أسباب صراع السنه والشيعه حقائق تاريخيه **
27-05-2012, 02:51 PM
المقال جائني عبر البريد .. ولما فيه من حقائق تاريخيه تستحق النظر ولما لها من
أهميه ... أمل سماع أرائكم فيما تحدث عنه المقال .
_________________________________________________
إن ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع هو هذه الموجة العارمة والنزعة المثيرة
للريبة من قبل بعض الأشخاص والهيئات وحتى الحكومات الهادفة لإثارة المنازعات
وإحياء فتنة قديمة بين الشيعة والسنة وفي هذا الوقت بالذات الذي يتزامن مع
استهداف منظم لوحدة وقيم الشعوب المسلمة بشكل عام والعربية بشكل خاص.
غير أني لست من المؤمنين بفكرة المؤامرة ولا أميل لتحليل الأشياء بطريقة بوليسية.
ولذلك فإنني أجزم بأن مصدر هذه الفتنة داخلي ، بين المسلمين أتفسهم. والذي
يسعى لإحياء جذوتها الخامدة هم من المسلمين أنفسهم. وليس دور أية قوة أجنبية
إن وجدت إلا دور يقتصر على التشجيع. إن هذه الفتنة ليست وليدة الساعة، أو اليوم،
ولم يتقرر وجودها بقرارمن البيت الأبيض أو الأحمر، . هي قديمة متمددة الجذور
في تاريخنا ولا يجب أن نغمض أغيننا عن هذه الحقيقة ونكتفي بالقاء اللوم على قوى
خيالية ضخمتها هيئاتنا المتكاسلة عن التحليل العلمي الدقيق.
أصل الفتنة : التسنن الأموي
ترجع فتنة الاختلاف والاحتراب وأزمة الثقة بين السنة والشيعة إلى بدايات العصر
الأموي وخاصة إبان فترة حكم الخليفة يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان والذي وقعت
في عصره فاجعة كربلاء وممارسة الاضطهاد المنظم وتشويه السمعة الموجه ضد
شيعة الإمام علي.
لقد بذل الأمويون كل ما يستطيعون عمله لتخويف الناس من مناصرة آل البيت تماماَ
كما يفعل أي نظام قمعي ضد أي معارضة صلبة تخيفه. وتم إصدار أمر لجميع
مساجد أمة الإسلام في ذلك الزمان بلعن الإمام علي وآله على منابر الصلاة كل يوم
جمعة الامر الذي استمر حتى فترة حكم الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز والذي
أعاد لآل البيت بعض المكانة والاحترام.
ولذلك فقد تم بث أكاذيب وأراجيف عن حقيقة المذهب الشيعي والتي وللأسف لا يزال
يتداولها من يحترمون العمل الديني من أهل السنة في عصرنا الحالي. فقد كانت تعقد
المجالس في مواسم الحج لتكفير الشيعة واعتبارهم رافضين. وقد قام بعض علماء
السلاطين المنتسبين إلى أهل السنة بإصدار الفتاوي القاضية بضلال وكفر من ناصر
آهل البيت واتبع مذهبهم. وقام هؤلاء بمحاولات عديدة لإقناع الناس بأن الشيعة لا
يؤمنون بالقرآن ويعتقدون بغياب القرآن مع غياب الإمام . وتارة أخرى يتهمونهم
بتزوير بعض سور القرآن بإدخال اسم الإمام عليها. على أية حال استمرت الدولة
الأموية في حملتها العسكرية والإعلامية التكفيرية ضد شيعة أهل البيت. وقد توقفت
هذه الحملة في بدايات العصر العباسي حين استغل العباسيون أهل البيت لتثبيت
حكمهم في بداياته. غير أن هذا سرعان ما تغير حيث بدأ العباسيون بتخوفون من
تعاظم التفاف الناس حول أئمة أهل البيت. وهكذا، استؤنفت الحملة الأموية الأصل
والاختراع ضد الشيعة في العصر العباسي. لذلك، كان مناصرو أهل البيت والذين
سموا الشيعة فيما بعد ينشرون دعوتهم سراَ. كذلك كان الأئمة تحت مراقبة دائمة من
قبل الدولة هذا إن لم تقم الدولة بتصفيتهم كما حدث للإمام الرضا والذي دبر له
المأمون ميتتة مسمومة.
على أية حال كان الخلاف الحقيقي في ذلك الوقت بين الشيعة وغيرهم سياسياَ. أما
على الصعيد الفقهي فقد كانت الاختلافات ثانوية.
الدور الصفوي
كانت إيران حتى وقت قريب نسبياَ دولة سنية يغلب على أهلها الانتماء إلى المذهب
الحنفي أو الشافعي. وتذكر كتب التاريخ أحداث مشاجرة عظيمة في أصفهان بن
الحنفية والشافعية مات بسببها خلق كثير من الناس.
غير أن الأمور تغيرت بظهور الدولة الصفوية في إيران، والتي أرادت اسقلال إيران
عن الدولة العثمانية في ذلك الوقت. وكانت أفضل طريقة لتحقيق ذلك اختلاق تمايز
ديني بين الإيرانيين من ناحية وجيرانهم العرب الموالين للدولة العثمانية من ناحية
أخرى. فقد قامت الدولة الصفوية بتحويل الإيرانيين بالقوة المفرطة من المذهبين
الشافعي والحنفي إلى المذهب الشيعي. ولم تكتف الدولة الصفوية بذلك بل قامت
باختلاق حملة دعاية تجاه أهل السنة روجت خلالها للكثير من الأكاذيب الباطلة ضد
أهل السنة لتعميق حقد الإيرانيين حديثي التشيع عليهم. ومن هذه الأكاذيب أن السنة
هم العدو الرئيسي للشيعة وهم أؤلئك السنة العمريون الذين أضرموا النار في بيت
فاطمة وهم من اغتصب "فدك" لذلك فهم أسوأ من اليهود والكفار. وماذا فعل اليهود؟
هل هم الذين ضربوا بنت الرسول؟ وهل هم الذين اغتصبوا "فدك؟"
وكان التاريخ يعيد نفسه فالتعصب المذهبي الأخرق للدولة الصفوية قابلته حملة
مضادة من الدولة العثمانية ضد الشيعة.
هذه نبذة عن تطور الفتنة عبر التاريخ تبين أن المسألة كانت دوماَ سياسية وليست
دينة. أما في العصر الحديث، فإن مثيري الفتنة المذهبية لدى الشيعة يقدمون للناس
نصوصاَ وأقوالاَ من كتاب ورجال دين سنة تهاجم الشيعة وذلك لتشويه الوجه
الحقيقي للسني بينما لا يشيرون إلى أعمال خالدة قام بها علماء دين سنة حول تاريخ
الشيعة وأئمتها. وكذلك فإن مثيري الفتنة من السنة يشيرون إلى نصوص من كتب
بعض الغلاة ليقولوا للناس إن الشيعة هم غير مسلمين وهم أعداء للسنة.
إن هذين النمطين يكملان بعضهما البعض. بينما الإقرار بالحقيقة يفضي إلى القول بأن
التشيع العلوي الصحيح لا يختلف عن التسنن النبوي الصحيح، وأن المعركة المثارة
بين السنة والشيعة هي معركة بين التشيع الصفوي والتسنن الأموي وقد أثيرت ولا
تزال ..... لإلهاء المسلمين غبر العصور.
إن علماء دين حقيقيين من السنة والشيعة قد نهضوا في العصر الحديث لتنقية
المذهبين مما علق بهما من الأكاذيب والخرافات. يقول السيد شرف الدين الموسوي
(لبنان) في كتابه المراجعات... إن الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي تحلوا بفضائل
لا يمكن أن ينكرها إلا معاند منكر للحقيقة. إن الخلاف بين الشيعة والسنة هو خلاف
بين مجتهدين من دين واحد يستنبطون حكماَ من مرجع واحد ومصدر واحد.
ويقول السيد حسين كاشق الغطاء، إن هدفنا من التقريب هو جعل المسلمين قريبين
من بعضهم البعض كي لا تكون الاختلافات الفقهية سبباَ في تباعدهم. إن الفرق الكبير
في فقهنا مع السنة في مسألة الإمامة لا علاقة لها بالمشاكل المطروحة اليوم في
مجتمعنا. والمسألة الأخرى هي لعن الخلفاء والتي يعارضها معظم الشيعة.
ويقول الشيخ محمد جواد معنيه " إن الإمامة من أصول المذهب وليست من أصول
الدين وإن إنكار الإمامة لا يؤدي إلى الخروج عن الدين.
أما السد محمد تقي الدين العمي فيقول" إذا عدنا لجذور المذهبين، وأسسهما، فيمكننا
القول بأن جميع المسلمين شيعة لأنهم من محبي أهل بيت الرسول الأكرم. أدان جميع
المسلمين من السنة لأنهم يقبلون أي حديث أو سنة تعود للنبي (ص). وهناك أقوال
كثيرة لعلماء ومراجع من السنة والشيعة تؤكد على ثانوية الخلاف واجتماع اتباع
المذهبين حول أسس واحدة. ومن هؤلاء المراجع على سبيل المثال لا الحصر الحاج
الحسين البرجردي، الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء والسيد عبد الحسين شرف
الدين , آية الله السيد محمد حائري المازنداين، الشيخ محمد حسين فضل الله،
الدكتور الشهيد علي الشريعي والذي يعد من أكثر الكتاب المذكورين حرصاَ على
الوحدة الإسلامية ومحاربة لفكر التنازع والتفريق , حيث يستشهد بأقوال الإمام علي
نفسه حول عمر بن الخطاب ويستغرب كيف يجرؤ بعض أدعياء التشيع والإخلاص
للإمام على أن يقيمونه بشكل معاكس لتقييم الإمام نفسه.
يقول الإمام علي عن عمر بن الخطاب:
لله بلاء عمر، لقد قوم الأمر وداوى العمد وأقام السنة وأخمد الفتنة وذهب نقي
الثوب قليل العيب. أصاب خيرها وسبق شرها وأدى إلى الله طاعته واتقاه بحقه".
ويخلص إلى القول بأن الاختلافات بين المذاهب في بداياتها كانت خلافات فكرية
وفقهية ضمن مدرسة الإسلام. لكنها تفاقمت في عصور الانحطاط وخاصة في أثناء
الصراع بين بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية. أما من جانب أهل السنة، فتبرز
أسماء لعلماء ومفكرين كبار ممن دعوا إلى التقريب وحاربوا الفرقة والنزاع مثل:
الشيخ شلتوت المفتي الأكبر للأزهر والذي أفتى بجواز التعبد بالمذهب الحصري؟
واعتباره مذهباَ خامساَ للمسلمين. كذلك الشيخ حسن البنا مؤسس الأخوان المسلمين
الذي قاد عملية التقريب التي توجت بمؤتمر التقريب الذي عقد بالقدس قي ثلاثينات
القرن الماضي والذي جمع أكابر علماء السنة والشيعة الذين اتفقوا على التقريب
والعودة إلى الأصول ومحاربة ما ليس من المذهبين من غلو وخرافات عبر عصور
الانحطاط في تاريخنا. كذلك مفتي فلسطين السابق الحاج أمين الحسيني والذي كان
عضواَ مؤسساَ في مجمع التقريب السابق الذكر.
وخلاصة القول إن السياسة فرقت أبناء المذهبين في العصور التاريخية السابقة
ورجعت نفس السياسة لتفرقهم في العصر الحالي مستفيدة في العصرين من منتسبين
إلى المذهبين من أنصاف متعلمين لبسوا عباءات من يسمون رجال دين.
المقال للـكاتب / محمد رياض .