسالة تهتز بين أصابع جهاد والدمع يملأ لحيته السوداء , حورية ارتقت إلى حواري الجنان.
بقلق عارم تسأله , إلى أين يا ابن الخال؟؟
ويجيب بهدوء ماكر , إلى مكان لا يكون فيه الصهاينة ,
زادت حيرة "حورية" أمام هذه الألغاز الكبيرة وحاولت أن تنتزع إجابات شافية على طوفان الأسئلة الذي فاض عليها دفعة واحدة ولكن لا سبيل أمام عناد حبيبها , فجهاد رغم وسامته , بساطته , صراحته وطيبته فهو فطن حذر.
حورية أتذكرين أول هدية أهديتنيها في عيد ميلادي ؟؟ , كانت كعكة الفراولة التي صنعتيها بيديك رغم أنهما كانتا رقيقتين وصغيرتين جدا على سلق بيضة
نعم يا جهاد اذكر أنك أكلتها بشق الأنفس وكانت ضحكاتكم كافية لأن أتعقد من صنع الكعكات وتحديدا بالفراولة
لا يا جميلتي فالكعكة كان لها مذاق عجيب , كان فيها شيئا من بشاشتك وبراءتك , كان يكفيها يا جميلتي أن الأصابع التي غُمست فيها لتصنعها لم تكن سوى أصابعك , وما ضحكْتُ إلا لمنظر شقاوتك تمتزج بحلاوتك والكريمة البيضاء التي طفت على أنفك وطغت على حمرة خدودك
حورية أريدك أن تصنعي لي كعكة الفراولة هدية لعيدي فقد اشتهيتها اللحظة واكتبي لي مستلزماتها فقط لأقتنيها لك وهذا شرطي الكبير على غير العادة , وما إن حركت رأسها دلالة على موافقتها حتى استأذنها ليطلب منها طلبا مدويا.
حورية لا تنسي أن تكتبي لي أيضا مستلزمات صناعة قنبلة وبالتحديد حزاما ناسفا , أريد كعكة وحزاماً ناسفاً
طلبُ جهاد وكلماته كانت رصاصات تخترق نعومة حورية وكانت حزاما ناسفا يشتت بقايا حكمتها*
بدأت تهجي بدهشة وتردد "ح ز ا م ا ً ".. "ن ا س ف اً"
أنا التي لا أستطيع أن أصنع للفأر الذي عاث في بيتنا فسادا خلطة تبيده !! أصنع حزاما ناسفا !!
حورية تستطيعين فعل ذلك ,
من أجل المجاهدين المحاصرين تستطيعين*
من أجل القدس ونابلس ويافا وغزة وجنين وكل شبر في فلسطين تستطيعين
فأنت خريجة كيمياء وبتفوق ورجال المقاومة في انتظارك حورية
استرجعت أنفاسها وقالت سأقبل بشرط أن تفهمني كل شيء جهاد
وماذا أفهمك حورية؟؟
أن تفهمني القصة بأكملها ومن تقصد بالمحاصرين ولمن الحزام الناسف ولماذا وما علاقتك أنت بالقضية والمقاومة؟؟*
ولكنها معلومات في غاية الخطورة ولا أبوح إلا بقسم منك على الكتمان
لك الأمان والعهد بالكتمان..أقسِمُ لك
المحاصرين يا جميلتي هم نخبة المقاومة فهم محل شكوك الصهاينة فسلطوا عليهم مراقبة مركزة ومن بين المحاصرين قياديين وكوادر ومشاريع استشهاد ومن بينهم العقل المدبر وصانع القنابل والأحزمة الناسفة ولهذا لم يجد بقية جناح المقاومة من وسيلة لفك الحصار ودرء الشكوك سوى تحويل الأنظار إلى بؤرة أخرى ولا يكون هذا إلا بعملية استشهادية ولم تجد المقاومة سواك حوريتي لتنقذيهم من المأزق الكبير فلا خبير لديهم الآن ليصنع لهم ما يريدون ولأن الوصول إليك مستحيل فلم يجدوا غيري ليخبرك ويقنعك حورية.
هل يعني هذا أنك لست عنصرا من المقاومة يا جهاد؟؟
يااااه دائما ما أتمنى أن أكون شيئا ولو حطبا يؤجج النار التي يتدفأ بها الفدائيون فما بالك بأن أكون واحدا منهم*
تدرك هي أن عليها أن تعصره أشد لينزل منه أكثر , عليها أن تضغط أكثر وأكثر فالأوراق بين يديها ولكنها للأسف غير مرتبة.
جهاد أنت تخفي عني أمرا جللا
كلا يا حبيبتي فقد بحت بكل شيء*
لم اقتنع يا جهاد , فما قلته حقيقة مشوشة مغلفة بمهارات عالية جنَّبتْك الانغماس في الكذب , فكيف يأتمنونك ويطلعونك على أسرارهم , لا مفر جهاد من البوح لي فأنا ابنة عمتك , حبيبتك وزوجتك المستقبلية
يا حورية لو أخبرتك أخاف أن تتراجعي عن صناعة ما نحتاجه
أقسم أني لن أتراجع شبرا مهما كان الخبر
إذا يا حورية يبدو أنه لا مفر , لا على العكس تماما كنت أبحث منذ أمد عن هذه الفرصة الغالية ورغم هذا لا يطاوعني قلبي ولساني لأن أبوح*
حورية غدا بإذن الله إذهبي لجدنا "القاسم" ليفهمك كل الحكاية
ذهب جهاد وبقي رأس حورية يغلي من سخونة المفاجآت , فلا النوم زارها ولا الصباح جاءها ومع تباشير الشروق والحياة حملت نفسها كاسرة الحصار الذي ضرب على نابلس فالوصول لبيت جدها يستلزم مجازفة , هي تعرف أن جدها لا يمكنه إلا أن يتواجد بين شجيرات الزيتون يرعاها , تلك الشجيرات التي نجت من جرافات الصهاينة وقلَّما ينجو الزيتون والليمون والفرَاش والحمَام في نابلس من غل الصهاينة وبطش الصهاينة
حورية لم تمهل جدَّها نفَسا ليقتل وحشته لحفيدته ولا نفسا لتقاسمه رشفات قهوة مما أمامه
أريد أن أعرف كل شيء عن المقاومة وعن ابن خالي جهاد يا جداه؟؟
المقاومة هي المقاومة من فيتنام إلى الجزائر
المقاومة هي المقاومة في كل أمة معذبَّة وكل أرض مغتصبة
وجهاد هو عروس مقاومتنا وعقلها المدبر ,
اختلطت المشاعر في صدر حورية , جهاد ذاك الفتى الأنيق وأنا لا أعلم , فكيف ليمينه تحمل الأقلام وتزرع الأحلام ولشماله تعانق الرشَّاش وتغرس الألغام
يا حفيدتي فجهاد ليس كما عرفتيه فقط شاعرا حساسا وعاشقا مرهفا وقمريا يهدل للسلام
فجهاد مذ كان صبيا يجاهد مع أبيه الشهيد ينقل الأخبار والرسائل ويخترق نقاط التفتيش فيتحامق حينا وأحايين يتحايل إلى أن شبَّ وصار أوسم مناضل وأشرس مقاتل , البنادق طوعه والقنابل
لم يتمالك الجد دموعه وهمس في حفيدته , جهاد هو شهيد الجمعة المقبلة فلا تخيبيه يا بنيتي
كانت كلمات الجد أعتى خبر يحركها كما تفعل الريح بالوريقات الذابلات
كان عليها أن تستوعب أنها ستصنع الكعكة والحزام معا
أي أعصاب تلك لحورية حتى تصنع النقيضين
ولمَ لمْ تخبروني يا جدَّاه لأعينه وأقاسمه الكفاح
يا بنيتي ربما لا تعلمين أنك كنت بغير علم تصنعين الطعام للمقاومة فالطعام الذي كنت تحضرينه لرحلات جهاد الاستكشافية لم يكن سوى لأبطال المقاومة , جهاد لم يشأ أن يمنح فراشته الجميلة للعواصف , لم يشأ أن تقلقي عليه أكثر مما تقلقين وأن تشتاقي له أكثر مما تشتاقين
هاجت الأسئلة وكان أشدها إلحاحا.. ولمَ جهاد بالذات يا جدَّاه مادام عقلهم المدبر؟؟
جاء اليوم الموعود وذهب جهاد إلى التي تنتظره على أحر من الجمر فوجد كعكته وحليبه الساخن على طاولة الصمت لم تستطع حورية أن تقول له ككل مرة "كل عام وأنت بخير وعقبال مئة سنة" كل ما قدرت عليه أن تتأمل الهدوء الكبير الذي يتسلل من أصابعه وعينيه , عظيم أن يجلس بقربها رجل من الجنة , عظيم أن تعايش المشهد الروحاني بتفاصيله الدقيقة , جهاد ..أتعلم أن الجد أثنى عليك ووصفك بأوسم مناضل وأشرس مقاتل..هل صحيح أنك قائد برتبة عقل مدبر؟؟..تناول جهاد قطعة من الكعكة وقال : لا أحلى من هذه إلا طعام الجنة...أعادت حورية سؤالها أمام هذا التجاهل المقصود من جهاد فهي تدرك أن الكلام وحده من يكشف لها الأوراق المخفية ...لمَ تضحي المقاومة بعقلها المدبر؟؟ لم يستطع جدنا القاسم أن يقنعني فهلاَّ فعلت؟؟
يا حورية إن هذه العملية هي أخطر ما سنقوم به على الإطلاق , فالهدف هو تفجير الحاجز الثالث الثابت بعد المرور على حاجزين صغيرين , فأنا وحدي من يمر عليهم كل يوم وأنا ذاهب للمدرسة وأنا وحدي من يعرفني كل هؤلاء الملاعين ووحدي من يأتمنون وسامتي وينخدعون بمسالمتي ويرتاحون لابتسامتي.
أهدت حورية جهادا ابتسامة الرضا والاقتناع ودعت له بالنجاح وضربت له موعدا بعد الجمعة ليأخذ حزامه
عاد جهاد إلى بيته ليتطيب لآخر جمعة في حياته وليعانق أمه المعانقة الأخيرة , جهاد عاش كأنه ملاك من الجنة فكيف ولم يبق له عنها إلا سويعات قلائل..بعدما أنهى صلاة الجمعة أسرع الخطى إلى حيث الحزام ,طرق الباب لتفتح له العمة كوثر على غير العادة , أين هي حورية عمتاه؟؟
قد خرجت لصلاة الجمعة وقالت لك انتظرني عند الطاولة ريثما أعود.
وما إن همَّ جهاد بالجلوس حتى وقعت عينه على رسالة ,
فتحها ليقرأ
الغالي جهاد , أكنت تتخيل أني أعرف كيف أعيش بعدك !! لا والله , سامحني جدا فلطالما سبقتني وهذه المرة أسبقك , لأحب إليَّ أن تتطاير أشلائي وتتناثر دمائي والشهادتين تفيض في شفاهي وآخر صورة لك بين ناظري تطبعها ابتسامتك , جهاد ما سمعت أن العقول في عز عطائها تستحق أن تتعطل أو أن تغادر وخلفها سواعد بأمس الحاجة إليها , المقاومة تحتاج وسيمها وعقلها المدبر يا جهاد وإني لأرجو ألا تفتح التلفاز لترى غضبي يشتت الحاجز الثالث الثابث.
كان ذلك البوح البريء المرة الوحيدة التي يتعطل فيها عقل جهاد في لحظة ثقة من ضعف تلك الأميرة الجميلة ليفضح عن غير قصد مراده , كانت الرسالة تهتز بين أصابع جهاد والدمع يملأ لحيته السوداء , حورية ارتقت إلى حواري الجنان.
#..# ...إنتهى... #..#
.
اللهمَّ لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا، لك الحمد عدد الكائنات، وملء الأرض والسموات.
من مواضيعي
0 هل دقت ساعة الحرب؟؟
0 الشخشوخة من يدين العروسة
0 الشامية من تحضيري وبالصور
0 صديقي لخضر
0 يا صديقي
0 الكفار الأعاجم والقرآن
0 الشخشوخة من يدين العروسة
0 الشامية من تحضيري وبالصور
0 صديقي لخضر
0 يا صديقي
0 الكفار الأعاجم والقرآن
التعديل الأخير تم بواسطة سليم يلل ; 25-09-2012 الساعة 04:24 PM






.gif)




