رد: الشعب الجزائري: هل له قابلية للاستعمار؟؟
09-10-2008, 05:55 PM
" قابلية الاستعمار" ماهي الا عرض لمرض آخر
اشد فتكا واعظم خطرا من جميع الامراض هذا المرض الذي جاءت الرسالات الربانية لدحره وتحرير النفس البشرية من اثره العميق ... مرض يقتل الروح ويخرب العقل ويشوش التصور ويحرف السلوك ... هو السم الزعاف والجلطة المميتة . .
هذا المرض هو "الشرك" .. نعم انه هو ..
فالشرك هو الذي ينحدر بالانسان الى الدرجة التي تجعل منه عبدا ذليلا لا يدفع عن عرضه ولا يغضب لشرفه بل يجعل من المخلوقات آلهة باطلة يتقرب اليها بطقوس المهانة ويقرب اليها شتى انواع القرابين وفي هذا يخبرنا القرآن الكريم عن قصة يوسف عليه السلام وصاحبيه يقول تعالى :
((يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40))) (يوسف 39-40)
لذا فقد جاءت الرسل وانزلت الكتب تحقيقا للوعد الالاهية لاب البشرية الاول آدم عليه السلام قال تعالى:
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:38)
واهتم الاسلام بقضية تصحيح المفاهيم وتنقية التصورات وتربية الجيل على القيم والاخلاق وتعهدها بشتى انواع الشرائع والاحكام فأخرج الى الدنيا جيلا فريدا لم ترى مثلها من خمسمائة عام او اكثر..
فامتلات الدنيا بذكره وانهارت الحضارات القديمة امام الدين الجديد الا ان عملية الغزو الثقافي المضاد قد سمحت لبعض الافكارالغير اسلامية بالتسلل والتفاعل مع بعض المفاهيم والافكار الاصيلة فتشكل نموذجا غريبا سرعان ما ظهر اثره في تفكيك الروابط الثقافية والاجتماعية في المجتمع الجديد عند بعض الافراد من ذوي التكوين العلمي الضعيف من حديثي العهد بالاسلام ممن لم تترسخ المفاهيم الصحيحة في انفسهم فاصيبوا ولاول مرة بالاغتراب وظهرت مصطلحات مثل "الفرقة" "البدعة" وغيرها للدلالة على ضحايا الغزو الثقافي القديم
وفي القرنين الاخيرين واجهت الامة السلامة هجمة شرسة من القوى الصاعدة الجديدة في الغرب الصليبي الحاقد اذ ساهمت الدراسات الاستشراقية والجامعات الغربية في صياغة الشخصية العلمية والفكرية لطائفة من ابناء المسلمين الذين زاد من انبهارهم بالمدنية الغربية ومخرجاتها تلك البعثات الاولى الى الخارج فكان لمثل هذه البعثات كاثر الصدمة الثقافية التي افرزت طلائع التغريبيين .
فانطلقت هذه الطلائع المسلوبة في ممارسة دورها المشبوه الذي رسمه اساتذتها المستشرقون بدقة وبحماس شديد وانطلقت خلف سراب التقدم والتحديث واعادة تشكيل العقل المسلم بما يتلائم والقيم الجديدة واتخذت من الهجوم على الموروث الحظاري للمسلمين شعارها الدائم بدعوى التجديد تارة وبدعوى الموائمة تارة اخرى .
والعجيب انك لا تكاد تقف على نمط من انماط السلوك او اتجاه من الاتجاهات الفكرية او مذهب من المذاهب الادبية او نوع من انواع القيم الغربية الا وتجد صداه عند هذه الطائفة وهذا التيار
ولعل اهم ما يميز هذه الطلائع والافكار الوافدة مع رياح التغريب عداؤها الشديد للسنة واهلها واحتقارهم لحملتها وتهكمهم بدلالتها ويظهر هذا الاتجاه جليا من خلال :
1-الاستهانة باحكام الله وشرعه والجراة على الفتوى والقول على الله بغير علم
2-استباحة الخوض في امور الغيب التي لا يعلمها الا الله وليس للعقل قدرة على تصورها فضلا عن الحكم عليها وعدم احترام مقررات الوحي بشانها
3-الحط من اقدار اهل الحديث ووصفهم بالنصية وقتل روح التشريع تمهيدا لنقض الشريعة والتحلل من واجباتها 4-احياء تراث الفرق البائدة واسبال هالة التقديس عليها بدعوى التسامح وحرية الاعتقاد
5-الجراة على احياء الشبهات والآراء الشاذة
6-اعتبار انتصار اهل الحديث وهزيمة الفرق الكلامية نكسة تاريخية وضررا بالاسلام والمسلمين وعاملا من عوامل التخلف والرجعية
7-الدعوة الى تفسير القرآن والسنة بالاهواء وتاويلها تاويلا عقلا نيا جديدا دون اعتبار للمنهجي الشرعي في التلقي والاستدلال ..... 1-7*
وفي الختام استعين بما قررته في احدى المداخلات السابقة واقول:
تتعدد المؤثرات والروافد الثقافية وتختلف في طريقة تفاعلها من مجتمع لآخر الا انها جميعها تعبر عن حالة من الحركة الايجابية على خط الزمن فاذا اجتمعت الارادة الحقيقية الى جانب القيادة الحكيمة كان النجاح مسالة وقت لا اكثر اذ بالقيادة الحكيمة يتم بناء الوعي الجماعي وتخطيط الطرق الناجعة لتحقيق الاهداف المشتركة وبالارادة الحقيقية نجد في انفسنا تلك الشحنة القوية التي تحملنا على تحويل الافكار الى حقائق والصبر في سبيل انجاحها .. وان كنت اعتقد جازما ان الامة التي تملك القرآن الكريم تملك اكبر دافع للحضارة والتفوق اذ في القرآن الكريم الاطار المنهجي العام للعلاقة بين الانسان والمحيط وبين الانسان والزمان وان كانت هذه الامة قد فشلت في صناعة عزها والعودة الى مكانتها فهذا لتنكبها صراط ربها وبحثها عن البديل الوضعي فاصيب المجتمع بالاغتراب وبحيث ان الانسان هو سر الحضارة وعربون التفوق ارى ان المسؤولية الكبرى تقع على كاهل الطبقة المثقفة من علماء ومفكرين واعلاميين اذ :
-عجزت هذه الاخيرة عن تربية الجيل وتحصينه وبناء وعيه وترسيخ ثقافته بل اصبحت صورة الجزائري المتذمر الفنيان تطغى حتى على وسائل التعبير الشعبية كالاغاني والامثال
- كما فشلت برامجنا التربوية والتعليمية من زرع الشخصية العلمية والعقل الناقد في التلامذة والطلاب فاصبح الطالب (المثقف) يتخرج من الجامعة ولا يستطيع تفسير ظاهرة او تشخيص مشكلة او وصف حل منطقي متعلق بموضوع تخصصه ..!!
- تماما كما فشلت برامجنا الدينية في زرع القيم الاساسية التي تبني شخصية المسلم والسبب -في راييي- يعود الى العديد من العوامل الموضوعية منها على سبيل المثال سيطرة النخب العلمانية على مراكز القرار وتضييقها على العلماء الراسخين ممن يملك قدرة الاقناع ومهارة التعامل مع الجماهير وتقريب المفاهيم الصحيحة اليها
وعليه اقول : ان " قابلية الاستعمار" ورغم كونها مؤشرا على حالة مرضية خطيرة الا انها لا تمثل جوهر المشكلة والتي تتلخص كما ذكرنا في عملية التفريغ الثقافي التي مارسها الاستشراق الحديث على المسلمين وابنائهم والتي ماهي الا مظهر من مظاهر الاستسلام للشرك الحديث وتكريس التخلف في امتنا
وعليه فلا بد من البدء من حيث انطلف الجيل الاول وتركيز الاهتمام على مواجهة
- اثر الغزو القديم "البدعة"
-واثر الغزو الحديث "الاغتراب"
وبناء معتقدات وتصورات ومفاهيم وسلوكيات الجيل الجديد من خلال هذا الاطار المنهجي السليم وآسف على الاستطراد .
...............................
*المدرسة العقلية الحديثة للدكتور العقل
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 09-10-2008 الساعة 06:24 PM