اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بيبرس
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
شعوبنا العربية و الاسلامية عامة و حكوماتها خاصة مسلمة و ليست كافرة، ولكن المشكل في أنها ليست مؤمنة و ذلك في قوله - تعالى -: (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا)، فانظروا كيف هي الشعوب من المعاصي و البدع و الضعف العقائدي و الابتعاد عن المنهج النبوي الشريف، فكيف نطمع أن تكون الحكومات أفضل حالا و هي من الشعب و اليه.
فنحن شعب عاصي وليس كافر و لدينا حكومات عاصية ضعيفة و لكن ليست كافرة، و ان أدهشكم تأثر الحكومات ببعض الحلول الاقتصادية و السياسية الغربية فانظروا الى حال الشعوب التي لا زالت تقلد الغرب في كل صغيرة.
تدور الدنيا كعادتها وتنقلب الأحوال لأن دوامها من المحال، في الأثر: (كما تكونوا يول عليكم)، فالحل هو الدعوة بالتي هي أحسن و ترغيب المسلمين في دينهم و حثهه على التفاؤل و ارجاع الثقة اليهم حتى يصبحوا مؤمنين كما فعل النبي عليه الصلاة و السلام، أما بالنسبة الى الحكومات فيجب نصحها و هنا تظهر أهمية العلماء والدعاة و يجب على الشعوب أن تحتج و لتبقى ساكتة عن الظلم و لكن بالطرق السلمية فهل غاندي أفضل منا نحن المسلمين الذين يرفعون راية الأخلاق و الرحمة ومن هو امامنا، سيد الخلق الذي أرسل رحمة للعالمين.
و يجب أن نحذر فالعنف و الاقتتال في داخل مجتمعاتنا هذا ما يرضاه أعداؤنا من الشيطان وصولا الى الصهاينة طهر الله فلسطين من رجسهم.
أخيرا يجب علينا أن نحاور العلماء والدعاة و لا ننحصر على أنفسنا و نبدأ في التفيقه في الدين فنسأل و نجادل من هم أقل منا علما أو مثلنا، و حفظكم الله و وفقكم لما يرضاه.
|
مفهوم مضلل : " كما تكونوا يُولّى عليكم "
السلام عليكم وبعد :
أرحب بالأخ بيبرس في هذا المنتدى الذي أتمنى أن يكون منبرا يعلو فيه الحق ويُزهق فيه الباطل، وأودّ أخي الكريم أن أطلب منك إمعان النظر وعميق الدراسة لهذا الرد، فإن كان لك تعقيب على ذلك فنحن عند حسن الظن وبالله التوفيق.
في ظل الضياع والتفرق والتشرذم الذي يعيشه المسلمون اليوم، فقد ابتلووا بظهور بعض من تقلّدوا عمامة المشيخة وارتقوا الى المنابر من الذين غرّتهم الحياة الدنيا وانزلقوا في أحابيل الشيطان وراحوا يبررون للحكام الخونة واقعهم الفاسد وظلمهم للناس وعدم تطبيقهم للشرع، وذهبوا في ذلك مذهبا عجيبا مبتدعا لم يسبقهم اليه أحد من العلماء المخلصين.
فقد رأوا أن العلة ليست في الحكام بل العلة في المحكومين أي المسلمين، وأن هؤلاء حسب زعمهم حين ظلموا أنفسهم كانت النتيجة الطبيعية أن يحكمهم الظالمون واستدلوا على ذلك بالكتاب والسنة :
أما ما جاءوا به من القرآن فقالوا : إن الله تعالى قال :" وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون "(الأنعام 129)، وقالوا هذا دليل على أن الله تعالى يولّي على الظالمين ظالمين مثلهم. فهل صحيح هذا الفهم للآية يا تُرى ؟ والجواب طبعا لا .
لفهم المعنى الصحيح للآية، دعونا نسرد الآية بالإضافة الى الآية التي قبلها و الآية التي بعدها حتى يتبين لنا سياق الموضوع الذي جاءت فيه. قال تعالى :" ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجّلت لنا، قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم 128. وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون 129. يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصّون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا ، قالوا شهدنا على أنفسنا وغرّتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين 130". سورة الأنعام
هذه الآيات تتكلم عن موقف من مواقف الحساب يوم القيامة ويأتي الخطاب للجن ( يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس ) ومعنى استكثرتم من الإنس أي أضللتم منهم كثيرا كما قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ.
فالحديث هنا هو عن شياطين الجن الذين يضلّون العباد بالوسوسة والإغواء، ثم يقول تعالى :" وقال أولياؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجّلت لنا، قال النار مثواكم خالدين فيها ...الى آخر الآية "، فالحديث هنا عن أولياء الشياطين من الكفار الذين اتبعوا خطى الشياطين فكانوا كفارا مثلهم لأنه يقول لهم في الآية " النار مثواكم خالدين فيها " والخلود في النار لا يكون إلا للكفار. قال الطبري رحمه الله في تفسيره (8/33) : يعني تعالى ذكره بقوله ويوم يحشرهم جميعا ويوم يحشر هؤلاء العادلين بالله الأوثان والأصنام وغيرهم من المشركين مع أوليائهم من الشياطين الذين كانوا يوحون اليهم زخرف القول غرورا ليجادلوا به المؤمنين فيجمعهم جميعا في موقف القيامة. اهـ
ثم تأتي الآية التالية في نفس السياق وهي تتناول قضية تتعلق بصلة الشياطين بالإنس وأنهم عندما اتفقوا على أن يعصوا الله ويكفروا به سبحانه وتعالى جعلهم الله أولياء ونصراء لبعضهم البعض.
والولي هو ضد العدو وهو النصير وهو الذي يُؤيد والذي يُتودّد اليه ويُتقرب منه والذي يتولى الشيطان ، فهو الذي يتقرب منه وينصره ويذعن لوسوسته ويتبع ضلاله وكفره.
وأما المؤمنون فهم أولياء الله وهو وليهم. قال تعالى :" الله ولي الذين آمنوا يُخرجهم من الظلمات الى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يُخرجونهم من النور الى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "(سورة البقرة257)
فليس هناك إلا نوعان من الأولياء، أولياء الرحمن وهم المؤمنون وأولياء الشيطان وهم الكافرون. كما أن المؤمنين أولياء بعضهم البعض ولا يجوز أن يتولّوا غيرهم من الكفار، قال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين " (سورة المائدة51).
لقد بيّن الله تعالى أن الكفار هم أولياء بعضهم البعض كما أن المؤمنين هم أولياء بعضهم البعض، فلا يجوز للمسلمين أن يتولوا غيرهم من الكفار وإلا أصبحوا منهم والعياذ بالله. ثم تأتي الآية الثالثة في نفس السياق أيضا حيث تتناول شياطين الجن وكفار الإنس من أتباعهم والذين شهدوا على أنفسهم في النهاية أنهم كانوا كافرين.
هذه الآيات تظهر بما لا يدع مجالا للشك أنها تتناول مشهدا من مشاهد يوم القيامة حيث يحاسب الله تعالى فيه الكفار من الإنس والجن فيحكم عليهم بالعذاب المؤبد بعد أن اعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا كافرين.
وليس في الآيات ما يتناول ولاية شخص على آخر بمعنى الحكم وتولّي الأمر، ولو كانت الآية تدل على أن الله يولّي الظالمين على بعض بمعنى الحكم لقال تعالى مثلا : وكذلك نولّي الظالمين على بعض ولصح الكلام حينئذ، ولكن هذا لا يمكن أن يكون لأنه سوف يخرج الآية عن سياقها التي جاءت فيه لأن الآية التي قبلها لا تتكلم عن شياطين تولوا أمر الإنس فأصبحوا حكاما عليهم حتى تأتي الآية التي بعدها لتؤكد أن الظالم لا يُولّى إلا على ظالم.
لا إطلاقا وإنما جاء الحديث عن ظالمين من الإنس والجن قد تولوا بعضهم البعض ولم يتولى بعضهم أمر بعض. من هنا كان الإستدلال بهذه الآية على أن الله يولي حكاما ظلمة على المسلمين لأنهم ظلموا أنفسهم وقصّروا في طاعتهم لله، خطأ محضا واتباعا للهوى وبعدا عن لغة العرب التي نزل بها القرآن.
وأما استدلال هؤلاء المشايخ من السنة فبما رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كما تكونو يُولّى عليكم " رواه الديلمي والبيهقي. فهذا الحديث ضعيف قد ضعّفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/490)، ونُقل عن الحافظ ابن حجر تضعيفه أيضا لأن في سنده مجاهيل. وقال الألباني معلقا على الحديث : إن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي فقد حدثنا التاريخ تولّي رجل صالح عقب أمير غير صالح والشعب هو هو !
إذن فالحديث على ضعفه مخالف للواقع الذي دل على أن صلاح الحاكم أو طلاحه ليس متعلقا بالمحكومين من كونهم صالحين أو طالحين وإنما متعلقا بالحاكم نفسه ومدى التزامه بشرع الله وتطبيقه على الرعية.
كما أن الحاكم قد يُفرض على الأمة فرضا ويُنصّب من قبل قوى الكفر على المسلمين قسرا كما هو حال حكام البلاد الإسلامية الآن. فبأي ذنب نلقي اللوم على المسلمين ونقول لهم إن فساد حكامكم من فسادكم، غير أنه يجب على الأمة أن تدرك أنها يجب عليها محاسبة هؤلاء الحكام والعمل على تغييرهم ومبايعة من يحكمها بالإسلام، وأنها سوف تكون مقصّرة إن لم تفعل ذلك.
وبعد هذا يظهر جليا أن الذين يتفوهون بمقولة ( كما تكونوا يُولّى عليكم )، خالفوا الشرع والواقع الجلي واتبعوا هوى أسيادهم من الحكام المتسلطين على رقاب المسلمين، فأغضبوا الله وأرضوا الحكام وعملوا على تثبيت عروش هؤلاء الخونة الظلمة، وألقوا باللوم كل اللوم على الرعية، وأفهموا الناس ألا يحاسبوا الحكام بل يحاسبوا أنفسهم، لأن هؤلاء الحكام ما ظلموهم إلا لأنهم ظلموا أنفسهم.
وهكذا برّأوا هؤلاء الحكام من جرائمهم بحق الأمة وثبّطوا همم الناس عن العمل لمحاسبتهم وإزالتهم، فإن لله وإنا اليه راجعون على صنيعهم.
نسأل الله أن يوفق العاملين لإقامة الخلافة والتي لا تقوم إلا بسواعد عاملة مخلصة طالبة رضوان ربها ساعية لخير البشرية جمعاء، ولسوف تقوم هذه الدولة بتوفيق الله كما بشرنا بها رسولنا الكريم وستثبت لهؤلاء المشايخ الذين باعوا دينهم بعرض من الدنيا أن مقولتهم كانت فاسدة تُشتم منها رائحة الخيانة لهذه الأمة، التي كانت وستكون خير أمة أُخرجت للناس.
ودمتم في رعاية الله وحفظه والسلام عليكم.
التعديل الأخير تم بواسطة عبيد الله ; 25-04-2007 الساعة 12:34 PM